لنفتح صفحة جديدة ونطوي صفحات الماضي..!
بهذه العبارة ختم الشيخ محمد عبدالمقصود خطبته.. وهو يحث الحركة الاسلامية والسلفين تحديداً على التعامل بمنطق جديد وفكر يتماشى مع واقع ما يحدث ويتفاعل معه..!
وهو ما يحتاجه السلفيون بصفة عامة في الفترة القادمة بشدة..وهو ما بدا الشيخ في فعله بالفعل..وهو ما يلاحظ في خطبه ودورسه...!
مراجعة كاملة لكل الاليات والوسائل..!
وفي الحقيقة مبادرة الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح.. اكثر من رائعة وكلمة الدكتور محمد يسري بها كانت تحمل تطوراً نوعياً كبيراً..!
ما اريد قوله لشباب الحركة السلفية.. حركوا المياه الراكده .. وليكون هناك نقاش وفهم واستيعاب واعتراض بادب.. نريد الموازنة... نحن ربما لدينا تطرف كبير في اتجاهين.. الاول تقديس العلماء والدعاة.. والاتجاه الثاني..تهوين شانهم على الاطلاق.. فالواجب الموازنة بين الامرين..لا تقديس يمنع المناقشة والاعتراض..ولا تهوين من شانهم اطلاقاً فهم من هم..!
والواجب ايضاً تقبل النقد بصدر رحب بغض النظر عن طريقة المنتقد "وان كان الاولى قطعاً ان تكون الطريقة منضبطة لكن ان جاءت غير منضبطة لكن النقد صحيح هل اترك النقد كما يفعل الكثيرون لمجرد ان طريقة الكلام لا تعجبني"..!
وهم يقبلون النقد والمناقشة والحوار والله.. ولا ادري لماذا نفهم غير ذلك.. ومن لا يقبل ذلك ينبغي ان يراجع نفسه.. لكن كل من اعرف من الدعاة يقبل..!
الشيخ عبدالمنعم الشحات وصف الكاتب ذات نقاش بانه "صاحب الدماغ الناشفة".. ورغم ذلك يناقشه ويعترض على بعض الرؤى السياسية والحملات.. والرجل يتقبل بصدر رحب جداً ويفند اقواله على حسب رايه وقد يخرج الكاتب غير مقتنع على الاطلاق بوجهة نظره اخذاً بوجهة نظر اخرى لها سند من علماء ودعاة اخرون.. !!
وما تناقشت مع احد من الدعاة الا وجدت لديه هذا الامر..واعرف اخوة كثر يفعلون ذلك ولم يعترض الدعاة مطلقاً..بل بالعكس هم يشجعون كل صاحب فكر.!
نريد ان تكون هناك ثورة بين الشباب في الحركة الاسلامية بمختلف اطيافها باخوانها وسلفيها.. لكنها
ثورة عقلانية متفكرة.. ليست ثورة بلهاء تدل على التواضع الشديد في التفكير مثل
ثورة "الزحف على مكتب الارشاد" وما شابه..!
نريد ثورة في التفكير في الاليات والوسائل وطرق التحرك والتعامل.. بل ازعم ان هذا من واجبات الوقت.. ان يفكر كل اخ بطريقته في كيفية تطوير تعامل الحركة الاسلامية مع الشارع وفي كيفية تطوير الحركة الاسلامية لادائها..حتى يتكون في النهاية لدينا تطور في الآليات والوسائل يتناسب مع التغير الحادث في المجتمع ويتماشي معه..!!
من اهم واجبات الوقت حالياً حقيقة لدى الحركة الاسلامية برمتها باختلاف اطيافها امرين من وجهة نظري..!
الاول:: : هو الثقافة العامة والسياسية.. المرحلة القادمة ستكون في الاساس معركة فكرية تماماً..!
اغلب الاخوة لا يعرف الفرق بين الليبرالية والديموقراطية والناصرية والاشتراكية والعلمانية الا من وجهة نظر شيخه او مسؤول اسرته.. لم يحاول ان يقرا وان يبحث ويفهم لاصحاب هذه النظريات.. بل اذا قمت بعمل بحث سريع عن شباب الحركة الاسلامية الذين قراوا حول النظريات والافكار الاخرى من مؤلفيها ومنظريها او حتى لكتاب اسلامين يكتبون بطريقة هادئة لن تجد اكثر من 5% في رأيي..
الفكرة انه اذا قرا وفهم واستوعب ما يقولوه اصحاب هذه النظريات اصبح اكثر قدرة على التعامل معهم واكثر قدرة على نقدهم وبيان عوراتهم للناس.. اما اذا اكتفى بما يحفظه عن شيخه فاغلب هؤلاء عند اول مواجهة حقيقية لا يستطيع مواجهة المناظر له لانه غير محيط للامر بجميع جوانبه...!
وفي الحقيقة والحق يقال.. اسعد ايما سعادة عندما ارى كثير من الشباب الذين ينتمون للتيار السلفي الذي كان مبتعداً بشدة عن العمل السياسي وقد بدا يحضر ندوات لمن يختلفون معه في الفكر من غير الاسلامين او من الاسلامين لكن من غير فريقه.. وهذا حقيقة يوسع التفكير والرؤية بشدة ويجعلك اكثر قدرة على فهم من امامك والتعامل معه.. هذا واجب الوقت حقيقة..!
لن يفيد الحركة الاسلامية ان يكون كل تفكير ابنائها منصباً على حضور دورس العلم.. فيما هم غافلون تماماً عن السياسة الشرعية.. حتى اذا ما اتت انتخابات او استفتاءات.. فوجئوا بها وفوجئوا بانهم غير مستعدون لها وبانهم لا يفقهون مناظرة الاحزاب الاخرى بالطريقة التي يفهمها الناس... وبانهم ليس لديهم حلول حقيقة او اكوادر فاهمة قادرة على مواجهة كوادر الحركات العلمانية والليبرالية ثم يبدا البكاء على اللبن المسكوب..!
كنت في نقاش مع احد الدعاة المهتمين بالعمل العام والتنظير.. حول هذه المسالة.. فكان يقول لي لو شعرنا كسلفين اننا سندخل ليحدث تنازالات او اننا لن نستطيع المواجهة الا بتنازلات فلن ندخل..!
حقيقة كلام غير منطقي على الاطلاق.. بهذه الطريقة نجلس في بيوتنا اذا اخذنا نقول اننا سنتنازل وما شابه ولم نكن على مستوى الحدث وهذا والله من سيكون عاراً على الحركة الاسلامية برمتها..!
ما الذي يمنع الجميع من الاستعداد جيداً... من الاخر من يتحجج بهذه الحجج اظنه غير معذور على الاطلاق امام الله عزوجل وامته..!
نحن امامنا معركة ضخمة.. مع كل التيارات غير الاسلامية.. على الشارع والاغلبية الصامتة كما يسموها فاذا استطاع التيار الاسلامي كسب هذه الفئة فقد انتهت المعركة.. واذا خسرها فقد خسر خسراناً مبينا.!
مشكلتنا مع الناس الان هي الخوف.. هم يخافون من الاسلامين عموماً بسبب ما فعله النظام السابق وبسبب اخطاء كانت متشعبة في الحركات الاسلامية.. وفي نفس الوقت بدات الاحزاب والرموز العلمانية و الليبرالية تقفز على الساحة وتجذب فئاة ممن نسميهم الاغلبية الصامتة خصوصاً من الشباب.. كنت مهتماً اثناء وجودي في التحرير في الحديث الى الشباب العادي الغير منتمي للتيار الاسلامي باختلاف اطيافه.. اغلبهم لديه رفض او خوف من التيار الاسلامي.. وقس على هذا اغلب الشباب حتى الذين لم يكونوا موجودين في التحرير ولا ينتمون لتيار اسلامي...!
وحين الحديث مع هؤلاء ينبغي تماماً البعد عن الطريقة المعتادة للاسلامين في الحديث.. ينبغي الحديث بطريقة من يفهم الواقع والحال جيداً بالتقارير والارقام وعن رؤية للخروج من النفق المظلم على المستوى الاقتصادي والسياسي وعن كيفية حلول المشاكل الموجودة في الزراعة والصناعة والخصخصة وما شابه..وهذا واجب على الحركة الاسلامية ان تتبناه وتصدر عنه تقاريراً تثقيفية لشبابها بالاستعانة بعشرات من العلماء والكوارد والمتخصصين في جميع المجالات..!
وينبغي الحديث كذلك بطريقة من يفهم الاخر جيداً.. يفهم العلمانية والليبرالية والفرق بين اليسار واليمين ويفهم عن الدساتير والاحزاب في الدول الاخرى.. بمعنى ان يكون مثقفاً ملماً بجميع ما حوله حتى يستطيع مجابهة من يتحدثون معه بكل الثقة..!
لكن حتى تكون الحركة الاسلامية جاهزه بهذه التقارير عليه ان يعمل على تثقيف نفسه وجمع المعلومات والافكار المتاحة قدر الاستطاعة..!
الامر الثاني:: هو فقه السياسية الشرعية.. وهذا تقريبا شبه منعدم الاهتمام به لدى جميع التيارات باختلاف اطيافها..! فتجد التيارات التي تعمل بالسياسة يرتكب افرادها وقياداتها مشاكل شرعية كبرى ناتجة عن الجهل وتجد من يهتمون بالعلم الشرعي لا يتعاملون في هذه النقطة الا مع امور جامدة لا اجتهاد فيها ولا يتسع الامر ليشمل مصالح مرسلة ومفاسد ومصالح وما شابه.. وللاسف ربما حتى الان لم يبدا اى من الدعاة او العلماء على الساحة في سلسلة عن هذا الامر يجمع فيه ما بين فقه الواقع والشرع مع اسقاطه على الواقع.. بل ازعم انه ينغي اعطاء دورات متخصصة لكل من يريد العمل في السياسة من التيار الاسلامي ولا يسمح له بالعمل قبل ان ياخذ دورتين متخصصتين الاولى في السياسة الشرعية والثانية في السياسة والواقع..!
ملاحظة سريعاً على هذه النقطة:: هل بامكاننا ان نكف عن الدفاع والحديث بخجل عن المنهج والنظام الاسلامي ومحاولة الصاق كل مستحسن لدى الاخرين بالاسلام وكان الاسلام لا يمتلك نظامه الخاص الذي يفوق به كل النظم الاخرى مجتمعه..!
هل بامكاننا ان نتكلم بكل الفخر ونحن نتكلم عن المنهج الاسلامي في التغير ونكف عن التميع ونسمي الاسماء باسمائها.. مع مراعاة حال المجتمع والتدرج في مخاطبته بالكيفية التي يفهمها...!
للمزيد عن هذه النقطة يمكن مراجعة الدرس الثاني للدكتور راغب السرجاني في سلسلته "من وحي الثورة" او الرجوع لكتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب..!
على الهامش::
بحث في غاية الروعة للدكتور محمد يسري بعنوان "المشاركات السياسية المعاصرة في ضوء السياسة الشرعية"
مقال جيد عن الوضع السلفي وطرح رؤي للمستقبل "ومن اهم ما طرح اول نقطتين حقيقة"..!
على الهامش:: هو لسه في دعاة ومفكرين وكوادر عايشين في "قصة" الهجوم المتبادل بين الاخوان والسلفين.. رغم كثير من محاولات جمع الشمل الناجحة بفضل الله... لا ادري حقيق متى يكون هؤلاء على مستوى الحدث..ولا ادري متى يصل اليهم ان عليهم ان يتعالوا عن هذا العقل الصغير الذي ينظر تحت قدميه..عجيب والله!!!