طرحت في غير هذا الموضع تساؤلا حول الفرق بين رواية القرآن للمفهوم
الإنساني وإقرار القرآن للمفهوم الإنساني أو ذكر القرآن لمفهوم معين
وتستوقفني هنا العديد من الآيات من بينها رواية مفهوم موسى في سورة القصص
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abu-hawash
... فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا ... (القصص 31)
|
أو رواية مفهوم ذي القرنين في سورة الكهف
اقتباس:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }الكهف86
|
وما يهمني هنا هو الأساليب اللغوية التي يستخدمها القرآن في إسناد
المفهوم إلى الشخص أو الكائن وهي أساليب تحمل في بنيتها دلالة على تعليق
القرآن المفهوم بصاحبه دون إقرار أو رفض،
وفي مواضع أخرى روي المفهوم مجردا عن الإسناد فهو مفهوم قرآني
اقتباس:
{حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }النمل18
|
كثيرا ما نعامل في ثقافتنا هذه الحالات بالتساوي وهي متباعدة تباعد المشرقين
فموسى عليه السلام رأى العصا تهتز كما لو كانت جناً وهذا مفهومه والقرآن
يروي ذلك ولا يقر المفهوم ولهذا أسند فعل الرؤية والمفهوم المتولد عنها أي
ارؤية القلبية إلى موسى.. كذلك في حالة ذي القرنين فهو رأى الشمس تغرب
وتصورها كما لو أنها تغرب في العين الحمئة واستخدم القرآن فعل وجد الذي
يتضمن الملاحظة وتوليد المفهوم القلبي
أما في حالة سليمان والنملة فالقرآن يسمي فعل النملة قولا والقول يتضمن
أمران وجود المفهوم لدى القائل والتعبير عنه بأسلوب معين والمفهوم هنا ليس
بسيطا غريزيا بل يحمل دلالة أعمق وهو أن هؤلاء البشر قد يحطمون النمل بدون
الإنتباه وبالتالي بدون قصد العدوان وهذا الإدراك ليس غريزيا فهو غير
موجود في ملاحظاتنا الحالية حتى لدى "أذكى" الرئيسيات