محمد "عليه الصلاة وعليه السلام" - مصطفى محمود
Jawad Sh
وهذا محمد النبي وقد اجتمعت فيه كمالات بلغ في كل منها الذروة,
فهو العابد المبتهل الذى يذوب خشوعاً ويفنى حباً،
وهو المقاتل الصنديد الذى يتعرض لجحافل الموت ثابت القدم وألوف الأبطال والفرسان يفرون أمامه كالجرذان،
وهو المخطط العبقرى الذى يرسم الخطط فيتفوق على أهل الحرفة,
وهو السياسى الحاذق الذى يحرك المجاميع ويمسك بمقاليد المشاعر بمهارة المايسترو المبدع،
وهو المحدث الذى ينطق بجوامع الكلم,
وهو الاب والزوج والصديق,
وهو صاحب الدعوة الذى يقيم نظاماً وينشىء دولة من عدم ( من قبائل و شراذم متفرقة لا تعرف إلا قطع الطريق والثار والتفاخر بالأحساب والأنساب )،
وهو برزخ الأسرار المكاشف بالملكوت الذي يستمع إلى الله وملائكته كما نستمع نحن بعضنا إلى بعض بالغاً بذلك القمة في علوم الظاهر وعلوم الباطل معاً وفي الوقت نفسه ..
وهو الكريم الحليم الودود الرؤوف الصبور البشوش البسام اللطيف المعشر, لا تمنعه الأعباء الجسام من ملاطفة الطفل والوليد فيحمله على كتفه راكعاً وساجداً وقائماً, و لا من مغازلة زوجه فى حنان, لا ينضب لعواطفه معين, و كأنه يستمد من بحر ..
هذه الذات هي المعجزة …
واجتماع هذه الكمالات فى ذاتٍ واحدة معجزةٌ وليست عبقرية …
فالعبقرية أن تتفوق فى صفة واحدة وحسب ..
أما أن تكون ذواتنا مجمع كمالات فهنا نبوة ..
هنا أمر لا يمكن أن يكون إلا بمدد إلهي وعصمة وتوفيق وتمكين وإفاضة ممن عنده كنوز كل شىء ..
وهذا برهاني على نبوة محمد ..
_______________________
لا أزال أعرض عليكم بعض كتب الدكتور مصطفى محمود رحمه الله التي أقرؤها بين الحين والآخر بمتعة كبيرة كفواصل منشطة بين الكتب الكبيرة، والحقيقة أني جني منها فوائد غير متوقعة برغم صغر حجمها وعلى الصعيد الروحاني خصوصاً.
في كتابه هذا يتعرض مصطفى محمود لبعض صفات النبي (صلى الله عليه وسلم) وملامح نبوته بأسلوبه الخاص المشبع بالفهم العلمي لحقائق الأمور والتي يتوصل من خلالها دائماً إلى ذات الحقيقة القائلة بأن محمداً نبي وليس مجرد عبقري أو ما شابه، وأن مقام النبوة في شخصيته هو المقام الأعضم من أي شيء آخر، وهذا بكل تأكيد لا يلغي أهمية تواجد كل صفات العبقرية والعظمة في شخصيته صلى الله عليه وسلم.
صلى الله عليك يا رسول الله
الكتاب : محمد “عليه الصلاة وعليه السلام”
تأليف: مصطفى محمود
نشر: دار العودة - بيروت
الحجم: 96 صفحة
Hsein Wen
صلى الله عليه وسلم ......