Ibn Khaldun’s Views and the Law

8 views
Skip to first unread message

Ibn Khaldun

unread,
Nov 27, 2023, 9:39:19 AM11/27/23
to Ibn Khaldun
Ibn Khaldun is said to have served as judge on more than one occasion. As a jurist, how did he understand and apply Islamic law?

Ibn Khaldun

unread,
Nov 27, 2023, 9:42:53 AM11/27/23
to Ibn Khaldun
Ibn Khaldun, compared to other Muslim scholars, did not elaborate on Islamic law. In his Muqaddima, he provided one section in which he discussed the history and philosophy of fiqh. 
The Arabic text of the section on fiqh:

علم الفقه وأصول الفقه

الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض

الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين بالوجوب والحذر والندب والكراهة والإباحة وهي متلقاة من الكتاب والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها فقه. وكان السلف يستخرجونها من تلك الأدلة على اختلاف فيما بينهم. ولا بد من وقوعه ضرورة. فإن الأدلة غالبها من النصوص وهي بلغة العرب وفي اقتضاءات ألفاظها لكثير من معانيها وخصوصاً الأحكام الشرعية اختلاف بينهم معروف. وأيضاً فالسنة مختلفة الطرق في الثبوت وتتعارض في الأكثر أحكامها فتحتاج إلى الترجيح وهو مختلف أيضاً. فالأدلة من غير النصوص مختلف فيها وأيضاً فالوقائع المتجددة لا توفى بها النصوص. وما كان منها غير ظاهر في النصوص فيحكم على المنصوص لمشابهة بينهما وهذه كلها إشارات للخلاف ضرورية الوقائع. ومن هنا وقع الخلاف بين السلف والأئمة من بعدهم. ثم إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم. وإنما كان ذلك مختصاً بالحاملين للقرآن العارفين بناسخه ومنسوخه ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالته بما تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم أو ممن سمعه منهم ومن عليتهم. وكانوا يسمون لذلك القراء أي الذين يقرأون الكتاب لأن العرب كانوا أمة أمية. فاختص من كان منهم قارئاً للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ. وبقي الأمر كذلك صدر الملة. ثم عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمية من العرب بممارسة الكتاب وتمكن الاستنباط وكمل الفقه وأصبح صناعة وعلماً فبدلوا باسم الفقهاء والعلماء من القراء. وانقسم الفقه فيهم إلى طريقتين: طريقة أهل الرأي والقياس وهم أهل العراق وطريقة أهل الحديث وهم أهل الحجاز. وكان الحديث قليلاً في أهل العراق لما قدمناه فاستكثروا من القياس ومهروا فيه فلذلك قيل أهل الرأي. ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه أبو حنيفة وإمام أهل الحجاز مالك بن أنس والشافعي من بعده. ثم أنكر القياس طائفة من العلماء وأبطلوا العمل به وهم الظاهرية. وجعلوا المدارك كلها منحصرة في النصوص والإجماع وردوا القياس الجلي والعلة المنصوصة إلى النص، لأن النص على العلة نص على الحكيم في جميع محالها. وكان إمام هذا المذهب داود بن علي وابنه وأصحابهما. وكانت هذه المذاهب الثلاثة هي مذاهب الجمهور المشتهرة بين الأمة. وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم وهي كلها أصول واهية وشذ بمثل ذلك الخوارج ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم بل أوسعها جانب الإنكار والقدح. فلا نعرف شيئاً من مذاهبهم ولا نروي كتبهم ولا أثر بشيء منها إلا في مواطنهم. فكتب الشيعة في بلادهم وحيث كانت دولتهم قائمة في المغرب والمشرق واليمن والخوارج كذلك. ولكل منهم كتب وتآليف وآراء في الفقه غريبة. ثم درس مذهب أهل الظاهر اليوم بدروس أئمته وإنكار الجمهور على منتحله ولم يبق إلا الكتب المجلدة وربما يعكف كثير من الطالبين ممن تكلف بانتحال مذهبهم على تلك الكتب يروم أخذ فقههم منها ومذهيهم فلا يخلو بطائل ويصير إلى مخالفة الجمهور وإنكارهم عليه وربما عد بهذه النحلة من أهل البدع بنقله العلم من الكتب من غير مفتاح المعلمين. وقد فعل ذلك ابن حزم بالأندلس على علو رتبته في حفظ الحديث وصار إلى مذهب أهل الظاهر ومهر فيه باجتهاد زعمه في أقوالهم. وخالف إمامهم داود وتعرض للكثير من الأئمة المسلمين فنقم الناس ذلك عليه وأوسعوا مذهبه استهجاناً وإنكاراً، وتلقوا كتبه بالإغفال والترك حتى إنها ليحصر بيعها بالأسواق وربما تمزق في بعض الأحيان. ولم يبق إلا مذهب أهل الرأي من العراق وأهل الحديث من الحجاز. فأما أهل العراق فإمامهم الذي استقرت عنده مذاهبهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت ومقامه في الفقه لا يلحق شهد له بذلك أهل جلده وخصوصاً مالك والشافعي. وأما أهل الحجاز فكال إمامهم مالك ابن أنس الأصبحي إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى واختص بزيادة مدرك آخر للأحكام غير المدارك المعتبرة عند غيره وهو عمل أهل المدينة لأنه رأى أنهم فيما ينفسون عليه من فعل أوترك متابعون لمن قبلهم ضرورة لدينهم واقتدائهم. وهكذا إلى الجبل المباشرين لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الآخذين ذلك عنه وصار ذلك عنده من أصول الأدلة الشرعية. وظن كثير أن ذلك من مسائل الإجماع فأنكره لأن دليل الإجماع لا يخص أهل المدينة من سواهم بل هو شامل للأمة. واعلم أن الإجماع إنما هو الإتفاق على الأمر الديني عن اجتهاد. ومالك رحمه الله تعالى لم يعتير عمل أهل المدينة من هذا المعنى وإنما اعتبره من حيث اتباع الجيل بالمشاهدة للجيل إلى أن ينتهي إلى الشارع صلوات الله وسلامه عليه. وضرورة اقتدائهم بعين ذلك يعم الملة ذكرت في باب الإجماع والأبواب بها من حيث ما فيها من الاتفاق الجامع بينها وبين الإجماع. إلا أن اتفاق أهل الإجماع عن نظر واجتهاد في الأدلة واتفاق هؤلاء في فعل أوترك مستندين إلى مشاهدة من قبلهم. ولو ذكرت المسألة في باب فعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره أو مع الأدلة المختلف فيها مثل مذهب الصحابي وشرع من قبلنا والاستصحاب لكان أليق بها ثم كان من بعد مالك بن أنس محمد بن إدريس المطلبي الشافعي رحمهم االله تعالى. رحل إلى العراق من بعد مالك وله أصحاب الإمام أبي حنيفة وأخذ عنهم ومزج طريقة أهل الحجاز بطريقة أهل العراق واختص بمذهب، وخالف مالكاً رحمه الله تعالى في كثير من مذهبه. وجاء من بعدهما أحمد بن حنبل رحمه الله. وكان من علية المحدثين وقرأ أصحابه على أصحاب الإمام أبي حنيفة مع وفور بضاعتهم من الحديث فاختصوا بمذهب آخر. ووقف التقليد في الأمصار عند هؤلاء الأربعة ودرس المقلدون لمن سواهم. وسد الناس باب الخلاف وطرقه لما كثر تشعب الاصطلاحات في العلوم. ولما عاق عن الوصول إلى رتبة الاجتهاد ولما خشي من إسناد ذلك إلى غير أهله ومن لا يوثق برأيه ولا بدينه فصرحوا بالعجز والإعواز وردوا الناس إلى تقليد هؤلاء كل من اختص به من المقلدين. وحظروا أن يتداول تقليدهم لما فيه من التلاعب ولم يبق إلا نقل مذاهبهم. وعمل كل فقلد بمذهب من قلده منهم بعد تصحيح الأصول واتصال سندها بالرواية لا محصول اليوم للفقه غير هذا. ومدعي الاجتهاد لهذا العهد مردود على عقبه مهجور تقليده وقد صار أهل الإسلام اليوم على تقليد هؤلاء الأئمة الأربعة. فأما أحمد بن حنبل فمقلده قليل لبعد مذهبه عن الاجتهاد وأصالته في معاضدة الرواية وللأخبار بعضها ببعض. وأكثرهم بالشام والعراق من بغداد