مذكرات
بأسباب الطعن في الإدارية العليا
الإصدار الثالث عشر
المادة العلمية
إهداء
حمدي خليفة
نقيب المحامين
رئيس اتحاد المحامين العرب
ونخبة من السادة المحامين
..........................
نسألكم الفاتحة والدعاء
للمرحومة
ولاء حمدي خليفة
مذكرات بأسباب الطعن في الإدارية العليا
محتويات الكتاب
يحتوى هذا الكتاب علي مذكرات بأسباب الطعن في الإدارية العليا لكل من :
1- السيد الأستاذ الدكتور / إبراهيم علي حسن النحاس المحامي بالإدارية العليا
2- السيد الأستاذ الدكتور / جابر جاد نصار المحامي بالإدارية العليا
3- السيد الأستاذ / غبريال إبراهيم غبريال المحامي بالإدارية العليا
4- السيد الأستاذ الدكتور / يحيي الجمل المحامي بالإدارية العليا
5- السيد الأستاذ / حمدي خليفة نقيب المحامين
رئيس اتحاد المحامين العرب
" السابق "
والله ولي التوفيق
مذكرة
أسباب الطعن في الإدارية العليا
السيد الأستاذ الدكتور / إبراهيم علي حسن النحاس
المحامي بالنقض والإدارية العليا
مكتب
الدكتور / إبراهيم على حسن النحاس
المحامى بالنقض والإدارية العليا
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
تـقــريــر طــعـن
إنه في يوم الموافـق / /2007
وبسكرتارية المحكمة الإدارية العليا حضر أمامنا نحن مراقب المحكمة القضائي.
السيد الأستاذ الدكتور / إبراهيم على حسن النحاس المحامى بالنقض والإدارية العليا الكائن مكتبه 90 (أ) شارع احمد عرابي – المهندسين – الجيزة، والوكيل عن الرائد/..... بموجب توكيل عام رسمي رقم 116 أ لسنة 2007 مكتب توثيق الجيزة النموذجي.
وقرر أنه يطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في القرار الصادر من مجلس التأديب الإستئنافي لضباط الشرطة الصادر بجلسة 19/12/2006 في الاستئناف رقم .... لسنة 2006، والقاضي منطوقه:
" قرر المجلس قبول الاستئنافين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المستأنف فيما انتهى إليه من براءة الضابط المستأنف ضده في المخالفة الثالثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة. والقضاء مجدداً بإدانته عنها، ومجازاته عن المخالفات الثلاثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر".
السيد اللواء / وزير الداخلية (بصفته)
بتاريخ 10/4/2005 أصدر السيد/ وزير الداخلية القرار رقم ... لسنة 2005 بإحالة الرائد/... – الضابط بمديرية أمن … – إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط
الشرطة، لمحاكمته تأديبياً، لأنه بوصفه موظفاً عاماً " .... " ارتكب ما يلي :
الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي والإخلال به ومخالفة التعليمات والسلوك المعيب:
- لعدم اتخاذه الإجراءات القانونية أو تكليف أي من مرؤوسيه بذلك حيال واقعة ضبط المدعو/... وشهرته " ... " وبحوزته ثلاث أجهزة تسجيل سيارات وجهاز اكولايزر بمعرفة كلا من الملازمين أول / ... – الضابط بوحدة مباحث القسم ، و... – رئيس دورية القسم – بتاريخ 2/1/2005 والتحفظ على الأجهزة المشار إليها دون مقتضى والاكتفاء بتكليف الملازم أول/... – بتحرير المحضر رقم ... جنح قسم شرطة ... لسنة 2005 عن اتهامه بسرقة كمية من الفاكهة فقط بالمخالفة للتعليمات.
- لعدم اتخاذه ثمة إجراء حيال ما أبلغه به كل من المدعو/ ... ، و... من سابقة سرقة الأجهزة سالفة البيان، وتعرفهما على إحداها كان المجند/ ... يقوم بإصلاحه لتركيبه بسيارة وحدة البحث المخصصة له – وذلك على النحو الوارد بالمعلومات والتحقيقات.
- لتكليفه أمين الشرطة/ ... – بلوكامين وحدة البحث رئاسته بتسطير المحضر رقم ... إداري القسم لسنة 2005 بتاريخ 27/1/2005 باسم الملازم أول/ ... – الضابط بالوحدة – رغم عدم تواجد الأخير بالوحدة، والذي ثبت من الفحص أن التوقيع المُزيّل به المحضر غير خاص به واثبت به على غير الحقيقة ضبط المتهم/ ... " الشهير ... " بتاريخ تحرير المحضر الساعة 9م وبحوزته أجهزة تسجيل السيارات – المشار إليها والسابق ضبطها بتاريخ 2/1/2005 وإقراره بملكيتها درءاً للمسئولية – ودون إثبات تنازع الشاكيان له في ملكيتها – مما أدى إلى صدور قرار النيابة العامة بتسليم المضبوطات للمتهم المذكور – الأمر الذي أساء إليه والى الهيئة التي ينتمي إليها.
وقد قيدت الدعوى بسجلات مجلس التأديب الابتدائي برقم ... سنة 2005 وتداولت بالجلسات أمام المجلس المذكور على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قرر بجلسة 12/3/2006 براءة الضابط المحال من المخالفة الثالثة المنسوبة إليه في قرار الإحالة وإدانته في المخالفتين الأولى والثانية ومجازاته عنهما بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر.
وحيث أن هذا القرار لم يلق قبولاً لدى وزارة الداخلية فطلب السيد/ وزير الداخلية استئنافه للثبوت وللتشديد، كما لم يرتض الطاعن المحال القرار فتقدم بطلب لاستئنافه تأسيساً على الخطأ في تطبيق القانون ولقصور التسبيب وعدم معقولية الحيثيات وفساد الاستدلال المنطقي في تصوير الواقعة والاتهام وعدم تحقيق دفاعه على الوجه الأكمل.
وتدوول نظر الاستئناف، وبجلسة 19/12/2006 صدر القرار المطعون عليه.
*****
وقد شيد مجلس التأديب الإستئنافى قراره بالنسبة للمخالفتين الأولى والثانية على ذات أسباب قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة الصادر بجلسة 12/3/2006، والتي تخلص في الآتي – كما جاء بحيثيات قرار مجلس التأديب الإستئنافى:
" ومن حيث أن المخالفتين الأولى والثانية المنسوبتين إلى الضابط المحال قد استقام الدليل على صحتهما أخذا بأقوال شهود الإثبات الذين جاءت شهادتهم جميعاً بدرجة تصل إلى حد التماثل وأخذاً بمعلومات الأجهزة الأمنية التي أكدت صحة نسبة تلك المخالفات إليه – ومتى ثبت ما تقدم جميعه فإنه لا ينال من إنكار الضابط المحال للواقعة عند مواجهته.
وبسؤاله في معرض التحقيقات التي أجريت معه أو مذكرة دفاعه من دفوع موضوعية تبدو في مجملها سعى منه للتشكيك في القوة التدليلية لشهادة الشهود والتحريات التي اطمأن إليها المجلس. كما لا يطمئن المجلس إلى شهادة شاهد النفي إذ أنه يعمل في مكتب الضابط المحال ويقع تحت تأثيره.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم فإنه يتعين التقرير بصحة هاتين المخالفتين المنسوبتين إلى الضابط المحال بقرار الإحالة وصحة نسبتها إليه وثبوت مسئوليته عنهما."
أما عن المخالفة الثالثة فقد شيد مجلس التأديب الإستئنافى قراره في إدانة الطاعن عنها على أسباب حاصلها :
" وحيث أن الوقائع سبق أن أحاط بها القرار المستأنف في كفاية تُغنى عن إعادة ترديدها فنحيل عليه في بيانها.
وحيث أن المخالفة الثالثة ثابت في حق الضابط المستأنف ضده وذلك مما شهد به أمين الشرطة/ ... من أنه قام بتحرير مسودة المحضر محل الاتهام بتكليف من الضابط المستأنف ضده، وما ثبت من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية من أن الضابط... لم يوقع التوقيع المنسوب إليه بذلك المحضر، ومما ثبت من دفتر أحوال الخدمة بقسم شرطة ... من أن الضابط... كان خارج ديوان القسم في الوقت الذي نُسب فيه إليه تحرير المحضر، وكذلك مما هو ثابت من الصورة الضوئية للمحضر المذكور أن النيابة العامة قررت إخلاء سبيل المتهم وتسليمه المضبوطات الأمر الذي يتعّين معه إلغاء القرار المستأنف فيما انتهى إليه من براءة الضابط المستأنف ضده في المخالفة الثالثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة وإدانته عنها."
وبالنسبة للرد على دفاع الطاعن فقد شيد قضاء مجلس التأديب الإستئنافى أسباب رفضه بأن قرر :
القرار المطعون فيه بنى اقتناعه على الأسباب التي استخلصها من أصول ثابتة في الأوراق ساقها لدحض دفاع الضابط المحال ومُفصلاً إياها على نحو كاف لتبرير مذهبه في الرأي الذي انتهى إليه، واستخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تُنتجها ماديا وقانونياً فيما يتعلق بالمخالفتين الأولى والثانية وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعه الذي بنى عليه القرار فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليه ذلك أن لمجلس التأديب الحرية في تكوين عقيدته من أي عنصر من عناصر الدعوى، وله في سبيل ذلك أن يأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود وأن يطرح ما عداها مما لا يطمئن إليه فلا تثريب عليه إن هو أقام قراره بإدانة الطاعن على الأخذ بأقوال هؤلاء الشهود متى كان من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه القرار عليها – وفى اطمئنانه إلى هذه الأقوال ما يفيد أنه قد أطرح ما أبداه الطاعن أمامه من دفاع قصد به التشكيك في صحة هذه الأقوال أما بشأن طلب سماع شهود الإثبات الذين اعتمد القرار المستأنف على شهادتهم في إدانة الضباط المستأنف ضده، فإن المجلس يلتفت عنه باعتباره غير مُنتج في الدعوى لاطمئنان المجلس لما أدلوا به من أقوال بتحقيقات الإدارة العامة للتفتيش استدل منه المجلس على حقيقة الواقعة.
وحيث إنه بشأن تقدير الجزاء الموقّع، وإذ طالع المجلس الإستئنافى أوراق الدعوى وأحاط بها، وبظروفها فإنه يرى مناسبة الجزاء الذي انتهى إليه القرار المستأنف لما ثبت في حق الضابط المستأنف ضده بارتكاب المخالفات الثلاث المنسوبة إليه بقرار الإحالة.
*****
وحيث أن الأساس الذي استند إليه القرار الطعين والأسباب التي شيد عليها قضاءه في إدانة الطاعن عن الثلاث مخالفات المنسوبة إليه قد اعتورها الخطأ الفادح في تطبيق القانون وتأويله – إذ خالف كافة المبادئ العامة للقانون – فصدر القرار المطعون عليه مخالفاً للقانون والواقع وشابه بالطبع عيوب الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، فضلاً عن الإخلال المتعمد بحق الدفاع، والغلو في تقدير الجزاء.
وعليه فإن الطاعن يطعن عليه أمام هيئتكم الموقرة لإعمال صحيح حكم القانون، ولكن قبل التعرض لأسباب الطعن القانونية، يود الطاعن أولاً أن يسرد وقائع الطعن الماثل – حسبما جاءت بالأوراق – حتى يتسنى لعدالة المحكمة تطبيق الحكم الصحيح للقانون وفقاً للواقع الثابت بعيون الأوراق، دونما تمييز أو محاباة.
الدفـــــاع
أولاً : حقيقة وقائع الطعن :
قبل الغوص في وقائع الطعن الماثل يجدر التنويه إلى نقطتين هامتين نضعهما تحت نظر عدالة المحكمة، أولاً : وظيفة الطاعن حال إحالته لمجلس التأديب، وثانيهما : أدلة الثبوت.
أما بالنسبة للنقطة الأولى والهامة : فالطاعن وإن كان ضابطاً برتبة رائد بقطاع مديرية أمن ... – كما جاء بقرار الإحالة – فإن الوصف الوظيفي للطاعن والذي تناساه قرار الإحالة إنه يعمل "رئيس وحدة مباحث قسم شرطة ... "، وهو أمر
ثابت بالأوراق.
إلا أن تلك الحقيقة الواضحة الجلية ليس لها أي أثر بالقرارين سواء قرار مجلس التأديب الابتدائي، أو قرار مجلس التأديب الإستئنافى، فكلامها تجاهل الوصف الوظيفي للطاعن عند محاكمته تأديبياً!! – وهو أمر جد يثير الغموض – فكيف يمكن محاكمة موظف عن مخالفات ارتكبها بسبب وظيفته - كما جاء بقرار الإحالة - دون التعرض أولاً لاختصاصه الوظيفي وفقاً للقوانين واللوائح؟
وثاني النقاط الهامة : أدلة الثبوت :
إن أدلة الثبوت التي اعتمد عليها قراري مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافى هي شهود إثبات الواقعة، أما شاهد النفي فقد استبعده مجلس التأديب لأنه يعمل تحت تأثير الطاعن، في حين أن باقي الشهود الذين وصفهم مجلس التأديب بشهود الإثبات، هم أيضاً يعملون تحت تأثير الطاعن..!!
أما باقي الأدلة – وهى الأدلة المادية – والتي حاول قرار مجلس التأديب الإستئنافى سردها لإضفاء المشروعية على قرار الإدانة، فهذه الأدلة لا وجود لها بالأوراق.
لم يطّلع عليه ولم يواجه بما أسفر عنه ذلك التقرير، إلا أن مفتش التحقيق ومن وراءه مجلس التأديب الابتدائي، ومجلس التأديب الإستئنافى قد شيدوا قضاءهم على ما ورد به من معلومات وما انتهى إليه من نتيجة.
*****
نظراً لتشابك ظروف وملابسات الطعن الماثل، وورود أكثر من رواية في شأن حقيقة وقائعه، فإن الطاعن سيقوم بسرد وقائع الطعن وفقاً لما جاء به من وقائع عن كل اتهام على حده، لتبيان حقيقته الواقعية، وهو ما نستعرضه فيما يلي :
أولاً : واقعة المخالفة الأولى :
تخلص المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن في عدم اتخاذه الإجراءات القانونية أو تكليف أى من مرؤوسيه بذلك حيال واقعة ضبط المدعو/ ... وشهرته " ... " وبحوزته ثلاث أجهزة تسجيل سيارات وجهاز أكولايزر بمعرفة كلا من الملازمين أول/ ... – الضابط بوحدة مباحث القسم، و... – رئيس دورية القسم – بتاريخ 2/1/2005 والتحفظ على الأجهزة المشار إليها دون مقتضى والاكتفاء بتكليف الملازم أول/ ... – بتحرير المحضر رقم ... جنح قسم شرطة ... لسنة 2005 عن اتهامه بسرقة كمية من الفاكهة فقط، بالمخالفة للتعليمات"
وواقع الأمر – حسبما أدلى بها الضابطين – أنه في يوم 2/1/2005 وأثناء مرور الضابطان ملازم أول/ ... ضابط المباحث والملازم أول/ ... – رئيس الدورية – بالمرور ليلاً ضبطا (أي الضابطان) كرتونة تفاح مسروقة، وكرتونة أخرى بها عدد ثلاثة أجهزة تسجيل وأكولايزر، وتم ضبط المسروقات بمعرفة الضابطين وقام أحدهما وهما الملازم / ... بتحرير محضر سرقة للمتهم ... عن سرقته لسباطة الموز وكرتونة التفاح. وقيد هذا المحضر برقم ... لسنة 2005 جنح قسم شرطة ... .
تلك هي تفاصيل واقعة تحرير محضر ضبط سباطة الموز وكرتونة التفاح كما جاءت بشهادة ضابطي قسم شرطة ... حيث أن الاثنان ضبطاً المتهم، أحدهما قام بتحرير محضر غير مكتمل.
السؤال هنا... ما هو دور الطاعن في هذه الواقعة..!؟
فالذي قام بضبط المتهم هما الضابطان، وأحدهم من قام بتحرير محضر الواقعة بتاريخ 2/1/2005.
فالطاعن لم يكن موجوداً عند ضبط المتهم وكذلك لم يكن موجوداً حال حدوث مئات عمليات الضبط والتبليغ التي تحدث في قسم شرطة ... يومياً وعلى مدار الساعة. فهل يسأل عن كل حالة من تلك الحالات...؟!
أن التعليمات لم تقض بذلك، ولا العرف، ولا الدين، ولا العدل يقضى بذلك.
تلك هي تفاصيل الواقعة الأولى.
ثانياً : واقعة المخالفة الثانية :
تتمثل المخالفة الثانية المنسوبة للطاعن كما جاء بقرار الاتهام هي عدم اتخاذه ثمة إجراء حيال ما أبلغه به كلا من المدعو/ ... – ... من سابقة سرقة الأجهزة سالفة البيان، وتعرفهما على أحدهما كان المجند / ... يقوم بإصلاحه لتركيبه بسيارة وحدة
البحث المخصصة له – وذلك على النحو الوارد بالمعلومات والتحقيقات.
وواقع الأمر أن الضابط ملازم أول / ... (رئيس الدورية) ذهب إلى الطاعن وبصحبته المدعو/ ... ، والمدعو/ ... وأبلغه بأنهما تعرضا لواقعة سرقة عدد 2 جهاز تسجيل وجهاز أكولايزر وجهاز رسيفر دش وقاموس اليكترونى. فتوقع – وفقاً للأصول المتبعة - أن الضابط ... قام بتحرير محضر بتلك الواقعة، ويريد من الطاعن عمل التحريات اللازمة. فأخبرهما الطاعن بالانتظار حتى يفرغ من عمله.
وفى تلك الأثناء تلقى الطاعن إشارة من الأمين / ... بوحدة تنفيذ الأحكام يخبره أن أحدهما هارب من تنفيذ حكم قضاء، فقام الطاعن بسؤاله عن تحقيق شخصيته، فتبين أنه ليس الشخص المطلوب فشرح له الطاعن أن شخص آخر يشبهه مطلوب لتنفيذ حكم وهو ما أحدث اللبس ثم طلب منه إحضار ما يثبت ملكيته للأجهزة التي سرقت منه حتى يتمكن من اتخاذ اللازم عند ضبط تلك الأجهزة، فقررا أنهما ليس بحوزتهما في الوقت الحالي فوعداه بإحضار ما يثبت ملكيتهم (الفواتير) في اليوم التالي، إلا أنهم ذهبا ولم يعودا إدراجهما منذ ذلك الحين. وهو ما أثبتته التحقيقات وشهود الحال.
* فما هو الإجراء المفروض اتخاذه من قبل الطاعن..!؟
أما بخصوص واقعة قيام المجند /... بإصلاح جهاز تسجيل لتركيبه بسيارة وحدة البحث المخصصة له :
الثابت أن تلك الواقعة حدثت بدون علم الطاعن فالسائق أقر بأن الأمين ... هو الذي قام بأخذ التسجيل (العطلان) من فوق الدولاب الموجود باستراحة الطاعن دون علمه، وكان ذلك بسبب خوف السائق على علم الطاعن بالعطل فى جهاز تسجيل سيارة البحث فحاول إصلاحه دون علم الطاعن.
والجدير بالذكر أن كلاً من / ... و... لم يقدما حتى الآن ما يثبت ملكيتهما للأجهزة المبلغ عنها ولم يحررا محضراً رسمياً بالواقعة وهو ما يؤكد كذب روايتهما.
ثالثاً : واقعة المخالفة الثالثة :
والتي تتضمن أن الطاعن قام بتكليف أمين الشرطة/ ... – بلوكامين وحدة البحث رئاسته بتسطير المحضر رقم ... إدارة القسم لسنة 2005 بتاريخ 27/1/2005 باسم الملازم أول/ ... – الضابط بالوحدة – رغم عدم تواجد الأخير بالوحدة والذي ثبت من الفحص أن التوقيع المزيل به المحضر غير خاص به – واثبت على غير الحقيقة (ليس الطاعن وإنما بلوكامين المباحث) ضبط المتهم / ... الشهير (ب ... ) بتاريخ تحرير المحضر الساعة 9 وبحوزته أجهزة تسجيل السيارات – المشار إليها، والسابق ضبطها بتاريخ 2/1/2005 وإقراره بملكيتها درعاً للمسئولية ودون إثبات تنازع الشاكيان له في ملكيتها – مما أدى إلى صدور قرار النيابة العامة بتسليم المضبوطات للمتهم المذكور – الأمر الذي أساء إليه والى الهيئة التي ينتمي إليها.
وتفاصيل تلك الواقعة والتي ليس لها أي دليل مادي بالأوراق أن السيد مفتش التحقيقات إمعاناً منه في تضخيم الفعل المنسوب للطاعن، وإظهاره بمظهر المذنب الصق إليه ذلك الاتهام دونما دليل يذكر، وجاء الاتهام ليس إلا أقوال مرسلة – والجدير بالذكر أن أمين الشرطة/ ... قُدم للمحاكمة العسكرية عن ذات التهمة والتي قضت ببراءته مما هو منسوب إليه وقد جاء حكم البراءة تأسيساً على انتفاء الدليل الذي يؤكد صحة الواقعة، فضلاً عن أن تحرير مسودة محضر ليس بمخالفة تأديبية أو جنائية أو حتى إدارية.
والمطالع للاتهام الثالث يتلاحظ أن المخالفة فقط لتكليف الطاعن للأمين/ ... بتحرير مسودة المحضر (فما هي المخالفة في ذلك على فرض حدوث ذلك)، واثبت به بالمخالفة للحقيقة (وهنا يثور التساؤل من الذي أثبت؟ هل الطاعن؟ أم أمين الشرطة؟) ودون إثبات تنازل الشاكيان (الشاكيان حتى هذه اللحظة لم يتقدما ببلاغ رسمي بالسرقة، ولم يقدما للطاعن سندات ملكيتهم للأجهزة المسروقة) مما أدى إلى صدور قرار النيابة بتسليم المضبوطات للمتهم (وكان قرار النيابة بعد أن قدم المتهم ما يفيد ملكيته للأجهزة وعلى ذلك أخلت النيابة سبيله وسلمته المضبوطات)
وهو الأمر الذي رآه السيد مفتش التحقيق أنه يسئ إلى الطاعن والهيئة التي ينتمي إليها.
وهنا يجدر الذكر أن العديد من المتهمين تفرج عنهم النيابة يومياً من سراي النيابة، وهو أمر عادى ولا يسئ إلى كرامة وهيبة الشرطة، فوظيفة الشرطة الضبط ووظيفة النيابة التحقيق والإحالة للمحاكمة عند توافر أركان الجريمة والأدلة عليها، ومرة أخرى نكرر أن واقعة ضبط المتهم/ ... الشهير " ب ... " قام بها الضابطان/ ... و... فما دور الطاعن في هذه الواقعة.
*****
تلك هي وقائع الطعن الماثل والمتمثلة في الثلاث مخالفات سالفة الذكر، والتي لا علاقة لها بالوصف الوظيفي للطاعن، ولا تدخل أي منهم في الاختصاص الوظيفي للطاعن، ولا تمت أي منهم للطاعن بها سواء من قريب أو من بعيد أي علاقة أو صلة.
فالواقعة الأولى قام بها ضابطي شرطة والطاعن لم يكن برفقتهما، والواقعة الثانية قام بها عسكري مجند وأمين شرطة من دون علم الطاعن (حيث قاما بها خشية غضب الطاعن)، والواقعة الثالثة قام بها أمين شرطة تمت تبرئته بحكم محكمة عسكرية عن واقعة تسطير مسودة محضر.
وإذ لم يورد الحكم الطعين ذلك في وقائع الطعن الماثل، فإنه يكون قد وقع في حمأة مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، فضلاً عن فساده في الاستدلال والقصور البيّن في التسبيب وإخلالاً بحق الدفاع، لذلك فإن الطاعن يطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا للأسباب الآتية :
ثانياً : أسباب الطعن
1- بطلان قرار مجلس التأديب للقصور في التسبيب.
2- الخطأ في تطبيق القانون وفهم الواقع.
3- الفساد في الاستدلال.
وسوف يتناول الطعن بالشرح كل سبب من هذه الأسباب على حده، وذلك على النحو التالي:
أولاً : بطلان قرار مجلس التأديب للقصور في التسبيب :
جاء بحيثيات قراري مجلس التأديب الإستئنافى لضباط الشرطة المطعون عليهما بالنسبة للوقائع :
" وحيث أن الوقائع سبق أن أحاط بها القرار المستأنف في كفاية تغنى عن إعادة ترديدها فنحيل عليه في بيانه"
لما كان من المقرر في قضاء مجلس الدولة أن :
" مادة 176 من قانون المرافعات - أسباب الحكم - يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي أقيم عليها - المشرع أوجب أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية و الحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع - المشرع رتب البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية أو القانونية - لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً - الإحالة إلى أسباب حكم آخر دون بيان هذه الأسباب مؤداه أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور - الأثر المترتب على ذلك - بطلان الحكم "
(الطعن رقم 1262 لسنة 27ق.ع – جلسة 6/1/1985)
وكذلك قضت :
" دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - عدم اشتمال الحكم على الأسباب التي بنى عليها أو القصور فيها يترتب عليه بطلان الحكم - لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر منها أو صادر من محكمة أخرى - مؤدى الإحالة هذه أن يكون الحكم قد صدر خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور - أثر ذلك : بطلان الحكم."
(الطعن رقم 76 لسنة 26ق.ع جلسة 11/3/1984)
وفى حكم آخر :
"وجوب صدور الأحكام القضائية مسببة - المقصود بالتسبيب أن يحدد الحكم الوقائع ومواد القانون ووجه الرأي الذي تبنته المحكمة بوضوح كاف يؤدى إلى منطوق الحكم عقلا وحكما.
- لا يكفى في هذا الشأن لاعتبار الحكم مسببا ترديد نصوص القانون أو سرد الوقائع دون تحديد واضح وقاطع لما اعتمدته المحكمة وأقرته من حادثات الوقائع وتحصل فهم نصوص القانون الذي بنت عليه المنطوق - الأسباب تكون ناقصة مشوبة بالقصور الشديد الذي ينحدر بالحكم إلي درجة البطلان في حالة إهدار الدفوع أو الدفع الموضوعي الجوهري الذي يتغير بمقتضاه وجه الحكم في الدعوى أو الدفاع القانوني الذي يتعلق بالنظام العام للتقاضي لما في هذا الإهدار من تجهيل للأسانيد الواقعية والقانونية للحكم وإهدار حق الدفاع الذي كفله الدستور للخصوم."
(الطعن رقم 2438 لسنة 45ق.ع – جلسة 20 / 05 / 2001)
وفى حكم حديث قضت :
" وجوب صدور الأحكام القضائية مسببة - المقصود بالتسبيب أن يحدد الحكم الوقائع ومواد القانون ووجه الرأي الذي تبنته المحكمة بوضوح كافي يؤدى إلى منطوق الحكم عقلا وحكما.
- لا يكفى في هذا الشأن لاعتبار الحكم مسببا ترديد نصوص القانون أو سرد الوقائع دون تحديد واضح وقاطع لما اعتمدته المحكمة وأقرته من حادثات الوقائع وتحصل فهم نصوص القانون الذي بنت عليه المنطوق - الأسباب تكون ناقصة مشوبة بالقصور الشديد الذي ينحدر بالحكم إلى درجة البطلان في حالة إهدار الدفوع أو الدفع الموضوعي الجوهري الذي يتغير بمقتضاه وجه الحكم في الدعوى أو الدفاع القانوني الذي يتعلق بالنظام العام للتقاضي لما في هذا الإهدار من تجهيل للأسانيد الواقعية والقانونية للحكم وإهدار حق الدفاع الذي كفله الدستور للخصوم"
(الطعن رقم 2397 لسنة 45ق.ع – جلسة 20/5/2001)
وبمطالعة الحكم الطعين نجد أنه يحيل في أسبابه بالنسبة للمخالفتين الأولى والثانية إلى ما جاء بالحكم الابتدائي ودون الرد على دفاع الطاعن مما يصيب الحكم بالقصور الشديد في التسبيب الذي ينحدر بالحكم الطعين إلى درجة البطلان.
ثانياً : الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم الواقع :
من المستقر عليه قانوناً في قضاء المحكمة الإدارية العليا استقراراً دون تبديل أو تغيير : إن المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية هي مسئولية شخصية قوامها وقوع خطأ معين يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة أو خروجاً على مقتضياتها يمكن نسبته إلى عامل محدد.
(الطعون أرقام 48، 513، 515 لسنة 35ق.ع – جلسة 11/7/1992)
وحيث أن المخالفتين المدان عنهما الطاعن على النحو السالف بيانه، قوامهما الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات لأن أساسها عدم اتخاذ الطاعن الإجراءات القانونية حيال الواقعتين المبينتين في المخالفتين الأوليتين وفقاً للتعليمات.
وحيث أنه بالإطلاع على التعليمات والمتمثلة في دليل العمل بمراكز وأقسام الشرطة المحددة والمبينة للتعليمات الإدارية في شأن العاملين بمراكز وأقسام الشرطة نجد أنه قد تضمن في بابه الثاني تنظيماً للعمل داخل أقسام ومراكز الشرطة، كما بيَّن على نحو واضح وصريح الواجبات الوظيفية للضابط داخل أقسام ومراكز الشرطة ، إذ حدد على نحو واضح اختصاصات وواجبات معاون المباحث (رئيس المباحث/ وحدة المباحث) وهى كالآتي :
" في النهوض بالواجبات الآتية :
- مكافحة الجرائم بأنواعها.
- بحث حالة المجرمين الخطرين واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من نشاطهم.
- إجراءات التحريات بأنواعها في الجرائم المختلفة وغيرها مما تتطلبه التعليمات والبحث عن الهاربين وضبطهم.
- تلقى البيانات الخاصة بالأحكام الصادرة وتسجيلها والعمل على تنفيذها.
- متابعة نشاط المشبوهين والمترددين والمفرج عنهم من السجن للتأكد من حسن سيرهم وسلوكهم.
- المعاونة في تنفيذ قانون الخدمة العسكرية.
- مد أجهزة الوزارة ومديرية الأمن بما تطلبه من معلومات وبيانات بعد عرضها على المأمور.
(يراجع ص 22، 33 من كتاب دليل العمل بمراكز وأقسام الشرطة)
وعن رؤساء الدوريات الذين يخضعون لإشراف نائب المأمور فإن من اختصاصاتهم وواجباتهم فحص البلاغات وإجراء المعاينات في الحوادث التي تكلف بها من القسم.
- تقديم تقرير يومي عن أعمال دوريته شاملاً الايجابيات والسلبيات.
(يراجع ص 24، 25 من الكتاب المشار إليه)
- وبالنسبة لمعاون الضباط الخاضع للإشراف المباشر لنائب المأمور فإنه (أي معاون الضبط يشرف) إشرافاً مباشراً على أعمال النوبتجية التي يتناوبها ثلاثة ضباط من رتبة مناسبة على مدى 24 ساعة ويعاونهم عدد مناسب من الضباط في نوبة، ومن اختصاصات معاون الضبط مراجعة كافة التحقيقات التي تجرى بالنوبتجية من حيث قانونية التصرفات واستيفاءها لجوانب الواقعة والتأكد من إرفاق كافة الاستمارات والكارتات مما يستلزمه...الخ."
- كما أن دليل العمل بمراكز وأقسام الشرطة قد حدد واجبات واختصاصات وأعمال ضباط النوبتجية في الأتي : (اختصاصات الضابط / .... في الدعوى الماثلة) .
" تلقى جميع البلاغات التي ترد للقسم/المركز واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وفقاً للقوانين واللوائح والتعليمات.
· القيد بدفاتر المضبوطات والأمانات بالخزينة والتأشير على السجل الخاص بها بأرقام القيد بالدفاتر.
· تسليم محاضر التحقيق ومرفقاتها وفقاً للتعليمات المنظمة لذلك.
· القيد بدفاتر المحجوزين / المسجونين ومراعاة عدم تجاوز المدة القانونية للحجز.
· إخطار وحدة المباحث بكافة البلاغات التي تقتضى تدخل وحدة البحث الجنائي أو تتطلب قيام وحدة المباحث التحقيق فيها. (وهو ما قام به الملازم أول... مع المدعوان سالفي الذكر وأخطر به الطاعن.
ويكون رئيس النوبتجية مسئول عن :
- فحص جميع البلاغات الواردة للنوبتجية والتصرف حيالها إما مباشرة بتحقيقها بمعرفته شخصياً أو إحالتها إلى ضباط لتحقيقها، وذلك حسب أهمية البلاغ.
- إخطار مأمور القسم أو نائبه في الحالات التي تستدعى ذلك.
- مراجعة جميع المحاضر المحررة بمعرفة معاونيه فور الانتهاء من تحقيقها للتأكد من استيفاءها لجميع الأركان المطلوب توفيرها... الخ.
(يراجع ص 25، 26، 27 من الكتاب المشار إليه)
ومفاد ما تقدم :
إن ضابط النوبتجية ومساعديه من الضباط يقع على عاتقه الاختصاص المباشر بتلقي وفحص جميع البلاغات التي ترد للقسم وكذلك قيدها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وإجراءات التحقيقات اللازمة، وإخطار مأمور القسم أو نائبه بحالات البلاغات التي تستدعى ذلك، ومن اختصاصاتهم قيد المضبوطات المتحصلة من الجرائم والأمانات بالخزينة بمجرد ورودها للقسم أو المركز والتأشير في السجل الخاص بها وبأرقام القيد بالدفاتر، ثم تسليم محاضر التحقيق ومرفقاتها وفقاً للتعليمات المنظمة.
كما أن الثابت أيضاً أن رئيس المباحث ومعاونيه لا علاقة لهم بقيد البلاغات ولا بقيد المضبوطات المتحصلة عن الجريمة، ولا يتصل عملهم بالبلاغات إلا بعد قيدها على النحو المتقدم بمعرفة ضباط النوبتجية ثم يتم إخطار وحدة البحث الجنائي.
وبالتالي فإن وحدة المباحث لا تباشر أعمالها نحو البلاغات التي تقتضى تدخلها إلا بعد قيدها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها بما فى ذلك إجراء التحقيق بشأنها، وذلك كله بمعرفة النوبتجية بالقسم أو المركز.
والثابت أيضاً من سرد التعليمات المتقدمة أن ضباط النوبتجية يخضعون مباشرة لإشراف معاون الضباط وأن معاون الضبط خاضع مباشرة لإشراف نائب المأمور.
وبالتالي يتضح أنه لا يوجد إشراف مباشر أو حتى إشراف غير مباشر من وحدة المباحث على ضباط النوبتجية أو حتى معاون الضبط.
وهدياً على ما تقدم، وكان الثابت من عيون الأوراق الحقائق الآتية :
1- إن الطاعن المنسوب في جانبه المخالفتين المعاقب عنهما، هذا الضابط كان يعمل رئيساً لوحدة (البحث الجنائي) مباحث الحوامدية، ذلك الأمر الذي أغفله تماماً القرار المطعون عليها مكتفياً بتحديد عام لوظيفته بأنه أحد ضباط الشرطة بمديرية أمن ... ، هذا الوصف الذي ينطبق على جميع الضباط العاملين بمديرية أمن ... بدءاً من مدير الأمن إلى أحدث الضباط وهذا التحديد العام لا يكفى فى مجال المسئولية التأديبية التي تستلزم بلا ريب تحديد الصفة والوظيفة والتخصص للمخالف تحديداً وافياً كافياً وفقاً للواقع وقت وقوع المخالفة حتى يتسنى معرفة ما إذا كان المخالف المحال للمحاكمة التأديبية مسئولاً قانوناً وقت حدوث المخالفة عن الأعمال المنسوبة إليه الإخلال به والخروج عن مقتضاه.
2- إن المخالفتين المنسوبتين للطاعن قوامهما الإخلال بواجبات الوظيفة كما هو ثابت بالأوراق ذلك أن فحوى المخالفة الأولى هي عدم اتخاذ الإجراءات القانونية أو تكليف أي من مرؤوسيه بذلك حيال واقعة ضبط المدعو/ ... وشهرته " ... " وبحوزته ثلاث أجهزة تسجيل سيارات وجهاز أكولايزر تم ضبطتهما بمعرفة الملازمين أول / ... – الضابط بوحدة المباحث، و... – رئيس الدورية بالقسم.
ومما لا شك فيه أن المسئول مسئولية مباشرة قانوناً وفقاً لدليل العمل بمراكز وأقسام الشرطة عن قيد البلاغات والمضبوطات المتحصلة عن الجريمة يقع على عاتق ضباط النوبتجية، وأن الملازم أول ... الذي شارك في ضبط الواقعة يعمل في قسم ... – ليس رئيساً لدورية القسم – فقط بل أنه يعمل بوظيفة ضابط نوبتجية في ذات القسم، وبالتالي فإنه ينبغي على هذا الضابط والملازم أول/ ... الذي شارك في ضبط الواقعة، وكذلك ضباط النوبتجية في قسم ... بمجرد وصول المدعو/ ... إلى قسم ... مع الملازمين المذكورين والمضبوطات المتحصلة بما فيها أجهزة التسجيلات وجهاز الأكولايزر، أن يحرر محضراً بهذه الواقعة وأن يثبت المتحصلات من الجريمة في الدفتر المخصص لذلك الغرض، وهذا الواجب الوظيفي يقع مباشرة على عاتق قسم النوبتجية وعلى ضباط النوبتجية الموجودين بقسم الحوامدية لحظة وصول المتهم المذكور والمضبوطات التي ضبطت معه، ولا يقع هذا الواجب الوظيفي على وحدة المباحث أو رئيس وحدة المباحث (الطاعن)، وذلك وفقاً للأحكام الواردة بدليل العمل لأقسام ومراكز الشرطة.
وكذلك الأمر بالنسبة للمخالفة الثانية المتمثلة في عدم اتخاذ الضابط (الطاعن)
ثمة إجراء حيال ما أبلغه به كلاً من المدعو/ ... و... من سابقة سرقة الأجهزة سالفة البيان.
ذلك أن الوحدة المختصة بتلقي جميع البلاغات التي ترد للقسم هي وحدة النوبتجية وليس وحدة المباحث التي لا علاقة لها بهذا الأمر قانوناً وفقاً للأحكام الواردة بدليل العمل داخل أقسام ومراكز الشرطة المشار إليه سالفاً.
وعلى هذا فإن الإجراءات المنسوب للطاعن عدم اتخاذها وذلك حيال الواقعتين موضوعاً المخالفتين المنسوبتين له، هي من الإجراءات التي لا تدخل في نطاق الاختصاص الوظيفي للطاعن وفقاً لأحكام دليل العمل داخل أقسام ومراكز الشرطة المشار إليه، وأن المختص قانوناً وفقاً لأحكام هذا الدليل باتخاذ هذه الإجراءات هو قسم النوبتجية بقسم شرطة ... .
والملاحظ على إجراءات التحقيق أنها لم تستجوب ولم تستدعى أياً من ضباط النوبتجية المسئولين عن اتخاذ هذه الإجراءات، كما أن الواضح على القرار المطعون فيه أنه لم يبين الأساس القانوني للواجب الوظيفي للضابط (الطاعن) حيال المخالفتين المنسوبتين إليه، إذ ساير التحقيقات مسايرة تامة دون أي بيان للأحكام القانونية والتعليمات الإدارية المنظمة للعمل داخل أقسام ومراكز الشرطة والمحددة للمختص عن الأعمال المنسوبة للطاعن انه قد أخل بها وخرج عن مقتضاياتها، والجدير بالذكر أنه تم اتهام الضابطين/ ... و... عن المخالفتين المنسوبتين للطاعن على أساس أنهما هما اللذان ارتكبا هاتين المخالفتين، ولقد تم مجازاتهما إدارياً بخصم يومين من راتبهما.
3- ومما يجب ألا يغيب عن الأذهان أن قسم النوبتجية بجميع العاملين به من ضباط وغيرهم يخضعون مباشرة لإشراف معاون الضبط الذي يخضع بدوره لإشراف نائب المأمور، وكذلك بالنسبة لرؤساء الدوريات الذين يخضعون مباشرة لنائب المأمور وليس لهؤلاء جميعاً أي خضوع أو إشراف مباشر أو غير مباشر لرئيس وحدة المباحث (الطاعن)، وأيضاً وحدة المباحث حتى لا يقال أن الطاعن قد أخل بواجب الإشراف على مرؤوسيه المقرر قانوناً.
ومما تقدم يتضح بجلاء أن القرار المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين
انتهى إلى نسبة المخالفتين الأولى والثانية إلى الطاعن لأن الواجبات الوظيفية التي تم الإخلال بها لا تقع في نطاق اختصاص الطاعن، أصالة أو إشرافاً. إضافة إلى أن القرار المطعون فيه قد خلا من بيان القواعد القانونية والتعليمات الإدارية التي نُسب للطاعن مخالفتها لأنه لو استعرض في القرار المطعون فيه هذه التعليمات وتلك القواعد ما وقع في حمأة الخطأ في تطبيق القانون ذلك الخطأ الموجب لإلغاء القرار المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
إذ المقرر في قضاء مجلس الدولة :
" من حيث أنه يتضح من ذلك أن الطاعن قد اتخذ كافة الإجراءات الواجبة بشأن العقارين المذكورين من تحرير محاضر مخالفة عنها واستصدار قرارات بالإزالة وتشميع وإخطار الجهات المختصة (النيابة والشرطة) للقيام بتنفيذ تلك الإجراءات كما هو ثابت من الخطابات المرفقة. ومن ثم فإن المخالفة المنسوبة إليه تكون غير قائمة في حقه، ولا ينال من ذلك ما جاء بمذكرة النيابة الإدارية وتقرير الاتهام من نسبة المخالفة للطاعن بعدم تحريره محضر مخالفة عن كل دور على حدة إذ لم تقدم النيابة الإدارية أي سند من القانون لما ذهبت إليه وليس في القانون ولا في أي تعليمات صادرة من الجهة المختصة توجب أن يحرر محضر مخالفة عن كل دور على حدة كما لا يغير من ذلك ما ورد بالحكم من أن العقار خلف 98 بدء العمل فيه في نهاية 1985 ولم يتخذ المتهم أي إجراءات إلا في شهر يونيو 1986 إذ أن الثابت من الأوراق أن العمل بدأ في هذا العقار في شهر فبراير 1986 وليس في نهاية عام 1985 وقد اتخذ الطاعن الإجراءات الواجبة بتحرير محاضر المخالفات السابق بيانها في هذا شأن هذا العقار وقرارات وقف وإزالة الأعمال وأخطرت النيابة وشرطة المرافق لتنفيذ ذلك ورغم أن هذا ثابت فإن المالك استمر في البناء حتى أتم بناء الدور التاسع، وبالتالي فإن الطاعن قد قام بواجبة في عمل محاضر المخالفة واستصدر قرارات الوقف والإزالة مما يدخل في نطاق اختصاصه وليس بمكنته ولا يدخل فى اختصاصه تنفيذ تلك القرارات، وبناءً عليه لا يكون ثمة إخلال من الطاعن بواجبات وظيفته مما لا سند معه لمساءلته تأديبياً"
(الطعن رقم 2916 لسنة 35 – جلسة 5/11/1994)
ثالثاً : الفساد في الاستدلال :
استند قرار مجلس التأديب الإستئنافى في نسبة المخالفتين الأولى والثانية للطاعن على أقوال المواطنون ... و... و... الميكانيكي والضابطان ... و... وأمناء الشرطة ... و... ، والسائق مجند/... والذين جاءت أقوالهم متضاربة في شأن المخالفتين الأولى والثانية.
فالضابطان ... و... أقرا بالتحقيقات بأنهما اللذان قاما بضبط المتهم ... (... ) وأن الملازم أول ... هو الذي قام بعمل المحضر ... لسنة 2005 بالمخالفة للحقيقة إذ أثبت واقعة الفاكهة ولم يثبت واقعة التسجيلات.
فضلاً عن أن أقوال المواطنين لم تصل إلى حد الجزم واليقين الذي يمكن التعويل عليها حيث أن المواطنان ... و... الذين أدعيا ملكيتهما للتسجيلات لم يقدما – سواء بشكواهما أو للمحقق – ما يثبت ملكيتهما للتسجيلات.
كما أنهما لم يقدما بلاغاً رسمياً بالسرقة، فكيف يمكن الاستناد إلى شهادتهما!؟
وأخيراً فإن شهادة الأمين ... جاءت قاطعة إذ قرر أن السائق كان خائفاً من ... بك علشان العطل في تسجيل سيارة المباحث، فقام الأمين ... بإحضار التسجيل من على دولاب الطاعن دون علمه.
إلا أن الحكم الطعين قد أغفل ذلك وجاء بنتيجة مغايرة تماماً وفقاً لما استند إليه من أقوال، إذ قرر في حيثياته :
" ومن حيث أفادت معلومات قطاع مصلحة الأمن العام إلى ثبوت ارتكاب الضابط (الطاعن) لتلك المخالفتين، ومن حيث أن المخالفتين المنسوبتين إلى الضابط المحال (الطاعن) قد استقام الدليل على صحتهما أخذً بأقوال شهود الإثبات الذين جاءت شهادتهم جميعاً بدرجة تصل إلى حد التماثل، وأخيراً بمعلومات الأجهزة الأمنية التي أكدت صحة نسبة تلك المخالفات إليه"
ولما كان ما تقدم، وإذ لم يبين بشهادة الشهود – الذين لم يحضروا الواقعة – أن الطاعن بنفسه قام بإعطاء التسجيل للسائق لتصليحه ووضعه في سيارة المباحث، ولم يثبت أيضاً من شهادتهم أن الطاعن كان له دور في واقعة الضبط بالنسبة للمخالفة الأولى – والتي هي مسئولية الضابطان سالفي الذكر – فأين هي الأدلة المادية على صحة تلك المخالفات ونسبتها للطاعن؟
أن الحكم الطعين إذ استند إلى شهادة شهود - ماشفوش حاجة - وتحريات أجهزة أمنية لم يواجه بها الطاعن، وإنما هي حسبما هو مستقر عليه في قضاء مجلس الدولة أن التحريات ليست إلا وجهة نظر محررها ولا يمكن التعويل عليها كدليل إدانة، وإلا أصبحت التحريات المستقاة من خيال محررها – وسيلة إثبات في كافة الجرائم، ويصبح القائمين بالتحريات قضاة متجولون في الشوارع يقومون بتنفيذ القانون وفق أهوائهم دون رقيب ولا ضابط.
وإذ استقر قضاء التأديب على أن :
" إن إسناد الاختصاص التأديبي في شأن كبار الموظفين الشاغلين الوظائف الرئيسية بإدارة النقل المشترك لمدينة الإسكندرية إلى مجلس الإدارة، مع إغفال إيراد قاعدة تنظيمية لما يجب أن يراعى من أوضاع ويتبع من إجراءات في شأن التحقيق و المحاكمة التأديبية التي يتولاها هذا المجلس، لا يعنى أن سلطة المجلس في هذا الصدد مطلقة لا تخضع لقيد ولا تعرف لمداها حداً، وأن سير المحاكمة يجرى على غير أصول أو ضوابط؛ إذ أن ثمة قدراً من الضمانات الجوهرية يجب أن يتوفر كحد أدنى في كل محاكمة تأديبية، وهذا القدر تمليه العدالة المجردة وضمير الإنصاف والأصول العامة في المحاكمات، وإن لم يرد عليه نص خاص، ويستلهم من المبادئ الأولية المقررة في القوانين الخاصة بالإجراءات، سواء في المحاكمات الجنائية أو التأديبية؛ ذلك أن القرار التأديبي هو في الواقع من الأمر قضاء عقابي في خصوص الذنب الإداري، ومن هذه الضمانات تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه، وتحقيق دفاعه، وحيدة الهيئة التي تتولى محاكمته، وتسبيب القرار الصادر بالجزاء التأديبي بما يكفل الاطمئنان إلى صحة وثبوت الوقائع المستوجبة لهذا الجزاء والتي كونت منها السلطة الـتأديبية عقيدتها واقتناعها، واستظهار الحقائق القانونية وأدلة الإدانة بما يفيد توافر أركان الجريمة التأديبية و قيام القرارات على سببه المبرر له، يتيح للقضاء إعمال رقابته على ذلك كله من حيث صحة تطبيق القانون على وقائع الاتهام ولاسيما إذا تعددت التهم المنسوبة إلى الموظف واختلف مركز كل منها من حيث ثبوتها أو مدى جسامتها واستحقاقها للجزاء. ولا يغنى عن تسبيب القرار وجود تحقيق سابق عليه، والاقتصار على الإحالة العامة إلى هذا التحقيق أو الإشارة إلى حصول المداولة بين أعضاء مجلس التأديب في شأن التهم موضوع المحاكمة جملة. وإذا كان الأصل في القرار الإداري عدم تسبيبه إلا إذا نص القانون على وجوب هذا التسبيب فإن القرار التأديبي على النقيض من ذلك - وهو قرار ذو صبغة قضائية إذ يفصل في موضوع مما يختص به القضاء أصلاً - يجب أن يكون مسبباً. وقد رددت هذا الأصل العام المادة 91 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة؛ إذ نصت على أن " تكون قرارات مجلس التأديب مسببة و توقع من الرئيس و الأعضاء الذين أصدروها "، كما أكدته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بالنص على أنه يجب " أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها. وكل حكم بالإدانة يجب أن يشمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، و أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه "
(الطعن رقم 207 لسنة 4ق.ع جلسة 21/3/1959)
وكذلك قضت :
" إن الجزاء التأديبي إنما يقوم على واقعة أو وقائع محددة تثبت في حق الموظف و تكون ذنباً إدارياً يستأهل العقاب، ولابد لإعمال رقابة المحكمة أن تكون هذه التحقيقات تحت نظرها أو أن تكون الواقعة التي إنبني عليها توقيع الجزاء لها أصل ثابت في أوراق أخرى تطمئن إليها المحكمة وذلك في حالة ضياع الأوراق الأصلية. فإذا كانت الواقعة التي أسندت إلى المطعون ضده وإنبني عليها توقيع الجزاء عليه ليس لها أي صدى في الأوراق المقدمة بملف الدعوى، فلم تتكشف تفاصيلها ولا ماهيتها، ولم تنكر الحكومة أي شي عن الواقعة التي أسندت للمطعون ضده، وكل ما قالته أن هناك تحقيقاً أجرى دون أن تذكر عناصره أو مقوماته، بل و قالت بصريح العبارة أنها لا تستطيع الرد على الدعوى دون أن يكون أمامها الأوراق التي إنبني عليها توقيع الجزاء. فإذا قال المطعون ضده أنه لم يرتكب وزراً يعاقب عليه و عجزت الحكومة عن تقديم الدليل المثبت للذنب الإداري كان القرار المطعون فيه قد قام على غير سبب أو أن الأسباب التي أفصحت عنها الحكومة قد عجزت عن إثبات صحتها بعدم تقديم الأوراق المثبتة لها. وأنه وإن لم يكن عدم تقديم أوراق التحقيق الإبتدائي أو فقدها بمضيع للحقيقة في ذاتها ما دام من المقدور الوصول إلى هذه الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى، ولما كان الثابت من الأوراق عدم الإشارة في أي منها إلى هذا التحقيق الفاقد، بما يفيد حصوله على النحو الذي أدى بالإدارة إلى استخلاص الإدانة منه، وهذا في الوقت الذي لا تذكر الحكومة عن تفاصيله أي شيء ، فإنه ولا شك يكون من غير المقدور الوصول إلى الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى بعد مضى هذا الزمن، خصوصاً وقد أفسح المجال للإدارة للإثبات فلم تقدم ما يثبت صحة الأسباب التي قام عليها الذنب الإداري الموقع على المطعون ضده بالقرار المطعون فيه."
(الطعن رقم 1154 لسنة 8ق.ع جلسة 16/2/1963)
وعليه وإذ لم يثبت على نحو الجزم واليقين ارتكاب الطاعن لأي من المخالفات المنسوبة إليه من واقع شهادة الشهود والتي جاءت متضاربة، فضلاً عن أنها لوقائع لم يشاهدها الشهود.
إذ لا يمكن الاستعانة بشهادة المواطنين فيما يجب أن يقوم به رئيس وحدة المباحث بمناسبة ضبط واقعة (وهو الاتهام الأول) "عدم اتخاذ الإجراءات القانونية" والتي من المفروض أن يكون الدليل عليها من اللوائح والتعليمات المنظمة للعمل وليس شهادة الشهود.
وفى الاتهام الثاني " عدم اتخاذه ثمة إجراء" ما هي الإجراءات التي يجب أن يقوم بها الطاعن وفقاً لشهادة الشهود أيضاً، وليس وفقاً للوائح والتعليمات.
لقد أخطأ الحكم الطعين في نسبة المخالفات الثلاثة للطاعن استناداً إلى أقوال الشهود الذين "ماشفوش حاجة" وكذلك لاستناده إلى شهادة الضابطين اللذين كانا من المفروض أنهما مسئولان عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفقاً للوائح والتعليمات المنظمة للعمل داخل أقسام الشرطة، وليس الطاعن. حيث ثبت قيامهما بعملية الضبط كاملة ولم يكن معهما الطاعن.
ومن جماع ما تقدم، فإن ما نسب للطاعن من مخالفات لا يمكن بأي حال من الأحوال استقامة الدليل عليهم على النحو سالف ذكره، حيث تخرج جميعها من دائرة اختصاص الطاعن الوظيفي.
ومن ثم فإن الحكم الطعين يكون قد شابه عيب الفساد في الاستدلال مما يتعين إلغاؤه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
فلهذه الأسباب والأسباب الأخرى التي سوف يبديها الطاعن بالمذكرات والمرافعات الشفوية.
يلتمس الطاعن تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن لتقرر فيه دائرة فحص الطعون بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، وإحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
لــذلك
وبما ذكر تحرر هذا التقرير، ووقعه معنا الأستاذ الدكتور / إبراهيم على حسن المحامى أمام المحكمة الإدارية العليا وقيد بسجل الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا برقم ( ) 3ق.عليا.
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الخامسة – موضوعي
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود إسماعيل رسلان نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد هشام أحمد كمال الكشكي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد المنعم شلقامي مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم ... لسنة 53 ق . عليا
المقام من /
....
ضد /
وزير الداخلية " بصفته "
بالطعن في القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة
في الاستئناف رقم ... لسنة 2006 بجلسة 19/12/2006
الإجراءات
بتاريخ 30/1/2007 أودع الأستاذ / إبراهيم علي حسن النحاس المحامي –
بصفته وكيلا عن الطاعن – قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن الماثل في القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة في الاستئناف المقام من وزارة الداخلية رقم ... لسنة 2006 والاستئناف المقابل المقام من الطاعن بجلسة 19/12/2006 والذي قرر قبول الاستئنافين شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف فيما انتهي إليه من براءة المستأنف ضده في المخالفة الثالثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة والقضاء مجددا بإدانته عنها ، ومجازاته عن المخالفات الثلاثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، ثم الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه .
وأعلن تقرير الطعن إلي المطعون ضده بصفته علي النحو المبين بالأوراق حيث أودعت هيئة قضايا الدولة ملف مجلس التأديب المطعون في قراره بالطعن الماثل ومذكرة بدفاع المطعون ضده بصفته اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه .
ونظر الطعن أمام الدائرة الخامسة " فحص " بجلسة 23/4/2007 وفيها قررت إحالة الطعن إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه حيث قدمت الهيئة المذكورة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، والقضاء بإعادة أوراق الاستئناف رقم .... لسنة 2006 إلي مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة للفصل فيه مجددا من هيئة مغايرة – وبجلسة 10/12/2007 قررت الدائرة الخامسة " فحص " إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الخامسة – موضوع – وحددت لنظره جلسة 15/1/2008 وفيها نظر حيث قدم الحاضر عن الدولة مذكرة تكميلية بدفاع المطعون ضده بصفته اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن / كما قدم الطاعن بتاريخ 10/1/2008 مذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لبطلان تشكيل مجلس التأديب الاستئنافي ، واحتياطيا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه ، وبجلسة 22/3/2008 قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت علي المستند المبين علي غلافها ، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/4/2008 وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع حيث أودع الطاعن مذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم بذات الطلبات الواردة بمذكرته السابقة ، وبجلسة 19/4/2008 فررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانونا .
حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية المقررة قانونا .
وحيث أن الفصل في موضوع الطعن يغني عن التصدي للشق المستعجل منه .
وحيث أن عناصر الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق وقرار مجلس التأديب المطعون فيه – في أنه بتاريخ 10/4/2005 أصدر السيد/ وزير الداخلية القرار رقم ... لسنة 2005 بإحالة الرائد/... – الضابط بمديرية أمن ... – إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً، لأنه بوصفه موظفاً عاماً " ...." ارتكب ما يلي: الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي والإخلال به ومخالفة التعليمات والسلوك المعيب وذلك : 1- لعدم اتخاذه الإجراءات القانونية أو تكليف أي من مرؤوسيه بذلك حيال واقعة ضبط المدعو/... وشهرته " ... " وبحوزته ثلاث أجهزة تسجيل سيارات وجهاز اكولايزر بمعرفة كلا من الملازمين أول / ... – الضابط بوحدة مباحث القسم، و... – رئيس دورية القسم – بتاريخ 2/1/2005 والتحفظ على الأجهزة المشار إليها دون مقتضى والاكتفاء بتكليف الملازم أول/... بتحرير المحضر رقم ... جنح قسم شرطة ... لسنة 2005 عن اتهامه بسرقة كمية من الفاكهة فقط بالمخالفة للتعليمات.
2- لعدم اتخاذه ثمة إجراء حيال ما أبلغه به كل من المدعو/ ... ، و... من سابقة سرقة الأجهزة سالفة البيان وتعرفهما على إحداها كان المجند/ ... يقوم بإصلاحه لتركيبه بسيارة وحدة البحث المخصصة له ، وذلك على النحو الوارد بالمعلومات والتحقيقات.
3- لتكليفه أمين الشرطة/ ... – بلوكامين وحدة البحث رئاسته بتسطير المحضر رقم ... إداري القسم لسنة 2005 بتاريخ 27/1/2005 باسم الملازم أول/ ... الضابط بالوحدة – رغم عدم تواجد الأخير بالوحدة والذي ثبت من الفحص أن التوقيع المُزيّل به المحضر غير خاص به واثبت به على غير الحقيقة ضبط المتهم/ ... " الشهير ... " بتاريخ تحرير المحضر الساعة 9م وبحوزته أجهزة تسجيل السيارات المشار إليها والسابق ضبطها بتاريخ 2/1/2005 وإقراره بملكيتها درءاً للمسئولية ودون إثبات تنازع الشاكيان له في ملكيتها مما أدى إلى صدور قرار النيابة العامة بتسليم المضبوطات للمتهم المذكور ، الأمر الذي أساء إليه والى الهيئة التي ينتمي إليها.
وقيدت الدعوى التأديبية رقم .. لسنة 2005 ضد هذا الضابط المذكور " الطاعن ونظرت أمام مجلس التأديب الابتدائي علي النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 12/3/2006 أصدر مجلس التأديب الابتدائي قراره ببراءة الضابط المحال من المخالفة الثالثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة وإدانته في المخالفتين الأولى والثانية بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر.
وشيد مجلس التأديب قراره – في مجال إدانة الضابط المحال في المخالفتين الأولى والثانية – علي سند من ثبوت ارتكاب الضابط المحال لهما أخذا بأقوال شهود الإثبات وأخذا بمعلومات الأجهزة الأمنية التي أكدت صحة نسبة تلك المخالفات إليه ولا ينال منها إنكار الضابط المحال للواقعة عند مواجهته ، كما شيد مجلس التأديب قراره – في مجال براءة الضابط المحال في المخالفة الثالثة المنسوبة إليه – علي سند من خلو الأوراق والتحقيقات من ثمة شهود علي أن الضابط المحال هو الذي كلف أمين الشرطة – البلوكامين - ... بتحرير المحضر رقم ... إداري .... 2005 وشهادة البلوكامين المذكور جاءت لتنفي عن الضابط المحال هذا الاتهام وتلقي به علي الملازم أول / ... ، الأمر الذي قرر معه المجلس براءة الضابط المحال من الاتهام الثالث المنسوب إليه وخلص مجلس التأديب إلي قراره المشار إليه ، وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى الطاعن ووزارة الداخلية فأقاما الطعن عليه بالاستئناف المقيد برقم ... لسنة 2006 ونظر أمام مجلس التأديب الاستئنافي وبجلسته المنعقدة بتاريخ 3/10/20006 برئاسة اللواء / ....... مساعد وزير الداخلية لقطاع الأفراد ، وبذات الجلسة حضر الضابط المستأنف ومحامية وفيها قرر مجلس التأديب الاستئنافي حجز الدعوى للقرار بجلسة 19/12/2006 وفيها وبذات التشكيل أصدر مجلس التأديب قراره بقبول الاستئنافين شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف فيما أنتهي إليه من براءة الضابط المستأنف ضده في المخالفة الثالثة المنسوبة إليه بقرار الإحالة ، والقضاء مجددا بإدانته عنها ومجازاته عن المخالفات المنسوبة إليه بقرار الإحالة بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر .
وحيث أن مبني الطعن يقوم علي بطلان قرار مجلس التأديب للقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وذلك علي سند من الأسباب المبينة تفصيلا في تقري الطعن .
وحيث أنه عن موضوع الطعن – فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وحدة لتنزل صحيح حكمه علي النزاع غير مقيدة في ذلك بطلبات الطاعن أو الأسباب التي يبديها في طعنه إعمالا لمبدأ المشروعية وسيادة القانون في روابط القانون العام .
وحيث أن المادة 61 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص علي أن "يشكل مجلس التأديب الاستئنافي برئاسة مساعد أول وزير الداخلية وعضوية مستشار الدولة لوزارة الداخلية والمحامي العام ، وتسري علي أعضاء المجلس أحكام التنحي المبينة في المادة 57 من هذا القانون ، فإذا قام برئيس المجلس مانع حل محله أقدم مساعدي الوزير ثم من يليه ، أما إذا قام المانع بأحد العضوين الأخيرين ندبت الجهة التي يتبعها بدلا منه من نفس درجته ، ويمثل الادعاء أمام المجلس مدير الإدارة العامة للتفتيش أو وكيله ، ولا يجوز للمجلس تشديد العقوبة إذا كان الاستئناف مرفوع من الضابط وحده .
وحيث أن مفاد هذا النص أن المشرع حدد تشكيل مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة ليكون برئاسة مساعد أول وزير الداخلية ومستشار الدولة لوزارة الداخلية والمحامي العام ، وعند قيام المانع من نظر الاستئناف برئيس مجلس التأديب فإنه يحل محله أقدم مساعدي الوزير ثم من يليه ، ولما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع لتصديق جهة إدارية عليا إنما هي بمثابة أحكام تأديبية شأنها شأن أحكام المحاكمة التأديبية ، فإن هذه القرارات تخضع للقواعد الأساسية والمقومات التي يتعين توافرها في الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم التأديبية ومن بين هذه القواعد أن يكون مجلس التأديب مشكلا تشكيلا صحيحا وفقا لحكم القانون فإذا نص القانون علي تشكيل محدد لمجلس التأديب فلا يجوز مخالفته لتعلقه بالنظام العام ، ويؤدي مخالفة ذلك التشكيل إلي بطلان تشكيل مجلس التأديب وبطلان ما يصدر عنه من قرارات لتعلق ذلك بالنظام العام .
وحيث إنه يبين من استقراء محاضر جلسات مجلس التأديب الاستئنافي حال نظره الاستئناف رقم ... لسنة 2006 الصادر فيه القرار المطعون فيه أنه لم يرأس أي من جلساته مساعد أول وزير الداخلية حتى يرجح القول بقيام مانع به حال بينه وبين استمراره نظر هذا الاستئناف وإنما ومنذ أول جلساته في 3/10/2006 فقد انعقد المجلس برئاسة اللواء / ...... مساعد وزير الداخلية لقطاع الأفراد واستمر في رئاسته مجلس التأديب حتى صدر القرار المطعون فيه ، الأمر الذي يصم هذا القرار بالبطلان لصدوره من مجلس غير مشكل وفقا للقانون لرئاسة جميع جلساته مساعد وزير الداخلية ، ولا ينال من ذلك ما تذرعت به جهة الإدارة بكثرة مهام مساعدي أول وزير الداخلية إذ أنه فضلا عن أن الهيكل الوظيفي لوزارة الداخلية أضحي يشمل أكثر من مساعد أول وزير الداخلية وفقا لمفهوم نص المادة الرابعة من قانون هيئة الشرطة المشار إليه معدلا بالقانون رقم 218 لسنة 1991 ، فإن كثرة المهام لا تخل بضرورة أن يكون مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة مشكلا تشكيلا صحيحا وفقا لأحكام القانون بحسبان أن ما يصدر عنه من قرارات تأديبية هي بمثابة أحكام تأديبية يلزم توافر المقومات الأساسية والضمانات الجوهرية في إصدارها ومنها تشكيل الهيئة مصدرة القرار التأديبي ، كما أن من المسلم به أنه يلزم أن يكون المتقاضي علي علم كاف بقاضيه الذي يتولى محاكمته حتى يتمكن من رده إذا قام به مانع من نظر دعواه ، وعليه فإذا كان المشرع حدد صفات ودرجات هيئة مجلس التأديب فلا بد من صدور قرار بأسماء الرئيس والأعضاء الذين يشكل منهم مجلس التأديب حتى يستطيع المحال أو المستأنف العلم بأسماء من يتولون محاكمته ، ومن ثم فإن ما أثارته الجهة الإدارية في هذا الشأن إنما هو مجرد قول مرسل لا ينال من ضرورة تشكيل مجلس التأديب الاستئنافي تشكيلا صحيحا وفقا للقانون ، الأمر الذي تقضي معه هذه المحكمة ببطلان قرار مجلس التأديب المطعون فيه لصدوره من مجلس تأديب غير مشكل تشكيلا صحيحا وفقا لحكم القانون ، وبإعادة أوراق محاكمة الطاعن تأديبيا بما شملته من أوراق مجلس التأديب الاستئنافي رقم 193 لسنة 2006 إلي مجلس التأديب الاستئنافي لضباط هيئة الشرطة للفصل فيه
مجددا من هيئة أخري مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا للقانون
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار لبطلانه وأمرت بإعادة أوراق الاستئناف رقم .. لسنة 2006 إلي مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة للفصل فيه مجددا من هيئة أخري .
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 20 من جماد أول لسنة 1429 هـ والموافق 24/5/2008 بالهيئة المبينة بصدره .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
مذكرة
أسباب الطعن في الإدارية العليا
السيد الأستاذ الدكتور / جابر جاد نصار
المحامي بالنقض والإدارية العليا
مكتب Law Office of
د. جابر جاد نصار Dr. Gaber Nassar
للاستشارات القانونية
والمحاماة consultant Attorney at law &
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن
انه في يوم الموافق
أمامي أنا/ مراقب المحكمة الإدارية العليا حضر الدكتور/ جابر جاد نصار المحامى بالنقض والإدارية العليا وكيلاً عن السيد/ ..... – المقيم ..... ، ومحله المختار مكتب الدكتور/جابر جاد نصار المحامى بالنقض والإدارية العليا والكائن 32 ب شارع مراد – الجيزة .
ضـــد
1) السيد الأستاذ المستشار / رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية بصفته .
2) السيد الأستاذ المستشار / رئيس لجنة فحص الطعون باللجنة العليا للانتخابات بصفته
3) السيد اللواء / وزير الداخلية بصفته .
4) السيد اللواء / مدير أمن القاهرة بصفته.
5) السيد / مأمور قسم شرطة الوايلى بصفته .
( مطعون ضدهم )
وقرر انه يطعن
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدائرة الأولى في الدعويين رقمي ... و ... لسنة 65ق بجلسة 23/11/2010 فيما قضى به من قبول الدعوى
شكلا ورفض الشق العاجل من الدعوى .
الموضوع
تقدم الطاعن للترشيح في انتخابات مجلس الشعب للدورة البرلمانية 2010/2015 وذلك بصفته عامل عن دائرة ... – مركز قسم شرطة ... – الدائرة (11 ) محافظة القاهرة .
وقد فوجئ الطاعن بأن لجنة فحص الطعون حين إعلان أسماء المرشحين بالدائرة قد غيرت صفته المرشح عليها من عمال إلى فئات . وذلك على الرغم من ثبوت صفة العامل له بالمستندات الرسمية التي سبق له وأنه قدمها حين تقديمه لأوراق الترشيح إلى مديرية أمن القاهرة .
ولما كان هذا القرار قد أضر بمصلحة الطاعن وأهدر حقوقه الدستورية فقد أقام الدعويين رقمي ... لسنة 65ق ، ... لسنة 65ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبا وقف تنفيذ هذا القرار ثم إلغاؤه وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 20/11/2010 لنظر الشق العاجل من الدعوى وبتلك الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 23/11/2010 لتقدم الجهة الإدارية ملف ترشيح الطاعن كاملاً وبتلك الجلسة لم تقدم الجهة الإدارية ثمة مستندات في الدعوى وهو ما قررت معه المحكمة حجز الدعوى ليصدر فيها حكماً آخر الجلسة مع التصريح بإيداع مذكرات ومستندات خلال ساعتين .
وبتلك الجلسة أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه ولما كان هذا القضاء قد شابه الخطأ في تطبيق القانون لذلك فإن الطاعن يطعن عليه للأسباب الآتية :
أسباب الطعن
أولاً : خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والخطأ في تفسيره وتأويله .
من حيث أن الحكم المطعون فيه قد استند فيما انتهى إليه من القضاء برفض الدعوتين رقمي ... ، ... لسنة 65ق في الشق العاجل منها إلى فقد الطاعن لأحد الشروط المتطلبة لاكتساب صفة العامل فضلا عن صدور حكماً في الدعوى رقم ... لسنة 60ق بجلسة 8/11/2005 والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي ... ، ... لسنة 52 عليا بجلسة 26/12/2009 واللذين تضمنا نفى صفة العامل عن الطاعن وتحويل صفته إلى فئات وهذا الذي تساند إليه الحكم الطعين قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله على النحو التالي :
ومن حيث أن المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب تنص في فقرتها الثانية على :
" ويعتبر عاملاً من يعمل عملاً يدوياً أو ذهنياً في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات ويعتمد بصفة رئيسية على دخله الناتج عن هذا العمل ولا يكون منضما لنقابة مهنية أو مقيداً فى السجل التجاري أو من حملة المؤهلات العليا ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العالية ، وكذلك من بدأ حياته عاملاً وحصلا على مؤهل عال ، وفى الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملاً أن يبقى مقيداً فى نقابته العمالية " .
ومن حيث أنه يستفاد من المادة الثانية من قانون مجلس الشعب سالف الذكر وعلى ما جرت به أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا أن من بين الشروط التي يتعين توافرها لإسباغ صفة العامل على شخص المرشح القيام بعمل يدوى أو ذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات وأن يعتمد بصفة رئيسية على دخله الناتج عن هذا العمل وأن يكون مقيداً في نقابة عمالية ، وألا يكون مقيداً في السجل التجاري . أو من الحاصلين على مؤهل عال .
ومن حيث أن الطاعن تتوافر فيه كل هذه الشروط التي تتطلبها القانون وذلك على الوجه التالي :
1- أنه يعمل عامل طباعة من 1/8/2004 وحتى الآن وأنه كان يعمل بمطبعة ... للطباعة برقم تأميني ... في الفترة من 1/8/2004 وحتى 30/12/2009 وفى الفترة من 1/1/2010 وحتى تاريخه يعمل عاملاً بمطبعة ... ومؤمن عليه لدى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية منطقة .... – مكتب .... برقم تأميني .... .
( مستند رقم 1 ،2،3 ،4 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/11/2010)
2- أنه عضو مقيد بنقابة عمالية وهى النقابة العامة للصحافة والإعلام برقم
عضوية ... ومسدد لاشتراكاته النقابية حتى تاريخه 2010.
( مستند رقم 5 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/11/2010)
3- أنه حاصل على دبلوم تجارة ولم يحصل على مؤهل عال سواء قبل اكتسابه صفة عامل أو بعدها .
( مستند رقم 6 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/11/2010)
4- أنه غير مقيد بالسجل التجاري وغير مقيد بسجل المستوردين أو المصدرين .
( مستند رقم 7 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/11/2010)
5- أن دخله الوحيد من عمله اليدوي كعامل طباعة حيث يتقاضى راتباً إجمالياً مقداره 1000 جنيه مصري من عمله كعامل بمطبعة ... وفقا لما هو ثابت من المستندات المقدمة منه .
( مستند رقم 8 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/11/2010)
وتصديقاً للمستندات السابقة والتي تنطق بالحق بثبوت صفة العامل للطاعن أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر شهادة تفيد بأن السيد / ... عضو مشترك بالتنظيم النقابي طبقا للبيانات الثابتة تفصيلا بكتاب النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام والتي تفيد أن تاريخ الاشتراك 1/1/1988 تحت رقم عضوية ... ومسدد اشتراكاته بانتظام حتى تاريخه .
وإذ خالف القرار المطعون فيه ومن بعده الحكم المطعون فيه هذه المستندات الرسمية القاطعة بصحة صفة الطاعن " عامل " وقامت لجنة فحص الطعون بقبول الطعن في صفة الطاعن وتحويله من عامل إلى فئات وهو ما تبنته محكمة القضاء الإداري وهو ما يوصم هذا القضاء بمخالفة القانون وأهدر الثابت في المستندات والأوراق على خلاف القانون . حيث توافرت في الطاعن كافة الشروط التي تطلبتها المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب على الوجه السابق بيانه ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى غير ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب وقف تنفيذه وإلغاءه.
ثانياً : مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت في الأوراق وفساده في الاستدلال لاستناده إلى الأسباب التي قام عليها قرار لجنة الفحص بتحويل صفة الطاعن .
ومن حيث أن لجنة فحص الطعون قد استجابت للطعون المقدمة إليها طعناً في صفة الطاعن وحولته من عامل إلى فئات بناء على أسباب باطلة وغير صحيحة في الواقع والقانون وهو يجعل استناد الحكم المطعون فيه إلى ذات الأسباب التي بينتها اللجنة لتحويل صفة الطاعن على الرغم من بطلانها ما يوصم هذا القضاء بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وذلك كما يلي :
حيث أن الحكم المطعون فيه قد استند فيما انتهت إليه من القضاء برفض الدعوى إلى ذات الأسباب التي استندت إليها اللجنة من صدور حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم ... لسنة 60ق والصادر بجلسة 8/11/2005 والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي ... ، ... لسنة 52ق عليا بجلسة 26/12/2009 والذي قضى أولهما باستبعاد الطاعن من صفة العمال وتحويله إلى صفة الفئات وقد أيد الحكم الثاني الصادر من المحكمة الإدارية العليا ذلك وذلك برفض الطعنين المشار إليهما .
وهذا الحكم وذاك لا يصح الاستناد إليهما كسبب لنفى صفة العمال عن الطاعن حيث أن هذين الحكمين قد استبعدا الطاعن من الانتخابات التي جرت في 2005 من صفة العمال إلى صفة الفئات بدعوى أنه لم يقدم المستندات الدالة على صفته كعامل ومن ثم فإن الحكمين صدرا نتيجة تقصير من دفاع الطاعن حيث لم يقدم المستند الذي نص عليه قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 والذي يثبت صفته . أي أن الحكمين المشار اليهما قد نفيا صفة العمال عن الطاعن نظراً لعدم تقديم المستند الذي يثبت هذه الصفة إلى لجنة الطعون أو المحكمة وعلى ذلك فإن الحكمين المستشهد بهما لم يتطرقا إلى مدى توافر شروط صفة العامل من الناحية الموضوعية في الطاعن . وذلك أمر ظاهر من الأسباب التي وردت في حكم المحكمة الإدارية العليا حيث ذهبت إلى :
" ومن حيث إنه عن ركن الجدية الذي يرتكز عليه الطعن فإنه بالرجوع إلى
القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب ( معدلاً ) يبين أن المادة الثانية منه – معدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2002 تنص على أن " ... ويعتبر عاملاً من يعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات ، ولا يكون منضما إلى نقابة مهنية أو يكون مقيداً في السجل التجاري أو من حملة المؤهلات العالية ، ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات العمالية من غير حملة المؤهلات العالية ،وكذلك من بدأ حياته عاملا وحصل على مؤهل عال ، وفى الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملا أن يكون مقيداً في نقابة عمالية ... " وقضت المادة السادسة من ذات القانون بأن " يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة ... ويكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال ... وبالمستندات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها هذا القانون للترشيح ، أثبتت صفة العامل أو الفلاح بإقرار يقدمه المرشح مصحوبا بما يؤيد ذلك من المستندات " .
ونفاذاً لأحكام هذه المادة صدر قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 المعدل بالقرار رقم 6054 لسنة 1990 يقضى في المادة (2) بأن يقدم طلب الترشيح كتابة على النموذج المعد لذلك مصحوبا بالمستندات ، وأوجبت أن " يكون إثبات صفة العامل بتقديم شهادة من رب العمل مصدقا عليها من مكتب التأمينات الاجتماعية التابع له تفيد العمل والأجر والمؤهلات الدراسية الحاصل عليها مقدم الطلب حسب الثابت بملف عمله أو ملف خدمته ، وكذلك شهادة من النقابة العمالية التي هو عضو بها تفيد رقم قيده ونوع عضويته وتاريخها، فإذا كان حاصلا على مؤهل جامعي أو عال أو من إحدى الكليات العسكرية قدم ما يثبت انه بدأ حياته عاملاً ... "
ومن حيث إنه تطبيقا للأحكام المتقدمة ، ولما كان الظاهر من الأوراق وبصفته خاصة حافظة المستندات التي أودعتها هيئة قضايا الدولة أثناء حجز الدعوى للحكم بجلسة 6/11/2005 أمام محكمة القضاء الإداري أنها قد حوت ملف الطلب الذي تقدم به الطاعن إلى مديرية أمن القاهرة للترشيح لانتخابات مجلس الشعب عام 2005 عن الدائرة (11 ) قسم شرطة ... بصفة عامل وانه لم يشتمل على شهادة صادرة من صاحب دار ... بصفته رب العمل مصدقا عليها من مكتب التأمينات الاجتماعية التابع له الطاعن تفيد العمل والأجر والمؤهلات الحاصل عليها ، وهذه الشهادة هي المستند الذي تطلبه قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 سالف الذكر لإثبات صفة العامل ، ومن ثم فإنه وبعض النظر عما آثاره المطعون ضده الثاني من صورية عقد العمل الذي قدم الطاعن صورة منه ضمن حافظتي مستندات قدم إحداهما بجلسة 19/5/2008 والأخرى أودعها أثناء حجز الطعنين للحكم بجلسة 23/10/2008 ، يكون طلب ترشيح الطاعن للانتخابات المشار إليها مفتقدا للمستند الأساسي الذي تحدد بالقرار السالف لإثبات صفة العامل ، هذا إلى جانب أن صورة عقد العمل المشار إليه لا تعد بديلا عن المستند الذي حدده القرار رقم 293 لسنة 1984 خاصة وأنه غير التاريخ ولم يقدم إلا لاحقا على إقفال باب الترشيح ، وكذلك كان الطاعن متقدما بصفة فئات في الانتخابات التي تمت لعضوية المجلس الشعبي المحلى لقسم الوايلي والتي أعلن انتخابه فيها بهذه الصفة بقرار محافظ القاهرة رقم 844 لسنة 2002 ، الأمر الذي يكون معه الطاعن مفتقداً – بحسب الظاهر من الأوراق – لصفة عامل في الانتخابات المشار إليها ومن ثم يكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مستوفيا لركن الجدية ".
وعلى ذلك فإن المحكمة الإدارية العليا قد استندت في قضائها بانتفاء صفة العامل عن الطاعن إلى كونه لم يثبت صفته كعامل إبان الانتخابات التي تمت سنة 2005 فضلا عن أنه لم يقدم المستند الذي أشار إليه قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 .
ومن حيث أن الطاعن قدم رفق أوراق ترشيحه هذا المستند وهو شهادة من رب العمل مصدقا عليها من مكتب التأمينات الاجتماعية التابع له وذلك تطبيقا للمادة 2 من قرار وزير الداخلية سابق الإشارة إليه فإن السبب الذي أسست عليه المحكمة قضاؤها لم يعد له وجود فى الواقع أو القانون . ويكون الطاعن قد أثبت صفته العمالية حين تقدمه للانتخابات الراهنة نوفمبر 2010 ويكون معه الحكم المطعون فيه قد خالف القانون مستوجبا وقف تنفيذه وإلغاءه .
ثالثاً : ثبوت صفة العامل للطاعن قبل وأثناء تقدمه للترشيح في الانتخابات البرلمانية 2010/2015 وذلك من واقع المستندات التي قدمها بملف ترشيحه .
ومن حيث أن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أن العبرة في توافر
صفة العامل للمرشح هي بوقت التقدم للترشيح . ومن ثم فإنه وفقا لذلك فإن صفة العامل قد تثبت للشخص ثم تنتفي عنه وتعود إليه مرة أخرى والعبرة في ثبوت هذه الصفة أو انتفائها هو وقت التقدم للترشيح للانتخابات .
وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في حكمها في الطعن رقم ... لسنة 47ق .ع جلسة 26/10/2000 .
" ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق على النحو سالف الذكر ، أن المطعون ضده الرابع يحوز هو وزوجته أكثر من عشرة أفدنة ، وقت تقدمه بطلب الترشيح في 21/9/2000 ، لذا يكون قد فقد شرطا من الشروط الذي إستلزمها القانون لكي يتمتع المرشح بصفة الفلاح ، إذ العبرة في تحقق الصفة وتحديدها هي بوقت التقدم بطلب الترشيح على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، (ولا يغير من ذلك أو ينتج أثراً في تعديل الصفة التي توافرت في حقه ، قيام المطعون ضده الرابع في 2/10/2000 بتطليق زوجته ، إذ أن ذلك ليس بمؤثر أو منتج في تعديل الصفة التي توافرت له وقت التقدم بطلب الترشيح أيا ما يكون الأمر من حقيقة الغرض وخبيئة النفس من وراء ذلك).
( الطعن رقم 1004 لسنة 47 ق .ع )
كما قضت أيضاً في الطعن رقم ... لسنة 47ق جلسة 27/10/2000 .
" ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب تنص في فقرتها الثانية على أنه " ويعتبر عاملاً من يعمل عملا يدويا أو ذهنيا في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات ، ويعتمد بصفة رئيسية على دخله الناتج من هذا العمل ، ولا يكون منضما لنقابة مهنية أو مقيدا في السجل التجاري ، أو من حملة المؤهلات العليا ، ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العالية ، وكذلك من بدأ حياته عاملاً وحصل على مؤهل عال ، وفى الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملاً أن يبقى مقيداً في نقابته العمالية " .
ومن حيث أنه يستفاد مما تقدم أن من بين الشروط التي يتعين توافرها لإسباغ صفة " العامل " على الشخص القيام بعمل يدوى أو ذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات وأن يعتمد بصفة رئيسية على دخله الناتج عن هذا العمل ، مما مفاده أن من لا يقوم بعمل في أي من المجالات سالفة الذكر في تاريخ تقديم طلب ترشيحه ، تنحسر عنه صفة العامل ، ولو كانت له هذه الصفة من قبل كان يكون محالا إلى المعاش بعد أن كان عاملاً أو افتقد أحد الشرائط اللازمة لاستمرار هذه الصفة فيه مما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية سالفة الذكر .
من حيث إنه لما كان ذلك وكان البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده الرابع بعد أن كان يعمل موظفاً ببنك .... بمحافظة الدقهلية، ومشتركاً بالتنظيم النقابي ، أحيل إلى المعاش لبلوغه السن القانونية ، ويتقاضى معاشا مقداره 771.35 جنيه شهريا ولم يعد يقوم بعمل بعد ذلك . ومن ثم ، تنتفي عنه صفة " العامل " بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه ، ومن ثم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر ، يكون قد خالف حكم القانون " .
( الطعن رقم 1254 لسنة 47ق – جلسة 27/10/2000 )
وفى حكمها بتاريخ 16/10/2000 ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى :
" ومن حيث أن التثبت في توافر صفة الفلاح إنما يكون بالتحقق من اكتمال الشرائط المتطلبة قانونا وفقا للنص سالف البيان – م 2 من القانون رقم 38 لسنة 1972 – وقت تقديم طلب الترشيح .. " .
( الطعن رقم 423 لسنة 47ق – جلسة 16/10/2000 )
ومن حيث أن يتضح من واقع المستندات المقدمة في الدعوى أمام محكمة أول درجة والثابتة في ملف ترشيح الطاعن أن الطاعن مقيد بنقابة عمالية منذ 1988 برقم ... وهى النقابة العامة للصحافة والإعلام – اللجنة النقابية المهنية بالقاهرة عضو عامل وأنه في الحقيقة والواقع تربطه علاقة عمل وتبعية مع مطبعة دار ... في الفترة من 1/8/2004 إلى 30/12/2009 ومؤمن عليه ورقمه التأميني 774134 وأجره الأساسي لدى المنشأة 341 جنيهاً وانه مؤمن عليه ومسدد كافة اشتراكاته التأمينية . ثم انتقل للعمل بمطبعة المجلد العربي من 1/1/2010 ويعمل بها حتى الآن عامل طباعة بأجر أساسي مقداره 800 جنيه مصري وهو حاصل على دبلوم تجارة وقدم كل المستندات التي تثبت ذلك . وقدم مستندات رسمية من الهيئة القومية للتأمينات ومن نقابته العمالية واتحاد العمال تثبت هذه الصفة قبل وأثناء تقدمه للترشيح فيكون ترشحه على صفة العامل والحال كذلك قد صادف صحيح القانون ويكون قرار لجنة فحص الطعون بتحويل صفته إلى فئات قد خالف نصوص القانون وهو ما يوصم الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه .
ـ و بناء عليه ـ
فإن الطاعن يلتمس من عدالة المحكمة تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون والحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحويل صفة الطاعن من عمال إلى فئات وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إدراج اسمه في كشوف المرشحين بصفة عمال بالدائرة 11 – قسم شرطة الوايلى – محافظة القاهرة وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان .
وفى الموضوع : بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة
|
|
وكيل الطاعن د/ جابر جاد نصار المحامى بالنقض والإدارية العليا |
مذكرة
أسباب الطعن في الإدارية العليا
السيد الأستاذ / غبريال إبراهيم غبريال
المحامي بالنقض والإدارية العليا
|
تقرير طعن
إنه يوم الأربعاء الموافق 18/1/2012 الساعة 10 صباحاً حضر أمامي أنا/............. مراقب المحكمة الإدارية العليا الأستاذ / غبريال إبراهيم غبريال المحامي المقبول أمام هذه المحكمة وقرر أنه يطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم .... لسنة 61 ق بجلسة 22/11/2012 المرفوعة من:
(1) .... (2) .... (3) .... (4) .... (5) .... (6) .... (7) .... (8) .... (9) .... (10) .... (11) .... (12) .... (13) .... (14) .... (15) ....
(16) ....
ضــد
السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة ............
الموضوع
أولا : في 31/7/2007 أقام الطاعنون دعواهم رقم ... لسنة 61 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبين الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار ربط المساحات التي اشتروها بالسعر السوقي الحالي الذي تقدره اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة وهو (100 جنيه للمتر الواحد) وألا ستربط عليهم إيجارات جديدة باعتبارهم مستأجرين وليسوا ملاكا .
وشرحوا دعواهم علي الوجه الآتي :
1- كان بعض الفلاحين قد وزعت عليهم مساحات بالتمليك طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي وسددوا ثمنها كاملا .
وقد قام بعض هؤلاء الفلاحين ببيع أجزاء منها إلي فلاحين آخرين فقامت الهيئة العامة .... بإلغاء ملكيتهم استناداً إلي المادة 4/1 من القانون رقم 3 لسنة 1986 الذي نص علي أنه ( إذا ثبت للجنة أن واضع اليد علي المساحة الموزعة من الأراضي المشار إليها هو غير المنتفع أو ورثته يصدر قرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة بإلغاء التوزيع الصادر إليه الخ).
2- غير أن المحكمة الدستورية العليا قضت بحكمها الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 22 ق دستورية بجلسة 28/2/2004 بعدم دستورية النص سالف الذكر فيما انطوى عليه من عدم استثناء المنتفعين الذين قاموا بالوفاء بالثمن كاملاً قبل صدور القانون رقم 3 لسنة 1986 من الحكم الخاص بإلغاء التوزيع . وأسست المحكمة الدستورية العليا قضاءها علي أن النص المذكور خول جهة الإدارة سلطة إلغاء توزيع الأراضي المشار إليها بالنسبة للمنتفعين الذين قاموا بالتصرف في الأراضي الموزعة عليهم للغير دون أن يفرق بين من قاموا بسداد كامل ثمن هذه الأراضي قبل صدور القانون رقم 3 لسنة 1986 وبين غيرهم ممن تقاعسوا عن ذلك في حين أن المرسوم بقانون رقم .... لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي قد اعتد بملكية الأفراد الموزعة عليهم هذه الأراضي حيث خولهم حق التصرف فيها حال وفائهم بالثمن المقدر لها كاملاً وهو ما يستفاد بمفهوم المخالفة من حكم المادة 16 من القانون المذكور التي تنص علي أنه (لا يجوز لصاحب الأرض ولا لورثته من بعده التصرف فيها قبل الوفاء بثمنها كاملاً) وبالتالي يكون المشرع قد اعتد بهذه الملكية بالرغم من أنها لم تنتقل إليهم قانونا لعدم تسجيل سند الملكية وأن حق الملكية نافذ في مواجهة الكافة ليختص صاحبه دون غيره بالأموال التي يملكها وتهيئة الانتفاع المقيد بها ولا يجوز للمشرع أن يتذرع بتنظيم حق الملكية لتقويض محلها إذ أن إسقاط الملكية عن أصحابها أو سلب غلتها سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر – يعتبر عدواناً عليها يناقض ما هو مقرر قانوناً من أن الملكية لا تزول عن الأموال محلها إلا إذا كسبها أغيار وفقاً للقانون ، وأن العقود التي يبرمها أطرافها وفق نصوص الدستور لا يجوز أن ينهيها المشرع ولو عارضتها مصلحة أياً كان وزنها ، وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلي أن المنتفعين الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي قد وزعت عليهم أراضي وفقاً للقانون المذكور بعد أن توافرت في حقهم الشروط المقررة قانوناً لذلك وقاموا بالوفاء بثمن هذه الأراضي كاملاً فإنه تكون لهم الحقوق المترتبة علي حق الملكية وعلي رأسها حق التصرف فيها ومن ثم يكون ما انطوي عليه النص الطعين من أحقية الهيئة العامة .... في إلغاء التوزيع الصادر إليهم نتيجة لتصرفهم فيها بالبيع اعتداء علي حق الملكية ومساساً بالحرية الشخصية بالمخالفة لأحكام المواد 32 ، 43 ، 44 من الدستور .
ثانيا : وإزاء حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر واضطرار الهيئة العامة .... إلي النزول علي مقتضاه وذلك بإلغاء قراراتها التي ألغت توزيع الأرض علي من سبق توزيعها عليهم ، فقد لجأت الهيئة إلي إتباع مسلك أخر ينطوي علي مخالفة أكثر جسامة مما سبق أن تورطت فيه فقد قررت الهيئة ربط المساحات (التي باعها أصحاب) علي المشترين بالسعر السوقي الحال الذي تقدره اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة (!!) وتم تقديرها علي أساس 100 جنيه للمتر الواحد وألا ستربط عليهم إيجارات جديدة والمدعون بالدعوى الماثلة ممن ينطبق عليهم هذا القرار .
ثالثا : وواضح مما تقدم أن مسلك الهيئة المدعي عليها ينطوي علي مخالفة لمقتضي حكم المحكمة الدستورية العليا ، فالمدعون اشتروا من ملاك الأرض ولم يشتروا من الهيئة ، فلماذا تقحم الهيئة نفسها في علاقة عقدية قطعت المحكمة الدستورية العليا بأنها علاقة سليمة ؟ فالهيئة إذن استهدفت معاقبة المشترين (بإجبارهم علي شراء ذات الأرض منها بسعر 100 جنيه للمتر وألا ستربط عليهم إيجارات جديدة ) بعد أن فشلت في عقاب البائعين .
ومادام أن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن الفلاحين الذين وزعت عليهم الأرض ودفعوا كامل ثمنها يكون لهم كافة الحقوق المترتبة علي حق الملكية وعلي رأسها حق التصرف فيها ، فإن المشترين يكونا قد تلقوا الملكية من مالك ومن ثم لا يجوز للهيئة العامة .... المكابرة والادعاء بأنها المالكة وتقدر ثمناً للبيع قدره 100 جنيه للمتر وأن جزاء عدم دفع هذا الثمن هو ربط إيجار مع أنها ليست مالكة ولا مؤجرة .
ولا حاجة للقول بأن المدعين أقاموا علي الأرض المشتراة منازل لسكناهم ذلك أن هذه المنازل مقامة في المدة من سنة 1973 حتى 1976 حسبما تعترف به الجمعية التعاونية الزراعية بناحية .... مركز .... (التي تقع الأرض محل التداعي في نطاق اختصاصها) كما أقرت الجمعية التعاونية الزراعية بأن هذه المنازل مزودة بالكهرباء من مرفق الكهرباء منذ التاريخ المذكور .
رابعا : قدم المدعون مذكرة أمام محكمة القضاء الإداري توجز في أن مسلك الهيئة العامة .... يشكل تحدياً لحجبه حكم المحكمة الدستورية العليا لأنه طالما أن هذا الحكم قضي بحق من وزعت عليهم الأرض بالتمليك في التصرف فيها إلي فلاحين آخرين فإن هؤلاء الآخرين صاروا ملاكاً وليس الدولة فالهيئة أرادت عقاب من اشتروا بعد أن فشلت في عقاب من باع لهم ، والأدهي من ذلك أنها وضعتهم أمام خيارين إما أن يشتروا منها بسعر المتر 100 جنيه (بما مفاده أن ثمن الفدان يكون 4200م2 × 100 جنيه = 420000 جنيه وأما ربط الأرض عليهم بإيجارات جديدة !! .
وواضح من ذلك أن قرار الهيئة معدوم لأنه يتحدى مقتضي حكم المحكمة الدستورية العليا كما يشكل سلباً لأملاك المدعية .
خامسا : ذهب تقرير السيد مفوض الدولة لدي محكمة القضاء الإداري إلي رفض الدعوى بمقولة أنه لم يثبت انتقال الملكية إلي المدعين !! .
وقد رد المدعون علي رأي السيد مفوض الدولة بأنه يكفي الإشارة إلي أن الهيئة العامة .... أرسلت كتاباً إلي كل منهم يقطع باعترافها بأنهم اشتروا مساحات ممن سبق توزيع الأرض عليهم ، وفيما يلي نص هذا الكتاب :
الهيئة العامة ......
مدير .........
السيد / .........
تحية طيبة وبعد
بناء علي تعليمات التصرف في أراضي الإصلاح الزراعي للمستأجرين واضعي اليد طبقا للقانون 3 لسنة 1986 .
وحيث أنكم لم تتقدموا بطلب لشرأء المساحة وضع يدكم وقدرها س ط ف
بحوض / .... قطع رقم / .... بناحية / .... مركز / .... محافظة / .... في خلال شهر من تاريخه .
وبناء علي التعليمات المنفذة للقانون المشار إليه يلزم تقدمكم بطلب لشراء هذه المساحة وسداد مقدم الثمن المقرر لها الذي يمكن الإطلاع عليه بمقر منطقة الإصلاح الزراعي وذلك خلال شهر من تاريخه .
وفي حالة عدم قيامكم بالتعاقد خلال المدة المحددة يتم النظر في وضع يدكم وتطبيق التعليمات واللوائح المقررة في هذا الشأن .
كما أرسلت جهة الإدارة إنذارات بالحجز الإداري وخطابات بتقدير ثمن شراء المساحة المقام عليها المنزل بأنه 100 جنيه للمتر وألا ستربط المساحة بربط إيجار جديد .
فلو كان الزعم بعدم ثبوت انتقال ملكية الأرض للمدعين هو زعم صحيح لما أرسلت الهيئة العامة .... هذا الكتاب إلي المدعين ، فهذا المستند يقطع بأن المدعين اشتروا أجزاء من المساحات التي سبق توزيعها بالتمليك علي بعض المزارعين ، علماً بأنه لا يلزم هنا اشتراط شهر البيع لانتقال الملكية حسبما ذهبت إلي ذلك محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 52 بجلسة 22/2/2005 بمناسبة استقرائها لحكم المحكمة الدستورية العليا
ولا حاجة للقول بأن المدعين أقاموا منازلهم لسكناهم علي الأرض التي اشتروها فهذه المنازل مقامة خلال المدة من سنة 1973 حتى سنه 1976 حسبما تعترف به الجمعية التعاونية الزراعية بناحية .... مركز .... كما أقرت الجمعية بأن هذه المنازل مزودة بالكهرباء من مرفق الكهرباء منذ التاريخ المذكور ، هذا فضلا عن أنه لا يجوز مصادرة ملكية الأرض حيث أن المصادرة (طبقا للدستور) لا تكون إلا بحكم قضائي .
حاصل ما تقدم أن القرار المطعون فيه معدوم حيث شجب ملكية المدعين مع أنها آلت إليهم بتصرف صحيح بإقرار من المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 21 ق دستورية بجلسة 8/2/2004 فهذا القرار يشكل مصادرة للملكية وسلبا لها .
سادساً : وبجلسة 22/11/2011 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى وشيدت قضاءها علي أنه لا يجوز أن تكون صحيفة الدعوى جماعية !! لأن المدعين لا يجمعهم
مركز قانوني واحد !! ولا تربطهم مصلحة في توجيه الخصومة بشكل جماعي!!
أسباب الطعن
مخالفة الحكم الطعين للقانون ولقضاء المحكمة الإدارية العليا :
· من المستقر عليه في قضاء محكمتنا الإدارية العليا أنه إذا كانت المسألة القانونية المثارة هي مسألة واحدة للمدعين جميعاً في مواجهة الجهة الإدارية المدعي عليها فإن ذلك يقيم بينهم رابطة تبرر جمعهم في صحيفة واحدة فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بذلك في دعوى مرفوعة من بعض أعضاء هيئة التدريس بطلب استرداد ما دفعه كل منهم للجامعة بدون وجه حق رغم اختلاف قيمة ما دفعه كل منهم ورغم اختلاف وقت الدفع فقد جاء بحكمها ما يلي :
ومن حيث أن الجمع بين مدعين متعددين حتى لو تعددت طلباتهم في صحيفة واحدة يكون سائغاً إذا كانت طلباتهم ترتكز علي مسألة واحدة يشترك فيها الجميع وكانت مصلحتهم جميعاً علي أمر واحد وتنبع من مركز قانوني مشترك
(حكم الإدارية العليا في الطعن رقم 25179 لسنة 51 عليا بجلسة 15/3/2009)
· كما قضت المحكمة الإدارية العليا بذات المبدأ سالف الذكر في دعوى مرفوعة من عدد من العاملين بالمركز القومي للبحوث الزراعية بطلب الحكم بأحقيتهم في صرف حافز لكل منهم وكانت محكمة القضاء الإداري قد قضت بأنه لا يجوز قانونا افتراض تماثل مراكزهم في هذا الشأن ومن ثم فإن بيان الحكم السليم في شأن استحقاق الحافز يستلزم بحث حالة كل منهم علي حدة حيال القاعدة القانونية المطالب بتطبيقها وتحديد مدي توافر شروط الاستحقاق بالنسبة له وأثر موانع الصرف في حالة تحققها وذلك لاختلاف المركز القانوني لكل منهم وأنهم لا تربطهم رابطة واحدة غير قابلة للتجزئة تجعلهم بمثابة طرف واحد فيها .
ولكن المحكمة الإدارية العليا قضت بإلغاء هذا الحكم وأسست قضائها علي ما يلي :
فإن المسألة القانونية المثارة في هذه الدعوى تكون واحدة أياً كان الحكم في مدي أحقية كل منهم في ضوء مناط وشروط استحقاق هذا الحافز وبذلك تكون الدعوى مقبولة وإذا ذهب الحكم المطعون فيه إلي غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه .
(حكم الإدارية العليا في الطعن رقم 1097 لسنة 45 ق عليا بجلسة 11/3/2004)
· وكذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الذي استشهد به الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل تضمن ذات المبدأ ولكن محكمة القضاء الإداري أخطأت في تطبيقه علي المنازعة الماثلة . فالحقيقة أن المسألة القانونية المثارة فيها هي مسألة واحدة وطلبات المدعين ترتكز علي مسألة واحدة يشتركون فيها جميعا ومصلحتهم جميعاً تنصب علي أمر واحد وتنبع من مركز قانوني مشترك وهو أن القرار المطعون فيه ينطوي علي مخالفة لمقتضي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 176 لسنة 22 ق دستورية بجلسة 8/2/2004 الذي أجاز قيام المنتفعين (من الفلاحين الذين وزعت عليهم أراضي زراعية طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي) في التصرف في المساحات الموزعة عليهم ببيعها كلها أو أجزاء منها طالما أنهم كانوا قد سددوا الثمن للدولة حيث أصبحوا ملاكاً وليس ثمة شك أن مقتضي هذا الحكم أن من اشتروا لا يعتبرون متعدين علي أملاك الدولة لأنهم اشتروا من ملاك مما لا يسوغ معه أن تطلب الهيئة من هؤلاء المشترين أن يدفعوا لها ثمناً علي أساس 100 جنيه للمتر الواحد وفي حالة عدم رضاهم علي ذلك تحسب الأرض عليهم بإيجار جديد !! فهذا المسلك من جانب الهيئة العامة .... ينطوي علي مصادرة للملكية وغصب لها فهي لم تعد مالكة بعد توزيع الأرض علي المنتفعين الذين سددوا لها الثمن فهم أحرار في بيع أجزاء منها وبالتالي يمتنع علي الهيئة أن تتعرض لمن اشتروا منهم ، وواضح أن الهيئة شعرت بلطمه نتيجة حكم المحكمة الدستورية العليا واضطرت إلي تنفيذه بالنسبة للمنتفعين (البائعين) ولكنها أرادت التخلص من الحكم بطريقة أخرى حيث أرادت عقاب المشترين بقرارها المطعون فيه بالمنازعة الماثلة .
· فالفيصل في النزاع الماثل هو هل بيع الفلاح جزءاً من الأرض التي سبق أن وزعت عليه (ودفع كامل ثمنها للدولة) إلي فلاح آخر ، هو أمر يبيح للهيئة العامة .... التدخل لإجهاض البيع والادعاء بأنها المالكة ؟ فنحن إذن بصدد مسألة قانونية واحدة بالنسبة لجميع المدعين في مواجهة الهيئة العامة .... ومن ثم يحق أن تجمعهم صحيفة واحدة . ولسنا ندري لماذا لم تفطن محكمة القضاء الإداري إلي ذلك .. أما زعمها أن المدعين اشتروا عدداُ من قطع الأراضي من المنتفعين من صغار الفلاحين وأن كل حالة بيع تمت بعقد مستقل يتعين استظهار شروطه وملابساته وما إذا كان المنتفع في كل حالة قد سدد كامل الثمن قبل العمل بالقانون رقم 3 لسنة 1986 وتجديد تاريخ ربط القيمة المقررة من الهيئة بالنسبة لكل حالة علي حده ومن ثم يتكون مركز قانوني مستقل لكل مدعي يختلف عن الآخر !!! فهذا كله ليس هو بيت القصيد فقد رأينا أن العبرة هي بالمسألة القانونية المثارة في الدعوى فإذا كانت هذه المسألة واحدة بالنسبة للمدعين فيصح جمعهم في صحيفة واحده ولقد أوضحنا أن المحكمة الإدارية العليا أجازت ذلك حتى ولو كان المدعون موظفين يطلبون استرداد ما دفعوه بدون وجه حق ورغم اختلاف قيمة ما دفعه كل منهم واختلاف ظروف دفعه واختلاف تاريخ دفعه اكتفاء بأن طلباتهم ترتكز علي مسألة واحدة يشتركون فيها ومصلحتهم جميعاً تنصب علي أمر واحد وتنبع من مركز قانوني مشترك – وهذه المسألة القانونية الواحدة المثارة في المنازعة الماثلة هي مخالفة قرار الهيئة العامة .... لمقتضي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 176 لسنة 22 ق دستورية .
لذلـــك
يلتمس الطاعنون الحكم بقبول طعنهم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الطعين مع ما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي .
وكيل الطاعنة
المحامي
مذكرة
أسباب الطعن في الإدارية العليا
السيد الأستاذ الدكتور / يحيي الجمل
المحامي بالنقض والإدارية العليا
أ.د/ يحيى الجمل
المحامي بالنقض
أنه في يوم الموافق / /
أنا مراقب شئون المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ، قد حضر أمامنا السيد/ ، المحامي نائباً عن الأستاذ الدكتور/ يحيى الجمل ، المحامي بالنقض والمقبول أمام المحكمة ، بصفته وكيلاً عن .........................
ضـــــــــد
1- السيـد/ رئيــس الجمهـوريــة ، بصفتــــــه .
2- السيـد/ وزيـــــر العــــــدل ، بصفتــــــه .
وقرر أنه يطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ، في الدعوى رقم ........ لسنة ...... بتاريخ .......... ، والقاضي منطوقه : " حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، وألزمت المدعى المصروفات " ، وذلك استناداً إلى الأسباب الآتي بيانها .
أولاً : الوقــــائع
في غضون عام .... ، أصدر السيد المستشار/ وزير العدل بصفته القرار رقم .. لسنة ..... والذي تضمن إحالة الطاعن إلى المجلس المنصوص عليه في المادة (98) من القانون رقم ... لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية بهيئة عدم صلاحية ، مستنداً في ذلك إلى بعض الشكاوي الكيدية التي نُسب خلالهم إلى الطاعن بعض الوقائع التي جاءت دون سند أو أوراق تؤيدها .
وفي ....... ، أصدر مجلس الصلاحية حكماً بقبول الطلب ونقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية ، وتأيد هذا الحكم من مجلس التأديب الأعلى بموجب حكمه الصادر في. ..... .
وفي .......، أصدر السيد/ رئيس الجمهورية بصفته (المطعون ضده الأول) القرار رقم ..... لسنة ...... والذي تضمن نقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية ، وهو الأمر الذي حدا بالطاعن إلى الطعن على هذا القرار بالدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل أمام محكمة القضاء الإداري ، والذي قضى في منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، على نحو ما أشرنا .
وحيث أن هذا الحكم قد شابه عيب مخالفة القانون من عدة أوجه فضلاً عن عيب الإخلال بحق الدفاع ، على نحو ما سنوضح ، الأمر الذي حدا بالطاعن إلى الطعن عليه بالدعوى الماثلة .
ثانياً : أسبــاب الطعــن
السبب الأول : مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون :-
ذهب الحكم المطعون فيه إلى القول بأن المحكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى ، وذلك تأسيساً على أن القرار محل الطعن قد صدر تنفيذاً لحكم الصلاحية والذي يخرج الطعن عليه عن الاختصاص الولائي للمحكمة إعمالاً لحكم المواد (83) و (98) و (107) من قانون السلطة القضائية ، ورداً على هذا القول الذي يشوبه عيب مخالفة القانون ، نذكر الآتي
أولاً :-
استند القول بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الطعن على قرارات رئيس الجمهورية بنقل القاضي إلى وظيفة غير قضائية على المادة (83) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية والمستبدلة مؤخراً بالقانون رقم 142 لسنة 2006 ، والتي تنص على أن :-
" تختص الدوائر بمحكمة استئناف القاهرة التي يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة ، دون غيرها ، بالفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم ".
وهذا القول الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون ، فضلاً عن مخالفة النص الذي استند إليه للدستور ، وذلك من ناحيتين :-
الناحية الأولى :
من المستقر عليه أن توزيع ولاية القضاء بين جهتيه العادي والإداري من المسائل الوثيقة الصلة بأسس النظام القضائي ، حيث سنت قواعده وشرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة ، لذلك كانت قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام ، ومن ثم يتعين على القضاء بحسبانه أميناً على النظام العام أن يتصدى له من تلقاء نفسه .
وناط الدستور بمجلس الدولة – باعتباره هيئة قضائية مستقلة – الاختصاص بالفصل في كافة المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، حيث نصت المادة (172) منه على أن
" مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ".
ومفاد هذا النص أن الدستور إذ عهد إلى مجلس الدولة الفصل في كافة المنازعات الإدارية وخصه في ذلك دون غيره ، فيكون بذلك قد غل يد السلطة التشريعية عن إسناد أي من هذه المنازعات الإدارية على تباين صورها إلى أي جهة قضائية أخرى ، والقول بغير ذلك يُعد مخالفة لصريح نص المادة (172) من الدستور ، وافتئاتاً وتغولاً على الاختصاص الولائي لمجلس الدولة .
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه المادة (167) من الدستور ، والتي نصت على أنه :-
" يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم ".
والتي زُعم أنها أعطت للقانون بوجه عام السلطة في تحديد الهيئات
القضائية وتقرير اختصاصها وتنظيم طريقة تشكيلها ، ومن ثم يكون صحيحاً اسناد قانون السلطة القضائية للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة الاختصاص بالفصل في أحد المسائل التي تدخل في صميم الاختصاص الولائي لمجلس الدولة وهي القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاة ، فالقول السابق مردود عليه بالآتي :-
- أن نص المادة (167) المشار إليها يُعد نصاً عاماً ، رسم به الدستور الإطار العام لتنظيم الهيئات القضائية بوجه عام ، ثم اتبع ذلك بتحديد اختصاصات بعض الهيئات ، ومنها المادة (172) السابق الإشارة إليها ، والتي حددت المسائل التي تدخل في الاختصاص الولائي لمجلس الدولة ، حيث قررت اختصاصه بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بوجه عام ، فبفرض صحة ما ذهب إليه الحكم – محل الطعن – من أن القانون بوجه عام يحدد اختصاصات كل جهة ، ورتب على ذلك صحة اختصاص الدوائر المدنية لمحكمة استئناف القاهرة بالقرارات الإدارية والنهائية ، فإنه يكون بذلك قد خالف المادة (172) والتي تُعد نصاً خاصاً لا يجوز إهداره لإعمال النص العام لأن ذلك يُعد منافاة صريحة للغرض الذي من اجله وضع النص الخاص .
- وفضلاً عن ذلك فإنه ، من المستقر عليه أنه إذا جاء النص الدستوري عاماً لا يجوز تقييد أو تخصيص نفاذه ، فهناك نصوص دستورية ترسى قواعد ومبادئ دستورية عامة لا تنطوي على قيد ، وهناك نصوص أخرى ترسى أيضاً قواعد ومبادئ دستورية إلا أنها تقيد من نفاذها بالإحالة إلى أحكام الشريعة الإسلامية أو إلى القانون ، ومن أمثلة هذا النوع الأخير من النصوص ، ما ذهبت إليه المادة (14) من الدستور ، والتي نصت على أن :-
" الوظائف العامة حق للمواطنين ، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب ، وتكفل الدولة حمايتهم ............ ، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي يحددها القانون ".
والنص السابق ذكره ، رغم أنه أرسى مبادئ دستورية واجبة النفاذ ، إلا أنه
قيد إعمال أحد هذه المبادئ بالإحالة إلى القانون ، ومن ثم يجوز أن يتضمن القانون ما يناهض هذا المبدأ ، ولولا هذا القيد الذي زيل النص الدستوري لكان من اللازم نفاذ هذا المبدأ ووجوب احترامه دون استثناء .
أما النوع الأخر من النصوص ، والتي ترسى قواعد ومبادئ دستورية دون أن تتضمن قيداً على نفاذها ، يجب أن تلتزم التشريعات كافة باحترامها ، ولا يجوز من حيث المبدأ أن يصدر تشريع مخالفاً لها ، وألا كان مشوباً بعدم الدستورية ، ويعد من قبيل مخالفة النص الدستوري أن يصدر التشريع مقيداً أو مستثنياً لإطلاقه ، أو مخصصاً لعمومه ، فضلاً عن المخالفة الصريحة لما أرساه النص من مبادئ أو أحكام .
وإعمالاً لما سبق ، فإنه يتبين أن المادة (172) من الدستور والتي حددت صراحة اختصاصات مجلس الدولة ، حيث ذكرت أنه يختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بوجه عام ، بل وأجازت أن يقرر القانون الخاص به اختصاصات جديدة ، والنص بذلك لم يتضمن أي قيد أو استثناء في نفاذه يجيز التنصل أو الحد من إعماله ، وعليه لا يجوز أن يصدر قانون يخالف هذا التحديد أو يسند إلى جهة أخرى أي من الاختصاصات
التي ناط الدستور مجلس الدولة بها ، أو أن يسلب منه أياً من هذه الاختصاصات .
ومما سبق ، يتبين أن نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية ، والذي اسند إلى الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة أحد الاختصاصات الولائية لمجلس الدولة وهي الفصل في إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون رجال القضاء والنيابة العامة ، يكون بذلك مخالفاً لنص المادتين (172) و (167) من الدستور.
الناحية الثانية :
شاب القول بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الطعن على قرارات
رئيس الجمهورية بنقل القاضي إلى وظيفة غير قضائية استناداً إلى نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية ، عيب مخالفة القانون أيضاً ، ويتضح ذلك من الآتي:
(1) إن المادة (83) المشار إليها جاءت ضمن الفصل السابع من قانون السلطة القضائية ، والخاص بالتظلمات والطعن في القرارات الخاصة بشئون القضاة والمتعلقة بتقرير كفايتهم والتظلم فيها ، والحركة القضائية والتظلم فيها ، وفحص هذه المسائل ، وتنظيم مواعيد وإجراءات القيام بها ، وكل هذه الأمور عقد القانون اختصاص الدوائر المدنية المشار إليها للفصل في الدعاوى المتعلقة بأي منها .
وما سبق يعني أن موضوع الدعوى الماثلة يغاير تماماً الموضوعات التي تُعد من قبيل شئون القضاة والتي أوضحتها المواد المدرجة ضمن الفصل السابع من القانون ، والتي تُعد المادة (83) المشار إليها أحداها .
ولعل ما يؤكد صحة ما سبق ، أن قانون السلطة القضائية عند تنظيمه لمُساءلة القضاة تأديبياً أورد ذلك في الفصل التاسع من القانون و عقد اختصاص الفصل في تأديب القضاة لجهات أخرى غير الواردة في المادة (83) وحدد تشكيلها تشكيلاً دقيقاً ونظم الإجراءات الخاصة بها ومواعيدها تنظيماً مغايراً لما ورد في النصوص المتعلقة بشئون القضاة والتي عنيت بتنظيم الاختصاص بالفصل فيها المادة (83) ، والقول بغير ذلك يعني جواز القول باختصاص الدوائر المدنية المشار إليها بالفصل في صلاحية القضاة أو تأديبهم ، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لنصوص القانون .
(2) فضلاً عما سبق ، فإنه بالرجوع إلى نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية – المعول عليها – يتبين أنها جعلت مناط إعمالها هو الفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم ، وعلى ذلك فإن إعمالها يتطلب توافر
أمرين مجتمعين هما:-
- أن يكو ن الشخص الذي يحق له رفع الدعوى أحد رجال القضاء أو النيابة العامة .
- أن يتعلق الأمر بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم .
وبالنظر إلى ما سبق ، يتبين عدم انطباق المادة (83) المشار إليها على الحالة المعروضة ، حيث أن رافع الدعوى – بصدور حكم عدم الصلاحية والنقل إلى وظيفة غير قضائية – لا يُعد من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة التي إفترضتهم المادة (83) – وذلك رغم تحفظنا الشديد على هذا الحكم - ، والقول بغير ذلك يتعارض مع الحجية التي كفلها القانون للأحكام القضائية بوجه عام .
ومن ناحية أخرى ، فإن موضوع الدعوى محل الحكم المطعون فيه لا يُعد من قبيل شئون رجال القضاء أو النيابة العامة التي قصدتها المادة (83) كما سبق أن أشرنا ، ولا يُعد بصدور حكم عدم الصلاحية متعلقاً بأي من شئونهم .
ومن جماع ما سبق ، يتبين أن قرار رئيس الجمهورية بنقل القاضي إلى وظيفة غير قضائية (القرار المطعون فيه) ، هو قرار إداري يخضع للاختصاص الولائي الأصيل لمجلس الدولة الذي كفله الدستور والقانون الخاص به ، ولا يجوز المحاجة في ذلك بما ورد من أقوال في الحكم محل الطعن .
ثانياً :
ذهب الحكم المطعون فيه إلى القول بأن قرار رئيس الجمهورية بإحالة المدعى إلى وظيفة غير قضائية (القرار المطعون فيه) لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً غير منشئ لمركز قانوني جديد للمدعى ، فهو قرار تنفيذي لما قضى به مجلس الصلاحية الأعلى من إحالته إلى وظيفة غير قضائية ، وهو ما لا يعد قراراً إدارياً بل هو حكم قضائي نهائي لم يرسم القانون طريقاً للطعن عليه ، ورداً على ذلك نذكر
الآتي :
أن القرار الإداري ، كما يعرفه القضاء الإداري باستمرار ، هو "إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بمالها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح ، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً ، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة .
والمعيار المعتمد عليه في تمييز القرارات الإدارية – باعتبارها موضوع دعوى الإلغاء – عن سائر أعمال الدولة هو المعيار الشكلي ، ولهذا استبعد من مجال دعوى الإلغاء أعمال السلطة التشريعية والسلطة القضائية ، وأدرج في مجالها الأعمال القضائية التي تصدر من هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي .
لما كان ذلك ، وكانت المادة (113) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية ، تنص في فقرتها الثانية على أنه :-
" وفي حالة صدور قرار بنقل القاضي إلى وظيفة أخرى ينقل بقرار من رئيس الجمهورية إلى وظيفة تعادل وظيفته القضائية ويحتفظ بمرتبه فيها حتى ولو جاوز نهاية مربوط درجة الوظيفة المنقول إليها ".
وعلى ذلك ، يتبين أن المركز القانوني الخاص بنقل القاضي إلى وظيفة أخرى لا ينشأ إلا بالقرار الجمهوري المشار إليه ، والذي يقوم على واقعة قانونية وهي صدور حكم من مجلس التأديب كسبب لإصداره ، شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري يقوم على سببه ، فالحكم الصادر من مجلس التأديب هو في حقيقته السبب في إصدار القرار الجمهوري المطعون فيه .
ومن المستقر عليه أن سبب القرار الإداري – باعتباره أحد الأركان التي يجب أن ينصب عليها كل قرار إداري – هو حالة واقعية أو قانونية تحمل جهة الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني ، وهو بهذا المعنى يعد الأساس الذي يقوم عليه القرار الإداري .
وقضت المحكمة الإدارية العليا بأنه :-
" إذا انعدم السبب أو كان غير صحيح أو منتزعاً من غير أصول موجودة في الأوراق أو كان غير مستخلص استخلاصاً سائغاً في أصول ثابتة تفضى إلى النتيجة التي يتطلبها القانون ، كان تكييف الوقائع – على فرض وجودها مادياً – لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع معيباً مخالفاً للقانون ".
( الحكم الصادر في 27/4/1957 ، ق19565 ، س2 ، مجموعة أبو شادي ، 1677)
وقضت أيضاً في حكم أخر بأنه :-
" يجب أن يكون السبب حقيقياً لا وهمياً ولا صورياً ، وصحيحاً ، ومستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول ثابتة تنتجه ، وقانونياً تتحقق فيه الشرائط والصفات الواجب توافرها فيه قانوناً ".
(الحكم الصادر في 13/4/1957 )
وعليه ، يتبين بما لا يدع مجالاً للشك أن القرار المطعون فيه يُعد قراراً إدارياً بالمعنى الصحيح ، ولا ينال من ذلك القول بأنه جاء تنفيذاً للحكم الصادر من مجلس التأديب ، لأن هذا الحكم يُعد باعتباره الأساس الذي يقوم عليه القرار المطعون فيه ، سبباً في إصداره .
وأكدت المحكمة الإدارية العليا ذلك ، إذا قضت بأن :-
" إن ما ذهب إليه المدعى من أن القرار الصادر بفصله ليس إلا عملاً تنفيذياً ترتب بقوة القانون على صدور حكم المحكمة ضده ، وأنه بهذا الوصف لا يُعد قراراً إدارياً ....... لا اعتداد بذلك ما دام أن المركز القانوني الخاص بإنهاء رابطة التوظف لا ينشأ إلا بقرار الفصل المشار إليه الذي يقوم على واقعة قانونية هي صدور الحكم عليه في جناية كسبب لإصداره ، شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري يقوم على سببه ، ........ ".
(الحكم الصادر في 10/1/1965 ، مجموعة أبو شادي ، ص1698)
وحيث أن الحكم الصادر من مجلس التأديب – سبب القرار المطعون فيه – قد جاء فاسداً على النحو الذي سبق أن أوضحناه خلال صحيفة الدعوى ، لذا يكون القرار المطعون فيه قد جاء معيباً ويتعين من ثم القضاء بإلغاءه .
السبب الثاني : إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع :-
من العيوب التي شابت الحكم المطعون فيه عيب الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن الحكم التفت عن كافة أوجه الدفاع التي ساقها الطاعن خلال صحيفة الدعوى ومذكرة دفاعه ولم يرد على أي منها ، فضلاً عن أنه لم يستعرض أياً من المستندات التي قدمها طي حوافظ المستندات المقدمة منه ، وهو ما يُعد إخلالاً جسيماً بحق الدفاع ينال من صحة الحكم المطعون فيه ويجعله جديراً بالإلغاء .
ونظراً لأن الحكم المطعون فيه جاء خلواً من بيان كافة أوجه الدفاع التي ساقها الطاعن خلال الدعوى كما أشرنا ، فقد أثرنا أن نوضح للهيئة الموقرة أوجه الدفاع الموضوعية الخاصة بالطعن على القرار محل الحكم المطعون فيه ، وذلك لبيان عدم مشروعية هذا القرار بغية الحكم بإلغاءه ، وذلك كما يلي :-
بداية نوضح للهيئة الموقرة أن النزاع الماثل لا يُعد طعناً على الحكم الصادر من مجلس التأديب الأعلى بتأييد حكم مجلس الصلاحية ، إنما هو طعن على القرار الجمهوري الصادر بنقل المدعى إلى وظيفة غير قضائية ، والذي جاء معيباً لاستناده إلى حكم منعدم لافتقاده مقومات الحكم الصحيح ، حيث جاء إعمالاً لنصوص قانونية موصومة بعدم الدستورية ، فضلاً عن صدوره من هيئة غير صالحة لإصداره – كما سنوضح - ، وعلى ذلك سنقسم دفاعنا إلى محورين ، نوضح في أولهما: أوجه عدم الدستورية التي شابت النصوص التي جاء الحكم إعمالاً لها ، ونوضح في المحور الثاني : وجه انعدام الحكم المستند إليه القرار لصدوره من هيئة غير صالحة قانوناً لإصداره ، وذلك وفقاً للآتي :-
المحــور الأول
أن القرار المطعون فيه قد صدر استناداً إلى حكم جاء إعمالاً لنصوص قانونية موصومة بعدم الدستورية من عدة وجوه ، ويتضح ذلك من الآتي :-
أولاً :-
تنص المادة (111) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية والمستبدلة الفقرة الأولى منها بالقانون رقم 142 لسنة 2006 على أنه :-
" إذ ظهر في أي وقت أن القاضي فقد أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية يرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه في المادة 98 ........ ".
بداية نوضح أنه لا ينال من الطعن بعدم دستورية المادة (111) ، سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الدعوى السابق رفعها طعناً على ذات المادة وذلك للآتي :-
أولاً : أن موضوع الدعوى المشار إليها لم يكن المادة (111) بأكملها ، وإنما جاء فقط فيما تضمنته من عدم جواز الطعن في القرار الصادر من مجلس الصلاحية في حين أن موضوع الطعن الماثل هو عدم دستورية المادة (111) فيما تضمنته من إسناد سلطة طلب توقيع أحد الجزاءات التي عددتها المادة على القاضي إلى وزير العدل .
ثانياً : أن حكم المحكمة الدستورية المشار إليه صدر في غضون عام 1992 ، في حين أن المادة (111) عُدلت بمقتضى القانون رقم 142 لسنة 2006 ولم يطعن بعدم دستوريتها حتى الآن .
وحيث أنه يتبين من نص المادة (111) من قانون السلطة القضائية مخالفتها للدستور من وجهين :-
الوجه الأول :-
أن الدستور باعتباره المصدر الأعلى لسائر القواعد والقوانين والأنظمة الإدارية والقانونية الموجودة في الدولة ، يُعد الإطار العام الذي يجب أن تدور في فلكه التشريعات كافة على اختلاف أنواعها ومراتبها ، فسلامة القوانين والقرارات ومدى ملاءمتها واحترامها في داخل المجتمع تعتمد أساساً على مدى قوة وصلابة وملاءمة الدستور ذاته وتنظيماته وما يشمل عليه من ضمانات وأنظمة .
وقد عنيت المحكمة الدستورية العليا في مجال تطبيق الشرعية الدستورية بأن تستجلي تميز قانون السلطة القضائية عن غيره من القوانين في تنظيم علاقات وشئون فئة أو طائفة معينة من المجتمع فأكدت تميزه في العديد من الوجوه . فبذلك قد سنحت الفرصة للمحكمة الدستورية العليا أن تغوص في أعماق الشرعية الدستورية لهذا القانون ، لإسباغ نوع من الحماية الدستورية على نصوصه ، وذلك بالنيل من أية شائبة غير دستورية عالقة به .
ومن القواعد المستقر عليها – كما سبق أن أوضحنا - أنه إذا جاء النص الدستوري عاماً لا يجوز تقييد أو تخصيص نفاذه ، فهناك نصوص دستورية ترسى قواعد ومبادئ دستورية إلا أنها تقيد من نفاذها بالإحالة إلى أحكام الشريعة الإسلامية أو إلى القانون ، وهناك نصوص أخرى ترسى أيضاً قواعد ومبادئ دستورية إلا أنها لا تنطوي على أي قيد أو استثناء في نفاذها يجيز التنصل من إعمالها ، والنوع الأخير من النصوص لا يجوز أن يصدر أي تشريع أو لائحة مخالفاً لما أرساه من مبادئ وألا كان مشوباً بعدم الدستورية ويتعين الحكم بعدم دستوريته .
لما كان ذلك ، وكانت المادة (40) من الدستور تنص على أن :-
"المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ".
وأوضحت المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز فيها محظوراً ، مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية ، ولا يدل البتة على انحساره فيها ، إذ لو صح ذلك ، لكان التمييز بين الأفراد فيما عداها جائزاً دستورياً ، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور دون تحقيق الأغراض التي قصد إليها من إرسائها ، وآية ذلك أن من صور التمييز التي أغفلتها المادة (40) من الدستور ما لا تقل عن غيرها وزناً وخطراً ، كالتمييز بين المواطنين في نطاق حقوقهم وحرياتهم لاعتبار مرده إلى المولد أو الثروة أو المركز الاجتماعي .
والأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطوياً على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض ، أو المزايا أو الحقوق التي يمنحها لفئة دون غيرها ، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور ، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية – التي نظم بها القانون موضوعاً محدداً – عن أهدافها ، ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل إليها ، منطقياً وليس واهياً أو واهناً بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
وصور التمييز التي تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ، ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون .
لما كان ذلك ، وكانت المادة (91) من القانون رقم (47) لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والمعدلة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أن :-
" أعضاء مجلس الدولة من درجة مندوب فما فوقها غير قابلين للعزل ويسرى بالنسبة لهؤلاء جميع الضمانات التي يتمتع بها رجال القضاء وتكون الهيئة المشكل منها مجلس التأديب هي الجهة المختصة في كل ما يتصل بهذا الشأن . ومع ذلك إذا أتضح أن أحدهم فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة أو
فقد أسباب الصلاحية لأدائها لغير الأسباب الصحية أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة معادلة غير قضائية بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس التأديب".
وتنص المادة (92) من ذات القانون على أنه :-
" يقدم طلب النظر في الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة غير قضائية من رئيس مجلس الدولة ، وعلى مجلس التأديب أو الهيئة المشكل منها بحسب الأحوال أن يدعو العضو للحضور أمامه لسماع أقواله ........ ".
وتنص المادة (113) من القانون ذاته على أنه :-
" تقام الدعوى التأديبية من نائب رئيس مجلس الدولة لإدارة التفتيش الفني ، ....".
وعليه ، يتبين أن قانون مجلس الدولة كفل كافة الضمانات الدستورية والقانونية لحماية أعضاء مجلس الدولة من إقحام السلطة التنفيذية وتسلطها في شئون متعلقة بها ، إعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات وحماية لاستقلال القضاء ، والذي يُعد حقاً الدرع الواقي أمام تعنت وتعسف الجهات الإدارية بوجه عام ، حيث أقام القانون نوعاً من الحماية القوية لأعضاء مجلس الدولة سواء في حال دعوى الصلاحية أو التأديب ، حيث جعل الجهة المنوط بها تقديم طلب توقيع أحد الجزاءات التي عددتها المادة هي السيد رئيس مجلس الدولة ، ولم يجز لأي جهة أخرى تقديم مثل هذا الطلب صوناً لاستقلال أعضاءه .
وفي المقابل ، نجد أن المادة (111) من قانون السلطة القضائية – والمعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 – ناطت بوزير العدل سلطة تقديم طلب توقيع أحد الجزاءات التي عددتها المادة ومن تلقاء نفسه ، مقيمة بذلك نوعاً من التمييز بين رجال السلطة القضائية المتكافئة مراكزهم القانونية ، وهو ما يُعد إخلالاً جسيماً بمبدأ المساواة الذي يكفله الدستور ، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستورية
هذه المادة فيما تضمنته من تخويل وزير العدل سلطة تقديم الطلب المشار إليه .
الوجه الثاني :-
تنص المادة (65) من الدستور على أن :-
" تخضع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات".
وتنص المادة (165) من الدستور على أن :-
" السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وتصدر أحكامها وفق القانون ".
وتنص المادة (166) من الدستور على أن :-
" القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة ".
وهذه المواد تؤكد أن الدستور كفل استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة ، وذلك توقياً لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي انحرافاً عن ميزان الحق ، وقرر الدستور كذلك أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون . وهذا المبدأ الأخير لا يحمي فقط استقلال القاضي ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة ، ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطاً دستورياً لازماً لضمان ألا يخضع في عمله لغير سلطان القانون .
وأكدت المحكمة الدستورية العليا أن استقلال السلطة القضائية ، يعني أن تعمل بعيداً عن أشكال التأثير الخارجي التي توهن عزائم رجالها ، فيميلون معها عن الحق إغواء أو إرغاماً ، فإذا كان انصرافهم عن أنفاذ الحق ، تحاملا من جانبهم على أحد الخصوم ، وانحيازاً لغيره ، لمصالح ذاتية أو لغيرها من العوامل الداخلية التي تثير غرائز مملاة فريق دون أخر ، كان ذلك منهم تغليباً لأهواء النفس ، منافياً لضمانة التجرد عند الفصل في الخصومة القضائية ، مما يخل بحيادهم .
لما كان ذلك ، وكانت المادة (111) ناطت بوزير العدل – من تلقاء نفسه – سلطة رفع طلب توقيع أحد الجزاءات الواردة بها وفي أي وقت يراه وفقاً لسلطته التقديرية على أي من رجال السلطة القضائية ، رغم أن تقرير صلاحية القضاة للاستمرار في وظائفهم القضائية أو نفى هذه الصلاحية عنهم ، وكافة الإجراءات المتعلقة بذلك ، تعد من المسائل الوثيقة الصلة بشئونهم ، التي ينبغي أن يستقلوا بها كسلطة من سلطات الدولة الثلاث ، الأمر الذي يعني أن عقد الاختصاص لوزير العدل يُعد انتحالاً لاختصاص كفله الدستور للسلطة القضائية ، وإخلالاً بموجبات الفصل بينها وبين السلطتين الأخيرتين ، ومخالفاً بالتالي لنص المواد (65) و (165) و(166) من الدستور ، وهذا كله يشكل تدخلاً في شئون العدالة من قبل السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل .
ثانياً :-
تنص المادة (96/4) من قانون السلطة القضائية على أنه :-
" ...... ، وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بإذن من اللجنة المذكورة - والتي أصبحت مجلس القضاء الأعلى إعمالاً للقانون رقم 35 لسنة 1984 – وبناء على طلب النائب العام".
وحيث أن النص المشار إليه جاء موصوماً بشبهة عدم الدستورية لمخالفته نصوص الدستور ، وتوضيحاً لذلك نذكر الآتي :-
أولاً : ناطت المادة (96/4) بمجلس القضاء الأعلى سلطة إصدار الأذن لاتخاذ إجراءات التحقيق مع القاضي ، بل جعلت استصدار هذا الإذن شرطاً لازماً لاتخاذ هذه الإجراءات ، وحددت المادة (77 مكرر) – المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 - تشكيل مجلس القضاء الأعلى ، إذ نصت على أن :-
" يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وبعضوية كل من :-
- رئيس محكمة استئناف القاهرة .
- النائب العام .
- أقدم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض .
- أقدم اثنين من رؤساء محاكم الاستئناف الأخرى ".
ثانياً : جعلت المادة (111) من ذات القانون سلطة الفصل في مدي صلاحية القاضي من اختصاص المجلس المبين تشكيله في المادة (98) من قانون السلطة القضائية ، والذي حددت المادة (107) من ذات القانون الطعن في الأحكام الصادرة منه أمام مجلس تأديب أعلى ، ونصت على أن الأخير يشكل على النحو الآتي:-
- رئيس محكمة النقض .......... رئيساً .
- أقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف . أعضاء
- أحدث ثلاثة نواب لرئيس محكمة النقض . أعضاء
ومما سبق يتبين أن تشكيل المجلس الذي ناط به القانون سلطة إصدار الإذن باتخاذ إجراءات التحقيق مع القاضي هو تقريباً ذات تشكيل مجلس التأديب الأعلى والذي يختص بنظر الطعن في الأحكام الصادرة من مجلس الصلاحية ، وهذا يعني أن الفصل في مدى صلاحية القاضي للاستمرار في عمله القضائي أو تأديبه معقود لمجلس سبق لأعضائه أن جالوا ببصرهم في الحالة المعروضة ورجح كل منهم – على ضوء اعتقادهم – ما إذا كان بنيانها متماسكاً أو متهادماً ، منتهياً من بحثه إلى المضي في دعوى الصلاحية أو التأديب أو التخلي عنهما ، وذلك كله لا يعدو أن يكون رأياً مؤثراً في موضوعية تلك الخصومة وحائلاً دون تأسيسها على ضمانة الحيدة التي إستلزمها الدستور ولا يجوز إسقاطها عن أحد من المتقاضين
وحيث أن المادة (65) من الدستور تنص على أن :-
" تخضع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان اساسيان لحماية الحقوق والحريات ".
وتنص المادة (68) من الدستور على أن :-
" التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، ...........".
وعليه ، فإن استقلال السلطة القضائية وإن كان لازماً لضمان موضوعية الخضوع للقانون ، ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم ، إلا أن حيدة تلك السلطة عنصر فاعل في صون رسالتها لا تقل شأناً عن استقلالها بما يؤكد تكاملها ، وضمانة الحيدة – في الموضوع الماثل – إنما تتصل أساساً بما إذا كان يجوز لمن سبق له الاشتراك في طلب إحالة قاضي للمعاش أو إحالته إلى المحكمة التأديبية ، أن يجلس في هيئة مجلس الصلاحية أو التأديب الذي يفصل في أمر صلاحية القاضي أو تأديبه ، باعتبار أن هذا العضو سبق وأن أبدى رأياً واتخذ موقفاً في شأن ذلك القاضي .
وهذا ما أوضحته المحكمة الدستورية العليا ، إذ قضت بـ :-
" وحيث أن إخلال أحد أعضاء السلطة القضائية بالثقة والاعتبار اللذين ينبغي توافرهما فيه أو خروجه على واجبات وظيفته ومقتضياتها ، يتعين في الحالين أن يكون مسبوقاً بتحقيق متكامل ، واف وأمين . فإذا ما استكمل التحقيق عناصره ، وكان واشياً بعدم صلاحية العضو أو كان للتهمة معينها من الأوراق ، كان عرض أمره على الجهة التي أولاها المشرع مسئولية الفصل فيه لازماً ، وذلك بشرطين : أولهما: أن تكون قضائية في تشكيلها وضماناتها ، ثانيهما : ألا يكون من بين أعضائها من اتصل بإجراء سابق على توليها لمهامها سواء كان تحقيقاً أو اتهاماً".
(الحكم الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية دستورية ،بتاريخ9/9/2000)
ومن جماع ما سبق ، يتضح أن المادة (96/4) من قانون السلطة القضائية جاءت فيما تضمنته من إعطاء مجلس القضاء الأعلى سلطة إصدار الإذن باتخاذ إجراءات التحقيق مع القاضي ، والذي يماثل تقريباً في تشكيله مجلس التأديب الأعلى المنوط به الفصل في الطعن المقام ضد الحكم الصادر من مجلس الصلاحية ، منتهكة بهذا مبدأ الحيدة الذي كفله الدستور ، تعد بذلك موصومة بعدم الدستورية ، بما يترتب عليه من أثار اخصها بطلان الإجراءات التي اتخذت استناداً إليها وكذلك كافة الإجراءات التالية لها والمترتبة عليها ومنها الحكم أساس القرار المطعون فيه .
المحــور الثاني
من القواعد الثابتة أن الحكم القضائي متى صدر يظل قائماً ومرتباً أثاره وأهمها حجية الأمر المقضي ما لم يتم إلغاءه بإحدى طرق الطعن المقررة قانوناً ، أو كان مشوباً بعيب من العيوب الجسيمة ، حيث أنه من المسلمات أن هناك عيوباً إذا شابت الحكم القضائي تمنع من اعتباره موجوداً منذ صدوره ، ولا تستنفذ سلطة القاضي وبالتالي لم يرتب حجية الأمر المقضي ، وفي هذه الحالة يكون الحكم غير قابل للتصحيح ، لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه ، ولا يلزم الطعن فيه للتمسك بانعدامه ، وإنما يكفي إنكاره عند التمسك بما أشتمل عليه من قضاء .
ومن المستقر عليه ، أن الحكم الصادر من قاض في حالة يعتبر فيها غير صالح لنظر الدعوى أو من محكمة غير مشكلة تشكيلاً قانونياً صحيحاً ، تنخلع عنه الصفة القضائية مما يعني انعدامه ، وبانعدام الحكم وزوال صفته فإنه لا يرتب الآثار التي ينسبها القانون للأحكام ، ولا يصح التعويل عليه أو ترتب أي اثر على ما فصل فيه .
لما كان ذلك ، وكان قانون السلطة قد عنى بتحديد تشكيل مجلس الصلاحية المنوط به سلطة الفصل في طلبات الصلاحية الخاصة بالقضاة ، حيث نصت المادة (98) من القانون على أن :-
" تأديب القضاة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس يشكل من أقدم رؤساء محاكم الاستئناف من غير أعضاء مجلس القضاء الأعلى رئيساً ، وعضوية أقدم قاضيين بمحكمة النقض وأقدم نائب رئيس محكمة استئناف .......... ".
ونصت المادة (111) من ذات القانون على أنه :-
" إذا ظهر في أي وقت أن القاضي فقد الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية يرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه في المادة (98) ..........".
وحيث أنه من الثابت وفقاً لأوراق الدعوى أن مجلس الصلاحية – والذي أصدر حكماً بنقل المدعى إلى وظيفة غير قضائية - جاء تشكيله المحدد بمقتضى القرار رقم (1) لسنة 2006 ، متضمناً عضوية اثنين من نواب رؤساء محكمة استئناف ليسا أقدم نائبي رئيس محكمة استئناف كما استلزمت المادة (95) من قانون السلطة القضائية المشار إليها ، الأمر الذي يعني أن تشكيل مجلس الصلاحية جاء مخالفاً لما حدده القانون ، ومن ثم يُعد الحكم الصادر منه قد صدر من جهة غير صالحة للفصل فيه ، مما يعني انعدامه وزوال صفته ، ويكون بذلك كافة الإجراءات التالية له ومنها القرار المطعون فيه منعدمة ولا ترتب أي أثر قانوني .
(المستند أرقام 1 ، 2 ، 3 من حافظة المستندات المقدمة منا)
ومما سبق ، يتأكد انعدام القرار المطعون فيه لصدوره استناداً إلى حكم منعدم كما اشرنا ، وأن جاز لنا أن نلمح للهيئة الموقرة أن صدور قرار بتشكيل مجلس الصلاحية بهذا الوضع ، متجاوزاً من حددهم القانون لتولية هذا المنصب ، ومشتملاً على بعض السادة المستشارين الغير صالحين قانوناً لشغله ، ينبئ عن وجود نوع من التعسف – وإن جاز لنا التعبير سوء نية – في التعامل مع الطاعن ، وفي تقديري يدفن في طياته كيداً للإطاحة به .
بنــــاء عليــــــه
يلتمس الطاعن الحكم بإلغاء الحكم محل الطعن ، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه ، مع ما يترتب على ذلك من أثار .
وكيل الطاعن
أ.د/ يحيى الجمل
المحامي بالنقض
مذكرة
أسباب الطعن في الإدارية العليا
السيد الأستاذ / حمدي خليفة
نقيب المحامين
رئيس اتحاد المحامين العرب
" السابق "
عمارة بــرج الجــيزة القبــــــــلى حمدي خليفة
مكتب 5729507 فاكس 5724444 المحامي بالنقض
محمول : 0123129696
: 0122193222
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن
أنه في يوم الموافق / /2007 الساعة صباحا بسكرتارية المحكمة الإدارية العليا 0
حضـر إمامي
أنا مراقب المحكمة الإدارية العليا القضائي السيد الأستاذ/ حمدي أحمد محمد خليفة 00 المحامي بالنقض والإدارية العليا بعمارة برج الجيزة القبلي – الجيزة 0
بصفته وكيلا عن
السيد / ......... المقيم ..........0
( طاعــــــن )
ضـــد
1- السيد اللواء / وزير الداخلية 00 بصفته 0
2- السيد اللواء / رئيس المجلس الأعلى للشرطة 00 بصفته 0
3- السيد اللواء / مساعد وزير الداخلية لقطاع الأفراد ورئيس مجلس التأديب الاستئنافي 0
( مطعون ضدهم )
وقرر بأنه
يطعن أمام المحكمة الإدارية العليا علي قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 2007 بجلسة 26/6/2007 والذي قرر في منطوقه
بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف 0
هذا
وقد كان القرار الصادر من مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة في الدعوى التأديبية رقم ... لسنة 2006 والصادر بتاريخ 29/10/2006 كان قد قرر في منطوقه
بإدانة الطاعن في المخالفتين المنسوبتين إليه ومجازاته عنهما بالعزل من العمل
وذلك حيث كان قد تقرر
إحالة الطاعن / ... – الضابط بمديرية أمن .... – إلي مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة – لمحاكمته تأديبيا لأنه بوصفه موظفا عموميا ( ضابط شرطة) ارتكب ما يلي :
الخروج الجسيم علي مقتضي الواجب الوظيفي والسلوك المعيب لاستيلاءه بالمغافلة علي التليفون المحمول ماركة نوكيا موديل .... والخاص بالرائد .... – أثناء نومه من داخل غرفته المقيم بها بفندق .... – ولخشيته من افتضاح أمره عاد وتركه خلسة أسفل سرير الضابط المذكور بحجرة نومه بالفندق المشار إليه 00 وهذا ما أكدته التحريات والمعلومات – الأمر الذي أحط من كرامته وأساء إليه وإلي الهيئة التي ينتمي إليها وذلك علي النحو الوارد بالتحقيقات 0
لما أسفرت عنه نتيجة التحاليل التي أجريت له بمعمل الكشف عن السموم بقطاع الخدمات الطبية من إيجابية عينه البول المأخوذة منه بتاريخ 11/10/2006 لمادة الحشيش – وما أشارت إليه معلومات الأجهزة الأمنية من تعاطيه المواد المخدرة – الأمر الذي أساء إليه وإلي الهيئة التي ينتمي إليها وعلي النحو الوارد بالتحقيقات 0
الوقائع
قبل التطرق لواقعات الدعوى الماثلة وما أسند للطاعن فيها من اتهامات مبتورة لا سند لها في الواقع والقانون وأثبتت علي أقوال لأشخاص لا تربطهم بالطاعن ثمة صلة محاولين إقامة الدليل علي واقعات مكذوبة في حق الطاعن 0
وقبل ذلك 00 نود أن نشير إلي أن الطاعن الماثل اعتاد علي التعنت معه ونسبة الواقعات المكذوبة إليه دونما سبب واضح 0
ففي غضون
عام 2001 تقرر إحالة الطاعن الماثل للاحتياط بالقرار رقم .... لسنة 2001 للصالح العام ونسبت إليه واقعات مكذوبة لا سند ولا دليل عليها وهي :
- نسب إليه تعاطيه المواد المخدرة 00 ثم ثبت بموجب تقارير رسميه عدم تناوله لثمه مخدر 0
- كما نسب إليه إقامته لعلاقة مشبوهة بإحدى الفتيات 00 ثم ثبت عقب ذلك أن الفتاة هي خطيبته رسميا وبعلم أهلها وأهله وأنهما علي وشك إتمام الزواج 0
- كما نسب إليه إقامته علاقات مع بعض المشبوهين وأصحاب السوابق ومن هم دون مستواه 00 في حين لم يثبت علي وجه اليقين صحة ما تقدم 0
- نسب إليه الاستدانة من بعض الأشخاص بمبالغ أقل ما توصف به أنها زهيدة وقام الطاعن بإثبات سداده لكافة هذه المبالغ قبل صدور أي قرارات بشأنه دونما حط من شأنه أو من شأن وظيفته 0
هذا 00 وبرغم زيف وتهاتر هذه الادعاءات وثبوت عدم صحتها في حق الطاعن إلا انه فوجىء بصدور قرار أخر يحمل رقم .... لسنة 2001 بإحالته إلي مجلس التأديب الابتدائي لمحاكمته تأديبيا فيما نسب إليه بعد استبعاد واقعة علاقته بفتاه بعلاقة غير مشروعه لثبوت انعدام صحتها 0
وبالفعل 00 تداولت هذه الدعوى وبجلسة 7/4/2002 أصدر مجلس التأديب الموقر قراره الأتي :
- ببراءة الطاعن من اتهام تعاطي المخدرات 0
- بإدانته في باقي التهم ومجازاته عنها بالإيقاف عن العمل شهرين 0
وبرغم ذلك
وثبوت محاكمة الطاعن تأديبيا ومجازاته إلا أنه فوجئ بصدور قرار أخر من السيد وزير الداخلية تحت رقم ... لسنة 2003 والذي تضمن إنهاء خدمة الطاعن وإحالته للمعاش0
هذا والجدير بالذكر
أن الطاعن قد أقام دعويين 00 الأولي قيدت برقم ... لسنة 49 ق أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية طعنا علي قرار إحالته للاحتياط رقم ... لسنة 2001 0
وبجلسة 27/12/2004 قضي فيه
بإلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من إحالة الطاعن للاحتياط وما يترتب عليه من أثار كما أقام الدعوى رقم ... لسنة 52 ق أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية طعنا علي القرار رقم ... لسنة 2003 المتضمن إحالته للمعاش 0
وبجلسة 27/7/2005 قضي فيه
بإلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وإحالته للمعاش 0
وهو الأمر الذي يقطع
بأن كافة القرارات التي تصدر ضد الطاعن قائمه على غير سند من الواقع أو المستندات أو القانون 0
هذا 00 وعقب جماع ما تقدم
أعيد الطاعن إلي عمله بتاريخ 28/2/2006 واضعا نصب عينيه الخمس سنوات السابقة التي مرت عليه تلك السنوات التي ذاق خلالها كل ألوان الذل والظلم والهوان دونما ذنب اقترفه وعاهد نفسه أمام الله عز وجل أن يجتهد في عمله حتى يمحى من ذاكرته وذاكرة كل المقربين والمعارف هذه الفترة الممقوتة من حياته 0
هذا
وبتاريخ 2/3/2006 تم تسليم الطاعن عمله بمديرية أمن ... ومنذ عودته لعمله وهو يعمل جاهدا ومخلصا وبالتزام تام بكل ما توجبه عليه مهنته التي يقدسها ويشرف بالانتماء إليها0
ولأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا
فقد نجح الطاعن في فترة وجيزة من عمله بمديرية أمن الغربية من إثبات وجوده وجهده مما حدا برؤسائه إلي نقله إلي قسم أول ... 0
وهناك
فإن نشاطه فاق زملائه بالمباحث إذ استطاع في أقل من شهر أن يضبط أكثر من جناية مخدرات منها علي سبيل المثال لا الحصر
1- الجناية رقم ... بتاريخ 11/8/2006 0
2- الجناية رقم ... بتاريخ 14/8/2006 0
3- الجناية رقم ... بتاريخ 12/9/2006 0
4- الجناية رقم ... بتاريخ 16/9/2006 0
وهو الأمر
الذي آثار حفيظة زملائه فأخذوا يكيدون له كيدا دون أن يدري مختلقين الشائعات حوله ويروجونها ومنها أنه يتعاطى المخدرات ومنهم من زعم انه سرق منه هاتف محمول ومنهم من زج عليه أناس ممن هم دون المستوي والخارجين علي القانون ليزعموا بأنه علي صلة بهم ويجالسهم ويتعاطى معهم المخدرات وغيرها من الشائعات المكذوبة والمغرضة بهدف النيل منه بشتى السبل 0
وللآسف 00 فقد نحج هؤلاء المغرضون
ففي غضون شهر سبتمبر عام 2006 فوجئ بالسيد مفتش الداخلية يقوم باستدعائه والتحقيق معه في واقعة مكذوبة بزعم قيامه بالاستيلاء علي شيء يوصف تارة بأنه تليفزيون محمول وتارة أخري يوصف بأنه تليفون محمول وحتى لا تكون هذه
الواقعة الوحيدة للتحقيق ألحق بها الزعم بتعاطيه المواد المخدرة 0
وبناء علي هذه المزاعم
وبرغم إقامة الطاعن الدليل علي انعدام صحتها في حقه إلا أنه قد صدر قرار برقم ... لسنة 2006 من السيد / وزير الداخلية بإحالته لمجلس التأديب 0
وبجلسة 22/1/2007
أصدر مجلس التأديب الابتدائي قراره بإدانة الطاعن ومجازاته بالعزل من العمل فقام الطاعن باستئنافه 00 إلا أن المجلس الاستئنافي أصدر قراره الطعين بالطعن الماثل 00 ذلك القرار الذي شابه عيوب جوهرية وهامة حيث أخطأ في تطبيق القانون وافسد في استدلاله وقصر في تسبيبه علي نحو يصل به إلي حد البطلان والعدم 0
ومن ثم 00 فلم يجد الطاعن مناصا سوي إقامة طعنه الماثل مستندا في ذلك إلي الأسباب الآتية
أسباب الطعن
أولا : بطلان قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة
فقد نصت المادة 169 من الدستور المصري علي أن
جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية0
كما نصت المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن
يصدر الحكم في الجلسة العلنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسة سرية ويجب إثباته في محضر الجلسة ويوقع عليه رئيس المحكمة والكاتب 0
وكذا نصت المادة 174 من قانون المرافعات علي أن
ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقة أو بتلاوة منطوقة مع أسبابه ويكون النطق به علانية وألا كان الحكم باطلا
ومما تقدم
يتضح انه بداية من الدستور المصري ومرورا بقانون الإجراءات الجنائية الواجب التطبيق علي الدعوى التأديبية وانتهاء بقانون المرافعات المدنية وهو احد فروع القانون الأب لكل القوانين (القانون المدني ) 00 فإن المشرع أوجب أن تكون تلاوة الأحكام بجلسة علنية لا سرية حتى ولو كان انعقاد جلسات المحاكمة قد تمت في جلسات سرية فيجب أن تكون الأحكام علنا 0
هذا
وبتطبيق ما تقدم علي مدونات الحكم الصادر من مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة يتضح وبجلاء أنه تضمن في صدره عبارة
باسم الشعب
مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة
الجلسة المنعقدة علنا بمقر أكاديمية الشرطة بالعباسية
أما قرار المجلس الاستئنافي الطعين
فقد تضمن في صدارته عبارة
باسم الشعب
مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة
الجلسة المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 26/6/2007 برئاسة....
وهو الأمر الذي يؤكد أن القرار الأخير لم يشر من قريب أو بعيد علي أنه قد صدر في جلسة علنية وهو ما يوصم هذا القرار بالبطلان ومخالفة صحيح القانون لصدوره في جلسة سرية 00 أو علي الأقل ليست علنية
ومن ثم
يجدر معه القضاء بإلغاء القرار الطعين لبطلانه ومخالفته صحيح النص القانوني
والدستوري
ثانيا : قصور القرار المطعون فيه في التسبيب لعدم إبتنائه علي أدلة يقينية تكفل لحمل ما انتهي إليه
حيث استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا علي أنه
من المبادئ الأساسية المقررة في المسئولية التأديبية وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم وأن يقوم ذلك علي أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه ولا يسوغ قانونا أن تقوم أدلة الإدانة علي أدلة مشكوك في صحتها أو دلالتها كما انه حتى يقوم القرار التأديبي علي سببه الصحيح يجب أن يكون هناك إخلال بواجبات الموظف بصفة عامة حتى يكون هناك ثمة مبرر لتوقيع الجزاء عليه وتحت رقابة المحكمة 0
( طعن رقم 5547 لسنة 44 ق عليا جلسة 1/7/2002)
كما ذهب قضاء هذه المحكمة إلي أن
ضرورة ثبوت الفعل المكون للجريمة ثبوتا يقينيا بدليل مستخلص استخلاصا سائغا قبل المتهم مع سلامة تكييفه قانونا باعتباره جريمة تأديبية أو جنائية وألا أعملت قرينة البراءة أخذا بقاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته
( طعن رقم 6598 لسنة 43 ق عليا – جلسة 28/1/2001 )
كما قضت محكمتنا العليا بأن
من حيث أنه من المقرر أن الأصل في الإنسان البراءة ومقتضي ذلك أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلي أدعاء لم يتم تمحيص مدي صحته في إسناد الاتهام إلي المتهم ذلك أن تقرير الإدانة لابد أن يبني علي القطع واليقين وهو ما لا يكفي في شأنه مجرد ادعاء لم يسانده أو يؤازره ما يدعمه ويرفعه إلي مستوي الحقيقة المستقاة من الواقع الناطق بقيامها المفصح عن الحقيقة
لما كان ذلك
وبتطبيق المفاهيم القانونية سالفة الذكر علي واقعات وأوراق الطعن الماثل يتضح
وبجلاء إن القرار الطعين قد جاء مستندا علي أدلة واهية ومتهاترة لا ترقي بحال من الأحوال إلي مرتبة اليقين التي يجب أن تبني عليها الأحكام والقرارات 00 ولم يأت ذلك علي سبيل التخمين وإنما أكدته حقائق ودلائل أبرزها الطاعن أمام المجلس مصدر القرار الطعين مؤكدا علي تهاتر الأدلة التي قام عليها الاتهام برمته وعدم صحة ما جاء علي لسام الشهود المزعومين بالأوراق مما يهدر ثمة دلالة لهذه الأقوال فضلا عن البطلان الذي شاب التحريات المجراه بالأوراق وهو ما يؤكد براءة الطاعن مما هو مسند إليه
وقد دلل الطاعن علي انعدام وجود ثمة دليل علي صحة الاتهام المسند إليه
بالحقائق والدفوع الآتية
1- بطلان التحريات المجراه بمعرفة المقدم / ... وانعدام جديتها وبطلان أي دليل قد يستمد منها
استقر الفقهاء علي أن
يشترط في التحريات حتى تكون دقيقة ومبنية علي مسوغ قانوني أن
1- أن تكون هناك واقعة معينة بالذات
2- أن تكون هناك أمارات قوية لاتهام شخص معين بارتكاب هذه الواقعة أو باشتراكه في ارتكابها
3- أن تدل الظواهر والمظاهر علي أن الإجراء سوف يكشف هذه الجريمة فإذا كان مصدر التحريات مرشد سري يقوم الضابط بالبحث والتنقيب والتحري عن حقيقة ما نمي إلي علمه بواسطة هذا المرشد السري ويكون ذلك عن طريق المراقبة أما بنفسه شخصيا أو بواسطة أحد أعوانه
ويجب أن يشتمل محضر التحريات علي ساعة وتاريخ تحريره واسم من قام بذلك ووظيفته ثم إثبات علمه من التحريات ومن أي طريق أخر
( د/ عبد الحميد الشواربي – البطلان الجنائي – ص 121 وما بعدها )
وفي ذلك استقرت أحكام النقض علي أن
تقدير جدية التحريات موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع
( هيئة عامة 24/2/1988 – أحكام النقض س 35 ق 1 ص 1 )
( 8/10/1984 أحكام النقض س 35 ق 140 ص 636 )
( 6/5/1973 س 24 ق 121 ص 596 )
( 11/6/1973 ق 155 ص 746 )
( 16/2/1987 ط 6219 س 56 ق )
( 23/3/1987 ط 468 س 57 ق )
كما قضي بأن
التحريات لا تعد وألا أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلي أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه
( محكمة النقض – الطعن رقم 17759 لسنة 64 ق جلسة 20/3/2000 )
لما كان ذلك
وكان الثابت من مطالعة محضر التحريات المؤرخ 30/8/2006 يبين وبجلاء انه قد اتسم بالتهاتر والبطلان وانعدام الجدية وذلك علي النحو التالي
بداية 00 فقد أشار هذا المحضر زعما بأنه منسوب للطاعن الاستيلاء علي جهاز تليفزيون محمول 00 في حين أن أوراق التحقيق التالية علي هذا المحضر جماعها تدور حول جهاز تليفون محمول !!!!!!!
استند محضر التحريات علي أقوال كلا من الرائد / ... والنقيب / ... في حين أن جهات التحقيق لم تكن قد بدأت التحقيقات ولم تقم باستجواب سالفي الذكر آنذاك
أبتناء هذه التحريات علي أقوال هذين الضابطين فقط رغم أنهما يعتبرا الشاكيان وخصوما للطاعن ومن ثم لا يجوز الاعتداد بأقوالهما إلا علي سبيل البلاغ أو الشكوى 00 أما في مجال إثبات الاتهام والتحري عنه فيجب أن يتم ذلك عن طريق آخرون محايدون لا ينحازون لطرف ضد الآخر 00 إما وأن جعلت التحريات المزعومة من هذين الضابطين مبلغين أو شاكيين أو مجني عليهما وتجعلهما في ذات الحين شاهدي إثبات للاتهام ضد الطاعن فهو أمر غير مقبول ويهوي بهذه التحريات إلي حد البطلان
أضف إلي ذلك 00 أن محضر التحريات وأقوال محررها بما تضمناه من معلومات ومزاعم أثبت محررها أنها جاءت علي لسان الضابطين .... و .... وبرغم ذلك تأتي هذه المعلومات وتلك المزاعم متناقضة مع أقوال هذين الضابطين اللذين تم التحقيق معهما وسؤالهما فيما بعد
ومثالا لهذا التناقض أن السيد ضابط التحريات قرر بأقواله أن النقيب .... كان حال حدوث الواقعة المزعومة بخدمة مبيت بالقطاع من العاشرة مساء يوم 28/8/2006 حتى العاشرة صباح اليوم التالي
في حين أن النقيب ... نفسه بسؤاله قرر
بأن خدمته تبدأ في الحادية عشر من مساء يوم 28/8/2006 وانتهت في الثامنة من صباح اليوم التالي وهو الأمر الذي يؤكد مدي التضارب الذي شاب هذه التحريات
وكمثال أخر لهذا التضارب والتناقض 00 فقد جاء محضر التحريات مؤكدا انه في الساعة الثانية صباحا يوم 29/8/2006 كان الضابط ... مستغرقا في النوم في الغرفة
في حين قرر هذا الضابط نفسه
أنه لم يدلف إلي الغرفة استعدادا للنوم سوي في الساعة 30ر2 صباحا وهو ما يقطع أيضا بالتضارب والتناقض بين ما جاء بمحضر التحريات وبين أقوال السادة الضباط اللذين جري استجوابهم
قطعت التحريات بارتكاب الطاعن واقعة الاستيلاء علي الهاتف المحمول وكذا عبوة مزيل العرق في حين لم تسفر الأوراق عن شاهد رؤية واحد لهذه الواقعة الغير صحيحة 00 فالثابت من محضر التحريات ذاته وأقوال محرره بالتحقيقات أن الضابط .... كان مستغرق في النوم وان الضابط .... كان في خدمته ولم يكن بالغرفة وأن المجند الذي كان معين لخدمة الضباط بالفندق في هذه الليلة أكد عدم مشاهدته للطاعن يدخل الغرفة إقامة هذين الضابطين فكيف تسني لهذه التحريات أن تقطع بشيء لم يشاهده أحد ؟؟!! الأمر الذي يؤكد أن هذه التحريات أساسها التخمين والتكهن والاحتمال والشكوك وهو أمر لا يمكن الاعتداد به دليلا علي صحة الاتهام
جاء بمحضر التحريات أن الشكوك اتجهت نحو الطاعن لسابقة تردده علي الضابطين ... و ... في غرفتهما من ذي قبل دون مبرر ودون أن تكون هناك علاقة بينهما وبين الطاعن تسمح له بذلك
وذلك كله في حين أن الثابت
أن الليلة التي حدثت بها الواقعة المزعومة كانت أول ليلة يبيت فيها الضابط ... في الفندق ولم يكن مقيما به قبل ذلك قط لدرجة أن الضابط ... صاحب الغرفة رقم 11 نفسه لم يكن يعلم بوجود ... في غرفته ومبيته فيها لم يكن يعرفه شخصيا
ومن ثم
يتضح مدي انعدام صحة ما انتهت إليه هذه التحريات
قامت هذه التحريات علي واقعات لا تتفق مع العقل والمنطق وعلي احتمالات وشكوك لا يمكن الاعتداد بها كدليل علي صحة الاتهام في حق الطاعن حيث قررت بأن الطاعن ذهب إلي غرفة 11 حينما شك في اكتشاف أمره وتقابل مع الضابط ... وتظاهر بربط رباط حذائه وقام بدفع الهاتف المحمول تحت السرير 00 تلك الواقعة التي قرر بها الضابط ... وزعم انه شاهدها بأم عينيه رغم أنه كان مستديرا بعكس اتجاه الطاعن ( أي معطيا الطاعن ظهره ) فكيف شاهد ذلك ؟!!! لا ندري
فضلا عن أن تلك الواقعة المخالفة للحقيقة لا تتفق مع العقل والمنطق فإذا كان الطاعن قد ارتكب هذا الفعل بغية الاستيلاء كما حاولت التحريات إثباته وشك في افتضاح أمره فإن العقل والمنطق يقرران بأنه يحاول مسرعا نحو التخلص من جهاز المحمول المذكور حتى ولو بإلقائه في القمامة بعيدا عنه وعن غرفته وعن أي مكان بنية الشكوك فيه أما وأن يذهب إلي غرفة 11 ويقوم بإلقائه تحت السرير بهذه الرواية الهزلية فإن ذلك يجافي العقل والمنطق ولا يتسق مع طبائع الأمور
بالإضافة إلي ذلك كله فالثابت من التحريات أنها لم تأت بواقعة الاستيلاء علي الهاتف المحمول فقط 00 بل أشارت إلي أن الطاعن يتعاطى المواد المخدرة ( أقراص وعقاقير مخدرة ) ليس هذا فحسب 00 بل قرر محررها بارتباط الطاعن بعلاقات بمن هم دون مستواه الوظيفي وسعيه للاقتراض مبالغ مالية من زملائه
ومع ذلك
وحال سؤال السيد الضابط مجري التحريات عن واقعة ارتباط الطاعن بمن هم دون المستوي وعن أسماء هؤلاء الأشخاص
قرر
بأنه معروف عنه ذلك ولا توجد وقائع محددة أو أسماء بعينها !!!!!!
وحال سؤاله عن واقعة اقتراض الطاعن من زملائه وعما إذا كان هناك واقعات محدده بهذا الخصوص
قرر
بعدم وجود وقائع محدده إلا أنه معروف عنه ذلك !!!!!!
وهنا يبدر إلي الأذهان تساؤل واحد كيف يقطع محضر التحريات باتهامات جزافية لم يقم عليها الدليل أو تتوافر واقعات معينة تؤكدها ؟!!
وأين التحريات إذن التي أجريت بشأن هذه الواقعات الغير صحيحة ؟!!!!
وإذا كان ضابط التحريات قد عجز عن تقديم ولو واقعة معينة واحدة تثبت هاتين التهمتين في حق الطاعن فلماذا أوردهما في محضره ؟!!
لما كان ذلك
ومما تقدم جميعه يتضح وبجلاء مدي ما شاب هذه التحريات من بطلان واضح وبين ومخالف للقانون الذي اشترط لصحة التحريات أن تكون عن واقعات معينة وان تسفر عن حقائق وذلك حتى تصلح أن تكون دليلا علي صحة الاتهامات أما وأن جاءت التحريات متهاترة وضعيفة ولم تحدد واقعات بعينها ومبناها الشك والتخمين الأمر الذي يسقط ثمة دليل قد يستمد منها ويجدر معه استبعادها وعدم التعويل عليها
2- انهيار الدليل المستمد من أقوال الشهود الذين جري سؤالهم في التحقيقات لما شابها من تضارب وتناقض يسقطها ويسقط أي دليل قد يستمد منها
باستقراء أوراق هذا الاتهام يبين وبجلاء أن جهة التحقيق استمعت إلي أقوال كل من
1- السيد المقدم / .... القائم بالتحريات
2- السيد الرائد / .... صاحب الهاتف المحمول
3- السيد النقيب / .... المقيم مع السابق بغرفته
4- أمين الشرطة / .... مندوب فندق الشرطة
5- المجند / .... مسئول خدمة الغرف في ليلة الحادث
6- الرائد / .... والذي كان يرافق ....
هذا
وباستعراض أقوال هؤلاء جميعا في واقعات الاتهام الماثل يتضح تناقض وتضارب غريب 00 فلن نجد اتفاق منهما يجمعا على معلومة واحدة أو توقيت واحد بل قد بدوا وأنهم سمعوا رواية معينة وكل منهم حاول روايتها بأسلوبه وبطريقته أما التوقيتات والتفاصيل فكانت تسقط منهم لعدم حدوث الواقعة التي يرونها أصلا 00 وذلك كله علي النحو التالي
عن واقعة دخول الرائد / .... لغرفته
قرر المقدم / ... 00 بأنه في الساعة الثانية صباحا يوم 29/8/2006 كان الرائد / .... مستغرق في النوم 00 وهو ما يؤكد انه دخل غرفته قبل ساعة علي الأقل أي الساعة الواحدة صباحا
في حين قرر الرائد / .... نفسه أنه لم يدلف إلي الغرفة إلا الساعة 30ر2 صباحا يوم 29/8/2006 أي انه لم يستغرق في النوم إلا بعد ساعة علي الأقل أي الساعة 30ر3 صباحا !!!
عن واقعة استيقاظ الرائد / .... واكتشافه فقدان هاتفه المحمول
قرر المقدم / .... 00 أن الرائد / .... استيقظ من نومه في التاسعة من صباح يوم 29/8/2006
وقرر الرائد / .... نفسه انه استيقظ الساعة 30ر11
وقرر أمين الشرطة / .... – انه تلقي هاتفا من الرائد / .... الساعة 15ر9 صباحا أثناء وجوده بالاستقبال يخبره من خلاله باختفاء هاتفه المحمول
وقرر المجند / ... أنه في الساعة 10 صباحا طلبه أمين الشرطة ... وسأله عما إذا كان هناك أحد دلف إلي حجرة 11 من عدمه
وقرر النقيب ... انه حضر للغرفة 11 الساعة الحادية عشرة صباحا فوجد الرائد ... مستيقظ واخبره عن واقعة فقدانه هاتفه المحمول
أضف إلي ذلك كله
أن المحكمة الإدارية العليا قد استقرت علي إن
الشهادة التي لم تسبق بحلف اليمين لا تعد دليلا يمكن الاستناد إليه في توقيع الجزاء علي العامل
( الطعن رقم 4573 لسنة 39 ق جلسة 10/2/1996 الموسوعة الحديثة ج 42 ص 905)
وحيث كان ذلك
وكان الثابت من مطالعة أوراق التحقيق في الاتهام المسند زورا وبهتانا للطاعن إن أي من الشهود الذين تم الاستماع إلي أقوالهم لم يحلف يمين
ومن ثم
فلا يجوز بحال التعويل علي أقوالهم التي أدلوا بها دون حلف يمين 00 هذا 00 ولما كان القرار الطعين خالف هذا النظر الأمر الذي يجعله جديرا بالإلغاء
لما كان ذلك
ومن جماع ما تقدم يتضح وبجلاء مدي التناقض والتضارب الذي شاب أقوال
الشهود الذين تم الاستماع إلي أقوالهم علي نحو يدعو للشك والريبة في واقعات الاتهام الماثل برمتها
3- انعدام معقولية الواقعة واستحالة تصورها علي النحو الموصوف بالأوراق
بمطالعة أوراق الاتهام الماثل وما أسفرت عنه التحقيقات يتضح وبجلاء أن ثمة انعدام للمعقولية ومجافاة للمنطق قد شاب هذه الواقعة التي يستحيل تصورها علي النحو الموصوف بالأوراق وذلك علي النحو الذي نوضحه في النقاط الآتية
ورد بالأوراق انه عقب اكتشاف الرائد ... اختفاء هاتفه المحمول اخبر بذلك النقيب ... والرائد ... وهنا 00 نجد صاحب الهاتف المفقود يترك الأمر ولا يهتم به ويذهب إلي مطعم الفندق
في حين
يتوجه النقيب ... والرائد ... إلي غرفة الطاعن لاستقصاء الأمر !! ثم يعودان إلي غرفة 11 محل الواقعة ويمكثان بها حتى يحضر الطاعن ويقوم بإلقاء الهاتف المحمول تحت السرير إثناء وجود الرائد ... بدوره المياه
وهنا تثور عدة تساؤلات
هل يعقل أن يفقد الرائد .... هاتفه المحمول 00 ومع ذلك لا يهتم ويذهب لاستكمال يومه بشكل طبيعي ويترك أمر البحث عن هاتفه للنقيب ... والرائد ...؟!! وهو أمر لا يتفق مع العقل والمنطق وطبائع الأمور
قرر الضابط .... بأن سابقة دخول الطاعن لغرفته هو الداعي للشك فيه فهل سبق وأن ضبط الطاعن يستولي علي شيء يخصه أو سبق وأن اكتشف ضياع أي شيء يخصه ؟!!!
وهو ما يؤكد انعدام سند هذا الاتهام برمته
قرر النقيب ... والرائد ... بأنهما حال إنتقالهما لغرفة رقم 13 محل إقامة الطاعن وجدا عبوة مزيل العرق في دولابه الذي كان مفتوحا مما دعاهما
للتأكد من أنه هو الذي استولي علي هذه العبوة والهاتف المحمول
وهذه الواقعة أيضا لا تتفق مع العقل والمنطق فإذا كانت عبوة مزيل العرق هي المسلوبة من النقيب ... 00 فهل يعقل أن يقوم الطاعن بوضعها هكذا علي مرآي ومسمع من أي شخص 00 ليس هذا فحسب 00 بل يترك دولابه مفتوحا حتى يسهل اكتشاف أمره ؟
ولماذا
لم يقم النقيب ... بمواجهة الطاعن بأمر اكتشافه عبوة مزيل العرق بحوزته ؟!!
وهل عبوة مزيل العرق الخاصة بالنقيب محمد الغنام مميزة ولا مثيل لها أو مكتوبا عليها اسم سيادته !!!
وهل حيازة الطاعن لعبوة مزيل عرق تشبه تلك المفقودة من النقيب ... يعتبر دليلا عن استيلاءه علي الهاتف المحمول ؟!!
وهل يعقل أن يقوم الطاعن بالاستيلاء علي عبوة مزيل عرق لا يزيد ثمنها عن عشرة جنيهات ؟!!!
وهل يعقل أن من دلف إلي غرفة واستولي علي هاتف محمول أن يستولي معه علي عبوة مزيل عرق لا يزيد ثمنها عن عشرة جنيهات ويترك ما هو أغلي واثمن من ذلك وبالتأكيد كان هناك نقود فلماذا لم يستولي عليها ؟!!
وبفرض قيام الطاعن بالاستيلاء علي الهاتف المحمول فهل يعقل أن يتوجه إلي الغرفة محل الواقعة حال علمه بوجود أشخاص بها ويحاول مغافلة النقيب ... بهذا الشكل المفضوح؟!
قرر النقيب ... بأنه شاهد الطاعن وهو يضع الهاتف تحت السرير علي الرغم من أنه كان يجلس خلفه ومع ذلك يزعم بأنه شاهد الطاعن كيف ؟؟!!
من جماع ما تقدم
يتضح وبجلاء مدي ما شاب هذا الاتهام من انعدام المعقولية ومجافاة للمنطق علي نحو يستحيل معه تصور حدوث الواقعة علي النحو الموصوف بالأوراق
4 - عدم صحة ما نسب للطاعن من تعاطيه المواد المخدرة
حيث استقرت أحكام الإدارية العليا علي أن
لما كانت الجريمة التأديبية كالجريمة الجنائية من حيث المسئولية إذ يبتغي أن تبني المسئولية التأديبية علي القطع واليقين لا علي الشك والتخمين حتى يمكن إدانة العامل
( حكم الإدارة العليا الطعن 418 لسنة 31 ق جلسة 18/1/1994 )
وعلي ما تقدم فالثابت بالأوراق أن السيد المقدم طارق أبو الدهب أورد بمحضر تحرياته أن الطاعن معروف عنه تعاطي المواد المخدرة
ومع ذلك
عجز عن تقديم أي دليل علي هذا الزعم أو تقديم واقعات بعينها تفيد ذلك بل اكتفي بقول ذلك علي نحو مرسل مجافي للحقيقة مما يقطع بانعدام صحة ذلك
ولا ينال من ذلك
ما ورد زعما بالتحقيقات من أن نتيجة التحاليل جاءت ايجابية لمادة الحشيش المخدر حيث أن الثابت أن الطاعن تمسك بعدم صحة هذه التحاليل وقرر بأنه أبان إجرائه للتحاليل كان هناك أكثر من ضابط يقوم بذات التحليل في ذات الوقت وهو ما يدعو للشك في أن تكون العينة الخاصة به اختلطت مع غيرها من العينات لاسيما وان العينات لم يكن يتم كتابة أسماء عليها أو أرقام كودية أو ما شابه ذلك وهو ما يؤكد حدوث خطأ ما في التحليل لاسيما وان الطاعن لم يمتنع عن إجراء التحاليل أو حاول التنصل من ذلك فإذا كان متعاطيا لمخدر فإن العقل والمنطق يقولان بأنه كان سيحاول بشتى السبل التملص من إجراء التحاليل ألا أن ذلك لم يحدث وهو ما يؤكد وبحق مصداقية الطاعن من كونه لا يتعاطى ثمة مواد مخدرة
فضلا عن ذلك
فقد جاءت نتيجة التحليل المزعومة متناقضة ومتضاربة مع التحريات المجراه بمعرفة المقدم ... الذي قرر بأن الطاعن يقوم بتعاطي الأقراص والعقاقير المخدرة 00أما التحاليل فقد قررت بتعاطيه مادة الحشيش المخدرة 00 ومع ذلك كله قطع الطاعن يقينا بعدم صحة ذلك تماما
الأمر
الذي كان يتعين معه علي جهات التحقيق أن تأمر بإعادة إجراء التحليل للطاعن وبجهة طبية محايدة حتى تقف علي حقيقة الأمر دون مراء ولا شك لاسيما وانه قد سبق ونسب للطاعن تعاطيه المواد المخدرة ثم تبين عدم صحة ذلك وتمت تبرأته بمعرفة مجلس التأديب أما وأنها لم تفعل الأمر الذي يؤكد قصور التحقيقات
لاسيما
وأن الثابت من مطالعة المستندات التي تشرف المحامي بتقديمها 00 أنه تقدم بشهادة صادرة عن مستشفي وادي النيل 00 تؤكد وبالقطع أن نتيجة التحاليل التي أجريت للطاعن جاءت سلبية في جميع أنواع المخدرات
وهو الأمر الذي يؤكد عدم صحة هذا الاتهام في حق الطاعن لاسيما وان من يدمن المخدرات لا يستطيع بسهولة التخلص منها ويلزمه فترة طويلة من العلاج ولم يثبت أن خضع الطاعن لمثل هذا العلاج الأمر الذي يقطع بعدم تعاطيه ثمة مخدر وان نتيجة التحاليل المشار إليها بالأوراق جاءت مخالفة للحقيقة
ومن ثم
يتضح من جماع ما تقدم انهيار ثمة دليل قد يقوم عليه القرار الطعين ومن ثم يتضح مدي القصور المبطل الذي شاب هذا القرار لعدم قيامه علي دليل معتبر يحمل قضاءه الطعين علي نحو يجعله خليقا وبحق بالإلغاء
ثالثا : إخلال القرار الطعين بحقوق الدفاع بما أسلس إلي قصور مبطل في التسبيب
حيث استقرت أحكام النقض في هذا الخصوص علي أن
إغفال الحكم ذكر وجه دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة إلا إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهي إليها الحكم 00 بمعني أن المحكمة لو كانت بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يترتب عليه البطلان
( نقض 24/6/1975 ص 265 )
وقضي أيضا بأنه
متي كان الحكم المطعون فيه قد قضي علي الطاعن دون الإشارة إلي دفاعه والرد عليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور بما يستوجب نقضه
( الطعن رقم 57 جلسة 15/10/1968 س 19 ص 8 )
وقضي كذلك بأن
المقرر في قضاء النقض أن إغفال الحكم ذكر وجه دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهي إليها بمعني أن المحكمة لو كانت بحثته لجاز إن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصورا في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان
( نقض 12/2/1984 طعن رقم 1353 لسنة 51 ق )
لما كان ذلك
وبتطبيق المفاهيم القانونية سالفة الذكر علي مدونات القرار الطعين يبين وبجلاء أنه قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحقوق الدفاع في عدة أوجه وعلي أكثر من صورة علي نحو يجعله وبحق جديرا بالإلغاء وأوجه وصور القصور والإخلال فتتحقق في الآتي
الوجه الأول : للإخلال بحقوق الدفاع والقصور في التسبيب
حيث أن الثابت من أوراق النزاع الماثل أن الطاعن قد أبدي طلبا جازما وصريحا وهو استدعاء كل من :
1- الرائد / ....
2- النقيب / ....
3- المقدم / ....
وذلك لمناقشتهم أمام المجلس الموقر لما شاب أقوالهم بأوراق التحقيق من تناقض مبطل 00 كما أن ثمة أقوال نسبت لهؤلاء الشهود لم تصدر عنهم في الواقع الأمر الذي جعل الطاعن يتمسك باستدعائهم وسؤالهم وصولا لبراءته مما هو مسند إليه
وحيث قضي في هذا الشأن بان
لا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة علي أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالتها مادام أن الأصل طبقا لصريح نص المادة 67 من الدستور البراءة ما لم يثبت إدانة المتهم وأنه يتعين تفسير الشك لصالحه ويحمل أمره علي الأصل الطبيعي وهو البراءة
( حكم الإدارية العليا الطعن 4204 لسنة 39 ق جلسة 7/5/1996 )
كما قضي بأن
طلب الطاعنين المحكوم لهم أمام محكمة أول درجة إحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات دعواهم قضاء المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف دون أن تفسح للمستأنف عليهم طريق إثبات دعواهم 00 قصور وإخلال بحق الدفاع
( نقض 23/1/1980 طعن رقم 712 لسنة 49 ق )
وحيث كان ذلك 00 وكانت أقوال سالفي الذكر تحمل بين طياتها الشك وعدم الصحة الأمر الذي يجعلها خليقة بالاطراح
ومع ذلك كله 00 فقد صدر القرار الطعين معولا علي هذه الأقوال بكل ما تحمله من شكوك في صحتها ليس هذا فحسب 00 بل طرح طلب الطاعن الجازم والجوهري باستدعاء هؤلاء الشهود للإدلاء بشهادتهم أمام المجلس 00 وهو الأمر الذي يقطع بإخلال القرار الطعين بحقوق الدفاع علي نحو يجعله وبحق جديرا بالإلغاء
الوجه الثاني للإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب
بمطالعه أوراق الاتهام الماثل وعلي الأخص منه مذكرة الدفاع المقدمة من الطاعن وكذا محاضر جلسات محاكمة الطاعن أمام المجلس الاستئنافي يبين وبجلاء أنه طلب طلبا جازما وصريحا وجوهريا وهو إحالته إلي جهة طبية محايدة لإجراء التحاليل الطبية اللازمة لبيان عما إذا كان يتعاطى المواد المخدرة من عدمه
ورغم جوهرية هذا الطلب
إلا أن القرار الطعين قد طرحه دونما سبب واضح يبرر هذا الإطراح لاسيما وأن الأوراق لم تسفر عن دليل قاطع في هذا الشأن حيث جاءت التحريات واهية في هذا الخصوص إذ قالت علي نحو مرسل إن الطاعن يتعاطى المخدر دون تقديم ثمة دليل علي صحة هذا القول المرسل
وحيث ابتغي الطاعن من طلبه تأكيد براءته من هذا الاتهام المبتور وحيث رفض المجلس الاستئنافي هذا المطلب الجوهري الأمر الذي يؤكد قصوره في التسبيب وإخلاله الجسيم بحقوق الدفاع
الوجه الثالث للإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب
الثابت من أوراق التداعي أن الطاعن تقدم أمام المجلس الاستئنافي بشهادة تحليل تؤكد عدم تعاطيه لثمه مواد مخدرة
ورغم ذلك
لم يعول عليها القرار الطعين ولم يبرر إطراحها وعدم التعويل عليها بأسباب سائغة وهو أيضا ما يؤكد وبجلاء مدي قصور هذا القرار في تسبيبه وإخلاله بحقوق الدفاع
وحيث كان ذلك
ومن جماع ما تقدم يتضح وبجلاء إن القرار الطعين جاء مشوبا بمخالفة القانون والإخلال الجسيم بحقوق الدفاع والقصور المبطل في التسبيب علي نحو يجعله وبحق خليقا بالإلغاء
ومن ثم
فلهذه الأسباب والأسباب الأخرى التي سوف يتشرف الطالب بإبدائها أمام مجلسكم الموقر فإنه يطعن علي القرار المطعون عليه ويطلب إلغائه
بناء عليه
يلتمس الطاعن من عدالة الهيئة الموقرة القرار الحكم
أولا : بقبول الطعن شكلا
ثانيا : وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه
ثالثا : وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بكل ما يترتب عليه من أثار والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما هو مسند إليه 00 مع إلزام جهة الإدارة المصروفات
وكيل الطاعن
المحامي بالنقض
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة - موضوع
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود إسماعيل رسلان
/ عطية عماد الدين محمد نجم
/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي
الدكتور / محمد ماهر أبو العينين نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد سماحة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم ... لسنة 55 ق . عليا
المقام من /
....
ضد /
1- وزير الداخلية بصفته
2- مساعد أول الوزير لقطاع الأمن بصفته
طعنا في قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الصادر بجلسة 30/6/2009
في الاستئناف رقم ... لسنة 2006 والصادر قيده برقم .... لسنة 2009
الإجراءات
في 6/7/2009 قام وكيل الطاعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة مقررا الطعن علي القرار سالف البيان والذي انتهي إلي قبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا .
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن إلغاء القرار المطعون فيه والحكم ببراءته
مما هو منسوب إليه مع ما يترتب علي ذلك من آثار .
وقد تم إعلان تقرير الطعن علي النحو الثابت بالأوراق .
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة تقريرها إلي أنها تري الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة في الاستئناف رقم .. لسنة 2009 الصادر بجلسة 30/6/2009 والقضاء مجددا بإعادة الدعوى التأديبية ضد الطاعن إلي مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة لمحاكمة الطاعن عما نسب إليه مجددا أمام هيئة أخري .
وتداول الطعن أمام دائرة – فحص الطعون التي قررت بجلسة 26/9/2010 إحالته إلي هذه الدائرة لنظره بجلسة 27/11/2010 وتداول أمام هذه الدائرة علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر بجلسة 15/1/2011 إصدار الحكم بجلسة 15/1/2001 ومد أجله لجلسة 12/2/2011 ثم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانونا .
ومن حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية المقررة .
ومن حيث أن واقعات القرار المطعون فيه تخلص حسبما يظهر من الأوراق في أنه بتاريخ 29/10/2006 صدر قرار وزير الداخلية رقم .... لسنة 2006 بإحالة الرائد / ....... الضابط بمديرية أمن ... – إلي مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة ، لمحاكمته تأديبيا ، لأنه بوصفه موظفا عاما ارتكب ما يلي:
الخروج الجسيم علي مقتض الواجب الوظيفي والسلوك المعيب :
- استيلاءه بالمغافلة علي التليفون المحمول ماركة نوكيا موديل ... والخاص بالرائد/... أثناء نومه من داخل غرفته المقيم بها بفندق الشرطة بطنطا ولخشيته من افتضاح أمره عاد وتركه خلسة أسفل سرير الضابط المذكور بحجرة نومه بالفندق المشار إليه – وهذا ما أكدته التحريات والمعلومات – الأمر الذي حط من كرامته وأساء إليه وإلي الهيئة التي ينتمي إليها وذلك علي النحو الوارد بالتحقيقات .
- لما أسفرت عنه نتيجة التحاليل التي أجريت له بمعمل الكشف عن السموم بقطاع الخدمة الطبية من إيجابية عينة البول المأخوذة منه بتاريخ 11/10/2006 لمادة الحشيش ، وما أشارت إليه معلومات الأجهزة الأمنية من تعاطيه المواد المخدرة – الأمر الذي أساء إليه وإلي الهيئة التي ينتمي إليها وعلي النحو الوارد بالتحقيقات .
وبتاريخ 22/1/2007 قرر مجلس التأديب الابتدائي – للأسباب الواردة في قراره – إدانة الضابط المحال علي المخالفتين المنسوبتين إليه بقرار الإحالة ومجازاته عنها بالعزل .
إلا أن هذا القرار لم يلق قبولا من الضابط المحال فتم استئنافه بالاستئناف رقم ... لسنة 2007 للأسباب الواردة بالأوراق ، وبتاريخ 26/6/2007 قرر مجلس التأديب الاستئنافي للأسباب الواردة بقراره تأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي إلا أن الضابط المحال طعن في قرار مجلس التأديب الاستئنافي أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم .... لسنة 53 ق عليا التي قضت في حكمها بجلسة 4/10/2008 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وأمرت بإعادة الاستئناف رقم .... لسنة 2007 إلي مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى وذلك لبطلان تشكيل المجلس لأن من قام برئاسته مساعد الوزير بدلا من مساعد أول الوزير وقد أعيد قيد الاستئناف برقم ... لسنة 2009 وتم نظره مجددا أمام مجلس التأديب الاستئنافي الذي انتهي بجلسة 30/6/2009 إلي ذات القرار الأول وهو قبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا .
وقد أقام المجلس قراره علي ثبوت المخالفتين في حقه علي النحو الثابت بقرار مجلس التأديب الابتدائي وانتهي إلي قراره المطعون فيه .
ويقوم الطعن علي بطلان هذا المجلس لبطلان تشكيله فضلا عن براءة الطاعن مما هو منسوب إليه .. ومن حيث أنه يبين من الأوراق أن المجلس المطعون في قراره قد انعقد في جلسة النطق بالحكم في 30/6/2009 بتشكيل من اللواء .... وعضوية المستشار .... والمستشار .... المحامي العام الأول وهو ذات المجلس الذي سبق وأن أصدر قراره في الاستئناف رقم ... لسنة 2007 بجلسة 24/4/2007 فيما عدا رئيسه وهو ما يعني أن المجلس قد أصدر القرار المطعون فيه بأغلبية أعضائه الذين سبق لهم إصدار قرارهم السابق والذي تم إلغاؤه بمعرفة المحكمة الإدارية العليا والتي طلبت إعادة محاكمة الطاعن أمام مجلس الاستئنافي بهيئة مغايرة بما يصم هذا القرار بالبطلان فضلا عن أن مسودة القرار المطعون فيه قد كتبت بالكمبيوتر وهو ما يجعل هذا القرار باطلا من وجهتين وواجب الإلغاء إلا أنه لما كان هذا الطعن هو الطعن لثاني مرة فإن المحكمة تتصدي لموضوعه إعمالا لنص المادة 269 من قانون المرافعات وما قضت به دائرة توحيد المبادئ وجري به قضاء هذه المحكمة .
ومن حيث إنه وعن الاتهام الأول المنسوب للطاعن فالثابت من الأوراق أن الضابط ....... قرر في التحقيق إنه صباح يوم 29/8/2006 اكتشف فقد التليفون المحمول الخاص به من غرفة مبيته بفندق الشرطة وأنه قام بالبحث عنه في كل مكان ولم يجده وأن زميله في الغرفة حضر بعد ذلك وهو النقيب ... حيث استدعوا المجندين العاملين بالفندق فقرر أحدهم بأن الطاعن كان متواجدا خارج الغرف حتى ساعة مبكرة من صباح نفس اليوم حيث طلب منه إحضار بعض المأكولات وأنهما توجها لغرفة الضابط الطاعن .
وبسؤاله حيث نفي علمه بهذا الأمر وقد تشككوا في الطاعن لأنهم لاحظوا وجود عبوة إسبراي مزيلة للعرق مشابهة لتلك التي فقدت من النقيب ....... موجودة في دولاب الضابط وقرر النقيب ... في أقواله أنه بعد خروجه من غرفة الطاعن وذهابه إلي غرفته فوجئ بدخول الطاعن عليه وقال له أن الحكاية انه أتسرق منه 350 ج وقام بإخراج موبايل من جيب بنطاله وتظاهر أنه يقوم بعمل شيء في حذائه ودفع الموبايل أسفل سرير الرائد ...... وانصرف معتقدا أنني لم أشاهد ذلك علي اعتبار أنه كان واقفا خلفي يتحدث وأنا جالس علي السرير وتصور هو أنني لا أراه ولم أشاهده أثناء قيامه بإخراج الموبايل من جيبه ودفعه تحت السرير الذي أنا جالس عليه وأنه عقب خروج الرائد ...... الذي كان يقوم بقضاء حاجته في الحمام بالغرفة أخبره بالموضوع وفعلا قاما بإخراج الموبايل من أسفل السرير وقرر الرائد ....... أنه الموبايل الخاص به (ص 17 ، 18 ، 19) التحقيق الإداري .
ومن حيث أنه كذلك فإن أساس اتهام الطاعن يقع في شهادة النقيب .... حيث أنه هو الذي رأي الواقعة رؤيا العين .
ومن حيث أن المحكمة لا تطمئن لهذه الشهادة لأنه فضلا عن عدم حلف الشاهد اليمين لإضفاء مصداقيته علي شهادته فإن الشهادة في ذاتها لا تطمئن معها المحكمة إلي وقوع المخالفة يقينا ونسبتها إلي الطاعن فكيف يتكلم الطاعن مع الشاهد ثم يعتقد أنه لم يشاهده وهو يلقي الموبايل تحت السرير ؟ وهل يتصور أن يقوم الطاعن بفرض قيامه بسرقة الموبايل بإعادته إلي ذات الحجرة التي تم سرقته منها ؟ ألم يكن كافيا أن يلقيه في أي جهة من أركان الفندق حي لا يراه أحد وهو يلقي به ؟ أو حتى يقوم بالاحتفاظ به وعدم إعادته ؟ أن هناك فروضا كثيرة تشكك في مدي صحة هذه الشهادة ومدي قطعيتها في ارتكاب الطاعن لها ويتعين من ثم تطبيق مبدأ تفسير الشك لصالح المتهم ومن ثم تبرئته من هذا الاتهام .
ومن حيث أنه وعن الاتهام الثاني فإن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه يجب حتى تثبت المخالفة الخاصة بتعاطي المواد المخدرة في حق الضابط فإنه يتعين عمل تحليلين للعينة الواحدة للتأكد من صحة التحليل وأن عدم قيام الإدارة بذلك يجعل الاتهام غير قائم علي سند صحيح ويتعين تبرئة المخالف منه والثابت من الأوراق أن التحليل الذي تم لعينة من بول الطاعن قد تم لمرة واحدة من خلال عينه تم تحليلها في مستشفي الشرطة بالعجوزة دون وجود تحليل أخر لذات العينة وعليه فهذا الاتهام لا يثبت يقينا في حق الطاعن ويتعين من ثم تبرئته منه .
ومن حيث أن القرار المطعون فيه قد أخذ بغير هذه النتيجة فإنه يكون واجب الإلغاء
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي المطعون فيه وبإلغاء قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة الصادر بجلسة 22/1/2007 في الدعوى التأديبية رقم ... لسنة 2006 قيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالعزل من العمل مع ما يترتب علي ذلك من آثار والقضاء مجددا ببراءته مما هو منسوب إليه .
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 24 من ربيع أول لسنة 1432 هـ والموافق 26/2/2011 وذلك بالهيئة المبينة بصدره .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة