وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ :
من الغريب أن الإنسان في أمور الدنيا التافهة نرى بأن له عزما قويا ، تجاوز التحدي لكل العراقيل والصعوبات التي تعترض طريقه ، ولكنه من المؤسف هذا التخاذل والقعود ، عما من شأنه العروج بالإنسان إلى ملكوت السماوات والأرض ..ومن هنا ورد عن أهل البيت (ع) قولهم : (وإن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة يختارك بها...) ، وهنا تحفيز وحث على بذل الجهد وشد الهمة في الطريق إلى الله ، حيث يقول تعالى:{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }.
حــكــمــة هذا الــيــوم :
بدأت السورة بـ(اقْرَأْ).. أي بالتأمل، والتدبر، والتفكر.. وختمت بآية السجدة، حيث يأمر الله عز وجل نبيه بالتقرب إليه، وبالسجود بين يديه.. فإذن، بدأ بالقراءة أي التفكر، وختمه بالسجود أي العبادة.. وعليه، فإن هذه هي العبادة الواعية!.. فالنبي (ص) كان يصلي قبل نزول الوحي عليه، والدليل على ذلك قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى)، حيث أن هذه أول سورة نزلت على النبي (ص).. وبما أن قوام الصلاة بالتلاوة والسجود: أي الخضوع، والتذلل أمام رب العالمين.. فإن هذا السجود كان عاملا من عوامل بعثة النبي (ص) وليس هناك موضع يكون العبد قريبا إلى ربه كموضع السجود كما هو معلوم
في رحاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) :
من الادعية المباركة الدعاء في زمن غيبة الامام المهدي(عج) حيث يقول الدعاء: (وزلزل اقدامهم، وخذهم جهرة وبغتة، وشدد عليهم عذابك). العبارة الاستعارية القائلة وزلزل اقدامهم فماذا نستلهم منها؟ الزلزلة لها دلالات متفاوتة من حيث تعبيرها عن الاضطراب الشديد الذي يلحق بالشيء كالارض او البشر وسواهما وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى «اذا زلزلت الارض زلزالها» ويكفي ان نستلهم من الآية المباركة مدى الشدة والاضطراب الذي يفضي الى قيام الساعة واهوالها واما الزلزلة البشرية فيمكن ان يستلهمها قارئ الدعاء من طبيعة الارض حيث تضطرب وترتجف وتهتز ثم خلع الدعاء هذه السمة على الاقدام بالنسبة الى فقرة الدعاء القائلة وزلزل اقدامهم حيث ان هذه الاستعارة المرعبة تكشف لنا عن مدى هلع الشخص وهو العدو بحيث ترجف نفسه عند مشاهدة الموت وهو ما عبر عن نفسه بزلزلة القدم لان القدم اذا ارتجفت فانها تعبير خارجي عن زلزلة النفس وهو الخوف الشديد مما يلاقيه الاعداء اعداء الاسلام واهل البيت عليهم السلام والامام المهدي(عج).
هـل تـريـد ثـوابـا فـي هـذا الـيـوم ؟
(اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك ..): نلاحظ العطف بين العبارتين بالواو، وكأن الصلاة على النبي هي الطلبة المهمة الأولى.. وهنا إشارة إلى أن الدعاء قد يحجب ولا يصل إلى الله تعالى، بسبب بعض المعاصي التي يرتكبها العبد.. وتوجب انقطاع الصلة بينه وبين ربه، إلا أن العبد من الممكن إذا ألح في الدعاء، وطلب من الله تعالى أن يتجاوز عن الموانع، ويرفع الحجب عنه، أن يصل إلى مبتغاه وتستجاب دعوته.
بستان العقائد :
(وتعلم ما في نفسي، وتخبر حاجتي، وتعرف ضميري، ولا يخفى عليك أمر منقلبي ومثواي..): من المناسب أن نشير إلى قضية خلافية قد وقع البحث فيها وهي: أنه هل من الأنسب للعبد إذا جاءته حالة الرقة، أن يعدد مطالبه بين يدي الله تعالى، أو أن يجمل بكلمة واحدة ويقول: (علمك بحالي يغني عن سؤالي)؟.. اختلفت الأقوال في ذلك، ولعل الأوسط والأصلح أنها قضية حالية نسبية، فتارة العبد يعيش حالة الافتقار والمسكنة؛ فيعدد حوائجه.. وتارة يعيش حالة المحبة والأنس، فلا يحب أن يكثر الطلب، وإنما يوكل أمره إلى الله تعالى، حيث يصنع به ما يشاء.. فإذن، إن الأمر نسبي، يتبع الحالة التي يعيشها العبد، وهي من مرحلة إلى أخرى
كنز الفتاوي
ما مدى صحة القول التالي: لعن الله الكاذب، ولو كان مازحاً؟..
لا يجوز الكذب حتى في المزاح، إذا لم تكن قرينة على أنه يمزح، بل حتى لو كانت القرينة على الاحوط وجوباً، نعم لو تكلم بصورة الخبر هزلاً، من دون قصد الحكاية والإخبار فلا بأس به.
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}.. فشد الرحال للوصول إلى الحبيب الأحمد عليه الصلاة والسلام، من أجل إعلان التوبة، ورفع أكنة المعصية عن جوانب القلب؛ ليصبح طاهراً نقياً في حضرة الباري عز وجل.. لهي خير زيارة يؤجر عليها الزائر، ويكرم فيها الضيف خير إكرام، سواء كانت زيارة الكريم عن قرب، أو كانت زيارة من بعد.. فالضيافة موجودة، ومأدبة الكريم معدة في كل مكان
فوائد ومجربات:
لا شك بأن كل سلوك في الحياة، يحتاج إلى ممارسة عملية مستمرة؛ لتعزيزه وتنميته.. فالعدّاء يحتاج إلى ممارسة بعض التمارين بشكل رتيب ودائم؛ ليحصل على بغيته، ويفوز في السباق.. وكذلك القارئ، والكاتب، والشاعر..الخ.. والمناجاة أيضاً مع رب العالمين، تحتاج إلى جهد فردي.. فالذين أنسوا بالحديث مع رب العالمين، تعبوا على أنفسهم، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه.. فعلينا أن نعوّد انفسنا على المناجاة القلبية؛ بأن نذكر الله في انفسنا أينما كنا، وفي أي حال؛ محققين مضمون هذه الآية الكريمة: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}.
****
﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾
________________________________