قراءة صوتية لكتاب سابغات للشيخ أحمدبن يوسف السيد حفظه الله.صمن مواد صناعة المحاورلا أعرف قارئ الكتاب لتنسب إليه القراءة جزاه الله خيراالمصدر الأصلي :archive.org/details/crazyprincefay77_yahoo_01
قد انتهيت من هذا الكتاب (سابغات) لأحمد السيد قبل فترة وهو كتاب لطيف خفيف جداً تنتهي منه في جلستين إذ كان مقصد مؤلفه الاختصار وذكر رؤوس النقاط والايجاز في الطرح.
ويمتاز الكتاب بحسن الهندسة في الفهارس فالشيخ أحمد السيد يحسن فهرسة كتبه وهذا يجعل الكتب أكثر ترتيباً ولا تتداخل المواضيع بشكل يشوش على القارئ وهذا الأسلوب أظن انتهجه في كل كتبه فقد رأيت الترتيب والترقيم في النقاط في كتاب آخر له بعنوان: (تثبيت حجية السنة).
وكانت الطبعة الأولى من الكتاب في سنة 2015 وقد يكون آنذاك كلام السيد لم يكن ظاهراً أثره بشكل واضح ولكن لابد أن تستحضر تاريخ الطبعة الأولى وأنت تقرأ الكتاب لترى أن الكثير من الظواهر التي كانت محدودة أصبحت شائعة جداً. وأن السيد قد تبصر بها فآنذاك لم تكن النسوية مثلًا وما تحتويه من أطروحات قد برزت على السطح بهذا الشكل التي صيرها من مجرد حركة محدودة إلى شيء أشبه بالظاهرة.
تكمن أهمية هذا الكتاب في تصويره الشبهات الفكرية التي غزت جيل المراهقين والشباب وأدت إلى إلحاد بعضهم أو حتى طعنه في ثوابت هذا الدين.
والجيل المراهق الحالي جيل لم ينشئ على غرار الأجيال التي قبله والتي زرعت فيه بعض القيم الإسلامية فشكلت له هوية مبدئية. بل نشأ في ظل حومة العولمة وتداخل الثقافات وفي ظل تراجع دور المؤسسات الإسلامية في بلادنا بل وانكماشها تدريجياً عن حياة المجتمع وتأثيرها على الفرد.
فكان الكثير من أبناء هذا الجيل كالورقة البيضاء التي أول ما رسم فيها هي إفرازات العولمة. لذلك كان كثير التأثر بما يراه من أفلام ومسلسلات مثلاً. مسقطاً ما فيها من قيم وثقافة على نفسه وجعلها معيار يقيم بها المجتمع دون أن يكون له معيار مستقل يقيم ما في هذه الأفلام بناءً عليه!
يقول أحمد السيد: إن الأفلام والروايات من وسائل تمرير القيم الغربية بطريقة غير مباشرة إلى مجتمعنا وليس هذا مؤثراً قويّاً وحده ما لم يكن مصحوباً بانهزام حضاري داخل نفس المُسلِم. (ص27).
وهذا النص جسده ابن خلدون بالمقولة الشهيرة التي ذكرها في المقدمة: أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده.
رغم أن هذه ليست بإطلاقها كما يقول ابن خلدون بوصفه (أبداً) بل (غالباً) لأن ثمة هنالك أُناس رفضوا الاقتداء بالغالب في الكثير من أموره رغم أنهم من المغلوبين.
على العموم استدل أحمد السيد بشيء من هذا في كتابه لترسيخ قيمة النموذج المهيمن وتأثيره في المُهيَمن عليه وأستدل بكلام المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) من كتابها (الله ليس كذلك) وقد ترجم كذلك بعنوان آخر وهو (الله ليس كما يزعم الغرب) وهذه المستشرقة أيضاً لها كتاب آخر شهير إسمه (شمس العرب تسطع على الغرب) وأظنها من المستشرقين القلة الذين أنصفوا الحضارة الإسلامية ولم يكن من وراء استشراقهم أي مقصد خبيث ولا أظن أنها من الزمرة التي شرّحها الأستاذ محمود شاكر في كتابه (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا).
وعودة إلى موضوعنا: إذا قلنا أن الجيل المراهق الحالي الكثير من أفراده لم يكن لديه قواعد شرعية يُقيم بعض المفاهيم والمضامين بناءً عليها أي كان كالورقة البيضاء فيأتي دور بعض المؤسسات الإعلامية مثل (Netflix) في تمرير بعض المفاهيم بشكل غير مباشر أو مباشر وجعل هؤلاء المراهقين يتبنونها فالمثل الدارج يقول: كثرة المِساس تُذهب الإحساس فإذا كان البعض يحس ويُنكر ولكن مع كثرة المشاهدة سوف يذهب إحساسه ويستسيغ الأمر فكيف بمن لا يملك خاصية الإحساس أصلًا.
