العودة الى الاصل
يكون من المفيد دوماً في امر وكل نازلة.. العودة الى الوراء قليلاً.. العودة الى الاصل والى الهدف ليكون واضحاً في اتخاذ القرار بل محفزاً للتريث بشدة والتركيز في اتخاذه خصوصاً اذا كان قراراً مصيرياً يترتب عليه مصير امة وبلد....!
ربما استعير هنا كلمة لاحد القيادات الاسلامية المعاصرة..يقول الاستاذ خيرت الشاطر- نائب مرشد الاخوان في محاضرة له "مهمتنا الأساسية والإجمالية كإخوان مسلمين هي التمكين لدين الله عز وجل في الأرض وتنظيم حياتنا وحياة الناس على أساس الإسلام وبناء نهضة الأمة وحضارتها على أساس الإسلام وتعبيد الناس لله في الأرض "
فتعبيد الكون لله عزوجل وجعله يسير وفق مراد الله عزوجل ووفق شرعه هو الهدف الرئيس الذي من اجله خلق الانسان وهو غاية دعوته ومنتهى مقصدهز. لذلك كان كل نبي يبعث الى قومه ليقول "اعبدوا الله مالكم من إله غيره"
وتحقيق هذا الهدف لا يكون الا عن طريق الوسائل الملائمة له والتي تؤدي اليه، والوصول الى الحكم لتحقيق هذه الفكرة ونشرها بين الناس وسيلة في غاية الاهمية لذلك، وعن طريق هذه الفكرة ينعم الناس باقصى ما يمكن الوصول اليه من الخير والسعادة في الدنيا"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".
وحين ننظر الى هذه الوسيلة التي تعيننا على الوصول الى هدفنا وغايتنا، فانه لا يصنع فارقاً معنا الشخص الذي سيتسخدم في هذه الوسيلة، انما يعنينا بشكل الاساس وضوح هذا المنهج لديه وسعيه الحثيث نحو تطبيقه باقصى قدى من الاستطاعة. فلا يستقيم مثلاً ان انتخب صاحب منهج يساري او علماني او ليبرالي تحت زعم "توافقي" لا يقبله عقل ولا شرع واهماً انه سيمهد لي الطريق للوصول الى هدفي وغايتي لاحقاً.. فهذا وهم لا يكاد يقتنع به عقل.
مصر.. والرئاسة..
ومن ملخص ما سبق يندثر مفهوم "التوافقي" الذي تنادي به بعض الحركات والشخصيات المحسوبة على التيار الاسلامي ، ولهم في منصف المرزوقي وتصريحاته اكبر العبر.!
وحين ينظر المرء الى المتواجدين على ساحة المرشحين للرئاسة ، يجد انه تقريباً ينحصر التنافس الحقيقي في اثنين.. الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ،والاستاذ حازم ابو اسماعيل.
والاثنين مشهود لهما بالاحترام والكفاءة وعدم الخضوع للباطل والحب العميق والولاء الشديد للمنهج الاسلامي بعمومه.
غير اننا لدينا اشكالية واضحة هنا في المنهج الذي ينتهجه الدكتور ابو الفتوح..
منهج ابو الفتوح؟
بداية كما قلنا عالياً، لا يهمنا الشخص الذي سنتخذه وسيلة الى هدفنا وغايتنا اطلاقاً.. انما يهمنا منهجه وكفاءته لهذه الوسيلة.
على المستوى الشخصي.. اقدر بشدة الدكتور عبدالمنعم وتضحياته العظيمة في سيبل فكرته ومنهجه. وقد كنت من اوائل من عرفوا بقرار ترشيحه قبل ان يعلن عن ذلك بايام وفرحت بشدة وقتها لاني لم اكن اتخيل اني اذهب لصندوق الانتخابات لانتخب البرادعي او عمرو موسى.بل والان كثير من مسؤولي حملته اصدقاء لي منذ زمن بعيد..!
وربما اعرفه منذ زمن طويل فوالدي ينتمي الى هذه الفئة العمرية والفكرية التي دفعت بها الحركة الاسلامية للعمل العام والنقابات ونوادي هيئة التدريس.
لم اكن اود البدأ بها ، لكن في ظل الزخم الموجود وان اى مناصر يشكك فيمن يخالفه الراي، فقد اردت ان ابين فقط ان قلبي يحمل التقدير العميق لشخص الدكتور عبدالمنعم لتضحياته ولبذله الكبير.
لكن ليس معنى ان اقدره بشدة على المستوى الشخصي ان احمل نفس القدر من التقدير للمنهج الذي يتبناه الدكتور، فالدكتور الذي لا يحب وصف "التيار الاسلامي"، وانما كما يصف نفسه بانه "ليبرالي محافظ"، بعيد في نواحي كثيرة عن المنهج الاسلامي المنضبط. ولهذا فلا عجب ان يسارع كثير من قيادات التيارات الليبرالية والعلمانية لدعمه ضد منافسه الابرز.
لازلت اذكر زيارته لنجيب محفوظ منذ سنوات قبل وفاته ليخرج بعدها بتصريح يقول فيه "انه ليس من حق الازهر ان يمنع روايته-اولاد حارتنا- من النشر وانه ينبغي اطلاق حرية النشر على الاطلاق وليس من حق اى شخص او هيئة ان تمنع ذلك"... هذه الرواية الوضعية التي يتعرض فيها محفوظ بالطعن في الذات الالهية –ياتي منهج الدكتور ليتبني نظرية "الحرية المطلقة" وهو ما لا يستند الى شرع او عقل."ولنتذكر ان كل المرشحين الان يطالبون بالازهر حكماً.. فكيف نجعله حكماً ثم نضرب بحكمه عرض الحائط"
ثم منهجه "المائع" في العلاقة بين المنهج الاسلامي وبين التيارات الليبارية واليسارية وغيرها.. هذا المنهج الذي يسعى للتقارب بشدة مع التيارات الاخرى على حساب المنهج الاسلامي والذي اسفر عن كثير من التنازلات حتى اصحبت معه لا تعرف المنهج اهواسلامي ام ليبرالي ام يساري ام..!
واهم من يظن ان المنهج الاسلامي لا يختلف عن غيره من المناهج.. هو يختلف قطعاً في الاساسيات اصلاً، ولسنا في معرض التفصيل في ذلك فهناك الكثير من الكتابات التي كتبت في هذا الموضوع.
برنامج الدكتور عبدالمنعم .. باختصار.. لا يفرق كثيراً عن برنامج البرادعي الا في بعض التفاصيل التقنية ربما، لكن يضفي عليها "النكهة" الاسلامية- وواضح من ذلك بشدة في عشرات من تصريحاته وتاريخه.. ولذلك كان واضحاً بشدة اتجاه كل مؤيدي البرادعي الى ابو الفتوح بعد انسحاب الاول- فالفارق لا يعتبر.
نحن نريد مرشحاً هدفه الاول وغايته الاهم "تعبيد الارض لله عزوجل".. وليس الاقتصار على تطوير مصر او غيرها فقط.. هذه مرحلة جزئية ستاتي عن طريق الهدف الكلي لكل مسلم.
نحن نريد مرشحاً يتيه فخراً بشريعته ومنهجه وليس في منهجه ان يكون في موقف المدافع الخجول الذي يحاول اثبات ان الاسلام لا يفرق كثيراً عن الليبرالية او اليسارية او غيرها ويحاول البحث عما يوافق منهجه في هذا وان كان استدلالات ضعيفة موضوعة، او في كثير من الاحيان لا يتلفت لهذا اصلاً.
لسنا في معرض الاتيان بتواريخ وتصريحات وتفاصيل.. فلسنا في معركة كل طرف فيها يريد الانتصار. اى متابع بسيط سيلاحظ هذا في منهج الدكتور وهو لا يخجل من هذا انما هو يرى ان هذا هو المنهج الاصوب والاصلح.
فكرت كثيراً قبل ان اكتب هذا، فليس من الطبيعي ان تهاجم فكر الاخر، في حين انه من المنطقي ان تبرز صواب ما تعتقده، لكني فقط اردت ابراء ذمتي امام الله عزوجل في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها، فقد آلمني بشدة ما يحدث واندفاع كثير من ابناء الحركة الاسلامية نحو منهج اظنه بعيد كثيراً عن المنهج الاسلامي المنضبط.
كما قلنا في البداية.. اقدره بشدة كشخص.. وطعني في منهجه لا يعني المساس منه كشخص اطلاقاً...انما نتحدث بالتحديد عن منهجه.. ومنهجه فقط
هل حازم هو المُخَلص؟
اطلاقاً، يعلم الله انني كنت منذ ايام في نقاش مع بعض الاخوة حول الموقف الاسلامي العام من الرئاسة..قلت وقتها" هذه مميزات حازم الباهرة، وهذه عيوبه القاتلة".. اعطوا لنا مرشحاً فيه مثل هذه المميزات ويتلافي فيه هذه العيوب ووالله سنكون اول المناصرين له..!
نحن نريد انساناً.. مفوهاً له كاريزما..قوي صارم حازم ليستطيع التعامل مع ذئاب العسكر.. يطير فخراً بمنهجه الاسلامي لا يشعر بالخجل منه.. يطالب بحزم بتطبيق الشريعة مبادئاً وحدوداً. يحدثنا عن تفاصيل برنامجه في السياسية والاقتصاد والصناعة، ملم بالواقع والماضي وتفاصيله.. وما وجدنا ذلك متوفراً في المرشحين الموجودين الا في حازم..!
نريد انساناً يستطيع ان يتحاور مع مناظريه ويستوعبهم بهدوء ثم يفحمهم كما في مناظرته الاخيرة، نريد انساناً يستطيع التعامل مع كافة انواع الاعلام المسموم كل بطريقته.. وقد كان موفقاً في هذا بفضل الله باعتراف الجميع.
نريد انساناً يطلق الطاقات المحبوسة لازمان طويلة.. هذه الطاقات المليئة بالفطرة وحب الدين، فلما وجدت من يعبر عنها انطلقت في الافاق تبذل اقصى ما لديها للدفاع عن "فطرتها" وما تعتقده. وقد رايت العجب العجاب في الفترة الماضية "وهذا اهداء لمن يزعمون ان من اهم صفات التوافقي الا يكون اسلامياً- لا وفق الله مسعاهم"..!
غير مقتنع بحازم كشخص:
وقد يبزر البعض ممن يقول اني لا اقتنع بحازم ك"شخص" او اني ارى انه يطلق اقوالاً لن يستطيع تنفيذها.. واقول له.. وهل رايت احداً اخر يطالب بها فتنتخبه؟ ام انك في النهاية ستذهب لانتخاب من لا يطالب بها اصلاً..؟!
لا اعرف احداً على الساحة يطالب بتطبيق الشريعة بهذا الوضوح وهذا الحزم الذي يطالب به ابو اسماعيل.
حين تؤيده "حتى يظهر من هو افضل منه تقتنع به".. فانت بذلك تؤدي واجبك.. الم تعش دوماً تحلم بيوم تطبق فيه الشريعة.. افحين ياتي من يحاول تطبيقها تعرض عنه؟؟
ربما يفشل.. او لن يستطيع التنفيذ.. لكن ستكون قد اديت ما عليك امام الله عزوجل.. وامام نفسك وما تعتقد وتفكر.!
المتعصبون لحازم:
لاشك ان الحملة الدعائية القائمة على افراد مختلفون في الافكار والمذاهب والطبقات، ولا شك اننا نرى تعصباً يثير الاشمئزاز حقيقة.. حازم ما هو الا انسان يصيب ويخطأ، ونحن ابداً ما نتعصب لشخص .. نحن تعصبنا لفكر ومنهج.. والانسان الذي يتعصب لشخص هذا عليه ان يعيد النظر في نيته، فهل لو اخطا هذا الشخص سيتبعه؟؟
بل وراينا بعضاً من هؤلاء من "اخوة اول امس".. يظن نفسه ابن تيمية او العز بن عبدالسلام فيتكلم بكل السوء عن المشايخ والدعاة الذين كان لهم الفضل بعد الله عزوجل في وصول الحركة الاسلامية الى ما وصلت اليه الان.. بل فيه هو شخصياً ، ويقيناً كل من يتعرض لمن نحسبه من العلماء بسوء ظن او تجاوز ادب سيجد لذلك اثراً في قلبه..!
فمن انت وماذا فعلت حتى تتكلم عن هذا الشيخ او ذاك بهذا الكلام القمئ.. آلمني بشدة ما قاله الشيخ المفضال محمد عبدالمقصود وهو يتحدث بكل الم عن اقوال بعض الشباب..!!
اصبح انت يا قزم.. من تتكلم على رجل بوزن الشيخ عبدالمقصود الذي اثق والله انك لو تعرضت لواحدعلى مائة مما تعرض له ما استطعت التحمل...ام من يتكلم عن الشيخ ياسر وغيرهم من الدعاة... هؤلاء يا "اخوة اول امبارح".. هم من وقفوا يحملون راية الدين بكل ثبات وقت ان كان الكل غافل..فاتقوا الله..!!
اختلف معهم في رؤيتك للاحداث... لكن ايصعب ان تختلف معهم بادب واحترام وانت لازلت تحمل لهم كل الود والفضل والتقدير والحب..؟ لم يصاحب الاختلاف دوماً الطعن في النوايا؟؟
يا انصار حازم.. اتقوا الله.. واعيدوا النظر في نياتكم...وفي تقيمكم لما تفعلون...
اخيراً.. الى الاحبة في حملة حازم
اعلموا انكم والله على ثغر، فلا يرين الله منكم الا خيرا..!
بلغوا في الافاق اننا لا نبغي سوى شرع الله.. سيتعرض الرجل للتشويه.. والطعن..من كل الاتجاهات.. فاثبتوا.. واعلموا انكم لا تعملون لحازم.. انما تعملون لهدفكم الكلي وغايتكم الاسمى.. تعبيد الارض لله عزوجل..!
ادركوا هذه اللحظة الفارقة...!
وفقكم الله.. سددكم الله... نصركم الله..!