هل يمكن تعويم الدينار الجزائري ؟
تعويم العملة هو إخضاع قيمتها للعرض و الطلب و جعلها قابلة للتحويل للعملات الأخرى بحرية. و هو ما يسمى convertibilité de la monnaie،
فهل الظروف اليوم
تسمح بالقيام بهذه الخطوة للقضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة ؟

الجواب هو قطعا لا، بل إن الظروف اليوم أسوأ من الأوقات الماضية.

لقد عمد البنك المركزي الجزائري منذ بداية الألفية الثانية إلى مواكبة سعر الصرف الموازي بشكل سلس حتى لا يكون الفرق شاسعا بين سعر الأورو و الدولار في البنك و سعره في السكوار بالإضافة إلى تفادي أي ضغط على الطلب الذي سيؤدي إلى الإخلال بالموازنة الضعيفة التي كانت كشعرة معاوية

لكن منذ مجيئ هذه حكومة الحالية قامت بعكس ما كان يقوم به بنك الجزائر منذ عقدين كاملين بحيث رفعت من قيمة الدينار الرسمي بالرغم من أن الاقتصاد يتطلب العكس و زادت من الطلب على الأورو في السوق الموازية بخلق إجراءات الاستيراد سواء للسيارات أو ما سمته بتجارة الكابة (الشنطة). أصبح الفارق 100٪ و الإغراء للربح السريع يستحق العناء.

أما شروط تعويم العملة فيمكن تلخيصها في 4 نقاط أساسية وهي شروط غير متوفر :

الأول و هو الأهم يتعلق بالاقتصاد التنافسي الذي يستطيع انتاج سلع تنافسية يمكنها إدخال العملة الصعبة و بيع المنتوجات الجزائرية في العالم. إن الاقتصاد الجزائري يعتمد في صادراته بنسبة 90٪ على المحروقات و هذا المنتوج الريعي يمتاز بالتقلب الدائم و النزوات التي لا يمكن توقعها. إن تعويم الدينار يجعل الطلب على تحويل للعملة الصعبة في السنوات الأولى كبيرا و لا يمكن لعائدات البترول وحدها أن تواجه الطلب و قد يفضي هذا التعويم إلى انهيار كلي للنظام المالي.

أما الشرط الثاني فهو احتياطي الصرف الذي ينبغي أن يكون قادرا على مواجهة الطلب الكبير على العملات الصعبة الذي يصحب التعويم خاصة في البداية. وهنا أشير إلى أن احتياطي الصرف الذي كانت تتمتع به الجزائر نهاية 2012 (196 مليار دولاو) هو ما جنب الجزائر الدخول في أزمة مالية خانقة بين 2012 الى 2020 خاصة بسبب طبع ما قارب 6000 مليار دينار بين 2016 و 2017. و اليوم احتياطي الصرف أقل من 40 مليار دولار ما يعادل عام من الواردات و أي ضغط على ميزان المدفوعات سيدفعنا إلى المديونية، و التي في الحقيقة ستأتي أسرع مما نتوقعه !!!

الشرط الثالث هو وجود سوق مالية نشطة سواء البورصة أو البنوك القوية، و الحقيقة أن نظامنا المالي متخلف لدرجة لا توصف بحيث تمثل البورصة 1٪ من مجمل التعاملات الاقتصادية في حين تسيطر 6 بنوك عمومية على 90٪ من السوق البنكية. هذا مع غياب كامل لأي ابتكار و تجديد في هذا الجانب...

أما الرابع فهو قدرة المجتمع و الدولة على مواجهة آثار التعويم السلبية خاصة التضخم الحتمي الذي يصحب التعويم و الذي يتجاوز حسب الدراسات 30٪.
إن علاقة الثقة بين الشعب و السلطة لا تزال هشة و لا يمكنها إطلاقا تحمل تبعات تعويم كلي للدينار بل قد يفضي إلى أزمة سياسية و اقتصادية يصعب الخروج منها...

و في الأخير تبقى مشكلة السوق الموازية للعملة الصعبة انعكاسا للسوق الموازية للدينار و السيطرة على سوق الدينار سينعكس على سوق العملة الصعبة. لكن الارتفاع الجنوني لسعر الأورو* قد يعكس أيضا خوفا من استقرار الاقتصاد و تراجع الثقة في الدينار. هذا يجعلنا نقول أن إرجاع الثقة في العملة و بشكل سريع أمر بالغ الأهمية لأن انهيارا في العملة يمكن أن يتسارع كما شهدناه في دول أخرى وصل بها الأمر إلى استعمال عملة الكترونية بدل عملتها كما كان الأمر في فنزويلا.
--------------------
* سعر الأورو ارتفع في السوق الموازية للعملة الصعبة حتى بعد رفع قيمة منحة السفر الحكومية وكام من المنتظر انخفاض سعلا العملة الصعبة!!!؟
07 ديسمبر 2025
صفحة :
Chems Eddine Benkhelil
https://www.facebook.com/share/p/17gKbrwXMc