بسم الله الرحمن الرحيم
تونس في 22/02/2009
"واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا.."(آل عمرا ن 103)
صدق الله العظيم
من واقع الآلام العظيمة لأمة مزق الاستعمار أوصالها، فنهب خيراتها، وزرع في موقع القلب منها كيانا سرطانيا ليكون رأس جسر العدوان على وجودها القومي بالتوافق الصريح والضمني مع أنظمة ومنظمات تسربلت بالعباءات الوطنية والمحلية وانبرت ُتعملُ معاول الهدم في جسمها المثخن؛ فمن آلام ذلك الواقع الذي تجرع أحرار الأمة مرارته ، كان يوم 22 فيفري/شباط 1958 يوما تاريخيا التحمت فيه الإرادة الثورية بالآمال العظيمة، فارتفعت راية الوحدة العربية خفاقة معمدة بدماء الشهداء وبعرق الكادحين في المزارع والمصانع وارتفع معها هتاف الملايين في سورية قلب العروبة النابض ومصر الكنانة وفي مختلف أرجاء الوطن العربي ليعلن أن الزمان الذي كان فيه مصير الأمة العربية- وطنا وشعبا- يتقرر في العواصم الغربية وعلى موائد المؤتمرات الدولية أو في قصور الرجعية المتحالفة مع الاستعمار قد بدأ بالأفول، وأن الإنسان العربي قد قرر استعادة حقه الطبيعي في صنع حياته الحرة بدون وصاية من أحد.
لقد كان قيام الجمهورية العربية المتحدة ثمرة النضال المرير للقوى الوحدوية وتصديها الشجاع للحملات العسكرية لقوى الاستعمار ومؤامراته المتنوعة، ولعبث قوى الطابور الخامس وتخريبها في الداخل، فقد كان حدثا تاريخيا عظيما جسد قمة الرفض للواقع العربي البائس ورفع سقف المواجهة مع أعداء الأمة، وأنار السبيل أمام الجماهير العربية وقواها المناضلة وضبط بوصلة النضال العربي وحدد غاياته على أساس المبادئ القومية التقدمية وليس على حسابها..على أساس مبدأ سلامة الوجود القومي وواجب الذود عنه مهما كانت شراسة الأعداء وجسامة التضحيات.. على أساس وحدة الهدف بين القوى التقدمية في مواجهة تجمع القوى الرجعية والانتهازية المتحالفة مع الاستعمار وضربهما معا لتحقيق الحرية السياسية والحقوق الاجتماعية للإنسان العربي.. على أساس النضال التحرري المشترك مع شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية ضد الإمبريالية العالمية والنظام الرأسمالي. وكل ذلك، على أساس العقيدة القومية المفعمة بالإيمان والمبادئ الإنسانية الخالدة وليس على أساس موازين القوى الدولية القائمة آنذاك، وإن كان لموازين القوى تلك اعتبار لا مناص من أخذه في الحسبان.
إن الوحدويين الناصريين بتونس وهم يحيون الذكرى الواحدة والخمسين لقيام الجمهورية المتحدة، يؤكدون :
1. على أنه رغم خسارة الأمة العربية لذلك الإنجاز التاريخي الجبار بفعل تكالب الأعداء عليه مستفيدين من أخطاء الممارسة، فإن الجماهير العربية وقواها المناضلة لا تزال متمسكة بالوحدة العربية ورمز نضالها، ومصممة على المضي قدما حتى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للنضال العربي وبناء دولة العرب الواحدة على كل شبر من الوطن العربي، دولة العرب التي حدد ماهيتها القائد الرمز جمال عبد الناصر حين قال : "دولة تحمي ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تقوي ولا تضعف، توحد ولا تفرق، تسالم ولا تفرط ، تشد أزر الصديق ترد كيد العدو ، لا تتحزب ولا تتعصب، لا تنحرف ولا تنحاز، تؤكد العدل تدعم السلام، توفر الرخاء لأبنائها ولمن حولها وللبشر جميعا بقدر ما تطيق".
2. على أن الوحدة العربية لن تتحقق تلقائيا بمجرد الاقتناع بها حد الإيمان والصبر على الزمان لينجز لنا ما نريد مكتفين بلعن التجزئة وتجريم أعداء الوحدة، بل إن تحقيقها هو ثمرة عمل دءوب ونضال شاق يخوضه الوحدويون بإيمان عميق وعزيمة وهمة، مطهرين من لوثة الإقليمية ومن الانفصام النفسي والذهني الذي يبعثر شخصية المناضلين ويمتص مقدرتهم على العمل الإرادي.
3. على أن القوى الوحدوية وهي تتقدم إلى غاياتها النبيلة لا تجزع من معاناة آلام النضال، فتقهر الألم بالثقة في النصر.. لا تعرف مشكلة إلاّ في إطارها القومي، لا تلهيها الجزئيات المرحلية فتحلها دائما بما يتسق مع أهداف النضال القومي..تناضل بإصرار في سبيل تحرير الإنسان العربي من قيود الاستبداد الذي تمارسه أنظمة سايكس –بيكو ومن ربقة الاستغلال الرأسمالي الذي فرض عليه بقوة القهر والبطش.
· المجد والخلود لشهداء الأمة العربية الأبرار
· عاش نضال جماهير الأمة العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة
الوحدويون الناصريون بتونس