الحركة الاسلامية وواجب الوقت.. واستشراف المستقبل..!
حقيقة من اشد ما تفتقده الحركة الاسلامية باختلاف اطيافها الان هو رؤية مستقبلية واستشراف له.. نحن نسير الان بمبدأ "رد الفعل" والانشغال بمعارك جانبية ندخل بيها بسذاجة منا احياناً وبقصد من التيارات العلمانية والليبرالية في احيان اخرى..لكي يبعدك عن طريقك وهدفك الرئيس..!!
في الحقيقة غياب التخطيط والرؤية المستقبلية الواضحة من اشد ما يعيق تقدم حقيقي للحركة الاسلامية برمتها.. في حين وجود هذه الرؤية يسهل من انجاز خطوات كثيرة في وقت يسير للغاية.. وبدون هذه الرؤية .. لن تصل اصلاً..!
نريد ان يكون هذا هو محور نقاش ابناء وكوادر وقيادات الحركة الاسلامية في الفترة المقبلة فهذا هو الناتج الحقيقي الذي سيكون له اعظم الاثر على مسيرة الرحكة الاسلامية ككل..!
كرؤية شخصية مجملة من شخص بسيط ازعم ان هذه الرؤية ينبغي ان تنقسم الى ثلاثة اتجاهات تمثل الانشطة الرئيسة للحركة الاسلامية في الفترة المقبلة..!
المحور الاول: السياسة..!
هذه لها أهمية كبرى في المرحلة المقبلة من ثلاثة اوجه..
الوجه الاول ان الحركة الاسلامية في السابق كانت تحت ضغوط قاسية فكان لها مبرر لان تكون برامجها السياسية منقوصة الى حد كبير.. اما الان وقد فتح الباب لهم على مصراعيه ولم يعد لهم مبرر او عذر.. فهو اختبار في غاية القوة على المحك لوضع برنامج حقيقي قابل للتنفيذ ويسهم بالفعل في الانتقال بالبلاد الى مراحل اكثر تطوراً بكثير..
الوجه الثاني.. ان الفترة القادمة ستشكل ملامح وهوية البلاد للفترة القادمة من خلال الدستور.. فلابد للحركة الاسلامية من المشاركة بقوة في الانتخابات لضمان الحفاظ على هوية البلاد ووضعها على الطريق الصحيح كبداية لمرحلة ما بعد الثورة..!
الوجه الثالث: انه فعلياً لم يكن يشارك سياسياً الا الاخوان.. فان يبدا باقي كوادر الحركة الاسلامية من سلفين وغيره في ممارسة السياسة منذ البدايات فلاشك ان هذا سياخذ وقتاً وجهداً رهيبين ربما لسنا بحاجة اليه في هذه المرحلة..!
غير ان المشكلة لدينا انه بمجرد ان فتح الباب فيما بعد الثورة.. انطلق الجميع يعملون في هذا المحور.. الجميع بغض النظر عن الاولويات والاهمية.. وهذا خطا رهيب.!
في رأيي المتواضع.. ينبغي ان لا تتعدى نسبة الجهد والوقت والمال المبذولين من الحركة الاسلامية نسبة ال 5% في هذا المحور..!
اذ يكفي متحدثين اعلامين لبقين على اعلى مستوى للتحدث الى الاعلام بالاضافة الى تنظيم جيد للاحزاب في مختلف المناطق في المقرات.. ونخب فكرية تفكر وتلتقي وتضع البرامج والسياسات.. فينبغي الاهتمام بالكيف لا بالكم.. هذا في الاحوال العادية.. ثم ايام الانتخابات والدعاية الانتخابية يتم الاستعانة بجزء من باقي افراد الحركة الاسلامية للمساهمة في الدعم والدعاية التي تحتاج في الاغلب الى افراد كثر..!
اما في غير ذلك فهؤلاء الافراد لهم عمل غير ذلك ويقتصر الامر على نسبة ال 5% او اى نسبة مشابهة قليلة...!
اعلم ان كثيرون قد يستغرب النسبة القليلة.. لكن هذا لان المحورين الاخرين هما الاهم وهما سيصبان مباشرة اذا نجحا في هذا المحور..!
المحور الثاني:: الدعوة..
وهذه مقترح لها نسبة 35% من الجهد والوقت والافراد المبذلوين من قبل الحركة الاسلامية..!
فهذا هو اساس هدف الحركة الاسلامية في الاساس وهو الدعوة الى الله عزوجل.!
وهذه تنقسم إلى وجهين بشكل اساس::
الوجه الاول"وهو الاهم والاكثر استحقاقاً للجهد": إعادة تأهيل المنتمين للحركة الاسلامية بالاساس"التربية"..وهذه من اكبر المشاكل التي تواجه الحركة الاسلامية حالياً وهي ان كثير من المنتمين اليها منذ سنوات او حتى ربما منذ نشاته.. كثير منهم لم يحظ بنصيب وافر من التربية او حتى حظى في بدايات التزامه ثم حدث ترهلات وما شابه..فتجد كثيرون يوجد لديهم اهمال في اورادهم وقيامهم ومبادئهم الاساسية التي تربوا عليها وكذلك اخلاق ومعان كثيرة قلبية اختفت من عندهم ويحتاجون الى اعادة تاهيل ويبحثون عن المرب الحقيقي فلا يجدون الا قليلاً لندرتهم لوجود اغلب الدعاة في العمل العام بعيداً عن التربية الخاصة.. فمن اهم واجبات الحركة الاسلامين وخصوصاً فرعيها الاساسين "الاخوان والسلفين" توفير المربين والمحاضن التربوية الحقيقية التي تعمل وتركز بشكل أساس على اعادة تاهيل هؤلاء المنتمون للحركة الاسلامية.. فمن المستحيل القاطع ان تنهض الحركة الاسلامية بشكل حقيقي دون ان يكون افرادها مهيئون لذلك.. ولم تنتصر الامة في اى معركة من معاركها الا حينما كان كوادرها وجنودها وقادتها على اعلى مستوى من التهيئة الايمانية لذلك..!
قد يستدل البعض بما حدث في الثورة وانه دليل على عدم لزوم ذلك.. يرد الشيخ حازم ابو اسماعيل بان هناك نوعين من التمكين .. تمكين للمؤمنين"وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض.. الاية" وتمكين ابتلاء لاناس لم يحققوا شرط الايمان "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض.. الاية" استضعفوا لم يذكر شئ من الايمان فقط ذكر انهم كانوا مستضعفين والرجل يرجح ان ما حدث هو التمكين الثاني...ليكون نتيجته "عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون"..!
فلا جدال انه بدون شباب مؤهلون ايمانياً بدرجة كبيرة لا يمكن للحركة الاسلامية ان تتحرك قيد انملة.. واعتقد انه لا يشك اثنان في انه لدينا مشكلة كبرى في هذه النقطة..!
الوجه الثاني: هي الدعوة العامة.. وهذه مختصة بالحديث لعموم الناس من البسطاء ومن غير المنتمين للحركة الاسلامية باختلاف ثقافاتهم.. وهدفها الرئيس الدعوة وجذب الناس الى نور الاسلام والالتزام وهو هدف رئيس للحركة الاسلامية تجاه مجتمعها الذي تعيش بين أظهره.. وهدف ثانوي منها يصب في صالح المحور الاول.. وهو تحريك الاغلبية الصامتة الى تايد الحركة الاسلامية وتكوين راي عام مناصر ومؤيد للحركة الاسلامية باختلاف اطيافها..!
المحور الثالث:: وهو يشكل النسبة الاكبر في المقترح..قرابة ال 60%.. وهو فروض الكفاية..!
الامة الاسلامية لديها خلل رهيب وكارثي في احتياجاتها بداية من لقمة عيشها حتى تصنيع الميكرو بروسيسور والالكترونيات الدقيقة..!
ولا يعقل ان تقف الحركة الاسلامية في هذا موقف المتفرج.. ناهيك عن الوضع الحرج الذي تعيشه البلاد حالياً اقتصادياً..!
كنت منذ ايام مع صديق يعمل في احد اكبر شركات الانشاءات في مصر.. يقول لي اغلب المشاريع توقفت .. وتكاليف ادارة الشركة حتى لا يتم جمعها ...!!
اخر مدير تسويق في شركة شهيرة..هذا الشهر فقط انهو عقود 85 من الشباب العاملين في الشركة.!
ثالث كان يتحدث مع المهندس خيرت الشاطر في هذا الموضوع فاخبره انه بالفعل الوضع خطير للغاية اقتصادياً..هذا بعيداً عن عشرات التقارير واقوال المحللين الاقتصادين التي تتكلم عن هذا الامر..!
لدينا مشكلتين رئيستين حالياً:
مشكلة على المدى القصير وهو النهوض بالبلاد من حالة الانهيار التي تتجه اليه بوتيرة متسارعة.. وهذه لو قررت الحركة الاسلامية شن حملة ضخمة لتشغيل افرادها بشكل حقيقي صباح مساء في اعمالهم من اجل زيادة الانتاج والخروج من الازمة لخرجنا سريعاً باذن الله..!
المشكلة الاخرى وهي الاهم والاخطر.. الانتاج.. ان نصل الى بانتاجنا حد الكفاية من كل ما نستهلكه..!
نحن تقريباً لا ننتج اى شئ..!!
في الحقيقة تمتلك الحركة الاسلامية موارد لا محدودة من ناحية الافراد.. ولدى الحركة مخزون استراتيجي هائل من الافراد الذين يعملون في المراكز البحثية والجامعات في شتى أنحاء العالم وفي شتى المجالات..!
لكن للاسف لا يتم استغلال هذه الموارد بشكل حقيقي.. فلم تسع الحركة الاسلامية مثلاً لتجميع المتخصصين في الالكترونيات من مختلف الاماكن مع بعضهم وتجعلهم على تواصل بحيث يكون هناك ناتج من افعالهم.!
تقريباً نحن استفادتنا من هؤلاء تكاد تقترب من الصفر.. فيما لو تم التواصل مثلاً بين العاملين في المراكز البحثية لانتاج الدواء في امريكا واوربا وكندا وو.. ومحاولة الاستفادة منهم "وهم في اماكنهم فليس شرطاً ان يتم تجميعهم في مكان واحد" لعمل ابحاث لانتاج الدواء الذي ينقصنا..!
*الانسولين كمثال –لو قطع عنا الانسولين من الدول الاوربية لحدثت كارثة في مصر للعدد الهائل من المصرين الي عنده مرض السكر..!
قس على هذا عشرات الامثلة مثل الالكترونيات والاتصالات والادوية والاجهزة الطبية والسلاح والسيارات والطائرات حتى الكارتون والله نعتمد على الامريكي والياباني..!!!
فكيف تقبل الحركة الاسلامية ان تكون بهذه الطريقة تحت رحمة اعدائها ولا تتحرك لفعل شئ..!
باختصار شديد.. الحركة الاسلامية بحاجة الى إعادة نظر في كل ابنائها المنتشرون في شتى بقاع الارض داخل وخارج البلاد الاسلامية الذين يمكن الاستفادة منهم بصورة هائلة ولكن هذا لا يحدث للاسف الشديد.. ونغفل عنه في حين انه من واجبات الوقت ومن اهم ما ينبغي ان تعمل فيه الحركة الاسلامية حالياً..!
كذلك هي في حاجة لاعادة النظر في توفير مصادر تمويل حقيقية بعيداً عن التبرعات.. تكون بها قادرة على سد احتياجات الابحاث والاعمال الخيرية وما شابه..!
هي بحاجة لتقديم انموذج على الارض لشركات وهيئات ومؤسسات قادرة على الابداع وسد الثغرات..!
بدون البدأ في سد هذه الثغرات بشكل او باخر لن تستطيع الحركة الاسلامية تقديم جديد وستفشل فشلاً ذريعاً اذا ما تولت الحكم..!
هذا يستحق ان ياخذ اكبر نسبة من جهد الحركة الاسلامية لانه الاهم حقيقة.. واذا ما نجح هذا المحور في تقديم نماذج ناجحة على الارض في مختلف النواحي الاقتصادية والعلمية والمجتمعية الخيرية سيكون هذا افضل من عشرات المؤتمرات والندوات السياسية للدعاية للاحزاب التابعة للحركات الاسلامية..!
لان هذا هو الوجه الحقيقي الذي يجعل الناخب يشعر بان هناك من يقدم له شيئاً حقيقياً بعيداً عن مؤتمرات وندوات..!
ثم وهذا هو الاهم بعيداً عن السياسة.. هذا بالفعل اهم ما تحتاجه الحركة الاسلامية حالياً..!
في النهاية هذه ربما رؤية شخصية متواضعة جداً في المحتوى.. لكن الهدف منها ليس المحتوى بحد ذاته بقدر ما هو اطلاق النقاش في محور وضع الرؤية المستقبلية للحركة الاسلامية.. الهدف منها تحريك الماء الراكد لتنطلق المواهب التي تملأ الحركة الاسلامية..!!