بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم
رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبدالقادر هاشم النشار والسيد
محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب
رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 28/4/1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن
الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل
قيد بجدولها تحت رقم 2536 لسنة 39 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء
الإدارى في الدعوى رقم 6148 لسنة 46 ق جلسة 2/3/1993 والقاضى أولاً: برفض
الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم القبول. ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة
إلى وزير الداخلية. ثالثاً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الطلب المستعجل بوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة
الإدارية مصروفاته، وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن –
قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً:
أولاً: وبصفة أصلية بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة أو لانتفاء القرار
الإدارى الجائز الطعن فيه، ثانياً: وبصفة احتياطية: برفض طلب وقف تنفيذ
القرار المطعون ضده فيه لانتفاء ركنى الجدية والاستعجال مع إلزام المطعون
ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن على الوجه المبين
بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً،
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء
الإدارى نوعياً بنظر الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/7/1994 وبجلسة 17/10/1994
قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 20/11/1994
وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 8/1/1995 ثم مد
أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 29/1/1995 لاستمرار المداولة وبها صدر هذا
الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده
أقام الدعوى رقم 6148 لسنة 46 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء
الإدارى بتاريخ 20/5/1992 طلب في ختامها الحكم: أولاً: بصفة مستعجلة بعدم
الاعتداد بالقرار الإدارى السلبى الصادر من مجلس الشورى بقبول أوراق من
غير أصحاب الصفة، وإلزام اللجنة بعدم قبول أى أوراق تحمل صفة الحزب إلا
من المدعى نفسه وبصفته الممثل القانونى للحزب، وإلزام لجنة الأحزاب
السياسية بأن تصدر بياناً تعلن فيه أن المدعى هو الممثل الشرعى للحزب.
ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى الصادر من لجنة الأحزاب
السياسية بقبول أوراق من السيد/ ………………. والتى يزعم فيها أنه رئيس الحزب
رغم سابقة إخطار هذه اللجنة بفصله بتاريخ 20/4/1992، وبعدم الاعتداد بأى
إجراءات صدرت عن هذا العضو السابق واعتبارها عديمة الأثر مع حفظ الحق في
التعويض عن الأضرار التى لحقت بالحزب منذ إشهاره. وقال المدعى شرحاً
لدعواه أنه بتاريخ 15/3/1992 حكمت المحكمة الإدارية العليا “دائرة
الأحزاب” بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه
الصادر من لجنة الأحزاب السياسية في 9/7/1990 فيما تضمنه من الاعتراض على
تأسيس حزب الشعب الديمقراطى مع ما يترتب على ذلك من آثار ومن ثم فقد
استدعى الأعضاء المؤسسين بمقر الحزب يومى 8/4/1992، 16/4/1992 لاختيار
رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للحزب، وقدم صوراً من محضرى الاجتماعين ومن
كشف حضور الأعضاء موقعاً من كل منهم بحضور الأغلبية المطلقة قدمها إلى
لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 20/4/1992 ورغم ذلك أفادته اللجنة
بأنها لا تعرف من هو رئيس الحزب حيث تم تقديم محاضر باجتماع المؤسسين من
شخص يدعى/ ………………. تفيد بأنه رئيس الحزب وقام بتشكيل مجلس أعلى للحزب،
واستطرد المدعى قائلاً أن لجنة الأحزاب تسلمت هذه المحاضر من شخص ليس له
الصفة القانونية وكل مؤهلاته أنه عضو مؤسس وتم فصله في حينه، وقد سلم
خطاباً إلى اللجنة في 26/3/1992 يفيد بأن جميع مراسلات الحزب إلى اللجنة
سيقوم بتسليمها شخصياً خلال العام الأول لميلاد الحزب، وطلب في خطابه
المؤرخ 11/4/1992 إلى رئيس اللجنة عدم استلام أية مكاتبات إلا عن طريقه
شخصياً، إلا أن رئيس لجنة الأحزاب قام باستلام المحاضر من شخصية منعدمة
الصفة مما يعد تعطيلاً لمسيرة الحزب وامتناعاً عن تنفيذ حكم قضائى واجب
النفاذ.
