ما يجب علينا اتجاه علماءنا

0 views
Skip to first unread message

الإدارة العليا

unread,
Oct 18, 2008, 11:12:07 AM10/18/08
to مركز تحفيظ القرآن الكريم جامعة الامارات, alg...@hotmail.com
ما يجب علينا اتجاه علماءنا



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة السلام على خير الورى
والمكرمات، محمد - صلى الله عليه وسلم - عدد هبوب الرياح والنسمات، وعلى
آله وصحبه أهل الفضل والعبرات.

أما بعد:

لما انتهيت من بيان من هم العلماء وكيف يعرفون ناسب أن أتحدث عمن يشبههم
وليس منهم حيث نرى أنه اختلط الحابل بالنابل، وصار الناس لا يميزون بين
من هو عالم وغير عالم.

ولعل السبب الرئيس في ذلك ما نراه من قدرة الكثيرين من الناس على القراءة
وساعد في ذلك كثرة الكتب المطبوعة لعلماء المسلمين المحتوية على سنة سيد
المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الأحكام الشرعية.

وهذا الأمر مع أنه نعمة من نعم الله - عز وجل - أنه قد يكون سببا
للانحراف عن الحق، وذلك إذا تصدى الناس بسبب انتشار الكتب بينهم للنظر في
النصوص دون معرفة أصول النظر، وقواعد الاستنباط، ودون معرفة لعوارض
الأدلة ودفع التعارض وأساليب الترجيح، وما إلى ذلك، فهذا ما حذر منه ابن
عباس -رضي الله عنهما- من مسارعة الناس في القراءة دون فقه وفهم لما تؤدي
إليه من انحراف عن الحق، فعنه - رضي الله عنهما - قال: "قدم على عمر رجل
فجعل عمر يسأله عن الناس.، فقال: قد قرأ القرآن منهم كذا و كذا، فقلت: و
الله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة، قال: فزبرني
عمر ثم قال: مه، فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا فقلت: قد كنت نزلت من
هذا بمنزلة، و لا أراني إلا سقطت من نفسه فاضطجعت على فراشي حتى عادني
نسوة أهلي وما بي وجع. فبينما أنا على ذلك قيل لي أجب أمير المؤمنين،
فخرجت، فإذا هو قائم على الباب ينتظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما
الذي كرهت مما قال الرجل آنفا؟ قلت: يا أمير المؤمنين إن كنت أسأت فإني
أستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتخبرني، قلت: متى ما
يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا، ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى يختصموا
يختلفوا، ومتى يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك لقد كنت أكتمها الناس حتى
جئت بها" رواه عبد الرزاق في المصنف (11/217).

ولقد كانت الخوارج يقرءون القرآن ولكنهم لم يكونوا أهل فهم وعلم، يقول
الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم" رواه
البخاري (1/53)، قال الإمام النووي - رحمه الله -: (المراد أنهم ليس لهم
فيه حظ إلا مروره على ألسنتهم لا يصل إلى حلوقهم فضلا عن أن يصل إلى
قلوبهم لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب).

وقد كثر القراء في زماننا فقل الفقهاء العارفون بما جاء عن الله و رسوله
- صلى الله عليه وسلم -، وكثر القراء في الكبار والصغار، والرجال
والنساء، بسبب كثرة المدارس وانتشارها، وهناك بون شاسع بين القارئ للعلوم
الشرعية والفقيه فيها.

إن القارئ لديه نتف وجزئيات أمسك بها من خلال قراءته لبعض الكتب وإطلاعه
على أقوال أهل العلم فهو لم يعان العلم، ولم يشافه العلماء ولم يزاحمهم
بالركب في الحلق، ولذلك فإنه وإن رأيته منطلقا في موضوع من موضوعات الفقه
والشريعة إلا أنه يغلق عليه عندما يسأل في مسألة من مسائل العلم، فهم كما
قال الخطيب البغدادي - رحمه الله -: (قد رأيت خلقا من أهل هذا الزمان
ينتسبون إلى الحديث ويعدون أنفسهم من أهله، المتخصصين بسماعه ونقله، وهم
أبعد الناس مما يدعون، وأقلهم معرفة بما إليه ينتسبون، ويرى الواحد منهم
إذا كتب عددا قليلا من الأجزاء واشتغل بالسماع برهة يسرة من الدهر أنه
صاحب حديث على الإطلاق، ولما يجهد نفسه ويتعبها في طلابه، ولا لحقته مشقة
الحفظ لصنوفه وأبوابه)، الجامع في أخلاق الراوي و آداب السامع (1/75).

وهناك صنف آخر، ما يعرفون بالمفكرين الإسلاميين إن صح التعبير فهؤلاء لهم
فهم عام للإسلام مع الإطلاع على مجمل القضايا التي تعد مفرق الطرق بين
الإسلام والأديان والمذاهب المعاصرة الأخرى، مثل: المادية وفصل الدين عن
الدولة...إلخ .. وهم إلى ذلك يحملون هم الدعوة ونشر الدين ويملكون وعيا
بالقضايا المستجدة واطلاعا على الحضارة الغربية، وأوجه نقدها إلى ما إلى
ذلك... فهؤلاء ليسوا من علماء الشريعة وإنما هم مفكرون كما أسلفت الذكر
يستنار برأيهم ويستفاد من علمهم في الجوانب التي أجادوا فيها، ولا يخلط
بينهم وبين العلماء فلن يغنوا عن العلماء شيئا إلا في حدود علمهم
وقدراتهم.

وينضاف إلى هذه الزمرة طائفة من المثقفين وهم: ذوي التخصصات العلمية
برزوا فيها، كالطب والهندسة وعلم النفس و علم الاجتماع،... إلخ..

فهؤلاء وإن يحمد لهم تخصصهم في مثل هذه العلوم فصاروا مرجعا فيها إلا
أنهم غير مختصين في العلوم الشرعية، وهم في الإصطلاح العلمي الشرعي من
جمهور المسلمين وعوامهم يجب أن يكونوا وراء العلماء.

ويجب أن يرجعوا للعلماء في أمور الشريعة، ويكونوا عونا لهم في شرح واقع
تخصصاتهم، وكلامهم يجب أن يكون محكوما بالشرع، وإلا كانوا أشبه بأهل
الكلام إذ تكلموا في أمور الشريعة وأحوال الأمة العامة على أساس من
العقول والأهواء، وإطلاق القول بالمصالح دون نظر في الآثار.

لهذا يجب معرفة هذا الفرق بين العلماء وغيرهم وعدم الخلط فيهم، فقد جر
على الأمة ويلات ومهالك من جراء عدم التفرقة -عفاني الله وإياكم من مضلات
الفتن-.

ولا يفوتني أن أضيف إلى ما تقدم صنف آخر يقع اللبس فيه كثيراً لكثرة
تشابهه في الظاهر بالعلماء وهم الخطباء والوعاظ.

حيث كان في قديم الزمان والصدر الأول أن الخطباء والوعاظ كانوا من
العلماء والفقهاء ثم تطور الأمر بعد ذلك حتى صار يعظ الناس من ليس بعالم
ولا فقيه.

قال ابن الجوزي - رحمه الله - في تلبيس إبليس (ص 127): (كان الوعاظ من
قديم الزمان من العلماء والفقهاء، وقد حضر عبد الله بن عمر مجلس عبيد بن
عمير، وكان عمر بن عبد العزيز يحضر مجلس القاص مع العامة بعد الصلاة
ويرفع يديه إذا رفع، حتى إذا خست هذه الصناعة تعرض لها الجهال فأعرض عن
الحضور المميزون من الناس، وتعلق بهم العوام والنساء) انتهى كلامه - رحمه
الله -.

أخرج البخاري في الأدب المفرد (ص 346) أن ابن مسعود - رضي الله عنه -
قال: (إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه، وإن بعدكم زمانا كثير
خطباؤه قليل علماؤه).

وإن العالم قد يكون عيبا لا يحسن الكلام، أو هو بطبعه قليل الكلام غير
قادر على الخطابة وقد يكون من العوام من هو بليغ اللسان يقلب الألفاظ كيف
شاء.
Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages