تأسست في مدينة الطائف الحجازية قبل الإسلام دار الحكماء وهي مؤسسة علمية و ثقافية عربية أسستها لبابة بنت ناصرة الثقفية في الطائف وهي والدة حكيم و قاضي العرب عامر بن الظرب العدواني وكانت دار يطلب فيها العلم ويجتمع فيها حكماء الحجاز ونجد والوجهاء والنسّابة والأدباء وتدَّون فيها الكتب وتُعقد بها الندوات[15] وكان من روادها القُضاةِ والحنفاء العرب قديمًا من أمثالِ قس بن ساعدة حربِ بن أُميّة وذي المجاسد اليشكريّ والحارث بن عباد وخالد بن سنان الغطفاني الخنساء وكانت العرب تبعث بأولادها إليها ليتعلّموا الأنساب والعلومَ والأدب وتعاليم ملَّة إبراهيم الحنيفية وأكثرهم ذلك قُرَيْش التي أرسلت بعض أبنائها إلى دار الحكمة لطلب العلم.[16]تتكون الدار من طابقين الطابق العلوي يضم قاعات خاصة بخزائن الكتب وأقسام النسخ والتأليف والتوثيق والمطالعة والدراسة في كل مجال من مجالات المعرفة والعلوم والآداب اما قاعات الطابق السفلي فكانت خاصة باجتماع الادباء والنسابة والمؤرخين والأطباء والدارسين.[17]
يمتاز مناخ الطائف باعتدال الحرارة في الصيف والبرودة في الشتاء باستثناء أطرافه الجنوبية التي قد تصل فيها درجة الحرارة إلى درجة التجمد وأما صحاريه الشمالية والشرقية تزيد فيها درجة الحرارة صيفاً والأمطار موسمية تكثر في فصل الربيع والهواء يميل إلى الجفاف وترتفع نسبة الرياح العاصفة وتقل في المناطق الجبلية عنه في المناطق الصحراوية.[18]
وقد عاش أهل الطائف في مستوى هو أرفع من مستوى عامة أهل الحجاز فقد رزقوا فواكه أكلوا منها وجففوا بعضًا منها مثل "الزبيب" وأكلوا وصدروا منه ما زاد عن حاجتهم كما اقتاتوا بالحبوب واللحوم, حتى حظ فقراء الطائف هو أرفع وأحسن درجة من حظ فقراء المواضع الأخرى من الحجاز وكان رؤساؤها من المثرين الكبار لهم حصون يدافعون بها عن أنفسهم وعن أموالهم ولهم علم بالحرب. ولحماية مدينتهم أقاموا حصونًا على مسافات منها وحوطوا مدينتهم بسور حصين عالٍ يرد من يحاول دخولها وجمعوا عندهم كل وسائل المقاومة الممكنة التي كانت معروفة في ذلك العهد مثل أوتاد الحديد التي تحمى بالنار لتلقى على الجنود المختفين بالدبابات وغير ذلك من وسائل المقاومة والدفاع كما كانوا قد تعلموا من أهل اليمن مثل مدينة "جرش" صناعة العرادات والمنجنيق والدبابات وكان أغنياء "الطائف" كأغنياء مكة وأغنياء المواضع الأخرى من جزيرة العرب, أصحاب ربا. ولما أسلموا اشترط عليهم الرسول ألا يرابوا ولا يشربوا الخمر وكتب لهم كتابًا وكانت لهم تجارة مع اليمن ولكننا لا نسمع شيئًا عن قوافل كبيرة كقوافل أهل مكة كانت تتاجر مع بلاد الشام أو العراق ولعلهم كانوا يساهمون مع تجار مكة في اتجارهم مع تلك الديار
كان الملك عبدالعزيز يفضل الابتعاد عن مدينة الرياض في الصيف و لا يطيق حر مكة المكرمة و لا رطوبة جدة و لكنه ألف الاصطياف في ضاحية الحوية على مقربة من مدينة الطائف و يلاحظ أن مناخ الطائف شديد الجفاف و الحوية ألطف جوا.[27] و لقد أمضى الملك عبدالعزيز آخر ثلاثة أشهر في حياته متنقلا في مصيفه المعتاد بين الحوية و الطائف و أكثرها في الحوية و توفي هناك و أقيمت صلاة الميت عليه في الحوية ثم نقلت جثمانه إلى الرياض و دفن في مقبرة العود.[28]
نظراً لازدهار الطائف في العصر الجاهلي القريب من صدر الإسلام ارتفعت مكانة الطائف الاجتماعية على سبيل المثال منهم: حبر الأمة الإسلامية عبدالله بن عباس وعمرو بن العاص وأولاده وأحفاده وزياد بن أبيه الذي كان مولده بالطائف وجُمعت له ولاية العراق وخراسان وسجستان والبحرين وعُمان وكان أحد الدهاة العرب آنذاك والحجاج بن يوسف الثقفي الذي تولى إمارة الحجاز والعراق في العهد الأموي والشاعر العرجي الذي ولد في العرج إحدى قرى الطائف وهو من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأيضاً المغيرة بن شعبة الثقفي أحد دهاة العرب وطريح بن إسماعيل الثقفي الشاعر وعثمان بن ربيعة الثقفي الذي حكم الطائف وحارب أهل الردة وقال في ذلك شعراً:
وأيضاً منهم القاسم بن أمية بن أبي الصلت الثقافي وهو صحابي وشاعر ومنهم أمية بن أبي الصلت الشاعر ومنهم والده الشاعر أبو الصلت الثقفي وكنانة بن عبد ياليل أحد رؤساء ثقيف الذي أبى أن يدخل في الإسلام وبقي على دين الجاهلية ومات في أرض الروم ومن النساء بادية بنت عبد الله الثقفية الصحابية التي كتمت إسلامها عن قومها وهي بالطائف من حين خروج النبي ﷺ من مكة إلى الطائف وقد ماتت في الطائف وهي مسلمة والفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية بن أبي الصلت الذي آمن لسانه وكفر قلبه حسداً لرسول الله ﷺ أن الله اختصه بالرسالة.
من أبرز شعراء الطائف أبو الصلت الثقفي وأبنة الشاعر أمية بن ابي الصلت والشاعر القاسم بن أمية بن أبي الصلت الذي ترجم له الحافظ بن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة وذكر مرثيته في الخليفة عثمان بن عفان منها:
ومن شعراء الطائف المحدثين الشاعر عثمان بن عبد الرحيم قاضي الذي كان مديراً لإدارة البريد والبرق والتليفون في الطائف وقد تحدث عنه خير الدين الزركلي في كتابه "ما رأيت وما سمعت" قائلاً: " وزرت دائرة البريد والتلفون في الطائف فرأيت في صدرها الأعلى هذا البيت لكعب بن سعد من قصيدة:
مما دعا الزركلي إلى أن يسأل عن من أختار هذا البيت الشعري وأيضاً من الشعراء صبحي الحلبي الذي تحدث عنه محمد سرور الصبان في كتابه أدب الحجاز حين أورد قصائد صبحي منها هذه القصيدة التي تدعو إلى العودة إلى المجد القديم:
يعتبر من أكبر أسواق العرب وكان يُقام في أول شهر ذي القعدة ويستمر حتى العشرين من الشهر ثم يرتحلون الناس منه متجهين إلى سوق مجنة ثم إذا أهل شهر ذي الحجة ارتحلوا إلى سوق المجاز إلى يوم التروية فيبدأ الحج وقد كان الناس يفدون إلى سوق عكاظ من جميع انحاء الجزيرة العربية لعرض منتوجاتهم حيث كانت تُجلب مصنوعات هجر والعراق وغزة ومن البوادي السمن والأغنام ومن اليمن الجلد وأنواع الطيب والحرير والأحذية والزيوت والزبيب والسلاح من الشام وغيرها[36] وقد أُختلف في تحديد موقعه بين المؤرخين وقد اتفقوا في أنه نخل في وادٍ بينه وبين الطائف مسافة ليلة وبينهُ وبين مكة مسافة ثلاث ليالٍ وبه كانت تقام سوق العرب بموضع يُدعى الأثيداء وقد أهتم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود حين كان أميراً بتحديد موقع سوق عكاظ حين كلف الدكتور عبدالوهاب عزام بزيارة المنطقة والتحقق من آثاره الباقية مما جعلهُ يؤلف كتاباً بعنوان: عكاظ قائلاً :إن موقع عكاظ في الحوية إحدى الضواحي الشمالية لمدينة الطائف ويبعد عن مطارها قرابة عشرة كيلاً من الناحية الشرقية عند ملتقى وادي شرب ووادي الأخضر[37] وقد ذُكرت فيه القصائد الكثيرة وأغلبها موجودة في كتاب عكاظ في المدونة الشعرية للمؤلف حماد بن حامد السالمي.
03c5feb9e7