وبجلسة 2/3/1993 صدر الحكم المطعون فيه برفض الدفعين بعدم الاختصاص،
وبعدم القبول، وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى وزير الداخلية، وبقبول
الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من
آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن
حقيقة طلبات المدعى هى وقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية
الصادر بجلسة 23/5/1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأى من السيدين/
………………. أو ………………. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى، ولما كان التعريف
المستقر عليه للقرار الإدارى يصدق على القرارات التى تصدرها لجنة شئون
الأحزاب السياسية ومن ثم فإن النزاع الذى يثور بشأن هذه القرارات وطلب
إلغائها أو التعويض عنها يدخل في نطاق اختصاص محاكم مجلس الدولة. ومن ثم
يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على غير سند صحيح من
القانون.
ومن حيث إن المشرع قد استثنى بعض القرارات التى تصدرها لجنة شئون الأحزاب
السياسية وناط الاختصاص بإلغائها إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية
العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 40 لسنة
1977 وتقتصر على القرارات التى تصدرها اللجنة المذكورة بالاعتراض على
تأسيس الأحزاب السياسية، وكذلك القرارات التى تصدرها بوقف إصدار صحف
الحزب أو نشاطه أو أى قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب وذلك وفقاً لنص
المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية أما غير ذلك من القرارات التى
تصدرها لجنة شئون الأحزاب السياسية فإنها تظل خاضعة للأصل العام الذى
يحكمها فختص محكمة القضاء الإدارى بنظرها، ولا تختص بها الدائرة الأولى
بالمحكمة الإدارية العليا.
وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى والمصلحة، وإذ سبق
بيان حقيقة طلبات المدعى والتى تتضمن وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من
لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 23/5/1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد
بأى من السيدين/ ………. أو ………. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى وهو من
القرارات الإدارية ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار
الإدارى خليقاً بالرفض، وتكون للمدعى مصلحة شخصية في طلب إلغائه لأنه
يستهدف من ذلك رئاسة الحزب. ولما كان الثابت أن وزير الداخلية ليس له ثمة
دور في الدعوى سوى اشتراكه في عضوية اللجنة التى أصدرت القرار المطعون
فيه وهذا لا يكفى مبرراً لاختصامه ومن ثم يتعين عدم قبول الدعوى بالنسبة
إلى وزير الداخلية. ون حيث إنه في مقام استظهار المحكمة ركن الجدية في
طلب وقف التنفيذ قضت المحكمة بأن المستفاد من نص المادة (16) من قانون
الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980
أن المشرع أوجب على الأحزاب السياسية أن تقوم بإخطار رئيس لجنة شئون
الأحزاب السياسية بالقرارات الهامة التى يصدرها الحزب بشأن تغيير رئيسه
أو حل الحزب أو اندماجه في حزب آخر أو أى تعديل في نظامه الداخلى –
وبالنسبة إلى التزام الحزب بالإخطار عن تغيير رئيسه فالهدف منه تحديد
الصفة التى يمكن التخاطب معه أو الذى يمثل الحزب اتساقاً مع ما تقضى به
الفقرة الأولى من المادة (10) من القانون المذكور، ومن ثم يقتصر دور لجنة
شئون الأحزاب السياسية على تلقى مثل تلك الإخطارات والتعامل بموجبها،
وليس لها أن تتخذ أى قرار ينطوى على المساس بالأحزاب السياسية، لأن ذلك
يعد تدخلاً في شئون الحزب وهو أمر لا تملكه اللجنة وإذا ما نشأ أى نزاع
داخل الحزب وتصارع حول رئاسته فليس للجنة شئون الأحزاب السياسية التدخل