فتجد أن هذه الشركة لها أثر يتمثل في نمط البث الليبرالي للقضايا الاجتماعية المخالف للنمط المحافظ في الغرب فتراها مثلًا تتبنى الشذوذ وتحاول أن تحشره في أفلامها ومسلسلاتها حتى لو كان هذا الفيلم أو المسلسل المقتبس من أحداث حقيقية مثلًا لا توجد فيه أي جانب للشذوذ مثل (When they see us) أو طرح قضايا الإجهاض أو التسويغ للعلاقات المفتوحة داخل الاسرة مما يقوض من هذه المؤسسة ويجعلها مؤسسة شكلية أو غيرها من الأمور التي تميز النمطين عن بعضهما البعض.
وبما أن هذه المعايير والمفاهيم المقتبسة من هذه الأفلام والمسلسلات تدعو إلى فتح باب الشهوات فتحاً مُشرعاً فإن النشئ ممن تأثر بها يرون حرجاً من تكاليف الدين التي تضبط هذه الشهوات وتقيدها.
مثلاً تصور واقع المرأة في المجتمع الغربي فمن المعلوم أن كل شخص يُنكر واقعه وما فيه من أخطاء قد يظن أن المجتمعات الأخرى أحسن حالاً وذلك باستحضار نموذج أو نموذجين وتعميمهما على المشهد كله فمثلًا الصورة في المسلسلات والأفلام شيء والواقع شيء آخر وقد وجدت في نفسي هذا التناقض عندما كنت أكتب مقالات بالانجليزية بمساعدة أحد الأحبة حول قضايا مثل العنصرية وتاريخ العبودية ونحو ذلك فأتتني الإضافات على الفيس بوك من كل حدب وصوب من الغربيين سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك فأتاح لي هذا فرصة للاطلاع على بعض ما يكتبونه من بثهم لمشاكلهم الخاصة والتي قد لا تختلف عن مشاكل التعنيف الموجودة في مجتمعنا أو غيرها من الأمور.
ومع ذلك هنالك حواجز تحول دون تفسير ذلك بشكل منطقي عن هذه المعضلة فهنالك صورة نمطية في الإعلام ومؤسسات وناشطات حقوقيات لدعم المرأة في الغرب وهم انتقلوا الى مرحلة التبشير إلى بلادنا فكيف يمكن أن يحصل ذلك في بلادهم!
إلى أن وقعت على فيديو للدكتور إياد القنيبي بعنوان (تحرير المراة الغربية) والذي أقامه على جملة من المراجع المعتبرة وإحصائيات ودراسات معتمدة ثم أعقبه بعدة حلقات حول ذات الموضوع أحسب أنها جلت الموضوع لدي ولم أعد أشعر بهذا التناقض مطلقاً فإن ما يبث في الأفلام أو المسلسلات في الكثير منه منفصم عن الواقع انفصاما كلياً.
فتكتشف أن تعنيف وازدراء المرأة والتحقير من قيمتها موجود في الغرب ولم ينقطع وفي تكاثر مستمر وأن هذه الإشكاليات لا توجد فقط في المجتمعات العربية. فالغرب ليست الجنة الموعودة ولا تطبيق مفاهيمه سوف يجعله كذلك.
وتكلم أحمد السيد أيضاً في موقع آخر من الكتاب عن أصناف الملحدين بسبب الشبهات الفكرية وأنهم ليسوا صنفاً واحداً وبما أنهم ليسوا كذلك فمن الخطأ اتباع استراتيجية واحدة معهم فكل حالة تختلف عن الاخرى فقال: ينقسم المتأثرون بموجة الشبهات المعاصرة إلى قسمين: الأول: العابثون الفوضويون الباحثون عن أهوائهم الشخصية في ثنايا هذه الشبهات وهم كثر. الثاني: الذين تأثروا بالشبهات تأثراً فكرياً حقيقاً أدى إلى تبنيهم لأفكار جديدة فيها مخالفات شرعية. وهذا يدفعنا إلى عدم تعميم الأحكام وإلى الكف عن إطلاق التهم العامة وعدم اختزال الظاهرة في صورة متجزأة وإلى البحث عن سبل متنوعة للعلاج بما يتناسب مع اختلاف الحالات.
03c5feb9e7