حققت الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف (أقصى اليمين) مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي أمس الأحد محدثة زلزالا سياسيا في فرنسا وزيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا لكن من دون الإخلال بالتوازن السياسي في بروكسل. وجاءت هذه الأحزاب بالمركز الأول في فرنسا وإيطاليا والنمسا وحلت ثانية في ألمانيا وهولندا.
ورغم أن من المتوقع أن تحصل كتل الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) مع الاشتراكيين والديمقراطيين و"تجديد أوروبا" (وسطيون وليبراليون) المؤيدة لأوروبا على أغلبية في البرلمان المؤلف من 720 مقعدا ولكن أحزاب أقصى اليمين حصدت حصة أكبر من المقاعد مما قد يجعل من الصعب على أوروبا تمرير التشريعات واتخاذ القرارات كما وجهت الانتخابات ضربة في الداخل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس مما أثار تساؤلات حول الكيفية التي ستوجه بها القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي العملية السياسية داخل التكتل.
وتنقسم القوى اليمينية المتطرفة بشكل أساسي إلى كتلتين في البرلمان الأوروبي ولكن يمكن إعادة تشكيلهما في أعقاب الانتخابات.
أما كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي تضم خصوصا حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي دي إيتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب القانون والعدالة البولندي فقد فازت بمقعدين إضافيين وفق التقديرات.
وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديمقراطية التي تضم حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي من 49 إلى 62 مقعدا. وقد استبعدت الكتلة مؤخرا حزب البديل من أجل ألمانيا من صفوفها.
وجرت الانتخابات التي دُعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي الخميس في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا وفي وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات إستراتيجية من الصين والولايات المتحدة.
وفي فرنسا تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة غوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31.5% من الأصوات متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15.2%) بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.
وبينما وصفت زعيمة أقصى اليمين الفرنسي مارين لوبان النتائج الأولية بالتاريخية وقالت إنها مستعدة لانتخابات جديدة في فرنسا قال ماكرون إن هذه النتائج ليست جيدة لحكومته وللأحزاب التي تدافع عن أوروبا وأعلن حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة للدورة الأولى في 30 يونيو/حزيران والدورة الثانية في السابع من يوليو/ تموز.
وفي إيطاليا تصدّر حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني بحصوله على ما لا يقل من 27% من الأصوات وفق استطلاعات نشرت بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
وحل الحزب الديمقراطي (يسار الوسط) حزب المعارضة الرئيسي في المرتبة الثانية بحصوله على أكثر من 23% تليه حركة 5 نجوم الشعبوية بقيادة رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي بنسبة تناهز 11% وفق الاستطلاعات التي أجريت لصالح وسائل الإعلام الإيطالية الرئيسية.
وحصل شريكا ميلوني في الائتلاف الحكومي حزب الرابطة المناهض للمهاجرين بزعامة ماتيو سالفيني وحزب فورتسا إيطاليا المحافظ الذي أسسه سيلفيو برلسكوني على ما بين 8% و10% من الأصوات.
وفي إسبانيا أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية على نحو 34% من الأصوات و22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقارنة بنحو 30% من الأصوات و20 مقعدا للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.
وفي اليونان حصل حزب الديمقراطية الجديدة اليميني بزعامة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على 27.85% من الأصوات و7 مقاعد في البرلمان الأوروبي وهو ما يظهر وجود فجوة كبيرة مع حزب سيريزا اليساري بقيادة ستيفانوس كاسيلاكيس الذي حصل على 14.93% (4 مقاعد) يليه حزب باسوك الاشتراكي (12.91% 3 مقاعد).
وفي سلوفاكيا حقق الحزب الليبرالي المعارض مفاجأة الأحد بفوزه في الانتخابات الأوروبية ضد حزب "سمير-إس دي" الاشتراكي الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء روبرت فيكو ذي الميول المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي ثاني فوز على التوالي يحققه في الانتخابات الأوروبية حصل حزب سلوفاكيا التقدمية على 27.81% من الأصوات مما يمنحه 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي وفقا للنتائج التي نشرتها الصحافة السلوفاكية. وسيكون لحزب "سمير-إس دي" الذي حصل على 24.76% من الأصوات 5 نواب في بروكسل. وحل حزب "ريبابليكا" اليميني المتطرف ثالثا بحصوله على نسبة 12.53% من الأصوات وسيكون له ممثلان في البرلمان الأوروبي.
وفي البرتغال تصدرت المعارضة الاشتراكية نتائج الانتخابات الأوروبية متقدمة بفارق طفيف على الائتلاف الحكومي اليميني المعتدل الذي فاز بفارق ضئيل في الانتخابات التشريعية المبكرة في مارس/ آذار الماضي وفق النتائج الرسمية شبه الكاملة.
وتصدرت قائمة الاشتراكية مارتا تيميدو وزيرة الصحة السابقة خلال جائحة كوفيد-19 النتائج بنسبة 32.1% من الأصوات مقابل 31.1% لمرشحي الائتلاف الحكومي الذين يقودهم الصحافي سيباستياو بوغاليو (28 عاما).
وبحسب النتائج التي شملت جميع الدوائر الانتخابية حل حزب تشيغا اليميني المتطرف في المركز الثالث بحصده 9.8% من الأصوات وهي نتيجة أدنى بكثير عن حصيلته في الانتخابات التشريعية (18%).
وفي فنلندا حقق حزب "تحالف اليسار" تقدما بحصده 17.3% من الأصوات و3 مقاعد من أصل 15 مخصصة لفنلندا في البرلمان الأوروبي وفق النتائج المعلنة بعد فرز 99% من بطاقات الاقتراع.
كما عزّز الائتلاف الوطني (يمين الوسط) بزعامة رئيس الوزراء بيتري أوربو مكاسبه بحصده نحو 25% من الأصوات بزيادة 4 نقاط تقريبا.
وتراجعت شعبية "حزب الفنلنديين" اليميني المتطرف المشارك في الائتلاف الحكومي بحصوله على 7.6% من الأصوات أي بانخفاض قدره 6.2% ولن يحصل إلا على مقعد واحد.
وفي السويد حقق حزب الخضر تقدما بحصوله على 15.7% من الأصوات بزيادة قدرها 4.2 نقاط وفق استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته قناة "إس في تي" التلفزيونية. وتقدم "حزب اليسار" أيضا (+4 نقاط إلى 10.7%) بينما سجل اليمين المتطرف الذي يمثله "حزب ديمقراطيي السويد" تراجعا بمقدار 1.4 نقطة إلى 13.9%. وحافظ الاشتراكيون الديمقراطيون على موقعهم في المقدمة بنسبة 23.1%.
أما في بولندا فقد حصل الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على 38.2% من الأصوات مما يمنحه 21 مقعدا في البرلمان الأوروبي وحل حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي ثانيا بحصوله على 33.9% مما يمنحه 19 مقعدا في بروكسل.
268f851078