غير أن المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان وجدي صالح أعتبر أن الحرب الدائرة هدفها قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر وقال إن كل الذي يتم الآن من قبل ما سماها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان هو محاولة لإعادة إنتاج النظام القديم بقوانينه وكل سلوكياته وصلاحيات أجهزته الأمنية.
واعتبر أن ثورة ديسمبر جردت جهاز الأمن والمخابرات من سلطة التحقيق والتحري والاعتقال من الحصانات الممنوحة لأفراد جهاز المخابرات وقال إنّ هذا المرسوم غير دستوري لأنه لا يستند على أي أساس دستوري مشيرًا إلى أن هذه السلطة أيضاً سلطة انقلابية لا تمتلك أي سند شعبي.
وقال وجدي إن البرهان الآن يعيد مرة أخرى من خلال المرسوم لجهاز الأمن والمخابرات العامة الصلاحيات التي حجبتها عنه الوثيقة الدستورية وشدد بقوله أن اسمه القانوني جهاز المخابرات العامة والقانون الجديد يعيد إعطائه سلطة الاعتقال ولمدير الجهاز الحق في التمديد لمدة 45 يوماً وقال أيضًا أعطاهم سلطة التحقيق.
ونوه وإلى أنه سبق هذا التعديل أيضاً عودة هيئة العمليات عبر بوابة الحرب مرة ثانية وقال إنَّ هذه الهيئة كانت ترتكب هذه الممارسات الخارجة عن القانون وغير المتوافقة مع حقوق الإنسان وغير متفقة مع كرامة الإنسان ومع كل المعايير الدولية التي صادق عليها السودان سواء كان في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أو الاتفاقيات التي صادق عليها السودان والتي تمنع التعذيب ولا تبيحه وتجرم التعذيب.
ووصف المحامي والمدافع الحقوقي كل تلك الإجراءات بقوله إن الذي يتم تحت مظلة الحرب هو ردة على كل قيم ثورة ديسمبر وردة فعلية على كل القوانين التي تحكم حقوق الإنسان في السودان أو في العالم أو حتى على المستوى الإقليمي.
واعتبر أنه مناهض تماماً للشرعة الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان وللميثاق الإفريقي أو الإعلان الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ومنافٍ للإعلان العالمي الحقوق الإنسان ومخالف مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وأيضاً للعهد الدولي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وخلص إلى أن الذي يتم الآن مناف لكل ما هو سوي وصحيح وكل ما هو مرفوض من قبل الشعب السوداني وأيضاً مرفوض من كل قيمة الإنسانية والفطرة الإنسانية.
وقّع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان على المرسوم الدستوري الذي تضمن تعديلات على قانون جهاز المخابرات العامة لسنة 2010 الأمر الذي اعتبره البعض خطوة إلى الوراء.
وقال الأمين العام لمجلس السيادة في السودان الفريق محمد الغالي للجزيرة نت إن ذلك جاء بعد إجازته في الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء.
وأوضح المتحدث ذاته أن القانون المعدل قد تم نشره في الجريدة الرسمية بوزارة العدل السودانية مما يجعله ساريا من تاريخ نشره.
من جانبها كشفت صحيفة الكرامة المقربة من الحكومة السودانية أن أبرز التعديلات على قانون جهاز الأمن والمخابرات الجديد تتمثل في المادة 25 الخاصة بالاعتقال التحفظي والمادتين 29 و37 الخاصتين بسلطات الأعضاء ومدير المخابرات والمادة 33 الخاصة بحصانة عضو الجهاز والمادة 46 المتعلقة بحصانة الأعضاء والمتعاونين والمادة 53 التي تنص على حظر حجز المؤسسات التجارية.
كما أوضح الغالي للجزيرة نت أن الصلاحيات الممنوحة لمدير جهاز المخابرات والأعضاء العاملين به والمتعلقة بالحصانة والاعتقال والتفتيش نصّت على أن التفتيش يكون بعد الحصول على إذن مكتوب من مدير الجهاز.
كما أن حجز أي مشتبه به يجب ألا يتجاوز 30 يوما مع ضرورة إخطار ذويه ويجوز لمدير المخابرات تجديد الحبس لمدة لا تتجاوز 15 يوما لإكمال التحري والتحقيق.
كما منح القانون عضو الجهاز حصانة بحيث لا يجوز اتخاذ أي إجراءات مدنية أو جنائية ضد العضو أو المتعاون إلا بموافقة مدير جهاز المخابرات.
وتعليقا على ذلك قال اللواء المتقاعد عبد الباسط عبد الرحيم إن تعديل قانون المخابرات لسنة 2010 بسيط مشيرا إلى إضافة مواد جديدة تتعلق بالحرب والإرهاب والاقتصاد وتوسيع دائرة الأمن الخارجي حيث كان القانون قبل التعديل يركز على الأمن الداخلي.
من جهته قال المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية (تقدم) أسامة سعيد للجزيرة نت ان ما وصفها بسلطة الأمر الواقع في بورتسودان أجازت هذه التعديلات في إطار تصفية مكتسبات ثورة ديسمبر/كانون الأول الشعبية حيث أعادت التعديلات سلطة الاعتقال التحفظي وتقديم حصانات لأعضاء الجهاز والمتعاونين معه.
وأشار سعيد إلى أن قانون جهاز الأمن والمخابرات لسنة 2010 قلص صلاحيات واختصاصات الجهاز وأن الوثيقة الدستورية التي أسست لما بعد الثورة الشعبية نصت على أن هذا الجهاز هو جهاز نظامي يختص بالأمن العام وتقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات ذات الاختصاص.
يشار إلى أن قانون جهاز المخابرات العامة وصلاحية أفراده كانت محل شد وجذب خلال فترة الحكومة الانتقالية وتجدد النقاش بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023.
يبدو أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سيبقى محل جدلٍ وإثارة بظهوره المتكرر على غرار نجوم السينما بما يفسح المجال أمامه ليكون أكثر تأثيرا في بلدٍ مثقل بالديون وبأزمات سياسية واقتصادية وأمنية وآخرها الأزمة الصحية مع تفشي جائحة فيروس كورونا.
ومن طبيعة المجتمع العراقي أنه يتعاطف بسرعة مع أي شخصية تبدو عليها ملامح الإثارة والجدل والظهور الإعلامي والميداني وهذا ما عمل عليه الكاظمي منذ ظهوره في أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة وقيامه بعدة جولات ميدانية.
واستطاع الكاظمي أن يكسب تعاطف وود الشارع العراقي ويلفت الانتباه بظهوره المثير بلقطات وحركات وصفها البعض بأنها "هوليودية" أو سينمائية وهذا ما جعله محل إثارة باستمرار.
لم تكن بداية نجومية الكاظمي وليدة اللحظة فهي تعود إلى عام 2016 عندما عيّنه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي رئيسا لجهاز المخابرات الوطني وهي خطوة كانت بمثابة صدمة للشارع العراقي الذي تفاجأ بتعيين كاتب صحفي وناشط حقوقي على رأس المخابرات في وقت كانت فيه البلاد تخوض حربا على تنظيم الدولة الإسلامية.
عقلية براغماتية
استطاع الكاظمي خلال السنوات الأخيرة أن يحدد ملامح شخصيته العامة بسمات عديدة مستفيدا من خلفيته الصحفية بالإضافة إلى ذلك وجوده في هرم المخابرات ليصنع له شخصية مثيرة ومحط أنظار بعقليته البراغماتية وعلاقاته الواسعة مع كل المؤثرين في الساحة السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
وتقول المختصة في العلوم النفسية سهام الشجيري إن الكاظمي يحاول أن يجسد احتياجات الناس وفق رؤيته الصحفية السابقة فهو بين أن يكون صحفيا يقدمُ خطابا إعلاميا للمتلقي وبين أن يكون رئيس وزراء تحكمه قواعد وأسس وسلوك المنصب رغم أن الحالة الاجتماعية والتحديات التي واجهها العراق ومنها المظاهرات وانتشار كورونا والضغوط السياسية حسمت اختياره رئيسا للوزراء.
03c5feb9e7