حماس وعبقرية الحركة الاسلامية..!
في ظل تضارب الانظار في ظل مرحلة عصيبة تمر بها الحركة الاسلامية الان في مصر.. وربما وصلت حتى الى الشك في الثوابت وعدم معرفة الثابت من المتغير...وفي ظل انتشار جهل سياسي وفكري الى ابعد الحدود بين شباب الحركة الاسلامية اوصلت الحركة الاسلامية الى كثير مما نحن فيه الان.. كان لابد من الاستعانة بمنهج مضئ مشرق لحركة اسلامية استطاعت رغم –سنوات عمرها القصير- ان تتجاوز سقف الابداع وتتعدى سقف طموحات سابقة للحركات الاسلامية في كثير من نواحي الحياة..هي حــمـــاس.. التي اظنها..-كما كثيرون غيري- أفضل نموذج للحركة الاسلامية في عصرنا الحديث..!
تجاوزت حماس وسبقت حتى الاخوان المسلمين –حركتها الام- واصبحت مثالاً يحتذى به وينظر له باعجاب مملوء بالفخر كل ابناء الحركة الاسلامية من مختلف أنحاء العالم..!
تاريخ حماس ارخ له العشرات وكتبت فيه الكثير من الابحاث والمقالات والكتب ولسنا هنا في موضع الحديث عنه فهو حديث كبير يطول الحديث وفيه الفت الكثير من المؤلفات التي يمكن الرجوع اليها... انما فقط احببت ان القي الضوء على بعض ما تميزت فيه حماس وغفلت عنه الحركات الاسلامية الاخرى..وواجب علينا في هذه المرحلة ان ننتبه له ونحذو حذوه..!
المقال عبارة عن لمحات سريعة من تاريخ حماس في عدة مجالات يتم من خلالها التعليق عن اهمية هذا الموضع وكيفية استفادة الحركة الاسلامية في مصر حالياً منه..!
فقه السياسة...!
وعت حماس منذ نشأتها الى اهمية السياسة.. فرغم كونها في الاصل جماعة جهادية.. الا انها وبعد فترة قليلة من نشاتها ادركت اهمية وجود مكتب سياسي يمثل الحركة في وقت كانت اغلب الحركات الجهادية تعتمد على وجود قائد او اثنين من قادتها الجهادين ليمثلوا الحركة في اى مفاوضات بجانب عملهم الميداني..وهو ما كان ينشأ عنه مشاكل كبرى بسبب عدم الخبرة.. حماس وعت الدرس منذ نشاتها وكان هناك مكتب سياسي عمله سياسي محض..يتفاوض هنا وهناك ويقابل رؤساء هنا وهناك بالموازاة مع العمل الميداني الجهادي الذي يقوم به المكتب العسكري للحركة.. ومن فقه الحركة الثاقب انها جعلت اغلب المكتب السياسي من خارج الاراضي الفلسطينية في وقت كان فيه اغلب الاسلامين الذين ينظرون تحت اقدامهم يعتبون عليهم ويقولون لم لا يعودون الى غزة او الضفة او لمارسة الجهاد من هناك.. وبمرور الوقت تبين حجم الثغرة الكبيرة التي كان يقوم بها المكتب السياسي من خارج فلسطين كونه يتمتع بحرية حركة نسبية لزياة الدول والحركات عكس ما لو كان داخل فلسطين...!
وبجانب هذا.. تجد الابداع السياسي.. ورغم الثقل الرهيب للحمل ورغم البعد المكاني وصعوبة التواصل الشديدة بين الصفة وغزة وخارج فلسطين.. لن تجد تضارباً واحداً في التصاريح بين اصغر متحدث واكبر متحدث سياسي.. يستحيل..!
هنا تجد الاخوان او السلفين لا يكاد يمر اسبوعين الا بتصاريح متضاربة...ابداع سياسي يفوق الحدود حقيقة.. وهو ما يبرز التساؤل لم لا يحدث هذا هنا؟؟ هذا ناشئ عن عدم العمل باحترافية وان كل يدلي بدلوه فيما لم يتم الاتفاق عليه حسب رؤيته.. في حين انه من الاولى ومن المنطقي الاتفاق على كل التفاصيل.. كذلك من الاولى عدم الخوض فيما لم يتم الاتفاق عليه الا بعد الرجوع للهيئة التي تتخذ القرار..!
كذلك القرار السياسي..المصالحة مثالاً.. والموازنة بين الغضب الرهيب المتواجد لدى الكوادر والضغوط الخارجية والمصلحة العليا للحركة والوطن.. الموازنة بين كل هذه المؤثرات واتخاذ القرار ببراعة شديدة في اين يتم التهدئة وان يتم اتخاذ قرار مثل الحسم العسكري..!
التعامل البارع مع جهات كلها تريد اسقاط الحركة...التعامل مع ذئب داهية في غاية القذارة مثل عمر سليمان ومخابراته وما يمتلكه من وسائل اعلام ووزن دولة بحجم مصر وضغوطاتها ومعابرهها المغلقة ومعتقلي الحركة لديها وكونها المنفذ الوحيد لغزة مع العالم...ورغم كل ذلك الثبات على المبادئ دون اى تنازل حقيقي هذا وحده انجاز سياسي حقيقي.. !!
صفقة التفاوض.. التي كانت قمة النجاح السياسي الحمساوي حقيقة.. فرغم الضغوط التي لا تخطر على بال.. اجبرت حماس في النهاية الصهاينة والمخابرات المصرية على الخضوع لشروطها..!
التعامل البارع بموازين القوى لأخذ افضل المتاح .. والموزانة بين المطالب غير الواقعية والتنازل... اللعب على اوتار مصالح الدول.. سوريا وايران مثال.. تاخذ ما تريد دون ان تتنازل قيد انملة وتستغل مصالح الدول المتضاربة في تنفيذ ما تربو اليه..!
كذلك الحنكة السياسية في الاشخاص انفسهم وليس القرارت.. شخص مثل اسامة حمدان.. ازعم انه افضل متحدث سياسي اسلامي عرفته الحركة الاسلامية في سنواتها العشر الاخيرة..!
حمدان الذي كان يشغل منصب مسؤول الحركة في لبنان ثم هو الان يتولى ملف العلاقات الدولية في الحركة يندر ان اجد شخصاً مثله.. في اى حوار اعلامي تجده لبقاً منظماً صارماً حاسماً يعرف كيف يطرحه منطقه بكل قوة.. كيف يتكلم وماذا يتكلم.. ارى فيه حقيقة المواصفات المثالية للمتحدث السياسي الاسلامي..!
والامر لا يقتصر على حمدان.. فالمنظومة التي اخرجت حمدان اخرجت عشرات غيره.. يكفيك ان المتحدثين باسم الحركة اغلبهم في الثلاثينات.. مشير المصري.. سامي ابو زهري..أيمن طه..او اكبر قليلاً مثل فوزي برهوم وطاهر النونو وغيرهم.. في حين ان كل المتحدثين باسم الحركة الاسلامية في مصر تجاوزوا الستين او اوشكوا على بلوغها .. اللهم الا عبدالمنعم الشحات المتحدث الوحيد باسم الحركة السلفية الذي ينتقل بين عشرات المحطات التلفزيونية لان الحركة لا تجد غيره في كفائته.. وهذه مشكلة كبرى...!!
ما يمكن الاستفادة منه
1- تشكيل مكتب سياسي باحتراف حقيقي.. مكتب سياسي يجيد دراسة الموقف بعقلانية شديدة ويبحث عن المصالح المتضاربة هنا وهناك لكي يرى كيف يمكنه ان ينتزع مصالح الحركة الاسلامية بالاستفادة من تضارب المصالح بين القوى المختلفة فيعرف كيف يتحالف مع هذا ويعادي هذا ويحايد ذاك في الموقف.. كذلك يجيد اتخاذ القرارت المناسبة في الوقت المناسب.. نحن لدينا ازمة كبرى في هذا.. وما يحدث منذ الثورة خير دليل..!
2- تأهيل متحدثين سياسين حقيقين يجيدون السياسة والاعلام.. لديهم نظام في الافكار يجيدون طرح ما يريدون يجيدون المناظرة يعرفون ماذا يقولون وكيف يقولون.. نحن لدينا مشكلة كبرى في هذا في أغلب المتحدثين باسم الحركة الاسلامية في مصر للاسف الشديد...!
فقه الاعلام
وهذه في غاية الاهمية يغفل عنها الكثيرون..!
بدات حماس في هذا بانشاء اذاعة صوت الاقصى على الراديو في 2003 ثم مرئية الاقصى وهي تليفزيون محلي .. وكان هذا بمبادرة من فتحي حماد وبدعم كامل من الحركة.. ثم فضائية الاقصى على القمر الصناعي في 2006..!
كنت وقت انشاء الفضائية متذمراً بشدة اقول اليس اولى مما يفعلون هو صرف هذه التبرعات التي تاتي لهم في الجهاد والمقاومة وما شابه.. كنت وقتها احمقاً حقيقة.. لم اكن ارى في الحركة الا المقاومة والجهاد.. ولم اكن ادرك اهمية ما يحيط بها من خدمات..لكن بمرور الوقت.. ادركت كم كنت احمقاً وقتها..!