في هذا الصراع بالاعتداد بأحدهما أو عدم الاعتداد بكليهما، وإنما ينبغى
ترك الأمر للحزب ذاته حتى يتم حسم الصراع الداخلى اتفاقاً أو قضاء. وأن
البادى من ظاهر الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب إذ أصدرت قرارها المطعون
فيه بشأن نزاع على رئاسة الحزب فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر على نحو
مخالف للقانون وبالتالى يتحقق ركن الجدية في الطلب المستعجل، كما تحقق
ركن الاستعجال فيما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من عدم تمكن حزب
الشعب الديمقراطى من مزاولة نشاطه السياسى – وإزاء تحقق الركنين يتعين
الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه وتأويله حين لم يقض بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أو
لانتفاء القرار الإدارى إذ لا تتحقق مصلحة المدعى في عدم الاعتداد بأى من
المتنازعين على رئاسة الحزب ولا تكون له مصلحة في الطعن على القرار إذ لن
يترتب على قبول طعنه الانفراد برئاسة الحزب وهو ما يستهدف من دعواه، كما
أن الثابت أنه أقام دعواه بتاريخ 20/5/1992 وصدر القرار المطعون فيه
بتاريخ 23/5/1992 فالقرار لم يكن قد صدر وقت إقامة الدعوى، وبالنسبة لركن
الاستعجال فإن الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لن يمكن الحزب من
مباشرة نشاطه السياسى بل إن القرار المطعون فيه يعيد الأمر للجمعية
التأسيسية للحزب لتقرر اختيار رئيس واحد للحزب. وأما عن ركن الجدية ولما
كان الثابت أن لجنة شئون الأحزاب قد تلقت إخطارين من المدعى وآخر يخطراها
فيهما بانتخاب كل منهما رئيساً للحزب ولما كانت لا تتدخل في شئون الحزب
ولا يمكنها قانوناً اعتماد رئيسين لحزب واحد ولا تستطيع ترجيح اختيار
أيهما فلم يبق أمامها سوى رد الأمر إلى صاحب الشأن وهو الحزب ذاته ليقوم
باختيار شخص واحد لرئاسته وهو ما استهدفته اللجنة بقرارها المطعون فيه
ومن ثم لا يعدو مقبولاً من الحكم المطعون فيه القول بأن اللجنة قد تدخلت
في شئون الحزب وخرجت على نطاق اختصاصها الذى رسمه المشرع وخالفت القانون.
ومن حيث إنه عما دفعت به الجهة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار
الإدارى أو لانتفاء شرط المصلحة تأسيساً على أن الدعوى أقيمت بتاريخ
20/5/1992 بينما صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 23/5/1992 وأخطر به
المدعى بعد ذلك فإن القرار المطعون فيه لم يكن قد صدر وقت رفع الدعوى
ويكون الدفع بعدم القبول لانتفاء القرار الإدارى في محله – ولما كان من
القواعد المقررة في فقه قانون المرافعات أن المحكمة مقيدة في حكمها
بالطلبات المقدمة إليها ومن ثم لا يجوز لها أن تقضى بشئ لم يطلبه الخصوم
أو بأكثر مما طلبوه، وهذه القاعدة لا تتعارض مع ما هو مقرر في قضاء هذه
المحكمة من أن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها
من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر
مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطى الدعوى وضعها الحق وتكييفها
القانونى الصحيح بما يتفق والنية الحقيقية من وراء إبداء هذه الطلبات
ولما كان المدعى حين أقام دعواه طلب بصفة مستعجلة عدم الاعتداد بالقرار
الإدارى السلبى الصادر من مجلس الشورى بقبول أوراق من غير أصحاب الصفة
وإلزام اللجنة (الطاعنة) بعدم قبول أى أوراق تحمل صفة الحزب إلا منه
بصفته الممثل القانونى للحزب، وحين طرح النزاع على محكمة القضاء الإدارى
– قصدت بحكم ما وسد لها من حق تكييف الطلبات في ضوء من صدور قرار لجنة
شئون الأحزاب السياسية الصادر بجلسة 23/5/1992 ويحق لها وقف تنفيذ هذا
القرار فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأى من السيدين/ ………………. أو ……………….
(المدعى والمطعون ضده في الطعن الماثل) كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى وهو
ذات الأثر الذى يستهدفه المدعى من طلباته التى أقام بها دعواه فالمحكمة
لم تتجاوز الطلبات المقامة بها الدعوى فالقرار الإدارى في الحالتين قائم
ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى في غير محله
جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عما دفعت به الجهة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط
المصلحة ولما كان من الأمور المسلمة أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول
الدعوى يتعين أن يتوفر من وقت رفع الدعوى وأن يستمر قيامه حتى يفصل فيها
نهائياً ويجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة كانت عليها الدعوى، وقد
اضطردت أحكام هذه المحكمة على أنه يجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة إلا
أنه في مجال دعوى الإلغاء وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات
المشروعية والنظام العام فإن القضاء الإدارى لا يقف في تفسير شرط المصلحة
الشخصية عند ضرورة وجود حق يكون القرار الإدارى المطلوب إلغاؤه قد أهدره
أو مس به كما هو الحال بالنسبة لدعاوى التعويض سائر الدعاوى الحقوقية –
وإنما يتجاوز ذلك بالقدر الذى يتفق ويسهم في تحقيق مبادئ المشروعية
وإرساء مقتضيات النظام العام، بحيث يتسع شرط المصلحة الشخصية لكل دعوى
إلغاء يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه
من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية له ولما كان المدعى
يستهدف بدعواه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى ذات الوقت الاعتداد به
كرئيس للحزب في ضوء ما صور في دعواه من انتخابه بالأغلبية المطلقة رئيساً
للحزب في الاجتماع الذى عقد لهذا السبب، من ثم تكون للمدعى ثمة مصلحة
شخصية في إقامة الدعوى ويكون الدفع بعدم قبولها لانتفاء المصلحة على غير
أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
فإنه يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركنين الأول ركن الجدية
بأن يكون أداء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها إلغاء
القرار المطعون فيه والثانى الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار
المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية وإذ تنص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة
1977 بنظام الأحزاب السياسية والمعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أن
“تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالى …. وتختص اللجنة
بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون، وبفحص ودراسة إخطارات
تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه … ويجوز لطالبى تأسيس الحزب خلال
ثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا
بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا
التى يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من
الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس
الأعلى للهيئات القضائية …” وتنص المادة (10) على أن “رئيس الحزب هو الذى
يمثله في كل ما يتعلق بشئونه أمام القضاء أو أمام أية جهة أخرى أو في
مواجهة الغير …” وتنص المادة (16) على أن “يخطر رئيس لجنة شئون الأحزاب
السياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأى قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه
أو بحل الحزب أو اندماجه أو بأى تعديل في نظامه الداخلى وذلك خلال عشرة
أيام من تاريخ صدور القرار …” وتنص المادة (17) على أنه “يجوز لرئيس لجنة
شئون الأحزاب السياسية – بعد موافقتها – أن يطلب من المحكمة الإدارية
العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) الحكم بصفة مستعجلة بحل
الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها هذه الأموال ……………….
ويجوز للجنة شئون الأحزاب السياسية لمقتضيات المصلحة القومية وقف إصدار
صحف الحزب أو نشاطه أو أى قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب وذلك في الحالة
المبينة في الفقرة الأولى من هذه المادة أو كان مترتباً على هذه المخالفة
أو في حالة ما إذا ثبت لدى اللجنة …”.
ومن حيث إن لجنة شئون الأحزاب وهى لجنة دائمة ومستمرة يمثلها رئيسها أمام
القضاء وتنوب عنها هيئة قضايا الدولة نيابة قانونية وباعتبار أن اللجنة
في حقيقتها وبحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطانها في البحث والتقصى هى لجنة
إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات هى قرارات إدارية ومحل لدعوى الإلغاء
بالمعنى الوارد في قانون مجلس الدولة وكذا بقانون الأحزاب السياسية، وقد
نشأت تلك اللجنة ويتحدد نطاق اختصاصها في ضوء الأصل المستمد من أحكام
الدستور وهو حرية تكوين الأحزاب السياسية إنما يتعين تفسيرها بحسبانها
تنظيماً للأصل العام الذى قرره الدستور، ومن ذلك الإلتزام، على ما هو
مستقر في شئون التفسير، بوجوب أن يلتزم هذا التنظيم إطار الأصل العام
المقرر كقاعدة أعلى في مدارج النصوص التشريعية وإنه لا يجوز بحال أن يخرج
التنظيم عن الحدود المقررة له بالتطاول على الأصل الذى يستند إليه في
قيامه سواء بالتوسعة فيه أو الانتقاص منه وتقييده. ولما كان الأصل حسبما
سلف البيان هو أن تكوين الأحزاب السياسية حق عام للمصريين بحيث جعل
المشرع مسئولية كل جماعة في تكوين الحزب السياسى الذى ترتضيه منحصرة في
التقدم بإخطار اللجنة المذكورة، وهى في طريق مرورها الطبيعى إلى ممارسة
مهامها على الساحة السياسية كما جعل مهمة اللجنة المشار إليها منحصرة في
بحث أوراق الحزب وهو تحت التأسيس والتأكد من مدى توافر الشروط التى حددها
الدستور والتى ورد تفصيلها في القانون في حقه، وعليها في هذه الحالة ترك
سبيل مسيرته السياسية الطبيعية، وللجنة الاعتراض على قيام الحزب قانوناً
إذا ما تخلف في حقه شرط من الشروط التى اقتضاها الدستور والقانون وفى هذه
الحالة تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات من ذوى الشأن، وقد حتم
المشرع على اللجنة تسبيب قرارها باعتبارها تنصرف في إطار سلطة مقيدة بنص
الدستور وأحكام القانون في مجال حرية من الحريات وحق من الحقوق العامة،
ولذلك حرصت نصوص القانون على تأكيد هذا المعنى عندما عبر المشرع في
المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه إخطار أى إبلاغ عن نية
جماعة منظمة في ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذى يكفله الدستور
والقانون، وعبر عن سلطة اللجنة عند البت في إخطار التأسيس بعبارة
الاعتراض على تأسيس الحزب مستبعداً بحق عبارات الموافقة أو الرفض …
حريصاً على التأكيد على أن مهمة اللجنة تقف عند حد فحص أوراق الحزب
والتحقق من توافر الشروط الواردة في الدستور والقانون أو الاعتراض عليها
وبعد قيام الحزب فقد حدد المشرع اختصاص اللجنة بالنسبة للقرارات
والتصرفات التى تصدر عن الأحزاب السياسية وذلك في نطاق الأصل السالف
البيان فحصر اختصاص اللجنة في بعض تلك القرارات والتصرفات ولم يخولها
التدخل في كل القرارات أو التصرفات التى تصدر عن الأحزاب، بل أن المشرع
حتى في نطاق اختصاص اللجنة قيد من اختصاصها في نظر تلك القرارات أو
التصرفات. فالمستفاد من المادتين (10، 16) من القانون سالف البيان أن
رئيس الحزب هو الممثل القانونى للحزب الذى يتحدث باسمه أمام لجنة شئون
الأحزاب السياسية ومع الأحزاب الأخرى وفى مواجهة الدولة وأمام القضاء ومن
ثم أوجب القانون على الحزب إخطار اللجنة بالبيان الذى يتعلق برئيس الحزب
أو تغييره لاستيفاء الشكل القانونى الذى يتطلبه النص ويقتصر دور اللجنة
على مجرد تلقى الإخطار والعمل بمقتضى ما تضمنه الإخطار ولم يخول القانون
اللجنة ثمة دور في هذا الشأن بخلاف ذلك وإلا عد تدخلاً في شئون الأحزاب
على خلاف نصوص القانون إلا في الأحوال المحددة على سبيل الحصر في المادة
(17) من القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف البيان وليس من بينها تحديد رئيس
الحزب، وإذا كان ثمة خلاف على رئاسة الحزب فهو أمر موكول تقديره وحسمه
للحزب ذاته حسب ما يتيحه تنظيم الحزب أو نظامه الداخلى أو أية قاعدة أخرى
يرتضيها أعضاؤه وعلى ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى – على بينة
من صحيح حكم القانون – أن الظاهر من الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب
السياسية حين أصدرت قرارها المطعون فيه بتاريخ 23/5/1992 في النزاع حول
رئاسة حزب الشعب الديمقراطى بعدم الاعتداد بأى من السيدين/ ………………. أو
………………. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى فإن هذا القرار يكون قد صدر مخالفاً
للقانون ويتحقق بالتالى ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار، كما يتوافر
أيضاً ركن الاستعجال إذ لن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه عدم تمكين
حزب الشعب الديمقراطى من مزاولة نشاطه السياسى فقط بل أيضاً فإن هذا
القرار منذ صدوره يحول بين الحزب وبين تحديد رئيسه الذى يمثله أمام
الجهات الأخرى وهو أمر يتعذر تداركه ومن ثم يتوافر طلب وقف التنفيذ على
ركنيه وبالتالى يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب
على ذلك من آثار، وإذ انتهج الحكم المطعون فيه هذا النهج ومن ثم يكون
متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من
قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية
الطاعنة المصروفات.