ونواحيها وهم أكثر الناس حفظاً للسنة ورواية الحديث وميلاً بالاستنباط إليه عن القياس ما أمكن. وكان لهم ببغداد صولة وكثرة حتى كانوا يتواقعون مع الشيعة في نواحيها. وعظمت الفتنة من أجل ذلك ثم انقطع ذلك عند استيلاء التتر عليها. ولم يراجع وصارت كثرتهم بالشام. وأما أبو حنيفة فقلده اليوم أهل العراق ومسلمة الهند والصين وما وراء النهر وبلاد العجم كلها.. ولما كان مذهبه أخص بالعراق ودار السلام وكان تلميذه صحابة الخلفاء من بني العباس فكثرت تآليفه ومناظراتهم مع الشافعية وحسنت مباحثهم في الخلافيات. وجاءوا منها بعلم مستظرف وأنظار غريبة وهبى بين أيدي الناس. وبالمغرب منها شيء قليل نقله إليه القاضي بن العربي وأبو الوليد الباجي في رحلتهما. وأما الشافعي فمقلدوه بمصر أكثر مما سواها وقد كان انتشر مذهبه بالعراق وخراسان وما وراء النهر وقاسموا الحنفية في الفتوى والتدريس في جميع الأمصار. وعظمت مجالس المناظرات بينهم وشحنت كتب الخلافيات بأنواع استدلالاتهم. ثم درس ذلك كله بدروس المشرق وأقطاره. وكان الإمام محمد بن إدريس الشافعي لما نزل على بني عبد الحكم بمصر أخذ عنه جماعة منهم. وكان من تلميذه بها: البويطي والمزني وغيرهم، وكان بها من المالكية جماعة من بني عبد الحكم وأشهب وابن القاسم وابن المواز وغيرهم ثم الحارس بن مسكين وبنوه ثم القاضي أبو إسحق بن شعبان وأولاده. ثم انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة وتداول بها فقه أهل البيت وتلاشى من سواهم وارتحل إليها القاضي عبد الوهاب من بغداد. آخر المائة الرابعة على ما أعلم، من الحاجة والتقليب في المعاش. فتأذن خلفاء العبيديين بإكرامه، وإظهار فضله نعياً على بني العباس في إطراح مثل هذا الإمام، والإغتباط به. فنفقت سوق المالكية بمصر قليلاً، إلى أن ذهبت دولة العبيديين من الرافضة على يد صلاح الدين يوسف بن أيوب فذهب منها فقه أهل البيت وعاد فقه الجماعة إلى الظهور بينهم ورجع إليهم فقه الشافعي وأصحابه من أهل العراق والشام فعاد إلى أحسن ما كان ونفقت سوقه واشتهر منهم محيي الدين النووي من الحلبة التي ربيت في ظل الدولة الأيوبية بالشام وعز الدين بن عبد السلام أيضاً. ثم ابن الرقعة بمصر وتقي الدين بن دقيق العيد ثم تقي الدين السبكي بعدهما إلى أن انتهى ذلك إلى شيخ الإسلام بمصر لهذا العهد وهو سراج الدين البلقيني فهو اليوم أكبر الشافعية بمصر كبير العلماء بل أكبر العلماء من أهل العصر. وأما مالك رحمه الله تعالى فاختص بمذهبه أهل المغرب والأندلس. وإن كان يوجد في غيرهم إلا أنهم لم يقلدوا غيره إلا في القليل لما أن رحلتهم كانت غالباً إلى الحجاز وهو منتهى سفرهم. والمدينة يومئذ دار العلم ومنها خرج إلى العراق ولم يكن العراق في طريقهم فاقتصروا عن الأخذ عن علماء المدينة. وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه من قبله وتلميذه من بعده. فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلدوه دون غير ممن لم تصل إليهم طريقته. وأيضاً فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهل العراق فكانوا إلى أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة، ولهذا لم يزل المذهب المالكي غضاً عندهم، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب. ولما صار مذهب كل إمام علماً مخصوصاً عند أهل مذهبه ولم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد والقياس فاحتاجوا إلى تنظير المسائل في الالحاق وتفريقها عند الاشتباه بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذاهب إمامهم. وصار ذلك كله يحتاج إلى ملكة راسخة يقتدر بها على ذلك النوع من التنظير أو التفرقة واتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا. وهذه الملكة هي علم الفقه لهذا العهد. وأهل المغرب جميعاً مقلدون لمالك رحمه الله. وقد كان تلاميذه افترقوا بمصر والعراق. فكان بالعراق منهم القاضي إسماعيل وطبقته مثل ابن خويز منداد وابن اللبان والقاضي وأبي بكر الأبهري والقاضي أبي حسين بن القصار والقاضي عبد الوهاب ومن بعدهم. وكان بمصر ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم والحارث بن مسكين وطبقتهم ورحل من الأندلس يحيى بن يحيى الليثي، ولقي مالكاً. وروى عنه كتاب الموطأ، وكان من جملة أصحابه. ورحل بعده عبد الملك بن حبيب فأخذ عن ابن القاسم وطبقته وبث مذهب مالك في الأندلس ودون فيه كتاب الواضحة. ثم دون العتبي من تلامذته كتاب العتبية. ورحل من أفريقية أسد بن الفرات فكتب عن أصحاب أبي حنيفة أولاً. ثم انتقل إلى مذهب مالك. وكتب على ابن القاسم في سائر أبواب الفقه وجاء إلى القيروان بكتابه وسمي الأسدية نسبة إلى أسد بن الفرات، فقرأ بها سحنون على أسد ثم ارتحل إلى المشرق ولقي ابن القاسم وأخذ عنه وعارضه بمسائل الأسدية فرجع عن كثير منها. وكتب سحنون مسائلها ودونها وأثبت ما رجع عنه منها وكتب لأسد وأن يأخذ بكتاب سحنون فأنف من ذلك فترك الناس كتابه واتبعوا مدونة سحنون على ما كان فيها من اختلاط المسائل في الأبواب فكانت تسمى المدونة والمختلطة. وعكف أهل القيروان على هذه المدونة وأهل الأندلس على الواضحة والعتبية. ثم اختصر ابن أبي زيد المدونة والمختلطة في كتابه المسمى بالمختصر ولخصه أيضاً أبوسعيد البرادعي من فقهاء القيروان في كتابه المسمى بالتهذيب واعتمده المشيخة من أهل أفريقية وأخذوا به وتركوا ما سواه. وكذلك اعتمد أهل الأندلس كتاب العتبية وهجروا الواضحة وما سواها. ولم تزل علماء المذهب يتعاهدون هذه الأمهات بالشرح والإيضاح والجمع فكتب أهل أفريقية على المدونة ما شاء الله أن يكتبوا مثل ابن يونس واللخمي وابن محرز التونسي وابن بشير وأمثالهم. وكتب أهل الأندلس على العتبية ما شاء الله أن يكتبوا مثل ابن رشد وأمثاله. وجمع ابن أ بي زيد جميع ما في الأمهات من المسائل والخلاف والأقوال في كتاب النوادر فاشتمل على جميع أقوال المذاهب وفرع الأمهات كلها في هذا الكتاب ونقل ابن يونس معظمه في كتابه على المدونة وزخرت بحار المذهب المالكي في الأفقين إلى انقراض دولة قرطبة والقيروان. ثم تمسك بهما أهل المغرب بعد ذلك إلى أن جاء كتاب أبي عمرو بن الحاجب لخص فيه طرق أهل المذهب في كل باب وتعديد أقوالهم في كل مسئلة فجاء كالبرنامج للمذهب. وكانت الطريقة المالكية بقيت في مصر من لدن الحارث بن مسكين وابن المبشر وابن اللهيث وابن الرشيق وابن شاس. وكانت بالإسكندرية في بني عوف وبني سند وابن عطاء الله. ولم أدر عمن أخذها أبو عمرو بن الحاجب لكنه جاء بعد انقراض دولة العبيديين وذهاب فقه أهل البيت وظهور فقهاء السنة من الشافعية والمالكية ولما جاء كتابه إلى المغرب آخر المائة السابعة عكف عليه الكثير من طلبة المغرب وخصوصاً أهل بجاية لما كان كبير مشيختهم أبوعلي ناصر الدين الزواوي هو الذي جلبه إلى المغرب. فإنه كان قرأ على أصحابه بمصر ونسخ مختصره ذلك فجاء به وانتشر بقطر بجاية في تلميذه، ومنهم انتقل إلى سائر الأمصار المغربية وطلبة الفقه بالمغرب لهذا العهد يتداولون قراءته ويتدارسونه لما يؤثر عن الشيخ ناصر الدين من الترغيب فيه. وقد شرحه جماعة من شيوخهم: كابن عبد السلام وابن رشد وأبي هارون وكلهم من مشيخة أهل تونس وسابق حلبتهم في الإجادة في ذلك ابن عبد السلام وهم مع ذلك يتعاهدون كتاب التهذيب في دروسهم. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

Ibn Khaldun

unread,
Nov 27, 2023, 9:43:46 AM11/27/23
to Ibn Khaldun

الفصل التاسع في أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات

إعلم أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية وأجلها قدراً وأكثرها فائدة وهو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتآليف. وأصول الأدلة الشرعية هي الكتاب الذي هو القرآن ثم السنة المبينة له. فعلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت الأحكام تتلقى منه بما يوحى إليه من القرآن وبينه بقوله وفعله بخطاب شفاهي لا يحتاج إلى نقل ولا إلى نظر وقياس. ومن بعده صلوات الله وسلامه عليه تعذر الخطاب الشفاهي وانحفظ القرآن بالتواتر. وأما السنة فأجمع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على وجوب العمل بما يصل إلينا منها قولاً أو فعلاً بالنقل الصحيح الذي يغلب على الظن صدقه. وتعينت دلالة الشرع في الكتاب والسنة بهذا الاعتبار ثم ينزل الإجماع منزلتهما لإجماع الصحابة على النكير على مخالفيهم. ولا يكون ذلك إلا عن مستند لأن مثلهم لا يتفقون من غير دليل ثابت مع شهادة الأدلة بعصمة الجماعة فصار الإجماع دليلاً ثابتاً في الشرعيات. ثم نظرنا في طرق استدلال الصحابة والسلف بالكتاب والسنة فإذا هم يقيسون الأشباه بالأشباه منهما. ويناظرون الأمثال بالأمثال بإجماع منهم وتسليم بعضهم لبعض في ذلك. فإن كثيراً من الواقعات بعده صلوات الله وسلامه عليه لم تندرج في النصوص الثابتة فقاسوها بما ثبت وألحقوها بما نص عليه بشروط في ذلك الإلحاق. تصحح تلك المساواة بين الشبيهين أو المثلين. حتى يغلب على الظن أن حكم الله تعالى فيهما واحد وصار ذلك دليلاً شرعياً بإجماعهم عليه. وهو القياس وهو رابع الأدلة واتفق جمهور العلماء على أن هذه هي أصول الأدلة وإن خالف بعضهم في الإجماع والقياس إلا أنه شذوذ في وألحق بعضهم بهذه الأدلة الأربعة أدلة أخرى لا حاجة بنا إلى ذكرها. لضعف مداركها وشذوذ القول فيها. فكان من أول مباحث هذا الفن النظر في كون هذه أدلة. فأما الكتاب فدليله المعجزة القاطعة في متنه والتواتر في نقله. فلم يبق فيه مجال للاحتمال وأما السنة وما نقل إلينا منها فالإجماع على وجوب العمل بما يصح منها كما قلناه. معتضداً بما كان عليه العمل في حياته صلوات الله وسلمه عليه من إنفاذ الكتب والرسل إلى النواحي بالأحكام والشرائع آمراً وناهياً. وأما الإجماع فلاتفاقهم رضوان الله تعالى عليهم على إنكار مخالفتهم مع العصمة الثابتة للأمة وأما القياس فبإجماع الصحابة رضي الله عنهم عليه كما قدمناه. هذه أصول الأدلة ثم إن المنقول من السنة محتاج إلى تصحيح الخبر بالنظر في طرق النقل وعدالة الناقلين لتتميز الحالة المحصلة للظن بصدقه الذي هو مناط وجوب العمل بالخير. وهذه أيضاً من قواعد الفن. ويلحق بذلك عند التعارض بين الخبرين وطلب المتقدم منهما معرفة الناسخ والمنسوخ وهي من فصوله أيضاً وأبوابه. ثم بعد ذلك يتعين النظر في دلالة الألفاظ وذلك أن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الوضعية مفردة ومركبة. والقوانين اللسانية في ذلك هي علوم النحو والتصريف والبيان وحين كان الكلام ملكة لأهله لم تكن هذه علوماً ولا قوانين ولم يكن الفقه حينئذ يحتاج إليها لأنها جبلة وملكة. فلما فسدت الملكة في لسان العرب قيدها الجهابذة المتجردون لذلك بنقل صحيح ومقاييس مستنبطة صحيحة وصارت علوماً يحتاج إليها الفقيه في معرفة أحكام الله تعالى. ثم إن هناك استفادات أخرى خاصة من تراكيب الكلام وهي استفادة الأحكام الشرعية بين المعاني من أدلتها الخاصة من تراكيب الكلام وهو الفقه. ولا يكفي فيه معرفة الدلالات الوضعية على الإطلاق بل لا بد من معرفة أمور أخرى تتوقف عليها تلك الدلالات الخاصة وبها تستفاد الأحكام بحسب ما أصل أهل الشرع وجهابذة العلم من ذلك وجعلوه قوانين لهذه الاستفادة. مثل أن اللغة لا تثبت قياساً والمشترك لا يراد به معناه معاً والواو لا تقتضي الترتيب والعام