قُرَيْش هي قبيلة كنانية خندفية مضرية عدنانية ينتمي إليها نبي الإسلام محمد. وينتمي إليها الخلفاء الراشدون وخلفاء الدولة الأموية وخلفاء الدولة العباسية وأهل بيت النبي كما تنتمي إليها كثير من القبائل والبيوتات العربية حالياً ويسكن معظمهم اليوم في الحجاز في الطائف ومكة وغيرها.[1]
تنتسب قبيلة قريش كما هو مجمع عليه وباتفاق النسابين إلى نبي الله إسماعيل بن النبي إبراهيم[4] جاء في صحيح مسلم: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم قال ابن القيم في زاد المعاد في ما بعد عدنان من النسب: إلى ها هنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل - عليه السلام.[5]
أقرب القبائل نسبا لقريش هم بقية فروع قبيلة كنانة حيث أن قريشا عمارة من عمائر قبيلة كنانة وفرع منها ثم تأتي بعدهم في القرابة لقريش قبيلة بني أسد وقبيلة عضل ثم تأتي بعدهم قبيلة هذيل وهم أخوال قبيلة قريش وهكذا.[1]
كانت قريش قبل سكنها مكة المكرمة أصرافا متفرقين في ظاهر مكة ضمن قبيلة بني كنانة معروفين باسم بني النضر حتى جمعهم وأسكنهم بها قصي بن كلاب ولهذا يقال لقصي قريش الأصغر ومجمع قريش وهو قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وقد أسكن قريشا مكة بعدما أخرج منها قبيلة خزاعة وبني بكر من قبيلة كنانة وبني صوفة وهو الغوث بن مر أخو تميم جد قبيلة تميم وذلك بمعونة من معه من بني النضر بن كنانة وبمعونة أخيه من أمه رزاح بن ربيعة العذري القضاعي[9] وفي ذلك يقول الشعراء:[10]
الخلافة الراشدة: أول من أسس الإمارة لقريش هو أبو بكر الصديق وذلك أنه بعد وفاة النبي قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير[24] فقال لهم أبو بكر الصديق بعد أن ذكر فضائلهم ومناقبهم في الإسلام: أما بعد يا معشر الأنصار فإن كل ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا. يامعشر الأنصار إنا والله ماننكر فضلكم ولا بلاءكم في الإسلام ولا حقكم الواجب علينا ولكنكم عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس بها غيرهم وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم فمنا الأمراء ومنكم الوزراء فاتقوا الله ولا تصدعوا الإسلام وإني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة[25] ثم اتفق الناس على أبي بكر وبايعوه وفي الحديث (الخلافة في قريش مابقي من الناس اثنان).[26]
قبيلة قريش اليوم في الطائف حيث أنه لما ضاقت بهذه القبيلة مدينة مكة المكرمة إختارت الانتقال لمدينة الطائف المجاورة لمكة وهي قبيلة النبي محمد وهي تسكن اليوم الطائف ونواحي مكة المكرمة وقد بين نسبة هذه القبيلة العالم عبد الستار الدهلوي في كتابه تحفة الأحباب في بيان اتصال الأنساب.[5][29]
تمثل قضية تدوين السنة (الحديث) إحدى الإشكاليات الكبيرة في التاريخ الإسلامي ذلك لأنها تمت بعد مرور حوالي قرن ونصف القرن من وفاة الرسول الكريم محمد وتدخلت فيها عوامل كثيرة شملت التحيزات المذهبية والتباينات الاجتماعية والقومية والخلافات السياسية وغير ذلك من العوامل التاريخية الأخرى.
وتنبع أهمية الإشارة لقضية التدوين من حقيقة أن الأحاديث المنسوبة للرسول قد استخدمت بطريقة ذرائعية من أجل خدمة المصالح المذهبية والسياسية كما أنها شكلت أحد الأسباب التي ساهمت بفاعلية في جمود العقل الإسلامي لا سيما وأنه قد تم تثبيتها كمصدر تشريعي مساو للنص المؤسس (القرآن).
من بين الأحاديث التي شكلت مرتكزا أساسيا في مسألة اختيار الحاكم لدى المدرسة الفقهية السلفية المعروفة باسم "أهل السنة والحديث" هو الحديث المنسوب للرسول والذي يقول إن أئمة المسلمين وخلفائهم يجب أن يكونوا من قريش وإنه لا يجب منازعتهم في هذا الأمر.
ورد الحديث في صحيحي البخاري ومسلم وكتب الحديث الأخرى بألفاظ متعددة ففي صحيح البخاري عن معاوية قال: قال رسول الله: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين". وفي صحيح مسلم: "لا يزال الإسلام عزيزا بخلفاء كلهم من قريش".
بناء على هذا الحديث تقرر عند أهل السنة أن إمام المسلمين لا بد أن يكون قرشيا وقد أوضح أبو الحسن علي بن محمد الماوردي في كتابه "الأحكام السلطانية" عند ذكره شروط الإمام الأعظم أن الأخير يجب أن "يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه".
لا شك أن المتأمل في حديث الأئمة من قريش سيجد الكثير من الأدلة التي توضح أن ذلك الحديث تم وضعه بعد وفاة الرسول من أجل خدمة أغراض سياسية تهدف لتثبيت حق الخلافة لقريش في مقابل دعوات ومذاهب أخرى تنادي بأن يكون الأمر مفتوحا لجميع المسلمين.
إن الحديث المعني يناقض حديثا آخر منسوب للرسول في شأن طاعة أولي الأمر وقد أورده البخاري في صحيحه يقول: "حدثنا مُسدد حدثنا يحيى بن سعِيد عن شُعبة عن أَبي التياح عن أَنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسمعوا وأَطيعوا وإِن استُعمل عليكم عبدٌ حبشيٌّ كأن رأْسهُ زبيبة".
الحديث أعلاه يدل بوضوح على أنه يجوز أن يكون الإمام "عبدا حبشيا" وليس قرشيا ومع ذلك قام فقهاء أهل السنة بتبريره قائلين بأن حديث الرسول خرج مخرج التمثيل والفرض وذلك للمبالغة في وجوب السمع والطاعة!
بل ذهبوا أبعد من ذلك كما في شرح ابن بطال لصحيح البخاري وقد نقل عن المهلب قوله بخصوص الحديث: "قوله "أسمعوا وأطيعوا" لا يوجب أن يكون المستعمل للعبد إلا إمام قرشي لما تقدم أن الإمامة لا تكون إلا في قريش وإنما أجمعت الأمة على أنه لا يجوز أن تكون الإمامة في العبيد".
من الجلي أن التفسير أعلاه يضرب في صميم الدعوة الإسلامية التي جاءت لرفع الظلم عن الضعفاء وإعلان المساواة بين الناس وقالت إنه لا يجب التفريق بينهم إلا بالتقوى فكيف إذا تجمع الأمة على رفض إمامة شخص مسلم رمت به الأقدار في العبودية أو آخر من بلاد الفرس أو الترك اعتنق الإسلام وصح تدينه
من ناحية أخرى هناك الحديث المنسوب لعمر بن الخطاب في شأن تولى الخلافة والذي يقول: "لو كان سالم مولى أبي حُذيفة حيًّا ما جعلتُها شورى أو لولَّيته أو لما دخلتني فيه الظّنة" وقد كان سالم من أهل فارس ولم يكن قرشيا وكان عبدا لامرأة من الأنصار اسمها بثينة بنت يعار وقد أعتقته.
حديث عمر بن الخطاب أعلاه ينفي وجود شرط قال به النبي لتولي الخلافة ذلك لأنه لا يُتصَّور أن يخالف عمر كلام الرسول وهو على علم به كما أنه لم يخرج أية صحابي ليعترض عليه ويتهمه بمخالفة سنة النبي الكريم.
غير أن الدليل الأكبر على أن حديث الأئمة من قريش قد تم وضعه في مرحلة لاحقة لحياة الرسول ومن أجل خدمة أهداف سياسية هو الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعدة وجثمان النبي مسجى لم يوارى الثرى بعد حيث اختلف المهاجرون (قريش) والأنصار فيمن سيخلف الرسول ودار سجال طويل بينهم ومع ذلك لم يستشهد القرشيون (أبو بكر وعمر وأبو عبيدة) بذلك الحديث الذي كان سيحسم الخلاف في مهده.
03c5feb9e7