تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يعلم أصحابه مفهوم الغيبة ،
لم يلق عليهم
المعنى مباشرة ، وإنما طرح عليهم سؤالا ، بهدف استثارة خبراتهم ،
و تشجيعهم على التفكير
وشد انتباههم إلى ما سيلقى إليهم ، وفي ذلك دلالة على
عرف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الغيبة بأنها
ذكر المسلم أخاه بما يكره
في غيبته ، سواء أكان في بدنه أم دينه أم في خلقه أم أهله . ومثال على ذلك كأن يكون لك
اخ سنه كبير ولكنه قصير الامة فتذكره مع زملائك واصفا إياه بأنه شخص كبير ولكنه قصير ..
بقصد العيب ..
**
الغيبة من كبائر الذنوب لما جاء فيها من الوعيد الشديد في القرآن و السنة النبوية المطهرة.
فالله سبحانه وتعالى يقول ” وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ “ سورة الحجرات آية 12 .
فهذه الاية الكريمة تضمنت نهيا صريحا عن
الغيبة
و تشبيها فظيعا لها فالله شبه الغيبة بأكل لحم الاخ حال كونه ميتا . ومعلوم ان لحم الانسان
محظور أكله حيا و ميتا ، وبذلك يفهم بأن الغيبة حرآم ..
إن الذي يتتبع عيوب المسلمين و يتحدث بها أمام الاخرين يبغضه الله تعالى و يتوعده بفضح أمره
في الدنيا و معابته في الآخرة كما أن يكون ذا منزلة وضيعة في المجتمع ، لا يحبه الناس ولا يجلسون
معه ولا يرغبون في صحبته ..
وإذا أصبحت الغيبة سلوكا شائعا بين الناس .. أدى ذلك إلى بغض بعضهم البعض و غياب الثقة
فيما بينهم ، فتتفكك أواصر المحبة و الالفة .. وتنتشر العداوة و البغضاء بينهم فيصير مجبتمعا
ممزقا ضعيفا .
ولما كانت الغيبة مستقبحة وجب اجتنابها .. و الحذر من الجلوس في مجالسها ..ونصح إخوانك
بالبعد عن هذه الصفة الذميمة ..