إذا أخرجت أفراد الخاص منة هل يبقى حجة فيما عداها والأمر للوجوب أو الندب وللفور أو التراخي والنهي يقتضي الفساد أو الصحة والمطلق هل يحمل على المقيد والنص على العلة كاف في التعدد أم لا وأمثال هذه. فكانت كلها من قواعد هذا الفن. ولكونها من مباحث الدلالة كانت لغوية. ثم إن النظر في القياس من أعظم قواعد هذا الفن لأن فيه تحقيق الأصل والفرع فيما يقاس ويماثل من الأحكام وينفتح الوصف الذي يغلب على الظن أن الحكم علق به في الأصل من تبين أوصاف ذلك المحل أو وجود ذلك الوصف في الفرع من غير معارض يمنع من ترتيب الحكم عليه في مسائل أخرى من توابع ذلك كلها قواعد لهذا الفن. واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدثة في الملة وكان السلف في غنية عنه بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيد مما عندهم من الملكة اللسانية. وأما القوانين التي يحتاج إليها في استفادة الأحكام خصوصاً فمنهم أخذ معظمها. وأما الأسانيد فلم يكونوا يحتاجون إلى النظر فيها لقرب العصر وممارسة النقلة وخبرتهم بهم. فلما انقرض السلف وذهب الصدر الأول وانقلبت العلوم كلها صناعة كما قررناه من قبل احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه. أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس. ثم كتب فقهاء الحنفية فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها. وكتب المتكلمون أيضا كذلك إلا أن كتابة الفقهاء فيها أمس بالفقه وأليق بالفروع لكثرة الأمثلة منها والشواهد وبناء المسائل فيها على النكت الفقهية. والمتكلمون يجردون صور تلك المسائل عن الفقه ويميلون إلى الاستدلال العقلي ما أمكن لأنه غالب فنونهم ومقتضى طريقتهم فكان لفقهاء الحنفية فيها اليد الطولى من الغوص على النكت الفقهية والتقاط هذه القوانين من مسائل الفقه ما أمكن. وجاء أبوزيد الدبوسي من أئمتهم فكتب في القياس بأوسع من جميعهم وتمم الأبحاث والشروط التي يحتاج إليها فيه وكملت صناعة أصول الفقه بكماله وتهذبت مسائله وتمهدت قواعده وعني الناس بطريقة المتكلمين فيه. وكان من أحسن ما كتب فيه التكلمون كتابه البرهان لأمام الحرمين والمستصفى للغزالي وهما من الأشعرية وكتاب العهد لعبد الجبار وشرحه المعتمد لأبي الحسين البصري وهما من المعتزلة. وكانت الأربعة قواعد هذا الفن وأركانه. ثم لخص هذه الكتب الأربعة فحلان من التكلمين المتأخرين وهما الإمام فخز الدين بن الخطيب في كتاب المحصول وسيف الدين الآمدي في كتاب الأحكام. واختلفت طرائقهما في الفن بين التحقيق والحجاج. فابن الخطيب أميل إلى الاستكثار من الأدلة والاحتجاج والآمدي مولع بتحقيق المذاهب وتفريع المسائل. وأما كتاب المحصول فاختصره تلميذ الإمام سراج الدين الأرموي في كتاب التحصيل وتاج الدين الأرموي في كتاب الحاصل واقتطف شهاب الدين القرافي منهما فقد مات وقواعد في كتاب صغير سماه التنقيحات. وكذلك فعل البيضاوي في كتاب المنهاج. وعني المبتدئون يهذين الكتابين وشرحهما كثير من الناس. وأما كتاب الإحكام للآمدي وهو أكثر تحقيقا في المسائل فلخصة أبو عمر بن الحاجب في كتابي المعروف بالمختصر الكبير. ثم أختصره في كتاب آخر تداوله طلبة العلم وعني أهل المشرق والمغرب به وبمطالعته وشرحه وحصلت زبدة طريقة المتكلمين في هذا الفن في هذه المختصرات. وأما طريقة الخنفية فكتبوا فيها كثيرا وكان من أحسن كتابة فيها. للمتقدمين تأليف أبي زيد الدبوسي وأحسن كتابة المتأخرين فيها تأليف سيف الإسلام البزدوي من أئمتهم وهو مستوعب وجاء ابن الساعاتي من فقهاء الخنفية فجمع بين كتاب الإحكام وكتاب البزدوني في الطريقتين وسمي كتابه بالبدائع فجاء من أحسن الأوضاع وأبدعها وأئمة العلماء لهذا العهد يتداولونه قراءة وبحثا. وأولع كثير من علماء العجم بشرحه. والحال على ذلك لهذا العهد. هذه حقيقة هذا الفن وتعيين موضوعاته وتعديد التأليف المشهورة لهذا العهد فيه. والله ينفعنا بالعلم ويجعلنا من أهله بمنه وكرمه إنه على كل شيء قدير.

وأما الخلافات فاعلم أن هذا الفقه المستنبط من الأدلة الشرعية كثر فيه الخلاف بين المجتهدين باختلاف مداركهم وأنظارهم خلافا لا بد من وقوعه لما قدمناه. واتسع ذلك في الملة اتساعا غظيما وكان للمقلدين أن يقلدوا من شاءوا منهم ثم لما انتهى ذلك إلى الأئمة الأربعة من علماء الأمصار وكانوا بمكان من حسن الظن بهم اقتصر الناس على تقليدهم ومنعوا من تقليد سواهم لذهاب الاجتهاد لصعوبته وتشعب العلوم التي هي موادة باتصال الزمان وافتقاد من يقوم على سوى هذه المذاهب الأربعة. فاقيمت هذه المذاهب الأربعة أصول الملة وأجري الخلاف بين المتمسكين بها والآخذين بأحكامها مجرى الخلاف في النصوص الشرعية والأصول الفقهية. وجرت بينهم المناظرات في تصحيح كل منهم مذهب إمامه تجري على أصول صحيحة وطرائق قويمة يحتج بها كل على صحة مذهبه الذي قلده وتمسك به وأجريت في مسائل الشريعة كلها وفي كل باب من أبواب الفقه فتارة يكون الخلاف بين الشافعي ومالك وأبو حنيفة يوافق أحدهما وتارة بين مالك وأبي حنيفة والشافعي يوافق أحدهما وتارة بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك يوافق أحدهما وكان في هذه المناظرات بيان مآخذ هؤلاء الأئمة ومثارات اختلافهم ومواقع اجتهادهم. كان هذا الصنف من العلم يسمى بالخلافيات. ولابد لصاحبه من معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام كما يحتاج إليها المجتهد إلا أن المجتهد يحتاج إليها للاستنباط وصاحب الخلافيات يحتاج إليها لحفظ تلك المسائل المستنبطة من أن يهدمها المخالف بأدلته. وهو لعمري علم جليل الفائدة في معرفة مآخذ الأئمة وأدلتهم ومران المطالعين له على الاستدلال فيما يرومون الإستدلال عليه. وتآليف الحنفية والشافعية فيه أكثر من تآليف المالكية لأن القياس عند الحنفية أصل للكثير من فروع مذهبهم كما عرفت فهم لذلك أهل النظر والبحث. وأما المالكية فالأثر أكثر معتمدهم وليسوا بأهل نظر وأيضا فأكثرهم أهل الغرب وهم بادية غفل من الصنائع إلا في الأقل. وللغزالي رحمه الله تعالى فيه كتاب المآخذ ولأبي بكر العربي من المالكية كتاب التلخيص جلبه من المشرق. ولأبي زيد الدبوسي كتاب التعليقة ولابن القصار من شيوخ المالكية عيون الأدلة وقد جمع ابن الساعاتي في مختصره في أصول الفقه جميع ما ينبني عليها من الفقه الخلافي مدرجا، في كل مسألة ما ينبني عليها من الخلافيات.

وأما الجدال وهو معرفة آداب المناظرة التي تجري بين أهل المذاهب الفقهية وغيرهم فإنة لما كان باب المناظرة في الرد والقبول متسعا وكل واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانة في الاحتجاج. ومنة ما يكون صوابا ومنة ما يكون خطأ فاحتاج الأئمة إلى أن يضعوا آدابا وأحكاما يقف المتناظران عند حدودها في الرد والقبول وكيف يكون حال المستدل والمجيب وحيث يسوغ له أن يكون فستدلا وكيف يكون مخصوصا فنقطعا ومحل اعتراضه أو معارضته وأين يجب عليه السكوت ولخصمه الكلام والإستدلال. ولذلك قيل فيه إنه معرفة بالقواعد من الحدود والآداب في الاستدلال التي يتوصل بها إلى حفظ رأي وهدمه سواء كان ذلك الرأي من الفقه أو غيره. وهي طريقتان طريقة البزدوي وهي خاصة بالأدلة الشرعية من النص والإجماع والإستدلال وطريقة العميدي وهي عامة في كل دليل يستدل به من أي علم كان وأكثره استدلال. وهومن المناحي الحسنة والمغالطات فيه في نفس الأمر كثيرة. وإذا اعتبرنا النظر المنطقي كان في الغالب أشبه بالقياس المغالطي والسوفسطائي. إلا أن صور الأدلة والأقيسة فيه محفوظة مراعاة يتحرى فيها طرق الاستدلال كما ينبغي. وهذا العميدي هوأول من كتب فيها ونسبت الطريقة إليه. وضع الكتاب المسمى يالإرشاد مختصرا وتبعه من بعده من المتأخرين كالنسفي وغيره جاؤوا على أثره وسلكوا مسلكه وكثرت في الطريقة التآليف. وهي لهذا العهد مهجورة لنقص العلم والتعليم في الأمصار الإسلامية. وهي مع ذلك كمالية وليست ضرورية والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق.


On Monday, November 27, 2023 at 8:39:19 AM UTC-6 Ibn Khaldun wrote:
Reply all
Reply to author
Forward
Message has been deleted
0 new messages