لزوم ما لا يلزم - وصايا روبرت فورد

0 views
Skip to first unread message

K Zawadi

unread,
Mar 16, 2014, 6:17:24 AM3/16/14
to


هذا ما لزم نعرفكم به بعد 3 سنوات على الثورة السورية ولم تعد تحتاج إلى ذكاء لنعرف كيف العالم أجمع عمل بكل خبث على وأد الثورة السورية وحرفها عن مسارها إلى حيث يريدون خدمة لمصالحهم وحماية لإسرائيل التي فيما لو نجحت لكانت بحق بداية لشرق أوسط جديد وفق ما نحب ونشتهي وليس على شاكلة ما كانت تبشرنا به الغولة كونداليزا رايس

كمـــال الــزوادي

لزوم ما لا يلزم - وصايا روبرت فورد

  2014/03/11
 
كتبت مرح البقاعي : كلنا شركاء  

“ما أحمله لكم اليوم أخبار غير جيدة عن سوريا حيث فصيل من القاعدة يواجه فصيلاً آخر من القاعدة أيضاً. الوضع منقسم إلى هذه الدرجة، شظية حادة مقابل شظية حادة أخرى”.
هكذا استهل السفير الأميركي إلى سوريا روبرت فورد، والمتقاعد منذ أيام فقط، كلمته التي أوجز فيها تجربته خلال تولّيه الملف السوري في الخارجية الأميركية، سفيراً لبلاده في دمشق، ثم دبلوماسياً مفوّضاً للتعامل مباشرة مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية.
وإذ أوجزت مجلة كريستيان ساينس مونيتر الأميركية كلمة السفير فورد في نقاط سبع، فسأحاول أن أنجز ردّاً مباشراً على هذه النقاط من خلال تجربتي، كسورية، في صفوف المعارضة منذ وضعتْ لبنتها الأولى في المجلس الوطني السوري من جهة، وفي ردهات الإدارة الأميركية من جهة أخرى، وقد عملت مع مسؤوليهاعن قرب، كأميركية سورية، وعلى امتداد سنوات الثورة الثلاث، لحثّهم على تقديم الدعم اللازم للثورة، ولنقل صورة الداخل بأمانة وموضوعية، وهي الصورة  التي لا تخفى عن السفير فورد البتة. فقد شهدها بنفسه منذ بواكير الحراك الثوري السلمي الذي حضره شخصياً في ساحة العاصي بحماة، وتنقّل بنفسه بين المتظاهرين السلميين تحت أقواس السواعد العارية وأغصان الزيتون والأهازيج الثورية منادية برحيل الأسد. ومن هذا المنطلق أجد أنه من المستهجن أن يستهلّ السفير حديثاً له عن سوريا بتوصيف الوضع على أنه مجرد اقتتال بين شقّين من تنظيم القاعدة، وألا يبدأ كلمته بالحديث عن الثورة السلمية التي شهد فصل ربيعها الأول بنفسه في دمشق، والتي حوّلها النظام تدريجبياً إلى مواجهة مسلّحة مع شعب أعزل، وزجّ لاحقاً في صفوفها فئات مسلّحة متطرفة كان هو صانعها ومَن أرسلها إلى العراق بهدف تقويض مساعي قيام دولة ديمقراطية في الجوار السوري ستهدّد بقاء كيانه الاستبداديّ.
في الوصايا السبع:
1- حمّل السفير فورد مسؤولية فشل جولتين من مفاوضات جنيف2 إلى وفد النظام برئاسة بشار الجعفري مستنداً إلى تصريحات راعي المؤتمر، الأخضر الابراهيمي، في هذا الشأن. هنا أتساءل، هل كان السفير فورد والسيد اللابراهيمي يجهلان ما سيكون عليه موقف النظام في المفاوضات التي دفعا المعارضة دفعاً لحضورها، حتى أدى الضغط الذي مارسه فورد إلى صدع في جسمها قد لا يلتئم أبداً؟! فلو توفّرت الإرادة السياسية الجادّة لأميركا في جلب وفد النظام وهو بوضع أضعف ليسجّل موقفاً متجاوباً، لسهّلت عبور السلاح لمقاتلي المعارضة لتأمين التوازن العسكري على الأرض، والذي يؤدي بدوره إلى توازنات سياسية على طاولة المفاوضات. لكن السفير فورد وإدارته لم يفعلا. ووصل النظام السوري بنفَس متغطرس إثر اقتحام قواته لغير مدينة واستعادته العديد من المواقع من قبضة المعارضة.
2- اتهم السفير فورد المعارضة بأنها “غير قادرة على دعم قضيتها”! وأنا أقول، كيف للمعارضة أن تدعم قضيتها، وترّوج لها أميركياً ودولياً، في حين يشير حليفها الأميركي (بلهجة فورد التهكمية) إلى فصائل متطرفة تقاتل في صفوفها، متجاهلاً تنبيهنا له، إثر أول سابقة تفجير في حي القابون في العام 2011، أن هذه العملية هي من فبركة النظام وتنفيذ الخلايا النائمة التي شكّلها بشار الأسد حين دخول أميركا إلى العراق، وأنشا لها المعسكرات التدريبة على الأراضي السورية، ثم أرسلها إلى العراق لزعزعة استقراره؛ وهو يقوم اليوم باستعادتها، ويزجّها في عمليات إرهابية هنا وهناك من أجل خلط الأوراق، وتجريم المعارضة بتهمة رعاية الإرهاب، وتخيير العالم بين بقائه في الحكم أو تحوّل سوريا إلى دولة فاشلة تشكّل ملاذاً لمقاتلي القاعدة كما في شمال أفغانستان.
السفير فورد يعلم تماماً أن تأخّر تسليح المعارضة ودعمها بما يلزمها لإسقاط الأسد هو الذي سمح لهذه الخلايا أن تطوّر أدواتها، وترسّخ وجودها على الأرض(على مرأى ومسمع من أميركا)  وتستدعي المقاتلين الأجانب المتطرفين الذين لم يهاجموا يوماً هدفاً نظامياً واحداً، بل تركّز هدفهم العسكري على مهاجمة قوات المعارضة، بما فيها الكتائب الإسلامية المعتدلة. أما هدفهم العقائدي فاستعادة دولة “الخلافة” التي عنوانها السياسي: دولة الإسلام في العراق والشام. واختاروا لدولتهم موقعاً جغرافيا لم تبادر المعارضة بإشغاله حين تمّ تحريره من النظام، وسارعوا إلى زرع أوتادهم في محافظة الرقّة.
3- يعود السفير فورد ليناقض مقاله في قضية تميييز المعارضة نفسها عن الجهاديين حين يشير أن”الفصائل المقاتلة يجب أن تجلس إلى طاولة واحدة، بما فيهم (الجهاديون) منها”. حتى أنه رأى ضرورة “مشاركة إيران وانضمام ميليشات حزب الله والحرس الثوري الإيراني إلى المفاوضات”. وفي هذا الطرح تناقض صارخ ليس فقط مع القرار الأميركي بعدم جواز الجلوس ومفاوضة الإرهابيين بشكل مطلق، بل مع  القرار الدولي في عدم دعوة إيران إلى المفاوضات ولو بصفة مراقب؛ ما أدّى إلى ألغاء الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة لطهران لحضور جلسات جنيف2، قبيل 24 من انعقاد جولته الأولى، وبضغط سعودي فرنسي مشترك.
4- في حين يؤكّد السفير فورد أن “تضمين إيران في المفاوضات لن يكون مفيداً بالدرجة المطلوبة” إلا أنه يرى في وجودها أمراً حتمياً لأنها “الدولة الأكثر تأثيراً في سوريا”.
أقول: إن إيران أصبحت فعلاً “الأكثر تأثيراً” لسبب أساس وهو غياب التأثير الأميركي في الوضع السوري وابتعاد الإدارة الأميركية عن اتخاذ مواقف حاسمة في دعم الثورة السورية بما تحتاجه من عتاد وسلاح، ما كان سيمكّنها، وخلال فترة وجيزة، من إسقاط الأسد دون أن تدخل سوريا والمنطقة برمتها في هذا النفق المظلم نتيجة التراخي الأميركي في إدارة الأزمة، بل ومنع دول إقليمية من إمداد الجيش الحرّ بما يحتاجه لحسم المعركة.
5- في طرحه لقضية استخدام القوة المباشرة لإسقاط بشار الأسد ونظامه، أودّ لو أنعش ذاكرة السفير فورد  وأسترجع الزيارة التي قمنا بها إلى مكتبه في شهر نيسان 2012 وقدّمنا له مذكرة قانونية لحماية المدنيين في سوريا تحت طائلة الفصل السابع، وبموافقة مجلس الأمن أو بعدمها( الحالة اليوغوسلافية نموذجاً). أذكر تماماً أنه لم يلقِ ولو نظرة سريعة على الأوراق، ورمى بها على سطح مكتبه وهو يبتسم ابتسامة صفراء، وتابع “نهش” التفاحة التي أخرجها من حافظة طعام غدائه بحضور أعضاء الوفد السوري الذي رافقني في تقديم المذكرة ودعمها!  كان بإمكان المذكّرة ، لو أن الولايات المتحدة دفعت بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن ترسل إشارة قوية من المجتمع الدولي إلى حلف الشمال الأطلسي (النيتو) للقيام بما يلزم من ضربات جراحية لإسقاط النظام دون أن تحمّل الولايات المتحدة ما لا تطيق من تدخّل عسكري أحادي قد يكون في نهاية الأمر الشرّ الذي لا بدّ منه.
(ما زلت أذكر تلك ” الابتسامة الصفراء” كلما رأيت شهيداً يسقط، أو بيت يدمّر، أو بريء يذبح بسكين إرهابي داعشي لأنه لا يحفظ عدد ركعات الصلاة، أو بريئة تجلد بتهمة الزنى لامتلاكها حساباً على الفيس بوك).
6-وماذا لو مدّد بشار الأسد رئاسته ياسعادة السفير طالما أنه، كما أفدت، “سوريا ليست مستعدة نهائياً لإجراء انتخابات هذا الصيف مع تشرد 9ملايين من مواطنيها”. أليس هذا سبباً رئيساً يمكن أن يستغلّه النظام ليلغي الانتخابات الرئاسية بسبب الوضع الأمني العام ويمدّد لنفسه إلى ما شاء الله وشاء حليفاه: داعش وحالش! وماذا سيكون موقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في هذه الحالة؟!
 
 
 
7-في واحد من لقاءاتنا مع السفير فورد حدّثناه بصراحة عن توجّسنا من احتمال  تقسيم سوريا في غياب الإرادة الدولية لحسم المعركة لصالح بقاء الدولة واجتثاث النظام. أذكر أنه قال ما مفاده أن “أميركا لن تسمح بتقسيم سوريا لأنها لا تستطيع أن تتعامل مع كانتونات متناقضة ومتحاربة فيما بينها في منطقة هي الأكثر حساسية في الشرق الأوسط”. إلا أن سعادة السفير اختتم محاضرته بوصاياه السبع في جامعة تافت العريقة بمشهد قاتم لنهاية التراجيديا السورية “تنهار فيه الدولة وتتمزّق إلى دوليات بحيث لا تعود سوريا إلى ماكانت عليه حين وصلها سفيراً في العام 2010″. 
عزيزي روبرت فورد.. بمعزل عن تعاطيك المربك مع مجريات الملف السوري لأربع عجاف خلت، أريد أن ألفت إلى النقطة الأهم التي غابت عن وصاياك السبع: لم تلفظ، ولو لمرة واحدة، مصطلح “الثورة السورية” خلال خطابك الكئيب.
تعليق
سعد الله جبري
Posted  مارس 11, 2014 at 2:21 صباحًا
الأخت المناضلة مرح البقاعي
إنه مما لاشك فيه أن الإدارة الأمريكية الأوبامية لا تريد و لا تعمل لإسقاط المجرم بشار ونظامه… هذا ‏بالتأكيد المؤكد! لماذا؟ لأن النظام الأسدي هو نظام عميل لإسرائيل 100% وهذا ما برهنته مئات المواقف ‏الأسدية منذ عام 1967 وحتى اليوم… وهذا ما أصبحت الإدارة الأوبامية تعرفه بعد ما تورط أوباما بطلبه ‏إلى بشار الأسد بالتنحي، ثم قام ناتانياهو بنهيه عن أن يردد طلبه المذكور قائلا له: لا تكن غبيا ‏Do not be stupid‏ وبلعها الرئيس “الأمريكي الهمام” ويا للعجب العجاب !!!‏
الخلاصة : أوباما راضٍ ومُنبطح للإدارة الإسرائلية الناتانياهوية. فلنسقط من حساباتنا جميعا أي تصور ‏لتدخل أمريكي سياسي او نصف عسكري مُشابه للتدخل في ليبيا الذي كان ناجحا فعلا. فسوريا كما صرّح ‏الخائن الأسد “مختلفة” ويقصد مدعومة بالنفوذ الإسرائيلي، لأنه يعلم أنه ونظامه مجرد عملاء لإسرائيل ‏‏100%‏
ويكفيك برهانا ما رأيته بنفسك من تغير موقف السفير روبرت فورد، تمشيا مع موقف رئيسه أوباما وأسياده ‏في إسرائيل!‏
 
اكتملت أمس ثلاثة أعوام على انطلاق الثورة السورية. مرت هذه الثورة بتحولات ومنعرجات ونجاحات وانكسارات عدة، وفي كل ذلك كان الشعب السوري هو الذي يدفع أثماناً، ويتحمل آلام ما يحصل. تبلورت على مدى هذه الأعوام الثلاثة صورة الشعب في مقابل النظام. ليس في هذا شيء جديد إلا أمر واحد، وهو أن هذا التقابل لم يتعمد من قبل بمثل هذا الكم الهائل من الدماء والآلام والدمار.

أراد النظام بدمويته المعروفة أن يضع الشعب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدم، أو الخضوع لإرادته. كيف يمكن أن تكون النتيجة النهائية لمعركة يتقابل فيها الشعب مع النظام على هذا النحو؟ سيقول بعضهم إن التنظيمات الإرهابية المنخرطة لا تمثل الشعب. وهذا صحيح، لكن النظام هو الذي أدخل هذه التنظيمات في المعركة ابتداء. كان بإمكانه أن يختار طريق الحوار والاحتواء، لكن تاريخه وطبيعته وتحالفاته الطائفية لم تسمح له بذلك، لا من قبل ولا من بعد. قيل أيضاً إن الثورة أخطأت عندما انجرت إلى معركة كان يريدها النظام. وهذا ليس صحيحاً، وليس دقيقاً.

يشبه النظام السوري بتركيبته وأهدافه النظام الإسرائيلي. تغتصب أقلية طائفية الحكم وسط غالبية ساحقة، فتتحصن داخل عقلية «الماسادا»، وهي عقلية لا تعرف ولا تعترف بشيء اسمه الحق أو الشرعية أو الحوار. لا تعرف ولا تطمئن إلا لتصفية المعارض، أو الانتحار إذا فشلت في ذلك. تاريخ النظام السوري تاريخ حلول أمنية منذ يومه الأول عام 1963، مروراً بانقلاب 1970، حتى بداية الثورة. من يتحدث عن مسألة خيار بين حل أمني وغيره يتحدث عن شيء وتاريخ لا وجود لهما.

نعم، حقق النظام نجاحات عدة لا يمكن تجاهلها. نجح في تحويل الثورة إلى حرب أهلية مدمرة، فجّر صراعات طائفية لم تعرفها سورية من قبل، استدعى المقاتلين من كل حدب وصوب للمشاركة في الحرب من منطلقات طائفية، استدعى «داعش» و «جبهة النصرة» ومثيلاتهما أولاً من قوائم معتقلاته المترامية في أنحاء سورية، وثانياً باستعانته من منطلق عصبية طائفية بمقاتلي ميليشيات «حزب الله» اللبناني و «كتائب أبو الفضل العباس»، و «عصائب أهل الحق» من العراق. ومن المنطلق ذاته استعان بضباط «الحرس الثوري» الإيراني ومقاتليه، وقبل ذلك -منذ اليوم الأول للثورة- كان أطلق يد «ميليشيا الشبيحة» في الاعتداء والقتل والمداهمة والاختطاف في كل أنحاء سورية المتمردة. كشفت سرعة انطلاق هذه الميليشيات وانتشارها عن إعدادها وتجهيز كوادرها قبل الثورة بأعوام لمواجهة مثل هذا الطارئ، ولتكون خط الدفاع الأول عن النظام. تنتمي الغالبية الساحقة من الشبيحة إلى طائفة الرئيس وأقاربه في قيادة النظام.

من نجاحات نظام الأسد أيضاً، أنه مستمر في تدمير سورية: دمر المدن والقرى والأرياف والأحياء بقصف لا يتوقف، وبكل أنواع الأسلحة. قتل ما يقرب من 200 ألف مواطن، وهجّر أكثر من 9 ملايين سوري داخل سورية، وأكثر من مليونين ونصف المليون خارج سورية -وفق إحصاءات الأمم المتحدة كما نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس-، وقتل أكثر من 10 آلاف طفل سوري. ووفقاً للإحصاءات نفسها، فكل دقيقة يتحول ثلاثة سوريين إلى لاجئين في الخارج، وكل دقيقتين يضطر ثمانية أطفال سوريين إلى مغادرة منازلهم، ولذلك، ارتفع عدد الأطفال المشردين من 920 ألفاً إلى ما يقرب من 3 ملايين مشرد. ووفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، سقط أكثر من 146 ألف قتيل، وهذا رقم متحفظ، لأنه لا يتضمن من قُتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام، ومن ماتوا مشردين في مناطق نائية، ومن اختفوا ولا أحد يعرف عنهم شيئاً. والأرجح أن صورة الدمار في سورية أكبر وأبشع مما تبدو بكثير، وهذه حصيلة طبيعية أخذاً بالاعتبار دموية النظام وهمجيته.

استخدم كل أنواع الأسلحة، بما فيها البراميل المتفجرة والكيماوي، ولم يتوانَ لحظة واحدة عن استخدام سلاح آخر لا يقل فتكاً ضد المواطنين، سلاح الحصار والتجويع، وقطع كل أنواع الخدمات عن الأحياء والمناطق المتمردة. وضع النظام المواطن أمام خيارين: أن ينحاز إليه ويناهض التمرد، أو أن يواجه كل احتمالات القتل، الموت جوعاً أو من المرض أو تحت القصف.

من أسلحة النظام أيضاً الخطف والاعتقال والتعذيب والإعدام والتصفيات الجماعية، وكان آخر ما كشف عن ذلك -بالصور (55 ألف صورة)- وفاة 11 ألف مواطن تحت التعذيب في المعتقلات، وهذا ما كشف عنه انشقاق من كان يتولى تصوير جثث القتلى في المعتقلات، وهرّب معه نسخاً إلكترونية لآلاف صور الجثث، وحظي هذا الموضوع بتغطية واسعة في الإعلام العربي والدولي.

ومن نجاحات النظام البارزة، أنه حوّل ما كان يُعرف بـ«الجيش العربي السوري» إلى أكبر وأقوى ميليشيا في حرب أهلية تدور رحاها منذ ثلاثة أعوام. كان لهذا الجيش تاريخ وطني باذخ أمام الاستعمار وأمام العدو الإسرائيلي، ثم عبث نظام البعث تحت حكم الأسد بتاريخ هذا الجيش وبتركيبته وعقيدته الوطنية، ما انتهى به إلى الانحراف عن دوره الأصلي. بات دوره يقتصر على حماية عائلة تمسك بالحكم تحت غطاء الطائفية، وتتحالف مع إيران في سياق طائفي يمتد من طهران مروراً بالعراق لينتهي في الضاحية الجنوبية من بيروت. لم يعد لهذا الجيش نصيب من الاسم الذي كان يعرف به. عندما يلغ الجيش في دم الشعب على النحو الذي يحدث في سورية الآن، يفقد هذا الجيش دوره الوطني ويخسر هويته الوطنية. ما يسمى بـ«الجيش العربي السوري» يقتل الشعب السوري، لأجل أن يبقى الأسد في الحكم، وهذا دور لا تضطلع به إلا ميليشيا تتدثر باسم «الجيش العربي السوري».

قيل للسوريين على مدى أكثر من 40 عاماً إن هذا «الجيش» ينتظر لحظة مواجهة مقبلة مع العدو على الحدود الغربية لتحرير الجولان. كان يقال إن النظام السوري في الأصل نظام مقاومة، لكن ما يقال شيء، وما يحصل على الأرض شيء آخر.

قتل «الجيش العربي السوري» في ثلاثة أعوام من السوريين فقط أضعاف ما قتل «جيش الدفاع الإسرائيلي» من العرب على مدى أكثر من 60 عاماً. كان الكلام يباع للسوريين وللشعوب العربية. من سوء حظ الأسد أن الغالبية لم تكن تأخذ كلامه على محمل الجد، وجاء الزمن ليبرهن صحة رؤية هذه الغالبية. قبل الأسد بعقود قال من هم أكثر منه صدقية ووطنية الكلام نفسه، ورددوه كثيراً، لكنه لم يؤدِّ إلى شيء. على الأرض كانت «مقاومة» النظام السوري متروكة لمقاتلي «حزب الله» على الحدود الجنوبية اللبنانية، وداخل سورية يعتمد النظام على الطائفة وأجهزته الأمنية، وعلى تحالف مغلق مع إيران لقمع الشعب السوري. لم تكن في الأمر مقاومة، وإنما لعبة سياسية دموية، كان ولا يزال هذا الشعب يدفع ثمنها من دمه، ومن مستقبله، ومن تاريخه.

هل ما نجح فيه النظام حتى الآن يمثل علامة انتصار؟ في مثل هذا الصراع الملحمي هناك فاصل كبير من الوهم بين الانتصار والانتحار. وعلى رغم تخاذل إدارة أوباما الأميركية، والدور العدواني لروسيا وإيران، وتخاذل العرب وفشلهم في إنقاذ الشعب السوري من نظامه، فإن هذا الصراع مرشح لما هو أكثر من ثلاثة أعوام بكثير، وستكون على الجميع المشاركة في دفع أثمانه بأكثر مما يتصور بعضهم. لم يحدث في التاريخ أن انتصر الإرهاب على الشعب. ولن تكون سورية استثناء في ذلك.

 




Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages