عندما تشتم الدولة نفسها

17 views
Skip to first unread message

kadhim finjan

unread,
Jan 11, 2015, 5:20:56 AM1/11/15
to
 
فضفضات شروية تحت خيمة السيرك السياسي
(الحلقة 14)
 
عندما تشتم الدولة نفسها
 
كاظم فنجان الحمامي
 
ماانفك حكامنا وزعماؤنا الجدد يتعاملون معنا بدونية وكأننا شراذم من الأقوام المتخلفة المفروضة عليهم، ويتعين علينا إبداء فروض الطاعة والولاء وتنفيذ أوامرهم وتحمل نزواتهم وهفواتهم وشطحاتهم. يردوننا أن نكون جنودا لحروبهم الطائشة، وحراسا لهم ولجواريهم. يتصورون أنهم أصحاب الفضل علينا وعلى أجدادنا لأنهم نقلونا من البداوة إلى التحضر، وانتشلونا من البؤس والضلال وارتقوا بنا نحو العيش الرغيد.
يتصورون أن الشعب العراقي مديناً لهم في كل شيء تقريباً. كانوا يتبجحون دائماً في خطاباتهم الموسمية، فيقولون: (لولانا ما صرتم بشر) في استخفاف واضح وصريح بالشعب الذي كانت تراه سلطاتنا الحاكمة كمجموعة من الشروية المتخلفين والقاصرين حضارياً. كانوا يقولون: (لميناكم وجبناكم من الهور والزور، وكنتم حفاة عراة جياع)، ويقولون: (نحن الذين علمناكم كيف تلبسون وكيف تأكلون وكيف تنتعلون أحذيتكم). في إشارة للفقراء الذين هربوا من ظلم الإقطاع وهاجروا نحو المدن طلباً للرزق والتعليم.
ثم جاءت صناديق الاقتراع لتفتح مضمار التنافس بين المرشحين للانتخابات البرلمانية، ففتحت بوابات التمادي والاستخفاف بأساليب مخجلة لا تختلف كثيراً عن التصريحات الوقحة، التي كنا نسمعها من أبواق الأنظمة البالية، فالذي يهين الفقراء ويوزع البطانيات عليهم ليستغل ضعفهم من أجل تحقيق بعض المكاسب الانتهازية، لا يختلف كثيراً عن الذين كانوا يعيبون علينا فقرنا وضعفنا. وليس أدل على صحة كلامنا من تصريحات بعض البرلمانيين الذين أمطرونا بوابل من تلميحاتهم الاستفزازية المباشرة. هذا يهيننا ويصفنا بالأغبياء والمتخلفين، وذلك يطعن بعروبتنا وينعتنا بالهنود والزنوج والغجر، وهذا يزعم أننا مجموعة من الرعاع والهمج. وسنأتي على تشخيص هؤلاء الذين سخروا منا بالتفصيل الممل في حلقاتنا القادمة.
لقد عاش العراقيون منذ القدم في ربوع الرافدين، ومثلما هي الشعوب القديمة، والعراق من الدول والشعوب القديمة، إن لم يكن أقدمها على الإطلاق. نقول مثلما هي الشعوب والدول القديمة، فأن صفات التمييز العنصري والتمييز الطبقي بين صفوف الشعب ليست هي الصفات المألوفة في الحضارة العراقية، وإنما عوامل وصفات أخرى أبرزها ما كان يلعب دوراً مركزياً في بناء تلك الحضارة، ومدى كفاءة هذا أو ذاك في تعزيز قوتها والارتقاء بها والحفاظ عليها.
لم تكن الطبقية أو المناطقية من بين العوامل، التي لعبت دوراً أساسياً في إبراز دور العراق القديم وحضاراته الإنسانية المتعاقبة، وهكذا عاش العراقيون منذ القدم على أنماط متجانسة من تلاحم خيوط النسيج (السدى واللحمة) في العلاقة الحميمة بين أفراد الشعب الواحد.
لم تكن التفرقة المناطقية هي المقياس المعياري لتقييم مستويات الشعب على أساس الانتماء إلى هذه المنطقة أو تلك، فلا أهل بغداد أفضل من أهل البصرة ، ولا أهل كربلاء أفضل من أهل العمارة. ولا أهل الديوانية أفضل من أهل الناصرية.
كلنا شعب واحد ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة. لكن السياسيين هم الذين خلقوا لنا هذه الفوارق، وهم الذين فرضوا علينا التباعد بحواجزهم المصطنعة. وهم الذين دأبوا على تشويه صورتنا بأبواقهم الإعلامية المضللة. ثم أصبحنا مضغة في أفواه السفهاء والمجانين، ولعبة من ألعاب هذا السيرك السياسي العجيب.
وللحديث بقية.
u0639u0646u062Fu0645u0627 u062Au0634u062Au0645 u0627u0644u062Fu0648u0644u0629 u0646u0641u0633u0647u0627.docx
Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages