بكل بساطة يلخص هذا الكتاب الرائع البحوث الخاصة بوظائف الدماغ ومحدداته وطاقته ويعلّمنا كيف نوجّه كيمياء دماغنا لتحقيق الإنجاز والنجاح. إنه كتاب يستحق القراءة.
هذا من أفضل الكتب المفيدة والمثيرة للتفكير التي قرأتها عن كيفية تأثير الدماغ في طريقة ما نقوم به ولماذا نقوم به وما الذي نقوم به. بعد قراءة أول أربعة فصول فقط شعرت أنني أصبحت قادرًا بالكامل على تنظيم عملي وحياتي الشخصية.
لقد دمج ديفيد بمهارة أحدث نتائج عالم الأعصاب في عالم الأعمال وتؤدي هذه النتائج إلى استبصارات حول كيفية إحداث التغيير في الدماغ وتحسين الأداء.
تأخذ هذه القصة المذهلة بصريا الأطفال في رحلة إلى الدماغ وعبره. تشرح الاستعارات البسيطة ولكن المصورة بشكل جميل الوظائف المختلفة التي تقوم بها أدمغتنا وكيف تستخدم خلايا الدماغ لإنجازها. من الحواس إلى النوم والذكريات إلى اتخاذ القرارات يجلب هذا الكتاب عجائب العقول وعلوم الدماغ إلى الحياة.
تفاصيل المنتج
حينما يتعلَّق الأمر بالعلوم العصبية فإن الملل يطل برأسه من النافذة الغالبية العظمى منا يُفضِّلون القراءة عن الأشياء المُثيرة في الفيزياء مثل الأكوان المتوازية أو الثقوب السوداء لكن في المقابل يظن البعض أن نطاقات المخ والأعصاب تحمل الكثير من تعقيدات التشريح وعلوم وظائف الأعضاء التي لا تُعطيك الدفعة نفسها من الإثارة لكن هذه الفكرة أبعد ما يكون عن الصواب في الواقع قد يكون العكس هو الصحيح.
لنبدأ معا من أستاذ علوم الأعصاب دين برنيت من جامعة كارديف البريطانية وكتابه الذي أثار الانتباه منذ ظهر عام 2016 وتُرجم للعربية مؤخرا "المخ الأبله". في هذا الكتاب يعطي برنيت مقدمة غاية في السلاسة حول أدمغتنا وتأثيرها في كل جوانب حياتنا مُستخدِما أسلوبا ساخرا يتوافق مع هوايته في ممارسة "كوميديا الوقوف" (Stand-up Comedy).
يتأرجح الكتاب دافعا الملل بين ثلاثة جوانب أساسية الأول هو الوظائف الدماغية الأساسية وعلاقاتها بالذاكرة أو الذكاء أو كيفية تنظيم شؤون الجسد والثاني هو علاقة أدمغتنا بحالتنا النفسية سواء كنا أسوياء أو مرضى والثالث هو علاقة أدمغتنا بالمجتمع من حولنا وكيف بُنيت بحيث تدعم التواصل وبالتالي فإن الكتاب -في مجمله- جرعة دسمة حقا ومتنوعة من علوم الأعصاب وعلم النفس ويمتد الأمر ليصل إلى البيولوجيا وعلم النفس التطوريين والأنثروبولوجيا.
يتميَّز الكتاب بأنه يحوي الكثير من العناوين داخل كل فصل بحيث يبدو الأمر وكأنك تقرأ مجموعة كبيرة من المقالات الصغيرة وكان الكاتب بالفعل -قبل العمل على "المخ الأبله"- يكتب عمودا عن المخ والأعصاب في صحيفة الغارديان ما أعطاه خبرة لا يُستهان بها في تقديم المعلومات للقارئ العام.
هذه هي المرة الثانية التي نُشير فيها إلى هذا الكتاب من تأليف ديفيد إيجلمان عالم الأعصاب الأميركي من جامعة ستانفورد والسبب في ذلك أنه ما زال علامة من العلامات المهمة على طريق تبسيط العلوم المُتعلِّقة بالدماغ للقارئ العام وإذا كان برنيت في الكتاب السابق قد أشار إلى وظائف الدماغ من وجهة نظر تتعلَّق بأمورنا الحياتية اليومية فإن إيجلمان هو رجل الأمور المدهشة والأسئلة العجيبة.
يدفعك إيجلمان ببساطة للتساؤل عن كل شيء حولك هل كل ما تراه وتسمعه وتدركه حقيقي هل اللون الأحمر الذي تراه في ثمرة تفاح هو اللون الأحمر ذاته الذي أراه أنا في الثمرة نفسها ربما يكون ذلك غريبا بعض الشيء لكن الإجابة هي أنه ليس كذلك في الحقيقة فإن ما ندركه هو أقرب ما يكون لتشوُّه نتفق عليه جميعا لكنه ليس الواقع بحقيقته.
