الميزان في تفسير القران هو كتاب لتفسير القران الكريم قام بانجازه محمد حسين الطباطبائي (1321 - 1402 هجري) وقد تم تأليفه في عشرين مجلدا بدأ في كتابة هذا التفسير سنة 1374 هجرية وأنهاه في ليلة القدر 23 رمضان 1392 هجرية وقد سار في خط واحد وجمع بين كتابة هذا التفسير وبين تدريسه لطلاب الحوزة العلمية في مدينة قم.
بدأ الطباطبائي بإلقاء محاضرات على طلابه في جامعة قم الدينية في ايران ثم الحّ عليه طلابه أن يجمع تلكم المحاضرات لتكون تفسيراً مفيداً وسفراً نافعاً فاستجاب لطلبهم حتى صدر الجزء الأول في العام 1375ه 1956م وتوالت الأجزاء الأخرى في الصدور حتى آكتمل في عشرين مجلداً وقد فرغ الطباطبائي من كتابة الجزء الأخير منه في الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1392 هجري.
وقيل أن تسيمة الكتاب بهذا الأسم هو كثرة ما عرض فيه من آراء وأقوال للمفسّرين وغيرهم وتعرضه لها بالمناقشة فكان كثيراً ما يوازن ويرجح بين الآراء السابقة عليه في الموضع الواحد مؤيداً لبعضها ورافضاً للبعض الآخر.
يعتبر هذا التفسير واحداً من أشهر وأهمّ كتب التفسير المعاصرة عند الشيعة بل يُعد هذا التفسير دائرة معارف قرآنية فيما اشتمل عليه من بحوث ودراسات مختلفة بحيث أضحى القرآن الكريم في هذا التفسير مصدرا تنبثق منه العقيدة والشريعة والخلاق والمفاهيم والرؤى الإسلامية بمجموعها.
مرتضى مطهري :لم يكتب تفسير الميزان جميعه بوحي الفكر فأنا أعتقد أن الكثير من موضوعاته هي ألهامات غيبية وقلما تعرض لي مسألة من المسائل الإسلامية والدينية لا أجد مفتاح حلها في الميزان
وقال أحد الأعلام : بين يدي أكثر من ثلاثين تفسيرا قمت بمطالعتها وهي من أهم تفاسير الشيعة والسنة بيد أني لم أجد أعذب وأشهى من تفسير القران ولا أكثر جاذبية وشمولا منه فالميزان أضحى وكأنه قد عزل بقية التفاسير ودفع إلى زاوية النسيان بهذا القدر أو ذاك وأخذ مكانه
إن تفسير الآيات بالآيات هو أهمّ مزيّة من مزايا تفسير الميزان: أي: إنّ معاني القرآن تستنتج من القرآن. كان أستاذنا المرحوم سماحة السيّد العلّامة يقول كرارًا: إن هذا الأسلوب التفسيريّ الذي لدينا هو من المرحوم القاضي!
من خصائص هذا التفسير أيضًا رعاية المعاني الكليّة للألفاظ الموضوعة وليس خصوص المعاني الجزئيّة الطبيعيّة والمادّيّة المأنوسة لذهن الإنسان. على سبيل المثال: إن كلمة المیزان تعني أداة القياس والتي تشمل جميع أدوات القياس أعم من المادية والمعنوية ولا تعني فقط الميزان القديم.
يعتقد العلامة الطباطبائي: أن للقرآن اتساعًا من حيث انطباقه على المصاديق وبيان حالها فالآية منه لا يختص بمورد نزولها بل يجري في كل مورد يتحد مع مورد النزول ملاكًا كالأمثال التي لا تختص بمواردها الأول بل تتعداها إلى ما يناسبها وهذا المعنى هو المسمى [في الروايات]بجري القرآن. على سبيل المثال: إذا نزلت آية بشأن فرد خاص فإنَّ حكم القرآن بشأنه يسري إلى جميع الأفراد والحقائق المشتركة معه في الصفات والخصوصيات.
أدى تفسير الميزان دور حماية مذهب التشيع من خلال الأبحاث الدقيقة والعميقة وإظهار مواضع الآيات بلغة وبيان بليغ دون إثارة الحمية الجاهليّة ونيران العصبيّة وبالإعتماد على نفس الآيات القرآنيّة وتفسيرها بنحو لا يقبل الردّ والإنكار وبواسطة الروايات التي نقلها العامّة أنفسهم كما أجلى المطالب في كلّ موضوع من المواضيع الولائيّة وأثبت الولاية العامّة والكليّة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
عولجت في تفسير الميزان المسائل المتعلقة بعالم اليوم وآراؤه وأفكاره والمدارس والمذاهب الموجودة بشكل كافٍ ومستوفٍ وطبقت على قانون الإسلام المقدّس وحدّدت مواقع النفي والإثبات.
تحدّث تفسير الميزان في المسائل الأخلاقيّة بشكل مبسوط مفصّل وفي المسائل العرفانيّة بصورة دقيقة ولطيفة ومختصرة وفي جملة قصيرة كان يظهر عالمًا من العلم. ويدعو الإنسان إلى لقاء الله والوطن الأصليّ. وفي هذا التفسير جمع بين المعاني الظاهريّة والباطنيّة للقرآن وبين العقل والنقل وأعطى كلّ شيء حظه.
إنّ الميزان هو التفسير الأوحديّ الذي يبين النكات الدقيقة والحسّاسة ويقف مقابل مغالطات المعاندين ويتميز بالجامعيّة. وحقًا يمكن القول: لم يؤلف تفسير مثله من صدر الإسلام حتّى اليوم.
إن تفسير الميزان من الروعة والجمال والبهاء بقدر يمكن معه تعريفه للعالم كسند لعقائد الإسلام والشيعة ويمكن إرساله إلى جميع المدارس والمذاهب ودعوتهم على أساسه إلى دين الإسلام ومذهب التشيّع. كما أنّه قام قد بنفسه بإنجاز هذا الأمر الهامّ وانتشر الميزان في العالم وأجريت التحقيقات حوله وأدّى إلى فخر الشيعة ومباهاتهم ورفعتهم في المحافل العلميّة.
يقول العلامة الطهراني قدّس سرّه: إذا درّس هذا التفسير في الحوزات العلميّة وأجريت التحقيقات والأبحاث والتحليلات حول محتواه ومطالبه واستمر العمل بهذه الطريقة فإنّ قيمته سوف تعرف بعد 200 سنة.
03c5feb9e7