دعــاء أهـــل المراقبــــة
اللهم إني أسألك ( خشيتك ) في الغيب والشهادة، والعدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لا ينفذ ، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت، وأسألك [ لذة ] النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، [ في ] غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلــة .
إلهي إنك وإن احتجبت عن العيون، واختفيت عن الأبصار، ( ولم تدركك الآذان ) ، ولم تكيفك الأذهان، واستترت في عز جلالك وبهاء كمالك فإنك ماثل في العقول وظاهر في الأفكار ، وبين في النفوس التي تطهرت بتأييدك واستنارت بأنوار توحيدك، حتى اطعلت من عجائب صنعتك وباهر حكمتك، وأثار قدرتك على ما علق همتها بك وصرفها بالكلية إليك
إلهي أرواح أهل المراقبة في مقتضيات صفاتك غادية رائحة، وأفكارها السديدة الرشيدة في بحار توحيدك عائمة سابحة، والبصائر السليمة شاخصة في عجائب أسرارك طامحة ، وأنت الذي تبل غلل من اشتاق إليك برحيق الحقائق، وتذهب صدى الأرواح المتهتكة فيك بألطاف الأسرار ، فأفض على روحي من أنوارك التي قام بها الوجود وعنها صدرت الأنوار ، ما يزلفه من حضرة اختصاصك، ويدخله في زمر خواصك .
إلهي بك قعودي وقيامي، وبك صمتي وكلامي ، وبك خلاصي واختصامي، فقربني بك إليك زلفى، وأحسن لي بك إليك العقبى ، وأوردني من أسرارك (المورد) الأصفى،واسلك بي إلى الحضرة القدسية المسلك الأهدى، واجعل عاقبة أمري نظري إليك، فلك الفضل كله ، ولك الأمر كله ، ولك الملك كله، ولك الحمد كله، أوله وآخره ، أنت مسببه وإليك مصيره .
إلهي تحيرت الأذهان في كنه صفاتك، وطاشت الألباب في ماهية ذاتك، وكعت العقول عن درك ما استأثرت به من أسرارك ، وغرقت الأرواح في لجة من أنوارك ، فلم يبق إلا الإذعان لمقتضى آياتك، والسكون لهبوب نفحات منحك وعطياتك، فارفع عني الحجاب الذي حجبني عن اللحاق بالأولياء، وأثبتني في ديوان خواصك الأصفياء، وأدخلني في زمرة أهل المراقبة الأوفياء، فأنت الله الواحد ، وأنت الحاضر الشاهد ، وأنت أمل كل قاصد ووارد، وأنت المجيب وأنت القريب ، وأنت الحسيب وأنت الرقيب، ذو الجلال والإكرام .