| |
هناك فئة من الناس تقبل على القرآن باحترام شديد فتقرأه على كل حين وتحاول حفظه ونشره بين الناس ... وهذا مصداق واضح على الاهتمام بالقرآن ، على العكس تماماً من ذلك الذي لا يحترم القرآن ولا يقرؤه ولا ينظر فيه ولا يحفظ منه شيئاً وعلى هذا ينبغي أن يكون لدى المسلم برنامج يومي لمطالعة القرآن الكريم، وهذا ماكان عليه آباؤنا وما ينبغي أن نربي عليه أولادنا، وفي الرواية عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ « قَالَ مَا يَمْنَعُ التَّاجِرَ مِنْكُمُ الْمَشْغُولَ فِي سُوقِهِ إِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَنْ لا يَنَامَ حَتَّى يَقْرَأَ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَتُكْتَبَ لَهُ مَكَانَ كُلِّ آيَةٍ يَقْرَؤُهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَ يُمْحَى عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ . » [5] وهكذا ينام الإنسان وهو مشغول بذكر الله،كما أن وآياته تساعده على فهم وتدبر ما عاشه اليوم وما يرجوه غداً، والإنسان الذي يمر عليه اليوم والأسبوع دون أن يفتح القرآن أو يستمع له يعتبر هاجراً للقرآن، والنبي
يقف في وجهه يوم القيامة قائلا، لماذا رتبت أولوياتك اليومية من نوم وغذاء وجلسات ومشاهدة ومشاهدة وسماع .. ولم تخصص للقرآن حصة من وقتك! لماذا لم تقرأ !!لم تسمع !!
على أن بعض الناس يدعي أن القراءة دون التدبر لاتفيد شيئاً، فبإمكان هؤلاء أن تكون لهم قراءتان للقرآن قراءة طولية وقراءة معمقة ويستحق القران ان نقرأه لأكثر من هدف..
يحمل القرآن في طياته القيم والمفاهيم والبرامج التي يحتاجها الإنسان في حياته، والقرآن مشروع تحرير
وتنوير « يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ » (سورة لأعراف آية157)
وعلى الرغم من أننا نقرأ هذه الآية وأمثالها ولكنها لاتحرك فينا ساكناً ، ذلك لأننا نعيش حالة الهجر مع القرآن ، كالولد الذي يسمع كلمات أبيه دون أن يعمل على تطبيقها استهانة واستخفافاً
إن أمتنا الإسلامية تمتلك أفضل البرامج وأفضل القيم لإدارة حياتها؛ وأول برنامج يراه القرآن الحكيم هو العلم والتعلم ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (سورة العلق آية1) فماهي مدى استجابتنا للقراءة والمطالعة وهي أول آية ينزل بها كتابنا ؟
وأين نحن من الشورى أين التعاون والوحدة أين النظام أين وصلنا بمستوانا السياسي والاجتماعي والديني المعاش.. إن تخلفنا في كل ذلك مؤشر واضح على داء الهجر الذي انتابنا فصار القرآن لايتجاوز تراقينا
ينبغي لنا أن نراجع أنفسنا (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا) على الصعيدين الظاهري والعملي ، ماذا تركنا وماذا ينبغي علينا أن نصل وماذا نترك حتى يصدق علينا أننا متمسكون بالقرآن بعيدين ممن يقف الرسول الأعظم في قبالهم وهو ينادي ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ﴾.
التلاوة في القرآن
إذا تتبعنا موارد استعمال مادة «التلاوة» في القرآن فسنجد:
أ- أن التلاوة من مهمات الأنبياء "عليهم السلام" المكلفين إخراج الناس، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [1] . وقال تعالى مبيّناً سنة من سننه التي لا تتخلف: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [2] . فنحن إذاً أمام مهمة لا يتمكن من أدائها إلا المعصوم، وهو النبي في المقام، الذي يباشر فعل «الهداية» بأمر الله، قال تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ [3] . ولا يعقل أن تكون هذه المهمة الخطيرة مجرد «قراءة».
لذلك نقول: إنها تعني «الاتباع» في الدرجة الأولى و«القراءة» في الدرجة الثانية، وإن كانت هذه تتقدم على تلك في الشكل، أي أننا نقرأ أولاً لنتبع ثانياً.
ب- أن «التلاوة» تعني التطبيق تارة والطريق إليه تارة أخرى، قال تعالى على لسان خليله إبراهيم "عليه السلام" : ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحكِيمُ ﴾ [4] ، ليلحقه بامتنان منه تعالى بالمضمون نفسه في السورة نفسها «البقرة:151» وسورة «آل عمران :164». ومن المؤكد أن الرسول "ص" لم يكن دوره يقف عند حدود «قراءة آيات القرآن» وإنما تجسيد تلك الآيات في ذاته على مستوى الرؤى والأفكار أولاً، والمشاعر والعواطف ثانياً، والسلوك العملي ثالثاً. ولعل هذا المعنى يتأكد إذا قلنا إن قوله تعالى: ﴿ ويعلمهم الكتاب ﴾ إنما هو تفسير لـ ﴿ يتلو ﴾ وليست شيئاً آخر لتكون هذه الجملة بياناً والواو للعطف البياني.
ويمكن تدعيم هذا التفسير لـ «التلاوة» بـ:
1- قوله تعالى: ﴿ رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَات لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً ﴾ [5] فالآية الكريمة تحدد دور النبي "ص" وتلاوته بإخراج المؤمنين والعاملين للصالحات من الظلمات إلى النور، وواضح أن ذلك لا يكتفى فيه بمجرد «القراءة» التي يمكن، نظريا، أن يتولاها غير النبي ، وإن قلنا إن لقراءته خصوصيات لا يشاركه فيها غيره.
2- قوله تعالى خطاباً لنساء النبي "ص" : ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالحكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ﴾ [6] الذي يعني أن الحجة عليهن ألزم باعتبارهن يعشن في بيت تتلى فيه آيات الله. وكلنا يعلم أن التلاوة بمعنى القراءة ليست من مختصات بيت النبي "ص" لأن بيوت المسلمين عادة يقرأ فيها القرآن. ولذلك لا يكون الامتنان على نساء النبي "ص" وجيهاً إلا إذا حملنا ﴿ يتلى ﴾، هنا، على «التطبيق والتجسيد» الذي يصح القول إنه، بمعناه الشامل، خاصٌّ ببيت النبي "ص" الذي هو بيت الطهارة والعصمة. ومن ثم جاز أن تكون العقوبة لمن حظي بمثل هذه الرعاية مضاعفة لو وقعت منه المعصية، قال تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ﴾ [7] ، ملحِقاً إياه بقوله: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ ﴾... مؤكِّداً أن هذا التميز ليس مطلقاً بل مشروطاً بـ ﴿ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ﴾ [8] الذي يعني التجسيد تأسياً بالرسول "ص" من خلال التزام ما أمر الله وترك ما نهى عنه ﴿ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾ [9] .
وقد جاء عن الإمام جعفر الصادق "عليه السلام" في قوله: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ﴾ [10] ، قال: يرتلون آياته، ويتفقهون به، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده، ويخافون وعيده، ويعتبرون بقصصه، ويأتمرون بأوامره، وينتهون بنواهيه. ما هو والله حفظ آياته، ودرس حروفه، وتلاوة سوره، ودرس أعشاره وأخماسه، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وإنما هو تدبر آياته والعمل بأحكامه، قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ [11] .
وننتهي إلى القول إن «التلاوة» بمعنى «القراءة» استحبت شرعاً لتكون طريقاً إلى التفاعل مع أوامر القرآن ونواهيه ليحصل التكامل بين المرسل/ الله، والمتلقي/ العبد، من خلال الرسالة/ القرآن، عبر النبي/ الرسول "ص" ، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكِيمُ ﴾ [12] ، وليكون ذلك سبيلاً لتحقيق الإيمان أولاً والعمل الصالح ثانياً لتكون النتيجة نيل ﴿ جَنَّة عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [13] .
وفيما عدا ذلك يمكن أن يقال إن القرآن أصبح «مهجوراً»، بمعنى تعطيل دوره الذي أنزل من أجله، وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، إذ فُرِّغ من محتوى دوره الوظيفي، الذي يبينه ربيب القرآن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" بقوله: كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله وهو تفصيل لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾ [14] . والهجران لا يتنافى مع ما يمكن أن يحصل من مبالغة في الاهتمام الشكلي بـ «التلاوة» في حدود القراءة المجردة، إذ «رب تال للقرآن والقرآن يلعنه» لأنهم قد يقرأونه من دون أن «يتجاوز تراقيهم». وإذا تحقق معنى الهجر فسيكون القرآن خصماً يشكو له رسول الله "ص" قائلاً ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [15]
جريدة الوسط البحرينية _ موقع سماحة السيد حسن النمر
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت قصة مؤثرة عن هجر القران الكريم وأحببت ان اضيفها لكي تستفيدوا منها وتواظبوا على قراءة القران الكريم
اليكم القصة...
سافر أب إلى بلد بعيد تاركا زوجته وأولاده الثلاثة.. سافر سعيا وراء الرزق ..
وكان أبناؤه يحبونه حبا جما ويكنون له كل الاحترام ..
أرسل الأب رسالته الأولى .. إلا أنهم لم يفتحوها ليقرؤوا ما بها !!..
بل أخذ كل واحد منهم يُقبّل الرسالة ويقول أنها من عند أغلى الأحباب !!!..
وتأملوا الظرف من الخارج .. ثم وضعوا الرسالة في علبة !!..
وكانوا يخرجونها من حين لآخر لينظفوها من التراب ويعيدونها ثانية !!..
وهكذا فعلوا مع كل رسالة أرسلها أبوهم !!!...
*******
ومضت السنون ..
وعاد الأب ليجد أسرته لم يبق منهم إلا ابنا واحدا فقط فسأله الأب: أين أمك؟؟
قال الابن: لقد أصابها مرض شديد, ولم يكن معنا مالا لننفق على علاجها فماتت..
قال الأب: لماذا ؟!!...
ألم تفتحوا الرسالة الأولى لقد أرسلت لكم فيها مبلغا كبيرا من المال !!..
قال الابن : لا.. فسأله أبوه وأين أخوك ؟؟..
قال الابن : لقد تعرف على بعض رفاق السوء ..
وبعد موت أمي لم يجد من ينصحه ويُقومه فذهب معهم..
تعجب الأب وقال : لماذا ؟!!!...
ألم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها أن يبتعد عن رفقاء السوء !!.. وأن يأتي إليّ ..
رد الابن قائلا : لا.. قال الرجل : لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأين أختك ؟؟
قال الابن:
لقد تزوجت ذلك الشاب الذي أرسلتْ تستشيرك في زواجها منه..
وهى تعيسة معه أشد تعاسة !!..
فقال الأب ثائرا :
ألم تقرأ هي الأخرى الرسالة التي اخبرها فيها بسوء سمعة وسلوك هذا الشاب..
ورفضي لهذا الزواج !!!..
قال الابن : لا لقد احتفظنا بتلك الرسائل في هذه العلبة !!!!..
دائما نجملها ونقبلها, ولكنا لم نقرأها !!!!..
*******
تفكرت في شأن تلك الأسرة .. وكيف تشتت شملها ..
وتعست حياتها لأنها لم تقرأ رسائل الأب إليها .. ولم تنتفع بها ..
بل واكتفت بتقديسها والمحافظة عليها دون العمل بما فيها !!!..
ثم نظرت إلى المصحف .. إلى القرآن الكريم الموضوع داخل علبة على المكتب ..
يا ويحي ..
إنني أعامل رسالة الله ليّ كما عامل هؤلاء الأبناء رسائل أبيهم !!..
إنني أغلق المصحف واضعه في مكتبي أو في بيتي دوما ..
ولكنني لا أقرأه ولا أنتفع بما فيه !!!.. وهو منهاج حياتي كلها ..
فاستغفرت ربي وأخرجت المصحف .. وعزمت على أن لا أهجره أبداً..
****
( وقال الرسول ( ص) يا رب .. إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) ..
الفرقان – 30 ..
اسألكم الدعاء
***إلهام الأحمد