المقاطعة الاقتصادية وأحكامها في الفقه الإسلامي[*]
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المهتدين، وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وبعد:
فإن أسلوب المقاطعة الاقتصادية أسلوب قديم حديث، فقد لجأت إليه شعوب عديدة عبر التاريخ، فالمشركون في صدر الإسلام - على سبيل المثال – حينما أرادوا في مكة أن يحاربوا النبي صلى الله عليه وسلم أول ما حاربوه لم تكن حرب السلاح وإنما كانت حرباً اقتصادية بالمقاطعة، لقد قاطعوه وأصحابه وأهله ممن انتصروا له من بني المطلب وبني هاشم وحاصروهم في شعب أبي طالب، ولم يبيعوا لهم، ولم يشتروا منهم، ولم يزوجوهم، ولم يتزوجوا منهم وذلك معناه: المقاطعة الاقتصادية.
وباعتبار المقاطعة من أهم أسلحة الحرب الاقتصادية فإنها غالباً ما تستخدم كوسيلة كفاح سلمي ضد دول محاربة ومعادية، بغية إضعاف قوتها، وكسر شوكتها، أو إرغامها على كف عدوانها وتغيير سياستها.
كما تعتبر المقاطعة الاقتصادية حقاً مشروعاً في السياسة الدولية لكل من يُمارس ضده عدوان كما في ميثاق الأمم المتحدة.
بل جاءت المقاطعة في كثير من الأحيان كوسيلة لتعزيز العامل الذاتي، والاقتصاد الوطني وتطوير القدرة الإنتاجية كما حدث في بلدان مختلفة.
ولا تقتصر المقاطعة على البعد الاقتصادي فحسب، بل تتعداه إلى أبعاد عديدة كالبعد الثقافي، والأخلاقي, والنفسي.
فنظراً لأهمية هذا الموضوع، وتأثيره الكبير، وتعدد مباحثه الفقهية، وحاجة المجتمع بأسره إلى أحكامه، سواء كانوا تجاراً أو مستهلكين، وسواء على الصعيد الشعبي أو القيادي، فقد رغبت في دراسة هذا الموضوع دراسة فقهية مقارنة تهتم بالفقه والدليل، والأخذ بالسياسة الشرعية، والنظرة المصلحية لمستقبل الأمة وحاضرها.
وقد جعلت البحث تحت عنوان: ((المقاطعة الاقتصادية وأحكامها في الفقه الإسلامي)) وقدمت إضاءات بين يدي هذا البحث لتوضيح بعض الجوانب فيه، تتعلق بالأمور التالية:
§ أهمية الموضوع
1- حاجة المجتمع الماسة والملحة إليه سواء على مستوى الأفراد والجماعات، أو على مستوى الشعوب والقيادات، وذلك بدراسة مفصلة لجميع جوانبه، وبيان الأحكام المترتبة عليه وبيان حدوده وضوابطه.
2- أسلوب المقاطعة الاقتصادية يعتبر سلاحاً فعالاً ومؤثراً، وفي نفس الوقت يعتبر أسلوباً حضارياً سلمياً، وله آثار قوية إذا استُخدم بفاعلية ووعي، ولا سيما أن الشعوب الإسلامية تعتبر رقماً صعباً من ناحية الكثرة العددية، والثروة الاقتصادية وهذا بدوره يؤكد على أهمية دراسة وبحث هذا الموضوع.
3- سهولة استخدامه حيث لا يمكن لأحد إجبار شخص على شراء سلعة معينة، أو معاملة شركة معينة.
4- علاقته المباشرة بالجانب الاقتصادي الذي هو صلب قوام الدولة وشريان حياتها وذلك من وجهين:
الأول: أن الدولة المقاطَعة يتأثر اقتصادها فتكون آيلة للسقوط.
الثاني: أن الدولة المقاطِعة يقوى اقتصادها، لأن المستهلك سوف ينصرف إلى السلع الوطنية , فينتعش الاقتصاد الوطني، وتقوى الدولة الإسلامية.
§ أسباب اختيار الموضوع
1- عدم وجود دراسة شرعية أكاديمية في هذا الموضوع، على الرغم من أهميته، ومسيس الحاجة إليه.
