Announcement
742 views
Skip to first unread message
SDU Secretery
Aug 5, 2015, 1:16:19 PM8/5/15
to elha...@googlegroups.com
Dear members colleagues and friends,
The SDU ( UK & Ire) would like to invite you to the first of what we hope will be a series of extra ordinary meeting/ lectures regarding YOUTH CULTURE, IDENTITY, RADICALISATION and EXTREMISM, to be delivered over the course of the next year.
First meeting;
Date: Saturday 22 Aug 2015
Time: 15:00 - 20:00
Venue: Abrar house, Crawford place, Edgware Road, London
We apologise for the late announcement due to circumstances beyond our control, but we hope to see you there in this first meeting.
Full details of speakers and lectures will be announced shortly
Hisham
Akram Eltom
Aug 5, 2015, 1:40:02 PM8/5/15
to elha...@googlegroups.com
Excellent initiative, many thanks. As a father and professional, I suggest that SDU consider the format includes the following please:
1. Lecture part is supplemented with reading lists for parents to read at home. If that can be sent in advance, and some attendees read some of them, we will have a Mir enlightened debate at have lecture. But if not, then the references & reading lists should be part of each lecturer's PowerPoint which SDU later posts on is website.
2. Presentation time should be scheduled so that there is ample time for Q & A.
3. Most importantly, there should be some youth presenters, young men & women from our/similar diasporas.
4. Even if 3 is not done, there should be a well-organized "Youth Debate"
In parallel with the main session and in different room of premises. This Youth Debate should have professional facilitators who know how to bring out youngster's thoughts, ideas, frustrations & feelings. It should also be documented anonymously (Chatham House rules) and brought forward at end of the program for presentation to parents at the plenary. Aside from the symbolic value from gesture in showing our respect for our children's thoughts, the opportunity will help us hear things which we might otherwise not hear at all in the usual home/family dynamics which is governed and influenced a lot by its hierarchical nature and with short term concurrent parenting interests.
Thanks again to EC's excellent initiative and I hope the above suggestions are found helpful.
With kind regards.
Akram
Sent from my iPhone
Sent from my iPhone
--
Visit SDU-UK&I website: http://www.sdu.org.uk/
-- You received this message because you are subscribed to the Google Groups Alhakeem group. To post to this group, send email to elha...@googlegroups.com. To unsubscribe from this group, send email to elhakeem+u...@googlegroups.com. For more options, visit this group at https://groups.google.com/d/forum/elhakeem?hl=en
---
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "Elhakeem" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to elhakeem+u...@googlegroups.com.
To post to this group, send email to elha...@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/elhakeem.
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/BLU436-SMTP205B18B895CA0FC0666547485750%40phx.gbl.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.
SDU Secretery
Aug 5, 2015, 2:36:38 PM8/5/15
to elha...@googlegroups.com
Thanks Akram
Excellent suggestions, very helpful.
Hisham
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB405-EAS376638952BE6E8DDFEFF7A5D1750%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 6, 2015, 8:10:11 PM8/6/15
to elha...@googlegroups.com
*(١) اغانى الحماسة في السودان:
هذه حلقات عن الاغاني الحماسية، والتي يطلق عليها اغانى السيرة أو الدلوكه،، هي ضرب من ضروب الشعر الغنائي الشعبي القديم، ارتبط بأشخاص أو جماعات قبلية، وفى معظم الأحيان بمواقف بطولية حدثت أثناء النزاعات والحروب التي كانت سائدة في القرون الماضية، وهى أشعار تمجد البطولة والشجاعة، وتتغني بالأخلاق الفاضلة والقيم الحميدة والشيم السمحة، من شجاعة، وكرم وشهامة وتضحية وإيثار.
لا يسمع أحدنا واحدة من هذه الاغاني الا وتحرك فيه شيئاً يدفعه الي إن يهتز،، ويعرض، ويمشي في خيلاء،، كأنه واحد من اولئك الابطال الذين نُظُمتْ فيهم هذه القصائد..
كان لهذه الأشعار والأغاني مع ضربات الطبول والنقارة التي تهتز لرزمها القلوب تأثيراً كبيراً في إزكاء الروح القتالية وإلهابها وشحذ الهمم وحث الرجال على الثبات في المعارك وقتال العدو، وإدخال الحماس إلى قلوبهم في وقت الحروب والشدائد. فكلمات الاغاني، وانغامها تطرد الجبن من القلوب الوجلة، وتزيل عنها الخوف وتبث فيها الحماس والنخوة والشجاعة مما يجعل الممدوح يبلى بلاءاً حسنا وقت الشدائد والكروب.
كانت الحَكَّامات يرافقن المقاتلين في بعض الحروب، يسرن مع الجيش يرددن أشعارهن الحماسية لتحريض وحث مقاتلي القبيلة علي الثبات والاستبسال في وجه العدو، وإحراز النصر.
كان معظم شعراء تلك الاغانى من النساء، وكثيراً ما كن من قريبات الفارس الذي يتغنين ببطولاته وفروسيته وبقية خصاله الكريمة، كانت الفتاة تغني لأخيها، أو ابيها، أو عمها أو خالها، وقد تغني المرأة لزوجها، أو ابنها أو إخوانها،، وبما إن الرجال في كل مجتمع يسعون لنيل الحظوة عند نساء القبيلة وبناتها، فقد كانت تلك الأغاني كافبة لإن تبث الحماس في القلوب فيقدم الرجال علي الصعب من الامور في جرأة واستهانة، ولا زال بعض الرجال يعمل على إظهار قوتهم وشجاعتهم وجَلَدِهِم من خلال الجلد بالسياط أثناء حفلات الزواج وهو تقليد منتشر في كثير من أرياف السودان.
وصف الأستاذ محمد عبدالرحيم في كتابه نفثات اليراع الإنسان السوداني بأنه:
[ قريب الانفعال شديد التأثر، تستطيع أحيانا أن تحرك أعصابه بقليل من التحريض ممزوجا بقليل من التحميس ولا سيما إذا كان موتورا فهو ساعتئذ يلتهب كالنار وينطلق كالسهم مضحيا بكل شئ تحت تأثير ما سمع من تحريض وإغراء ]
ومن الأمثلة التي يمكن إيرادها لمعرفة دور شعر الحماسة في التحريض ما ذكره الأستاذ 'محمد محمد علي':
[ إن إسماعيل باشا بعد أن استقر بدنقلا أرسل إلى الشايقية كيما يسلموا أنفسهم وأسلحتهم وخيلهم كما فعل غيرهم فأجابوه بأنهم مستعدون أن يدفعوا ضريبة أو اتاوة أما تسليم الخيل والسلاح فلا ، ولكن إسماعيل لم يرتاح لهذا الرد وبعث إليهم بخطاب آخر يقول فيه إن والده يريدهم شعباً يفلح الأرض ولايريد منهم أن يحملوا السلاح، فأمسك ملكهم الخطاب وجلس على الأرض ينظر في الأمر, فهم لم يتعودوا الخضوع لإحد بهذه الصورة ، فقد رفعوا عنهم أيدي ملوك سنار وملوك العبدلاب وهزموا المماليك وقذفوا بهم جنوبا، كما سجل الاستاذ مكي شبيكة في كتابه القيّم السودان عبر القرون. لكن أين قوة سنار وملوك العبدلاب وأين عدد المماليك من هذا الجيش الجرار ؟ إنهم الان لا يلاقون رجالاً يحملون السيوف والرماح والتروس، وإنما هي قنابل تنصب عليهم من أفواه البنادق والمدافع من حيث يعلمون ولا يعلمون ]
(كتاب الشعر السوداني في المعارك السياسية لمحمد محمد على )
لكن الشاعرة مهيرة بنت الشيخ عبود، والتي كانت حاضرة في المجلس، لم تدع للملك فرصة للتروي وإعمال الرأى بل وقفت على رأسه وصاحت ...
[[ الليلة العقيد في الحله متمسكن
في قلب التراب شُوفنُّ متجكّن
الراى فاقدُ ولايدرك ولا يمكن
لا تتعجبن ضيم الرجال بمكن ]]
وما تعنيه مهيره هو: [[ أن رئيس القوم، على غير عهدنا به فقد ظهر في الحِلة مسكيناً، وجلس على التراب متداعياً خائراً، فانظرن إليه يا بنات، لقد فقد الرأي وهو لا يدرك شيئا ولا يبرم أمرا، ولا تتعجبن يا بنات إنه أحس بالضيم والعجز]]
ويدور هذا التوبيخ اللاذع في صدور الرجال وكأنه شلال من نار،،، ولكن العقيد، أي الملك الذي بيده الحل والعقد، والقرار، لا يزال ملتصقا بالأرض وهم ينتظرون أمره، وتدنو منه مهيرة الشاعرة وتصيح فيه بنغمة لم تألفها أذنه من قبل ...
[ أكان فرّيت يا رفاقتنا ٠٠٠ أدونا الدّرق هاكم رحاطتنا ]
أي، إن أردتم الفرار يا رفاق، فهاتوا أسلحتكم وآلة حربكم وهاكم مآزرالعذارى من الرحط وخلافه، ولتخرج النساء بدلا عنكم للقاء الأعداء والدفاع عن الأرض والشرف،،، ما معناه إنكم نسوان، ونحن إرجل منكم،، وفعلاً كانت مهيرة بت عبود مثل الرجال في شجاعتها وعزمها.
هنا لم يطق العقيد صبرا، فنهض وقفز على ظهر حصانه الأغر، وقاد جحافل الشايقية إلى لقاء النار، وركبت مهيرة هجيناً وسارت أمام الجيش تغنى في حماسة ونشوة ....
الليله استعدُّوا ٠٠٠ وركبوا خيل الكر
وقدّامن عقيدن ٠٠٠ باللّغر دفر
جنياتن العزاز ٠٠٠ الليله تتنتر
ويا الباشا الغشيم ٠٠٠ قول لي جدادك كر
فالشاعرة تمدح قومها، بإنهم استعدوا للحرب، وركبوا الخيول التي تكِر،، يقودهم عقيد ركب حصانه الاغر، فهو يدفر ويتقدم،، والشباب العزاز يتقافذون استعداداً للحرب وللموقعة القادمة،، ثم تنادي الباشا، قائد الترك،، تطلب منه أن يأمر جنوده الذين تشبههم بالدجاج (قول لي جدادك)، أن يقل لهذا الدجاج 'كَر' وهي الكلمة التي يطرد بها الدجاج في السودان.
في هذا الجو الحماسي دارت معركة كورتى الشهيرة، غير المتكافئة عدداً وعدةً وعتاداً،، وكانت الغلبة فيها كما كانت في كرري،، للسلاح الناري الفتاك،،، لكن كان الفخر والمجد والسؤدد، وكان الخلود للمحاربين السودانيين، الذين حصدتهم آلة الحرب وما انهزموا، بل استشهدوا في سبيل وطنهم وكرامتهم،،
المصدر: الشعر السوداني في المعارك السياسية تأليف الشاعر: محمد محمد على..
يتبع
كامل سيد احمد
Subject: Re: [Elhakeem:5051] Announcement
From: sdu...@hotmail.co.uk
Date: Wed, 5 Aug 2015 19:36:30 +0100
To: elha...@googlegroups.com
هذه حلقات عن الاغاني الحماسية، والتي يطلق عليها اغانى السيرة أو الدلوكه،، هي ضرب من ضروب الشعر الغنائي الشعبي القديم، ارتبط بأشخاص أو جماعات قبلية، وفى معظم الأحيان بمواقف بطولية حدثت أثناء النزاعات والحروب التي كانت سائدة في القرون الماضية، وهى أشعار تمجد البطولة والشجاعة، وتتغني بالأخلاق الفاضلة والقيم الحميدة والشيم السمحة، من شجاعة، وكرم وشهامة وتضحية وإيثار.
لا يسمع أحدنا واحدة من هذه الاغاني الا وتحرك فيه شيئاً يدفعه الي إن يهتز،، ويعرض، ويمشي في خيلاء،، كأنه واحد من اولئك الابطال الذين نُظُمتْ فيهم هذه القصائد..
كان لهذه الأشعار والأغاني مع ضربات الطبول والنقارة التي تهتز لرزمها القلوب تأثيراً كبيراً في إزكاء الروح القتالية وإلهابها وشحذ الهمم وحث الرجال على الثبات في المعارك وقتال العدو، وإدخال الحماس إلى قلوبهم في وقت الحروب والشدائد. فكلمات الاغاني، وانغامها تطرد الجبن من القلوب الوجلة، وتزيل عنها الخوف وتبث فيها الحماس والنخوة والشجاعة مما يجعل الممدوح يبلى بلاءاً حسنا وقت الشدائد والكروب.
كانت الحَكَّامات يرافقن المقاتلين في بعض الحروب، يسرن مع الجيش يرددن أشعارهن الحماسية لتحريض وحث مقاتلي القبيلة علي الثبات والاستبسال في وجه العدو، وإحراز النصر.
كان معظم شعراء تلك الاغانى من النساء، وكثيراً ما كن من قريبات الفارس الذي يتغنين ببطولاته وفروسيته وبقية خصاله الكريمة، كانت الفتاة تغني لأخيها، أو ابيها، أو عمها أو خالها، وقد تغني المرأة لزوجها، أو ابنها أو إخوانها،، وبما إن الرجال في كل مجتمع يسعون لنيل الحظوة عند نساء القبيلة وبناتها، فقد كانت تلك الأغاني كافبة لإن تبث الحماس في القلوب فيقدم الرجال علي الصعب من الامور في جرأة واستهانة، ولا زال بعض الرجال يعمل على إظهار قوتهم وشجاعتهم وجَلَدِهِم من خلال الجلد بالسياط أثناء حفلات الزواج وهو تقليد منتشر في كثير من أرياف السودان.
وصف الأستاذ محمد عبدالرحيم في كتابه نفثات اليراع الإنسان السوداني بأنه:
[ قريب الانفعال شديد التأثر، تستطيع أحيانا أن تحرك أعصابه بقليل من التحريض ممزوجا بقليل من التحميس ولا سيما إذا كان موتورا فهو ساعتئذ يلتهب كالنار وينطلق كالسهم مضحيا بكل شئ تحت تأثير ما سمع من تحريض وإغراء ]
ومن الأمثلة التي يمكن إيرادها لمعرفة دور شعر الحماسة في التحريض ما ذكره الأستاذ 'محمد محمد علي':
[ إن إسماعيل باشا بعد أن استقر بدنقلا أرسل إلى الشايقية كيما يسلموا أنفسهم وأسلحتهم وخيلهم كما فعل غيرهم فأجابوه بأنهم مستعدون أن يدفعوا ضريبة أو اتاوة أما تسليم الخيل والسلاح فلا ، ولكن إسماعيل لم يرتاح لهذا الرد وبعث إليهم بخطاب آخر يقول فيه إن والده يريدهم شعباً يفلح الأرض ولايريد منهم أن يحملوا السلاح، فأمسك ملكهم الخطاب وجلس على الأرض ينظر في الأمر, فهم لم يتعودوا الخضوع لإحد بهذه الصورة ، فقد رفعوا عنهم أيدي ملوك سنار وملوك العبدلاب وهزموا المماليك وقذفوا بهم جنوبا، كما سجل الاستاذ مكي شبيكة في كتابه القيّم السودان عبر القرون. لكن أين قوة سنار وملوك العبدلاب وأين عدد المماليك من هذا الجيش الجرار ؟ إنهم الان لا يلاقون رجالاً يحملون السيوف والرماح والتروس، وإنما هي قنابل تنصب عليهم من أفواه البنادق والمدافع من حيث يعلمون ولا يعلمون ]
(كتاب الشعر السوداني في المعارك السياسية لمحمد محمد على )
لكن الشاعرة مهيرة بنت الشيخ عبود، والتي كانت حاضرة في المجلس، لم تدع للملك فرصة للتروي وإعمال الرأى بل وقفت على رأسه وصاحت ...
[[ الليلة العقيد في الحله متمسكن
في قلب التراب شُوفنُّ متجكّن
الراى فاقدُ ولايدرك ولا يمكن
لا تتعجبن ضيم الرجال بمكن ]]
وما تعنيه مهيره هو: [[ أن رئيس القوم، على غير عهدنا به فقد ظهر في الحِلة مسكيناً، وجلس على التراب متداعياً خائراً، فانظرن إليه يا بنات، لقد فقد الرأي وهو لا يدرك شيئا ولا يبرم أمرا، ولا تتعجبن يا بنات إنه أحس بالضيم والعجز]]
ويدور هذا التوبيخ اللاذع في صدور الرجال وكأنه شلال من نار،،، ولكن العقيد، أي الملك الذي بيده الحل والعقد، والقرار، لا يزال ملتصقا بالأرض وهم ينتظرون أمره، وتدنو منه مهيرة الشاعرة وتصيح فيه بنغمة لم تألفها أذنه من قبل ...
[ أكان فرّيت يا رفاقتنا ٠٠٠ أدونا الدّرق هاكم رحاطتنا ]
أي، إن أردتم الفرار يا رفاق، فهاتوا أسلحتكم وآلة حربكم وهاكم مآزرالعذارى من الرحط وخلافه، ولتخرج النساء بدلا عنكم للقاء الأعداء والدفاع عن الأرض والشرف،،، ما معناه إنكم نسوان، ونحن إرجل منكم،، وفعلاً كانت مهيرة بت عبود مثل الرجال في شجاعتها وعزمها.
هنا لم يطق العقيد صبرا، فنهض وقفز على ظهر حصانه الأغر، وقاد جحافل الشايقية إلى لقاء النار، وركبت مهيرة هجيناً وسارت أمام الجيش تغنى في حماسة ونشوة ....
الليله استعدُّوا ٠٠٠ وركبوا خيل الكر
وقدّامن عقيدن ٠٠٠ باللّغر دفر
جنياتن العزاز ٠٠٠ الليله تتنتر
ويا الباشا الغشيم ٠٠٠ قول لي جدادك كر
فالشاعرة تمدح قومها، بإنهم استعدوا للحرب، وركبوا الخيول التي تكِر،، يقودهم عقيد ركب حصانه الاغر، فهو يدفر ويتقدم،، والشباب العزاز يتقافذون استعداداً للحرب وللموقعة القادمة،، ثم تنادي الباشا، قائد الترك،، تطلب منه أن يأمر جنوده الذين تشبههم بالدجاج (قول لي جدادك)، أن يقل لهذا الدجاج 'كَر' وهي الكلمة التي يطرد بها الدجاج في السودان.
في هذا الجو الحماسي دارت معركة كورتى الشهيرة، غير المتكافئة عدداً وعدةً وعتاداً،، وكانت الغلبة فيها كما كانت في كرري،، للسلاح الناري الفتاك،،، لكن كان الفخر والمجد والسؤدد، وكان الخلود للمحاربين السودانيين، الذين حصدتهم آلة الحرب وما انهزموا، بل استشهدوا في سبيل وطنهم وكرامتهم،،
المصدر: الشعر السوداني في المعارك السياسية تأليف الشاعر: محمد محمد على..
يتبع
كامل سيد احمد
Subject: Re: [Elhakeem:5051] Announcement
From: sdu...@hotmail.co.uk
Date: Wed, 5 Aug 2015 19:36:30 +0100
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/BLU436-SMTP14274F51E7F9CEE792B209F85750%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 6, 2015, 8:24:27 PM8/6/15
to elha...@googlegroups.com
٢) اغانى الحماسة في السودان:
يروي إنه لما زحف محمود ود كوينه بجيش ملك سنار بقصد الإغارة على الملك إدريس ملك الجعليين، وكان جند سنار يناهز الثمانية آلاف وليس لإدريس ما يعادل ربع هذا العدد من رجاله فداخله الخوف على قبيلته وعرضه، وأراد هجر بلاده والاحتماء بالشايقية فجمع الحوايا أكداساً وجاء بالآلاف من جمال الحسانية فدخل عليه النعيسان وهو شاعر ومغنٍ مشهور وقال له:
إدريس ابوى ما بصح الضمر بالرق
إدريس مدفع الترك الذخيرته تبُقْ
شمــر يا ولــــد ولي نحاسك دُقْ
قدر الله بيجيك حتى إن بقيت في حُقْ
ويعني الشاعر منادياً زعيم القبيلة، بادريس أبوي،، [ أنه لا يصح أن تضمر أمراً فيه رقة وهوان، وإنت مدفع الترك الذي تبُق ذخيرته، كناية عن الوفرة والكثرة،، ثم يدعوه إن يشمر عن ساعده، ويستعد للقاء عدوه، ويضرب نحاس الحرب ( والنحاس طبل تحتفظ به القبيلة،، وله نغمة خاصة في المناسبات المختلفة، من فرح، أو نعي، او اعلان الحرب)،، ثم هذه الحكمة،، قدر الله بيجيك .. فهي معني قوله سبحانه وتعالي (ويدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة) فالموت يلحق بك وإن كنت بداخل حُقْ، والحُق عبارة عن عُلبَة مغلقة، أى محصناً، فلا حصانة من الموت.
حينها لم يتردد الملك إدريس، فأمر بحرق الحوايا ومعدات السفر وضرب نحاسه وانتظر جند الفونج إلى أن وصل المتمة وهناك حدثت بينهم حرب ومقتلة عظيمة، استبسل فيها فرسان الجعليين،، قتل فيها محمود ود كوينه وهُزِمَ جيشه، وانتصر الملك إدريس.
المصدر: نفثات اليراع في الأدب والتاريخ والاجتماع للأستاذ محمد عبدالرحيم.
خير مثال للشعر التحريضي ما قالته امرأة شاعرة تحرض إبنها على القتال وتحثه على ترك الدروس وحفظ القرآن الكريم ليشارك قبيلته في حروبها وقتالها ويصبح بطلا من أبطالها، خاطبته قائلة له،
يا حسين أنا مانى أمك وانت ماك ولدى
بطنك كرّشت وغىّ البنات ناسي
دقنك حمّست جلدك خرش مو في
ولاك مضرّب بالسيف نكمّد في
متين يا حسين أشوف لوحك معلق
لا حسين كتل لا حسين مفلّق
وهي ابيات عجيبة، ودعوة غريبة من إُم لإنها،، فهي تقول له، (( لا هي أمه ولا هو ابنها إن هو لم يغيّر حاله الذي صار اليه، فهو قد صار بدينا له كرش، منهمكا في الدروس ناسياً حب البنات، والغي هو الحب، وقد اطلق لحيته فصار قبيحاً مثل هؤلاء الذين اطلقوا اللحي ظناً منهم انها من كمال الدين، فربما انها كانت كذلك في القرن السابع الميلادي لكنها قبيحة في هذا الزمان. قال أبوصلاح في أغنية فريع البانه:
[ نار قلبي بتوقد من وسمه ٠٠٠ تلمع في خديده وتفر بسمه
الفم الزى خاتم نص قسمه ٠٠٠ يالماك داريابى والغي قسمه ]
والوقوع في الحب، والتعلق بفتاة في رأي هذه الأم ضروري ليدفع الشاب إلى الرجولة والشجاعة والإقدام، ودخول الحروب. ثم تعيب عليه بأنه أصبح ناعماً أملس الجلد، ليس في جسمه آثار جروح لمعارك خاضها، وقد نبتت لحيته وبلغ مبلغ الرجال، ثم تتساءل وتسأل إبنها، متي اسمع بأنك قد ضربك سيف لأفخر في الحي بتضميد جروحك؟ ومتى أرى لوحك الذي تدرس فيه مهجوراً معلقا على الحائط ؟ ومتى أسمع أن حسيناً قد قتل أو أن رأسه قد تشقق من الضرب (من منكم يريد لنفسه أماً كهذه، تذعوه لسك البنات، وترك الدروس،، وحتي ابتغاء الموت ؟)
راجع الشعر السوداني في المعارك السياسية (١٨٢١-١٩٢٤) تأليف محمد محمد على
توضح الوقائع التاريخية أعلاه أثر الشعر الحماسي في اتخاذ القرارات وتغيير موقف الحكام والقادة وخوضهم للحروب نتيجة لهذه الأشعار التي بثت فيهم روح القتال والتضحية والاستهانة بالموت .
يروي إنه لما زحف محمود ود كوينه بجيش ملك سنار بقصد الإغارة على الملك إدريس ملك الجعليين، وكان جند سنار يناهز الثمانية آلاف وليس لإدريس ما يعادل ربع هذا العدد من رجاله فداخله الخوف على قبيلته وعرضه، وأراد هجر بلاده والاحتماء بالشايقية فجمع الحوايا أكداساً وجاء بالآلاف من جمال الحسانية فدخل عليه النعيسان وهو شاعر ومغنٍ مشهور وقال له:
إدريس ابوى ما بصح الضمر بالرق
إدريس مدفع الترك الذخيرته تبُقْ
شمــر يا ولــــد ولي نحاسك دُقْ
قدر الله بيجيك حتى إن بقيت في حُقْ
ويعني الشاعر منادياً زعيم القبيلة، بادريس أبوي،، [ أنه لا يصح أن تضمر أمراً فيه رقة وهوان، وإنت مدفع الترك الذي تبُق ذخيرته، كناية عن الوفرة والكثرة،، ثم يدعوه إن يشمر عن ساعده، ويستعد للقاء عدوه، ويضرب نحاس الحرب ( والنحاس طبل تحتفظ به القبيلة،، وله نغمة خاصة في المناسبات المختلفة، من فرح، أو نعي، او اعلان الحرب)،، ثم هذه الحكمة،، قدر الله بيجيك .. فهي معني قوله سبحانه وتعالي (ويدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة) فالموت يلحق بك وإن كنت بداخل حُقْ، والحُق عبارة عن عُلبَة مغلقة، أى محصناً، فلا حصانة من الموت.
حينها لم يتردد الملك إدريس، فأمر بحرق الحوايا ومعدات السفر وضرب نحاسه وانتظر جند الفونج إلى أن وصل المتمة وهناك حدثت بينهم حرب ومقتلة عظيمة، استبسل فيها فرسان الجعليين،، قتل فيها محمود ود كوينه وهُزِمَ جيشه، وانتصر الملك إدريس.
المصدر: نفثات اليراع في الأدب والتاريخ والاجتماع للأستاذ محمد عبدالرحيم.
خير مثال للشعر التحريضي ما قالته امرأة شاعرة تحرض إبنها على القتال وتحثه على ترك الدروس وحفظ القرآن الكريم ليشارك قبيلته في حروبها وقتالها ويصبح بطلا من أبطالها، خاطبته قائلة له،
يا حسين أنا مانى أمك وانت ماك ولدى
بطنك كرّشت وغىّ البنات ناسي
دقنك حمّست جلدك خرش مو في
ولاك مضرّب بالسيف نكمّد في
متين يا حسين أشوف لوحك معلق
لا حسين كتل لا حسين مفلّق
وهي ابيات عجيبة، ودعوة غريبة من إُم لإنها،، فهي تقول له، (( لا هي أمه ولا هو ابنها إن هو لم يغيّر حاله الذي صار اليه، فهو قد صار بدينا له كرش، منهمكا في الدروس ناسياً حب البنات، والغي هو الحب، وقد اطلق لحيته فصار قبيحاً مثل هؤلاء الذين اطلقوا اللحي ظناً منهم انها من كمال الدين، فربما انها كانت كذلك في القرن السابع الميلادي لكنها قبيحة في هذا الزمان. قال أبوصلاح في أغنية فريع البانه:
[ نار قلبي بتوقد من وسمه ٠٠٠ تلمع في خديده وتفر بسمه
الفم الزى خاتم نص قسمه ٠٠٠ يالماك داريابى والغي قسمه ]
والوقوع في الحب، والتعلق بفتاة في رأي هذه الأم ضروري ليدفع الشاب إلى الرجولة والشجاعة والإقدام، ودخول الحروب. ثم تعيب عليه بأنه أصبح ناعماً أملس الجلد، ليس في جسمه آثار جروح لمعارك خاضها، وقد نبتت لحيته وبلغ مبلغ الرجال، ثم تتساءل وتسأل إبنها، متي اسمع بأنك قد ضربك سيف لأفخر في الحي بتضميد جروحك؟ ومتى أرى لوحك الذي تدرس فيه مهجوراً معلقا على الحائط ؟ ومتى أسمع أن حسيناً قد قتل أو أن رأسه قد تشقق من الضرب (من منكم يريد لنفسه أماً كهذه، تذعوه لسك البنات، وترك الدروس،، وحتي ابتغاء الموت ؟)
راجع الشعر السوداني في المعارك السياسية (١٨٢١-١٩٢٤) تأليف محمد محمد على
توضح الوقائع التاريخية أعلاه أثر الشعر الحماسي في اتخاذ القرارات وتغيير موقف الحكام والقادة وخوضهم للحروب نتيجة لهذه الأشعار التي بثت فيهم روح القتال والتضحية والاستهانة بالموت .
يتبع
كامل سيد احمد
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5060] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:10:07 +0000
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5060] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:10:07 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W3885108287F6AA44A74796B3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 6, 2015, 8:25:44 PM8/6/15
to elha...@googlegroups.com
٣) اغانى الحماسة في السودان
هذه الأغانى، بالإضافة الي أثرها الحماسي في الهاب المشاعر، وايقاظ الحمية في النفوس وبث الشجاعة في القلوب، فإنها ذات رسالة أخلاقية أيضا، فهي دوماً تتحدث عن القيم الفاضلة وتمجدها وتحث عليها، فمفرداتها تعبر عن الشهامة وغض البصر، وإعانة النساء والضعفاء،، والرجولة والشجاعة، وعدم الاعتداء علي الضعيف والجريح والأسير،، والكرم ، كما أسلفت ، وهذه صفات ومكارم متلازمة، فالكريم شجاع لأنه قهر البخل في دواخله وهزم الأنانية، فهو لا يخاف من الفقر،، بينما لا تجد بخيلاً إلا وجدته جباناً، ولا جباناً الا فتإكد من إنه بخيل،،وتمجد هذه الاغانى البسالة والفروسية، وتشيد بالانتصارات والبطولات وتنادي بها وتؤرخ لها ....
كذلك تصور الاشعار والاغاني بعض الأحداث التي أثارت الشاعرية في دواخل هؤلاء الشعراء والشاعرات، وتحكى لنا الاغانى أحداث المعارك وتوثقها بكلماتها المعبرة والصادقة، كما سيتضح من الامثلة الكثيرة التي ساسوقها في هذه الحلقات.
بعض هذه الأشعار والأغاني جيدة وقوية ورصينة، ومعبرة ومتناسقة، لكن كثير منها ليست بالشعر الجيد من ناحية الوزن الشعري، والروي وحتي الالتزام بالقافية،، حتي المعنى والمضمون أو الموسيقى الشعرية قد لا تكون كما يود المستمع صاحب الأذن الشاعرية،، سيما إذا كان من ذلك النوع الذي يثير النعرة القبلية والعرقية عند الناس، والذي يكتب علي عجاله، غير إن هناك شعراء مطبوعين، قد يكون خير مثال لهم ابراهيم ود الفراش، الذي كثيراً ما يستنزل القصيدة في وقفة واحدة..
لكننا نجد المبرر لأولئك الشعراء إذا حاكمنا شعرهم في إطاره الزمانى والمكاني ولم نفصله عن البيئة التي نشأ فيها الشاعر، ودرجة التعليم والثقافة التي أوجدت هذا الشعر حيث كانت الحروب القبلية هي السائدة وقتها،، وكان عددٌ من الشاعرات بالذات أُميات .
لهذه الأشعار والأغانى تاريخ قديم في السودان وتتوفر وتسود لدى كافة القبائل السودانية حتى تلك التي لا تتحدث اللغة العربية، فهي ثقافة منتشرة في كل أنحاء الوطن ومنذ قديم الزمان....
(غير إني لم أجد أثراً لمثل هذه الاشعار والأغاني في فترة المهدية حيث حرم المهدي الغناء، وكان رأيه إن الشعر يلهي الناس عن دينهم، وأن الشعراء يتبعهم الغاوون،، كذلك لم أجد شعراً حماسياً في تراثنا الغنائي النوبي، فالشعب النوبي بانفصاله عن بقية السودان لوجود الصحراء، وبما عُرِف عن النوبيين من احترامهم للقانون، وما أشتهروا به من إنهم شعب مسالم، لم تقم وسطهم حروب تستدعي إثارة الحماس والتفاخر بالبطولات،، والنوبيون فوق ذلك شعب زراعي استقر منذ الاف السنين علي شاطئ النيل، والحروب دائماً ما تنشب بين الشعوب الرعوية، اثناء ترحلهم طلباً للماء والكلأ فتحدث الاحتكاكات بينهم وبين القبائل الرعوية الأخري)
سيد محكر الديوان:
هذه القصيد كتبت في الحسن ود ضبعة، شيخ وعمدة الجوير عبدالله ودضبعة، غرب شندي .. كان رجلاً قارحاً، وفارس شهم وكريم، وكان فارس القرية .....
القصيدة:
سيد محكر الديوان ،،، ثابت يا أب قلب
تقابة لي النيران
وين متل الحسن
الحسن يا الحسن
غنيتّا ليك بي قياس
صنديد لي الولايا ،،، ولي الدموع قشاش
وين متل الحسن
يا مطر السواري الماك هبوب ورشاش
حنكو البليغ خلوهو يتحدث
سيد زيناً قبيل قبل الناس تعرف الناس
سيد أصلاً قديم من الحمزه والعباس
الحسن والحسن في عايلة ماتسمّا
ضباح الربايب سيد القدح لمّا
دالي وبرمكي وببرّد حشا العمّا
دا ولادة النجاح الما بتدرك البلما
شوف عيني التساب الفوق البلد عمّا
ود ضبعة التساب الفوق البلد عمّا
أناغنيت بي وِلف ليك
ياالدابي العُشاري وزي الشرار عينيك
خبرك بندقي
تلب يا الصقر توّر الرخم مني
الحسن يا الحسن دوم بغني لِي
تمساح جلقني وزي الشرار عيني
ما شال بندقية وقال بتحميني
تلب يا الصقر تور الرخم مني
في القصيدة عدد من كلمات تحتاج لشرح معانيها، فهي ليست بالمتداولة بين أهل البندر
الدالي : هو الفارس، والبرمكى هو الرجل نبيل الطباع والكريم ومأخوذة من البرامكه، الذين سادوا ايام الرشيد واشتهروا بالكرم والمروءة
أب زنود : هو الثعبان ويطلق على الرجل القوى
الدابى :هو التمساح قال حاج الماحي:
البنيان يا جمله صحابي..... الغوث يا قطب الاقطابى
الشبلى وبدوى النشابى .....ارخو السر في هذا الدابى
الحجر مشارع المه : الذي حجر، أي منع ورود الماء
أب حنكن بليغ الما برد الكلمه : دلالة على طلاقة اللسان
البلمه : التي لاتستطيع الكلام ، البلم هو العي
النيل التساب : النيل في وقت الفيضان .... تساب فيضان والتشبيه يدل على الكرم والجود
كبديق : غطاء، قالت الشايقية ترثى: ..
بتو تقول وا اذايا ... أكان كبديق لي غُتايا
دود الكوانى : الدود هو الأسد وفى المناطق النيلية يقصد به التمساح
قال حاج الماحي في قصيدة يطرد فيها التمساح (الدود) من بلده، ببركة راجل البركل:
شيل الله يا راجل البركل .....يا قايم الليل ما بتكسل
يا عايم بي الله أتوكل...... قول للدود من بلدي أتفضل
وقال أيضا،، يشجع أولاد جابر علي التصدي لهذا التمساح الذي حجر عليهم الماء، إن يقتلوه:
يا أولاد جابر بى عجميكن..... قوم الخمسه واكربوا سريكم
نادوا أب رابعه وخلوا يجيكم..... قتل الدود مو قاسى عليكم
وقال البطحانى:
ديدان لجة الموج البياكلو الناس
والكوانى: جمع كونيه وهى حفره في النهر قد تنزلق فيها القدم ويغرق فيها الإنسان، وقد رأينا كثيراً منها في الاتبراوي بسبب سرعة جريان النهر وحفره للقاع حتي إنك لتجد عدداً من الشيمات في مسافة قصيرة
الرخم : طائر من الجوارح يضرب به المثل دلالة على البلاهة، يقولو للزول، هوي يا رخمة،، أو عليك الله شوف الزول الرخمة ده
يتبع
كامل سيد احمد،، لنكلن
هذه الأغانى، بالإضافة الي أثرها الحماسي في الهاب المشاعر، وايقاظ الحمية في النفوس وبث الشجاعة في القلوب، فإنها ذات رسالة أخلاقية أيضا، فهي دوماً تتحدث عن القيم الفاضلة وتمجدها وتحث عليها، فمفرداتها تعبر عن الشهامة وغض البصر، وإعانة النساء والضعفاء،، والرجولة والشجاعة، وعدم الاعتداء علي الضعيف والجريح والأسير،، والكرم ، كما أسلفت ، وهذه صفات ومكارم متلازمة، فالكريم شجاع لأنه قهر البخل في دواخله وهزم الأنانية، فهو لا يخاف من الفقر،، بينما لا تجد بخيلاً إلا وجدته جباناً، ولا جباناً الا فتإكد من إنه بخيل،،وتمجد هذه الاغانى البسالة والفروسية، وتشيد بالانتصارات والبطولات وتنادي بها وتؤرخ لها ....
كذلك تصور الاشعار والاغاني بعض الأحداث التي أثارت الشاعرية في دواخل هؤلاء الشعراء والشاعرات، وتحكى لنا الاغانى أحداث المعارك وتوثقها بكلماتها المعبرة والصادقة، كما سيتضح من الامثلة الكثيرة التي ساسوقها في هذه الحلقات.
بعض هذه الأشعار والأغاني جيدة وقوية ورصينة، ومعبرة ومتناسقة، لكن كثير منها ليست بالشعر الجيد من ناحية الوزن الشعري، والروي وحتي الالتزام بالقافية،، حتي المعنى والمضمون أو الموسيقى الشعرية قد لا تكون كما يود المستمع صاحب الأذن الشاعرية،، سيما إذا كان من ذلك النوع الذي يثير النعرة القبلية والعرقية عند الناس، والذي يكتب علي عجاله، غير إن هناك شعراء مطبوعين، قد يكون خير مثال لهم ابراهيم ود الفراش، الذي كثيراً ما يستنزل القصيدة في وقفة واحدة..
لكننا نجد المبرر لأولئك الشعراء إذا حاكمنا شعرهم في إطاره الزمانى والمكاني ولم نفصله عن البيئة التي نشأ فيها الشاعر، ودرجة التعليم والثقافة التي أوجدت هذا الشعر حيث كانت الحروب القبلية هي السائدة وقتها،، وكان عددٌ من الشاعرات بالذات أُميات .
لهذه الأشعار والأغانى تاريخ قديم في السودان وتتوفر وتسود لدى كافة القبائل السودانية حتى تلك التي لا تتحدث اللغة العربية، فهي ثقافة منتشرة في كل أنحاء الوطن ومنذ قديم الزمان....
(غير إني لم أجد أثراً لمثل هذه الاشعار والأغاني في فترة المهدية حيث حرم المهدي الغناء، وكان رأيه إن الشعر يلهي الناس عن دينهم، وأن الشعراء يتبعهم الغاوون،، كذلك لم أجد شعراً حماسياً في تراثنا الغنائي النوبي، فالشعب النوبي بانفصاله عن بقية السودان لوجود الصحراء، وبما عُرِف عن النوبيين من احترامهم للقانون، وما أشتهروا به من إنهم شعب مسالم، لم تقم وسطهم حروب تستدعي إثارة الحماس والتفاخر بالبطولات،، والنوبيون فوق ذلك شعب زراعي استقر منذ الاف السنين علي شاطئ النيل، والحروب دائماً ما تنشب بين الشعوب الرعوية، اثناء ترحلهم طلباً للماء والكلأ فتحدث الاحتكاكات بينهم وبين القبائل الرعوية الأخري)
سيد محكر الديوان:
هذه القصيد كتبت في الحسن ود ضبعة، شيخ وعمدة الجوير عبدالله ودضبعة، غرب شندي .. كان رجلاً قارحاً، وفارس شهم وكريم، وكان فارس القرية .....