ما فعله الاعلام في حرب غزة مثلاً كان يماثل بشدة في الأهمية ما فعله المجاهدون في الحرب ولا يقل عنه ابدا..!
الاعلام بكل انواعه مقروء ومرئي ومسموع.. وللحقيقة فقد وعى الاخوان هذا منذ فترة طويلة وعملوا في الجرائد التي كانت متاحة مثل افاق عربية وغيرها وحين اتيحت الفرصة بعد الثورة قاموا بانشاء قناة فضائية. كذلك السلفين ايضاً بداوا بانشاء جرائد مثل الفتح وغيره..ا
لكن ما نفتقده في الوقت الحالي هو اعلام محترف.. اعلام حقيقي له رؤية وفهم ومهنية.. اعلام امامه خطة واضحة المعالم مدروسة التفاصيل في كيفية توصيل رؤيته وفكره الى ما يريد..!
فقه ادارة الكوادر
حين تم تشكيل الحكومة.. بمنطقنا المتعارف عليه هنا.. الزهار اولى من يتولى هذا فمبدايا هو اكبر من هنية ب 15 سنة وله السبق في الانضمام للحركة الاسلامية ووو.. لكن العكس حدث وعمل الاول تحت الثاني بكل سهولة ويسر... فهنية شخص جماهيري من الطراز الاول.. من ابرع من يتعامل مع الجماهير وهي ميزة غير متوافرة بنفس القدر في الزهار...والوقت اثبت ذلك..ولذلك يحتل حتى الان رأس قائمة القادة الاكثر حباً من الجماهير العربية والاسلامية.. فهنا هم يعرفون من يضعوا وفي اين مكان يضعوه...!
موسى ابو مرزوق.. كان رئيس المكتب السياسي للحركة.. اجريت انتخابات ورأى المكتب ان مشعل هو الاصلح لهذا المنصب.. فتم اختياره واصبح ابو مرزوق نائباً له بعد ان كان رئيساً.. ولا مشكلة على الاطلاق لدى الاثنين.. فهما في النهاية جنود اينما يتم وضعهم يعملون.. وفي عهد مشعل تطور الفكر السياسي وحققت الحركة تقدماً ضخماًعلى المستوى السياسي..!
*نقطة على الهامش هنا..يدون تربية ايمانية حقيقية لم يكن اى شئ من هذا ليحدث ولم يكن الرئيس ليقبل ان يكون مرؤوساً او العكس..!
أبو عبيدة المتحدث الاعلامي باسم كتائب القسام.. وهذا قصة وحده.. رجل يعرف ماذا يقول وكيف يقول ومتى يقول وكيف يتحدث وماذا يرتدي وو..سنوات بفضل الله لم يستطع العدو الصهيوني استخلاص معلومة منه بالخطا او يستطيع الوصول اليه.. ومقارنة بالمتحدثين الاعلامين للحركات الجهادية المنتشرة في انحاء العالم.. لاشك فارق شاسع..!
الضيف قائد كتائب القسام.. المطلوب الاول لدى الصهاينة منذ اكثر من عشر سنوات..الذي لا يعرف لا الصهاينة ولا حتى الفلسطنين له صورة او شكلاً.. واخر صورة يعرفها عنه من عام 2000..!
الجعبري.. الرجل الثاني في الكتائب.. الذي على عكس الضيف يظهر في احيان كثيرة خصوصاً في مسالة قصة التفاوض فقد كان ياتي الى مصر كثيراً اثناء التفاوض..رغم خطورة ما يفعل الا انه كان مهماً وجوده في هذا الجزء..!
الفريق المسؤول عن الاحتفاظ بشاليط...قادة الالوية العسكرية في الكتائب والنجاح الهائل الذي حققوه بفضل الله في معركة غزة..!
مؤسسة قائمة بأكملها على الاختيار الناجح للكوادر في المكان الذي يصلحوا له فيكون في النهاية عمل متكامل ناجح.. قارن هذا بالحركة الاسلامية في مصر.. تذكرت بينما اكتب هنا حديث للشيخ ياسر برهامي منذ قرابة اسبوعين كان يقول فيه انه كل فترة ياتيه اخوة ويقولون له نريد ان نرشح فلاناً "عشان ميزعلش"... هو كان ينتقد هذا.. لكن للاسف هذا يحدث بطريقة كارثية..!
لن اتكلم على ما يحدث في حزب النور مثلاً وكيف يتم اختيار الكوادر.. او ما يحدث داخل الاخوان او او...!
نحن لدينا كارثة كبيرة في هذه النقطة.. وهو ما يتضح بجلاء ووضوح شديد فيما يحدث على الارض..!
ما نحتاج اليه في هذه النقطة::
اعادة النظر بدقة شديدة في مسالة اختيار الكوادر من اصغر حتى اكبر كادر