2- ما وجدته في نفسي من رغبة وميول في بحث هذا الموضوع بغية المساهمة في إثراء المكتبة العلمية بالتأصيل الشرعي، ولأجل إظهار ما اتسمت به الشريعة من كمال وشمول لشتى نواحي الحياة المختلفة، وما أوتي فقهاء المسلمين من فقه ثاقب، ورأي صائب في التعامل مع المستجدات على ضوء نصوص الشرع وقواعده العامة.
3- ما لقيته من دعم وتشجيع من بعض الأساتذة الفضلاء والمهتمين بالبحث العلمي حيث أشعروني بأهمية الموضوع، وضرورة بحثه في أطروحة علمية.
4- كثرة الخلاف في المسألة، وتنازع المختصين في جدواها، وفائدتها للأمة. إن غالب الكتابات في هذا الموضوع عبارة عن مقالات قصيرة، أو فتاوى عامة أو بيانات وندوات اقتصادية أو تعبوية، ولا زال الموضوع يفتقر إلى الدراسات الفقهية والشرعية بهذا الخصوص.
§ الدراسات السابقة
حينما وقع اختياري على هذا الموضوع قمت بالبحث والتنقيب في فهارس المكتبات العامة المشهورة، ومنها مكتبة المعهد العالي للقضاء، والمكتبة المركزية لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومكتبة الملك عبد العزيز، ومكتبة الملك فيصل رحمهم الله.
وقمت بسؤال بعض الأساتذة الكرام، والمعتنين بالبحث العلمي، كما قمت بالبحث عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت )، وقد تحصل لي من خلال ذلك عدم وجود رسالة علمية في هذا الموضوع حتى ساعة كتابة هذه المقدمة.
§ منهج البحث
اعتمد الباحث في كتابة هذا البحث العلمي على المنهج الآتي:
1- تصوير المسألة المراد بحثها تصويراً دقيقاً قبل بيان حكمها , ليتضح المقصود من دراستها.
2- إذا كانت المسألة من مواضع الاتفاق فسأذكر حكمها بدليله مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة.
3- إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف، فسيكون عرضها على النحو التالي:
أ- تحرير محل الخلاف إذا كانت بعض صور المسألة محل خلاف، وبعضها محل اتفاق.
ب- ذكر الأقوال في المسالة، وبيان من قال بها من أهل العلم، ويكون عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية.
ت- الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة، مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح.
ث- توثيق الأقوال من مصادرها الأصلية.
ج- استقصاء أدلة الأقوال مع بيان وجه الدلالة، وذكر ما يرد عليها من مناقشات وما يجاب به إن وجدت، وأن يذكر ذلك بعد الدليل مباشرة.
ح- الترجيح مع بيان سببه، وذكر ثمرة الخلاف إن وجدت.
4- الاعتماد على أمهات المصادر والمراجع الأصلية في التحرير والتوثيق والتخريج والجمع.
5- التركيز على موضوع البحث وتجنب الاستطراد.
6- العناية بضرب الأمثلة خاصة الواقعية.
7- تجنب ذكر الأقوال الشاذة.
8- العناية بدراسة ما جد من القضايا مما له صلة بالموضوع.
9- ترقيم الآيات وبيان سورها مضبوطة الشكل.
10- تخريج الأحاديث من مصادرها الأصلية، وإثبات الكتاب والباب والجزء والصفحة، وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها – إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما – فإن كانت كذلك فيكتفي حينئذ بتخريجها منهما أو من أحدهما.
11- تخريج الآثار من مصادرها الأصلية، والحكم عليها.
12- التعريف بالمصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه المصطلح، أو من كتب المصطلحات المعتمدة.
13- توثيق المعاني من معاجم اللغة المعتمدة، وتكون الإحالة عليها بالمادة والجزء والصفحة.
14- العناية بقواعد اللغة العربية والإملاء، وعلامات الترقيم، ومنها علامات التنصيص للآيات الكريمة، وللأحاديث الشريفة، وللآثار، ولأقوال العلماء، وتميز العلامات أو الأقواس فيكون لكل منها علامته الخاصة.
15- تكون الخاتمة متضمنة أهم النتائج والتوصيات.
16- ترجمة للأعلام غير المشهورين بإيجاز بذكر اسم العلم ونسبه وتاريخ وفاته ومذهبه العقدي والفقهي، وأهم مؤلفاته، ومصادر ترجمته , على أن يكون ذلك في أخر الرسالة.
17- إذا ورد في البحث أماكن أو قبائل أو فرق، أو أشعار، أو غير ذلك، توضع له فهارس خاصة، إن كان لها من العدد ما يستدعي ذلك.
18- إتباع الرسالة بالفهارس التالية:
أ- فهرس الآيات القرآنية.
ب- فهرس الأحاديث والآثار.
ج- فهرس الأعلام.
د- فهرس المراجع والمصادر.
ﻫ- فهرس الموضوعات.
§ خطة البحث
يتكون البحث من مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة. على النحو التالي:
§ المقدمة:وتتضمن أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، ومنهج البحث وخطة البحث.
§ التمهيد: وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: تعريف المقاطعة الاقتصادية.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف المقاطعة الاقتصادية باعتبارها مركباً.
المطلب الثاني: تعريف المقاطعة الاقتصادية باعتبارها لقباً.
المطلب الثالث: الفرق بين المقاطعة الاقتصادية وما يشبهها من المصطلحات.
المبحث الثاني: نبذة تاريخية في استخدام المقاطعة الاقتصادية.
المبحث الثالث: أسباب المقاطعة الاقتصادية، وأهدافها, وفوائدها.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: أسباب المقاطعة الاقتصادية.
المطلب الثاني: أهداف المقاطعة الاقتصادية.
المطلب الثالث: فوائد المقاطعة الاقتصادية.
المبحث الرابع: أنواع المقاطعة الاقتصادية.
المبحث الخامس: أصناف غير المسلمين، ومن المراد بالمقاطعة منهم هنا.
§ الفصل الأول: التعامل المالي مع الأعداء
وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: قواعد في التعامل المالي مع الأعداء.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: سد الذرائع.
المطلب الثاني: المصالح والمفاسد.
المطلب الثالث: الإضرار بالأعداء.
المبحث الثاني: وسائل التعامل المالي مع الأعداء.وفيه مطلبان:
المطلب الأول: التعامل عن طريق الاستيراد.
المطلب الثاني: التعامل عن طريق التصدير.
المبحث الثالث: شروط التعامل المالي مع الأعداء.ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: الشروط المتعلقة بالاستيراد.
المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بالتصدير.
المبحث الرابع: أنواع البضائع.
§ الفصل الثاني: حكم المقاطعة الاقتصادية
وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: حكمها من جهة الإمام.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: ارتباط المقاطعة بإذن الإمام.
المطلب الثاني: إذا أمر بها الإمام.
المطلب الثالث: إذا لم يأمر بها الإمام.
المبحث الثاني: حكمها من جهة نوع البضاعة.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: أن تكون البضاعة من البضائع الضرورية.
المطلب الثاني: أن تكون البضاعة من البضائع الحاجية.
المطلب الثالث: أن تكون البضاعة من البضائع التحسينية.
المبحث الثالث: حكمها من جهة تحقق انتفاع العدو في حال الشراء.وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن يكون النفع في حال الشراء متحققاً.
المطلب الثاني: أن يكون النفع في حال الشراء مظنوناً أو مجهولاً.
المبحث الرابع: حكمها من جهة طريقة الشراء.وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن يتم الشراء من العدو مباشرة أو من خلال سمسار أو وكيل بالعمولة.
المطلب الثاني: أن يتم الشراء من مسلم اشترى البضاعة من العدو أو كان صاحب امتياز.
المبحث الخامس: المعاصرون والمقاطعة (فتاوى وبيانات المعاصرين).
§ الفصل الثالث: أبعاد المقاطعة الاقتصادية وسبل تدعيمها
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أبعاد المقاطعة الاقتصادية.وفيه مطلبان:
المطلب الأول: البعد الديني.
المطلب الثاني: البعد الاقتصادي.
المبحث الثاني: سبل تدعيم المقاطعة الاقتصادية.
§ الخاتمة: وفيها عرض لأبرز النتائج التي توصلت إليها خلال البحث.
§ الفهارس: وتشمل: (فهرس الآيات، فهرس الأحاديث والآثار، فهرس الأعلام، فهرس المراجع والمصادر، فهرس الموضوعات).
§ الخاتمة وأهم النتائج
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.وبعد.. فقد انتهيت بحمد الله من الكتابة في المقاطعة الاقتصادية، والأحكام الفقهية المتعلقة بها، وقد توصلت من خلال البحث في هذا الموضوع إلى النتائج التالية:
1- أنَّ المقاطعة الاقتصادية عُرِّفت بأكثر من تعريف، ولعل الأنسب منها:
"وقف العلائق التجارية مع فرد أو جماعة أو بلد لتحقيق غرض اقتصادي أو سياسي أو عسكري في السلم والحرب".
2- أنَّ مفهوم المقاطعة الاقتصادية أكثر شمولاً وأوسع معنى وأشد تأثيراً من مفهوم العقوبات الاقتصادية، أو المعاملة الاقتصادية بالمثل، أو الحظر الاقتصادي.
3- أن المقاطعة الاقتصادية أسلوبٌ قديم حديث، وقد استُعمل عبر التاريخ كجزء من الصراع بين الجماعات البشرية المختلفة، وقد استخدم من قبل الأفراد والشعوب، كما استخدم من قبل المنظمات والهيئات والدول.
4- أنَّ للمقاطعة الاقتصادية أسباباً وأهدافاً وفوائدَ متعددة:
- فمن أسبـاب المقاطعة ما هو منطقي مقبول كالمعاملة بالمثل، والتعبير عن رفض الاستبداد والهيمنة، ومنها ما هو تعسفي مرفوض كالمقاطعة على وجه الظلم والعدوان.
- ومن أهـداف المقاطعة ما يشكل الضغط على الدولة المستهدفة لتغيير سياستها أو يفضي إلى عدم استقرارها، أو إضعاف طاقتها العسكرية، ومنها ما يعتبر نصرة للمظلوم وردعاً للظالم عن ظلمه.
- ومن فوائـد المقاطعة ما يمثل التخلص من التبعية والهيمنة الأجنبية، وتشجيع المنتجات والصناعات المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنها ما يمثل إذكاء الشعور الوطني والإسلامي ضد الأجنبي المعتدي، هذا فضلاً عن فوائد تربوية عديدة.
5- أن المقاطعة الاقتصادية لها أنواع مختلفة، ويمكن تقسيمها تبعاً لنطاق تطبيقها إلى مقاطعة داخلية وأخرى دولية، وتبعاً للجهة التي تتولى تطبيقها إلى أهلية وأخرى رسمية، ومن جهة الممارسة إلى سلبية وأخرى ايجابية، ومن جهة شرعيتها إلى شرعية وأخرى غير شرعية.
6- أن غير المسلمين إما أن يكونوا أهل حرب أو أهل عهد ( وأهل العهد ثلاثة أصناف 1- أهل ذمة 2- أهل عهد 3- أهل أمان ).
والمقاطعة الاقتصادية لدى المسلمين إنما تستهدف في الأساس أهل الحرب دون غيرهم.
7- في مجال البحث في التعامل المالي مع الأعداء – بما فيه المقاطعة الاقتصادية – لا بد من مراعاة ثلاثة جوانب مهمة:
الجانب الأول: قاعدة سد الذرائع.
الجانب الثاني: الموازنة بين المصالح والمفاسد.
الجانب الثالث: مشروعية الإضرار الاقتصادي بالعدو.
8- في مجال الاستيراد من أهل الحرب: أجاز الفقهاء باتفاق جلب السلع من دار الحرب إلى دار الإسلام إذا توفرت فيها شروط محددة:
أ - أن يكون الاستيراد موافقاً لأحكام الإسلام في العقود.
ب- ألا يلحق بالمسلمين مضرة من الاستيراد، ولا يكون قوة للأعداء علينا.
ج- أن يلتزم الداخل إلى دار الإسلام للتجارة ما يُعْرض عليه من الضرائب " العشور ".
9- وفي مجال التصدير: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز للمسلم أن يدخل دار الحرب بأمان ليتجر فيها بيعاً وشراءً، خلافاً لمالك وابن حزم حيث منعا من ذلك إذا كانت أحكام أهل الحرب تظهر على الداخل إلى أرضهم.
ولكن القول بالجواز مضبوط بشروط معينة:
أ - أن لا تكون السلعة المصدرة مما يمكن أن يستخدمها أهل الحرب ضد المسلمين.
ب- أن يكون التصدير مبنياً على قواعد الشريعة الإسلامية.
ج - ألا يكون بالمسلمين حاجة إلى المواد والسلع المصدرة إلى بلاد الحرب.
10- الراجح في مقدار ضريبة "العشور" أنه مبني على المعاملة بالمثل، كما هو مذهب الحنفية لموافقته النصوص الصحيحة.
11- أن المقاطعة الاقتصادية بشكلها المعاصر ليس لها ارتباط بإذن الإمام، فلا يشترط للعمل بها إذن الإمام، وذلك على المستوى الفردي، لحديث ثمامة بن أثال في الصحيحين.
12- تكون المقاطعة الاقتصادية واجبة في حالين:
أ - إذا أمر بها إمام المسلمين.
ب- إذا علم المسلم يقيناً أو بظن غالب أن قيمة ما يشتريه يعين الكفار على إقامة دينهم وتقوية شوكتهم، أو يعين على الإضرار بالمسلمين وقتالهم.
ويستثنى من هذا الوجوب أمران:
الأمر الأول: البضائع والسلع الضرورية التي ليس لها بديل، كالأدوية والآلات الطبية والعسكرية ونحو ذلك.
الأمر الثاني: البضائع والسلع الحاجية التي ليس لها بديل، إذا كانت الحاجة عامة لأن الحاجة العامة تنزَّل منزلة الضرورة.
13- تكون المقاطعة الاقتصادية مندوبة على الأرجح في حالة ما إذا كان المسلم يجهل أو لديه ظن غير غالب بأن قيمة ما يشتريه يعين الكفار على إقامة دينهم وتقوية شوكتهم، أو يعين على الإضرار بالمسلمين وقتالهم.
14- إذا كان المسلم أو التاجر اشترى بضاعة أو سلعة من العدو بشكل مقطوع ( بمعنى أنه لن يتكرر جلبه وتوريده لبضائع الكفار كلما نفدت السلعة لديه ) فإن القول بندب المقاطعة لهذا المسلم فيه نظر، لأن المتضرر في هذه الحالة هو المسلم فاعتراض المفسدة هنا قد يمنع القول بندب المقاطعة، إلا أن تكون السلعة مما قد يستفيد منها العدو بطريق غير مباشر كقطع غيار ونحو ذلك.
15- أن العلماء المعاصرين قد أولوا جانب المقاطعة الاقتصادية أهمية بالغة وأصدروا في شأنها فتاوى وبيانات متعددة.
16- أن للمقاطعة الاقتصادية أبعاداً متنوعة:
أ - فعلى المستوى الديني: تُسهم المقاطعة في ترسيخ مبدأ الولاء للمسلمين ومودتهم ونصرتهم، والبراء من الكافرين وكراهيتهم.
ب- وعلى المستوى الاقتصادي:تسهم المقاطعة في زيادة معدل التنمية الاقتصادية وحل مشكلة البطالة، وتحول مجتمعاتنا الإسلامية من مجتمعات مستهلكة إلى مجتمعات منتجة..
17- أن المقاطعة الاقتصادية سلاح فعال ومؤثر، ولكن بشرط أن يكون بوسائل وسبل مدروسة.
[*] بحث تكميلي مقدم من الطالب: تركي بن عبد الله بن فهد الرشودي لنيل درجة الماجستير في الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إشراف فضيلة الدكتور: محمد بن جبر الألفي للعام الجامعي1424 /1425ﻫ.