وهي القوافي التي يكون فيها حرف الروي محركاً بحركة (المجرى) وحركة المجرى طبعا ً إمّا الضمة أو الفتحة أو الكسرة وتشبع هذه الحركات إلى حروف لين (26) الواو والألف والياء على التوالي لذلك تسمى بالقوافي المطلقة وهذه القوافي يأتي بعد رويها حرف (الوصل) بأنواعه وربما يلحقه حرف لين آخر هو (الخروج) ويسبقه إمّا حرف عادي أو حرف ردف أو حرفا التأسيس والدخيل وسنفصل الأمر بالنقاط الآتية:
1- قافية مطلقة مجردة من الردف والتأسيس ولابدّ لحرف رويها الأخير من وصل إذ تتحول حركة الروي (المجرى) إلى حرف لين بعد الإشباع وإليك أمثلة من شعر السيد جعفر الحلي:
حرف الروي للقافية المطلقة هو الدال بالرغم من أن الألف المقصورة في البيت الأول حرف أصلي وإن كان الحرف الأصلي ألفا ممدودة يجري الحكم نفسه إذا التزم الشاعر بالحرف السابق له فيعدّ السابق للألف هو الروي كالصاد في البيت التالي:
فكلُّ حروف العلة إذا التزم الشاعر الحرف السابق لها يُعتبر رويا فيصبح حرف العلة وصلاً وإذا لم يلتزم الشاعر بالحرف السابق لها تكون هي حرف الروي وفي حالة الألف تسمى القصيدة المقصورة وكما ذكرنا من قبل ألف الأثنين الملحقة بالفعل أيضا لا تحسب روياً وإنما وصلاً. وذكرنا قول الراعي النميري (يا صاحبي دنا الأصيلُ فسيرا) ألف الأثنين المرفق بالفعل (سِير) وصل والروي الراء. وقد تتصل الهاء الساكنة أو الهاء المتحولة من تاء التأنيث الساكنة مثل قول المتنبي:
الروي في البيتين الهاء لأن حرف الياء قبلها ساكن والوصل الياء المتولدة من إشباع حركة الكسر فالقافية هائية مطلقة وقد تكون القافية مطلقة ووصلها كاف المخاطب ولكن يجب أن يلتزم الشاعر بالروي مثل قول دعبل في هجاء أحمد بن أبي دواد:
2 - قافية مطلقة مجردة من الردف والتأسيس فالروي محرك بحركة المجرى ولكن بعد الروي يأتي حرفان الوصل والخروج وطبعاً هذان الحرفان لا يمكن أن يدخلا على القافية المقيدة لأن حرف الروي فيها ساكن وينتهى الأمر أمّا القافية المطلقة التي يلي حرف رويها حرفان الأول الوصل والثاني الخروج وما بعد الخروج خروج! مثالها قول السيد حيدر الحلي:
الروي الباء المضمومة فالقافية مطلقة والهاء وصل , وضمة الهاء تشبع إلى واو ساكنة وهي الخروج وإليك مثال آخر من دعبل:
جائز عند أقطاب المدرستين البصرية والكوفية بالإجماع وشائع جدا في الشعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا وقد قال ابن مالك عنه في (ألفيته):
" لا خلاف بين البصريين والكوفيين في جواز قصر الممدود للضرورةواختلف في جواز مد القصور فذهب البصريون إلى المنع وذهب الكوفيون إلى الجواز..." (37)
والسعلاء والخواء واللهاء كلّه مقصور في الأصل ومدّه لضرورة الشعر فدلّ على جوازه هذه وجهة نظرنا فنحن على مذهب الكوفيين كالمتنبي والجواهري في هذه المسألة (إذا أردت التوسع. (42)
يعني تبليغ وإشباع الحركة حتى يتولد منها حرف من جنسها , لكي يستقيم الوزن , فنشبع الضمة إلى الواو والكسرة إلى الياء والفتحة إلى الألف وكما شرحنا من قبل - في علم العروض - أنّ الكم الصوتي لحرف اللين أكبر من الكم الصوتي للحركة المجانسة له ولكن ليس بكثير فيمكن في حالات خاصة لضرورة إشباع الحركات لتولد حروف لينها أو اختلاس الحروف لتصبح حركات جنسها وقد يكون الإشباع واجباً نظراً لأحكام الشعر كالحركات الأخيرة لصدر البيت وعجزه وإليك قول مجنون ليلى وقد أشبع حركة الفتح في قافية الصدر والعجز إلى الألف:
البيت من (الطويل) يمكن عدم إشباع حركتي الفتح للكافين فتقبض تفعيلتي (فعولن مفاعيلن) فتصبحان (فعولُ مفاعلن)وهما من جوازات الطويل فيكتب البيت على الشكل الآتي:
ولكن يجب إشباع حرف الخاء لاستقامة الوزن ناهيك عن إشباع الهاء فهو لازم وكذلك قول الفرزدق وقد أشبع حركة الفتحة في راء الورَق لتصبح وراق حتى يستقيم الوزن:
لم يشبع الشاعر الهاء في كلمة (بقاياهُ)ولو أشبعها لانكسر الوزن تعال معي رجاءً سأقطع لك صدره الذي يتضمن (بقاياه) البيت من الطويل وللطويل عروضة واحدة مقبوضة فتفعيلات الصدر (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن) إذاً:
وقد حذفت الألف حين كتابة الشعر كي يعلم القارئ الكريم أنَّ الاختلاس ضرورة وإليك حين تريد قطع همزة وصل ضرورة من المفروض أن تضع القطعة فوقها أو تحتها كما في كلمة (الاثنين) حين قطعها في الشعر فقط ضرورة تكتبها هكذا (الإثنين) وهذا لا يجوز في النثر مطلقاً.
وقد لا تكتب بعض الضرورات الشعرية في دواوين لشعراء مشهورين أما السببه فقد يكون الإهمال أو من باب الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع فيترك أمر القراءة لنباهة القارئ اللبيب أو لقلة معرفة المشرفين على الطبع فمثلاً من أشرف على دواوين الجواهري الكبير وقعوا في هذا الخطأ المطبعي أو الجواهري نفسه تركه لذوق القارئ وثقافته وهي نادرة جداً ونحن نذكرها لغرض الدراسة والبحث والأمانة العلمية فمثلاً قد اختلس ياء (حمورابي) في البيت التالي (البسيط):
لكي لا نطيل عليك ونترك سعة للراحة والتأمل والإعادة والإفادة ولك أنْ تحسب ما تشاء (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) شكراً لصبركم الجميل.
(26) بعض المصادر تذكر تشبع الحركات إلى حروف مد وهي ليس بخطأ إذا كانت حركات الروي أو الوصل من جنس الحركة المشبعة وهو الغالب الأعم ولكن في (النغم الشعري عند العرب) للدكتورين المذكورين سابقاً ص253 يستخدمان حروف اللين بمكان المد وأنا معهما لأن حروف اللين أعم أي كل حرف لين بالضرورة هو حرف مد والعكس غير صحيح -راجع الهامش في الحلقة الثانية.
268f851078