مقال بعنوان: الخطاب العنتري لا يحرر أوطانًا ولا يبني إنسانا

4 views
Skip to first unread message

الصحفي / سامح يونس الجدي

unread,
May 7, 2025, 5:02:59 AMMay 7
to
الخطاب العنتري لا يحرر أوطانًا ولا يبني إنسانا
كتب الصحفي / سامح الجدي
في خضم الأزمات الوطنية والاحتلال الطويل، يطفو على السطح في كثير من الأحيان خطابٌ عنتري، يزهو بالشعارات النارية، ويعد الجماهير بالنصر الحتمي، بينما يغفل عن أدوات التمكين الفعلي وتحديات الواقع المركّب. هذا النوع من الخطاب، رغم جاذبيته العاطفية، سرعان ما يكشف عن محدوديته، لأنه لا ينتج حلولًا، ولا يصنع وعيًا، ولا يبني إنسانًا قادرًا على الصمود والتغيير.
في الحالة الفلسطينية، يُعدّ خطاب حركة حماس نموذجًا صارخًا لهذا النوع من الخطاب، خاصة في تعاملها الإعلامي مع العدوان والحصار. إذ غالبًا ما يتضمن تصريحات تتوعد الاحتلال وتعلن "الاقتراب من النصر"، دون أن تقرن ذلك بإستراتيجية واضحة للخلاص الوطني، أو قراءة دقيقة لموازين القوى، أو حتى مراجعة نقدية للخيارات السياسية والعسكرية.
الخطاب العنتري الذي تتبناه حماس أحيانًا يُعلي من قيمة التضحية والدماء بوصفها الطريق الأوحد للتحرير، لكنه يغفل أن بناء الإنسان، وتطوير مؤسسات المجتمع، وتحصين الجبهة الداخلية، هي مقومات لا غنى عنها لأي حركة تحرر حقيقية. كما أن هذا الخطاب، وإن بدا في ظاهره مقاومًا، فإنه في بعض الأحيان يبرر مآسي المدنيين ويدفع ثمنه الأبرياء، بينما تُغيّب المساءلة.
إن التحرير لا يأتي عبر الصوت المرتفع، بل عبر عقل بارد يُخطط، وعين ترى أبعد من لحظة الغضب، وسواعد تبني مجتمعًا متماسكًا ومنتجًا. الخطاب المقاوم الحقيقي هو الذي يُبقي جذوة الكرامة مشتعلة، لكنه لا يحرق بها الناس، بل ينير بها الطريق نحو دولة عادلة، وحرية مستحقة، وإنسان حر التفكير.
Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages