الله - مصطفى محمود
Jawad Sh
الله
" أنا وأنت وكل ركاب هذه السفينة الفضائية التي اسمها الأرض .. نعلم أنها تمخر عباب هذا الفضاء منذ ملايين السنين في صحبة كوكبة من الفرسان من أبناء أسرة الشمس ..
والشمس بدورها مع مائة ألف مليون شمس أخرى تؤلف مدينة سابحة أسمها المجرة .. ومثلها من المجرات مائة الف مليون مجرة تسبح في طول الكون وعرضه على مدى اللانهاية من الرؤية ..
نظرة في السماء في منتصف ليل ساج إلى هذه العمارة الكونية الهائلة سوف تثير الذهول ..
إلى أين نسير ..
وما النهاية ..
ومن الذي خلق ..
وكيف ..
ولِمَ …
العلم يقول لنا أن هذه العمارة الهائلة على سعتها وتراميها مبنية كلها من نسيج واحد وخامة واحدة ومصممة كلها بأسلوب واحد وخطة واحدة ومحكومة بقوانين واحدة.
سوف يقول لنا العقل .. لا بد أن الخالق واحد والمبدع واحد .
فإذا أدرنا البصر عائدين إلى الأرض وأحوالها ورحنا نتأمل ما فيها من حياة ونبات وحيوان وإنسان .. وجدنا نفس الشيء .. نفس القوانين الواحدة والخامة الواحدة والنسيج الواحد والأسلوب الواحد والخطة الواحدة في الجميع .
الذي بنى السماء … هو هو الذي صنع ورق الشجر .. وهو الذي وضع السم في العقرب .. والعطر في الورد .. والعقل في الإنسان .. وهو الذي صنع الجميع من خلايا متشابهة .. كما تبنى البيوت من لبنات واحدة .
إن وحدة القوانين المعمارية تؤكد لنا وحدة الخالق الذي أنفرد وحده في بناء كل شيء لم يشرك في العمل يداً غير يده .
هو الله .
الواحد الأحد .
الخالق بحق لا شريك له .
ولا يصح لنا أن نقول .. من خلقه ؟
لأن الخالق بحق لا يمكن أن يكون مخلوقاً .
هو الخالق من عدم بكلمة كن فيكون .
وكل المخلوقات كلماته .
وكلماته لا تنفذ . "
الله
تأليف: مصطفى محمود
نشر: دار العودة - بيروت
الحجم: 122صفحة
الكتاب يتناول الحديث عن الله من أربع محاور:
الله في الإسلام ، ومنه نقلت النص أعلاه، وفيه يسترسل في سرد فسلفته لأسماء الله الحسنى وتأملاته فيها بأسلوبه العميق الرقيق، ومستعيناً أيضاً ببعض حكم ابن عطاء الله.
وهذا القسم هو أجمل أقسام الكتاب وأكثرها أثراً في النفس.
الله في العبادات منذ فجر التاريخ ، وفيه دراسات تاريخية تبدأ من الإنسان الأول مروراً بالمصريين القدامى وأخناتون فالفرس وزرادشت فالبوذيين وبوذا، ثم يتناول مفهوم التوحيد عند الأنبياء إبراهيم فموسى فعيسى عليهم السلام وصولاً إلى ما قبل الإسلام
الله عند أهل العلم والفكر، وهنا يتطرق إلى مفهوم الله بشكل سريع ومختصر عند كبار الفلاسفة والعلماء كسقراط، أفلاطون، أرسطو، ديكارت، برجسون، داروين وغيرهم
الله عند الذين أنكروه، هنا يأتي الحديث عن ناكري وجود الله وهشاشة مستنداتهم وافتراضاتهم العلمية في ذلك، وهو بحث جميل يفند فيه المؤلف رحمه الله أكبر الشبهات التي يثيرها الملحدون والتي سماها (عقدة العقد) هي قضية الشر، إذ يقولون: كيف تكون الدنيا من صنع خالق حكيم عليم رحيم كريم .. وهي بهذا الحال من الشر والنقص ملطخة بالدم ناباً ومخلباً؟!
أذكر أني شاهدت مرةً على إحدى القنوات اللبنانية زياد الرحباني يعبر للمذيعة عن استنكاره لوجود الله قائلاً: إن كان االله موجوداً فلا بد أن يكون عادلاً ، وإن كان عادلاً فلم يموت الملايين قتلاً في الحروب وما ذنبهم؟!
هذه الشبهة التي لا يزال يطرحها الملاحدة والناكرين يفك خيوطها الدكتور مصطفى محمود بأسلوب جميل جداً وأفكار مقنعة جداً وبصفحات قليلة جداً ..
أنصحكم بقراءة الكتاب