إن إتفاق غزة الذي يبدو مستحيلا اليوم بالنظر إلى مطامع الأمريكي وصلف الإسرائيلي قد يجعل العدوّ غدا يتوسّل إتفاقا غير مشروط..
إن الأمريكي لم يكن ينتظر أن ترنو عيون بوتن إلى بولندا خاصة وأنه لم يحسم بعد في أوكرانيا ، لكن فلاديمير بوتن رجل مخابراتي خبير ولايمكن أن يخطو خطوة نحو بولندا إلا إذا كان قد قرّر الحسم في أوكرانيا بشكل يناسبه ودون الذهاب إلى إتفاقات مع الأمريكان أو حلف الناتو ، ويبدو أن خطة الحسم قد باتت جاهزة وإلا ماكان ليلفت أنظار العالم إلى نواياه في ضم بولندا بعد أوكرانيا ، ويبدو أننا على وشك مشاهدة العلم الروسي وهو يرفرف في سماء كييف قريبا في الوقت الذي يستعد فيه دونالد ترامب لتهجير أهالي غزة وضرب إيران وصنعاء وا-لحشد الشعبي في العراق ويستعرض عضلاته على دول شمال إفريقيا..
إن خروج خبير إقتصادي إسرائيلي لدعوة اليهود إلى مغادرة أوروبا في الحال لا تأتي من فراغ ، ولكن أين سيذهب اليهود بعد كل تلك المجازر التي إرتكبوها في غزة وبعد أن دمّروا سوريا ؟ أين سيجدون من ينسى تاريخهم الدّموي في غزة وكلّ الأراضي المحتلة ويستقبلهم بين مواطنيه ؟ وإذا كانت هناك دولة تقبلهم فأين هو الشعب الذي يستقبلهم بين أبنائه بعد أن أفسدوا الحرث والزّرع في كلّ المنطقة ؟
في الوقت الذي جمع فيه ترامب قياداته العسكرية من كل أنحاء العالم إستعدادا لضرب إيران يفاجؤه بوتين في بولندا ، ولا نعرف إن كان الغد يخبّئ تحرّكا صينيا بإتجاه تايوان ليُجهز الدب الروسي والتنين الصيني على كل أحلام ترامب في إعادة صياغة الخرائط في المنطقة العربية وإبرام سايكس بيكو أمريكي والتوسّع الأزرق في الشرق الأوسط ووضع اليد على كلّ موارده وتهديد المصالح الروسية والصينية في الشرق وفي شمال إفريقيا بما يمثّل تهديدا وجوديا لكليهما..
، نعود إلى غزة..
أية دولة ستستقبل اليهود الهاربين من أوروبا وأيديهم لاتزال ملطّخة بدماء الأطفال؟ وهل سيتحتّم عليهم أن
يسبّقوا السبت ليجدوا الأحد على حدّ تعبير إخوتنا المصريين..؟
من سيستقبل اليهود إذا إندلعت الحرب بين روسيا والصين من جهة وحلف الناتو من جهة أخرى خاصة وأنهم لن يلجؤوا لدول تحتضن فوقها قواعد عسكرية أمريكية لأنها ستكون تحت خطّ النار.
إن خطة ترامب الجديدة التي تهدف إلى التحكم في سوق الدواء العالمي وتحركاته العسكرية بإتجاه إيران ستعجّل بالحسم الروسي في أوكرانيا وقد تفكر الصين في التحكم في الرقائق الإلكترونية العالمية بإستعادة تايوان لتحافظ على وجودها إزاء المطامع الأمريكية المجنونة..
نحن اليوم أمام متغيرات دولية أشبه بالتحالفات التي تسبق الحرب ، وحرب الموارد والمعابر والمياه هي حرب وجود قد تأخذ الكلّ إلى حرب تكتيكية أو حرب طاحنة رغم أن دونالد ترامب لا يزال يملك قرار الحرب والسّلم في يده لو فكر في التحرّر من الهيمنة الإسرائيلية على القرار الأمريكي..
( سارة بن حسين )