هل تتخذ قراراتك بنفسك هل تمتلك حرية الإرادة هل هناك أشياء لا تُدركها ولكنها تؤثِّر في قراراتك هل أنت فقط مجرد مجموعة من الإشارات العصبية المتفاعلة معا تفاعلا مُعقَّدا أم أنك "أنت" حسنا هذا الكتاب عن الدماغ قادر حقا على نسف عقلك بسبب قدر الإثارة الذي يُقدِّمه خاصة مع أسلوب إيجلمان البديع في تقديم علم الأعصاب وهو واحد من القلائل جدا الذين يمتلكون مقدرة بهذه السلاسة في هذا النطاق.
حتّى السؤال كما تلاحظ يبدو صعبا لأننا ببساطة نتحرَّى شيئا ما عن طريق استخدام الشيء نفسه أما بالنسبة لسوزان بلاكمور فإنها حاولت عرض إجابات العلماء والفلاسفة إلى الآن عن هذا السؤال ببساطة وسلاسة إلى حدٍّ كبير وفي كتابها الذي لا يتخطَّى 130 ورقة تعرَّضت بإيجاز لأشهر الأسئلة في هذا النطاق فمثلا: هل ما نراه ونسمعه ونتحسَّسه بأيادينا هو الواقع حقا هل يمكن أن ينخدع إدراك الإنسان وهل يمكن أن نعبث بوعيه
الكتاب ليس سهلا تماما لكنه أيضا ليس بالصعب على قارئ غير مُتخصِّص. صغر حجمه وهي طبيعة تلك السلسلة بالأساس (مقدمة قصيرة جدا) جعله دسما لكنه لا يخلو من التجارب الذهنية الممتعة والأمثلة المُبسَّطة قدر الإمكان التي تُشجِّعك على الخوض به إلى آخر ورقة. ولأن موضوعات الوعي بطبعها مُعقَّدة ومتشابكة فإن بلاكمور لا شك تأخذ مكانا مُتقدِّما في قائمة "أبسط الكتب" في هذا النطاق.
هيلين فيشر مُتخصِّصة علوم الأنثروبولوجيا والسلوك البشري من جامعة روتجرز الأميركية تذهب بالدماغ إلى نطاق آخر وهو "الحب" وفي كتابها "لماذا نحب طبيعة الحب وكيمياؤه" فإنها تضع الدماغ بوصفه واحدا من العناصر الكثيرة والمعقدة التي تشرح سبب اختبارنا لهذا الشعور الغريب. فمن ناحية يمكن للدماغ أن يتسبَّب في شعورنا بالشوق والولع والحزن للفراق والإثارة بوجود الحبيب كل ذلك عبارة عن دفقات من النواقل العصبية تسري عبر دماغنا.
لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد فقط فالحب كما قلنا أعقد بكثير من ذلك وفي هذا الكتاب الشامل الرائع تُقدِّم الكاتبة فهما أنثروبولوجيًّا تطوريا لموضوع الحب وتجيب عن أسئلة تجول ببال الجميع مثلا: هل الحب منفصل عن الجنس أم أنهما وجهان لعُملة الشعور نفسه هل الحب يتعلَّق فقط بالانجذاب الجسدي أم أن له جانبا مُتعلِّقا بالمسؤولية
أسلوب فيشر هادئ وبسيط وهي تدمج العلم بالأدب في صورة بديعة لدرجة تجعل فصولا كاملة من كتابها أدبية الطابع تطلَّبت بالتبعية مترجما خاصا للكتابات الأدبية وهي بهذا الكتاب تصنع مزيجا قلما تراه بين الرومانسية كما يراها الشاعر والروائي وكما يراها عالم الأعصاب إنها لا شك خلطة مميزة جدا.
في هذا الكتاب يحاول نورمان دويدج وهو متخصص في العلاج النفسي أن يعرض لنطاق جديد نسبيا في علوم الدماغ وهو اللدونة العصبية وتعني مرونة الدماغ وقدرته على تغيير ذاته للتوافق مع الوضع الجديد على أثر حادث ما مثلا أو الإصابة بمرض يفسد بعضا من آليات عمله لطالما تربينا على أن الخلايا العصبية لا يمكن أن تُعوَّض لكن الآن بِتْنا متأكدين من خطأ ذلك ليس لأنها تُجدِّد نفسها فقط بل أيضا لأن هذه العملية من التغيير يمكن توجيهها.
03c5feb9e7