القصيدة:
سيد محكر الديوان ،،، ثابت يا أب قلب
تقابة لي النيران
وين متل الحسن
الحسن يا الحسن
غنيتّا ليك بي قياس
صنديد لي الولايا ،،، ولي الدموع قشاش
وين متل الحسن
يا مطر السواري الماك هبوب ورشاش
حنكو البليغ خلوهو يتحدث
سيد زيناً قبيل قبل الناس تعرف الناس
سيد أصلاً قديم من الحمزه والعباس
الحسن والحسن في عايلة ماتسمّا
ضباح الربايب سيد القدح لمّا
دالي وبرمكي وببرّد حشا العمّا
دا ولادة النجاح الما بتدرك البلما
شوف عيني التساب الفوق البلد عمّا
ود ضبعة التساب الفوق البلد عمّا
أناغنيت بي وِلف ليك
ياالدابي العُشاري وزي الشرار عينيك
خبرك بندقي
تلب يا الصقر توّر الرخم مني
الحسن يا الحسن دوم بغني لِي
تمساح جلقني وزي الشرار عيني
ما شال بندقية وقال بتحميني
تلب يا الصقر تور الرخم مني
في القصيدة عدد من كلمات تحتاج لشرح معانيها، فهي ليست بالمتداولة بين أهل البندر
الدالي : هو الفارس، والبرمكى هو الرجل نبيل الطباع والكريم ومأخوذة من البرامكه، الذين سادوا ايام الرشيد واشتهروا بالكرم والمروءة
أب زنود : هو الثعبان ويطلق على الرجل القوى
الدابى :هو التمساح قال حاج الماحي:
البنيان يا جمله صحابي..... الغوث يا قطب الاقطابى
الشبلى وبدوى النشابى .....ارخو السر في هذا الدابى
الحجر مشارع المه : الذي حجر، أي منع ورود الماء
أب حنكن بليغ الما برد الكلمه : دلالة على طلاقة اللسان
البلمه : التي لاتستطيع الكلام ، البلم هو العي
النيل التساب : النيل في وقت الفيضان .... تساب فيضان والتشبيه يدل على الكرم والجود
كبديق : غطاء، قالت الشايقية ترثى: ..
بتو تقول وا اذايا ... أكان كبديق لي غُتايا
دود الكوانى : الدود هو الأسد وفى المناطق النيلية يقصد به التمساح
قال حاج الماحي في قصيدة يطرد فيها التمساح (الدود) من بلده، ببركة راجل البركل:
شيل الله يا راجل البركل .....يا قايم الليل ما بتكسل
يا عايم بي الله أتوكل...... قول للدود من بلدي أتفضل
وقال أيضا،، يشجع أولاد جابر علي التصدي لهذا التمساح الذي حجر عليهم الماء، إن يقتلوه:
يا أولاد جابر بى عجميكن..... قوم الخمسه واكربوا سريكم
نادوا أب رابعه وخلوا يجيكم..... قتل الدود مو قاسى عليكم
وقال البطحانى:
ديدان لجة الموج البياكلو الناس
والكوانى: جمع كونيه وهى حفره في النهر قد تنزلق فيها القدم ويغرق فيها الإنسان، وقد رأينا كثيراً منها في الاتبراوي بسبب سرعة جريان النهر وحفره للقاع حتي إنك لتجد عدداً من الشيمات في مسافة قصيرة
الرخم : طائر من الجوارح يضرب به المثل دلالة على البلاهة، يقولو للزول، هوي يا رخمة،، أو عليك الله شوف الزول الرخمة ده
يتبع
كامل سيد احمد،، لنكلن
Subject: RE: [Elhakeem:5061] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:24:25 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:24:25 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W8265607EA855A618B34F64B3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 6, 2015, 8:38:20 PM8/6/15
to elha...@googlegroups.com
* (٤) اغانى الحماسة في السودان:
يقال في مرة وبينما الفنانة حميرة بت كبوشية تغني في هذه الأغنية، وصلت الي البيت الأخير وصارت تكرر " تلب يا الصقر وتوّر الرخم مني "،، ويرويها البعض "حَلِق يا صَقُر، وحتي، خوجِل يا صَقُر،ً وخلي الرَخَمْ نايمين"
فنالت عكازاً من واحد من الحضود ظن أنه من ضمن المخاطبين، أي الرَخَم، صاح بها:
"نحن الرخم يا السجم"
أصابها العكاز بجرحٍ في رأسها إستدعي إدخالها الي المستشفي، وغالباً ما كان صاحبنا سكراناً،، فمفعول هذه الكلمات والاغاني يتضاعف عدة مرات عند الانتشاء، إذ يبلغ الحماس مداه ومعه التهوُّر والإندفاع،،
والأغنية شاعرتها هي حميراء أم قلب .. قيلت في الحسن ود ضبعة، عمدة الجوير، وكان شيخاً للخط .. توفى الحسن ود ضبعة في بداية الأربعينات من القرن الماضي .. وله إبن إسمه السبكى حسن ضبعة يعمل تاجراً بمدينة الأبيض .. وقد قام الاستاذ الباحث خالد الشيخ حاج محمود بزيارة السبكى حسن ضبعه بحي الدرجة بالأبيض ووجد معهم امرأة قالوا له إنها ابنة حميراء أم قلب.. وقد أكدت الأسرة للاستاذ خالد إن الأغنية قيلت بالفعل في الحسن ود ضبعة.
عُرِفَ الحسن ود ضبعة بالكرم والشجاعة، وله مواقف مشهودة أشهرها قصة البندقية والتي يتداولها الناس كثيرا حيث تقول:
[إن احداً قد سرق بندقية وأمر المفتش البريطاني كل العمد وشيوخ الخط بالقبض على السارق وكان من ضمن هؤلاء الشيوخ الذين صدر إليهم الأمر الحسن ود ضبعة ، وعند القبض على السارق هرعت إحدى أخواته إلي حيث قُبِضَ عليه، ورأته والرجال محيطين به،، فكشفت عن رأسها أمام الرجال، فما كان من الحسن ود ضبعة إلا أن ترجَلَ من حصانه وغطى رأس المرأة بثوبه، وأمر بإطلاق سراح السارق. اغضب ذلك الفعل المفتش الانجليزي وهدد الحسن ود ضبعة بإقصائه من العمودية ولكنه لم يستطيع فعل اى شئ ضده.... فغنت حميراء أم قلب مستصحبة معها كل قيم الشهامة، ومواقف الحسن ود ضبعة الرجولية، ومما غنته:
خبر البندقية القالو دى بترميه
تلب يا صقر هِشْ الرخم منى
والصقر الذي تلب هو الحسن،، قفز من فرسه، والرخم هم من كانوا يحيطون بالسارق ولم يهتموا بكشف أخته لشعر رأسها،،
وهنالك قصة أخرى تقول ان الشيخ حسن ود ضبعة دخل في خلاف مع مفتش المركز، وخرج من مكتبه غاضباً دون استئذان، وتحدث الناس في وجود المفتش عن رجولة وشجاعة الحسن ودضبعة، وانه لا يلتفت وراءه أبدا حتى ولو أطلق عليه الرصاص،،، وبالفعل أمر المفتش احد العساكر بإطلاق النار في اتجاه الحسن ودضبعة ليتأكد من مزاعم الناس،، وبالفعل لم يلتفت الحسن ود ضبعة خلفه بل واصل مشيه دون إن يقف إو يهتز.
(عدم الالتفات إلى الخلف من صفات الأسد حيث انه لا يلتفت إلى الخلف إطلاقاً بل يدور دورة كاملة عند الضرورة - راجع المستظرف في كل فن مستظرف، للابشيهي)..
ومن قصص الحسن ود ضبعة انه راى احد الرجال يسقط في بئر فذهب إليه ولم يستطيع إنقاذه لوحده، فطلب منه الرجل الذهاب إلى الحلة ليخبر رجالها لكي يساعدوه في إخراجه ولكن الحسن رفض ذلك وقال للرجل: انا ما بودي الخبر الشين، دحين فِجَّ لي معاك"
(فِجٰ لي: كلمة سودانية بمعني،، ابعد قليلاً وأفسح لي مكاناً بجوارك، والفجة هي المكان، واحسبها مشتقة من الفجاج، وهي الاماكن المفتوحة)
وبالفعل قفز الحسن ود ضبعة في البئر مع الرجل،،، إما كيف خرج، وكيف خرج الرجل، وهل أعانهما شخص ما؟ فهذا ما لم احط به علماً، ولم أجد له خبرا ...
مع تحياتي، ويتبع
كامل سيد احمد، لنكلن، بريطانيا
يقال في مرة وبينما الفنانة حميرة بت كبوشية تغني في هذه الأغنية، وصلت الي البيت الأخير وصارت تكرر " تلب يا الصقر وتوّر الرخم مني "،، ويرويها البعض "حَلِق يا صَقُر، وحتي، خوجِل يا صَقُر،ً وخلي الرَخَمْ نايمين"
فنالت عكازاً من واحد من الحضود ظن أنه من ضمن المخاطبين، أي الرَخَم، صاح بها:
"نحن الرخم يا السجم"
أصابها العكاز بجرحٍ في رأسها إستدعي إدخالها الي المستشفي، وغالباً ما كان صاحبنا سكراناً،، فمفعول هذه الكلمات والاغاني يتضاعف عدة مرات عند الانتشاء، إذ يبلغ الحماس مداه ومعه التهوُّر والإندفاع،،
والأغنية شاعرتها هي حميراء أم قلب .. قيلت في الحسن ود ضبعة، عمدة الجوير، وكان شيخاً للخط .. توفى الحسن ود ضبعة في بداية الأربعينات من القرن الماضي .. وله إبن إسمه السبكى حسن ضبعة يعمل تاجراً بمدينة الأبيض .. وقد قام الاستاذ الباحث خالد الشيخ حاج محمود بزيارة السبكى حسن ضبعه بحي الدرجة بالأبيض ووجد معهم امرأة قالوا له إنها ابنة حميراء أم قلب.. وقد أكدت الأسرة للاستاذ خالد إن الأغنية قيلت بالفعل في الحسن ود ضبعة.
عُرِفَ الحسن ود ضبعة بالكرم والشجاعة، وله مواقف مشهودة أشهرها قصة البندقية والتي يتداولها الناس كثيرا حيث تقول:
[إن احداً قد سرق بندقية وأمر المفتش البريطاني كل العمد وشيوخ الخط بالقبض على السارق وكان من ضمن هؤلاء الشيوخ الذين صدر إليهم الأمر الحسن ود ضبعة ، وعند القبض على السارق هرعت إحدى أخواته إلي حيث قُبِضَ عليه، ورأته والرجال محيطين به،، فكشفت عن رأسها أمام الرجال، فما كان من الحسن ود ضبعة إلا أن ترجَلَ من حصانه وغطى رأس المرأة بثوبه، وأمر بإطلاق سراح السارق. اغضب ذلك الفعل المفتش الانجليزي وهدد الحسن ود ضبعة بإقصائه من العمودية ولكنه لم يستطيع فعل اى شئ ضده.... فغنت حميراء أم قلب مستصحبة معها كل قيم الشهامة، ومواقف الحسن ود ضبعة الرجولية، ومما غنته:
خبر البندقية القالو دى بترميه
تلب يا صقر هِشْ الرخم منى
والصقر الذي تلب هو الحسن،، قفز من فرسه، والرخم هم من كانوا يحيطون بالسارق ولم يهتموا بكشف أخته لشعر رأسها،،
وهنالك قصة أخرى تقول ان الشيخ حسن ود ضبعة دخل في خلاف مع مفتش المركز، وخرج من مكتبه غاضباً دون استئذان، وتحدث الناس في وجود المفتش عن رجولة وشجاعة الحسن ودضبعة، وانه لا يلتفت وراءه أبدا حتى ولو أطلق عليه الرصاص،،، وبالفعل أمر المفتش احد العساكر بإطلاق النار في اتجاه الحسن ودضبعة ليتأكد من مزاعم الناس،، وبالفعل لم يلتفت الحسن ود ضبعة خلفه بل واصل مشيه دون إن يقف إو يهتز.
(عدم الالتفات إلى الخلف من صفات الأسد حيث انه لا يلتفت إلى الخلف إطلاقاً بل يدور دورة كاملة عند الضرورة - راجع المستظرف في كل فن مستظرف، للابشيهي)..
ومن قصص الحسن ود ضبعة انه راى احد الرجال يسقط في بئر فذهب إليه ولم يستطيع إنقاذه لوحده، فطلب منه الرجل الذهاب إلى الحلة ليخبر رجالها لكي يساعدوه في إخراجه ولكن الحسن رفض ذلك وقال للرجل: انا ما بودي الخبر الشين، دحين فِجَّ لي معاك"
(فِجٰ لي: كلمة سودانية بمعني،، ابعد قليلاً وأفسح لي مكاناً بجوارك، والفجة هي المكان، واحسبها مشتقة من الفجاج، وهي الاماكن المفتوحة)
وبالفعل قفز الحسن ود ضبعة في البئر مع الرجل،،، إما كيف خرج، وكيف خرج الرجل، وهل أعانهما شخص ما؟ فهذا ما لم احط به علماً، ولم أجد له خبرا ...
مع تحياتي، ويتبع
كامل سيد احمد، لنكلن، بريطانيا
Subject: RE: [Elhakeem:5062] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:25:42 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 00:25:42 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W34A9B076B4C7449A8251D0B3730%40phx.gbl.
M Abdelrahman
Aug 6, 2015, 8:38:24 PM8/6/15
to elha...@googlegroups.com
سرد جميل وممتع لهذا الجزء المهمل من تراثنا الأدبي ..ّ
يا ريت تواصل يا كامل ..
مع الود ..
محمد عبدالرحمن أبوفدايه
جلاسكو
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W34A9B076B4C7449A8251D0B3730%40phx.gbl.
Tayseer Mustafa
Aug 7, 2015, 3:27:31 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
يا سلام يا دكتور والله انا بقيت كل يوم بفتح الemail عشان اشوفك كتبت لينا شنو. أشكرك كتير جدا . نورتنا في أشياء كثيره .I like your style of analytical thinking .
Cheers
Tayseer
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/CAOKEtBPWSf1MPc3vicC8uotLgF%2BK1gf49ivpTAROuKtxOp7XXQ%40mail.gmail.com.
Tarik Elhadd
Aug 7, 2015, 3:35:07 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
Kamil,
the 'polymath'
I am really enjoying this.
You must compile those essays in a treatise, this should be published to a wider audience
God Bless
Tarik
Dr Tarik A K A Elhadd MD FRCP FACE
Senior Consultant Endocrinologist
Endocrine Section
Department of Medicine
The National Diabetes & Endocrine Centre
Alwakra Hospital
Hamad Medical Corporation
Doha
Qatar
& Adjunct Professor of Medicine
Sudan International University,
Khartoum, Sudan
Tel + 974 4011 4088 (office)
+ 974 55091270 (mobile)
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W3885108287F6AA44A74796B3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 7:45:13 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
شكراً طارق، تيسير وعبد الحمن، والله يوفق، افتكرالاسابة هنا احسن من الكتابات في الدين، ساواصل باذن الله
كامل
From: tayseer...@hotmail.com
Date: Fri, 7 Aug 2015 08:27:19 +0100
Subject: Re: [Elhakeem:5065] اغاني الحماسة
To: elha...@googlegroups.com
كامل
From: tayseer...@hotmail.com
Date: Fri, 7 Aug 2015 08:27:19 +0100
Subject: Re: [Elhakeem:5065] اغاني الحماسة
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB406-EAS50D24CF8ADA5D5AA88CD30F1730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 7:56:26 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (٥) اغانى الحماسة في السودان
بتريد اللطام والواعى مابوصو ...
هذه أغاني تمجد بطل الحلاوين، عبدالقادر ود حبوبه:
إسمه عبدالقادر محمد إمام إدريس، ولقب حبوب أو حبوبه لقب تعرف به الأسرة ويقال إن له جدة اسمها حبوبه أخذت منها العائلة هذا الاسم. ولقد كان والده ناظرا للحلاويين في أواخر العهد التركي .
ولد ود حبوبه في قرية قوز عبدالسلام وليس هنالك تاريخ محدد لولادته ولقد كان شاباً قوياً، محباً للخير كارهاً للظلم، وعمل بالزراعة ..... تعرف ود حبوبه بالإمام المهدي بقرية طيبة الشيخ القرشي عندما كان المهدي يبنى قبةً لأستاذه الشيخ القرشي ود الزين، وعندما قامت الثورة المهدية كان عبدالقادر من مؤيديها ومناصريها، ولقد شارك في كل معارك المهدية ما عدا معركة كرري، فقد كان مريضاً،، وأصبح من كبار مستشاري الإمام المهدي كما كان مقرباً من الخليفة عبدالله التعايشي، و كان الخليفة متزوجا من إحدى كريمات عبدالقادر:
المصدر... صديق محمد احمد البادي لمحات من حياة عبدالقادر ودحبوبه
رافق ود حبوبه حملة عبدالرحمن النجومى إلى مصر واسر هنالك و استطاع التخلص من الأسر هو وشقيقاه عبدالباقى وحسين، أما والدته فلقد استشهدت في الحملة. وبعد موقعة كرري والتي لم يشارك فيها ودحبوبه - وقد ارجع البعض السبب لمرضه - عاد ود حبوبه إلى منطقة الحلاويين .
كان عبدالقادر ونفر من أصحابه يجوبون المناطق المختلفة يسمعون الناس قصائدهم التي يمدحون فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، والإمام المهدي ويتلون القرآن ويقرأون راتب الإمام المهدي، ولقد عرف عن ود حبوبه انه كان يؤلف الكثير من المدائح، وكان الراحل بادي محمد الطيب يحفظ الكثير منها، وقد التقيته عليه رحمة الله وحاورته في بعض ارائه في العام ١٩٨٣ وأنا اعمل في جدة وكان الطيب رحمه الله قد جاء الي قسم الحوادث مع قريبٍ له للتوسط له .. إعتبر الانجليز هذا النوع من النشاط تحريضاً من ود حبوبه وبداية لثورة مهدية جديدة... كانت بداية الثورة في التقر حيث قتل عبدالقادر ود حبوبة المفتش مستر س . سكوت منكريف والمأمور واليوزباشي محمد شريف وكان ذلك في ١٩٠٨/٤/٢٩، بعد أن جاء المفتش والمأمور وحراسهما إلى التقر بالجمال. أرخت رقية محمد إمام هذه الحادثة بالأبيات الآتية ...
العمير للسوم تيّم في التقر
قال القوى والضعيف من عينو طار النوم
بختوا من اللوم
الكفرة النجوس ما حجرت الدرب
خليت جمالهم تحوم
الأسد النتر وقال الدين منصور
لمولوا الاورط جابوهو بالبابور
العمد الكبار كلامهم بقى مدحور
كم فقشت مدير وكرمت بالمأمور
أرسلت الحكومة الاورطة ١٣ من مدني بقيادة مكوين بك، واحمد إبراهيم زاده، فعسكروا في كتفيه عند حلول الظلام ، رأى أنصار ودحبوبه مهاجمة هذه الاورطة ليلا وذبح أفرادها، فبدأوا بذبح الهجانه الذين كانوا ينامون يمين الأورطة فقتلوا عددا كبيرا منهم ولكن عيسى محمد إمام حبوب أخو عبد القادر تحمس وهو يصيح في قمة النشوة قائلاً ( الدين منصور) فاستيقظ مكوين وأطلق رجاله مدفعهم الرشاش على أنصار ود حبوبه فحصدوا منهم الكثير، ولقد بات ود حبوبه في تلك اللية بقرية ود البصير، وفى الصباح توجه إلى الكاملين وعند قرية الدبيبات الواقعة في مجلس ريفي المعيلق انقض عليه مجموعة من الدباسين. برر الأستاذ صديق البادي قبضهم على ود حبوبه قائلا: [ تقتضى الأمانة التاريخية أن أقول أن الدباسين لم يفعلوا ذلك عداءً للحلاوين وإنما أرادوا بذلك حقن الدماء بالمنطقة ]
صورت لنا رقية معركة كتفيه أيضا قائلة ...
الأسد النتر بى جيهة الأبقار
لمولو الاورط شايلين سلاح النار
ود حبوبه قام ورتب الأنصار
في كتفيه ديك كم شبعن صقار
الصقار هي الصقور التي تنزل علي الجثث لتأكل منها، كنا نسميها ونحن صغار في عطبرة ب (أبي الكُرك)، وكانت نوع قبيح من الصقور، طويلة الرقبة، عاريتها من الريش، تعيش علي الجثث والجيّف،،
لمزيد من التفاصيل لمن يريد يمكن مراجعة كتاب الأستاذ صديق محمد احمد البادي – لمحات من حياة عبدالقادر ود حبوبه.
مع تحياتي
بتريد اللطام والواعى مابوصو ...
هذه أغاني تمجد بطل الحلاوين، عبدالقادر ود حبوبه:
إسمه عبدالقادر محمد إمام إدريس، ولقب حبوب أو حبوبه لقب تعرف به الأسرة ويقال إن له جدة اسمها حبوبه أخذت منها العائلة هذا الاسم. ولقد كان والده ناظرا للحلاويين في أواخر العهد التركي .
ولد ود حبوبه في قرية قوز عبدالسلام وليس هنالك تاريخ محدد لولادته ولقد كان شاباً قوياً، محباً للخير كارهاً للظلم، وعمل بالزراعة ..... تعرف ود حبوبه بالإمام المهدي بقرية طيبة الشيخ القرشي عندما كان المهدي يبنى قبةً لأستاذه الشيخ القرشي ود الزين، وعندما قامت الثورة المهدية كان عبدالقادر من مؤيديها ومناصريها، ولقد شارك في كل معارك المهدية ما عدا معركة كرري، فقد كان مريضاً،، وأصبح من كبار مستشاري الإمام المهدي كما كان مقرباً من الخليفة عبدالله التعايشي، و كان الخليفة متزوجا من إحدى كريمات عبدالقادر:
المصدر... صديق محمد احمد البادي لمحات من حياة عبدالقادر ودحبوبه
رافق ود حبوبه حملة عبدالرحمن النجومى إلى مصر واسر هنالك و استطاع التخلص من الأسر هو وشقيقاه عبدالباقى وحسين، أما والدته فلقد استشهدت في الحملة. وبعد موقعة كرري والتي لم يشارك فيها ودحبوبه - وقد ارجع البعض السبب لمرضه - عاد ود حبوبه إلى منطقة الحلاويين .
كان عبدالقادر ونفر من أصحابه يجوبون المناطق المختلفة يسمعون الناس قصائدهم التي يمدحون فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، والإمام المهدي ويتلون القرآن ويقرأون راتب الإمام المهدي، ولقد عرف عن ود حبوبه انه كان يؤلف الكثير من المدائح، وكان الراحل بادي محمد الطيب يحفظ الكثير منها، وقد التقيته عليه رحمة الله وحاورته في بعض ارائه في العام ١٩٨٣ وأنا اعمل في جدة وكان الطيب رحمه الله قد جاء الي قسم الحوادث مع قريبٍ له للتوسط له .. إعتبر الانجليز هذا النوع من النشاط تحريضاً من ود حبوبه وبداية لثورة مهدية جديدة... كانت بداية الثورة في التقر حيث قتل عبدالقادر ود حبوبة المفتش مستر س . سكوت منكريف والمأمور واليوزباشي محمد شريف وكان ذلك في ١٩٠٨/٤/٢٩، بعد أن جاء المفتش والمأمور وحراسهما إلى التقر بالجمال. أرخت رقية محمد إمام هذه الحادثة بالأبيات الآتية ...
العمير للسوم تيّم في التقر
قال القوى والضعيف من عينو طار النوم
بختوا من اللوم
الكفرة النجوس ما حجرت الدرب
خليت جمالهم تحوم
الأسد النتر وقال الدين منصور
لمولوا الاورط جابوهو بالبابور
العمد الكبار كلامهم بقى مدحور
كم فقشت مدير وكرمت بالمأمور
أرسلت الحكومة الاورطة ١٣ من مدني بقيادة مكوين بك، واحمد إبراهيم زاده، فعسكروا في كتفيه عند حلول الظلام ، رأى أنصار ودحبوبه مهاجمة هذه الاورطة ليلا وذبح أفرادها، فبدأوا بذبح الهجانه الذين كانوا ينامون يمين الأورطة فقتلوا عددا كبيرا منهم ولكن عيسى محمد إمام حبوب أخو عبد القادر تحمس وهو يصيح في قمة النشوة قائلاً ( الدين منصور) فاستيقظ مكوين وأطلق رجاله مدفعهم الرشاش على أنصار ود حبوبه فحصدوا منهم الكثير، ولقد بات ود حبوبه في تلك اللية بقرية ود البصير، وفى الصباح توجه إلى الكاملين وعند قرية الدبيبات الواقعة في مجلس ريفي المعيلق انقض عليه مجموعة من الدباسين. برر الأستاذ صديق البادي قبضهم على ود حبوبه قائلا: [ تقتضى الأمانة التاريخية أن أقول أن الدباسين لم يفعلوا ذلك عداءً للحلاوين وإنما أرادوا بذلك حقن الدماء بالمنطقة ]
صورت لنا رقية معركة كتفيه أيضا قائلة ...
الأسد النتر بى جيهة الأبقار
لمولو الاورط شايلين سلاح النار
ود حبوبه قام ورتب الأنصار
في كتفيه ديك كم شبعن صقار
الصقار هي الصقور التي تنزل علي الجثث لتأكل منها، كنا نسميها ونحن صغار في عطبرة ب (أبي الكُرك)، وكانت نوع قبيح من الصقور، طويلة الرقبة، عاريتها من الريش، تعيش علي الجثث والجيّف،،
لمزيد من التفاصيل لمن يريد يمكن مراجعة كتاب الأستاذ صديق محمد احمد البادي – لمحات من حياة عبدالقادر ود حبوبه.
مع تحياتي
كامل سيد احمد،، لنكلن،،، بريطانيا
يتبع
Subject: RE: [Elhakeem:5067] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:45:08 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:45:08 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W56143650567F353EFC1D2DB3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 7:57:52 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (٦) اغانى الحماسة في السودان:
نبقي مع ود حبوبة:
جرت محاكمة عبد القادر ود حبوبه في الكاملين يوم ٧ مايو ١٩٠٨ أمام قاضى محكمة المديرية المستر بيكوك القاضي المدني. فأثبتت عليه المحكمة جريمة قتل مستر منكريف أسكوت المفتش الإنجليزي برئاسة مديرية النيل الأزرق واليوزباشي محمد شريف مأمور المسلمية، وجريمة إثارة الفتنة والحرب ضد حكومة السودان ، وحكمت عليه المحكمة بالإعدام ومصادرة أملاكه . وقد نفذ فيه حكم الإعدام صباح الأحد الموافق ١٧ مايو ١٩٠٨ بسوق حلة مصطفى حيث كان يقام سوق الحلاوين في ذلك الوقت.
أُحضِر ود حبوبة مكبلا بالحديد في يوم شنقه،، وقبل أن يشنق ودع أهله وأقرباءه دون خوف أو وجل حيث كان ثابت القلب والجنان، قوى العزيمة، شجاعا، بطلا لا يخاف الموت ولا يهابه. كل ما قاله إنه شجع أهله ومعارفه على الجهاد ومحاربة المستعمر، وبعدها صعد إلى المشنقة وهو يهلل ويكبر ومن حوله النساء يزغردن لهذه الرجولة والشجاعة والبسالة، وقد هزّ هذا المشهد المستعمر هزا عنيفا إمام هذا الثبات والشجاعة النادرة، ودفن جثمانه بالقرب من منطقة الحلاويين.
ذُكر إن ود حبوبه عندما منح فرصة ليطلب مايريد قال ان طلبه هو تسليم ملابسه بعد إعدامه لبنات عمه ليتأكدن انه لم يخاف أو يرجف أو يبول أو يتبرز في ملابسه كما يفعل الكثيرون عند إعدامهم وبالفعل كان نظيفا فانطلقت الزغاريد من نساء الحلاويين .
وقد صورت رقية آخت ود حبوبه مشهد المحاكمة في الأبيات الآتية:
الإعلان صدر واتلموا الخلوق
بى عينى بشوف أب رسوه طامح فوق
كان جات بالمراد واليمين مطلوق
ما كان بنشنق ود أب كريق في السوق
الإعلان صدر واتلمت الحلال
نصبولو السلاح واتكرنف الخيال
قدر الله الحصل والزمان ميال
منسول من ابوك ماك ود حرام دجال
وقالت رقية في ضريحه ...
رضوان الإله تملأ الضريح كافور
مسك الرحمه لاح منو بيلوح النور
اغفر سيئات كل من يجيك يزور
في الفردوس هناك يتمنى مهما يدور
وهذه هي القصيدة كاملة:
بتريد اللطام
لحن / بادي محمد الطيب
كلمات رقية أخت ود حبوبة
بتريد اللطام أسد الكداد الزام
هزيت البلد من اليمن للشام
سيفك للفقر قلام
ديّم في التقر انصارو منزربين
بالصفا واليقين حقيقة أنصار دين
بالحرب أم طبائق قابلوا المرتيين
في وش المكن رقدوا التقول نايمين
ديّم في التقر انصارو زاربنو
بعهدوا القبيل بي عيسي تاهمنوا
اتلموا العمد ليهم نقر سنوا
الهوج والشرق طار المنام منوا
ديّم في التقر قال العمير للسوم
نبقي مع ود حبوبة:
جرت محاكمة عبد القادر ود حبوبه في الكاملين يوم ٧ مايو ١٩٠٨ أمام قاضى محكمة المديرية المستر بيكوك القاضي المدني. فأثبتت عليه المحكمة جريمة قتل مستر منكريف أسكوت المفتش الإنجليزي برئاسة مديرية النيل الأزرق واليوزباشي محمد شريف مأمور المسلمية، وجريمة إثارة الفتنة والحرب ضد حكومة السودان ، وحكمت عليه المحكمة بالإعدام ومصادرة أملاكه . وقد نفذ فيه حكم الإعدام صباح الأحد الموافق ١٧ مايو ١٩٠٨ بسوق حلة مصطفى حيث كان يقام سوق الحلاوين في ذلك الوقت.
أُحضِر ود حبوبة مكبلا بالحديد في يوم شنقه،، وقبل أن يشنق ودع أهله وأقرباءه دون خوف أو وجل حيث كان ثابت القلب والجنان، قوى العزيمة، شجاعا، بطلا لا يخاف الموت ولا يهابه. كل ما قاله إنه شجع أهله ومعارفه على الجهاد ومحاربة المستعمر، وبعدها صعد إلى المشنقة وهو يهلل ويكبر ومن حوله النساء يزغردن لهذه الرجولة والشجاعة والبسالة، وقد هزّ هذا المشهد المستعمر هزا عنيفا إمام هذا الثبات والشجاعة النادرة، ودفن جثمانه بالقرب من منطقة الحلاويين.
ذُكر إن ود حبوبه عندما منح فرصة ليطلب مايريد قال ان طلبه هو تسليم ملابسه بعد إعدامه لبنات عمه ليتأكدن انه لم يخاف أو يرجف أو يبول أو يتبرز في ملابسه كما يفعل الكثيرون عند إعدامهم وبالفعل كان نظيفا فانطلقت الزغاريد من نساء الحلاويين .
وقد صورت رقية آخت ود حبوبه مشهد المحاكمة في الأبيات الآتية:
الإعلان صدر واتلموا الخلوق
بى عينى بشوف أب رسوه طامح فوق
كان جات بالمراد واليمين مطلوق
ما كان بنشنق ود أب كريق في السوق
الإعلان صدر واتلمت الحلال
نصبولو السلاح واتكرنف الخيال
قدر الله الحصل والزمان ميال
منسول من ابوك ماك ود حرام دجال
وقالت رقية في ضريحه ...
رضوان الإله تملأ الضريح كافور
مسك الرحمه لاح منو بيلوح النور
اغفر سيئات كل من يجيك يزور
في الفردوس هناك يتمنى مهما يدور
وهذه هي القصيدة كاملة:
بتريد اللطام
لحن / بادي محمد الطيب
كلمات رقية أخت ود حبوبة
بتريد اللطام أسد الكداد الزام
هزيت البلد من اليمن للشام
سيفك للفقر قلام
ديّم في التقر انصارو منزربين
بالصفا واليقين حقيقة أنصار دين
بالحرب أم طبائق قابلوا المرتيين
في وش المكن رقدوا التقول نايمين
ديّم في التقر انصارو زاربنو
بعهدوا القبيل بي عيسي تاهمنوا
اتلموا العمد ليهم نقر سنوا
الهوج والشرق طار المنام منوا
ديّم في التقر قال العمير للسوم
القوى والضعيف من عينو طار النوم
الكفرة النجوس مابختوا من اللوم
حجرت الدرب خليت جمالو تحوم
حجرت الدرب خليت جمالو تحوم
الأسد النتر وقال الدين منصور
لمولوا الاورط جابوهم بالبابور
العمد الكبار كلامهم بقى مدحور
كم فقش مدير وكرمت بالمأمور
الأسد النتر بى جيهة الأبقار
لمولو الاورط شايلين سلاح النار
ود حبوبة قام ورتب الأنصار
في كتفيه ديك كم شبعن صقار
الإعلان صدر واتلموا الخلوق
بى عيني بشوف أب رسوة طامح فوق
كان جات بالمراد واليمين مطلوق
ما كان بنشنق ود أب كريق في السوق
الإعلان صدر واتلمت الحلال
نصبولو السلاح واتكرنف الخيال
قدر الله الحصل و الزمان ميال
منسول من أبوك ماك ود حرام دجال
بتكلم بقول بوريك شن حسبو
نايبو السنين منّو الرجال حسبو
كل الخاصموك في الآخرة ما كسبوا
التبعوك جنود لله ما انتسبوا
رضوان الإله تملأ الضريح كافور
مسك الرحمه لاح منو بيلوح النور
اغفر سيئات كل من يجيك يزور
في الفردوس هناك يتمنى مهما يدور
شرح بعض الكلمات الغامضة:
الكداد : شجر مشهور بشوكه ولعلها القتاد ومن ذلك قولهم شوك الكداد قالت إحدى النساء:
اخوانى إخوان الكداده
أسياد المهره أم قلاده
أسياد القرعه أم جماده
وقال آخر:
أنا ود الحي يابس كداده ... ضفر الديك وقدوم الجداده
التقر : نبات خلوي ترعاه الإبل وتقصد بها الشاعرة منطقة بالحلاويين
المرتين :اسم بندقية قديمة
المكن : تقصد به المدفع الرشاش
العمير للسوم : سوم اى باع ووهب وعرض للبيع ، قال الشايقى:
عِلّ (إلا) أنا أب روحا سايما يا غرق يا جيت حازما
كتفيه : قرية بمنطقة الحلاويين
بعيسى تاهمنو : بعض أعداء ود حبوبه اتهموه زورا وبهتانا بأنه ادعى العيسويه وانه عيسى بن مريم خاصة وانه في تلك الفترة ادعى أكثر من رجل انه عيسى بن مريم ولقد إعدام كل من ادعى ذلك.
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،،، كنكلن،،، بريطانيا
يتبع
بى عيني بشوف أب رسوة طامح فوق
كان جات بالمراد واليمين مطلوق
ما كان بنشنق ود أب كريق في السوق
الإعلان صدر واتلمت الحلال
نصبولو السلاح واتكرنف الخيال
قدر الله الحصل و الزمان ميال
منسول من أبوك ماك ود حرام دجال
بتكلم بقول بوريك شن حسبو
نايبو السنين منّو الرجال حسبو
كل الخاصموك في الآخرة ما كسبوا
التبعوك جنود لله ما انتسبوا
رضوان الإله تملأ الضريح كافور
مسك الرحمه لاح منو بيلوح النور
اغفر سيئات كل من يجيك يزور
في الفردوس هناك يتمنى مهما يدور
شرح بعض الكلمات الغامضة:
الكداد : شجر مشهور بشوكه ولعلها القتاد ومن ذلك قولهم شوك الكداد قالت إحدى النساء:
اخوانى إخوان الكداده
أسياد المهره أم قلاده
أسياد القرعه أم جماده
وقال آخر:
أنا ود الحي يابس كداده ... ضفر الديك وقدوم الجداده
التقر : نبات خلوي ترعاه الإبل وتقصد بها الشاعرة منطقة بالحلاويين
المرتين :اسم بندقية قديمة
المكن : تقصد به المدفع الرشاش
العمير للسوم : سوم اى باع ووهب وعرض للبيع ، قال الشايقى:
عِلّ (إلا) أنا أب روحا سايما يا غرق يا جيت حازما
كتفيه : قرية بمنطقة الحلاويين
بعيسى تاهمنو : بعض أعداء ود حبوبه اتهموه زورا وبهتانا بأنه ادعى العيسويه وانه عيسى بن مريم خاصة وانه في تلك الفترة ادعى أكثر من رجل انه عيسى بن مريم ولقد إعدام كل من ادعى ذلك.
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،،، كنكلن،،، بريطانيا
يتبع
Subject: RE: [Elhakeem:5067] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:45:08 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:45:08 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W56143650567F353EFC1D2DB3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 8:05:48 AM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (٧) اغانى الحماسة في السودان:
قصيدة وأغنية الواعي ما بوصو:
من كلمات بت مسيمس، وكثيراً ما ذكر لعيبة الحريق إسمها في الكونان، أعني بت مسيمس وليس الأغنية،، يذكرونها دون أن يعلموا من هيّ، يظنها البعض شيخة بيدها أن تغّيّر الكرت، فينقلب الدو جوكر بقدرة قادر،، وقد تصدق الجرة، فيجُر أحدهم الجوكر أو يجُر كرت النزول والمحافظة، أو حتي كرت الفتوح، فينسب الفضل في ذلك إلي بت مسيمس بدلاً من الصدفة المحضة، والحظ،، ويزداد يقيناً وإيماناً ببت مسيمس ،، الواحد يلقي ورقو كعب، أو يكون مُقنطر كايس النزول، أو قافل منتظر يفتح،،، يجُر بررراحة، ويكورك 'يا بت مسيمس، تقلبي تيمس'،، وبت مسيمس هذه ليس لها في الكوتشينة ولا في الحريق،، بل كانت حكامة وكانت شاعرة قالت شعراً كثيراً في الزبير باشا رحمة،، كذلك كان هناك من يصيحون "يا دابي رُندة،، لا شيخ لاك عُمدة" ويتفاءلون بإن دابي رُنده، اللاهو شيخ لاهو عُمدة سيجئ بالكرت المطلوب، وعلمت من أحدهم إن دابي رُندة لقب للسيد علي الميرغني عليه رحمة الله، فما علاقته بالكونكان! .
عاصرت بت مسيمس ود حبوبه وثورته، واسمها الحقيقي هو رقية، وهي غير رقية شقيقة ود حبوبة، وكانت من منطقة المسلمية،، ولا أعلم من هو مسيمس الذي جُعِلَتْ بنتاً له،، لكن ما أقرب إسم مسيمس من المس، أو الممسوس ..
توجد ثلاث نصوص لهذه الأغنية منها نص واحد مكتوب، والآخران حفظهما الناس شفاهياً،، وتختلف هذه النصوص عن بعضها البعض قليلا... منا من استمع للأُغنية من الفنان بادي محمد الطيب والفنان بابكر ودنوبه، والأخير من منطقة بارا ... ونص ودنوبه لا يختلف كثيرا عن النص الذي أورده الأستاذ صديق محمد احمد البادي في كتابه لمحات من حياة ود حبوبه ... ولحن الأغنية الحالي لبادي محمد الطيب ، حيث ذكر الفنان بادي إنها كانت تغنى في شكل مناحة وكذلك أغنية بتريد اللطام،، واللطام هو التلاطم كالأمواج،، وأحسب إن معناه الحرب والقتال،، تماما كالاشتجار والشجار، وهو ما إحسبه المعني الخفي للشجرة المحرمة التي إمر الله آدم وحواء بألا يقرباها،رفقال لهما {ولا تقربا هذه الشجرة، ولم يقل {ولا تأكلا من هذه الشجرة}, نعود الي موضوعنا، ..
الواعي ما بوصو
كلمات بت مسيمس
رواية الفنان / بادي محمد الطيب
الواعي ما بوصو
من أمس الضحى
تورى أب زنود ساقو
يا مقنع ولياتو
تور بقر الجواميس العليك الرك
يا عقد الحديد للحلبي ما بتنفك
تورك يا أم رشوم في الحلق عشرق
دقيت الجسر وحاجر مشارع الحق
غنيت وجبت مسدار
المكنه بتكاكى وجن مدافع النار
لفوك يا رحل الكحل دلوك ما بتندار
أمانة يا صقر ما تفرشت ليك برجال
غنيت وجبت نمك
بجر القول عليك يا مقنع الكاشفات
أسد الخلا الحجر اليويات
ساقوك لي الشنق
يا أبو أمنه حوبتك جات
غنى وشكري يا خضرة الجٌم
طلع لي عشارى الليله مسكو يفوح
ما خطف البدينقه وما جفل مجروح
سيفو بياخد الخوده ومعاها الروح
أمك ولدتك ما ولدتم أتنين
تسلم لي يا تلبى البكيل العين
حالف يمين ما بكون بين البين
دقيت الجسر لي متعة الحيين
غنيلو يا بنيه
من قومة الجهل ما قاملو بى نيه
وكت الشوف أشوف وقفولو سلطيه
تعدى وركز قال اخوكى يا رقيه
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،، بريطانيا
قصيدة وأغنية الواعي ما بوصو:
من كلمات بت مسيمس، وكثيراً ما ذكر لعيبة الحريق إسمها في الكونان، أعني بت مسيمس وليس الأغنية،، يذكرونها دون أن يعلموا من هيّ، يظنها البعض شيخة بيدها أن تغّيّر الكرت، فينقلب الدو جوكر بقدرة قادر،، وقد تصدق الجرة، فيجُر أحدهم الجوكر أو يجُر كرت النزول والمحافظة، أو حتي كرت الفتوح، فينسب الفضل في ذلك إلي بت مسيمس بدلاً من الصدفة المحضة، والحظ،، ويزداد يقيناً وإيماناً ببت مسيمس ،، الواحد يلقي ورقو كعب، أو يكون مُقنطر كايس النزول، أو قافل منتظر يفتح،،، يجُر بررراحة، ويكورك 'يا بت مسيمس، تقلبي تيمس'،، وبت مسيمس هذه ليس لها في الكوتشينة ولا في الحريق،، بل كانت حكامة وكانت شاعرة قالت شعراً كثيراً في الزبير باشا رحمة،، كذلك كان هناك من يصيحون "يا دابي رُندة،، لا شيخ لاك عُمدة" ويتفاءلون بإن دابي رُنده، اللاهو شيخ لاهو عُمدة سيجئ بالكرت المطلوب، وعلمت من أحدهم إن دابي رُندة لقب للسيد علي الميرغني عليه رحمة الله، فما علاقته بالكونكان! .
عاصرت بت مسيمس ود حبوبه وثورته، واسمها الحقيقي هو رقية، وهي غير رقية شقيقة ود حبوبة، وكانت من منطقة المسلمية،، ولا أعلم من هو مسيمس الذي جُعِلَتْ بنتاً له،، لكن ما أقرب إسم مسيمس من المس، أو الممسوس ..
توجد ثلاث نصوص لهذه الأغنية منها نص واحد مكتوب، والآخران حفظهما الناس شفاهياً،، وتختلف هذه النصوص عن بعضها البعض قليلا... منا من استمع للأُغنية من الفنان بادي محمد الطيب والفنان بابكر ودنوبه، والأخير من منطقة بارا ... ونص ودنوبه لا يختلف كثيرا عن النص الذي أورده الأستاذ صديق محمد احمد البادي في كتابه لمحات من حياة ود حبوبه ... ولحن الأغنية الحالي لبادي محمد الطيب ، حيث ذكر الفنان بادي إنها كانت تغنى في شكل مناحة وكذلك أغنية بتريد اللطام،، واللطام هو التلاطم كالأمواج،، وأحسب إن معناه الحرب والقتال،، تماما كالاشتجار والشجار، وهو ما إحسبه المعني الخفي للشجرة المحرمة التي إمر الله آدم وحواء بألا يقرباها،رفقال لهما {ولا تقربا هذه الشجرة، ولم يقل {ولا تأكلا من هذه الشجرة}, نعود الي موضوعنا، ..
الواعي ما بوصو
كلمات بت مسيمس
رواية الفنان / بادي محمد الطيب
الواعي ما بوصو
من أمس الضحى
تورى أب زنود ساقو
يا مقنع ولياتو
تور بقر الجواميس العليك الرك
يا عقد الحديد للحلبي ما بتنفك
تورك يا أم رشوم في الحلق عشرق
دقيت الجسر وحاجر مشارع الحق
غنيت وجبت مسدار
المكنه بتكاكى وجن مدافع النار
لفوك يا رحل الكحل دلوك ما بتندار
أمانة يا صقر ما تفرشت ليك برجال
غنيت وجبت نمك
بجر القول عليك يا مقنع الكاشفات
أسد الخلا الحجر اليويات
ساقوك لي الشنق
يا أبو أمنه حوبتك جات
غنى وشكري يا خضرة الجٌم
طلع لي عشارى الليله مسكو يفوح
ما خطف البدينقه وما جفل مجروح
سيفو بياخد الخوده ومعاها الروح
أمك ولدتك ما ولدتم أتنين
تسلم لي يا تلبى البكيل العين
حالف يمين ما بكون بين البين
دقيت الجسر لي متعة الحيين
غنيلو يا بنيه
من قومة الجهل ما قاملو بى نيه
وكت الشوف أشوف وقفولو سلطيه
تعدى وركز قال اخوكى يا رقيه
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،، بريطانيا
Subject: RE: [Elhakeem:5069] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:57:50 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 11:57:50 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W354DBE605EA779A51BF343B3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 2:11:31 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (٨) اغانى الحماسة في السودان:
الواعي ما بوصوه
هذه رواية ثانية لكلمات قصيدة ( الواعي ما بوصوه )، وهي هنا، مناحة شاعرتها كما ذكرت في الحلقة الماضية، هي رقية بت مسيمس
الواعي ما بوصوه
من أمس الضحى ٠٠ تورى أب قرون ساقوه
يا مقنع ولياتو
الواعي ما بوصوه
الفتح الدرب ٠٠ خلى العريب يمشوه
غنيت بجيب مسدار
المكنه بتكاكى ٠٠ جنك مدافع النار
يا قصر الرجال ٠٠٠ اللي الفقر عصار
يا قصبة فراش ٠٠ اللي الضلع كسار
يا نار الزبل ٠٠ الما بندركلك حال
يا رحل الكحل ٠٠ لا بتنزاح ولا بتندار
عود الطنضبه ٠٠ الما بتعدلو النار
درعولو أم خريز ٠٠ العسكر الزنهار
مأمن بالقماحه ٠٠ قدلت لك الرجال
الليله عليك غنيت
بلع الألف كلو ٠٠ قال ولا استكفيت
يوم جوك للحرب ٠٠ لا سخيت ولا ضليت
صامت بالقماحه ٠٠ أتفرشت واتغطيت
دا تور الجواميس ٠٠ العليهو الرك
دا عقد الحديد ٠٠ لى الحلبى ما بنفك
دا سم الغدور ٠٠ الفى الحلق عشرق
منو غيرك دق ٠٠ فى الحراج مدافع الحق
الليله عليك غنيت ٠٠ يا مطرق المجروح
قت ليهم عشارى ٠٠ مسكك البيفوح
ما ختف البدينقا ٠٠ وما جفل المجروح
بلع الألف كلو ٠٠ درب الجبين مطروح
جابوك بى أم خريز ٠٠ الزردخانة تفوح
سيفك بشيل الفقر ٠٠ ومعاو ملاح المخ
من كوجه وكجيج ٠٠ لي عند بلاد العين
جابونا الضحى ٠٠ في مركز الكاملين
الأهبل يقول ٠٠ أدوه عشره سنين
والعاقل يقول ٠٠ حكموا عليه بسنتين
وكتاً جانا الجنا ٠٠ الطبق الجنيه في أتنين
كملت العمد ٠٠ والمشايخه وحلانين
ابشر يا صقر ٠٠ ما تكتر الحلقان
تأكل ليك مطايباً ٠٠ ما لحم سخلان
تأكل في المطايب ٠٠ ما لحم عيران
تأكل في المطايب ٠٠ فوق ضهر سلطان
تتغدى وتفوت ٠٠ كبده وكلي ومصران
شن منك نقول ٠٠ لامات عقيد مرجان
إتكلم يا لساني ٠٠ إتكلم المنطوق
عن مدافع الحق ٠٠ الفى مشيها بروق
قال قاسم اليمين ٠٠ كان اليمين مطلوق
زى كاسر الأسود ٠٠ ما بشنقوه في السوق
يا نار الزبل ٠٠ الما بندركلك حال
قليل من الشرح (لاحظوا، ده شرح من واحد حلفاوي):
الواعي ما بوصوه : لا لزوم لوصية للشخص الواعي
من أمس الضحى تورى أب قرون ساقوه: التور كناية عن الرجل الفارس، ساقوه من بدري، من أمس الضحي
يا مقنع ولياتو: ولياتو، أي نساءه، ومقنع بمعني قانعات به
الفتح الدرب خلى العريب يمشوه: الدرب: الطريق، والعريب: صيغة تصغير العرب
غنيت بجيب مسدار: المسدار شعر وقصيدة في موضوع واحد، اشهر مسدار الصيدة للحاردلو
المكنه بتكاكى جنك مدافع النار: المكنة: المدفع الآلي، بتكاكي: صوت المكنة، وجنك: بمعني جاءنك، وجاءن إليك
يا قصر الرجال اللي الفقر عصار: أي قمة الرجال، يا من تعصر الفقر بكرمك
يا قصبة فراش اللي الضلع كسار: قصبة الفراش تؤلم الضلوع وتمنع النوم
يا نار الزبل الما بندركلك حال: نار الزبل، هي نار الزبالة التي لا تنطفئ بالهيّن، وتبقي مشتعلة تحت الرماد لفترة طويلة
يا رحل الكحل لا بتنزاح ولا بتندار: الرحل وزن وكتلة، ورحل الكحل، ثقيل لا يمكن زحزحته بالسهل، كناية عن الركوز والثبات
قالت الشاعرة في هذا المعني:
الليلة الأسد الجاي من جبال الفيل ...... بشمشم بيكوس بيسأل من العنتيل
يا رحل الكحل الديمه وزنو تقيل ...... يا جدري الشمومه الزول تشقو عديل
عود الطنضبه الما بتعدلو النار: الطنضب هو الطندب، عود شجر قوي وصلب،، من قوته لا يعتدل حتي بعرضه علي النار
درعولو أم خريز العسكر الزنهار: درعولو: درعوا له، أي جهزوا له وأعدوا، أم خريز: حبل المشنقة، العسكر الزنهار هم العسكر الذين يقفون زنهار، أي منتصبين انتباه، وهم عسكر الترك الواقفين ساعة شنق ود حبوبة.
قال المغنى:
واقف زنهار ياعلى ... فارس حار يا على
وتقصد بت مسيمس إن من نصب المشنقة هم العسكر المنظمين من الترك، وهم واقفون انتباه في انتظار قدوم البطل، وتنفيذ الحكم
قلت ليهم عشارى مسكك البيفوح: العشاري هو التمساح ذو العشرة مواسم، او اعوام
من كوجه وكجيج لي عند بلاد العين : كوجة وكجيج، وبلاد العين من الأماكن
جابونا الضحى في مركز الكاملين
الأهبل يقول أدوه عشره سنين
والعاقل يقول حكموا عليهو بسنتين: أي تضاربت أقوال الناس وتوقعاتهم في الحكم علي ود حبوبة، اذ لم يدركوا خطره علي المستعمر، وبطولته، فقللوا من شإن العقوبة المتوقعة
وكتاً جانا الجنا الطبق الجنيه في أتنين
كملت العمد والمشايخه وحلانين
ابشر يا صقر ما تكتر الحلقان: أي قلل من تحليقك وانزل لتأكل لحم البطل
تأكل ليك مطايبا ما لحم سخلان: السخلان هي صغار المعزي، والعتان صغار الضان
تأكل في المطايب ما لحم عيران
تأكل في المطايب فوق ضهر سلطان
تتغدى وتفوت كبده وكلي ومصران
شن منك نقول لامات عقيد مرجان
إتكلم يا لساني إتكلم المنطوق
عن مدافع الحق الفى مشيها بروق
قال قاسم اليمين كان اليمين مطلوق
زى كاسر الأسود ما بشنقوه في السوق : تستنكر شنق ود حبوبة في السوق
يا نار الزبل الما بندركلك حال
يا جدري النزيله الفرزولو البيت: جدري النزيلة : النزيلة هي المصيبة التي تنزل بالناس قال احدهم:
يا جدري النزيله اللي الجلود رشاح: أي يسبب العرق والرشح للجلد
الفرزولو البيت : قديما كان كل من يصاب بالجدري يعزل في بيت بعيد عن القرية حتى لا تنتقل منه العدوى للآخرين .. ولقد وصف الرحالة لويس بوركهارت عزل المصابين بالجدري في بيوت بعيدة عن قرى النيل في شمال السودان وكان ذلك إبان زيارته سنة ١٨١٢ م
الحراجه : سوق الحراج أو سوق المزاد والدلالة قال الشكرى:
الما اتلتلت في سوق الحراج مجلوبه
الجدير بالذكر إن ود حبوبه شنق في السوق .
قلت ليهم عشارى مسكو يفوح
ما ختف البدينقا وما جفل مجروح
العشارى : هو التمساح
بدينقه : نوع من حراب الصيد يستعمله صائدو التماسيح يربط طرفه بحبل أو خيط قوى قال احدهم:
نفسك مسك الخطف البدينقه وفات
والخطف البدينقه: كناية عن التمساح، تقول بت مسيمس إن ود حبوبه أقوى من التمساح حيث انه لم يخطف البدينقه ويهرب، ولا يجفل المجروح
الواعي ما بوصوه
هذه رواية ثانية لكلمات قصيدة ( الواعي ما بوصوه )، وهي هنا، مناحة شاعرتها كما ذكرت في الحلقة الماضية، هي رقية بت مسيمس
الواعي ما بوصوه
من أمس الضحى ٠٠ تورى أب قرون ساقوه
يا مقنع ولياتو
الواعي ما بوصوه
الفتح الدرب ٠٠ خلى العريب يمشوه
غنيت بجيب مسدار
المكنه بتكاكى ٠٠ جنك مدافع النار
يا قصر الرجال ٠٠٠ اللي الفقر عصار
يا قصبة فراش ٠٠ اللي الضلع كسار
يا نار الزبل ٠٠ الما بندركلك حال
يا رحل الكحل ٠٠ لا بتنزاح ولا بتندار
عود الطنضبه ٠٠ الما بتعدلو النار
درعولو أم خريز ٠٠ العسكر الزنهار
مأمن بالقماحه ٠٠ قدلت لك الرجال
الليله عليك غنيت
بلع الألف كلو ٠٠ قال ولا استكفيت
يوم جوك للحرب ٠٠ لا سخيت ولا ضليت
صامت بالقماحه ٠٠ أتفرشت واتغطيت
دا تور الجواميس ٠٠ العليهو الرك
دا عقد الحديد ٠٠ لى الحلبى ما بنفك
دا سم الغدور ٠٠ الفى الحلق عشرق
منو غيرك دق ٠٠ فى الحراج مدافع الحق
الليله عليك غنيت ٠٠ يا مطرق المجروح
قت ليهم عشارى ٠٠ مسكك البيفوح
ما ختف البدينقا ٠٠ وما جفل المجروح
بلع الألف كلو ٠٠ درب الجبين مطروح
جابوك بى أم خريز ٠٠ الزردخانة تفوح
سيفك بشيل الفقر ٠٠ ومعاو ملاح المخ
من كوجه وكجيج ٠٠ لي عند بلاد العين
جابونا الضحى ٠٠ في مركز الكاملين
الأهبل يقول ٠٠ أدوه عشره سنين
والعاقل يقول ٠٠ حكموا عليه بسنتين
وكتاً جانا الجنا ٠٠ الطبق الجنيه في أتنين
كملت العمد ٠٠ والمشايخه وحلانين
ابشر يا صقر ٠٠ ما تكتر الحلقان
تأكل ليك مطايباً ٠٠ ما لحم سخلان
تأكل في المطايب ٠٠ ما لحم عيران
تأكل في المطايب ٠٠ فوق ضهر سلطان
تتغدى وتفوت ٠٠ كبده وكلي ومصران
شن منك نقول ٠٠ لامات عقيد مرجان
إتكلم يا لساني ٠٠ إتكلم المنطوق
عن مدافع الحق ٠٠ الفى مشيها بروق
قال قاسم اليمين ٠٠ كان اليمين مطلوق
زى كاسر الأسود ٠٠ ما بشنقوه في السوق
يا نار الزبل ٠٠ الما بندركلك حال
قليل من الشرح (لاحظوا، ده شرح من واحد حلفاوي):
الواعي ما بوصوه : لا لزوم لوصية للشخص الواعي
من أمس الضحى تورى أب قرون ساقوه: التور كناية عن الرجل الفارس، ساقوه من بدري، من أمس الضحي
يا مقنع ولياتو: ولياتو، أي نساءه، ومقنع بمعني قانعات به
الفتح الدرب خلى العريب يمشوه: الدرب: الطريق، والعريب: صيغة تصغير العرب
غنيت بجيب مسدار: المسدار شعر وقصيدة في موضوع واحد، اشهر مسدار الصيدة للحاردلو
المكنه بتكاكى جنك مدافع النار: المكنة: المدفع الآلي، بتكاكي: صوت المكنة، وجنك: بمعني جاءنك، وجاءن إليك
يا قصر الرجال اللي الفقر عصار: أي قمة الرجال، يا من تعصر الفقر بكرمك
يا قصبة فراش اللي الضلع كسار: قصبة الفراش تؤلم الضلوع وتمنع النوم
يا نار الزبل الما بندركلك حال: نار الزبل، هي نار الزبالة التي لا تنطفئ بالهيّن، وتبقي مشتعلة تحت الرماد لفترة طويلة
يا رحل الكحل لا بتنزاح ولا بتندار: الرحل وزن وكتلة، ورحل الكحل، ثقيل لا يمكن زحزحته بالسهل، كناية عن الركوز والثبات
قالت الشاعرة في هذا المعني:
الليلة الأسد الجاي من جبال الفيل ...... بشمشم بيكوس بيسأل من العنتيل
يا رحل الكحل الديمه وزنو تقيل ...... يا جدري الشمومه الزول تشقو عديل
عود الطنضبه الما بتعدلو النار: الطنضب هو الطندب، عود شجر قوي وصلب،، من قوته لا يعتدل حتي بعرضه علي النار
درعولو أم خريز العسكر الزنهار: درعولو: درعوا له، أي جهزوا له وأعدوا، أم خريز: حبل المشنقة، العسكر الزنهار هم العسكر الذين يقفون زنهار، أي منتصبين انتباه، وهم عسكر الترك الواقفين ساعة شنق ود حبوبة.
قال المغنى:
واقف زنهار ياعلى ... فارس حار يا على
وتقصد بت مسيمس إن من نصب المشنقة هم العسكر المنظمين من الترك، وهم واقفون انتباه في انتظار قدوم البطل، وتنفيذ الحكم
قلت ليهم عشارى مسكك البيفوح: العشاري هو التمساح ذو العشرة مواسم، او اعوام
من كوجه وكجيج لي عند بلاد العين : كوجة وكجيج، وبلاد العين من الأماكن
جابونا الضحى في مركز الكاملين
الأهبل يقول أدوه عشره سنين
والعاقل يقول حكموا عليهو بسنتين: أي تضاربت أقوال الناس وتوقعاتهم في الحكم علي ود حبوبة، اذ لم يدركوا خطره علي المستعمر، وبطولته، فقللوا من شإن العقوبة المتوقعة
وكتاً جانا الجنا الطبق الجنيه في أتنين
كملت العمد والمشايخه وحلانين
ابشر يا صقر ما تكتر الحلقان: أي قلل من تحليقك وانزل لتأكل لحم البطل
تأكل ليك مطايبا ما لحم سخلان: السخلان هي صغار المعزي، والعتان صغار الضان
تأكل في المطايب ما لحم عيران
تأكل في المطايب فوق ضهر سلطان
تتغدى وتفوت كبده وكلي ومصران
شن منك نقول لامات عقيد مرجان
إتكلم يا لساني إتكلم المنطوق
عن مدافع الحق الفى مشيها بروق
قال قاسم اليمين كان اليمين مطلوق
زى كاسر الأسود ما بشنقوه في السوق : تستنكر شنق ود حبوبة في السوق
يا نار الزبل الما بندركلك حال
يا جدري النزيله الفرزولو البيت: جدري النزيلة : النزيلة هي المصيبة التي تنزل بالناس قال احدهم:
يا جدري النزيله اللي الجلود رشاح: أي يسبب العرق والرشح للجلد
الفرزولو البيت : قديما كان كل من يصاب بالجدري يعزل في بيت بعيد عن القرية حتى لا تنتقل منه العدوى للآخرين .. ولقد وصف الرحالة لويس بوركهارت عزل المصابين بالجدري في بيوت بعيدة عن قرى النيل في شمال السودان وكان ذلك إبان زيارته سنة ١٨١٢ م
الحراجه : سوق الحراج أو سوق المزاد والدلالة قال الشكرى:
الما اتلتلت في سوق الحراج مجلوبه
الجدير بالذكر إن ود حبوبه شنق في السوق .
قلت ليهم عشارى مسكو يفوح
ما ختف البدينقا وما جفل مجروح
العشارى : هو التمساح
بدينقه : نوع من حراب الصيد يستعمله صائدو التماسيح يربط طرفه بحبل أو خيط قوى قال احدهم:
نفسك مسك الخطف البدينقه وفات
والخطف البدينقه: كناية عن التمساح، تقول بت مسيمس إن ود حبوبه أقوى من التمساح حيث انه لم يخطف البدينقه ويهرب، ولا يجفل المجروح
مع تحياتي،،، كامل سيد احمد،، لنكلن،، بريطانيا
يتبع..
Subject: RE: [Elhakeem:5070] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 12:05:44 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 12:05:44 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W77C7DFDFC03EB4B4D82260B3730%40phx.gbl.
Tayseer Mustafa
Aug 7, 2015, 3:56:08 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
Honestly I find your writings about religious topics very enlightening and beneficial . I am a great believer in change and actually I started listening to my heart rather than the old fashioned explanations which in my opinion cannot b applicable to our days . So please keep us informed by your objective analysis .
Cheers
Tayseer
Sent from my iPhone
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W56143650567F353EFC1D2DB3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 8:29:07 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (٩) اغانى الحماسة في السودان:
الواعي ما بوصو:
رواية الفنان بابكر ودنوبه:
الواعي ما بوصو
من أمس الضحى ٠٠٠ تورى اب زنود ساقوه
يا مقنع ولياتو
الليله ما بوصوه قالولى حرن ٠٠٠ يوم السلاح جابوه
غنيت بجيب مسدار
المكنه بتكاكى ٠٠٠ جنك مدافع النار
يا رحل الكحل ٠٠٠ ما حركوك تندار
يا عوج الطنضبه ٠٠٠ الما بنعدل بالنار
نصبولو أم خريزى ٠٠٠ العسكر الزنهار
تسلم يا عشاي ٠٠٠ قدلت عليك رجال
الليله ليك نميت
يا جدري النزيله ٠٠٠ الليك بفرزوا البيت
جدل الخمسمائة ٠٠٠ لا قال ولا سميت
يا درب الألف ٠٠٠ لا قال ولا استغنيت
نصبولو أم خريزى ٠٠٠ لا كليت ولا ضليت
تسلم يا عشاي ٠٠٠ اتفرشت واتغطيت
تمساح العشارى ٠٠٠ الليله مسكو يفوح
يا درب الألف ٠٠٠ الجبين مطروح
تتغدى وتزيد ٠٠٠ كبده وملاح ملخوخ
الليله يا حلا جُرد تمانيه
يوم والسعود دارا
بتاكل جمر ودخانه لى شراره
غنى وشكري الليه يا أمونه
ود العز والعزتين الخزنه مدفونه
وقت الشوف يشوف ما بقيف دونه
قول للمرفعين خلولك الرمم شونه
الواعي ما بوصو:
رواية الفنان بابكر ودنوبه:
الواعي ما بوصو
من أمس الضحى ٠٠٠ تورى اب زنود ساقوه
يا مقنع ولياتو
الليله ما بوصوه قالولى حرن ٠٠٠ يوم السلاح جابوه
غنيت بجيب مسدار
المكنه بتكاكى ٠٠٠ جنك مدافع النار
يا رحل الكحل ٠٠٠ ما حركوك تندار
يا عوج الطنضبه ٠٠٠ الما بنعدل بالنار
نصبولو أم خريزى ٠٠٠ العسكر الزنهار
تسلم يا عشاي ٠٠٠ قدلت عليك رجال
الليله ليك نميت
يا جدري النزيله ٠٠٠ الليك بفرزوا البيت
جدل الخمسمائة ٠٠٠ لا قال ولا سميت
يا درب الألف ٠٠٠ لا قال ولا استغنيت
نصبولو أم خريزى ٠٠٠ لا كليت ولا ضليت
تسلم يا عشاي ٠٠٠ اتفرشت واتغطيت
تمساح العشارى ٠٠٠ الليله مسكو يفوح
يا درب الألف ٠٠٠ الجبين مطروح
تتغدى وتزيد ٠٠٠ كبده وملاح ملخوخ
الليله يا حلا جُرد تمانيه
يوم والسعود دارا
بتاكل جمر ودخانه لى شراره
غنى وشكري الليه يا أمونه
ود العز والعزتين الخزنه مدفونه
وقت الشوف يشوف ما بقيف دونه
قول للمرفعين خلولك الرمم شونه
مع تحياتي
كامل سيد احمد
Subject: RE: [Elhakeem:5071] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 18:11:27 +0000
Date: Fri, 7 Aug 2015 18:11:27 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W36A84CADFE753EEE861CFBB3730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 8:34:13 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
ليت كل الناس يا تيسير لهم هذه العقلية لفهم التراث والتاريخ والدين،، لكن مأساتنا أن الحال غير ما يتمني المثقف المستنير، وأن ما انصب في العقول في طفولتها ونمي معها صعب أن يتغيٰر،، لكنني لا اخاف النقد ولا اختلاف الرأي، وأنا سعيد أن انفتح عقلي علي حقائق كانت خافية عليّ، ولا زالت خافية عن الكثيرين، او هم مختفين عنها لا يريدون رؤيتها وهي امام اعينهم
تحياتي
كامل
From: tayseer...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5072] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 20:56:05 +0100
To: elha...@googlegroups.com
تحياتي
كامل
From: tayseer...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5072] اغاني الحماسة
Date: Fri, 7 Aug 2015 20:56:05 +0100
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB406-EAS1131AA766ADE459B844BD67F1730%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 9:07:16 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٠) اغانى الحماسة في السودان:
أغنية الآلاف درجن:
هذه القصيدة والاغنية يقال إنها قيلت في الشيخ الأمين ود مسمار، الفتها رقية أخت الشيخ الأمين عندما انتصر أخوها في واقعة الهلالية والتي كانت بين الهمج والعبدلاب، ويقال أن الشيخ الأمين هوى في هذه الوقعة بسيفه على أبكر ود وحش - احد كبار الفونج والذي أوكل إليه ناصر ابن محمد أبى اللكيلك قيادة الجيش الذي عبر النيل إلى الهلالية- فشطر أبكر ود وحش إلي نصفين، وحام به فرسه بهذه الصورة المروعة وسط جنده، فكان ذلك من أسباب الرعب الذي ملأ قلوب الأعداء ولقد صورت لنا الشاعرة هذه الواقعة حيث قالت ..
من قومة الجهل ما خوفوك بي أخ
تور بقر الجواميس الرقادن لخ
نقروبو أم هبك الدرباخنه تضخ
قرنك بفتح الهامه وبمرق المخ
حاقت بالهمج في هذه الوقعة، وبعد رؤيتهم زعيمهم مشروخاً من الرأس أبشع هزيمة (كتاب مشيخة العبدلاب صفحة: ٣٢٦)
أما نعوم شقير في كتابه جغرافية وتاريخ السودان فيقول[ إن الشيخ رجب ابن الشيخ محمد أبى اللكيلك احد وزراء الفونج أرسل أخاه ناصر إلى الجزيرة ومعه نحو ٧٠٠ فارس لمحاربة الشيخ الأمين الذي كان مقيما بالهلالية ولم يكن مع الشيخ الأمين حين مقابلته لهم إلا ١٥ فارساٍ من أولاده وعبيده، لكنهم كانوا فرسان حرب وشدة، قلما امضوا ايامهم في بيوت القبيلة،، ولقد ذكرت رقية بنت مسمار هذا العدد الصغير الذي هزم العدد الكبير في أغنيتها قائلة ...
غنى وشكري يا اختو يا ريا
تمساح الكوانى الضارب الليه
سمعنالنا خبر من الهلالية
خمستاشر جواد سكن سبعمائه
فقولها معناه إنه بلغهن خبراً من الهلالية، يذكر أن خمسة عشر فارساً هزموا وطاردوا سبعمائة فارس. بعد هذه المعركة تولي ناصر الأمين ود مسمار وولى أخاه بادي بن مسمار مشيخة قرّى بدله وذلك سنة ١١٩٨ هجرية ١٧٨٤ م (جغرافية وتاريخ السودان ص ٤٠٠) ...
وبغض النظر عن من الذي انتصر في هذه المعركة فهذه مهمة المؤرخين، فما يهمنا هنا هو أن الشيخ الأمين ود مسمار قد استبسل في هذه المعركة واستطاع بعدد قليل من الرجال لا يتجاوز ١٥ فارس أن يقاتل جيشا فاق عدده ٧٠٠ فارس، انتصر في المعركة بل أجبر العدو علي الفرار،، فكتبت أخته رقية هذه القصيدة تمدح فيها شجاعته وبسالته.
الآلاف درجن
للشاعرة رقية بنت مسمار
الآلاف درجن ولدا نجيض ماك نيّ
البجرجر فى ام صقير وحديّ
غنى وشكري يا اختو يا ريا
تمساح الكوانى الضارب الليه
سمعنالنا خبراً من الهلالية
خمستاشر جواد سكن سبعمائة
من قومة الجهل ما خوفوك بي آخ
تور بقر الجواميس الرقادن لخ
نقرولو أم هبك الضربخانه أم دخ
قرنك بفتح الهامه وبمرق المخ
أنا قولي ليك صحيح
ياركاب على شلّقْ بنات الريح
ياجدرى النزيله الدم كرف في القيح
ادر صاقعة التلوي المقابله السيح
ما بحركو الكشكيش
والقلب ان رجف ما بنفع الحريش
الجنيات براك في الحلة آفة عيش
ود المقدره البيعزم على المافيش
يوجد خلاف حول بعض الكلمات بين مغنى وآخر حيث غنى هذه الأغنية الفنان خلف الله حمد ومبارك حسن بركات و بادي محمد الطيب.. ولقد أوردت ترتيب الأبيات حسب ما تغنى بها الفنان مبارك حسن بركات .. أما كلمات الأبيات فكما تغنى بها الفنان بادي محمد الطيب .. حيث هنالك بعض الاختلاف حيث يقول مبارك ( غنى وشكري الليلة يا بنية) .. أما خلف الله حمد فلقد استبدل كلمة ما خوفوك ب( ما بخوفوك باخ) وكلمة نقرولوا ب(ضربولو أم هبك ) وبدلا من ما بحركوا ب ( ما بخوفوا الكشكيش )والقلب إن رجف ب( القلب إن طفش) أما مبارك حسن بركات فلقد تغنى ب (القلب إن ثبت ) وهنا لا يستقيم المعنى .. وايضا خلف الله حمد يقول ( ود المك دا راجلا بيعزم) بدلا من ود المقدرة البعزم
شرح الكلمات:
تمساح الكوانى : الكوانى جمع كونيه وهى حفرة في النهر تنزلق فيها القدم ويغرق فيها الانسان،، وفيها يدور الماء،، ونسميها الشيمة، وقد جذبتني احداها فكدت اغرق وانا احاول في المدرسة الوسطي، وكنا نتسابق في عبور الاتبراوي إبان الدميرة،، قالت الجعلية ...
بشير ود الكوانى .... أب كرقا بانى
الضارب الليه : الليه ما التوى من النهر،، وبذلك سميت لية الخروف،، ويعتبرها البعض من المطايب رغم ما فيها من الدهن والكوليسترول،، قال احد الشعراء
صقور الميتره اخوانك دوابى الليه
اللخ : نبات للعلف وتصنع منه أسرة البدو المعروفه بالسديب، 'رباعة لخ' هي العجلة الرباعية
أم هبك : الدلوكه ، هبّك : صوت نقرات الطار والدلوكه قال حاج الماحي:
تاب لي الله ودق الطار هبّك
وقال الآخر: هُبُكاً لُبُك، زرع الهبكهك قام عيشو شبك
وهبك الدلوكه ضرب عليها براحة اليد اليمنى واليد اليسرى وكوعها معا في تناوب .
شلق بنات الريح : الخيول السريعه
الجدري النزيله : الذي ينزل على الناس: ياجدرى النزيله اللي الجلود رشاح
وقالت بت مسيمس ...
ياجدرى النزيله الفرزولك بيت
فهذا جدري نزل علي القوم فأصاب منهم واحداً مما اضطرهم إلي إن يفرزوا له بيتاً لوحده،، خوفاً من انتشار العدوي
كرف .. شمّ ..كرف أيضا بمعنى قرف والقرف عند العرب هو العدوى والوباء
القيح : الجرح أو المادة البيضاء الخاثرة التي لايخالطها الدم، أي المِدة
ادر: الأسد وتعنى القاتل وأيضا التمساح قال الشاعر الشايقي:
وادر كوجه لقب حمد العبدلابى
التلوى : المطر الذي يأتي في أخر الخريف
السيح هو الخلا وأيضا الأودية التي تسيح
أغنية الآلاف درجن:
هذه القصيدة والاغنية يقال إنها قيلت في الشيخ الأمين ود مسمار، الفتها رقية أخت الشيخ الأمين عندما انتصر أخوها في واقعة الهلالية والتي كانت بين الهمج والعبدلاب، ويقال أن الشيخ الأمين هوى في هذه الوقعة بسيفه على أبكر ود وحش - احد كبار الفونج والذي أوكل إليه ناصر ابن محمد أبى اللكيلك قيادة الجيش الذي عبر النيل إلى الهلالية- فشطر أبكر ود وحش إلي نصفين، وحام به فرسه بهذه الصورة المروعة وسط جنده، فكان ذلك من أسباب الرعب الذي ملأ قلوب الأعداء ولقد صورت لنا الشاعرة هذه الواقعة حيث قالت ..
من قومة الجهل ما خوفوك بي أخ
تور بقر الجواميس الرقادن لخ
نقروبو أم هبك الدرباخنه تضخ
قرنك بفتح الهامه وبمرق المخ
حاقت بالهمج في هذه الوقعة، وبعد رؤيتهم زعيمهم مشروخاً من الرأس أبشع هزيمة (كتاب مشيخة العبدلاب صفحة: ٣٢٦)
أما نعوم شقير في كتابه جغرافية وتاريخ السودان فيقول[ إن الشيخ رجب ابن الشيخ محمد أبى اللكيلك احد وزراء الفونج أرسل أخاه ناصر إلى الجزيرة ومعه نحو ٧٠٠ فارس لمحاربة الشيخ الأمين الذي كان مقيما بالهلالية ولم يكن مع الشيخ الأمين حين مقابلته لهم إلا ١٥ فارساٍ من أولاده وعبيده، لكنهم كانوا فرسان حرب وشدة، قلما امضوا ايامهم في بيوت القبيلة،، ولقد ذكرت رقية بنت مسمار هذا العدد الصغير الذي هزم العدد الكبير في أغنيتها قائلة ...
غنى وشكري يا اختو يا ريا
تمساح الكوانى الضارب الليه
سمعنالنا خبر من الهلالية
خمستاشر جواد سكن سبعمائه
فقولها معناه إنه بلغهن خبراً من الهلالية، يذكر أن خمسة عشر فارساً هزموا وطاردوا سبعمائة فارس. بعد هذه المعركة تولي ناصر الأمين ود مسمار وولى أخاه بادي بن مسمار مشيخة قرّى بدله وذلك سنة ١١٩٨ هجرية ١٧٨٤ م (جغرافية وتاريخ السودان ص ٤٠٠) ...
وبغض النظر عن من الذي انتصر في هذه المعركة فهذه مهمة المؤرخين، فما يهمنا هنا هو أن الشيخ الأمين ود مسمار قد استبسل في هذه المعركة واستطاع بعدد قليل من الرجال لا يتجاوز ١٥ فارس أن يقاتل جيشا فاق عدده ٧٠٠ فارس، انتصر في المعركة بل أجبر العدو علي الفرار،، فكتبت أخته رقية هذه القصيدة تمدح فيها شجاعته وبسالته.
الآلاف درجن
للشاعرة رقية بنت مسمار
الآلاف درجن ولدا نجيض ماك نيّ
البجرجر فى ام صقير وحديّ
غنى وشكري يا اختو يا ريا
تمساح الكوانى الضارب الليه
سمعنالنا خبراً من الهلالية
خمستاشر جواد سكن سبعمائة
من قومة الجهل ما خوفوك بي آخ
تور بقر الجواميس الرقادن لخ
نقرولو أم هبك الضربخانه أم دخ
قرنك بفتح الهامه وبمرق المخ
أنا قولي ليك صحيح
ياركاب على شلّقْ بنات الريح
ياجدرى النزيله الدم كرف في القيح
ادر صاقعة التلوي المقابله السيح
ما بحركو الكشكيش
والقلب ان رجف ما بنفع الحريش
الجنيات براك في الحلة آفة عيش
ود المقدره البيعزم على المافيش
يوجد خلاف حول بعض الكلمات بين مغنى وآخر حيث غنى هذه الأغنية الفنان خلف الله حمد ومبارك حسن بركات و بادي محمد الطيب.. ولقد أوردت ترتيب الأبيات حسب ما تغنى بها الفنان مبارك حسن بركات .. أما كلمات الأبيات فكما تغنى بها الفنان بادي محمد الطيب .. حيث هنالك بعض الاختلاف حيث يقول مبارك ( غنى وشكري الليلة يا بنية) .. أما خلف الله حمد فلقد استبدل كلمة ما خوفوك ب( ما بخوفوك باخ) وكلمة نقرولوا ب(ضربولو أم هبك ) وبدلا من ما بحركوا ب ( ما بخوفوا الكشكيش )والقلب إن رجف ب( القلب إن طفش) أما مبارك حسن بركات فلقد تغنى ب (القلب إن ثبت ) وهنا لا يستقيم المعنى .. وايضا خلف الله حمد يقول ( ود المك دا راجلا بيعزم) بدلا من ود المقدرة البعزم
شرح الكلمات:
تمساح الكوانى : الكوانى جمع كونيه وهى حفرة في النهر تنزلق فيها القدم ويغرق فيها الانسان،، وفيها يدور الماء،، ونسميها الشيمة، وقد جذبتني احداها فكدت اغرق وانا احاول في المدرسة الوسطي، وكنا نتسابق في عبور الاتبراوي إبان الدميرة،، قالت الجعلية ...
بشير ود الكوانى .... أب كرقا بانى
الضارب الليه : الليه ما التوى من النهر،، وبذلك سميت لية الخروف،، ويعتبرها البعض من المطايب رغم ما فيها من الدهن والكوليسترول،، قال احد الشعراء
صقور الميتره اخوانك دوابى الليه
اللخ : نبات للعلف وتصنع منه أسرة البدو المعروفه بالسديب، 'رباعة لخ' هي العجلة الرباعية
أم هبك : الدلوكه ، هبّك : صوت نقرات الطار والدلوكه قال حاج الماحي:
تاب لي الله ودق الطار هبّك
وقال الآخر: هُبُكاً لُبُك، زرع الهبكهك قام عيشو شبك
وهبك الدلوكه ضرب عليها براحة اليد اليمنى واليد اليسرى وكوعها معا في تناوب .
شلق بنات الريح : الخيول السريعه
الجدري النزيله : الذي ينزل على الناس: ياجدرى النزيله اللي الجلود رشاح
وقالت بت مسيمس ...
ياجدرى النزيله الفرزولك بيت
فهذا جدري نزل علي القوم فأصاب منهم واحداً مما اضطرهم إلي إن يفرزوا له بيتاً لوحده،، خوفاً من انتشار العدوي
كرف .. شمّ ..كرف أيضا بمعنى قرف والقرف عند العرب هو العدوى والوباء
القيح : الجرح أو المادة البيضاء الخاثرة التي لايخالطها الدم، أي المِدة
ادر: الأسد وتعنى القاتل وأيضا التمساح قال الشاعر الشايقي:
وادر كوجه لقب حمد العبدلابى
التلوى : المطر الذي يأتي في أخر الخريف
السيح هو الخلا وأيضا الأودية التي تسيح
Subject: RE: [Elhakeem:5073] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 00:29:03 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 00:29:03 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W751E253E29014A9DEB052AB3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 7, 2015, 9:25:48 PM8/7/15
to elha...@googlegroups.com
* (١١) اغانى الحماسة في السودان:
خال فاطنة ....
هذه واحدة من أروع وأجمل الأغنيات الحماسية في الادب الشعبي لسودان عصر الفونج، قبل إن يجئ الينا من يعتدون علي النساء ويجلدوهن، وتري الآخرين يرون ما يجري فلا يحرك فيهم ساكن من نخوة ولا رجولة، فلا حول ولا قوة الا بالله. من منا لم يستمع الي 'يسلم لي خال فاطنة' وتخيل أنه المخاطب، فتمني إن كانت لديه ابنة أخت إسمها فاطنة، فسواء كانت له ابن الأخت هذه او لم تكنً فكلنا وقت الحارة خال فاطنة. ما يحيرني أن شعب السودان شاهد الفواطم يُعتدي عليهن، فيُحبسن ويُحقق معهن، وبعضهن يُجلدن ولم يحرك الرجال ساكناً. عجبت وانا أشاهد ذلك الشريط، والبنت المسكينة يجلدها اثنان من عساكر النظام - اخذاهم الله- والرجال يقفون علي مرمي حجر منها، ينظرون ويضحكون علي بكائها ولا تحرك احدهم نخوة، ولا رجولة ليتقدم لانقاذها وهي تستغيث بأُمها 'واي علي يا أُمي'، خسئوا جميعاً وخسئ الرجال إن صاروا جميعاً مثلهم.
لنترك اشباه الرجال، وما هُم برجال، بل هُم اقرب الي ربات الحِجال، ولننظر الي القصيدة، التي ألفتها شاعرة سودانية في بداية الثورة المهدية وعندما كان المهدي في قدير،وكان قد أرسل منشوراته إلى القبائل المختلفة يدعوهم فيها للمهدية .... ثارت هذه القبائل على الحكومة وصارت تُغير وتهاجم كل بلدة توجد فيا حامية للحكومة فتقتل رجال الحامية وسكان البلدة وتنهب ممتلكاتهم. كانت اشهر هذه الغارات الغارة التي سميت خراب ازحف أو (كتلة ازحف) والتي كانت في٢٥ مايو ١٨٨٢ ، وازحف هي بلدة تقع غرب بارا على بعد ١٠ أميال منها، ويسكنها الجوابرة والركابية، وكانوا من الأغنياء أصحاب المال والذهب مما جعلهم عرضة للغارات.
كان بازحف نقطة عسكرية فيها السر سواري محمد أغا شبو محافظا، مع ٢٠٠رجل من الباشبوزق، ومعهم النور عنقره، والشيخ عثمان حامد عمدة البلدة وجابر أغا الطيب ناظر القسم، فأغار عليهم رجل اسمه المكي ود إبراهيم وهو من مشائخ الحمر ومعه جيش كبير من عربانه، فاخترق الجيش المدينة ونهبها واحرقها :[ نعوم شقير: جغرافية وتاريخ السودان]
قتل هولاء الأعراب سبعين شاباً من حملة القرآن الكريم وهم من الجوابرة. كان من فرسان الجوابرة الذين شاركوا في هذه الملحمة محمد ود عوض، والعونى ود عبد الله ونقد الله ود عمر، وقد انسحبت القوة بقيادة النور عنقره إلى بارا حيث احتمت بخندق القيقر ... ولكن وصول النساء إلى خندق القيقر كان مشكلةً حقيقية، خاصة وإنهن كن نساء مترفات، وبطيئات السير مما دعا إلي تدريجهن، أي أن يبقي أحد الفرسان ورائهن ليحمي ظهورهن من إغارة العدو،، (وهو من يسمونه دراج العاطلة، وقد غني الكابلي فقال: تلقاه في أولن، تاني للعقاب دراج)
تصدى لتلك المسئولية الفارس الهمام نقدالله ود عمر بكل شجاعة ورباطة جأش، واستطاع أن يوصل النساء إلى خندق القيقر بسلامه، دون أن يفقدن شيئاً من متاعهن، ودون أن يتعرضن لأذي ممن تبعهن من الغزاة، فقد قاتلهم وصدهم الفارس نقد الله، خال فاطمة بت عمر،، إبنة أخت نقد الله، [ المصدر: الباحث الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود – مجلة السودان اليوم عدد يونيو ٢٠٠٧]
ويقال إن إبهام نقدالله ود عمر التصقت بالسيف من شدة القتال وشدة قبضه علي سيفه فلا يقع منه مع الضرب، ولم يتم تخليص ابهامه إلا باستخدام الزيت الحار ...
كان من بين نساء الجوابرة اللاتي حضرن كَتْلة ازحف، وشهدن بطولة وبسالة فرسانها، شاعرة الجوابرة كلتوم محمد عبدالرازق، والطفلة فاطمة بنت عمر ود احمد وهى ابنة أخت الفارس نقدالله ود عمر كما ذكرت، وكانت وقتها طفلة في طور الرضاعة: (المصدر السابق)
أعجبت الشاعرة كلتوم محمد عبدالرازق بشجاعة الفارس نقدالله، وكان لا بُد لها من أن تُعجٓب، فغنت قصيدتها المشهورة
( خال فاطنة) والتي تقول فيها ...
سام الروح سبله ٠٠٠ أنا أخوى جبل الضرا
سيد أم رطين ما ضله ٠٠٠ فارس الألف نقدالله
يسلم لي خال فاطنة ٠٠٠ بلالى ٠٠٠ البدرج العاطله
أب كريق في اللجج ٠٠٠ سدر حبس الفجج
خال فاطنة
تسلم بلالي... ده البدرج العاطلة
عشميق حبل الوجج ٠٠٠ أنا أخويا مقلامة حِجج
خال فاطنة،،، ده البدرج العاطلة
يا خريف الرتوع ٠٠٠ أب شقه قمر السبوع
خال فاطنة
فوح بيتو بسند الجوع ٠٠٠ يا قشاش الدموع
خال فاطنة الخ...
مما كتبه الباحث في التراث، الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود في جريدة حكايات أن الأستاذ عبدالكريم الكابلى قد تغنى بأغنية خال فاطنة مبتورة،، وقال إن أول من تغنى بالأغنية كان المغني ود النور في عام ١٩١٠، وكان وقتها في بارا فغناها بنفس لحنها وكلماتها الأصلية التي تغنت بها شاعرة الأغنية. ثم غنتها بعده فنانة الدلوكه 'النحل'، ومن بعدها غنتها الفنانه 'نوبه'، ثم غناها ابنها 'بابكر ود نوبه' إلى أن جاءت 'مهلة العبادية' إلى الأبيض لإحياء مناسبة زواج في آسرة احمد على كرار وسمعت الأغنية بصوت النحل، فأُعجبت بها، واخذتها من صاحبتها وكتبتها على ورقة وسافرت بها عائدة إلى امدرمان، وحينما وصلت من سفرها غسلت ملابسها وكان نص الأغنية بداخلها ففقدت بفعل الغسيل الجزء الأعلى من القصيدة ولم يتبقى إلا جزئية 'يسلم لي خال فاطنة وما بعدها' فتغنت بها. من هنا، وبعد أن ضاع النص الاصلى بفعل الغسيل، من ثم غناها عبدالكريم الكابلى بنصها المبتور،،، لكنه أفضل من غناها، وبه اشتهرت، كما اشتهرت اغانٍ أخري كثيرة من اغنيات التراث، ما كان للناس أن يعرفونها لولا الجهد المقدر العظيم الذي بذله، ولا يزال يبذله الاستاذ الكابلي، أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، فهو آخر إهرامات الفن الغنائي التي بقيت لنا.
يقول الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود انه التقى بالنحل قبل وفاتها وأخبرته بهذه الواقعة .
من الفرسان الذين شاركوا فى 'كتلة ازحف' محمد ود عوض، ولقد استبسل مع بقية فرسان الجوابرة في ذلك اليوم وله سيف مشهور شارك به في هذه الموقعة وهو موجود بالأبيض بمنزل حفيده حسن محمد مهدي ومكتوب على السيف "من جرب المجرب حاطت بيهو الندامه ... قربه هلاك وبعده سلامة". ومما يذكر أيضاً، إن النور عنقره تزوج أمنه بنت عوض ( حاجه امنو ) شقيقة الفارس محمد ود عوض وكانت امرأة صالحة، عالمة بدينها، تفتى في المذاهب الأربعة ... ذلك رغم ما قيل عن النور عنقرة من ادمانه للشراب مما دفع الخليفة عبد الله الي معاتبته، لكن تلك قصة أخري، طويلة، علني أجد الوقت لروايتها،،
ويقال إن محمد ود عوض كان يحارب على جمله، وفى يده بندقية فاحترقت يداه من كثرة ضرب النار، وكان معه احد مرافقيه فقال للمرافق إذا رأيت إحدى طلقاتي لم تصب هدفها أطلق أنت علّى النار من بندقيتك ... ولقد كان يسمى محمد ود عوض 'عفريت الرجال' لشجاعته، وكان كل من يقابله من أعداءه يتجنبه .
أري إن إتوقف هنا، فقد اصابني النعاس، 'وحاجات تانية حامياني' ونواصل في حلقة اخري مع الصباح، فغداً السبت، نواصل فيه مع اغنية او قصائد واشعار، واغنيات اخري
خال فاطنة ....
هذه واحدة من أروع وأجمل الأغنيات الحماسية في الادب الشعبي لسودان عصر الفونج، قبل إن يجئ الينا من يعتدون علي النساء ويجلدوهن، وتري الآخرين يرون ما يجري فلا يحرك فيهم ساكن من نخوة ولا رجولة، فلا حول ولا قوة الا بالله. من منا لم يستمع الي 'يسلم لي خال فاطنة' وتخيل أنه المخاطب، فتمني إن كانت لديه ابنة أخت إسمها فاطنة، فسواء كانت له ابن الأخت هذه او لم تكنً فكلنا وقت الحارة خال فاطنة. ما يحيرني أن شعب السودان شاهد الفواطم يُعتدي عليهن، فيُحبسن ويُحقق معهن، وبعضهن يُجلدن ولم يحرك الرجال ساكناً. عجبت وانا أشاهد ذلك الشريط، والبنت المسكينة يجلدها اثنان من عساكر النظام - اخذاهم الله- والرجال يقفون علي مرمي حجر منها، ينظرون ويضحكون علي بكائها ولا تحرك احدهم نخوة، ولا رجولة ليتقدم لانقاذها وهي تستغيث بأُمها 'واي علي يا أُمي'، خسئوا جميعاً وخسئ الرجال إن صاروا جميعاً مثلهم.
لنترك اشباه الرجال، وما هُم برجال، بل هُم اقرب الي ربات الحِجال، ولننظر الي القصيدة، التي ألفتها شاعرة سودانية في بداية الثورة المهدية وعندما كان المهدي في قدير،وكان قد أرسل منشوراته إلى القبائل المختلفة يدعوهم فيها للمهدية .... ثارت هذه القبائل على الحكومة وصارت تُغير وتهاجم كل بلدة توجد فيا حامية للحكومة فتقتل رجال الحامية وسكان البلدة وتنهب ممتلكاتهم. كانت اشهر هذه الغارات الغارة التي سميت خراب ازحف أو (كتلة ازحف) والتي كانت في٢٥ مايو ١٨٨٢ ، وازحف هي بلدة تقع غرب بارا على بعد ١٠ أميال منها، ويسكنها الجوابرة والركابية، وكانوا من الأغنياء أصحاب المال والذهب مما جعلهم عرضة للغارات.
كان بازحف نقطة عسكرية فيها السر سواري محمد أغا شبو محافظا، مع ٢٠٠رجل من الباشبوزق، ومعهم النور عنقره، والشيخ عثمان حامد عمدة البلدة وجابر أغا الطيب ناظر القسم، فأغار عليهم رجل اسمه المكي ود إبراهيم وهو من مشائخ الحمر ومعه جيش كبير من عربانه، فاخترق الجيش المدينة ونهبها واحرقها :[ نعوم شقير: جغرافية وتاريخ السودان]
قتل هولاء الأعراب سبعين شاباً من حملة القرآن الكريم وهم من الجوابرة. كان من فرسان الجوابرة الذين شاركوا في هذه الملحمة محمد ود عوض، والعونى ود عبد الله ونقد الله ود عمر، وقد انسحبت القوة بقيادة النور عنقره إلى بارا حيث احتمت بخندق القيقر ... ولكن وصول النساء إلى خندق القيقر كان مشكلةً حقيقية، خاصة وإنهن كن نساء مترفات، وبطيئات السير مما دعا إلي تدريجهن، أي أن يبقي أحد الفرسان ورائهن ليحمي ظهورهن من إغارة العدو،، (وهو من يسمونه دراج العاطلة، وقد غني الكابلي فقال: تلقاه في أولن، تاني للعقاب دراج)
تصدى لتلك المسئولية الفارس الهمام نقدالله ود عمر بكل شجاعة ورباطة جأش، واستطاع أن يوصل النساء إلى خندق القيقر بسلامه، دون أن يفقدن شيئاً من متاعهن، ودون أن يتعرضن لأذي ممن تبعهن من الغزاة، فقد قاتلهم وصدهم الفارس نقد الله، خال فاطمة بت عمر،، إبنة أخت نقد الله، [ المصدر: الباحث الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود – مجلة السودان اليوم عدد يونيو ٢٠٠٧]
ويقال إن إبهام نقدالله ود عمر التصقت بالسيف من شدة القتال وشدة قبضه علي سيفه فلا يقع منه مع الضرب، ولم يتم تخليص ابهامه إلا باستخدام الزيت الحار ...
كان من بين نساء الجوابرة اللاتي حضرن كَتْلة ازحف، وشهدن بطولة وبسالة فرسانها، شاعرة الجوابرة كلتوم محمد عبدالرازق، والطفلة فاطمة بنت عمر ود احمد وهى ابنة أخت الفارس نقدالله ود عمر كما ذكرت، وكانت وقتها طفلة في طور الرضاعة: (المصدر السابق)
أعجبت الشاعرة كلتوم محمد عبدالرازق بشجاعة الفارس نقدالله، وكان لا بُد لها من أن تُعجٓب، فغنت قصيدتها المشهورة
( خال فاطنة) والتي تقول فيها ...
سام الروح سبله ٠٠٠ أنا أخوى جبل الضرا
سيد أم رطين ما ضله ٠٠٠ فارس الألف نقدالله
يسلم لي خال فاطنة ٠٠٠ بلالى ٠٠٠ البدرج العاطله
أب كريق في اللجج ٠٠٠ سدر حبس الفجج
خال فاطنة
تسلم بلالي... ده البدرج العاطلة
عشميق حبل الوجج ٠٠٠ أنا أخويا مقلامة حِجج
خال فاطنة،،، ده البدرج العاطلة
يا خريف الرتوع ٠٠٠ أب شقه قمر السبوع
خال فاطنة
فوح بيتو بسند الجوع ٠٠٠ يا قشاش الدموع
خال فاطنة الخ...
مما كتبه الباحث في التراث، الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود في جريدة حكايات أن الأستاذ عبدالكريم الكابلى قد تغنى بأغنية خال فاطنة مبتورة،، وقال إن أول من تغنى بالأغنية كان المغني ود النور في عام ١٩١٠، وكان وقتها في بارا فغناها بنفس لحنها وكلماتها الأصلية التي تغنت بها شاعرة الأغنية. ثم غنتها بعده فنانة الدلوكه 'النحل'، ومن بعدها غنتها الفنانه 'نوبه'، ثم غناها ابنها 'بابكر ود نوبه' إلى أن جاءت 'مهلة العبادية' إلى الأبيض لإحياء مناسبة زواج في آسرة احمد على كرار وسمعت الأغنية بصوت النحل، فأُعجبت بها، واخذتها من صاحبتها وكتبتها على ورقة وسافرت بها عائدة إلى امدرمان، وحينما وصلت من سفرها غسلت ملابسها وكان نص الأغنية بداخلها ففقدت بفعل الغسيل الجزء الأعلى من القصيدة ولم يتبقى إلا جزئية 'يسلم لي خال فاطنة وما بعدها' فتغنت بها. من هنا، وبعد أن ضاع النص الاصلى بفعل الغسيل، من ثم غناها عبدالكريم الكابلى بنصها المبتور،،، لكنه أفضل من غناها، وبه اشتهرت، كما اشتهرت اغانٍ أخري كثيرة من اغنيات التراث، ما كان للناس أن يعرفونها لولا الجهد المقدر العظيم الذي بذله، ولا يزال يبذله الاستاذ الكابلي، أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، فهو آخر إهرامات الفن الغنائي التي بقيت لنا.
يقول الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود انه التقى بالنحل قبل وفاتها وأخبرته بهذه الواقعة .
من الفرسان الذين شاركوا فى 'كتلة ازحف' محمد ود عوض، ولقد استبسل مع بقية فرسان الجوابرة في ذلك اليوم وله سيف مشهور شارك به في هذه الموقعة وهو موجود بالأبيض بمنزل حفيده حسن محمد مهدي ومكتوب على السيف "من جرب المجرب حاطت بيهو الندامه ... قربه هلاك وبعده سلامة". ومما يذكر أيضاً، إن النور عنقره تزوج أمنه بنت عوض ( حاجه امنو ) شقيقة الفارس محمد ود عوض وكانت امرأة صالحة، عالمة بدينها، تفتى في المذاهب الأربعة ... ذلك رغم ما قيل عن النور عنقرة من ادمانه للشراب مما دفع الخليفة عبد الله الي معاتبته، لكن تلك قصة أخري، طويلة، علني أجد الوقت لروايتها،،
ويقال إن محمد ود عوض كان يحارب على جمله، وفى يده بندقية فاحترقت يداه من كثرة ضرب النار، وكان معه احد مرافقيه فقال للمرافق إذا رأيت إحدى طلقاتي لم تصب هدفها أطلق أنت علّى النار من بندقيتك ... ولقد كان يسمى محمد ود عوض 'عفريت الرجال' لشجاعته، وكان كل من يقابله من أعداءه يتجنبه .
أري إن إتوقف هنا، فقد اصابني النعاس، 'وحاجات تانية حامياني' ونواصل في حلقة اخري مع الصباح، فغداً السبت، نواصل فيه مع اغنية او قصائد واشعار، واغنيات اخري
Subject: RE: [Elhakeem:5075] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 01:07:14 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 01:07:14 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W52C9975E7F837C6B6B3847B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 12:55:08 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٢) اغانى الحماسة في السودان:
مشيتم حفايا
مع الجاغريو
شاعر هذه الأغنية هو احمد محمد الشيخ الجاغريو، واحدة من قصائده الكثيرة التي صارت أغنيات،، قالها في محمد عبدالقادر، عمدة العيلفون وكان حينها ناظراً للخط وعُمدة للمنطقة. وقع خلاف بين العمد وبعض سكان المنطقة من المغاربة في مشرع في منطقة العيلفون .. ووصلت القضية إلى المحكمة وكسبها العمدة محمد عبدالقادر فانشد الجاغريو هذه الأغنية ذاكرا محاسن العمدة من كرم وشجاعة وبسالة:
تغنى بالأغنية الفنان خلف الله حمد وكذلك ثنائي الدبيبه:
مشيتم حفايا
مشيتم حفايا وأديتم القارض
ورَتَّعتَ المعاك فوق ضُلَك البارد
أب كريق حجر الوارد
الليله أب كريق يبرا بالموجات
فوق ضهرو الخبوب ضنبو أب تسع طيات
كم دقيت مسامير التدر لويات
بغروا من الترب أفضل وخيراً مات
عِجل الهوسكي الماك ولادة صيف
أرفِق بالضعاف وديك شبعهم كيف
من قومة الجهل بعرف قدلة السيف
دفاع للطرز البمشن الحنيف
النبوت عوى للبحمل الرسه
طارى حديث بنات جبهتن ملسا
بختف بسٌرع أسرع من الرمشه
الطاردك زلق ما بلحس الخمسه
شيخ الخط محمد البردخ النقال
سمعوا جروا فزو بالحلال
بقيل أم عشوش زردوهم الحمّار
قاموا مفجرين مبيتم السمار
مشيتم حفايا
شرح بعض كلمات الأغنية ....
القارض : الدواب والهوام
أب كريق : التمساح قالت كلتوم احمد عبدالرازق ...
مشيتم حفايا
مع الجاغريو
شاعر هذه الأغنية هو احمد محمد الشيخ الجاغريو، واحدة من قصائده الكثيرة التي صارت أغنيات،، قالها في محمد عبدالقادر، عمدة العيلفون وكان حينها ناظراً للخط وعُمدة للمنطقة. وقع خلاف بين العمد وبعض سكان المنطقة من المغاربة في مشرع في منطقة العيلفون .. ووصلت القضية إلى المحكمة وكسبها العمدة محمد عبدالقادر فانشد الجاغريو هذه الأغنية ذاكرا محاسن العمدة من كرم وشجاعة وبسالة:
تغنى بالأغنية الفنان خلف الله حمد وكذلك ثنائي الدبيبه:
مشيتم حفايا
مشيتم حفايا وأديتم القارض
ورَتَّعتَ المعاك فوق ضُلَك البارد
أب كريق حجر الوارد
الليله أب كريق يبرا بالموجات
فوق ضهرو الخبوب ضنبو أب تسع طيات
كم دقيت مسامير التدر لويات
بغروا من الترب أفضل وخيراً مات
عِجل الهوسكي الماك ولادة صيف
أرفِق بالضعاف وديك شبعهم كيف
من قومة الجهل بعرف قدلة السيف
دفاع للطرز البمشن الحنيف
النبوت عوى للبحمل الرسه
طارى حديث بنات جبهتن ملسا
بختف بسٌرع أسرع من الرمشه
الطاردك زلق ما بلحس الخمسه
شيخ الخط محمد البردخ النقال
سمعوا جروا فزو بالحلال
بقيل أم عشوش زردوهم الحمّار
قاموا مفجرين مبيتم السمار
مشيتم حفايا
شرح بعض كلمات الأغنية ....
القارض : الدواب والهوام
أب كريق : التمساح قالت كلتوم احمد عبدالرازق ...
أب كريق في اللجج ٠٠٠ سدر حبس الفجج
حجر الوارد : حجر بمعني منع، الوارد: ورود الماء
الخبوب : الوسخ والقاذورات والطحالب ودائما ما تكون على ظهر التمساح ، قالت العبدلابية: اللدر العلى ضهرو الخبوب والطين
مسامير التدر : مسامير المراكب
عجل الهوسكى : عجل الوحش قال البطحانى:
عجل الهوسكى المرعاه وادى سليمه
الماك ولادة صيف : اى إن العجل ولد في الخريف حيث أن العجل الذي يولد في الصيف يكون ضعيفا هزيلا،، بينما الذي يولد في الخريف يسمن لأن أمه ترتع في الحشيش الوفير، فيجد اللبن وافراً .
النبوت : العصا الغليظه، أو اللبوت
الخبوب : الوسخ والقاذورات والطحالب ودائما ما تكون على ظهر التمساح ، قالت العبدلابية: اللدر العلى ضهرو الخبوب والطين
مسامير التدر : مسامير المراكب
عجل الهوسكى : عجل الوحش قال البطحانى:
عجل الهوسكى المرعاه وادى سليمه
الماك ولادة صيف : اى إن العجل ولد في الخريف حيث أن العجل الذي يولد في الصيف يكون ضعيفا هزيلا،، بينما الذي يولد في الخريف يسمن لأن أمه ترتع في الحشيش الوفير، فيجد اللبن وافراً .
النبوت : العصا الغليظه، أو اللبوت
مع تحياتي
كامل سيد احمد،، لنكلن،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5076] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 01:25:43 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 01:25:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W12BE6C5723DC959C4CBA88B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 1:03:24 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٣) اغانى الحماسة في السودان:
سمحة الهيبة فوق مختار
شاعرة الأغنية مجهولة ولكن الممدوح هو مختار ود رحمة ناظر العبيدية. والعبيدية قرية لها ذكريات لدي، ولعل اهلها يعدونها مدينة، وهي تقع في طريق القطار الذي ينطلق شمالاً من عطبرة ماراً بها وببربر. يصل الخط الي أبي حمد برصيفها الحجري الجميل، ولقيماتها الضخمة وشاي اللبن التقيل، وهناك يفترق الخط فيتوجه الاكسبريس الي حلفا قاطعاً الصحراء، ويتجه المشترك الي كريمة.
كان مختار ود رحمة رجلا كريما، شهماً وشجاعا. ذكر الفنان قيقم في حلقة إذاعية في بداية التسعينات أن مختار ود رحمة فتح باب منزله عند قيامه لصلاة الصبح فوجد رجلاً نائماً أمام المنزل، عرف منه انه جاء بالقطار ولم يجد مكانا ينام فيه فقصد منزل مختار ود رحمة، دون سابق معرفه لكن دله الناس وأخبروه أنه معروف بالكرم والجود، فجاء ووجد الباب مغلقاً فنام خارج المنزل على الأرض، ومن ذلك اليوم أمر مختار ود رحمة بإزالة أبواب منزله عدا باب الحريم .
وقصة الأغنية لها روايات عديدة ولكن أشهرها إن مختار ودرحمة كان مسافراً بالقطار وجواره كانت تجلس امرأة، فاتهمته المرأة بسرقة مبلغ عشرة جنيهات منها، وكان وقتها مبلغا كبيرا ، لم يناقشها مختار وإنما اخرج مبلغ عشرة جنيهات من جزلانه وأعطاه لها .. وكانت هنالك امرأة أخرى شاهدت اللص الذي سرق المال فأشارت إليه وفعلاً عند حضور الشرطة اعترف بذنبه ووجدت عنده العشرة جنيهات فاعيدت للمرأة، وهنا اعتذرت المرأة لود رحمة وحاولت إعادة المال ولكنه رفض اخذ العشرة جنيهات منها فألفت هذه القصيدة والتي كان يتغنى بها في عطبرة الفنان محمد الحسن قيقم .
سمحه الهيبة فوق مختار
عرش دود مراقد السار
لي المو فشار
خايلة الملكه فوق مختار
سيد الأبيض النهار
سيد المهره والقرقار
ايدك ما بتخون الجار
ايدك ترجم الحفار
لي المو فشار
عرش زى أبوك يا دود
احسب لي تمانيه جدود
ات فوق الرجال بالعود
ضربك جُله مو بارود
قالت امو جيت لىَّ
لي ناظر العبيديه
جدك يغفر السية
وخالف للرجال كيه
ما بيدى ويقول أديت
ما اتفشر وقال سويت
القنديل سراج البيت
حمد لله سلامتك جيت
العنتيل جاء يتقنت
من شوفتو الرجال صنت
عرش فوقن أتعنت
ما بتخيب رجاء الظنت
ميرف ود ملوك بربر
خت الكرسي واتحكر
قال للمستر أتذكر
مك في دارنا ما بتظهر
يا الماسك الدريب طلش
ديل ناس رحمه لا تنغش
ضربك جله مو بالرش
شن جاب الحديد للقش
وانا ليهم بجرو كلام
سمحة الهيبة فوق مختار
شاعرة الأغنية مجهولة ولكن الممدوح هو مختار ود رحمة ناظر العبيدية. والعبيدية قرية لها ذكريات لدي، ولعل اهلها يعدونها مدينة، وهي تقع في طريق القطار الذي ينطلق شمالاً من عطبرة ماراً بها وببربر. يصل الخط الي أبي حمد برصيفها الحجري الجميل، ولقيماتها الضخمة وشاي اللبن التقيل، وهناك يفترق الخط فيتوجه الاكسبريس الي حلفا قاطعاً الصحراء، ويتجه المشترك الي كريمة.
كان مختار ود رحمة رجلا كريما، شهماً وشجاعا. ذكر الفنان قيقم في حلقة إذاعية في بداية التسعينات أن مختار ود رحمة فتح باب منزله عند قيامه لصلاة الصبح فوجد رجلاً نائماً أمام المنزل، عرف منه انه جاء بالقطار ولم يجد مكانا ينام فيه فقصد منزل مختار ود رحمة، دون سابق معرفه لكن دله الناس وأخبروه أنه معروف بالكرم والجود، فجاء ووجد الباب مغلقاً فنام خارج المنزل على الأرض، ومن ذلك اليوم أمر مختار ود رحمة بإزالة أبواب منزله عدا باب الحريم .
وقصة الأغنية لها روايات عديدة ولكن أشهرها إن مختار ودرحمة كان مسافراً بالقطار وجواره كانت تجلس امرأة، فاتهمته المرأة بسرقة مبلغ عشرة جنيهات منها، وكان وقتها مبلغا كبيرا ، لم يناقشها مختار وإنما اخرج مبلغ عشرة جنيهات من جزلانه وأعطاه لها .. وكانت هنالك امرأة أخرى شاهدت اللص الذي سرق المال فأشارت إليه وفعلاً عند حضور الشرطة اعترف بذنبه ووجدت عنده العشرة جنيهات فاعيدت للمرأة، وهنا اعتذرت المرأة لود رحمة وحاولت إعادة المال ولكنه رفض اخذ العشرة جنيهات منها فألفت هذه القصيدة والتي كان يتغنى بها في عطبرة الفنان محمد الحسن قيقم .
سمحه الهيبة فوق مختار
عرش دود مراقد السار
لي المو فشار
خايلة الملكه فوق مختار
سيد الأبيض النهار
سيد المهره والقرقار
ايدك ما بتخون الجار
ايدك ترجم الحفار
لي المو فشار
عرش زى أبوك يا دود
احسب لي تمانيه جدود
ات فوق الرجال بالعود
ضربك جُله مو بارود
قالت امو جيت لىَّ
لي ناظر العبيديه
جدك يغفر السية
وخالف للرجال كيه
ما بيدى ويقول أديت
ما اتفشر وقال سويت
القنديل سراج البيت
حمد لله سلامتك جيت
العنتيل جاء يتقنت
من شوفتو الرجال صنت
عرش فوقن أتعنت
ما بتخيب رجاء الظنت
ميرف ود ملوك بربر
خت الكرسي واتحكر
قال للمستر أتذكر
مك في دارنا ما بتظهر
يا الماسك الدريب طلش
ديل ناس رحمه لا تنغش
ضربك جله مو بالرش
شن جاب الحديد للقش
وانا ليهم بجرو كلام
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5081] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 16:55:04 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 16:55:04 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W84D30C8D9DCDFA19DF4330B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 3:05:10 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٣) اغانى الحماسة في السودان:
سمحة الهيبة فوق مختار
سمحة الهيبة فوق مختار
عَرِّشْ دود مَراقدْ السار
سمحة الهيبة فوق مُختار
شاعرة هذه الأغنية مجهولة، لكن الممدوح معرمف، وهو مختار ود رحمة ناظر العبيدية. والعبيدية قرية لها ذكريات معها إذ كان القطار الذي يقلنا من عطبرة الي حلفا في مواسم العطلات المدرسية، ونحن علي متن صالون رقم ٥١٢، لجدي بابا صالح، يمُر بها ، ولعل اهلها يعدونها مدينة، وهي تقع في طريق القطار الذي ينطلق شمالاً من عطبرة ماراً بها وببربر. يصل الخط الي أبي حمد برصيفها الحجري الجميل، ولقيماتها الضخمة وشاي اللبن التقيل، والطعمية بالشطة والسريني، وبعدها يفترق الخط فيتوجه الاكسبريس الي حلفا قاطعاً الصحراء الكبري، ويتجه المشترك الي كريمة قاطعاً صحراء بيوضة.
سمحة الهيبة فوق مُختار
شاعرة هذه الأغنية مجهولة، لكن الممدوح معرمف، وهو مختار ود رحمة ناظر العبيدية. والعبيدية قرية لها ذكريات معها إذ كان القطار الذي يقلنا من عطبرة الي حلفا في مواسم العطلات المدرسية، ونحن علي متن صالون رقم ٥١٢، لجدي بابا صالح، يمُر بها ، ولعل اهلها يعدونها مدينة، وهي تقع في طريق القطار الذي ينطلق شمالاً من عطبرة ماراً بها وببربر. يصل الخط الي أبي حمد برصيفها الحجري الجميل، ولقيماتها الضخمة وشاي اللبن التقيل، والطعمية بالشطة والسريني، وبعدها يفترق الخط فيتوجه الاكسبريس الي حلفا قاطعاً الصحراء الكبري، ويتجه المشترك الي كريمة قاطعاً صحراء بيوضة.
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
كامل سيد احمد،،، لنكلن،،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5081] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 16:55:04 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 16:55:04 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W84D30C8D9DCDFA19DF4330B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 3:45:16 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
١٤) اغانى الحماسة في السودان:
أنا ليهم بجُر كلام:
من الاغانى الحماسية والتي اشتهرت وذاع صيتها أغنية 'ما حرسو الجري'، وأغنية 'أنا ليهم بجر كلام'، وشاعرة الأغنيتين هي 'زينب بنت عبدالرحمن' من منطقة أم مغد، ولقد قالت القصيدتين في إخوانها. ذكر الأستاذ حسن الشيخ، أحد ثنائي الدبيبه، إن إخوان زينب كان عددهم سبعة، وكانت هي الفتاة الوحيدة بينهم، ذكرت الشاعرة أسماء بعض اخوانها في أغانيها، فذكرت الطيب، وموسى، والبخيت وعبدالدائم.
اقتصرت زينب أغنية 'ما حرسو الجري' على أخيها 'البخيت'، لكنها أشارت إلى إخوانه وإخوانها في القصيدة قائلة .. فهي في هذا تشبه الخنساء، تماضر ابنة الشريد، فقد رثت الخنساء اخويها، ورثت ابوها وزوجيها، لكن أجمل شعرها في الرثاء هو ما قالته في أخيها صخر، ومنه (آسف علي التخريمة، لكن عذري إن هناك شعراء بعينهم لا تسمح نفسي بذكر اسمائهم دون الاستشهاد ببعضٍ من شعرهم، من هؤلاء الخنساء، قالت في صخر،ووقد قمت بتشكيل الكلمات حتي لا يضيع المعني، كما ضاع قرآن كثير بسبب عدم التشكيل، لكن ذلك أمر آخر قد يجر الي امور وامور،، فقالت في أخيها طباع يتشرف بها كل رجل، ويتمني إن كن فيه، اللهم الا هؤلاء الذي لا نعرف من أين صبهم الله علينا:
وَإِنَّ صَخراً لَمولانا وَسَيِّدُنا ٠٠٠ وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا ٠٠٠ وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ ٠٠٠ كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ
(والعلم الذي في رأسه نار، هو الجبل الذي يراه المسافرون من بعد، كان كرماء العرب يوقدون عليه النار فيستدل المسافرون علي اماكنهم ويجيئونهم للقري والمبيت.
جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ ٠٠٠ وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ
حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ ٠٠٠ شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ ٠٠٠ فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ
فَقُلتُ لَمّا رَأَيتُ الدَهرَ لَيسَ لَهُ ٠٠٠ مُعاتِبٌ وَحدَهُ يُسدي وَنَيّارُ
لَقَد نَعى اِبنُ نَهيكٍ لي أَخا ثِقَةٍ ٠٠٠ كانَت تُرَجَّمُ عَنهُ قَبلُ أَخبارُ
فَبِتُّ ساهِرَةً لِلنَجمِ أَرقُبُهُ ٠٠٠ حَتّى أَتى دونَ غَورِ النَجمِ أَستارُ
لَم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بِساحَتِها ٠٠٠ لِريبَةٍ حينَ يُخلي بَيتَهُ الجارُ
يا لله، هل تركت الخنساء قولاً لشاعر؟ لا اظن، رحمها الله
نعود الي موضوعنا، وما قالته زينب في أخيها البخيت:
ماحضروا معاك أخوانك السلاط
قمزوا الخت علي خيلاً بجن غايرات
بدخل فوق بكانن حرابو منشبكات
جاء مرهون علي جفونو الدمي سايلات
وماحضروا معاك أخوانك الديدان
قمزوا الخد علي خيلاً بجن رِيقان
وكت الشوف أشوف صدرك يزم دلهان
سوالَُن جهاد حمزة وعلي وعثمان
اما أخوها الطيب، فقد قالت فيه في أغنية:
انا ليهم بجر كلام:
سم الدرق البصقع
جدري القيعه البفقع
والله صوتك مانع بردع
الطيب في شطارتو مبدع
اما موسى فلقد كان نصيبه من القصيدة:
سم الدرق الجدادى
تكل الجدري البعادى
للخصيم ضربو بياذى
موسى المر الحجازي
وقالت في عبدالدائم .....
وعبدالدائم شقا سيرو
من ولدوهو الشكره هيلو
الخصيم ما بكيلوا
صوتوا بهجل قبيلو
عبدالدائم معاه اخوانو
طافو البلاء في مكانو
خصماه قنعوا قامو
الصف الواقف قدامو
هو مستعد للطامو
لنستمع، أو نقرأ الي الاغنية كاملة، وليت السر احمد قدور يخصص لنا حلقات في رمضان القادم تكون عن الاغاني الحماسية،،
أنا ليهم بجر كلام:
أنا ليهم بجر كلام ٠٠٠ دخلوها وصقيرها حام
سم أب درق البصقع ٠٠٠ جدري القيعه البفقع
والله صوتك مانع بردع ٠٠٠ الطيب في شطارتو مبدع
سم أب درق الجدادى ٠٠٠ تكل الجدري البعادى
للخصيم ضربو بياذى ٠٠٠ موسى المر الحجازي
قرقر ملى للوسادة ٠٠٠ برنو وشال لي مكاده
ديل جنيات الندادة ٠٠٠ سيدي الدار في السياده
قرقر فوق للدرب ٠٠٠ وربط الهوى والشرق
كدي مابزولنا الضرب ٠٠٠ ديل جنياتنا ما بتنغلب
والله عامر سوقك مبدر ٠٠٠ مجرجر توبك مسبل
الطيب للشر مبدر ٠٠٠ مو التكل المجدر
أنا نميت جبتا قلبو ٠٠٠ فشلو القالوا قصو دربو
ديل رازوهو وشافوا ضربوا ٠٠٠ دق السنداله قلبو
وعبدالدائم شقا سيرو ٠٠٠ من ولدوهو الشكره هيلو
الخصيم ما بكيلوا ٠٠٠ صوتوا بهجل قبيلو
عبدالدائم معاه اخوانو ٠٠٠ طافو البلاء في مكانو
خصماه قنعوا قامو ٠٠٠ الصف الواقف قدامو ٠٠٠ هو مستعد للطامو
أنا نميت جبت غناكم ٠٠٠ يا الزينين هوى براكم
البدوركم تراكم ٠٠٠ حلق الطير لي غداكم
الصف العامر رجاكم
اتباشروا لي بلاكم ٠٠٠ واركزو زينب وراكم
جروا لي مره صوتكم ٠٠٠ ويروني الليله صوتكم ٠٠٠ اتباشرو الله فوقكم
أنا ليهم بجُر كلام:
من الاغانى الحماسية والتي اشتهرت وذاع صيتها أغنية 'ما حرسو الجري'، وأغنية 'أنا ليهم بجر كلام'، وشاعرة الأغنيتين هي 'زينب بنت عبدالرحمن' من منطقة أم مغد، ولقد قالت القصيدتين في إخوانها. ذكر الأستاذ حسن الشيخ، أحد ثنائي الدبيبه، إن إخوان زينب كان عددهم سبعة، وكانت هي الفتاة الوحيدة بينهم، ذكرت الشاعرة أسماء بعض اخوانها في أغانيها، فذكرت الطيب، وموسى، والبخيت وعبدالدائم.
اقتصرت زينب أغنية 'ما حرسو الجري' على أخيها 'البخيت'، لكنها أشارت إلى إخوانه وإخوانها في القصيدة قائلة .. فهي في هذا تشبه الخنساء، تماضر ابنة الشريد، فقد رثت الخنساء اخويها، ورثت ابوها وزوجيها، لكن أجمل شعرها في الرثاء هو ما قالته في أخيها صخر، ومنه (آسف علي التخريمة، لكن عذري إن هناك شعراء بعينهم لا تسمح نفسي بذكر اسمائهم دون الاستشهاد ببعضٍ من شعرهم، من هؤلاء الخنساء، قالت في صخر،ووقد قمت بتشكيل الكلمات حتي لا يضيع المعني، كما ضاع قرآن كثير بسبب عدم التشكيل، لكن ذلك أمر آخر قد يجر الي امور وامور،، فقالت في أخيها طباع يتشرف بها كل رجل، ويتمني إن كن فيه، اللهم الا هؤلاء الذي لا نعرف من أين صبهم الله علينا:
وَإِنَّ صَخراً لَمولانا وَسَيِّدُنا ٠٠٠ وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا ٠٠٠ وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ ٠٠٠ كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ
(والعلم الذي في رأسه نار، هو الجبل الذي يراه المسافرون من بعد، كان كرماء العرب يوقدون عليه النار فيستدل المسافرون علي اماكنهم ويجيئونهم للقري والمبيت.
جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ ٠٠٠ وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ
حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ ٠٠٠ شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ ٠٠٠ فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ
فَقُلتُ لَمّا رَأَيتُ الدَهرَ لَيسَ لَهُ ٠٠٠ مُعاتِبٌ وَحدَهُ يُسدي وَنَيّارُ
لَقَد نَعى اِبنُ نَهيكٍ لي أَخا ثِقَةٍ ٠٠٠ كانَت تُرَجَّمُ عَنهُ قَبلُ أَخبارُ
فَبِتُّ ساهِرَةً لِلنَجمِ أَرقُبُهُ ٠٠٠ حَتّى أَتى دونَ غَورِ النَجمِ أَستارُ
لَم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بِساحَتِها ٠٠٠ لِريبَةٍ حينَ يُخلي بَيتَهُ الجارُ
يا لله، هل تركت الخنساء قولاً لشاعر؟ لا اظن، رحمها الله
نعود الي موضوعنا، وما قالته زينب في أخيها البخيت:
ماحضروا معاك أخوانك السلاط
قمزوا الخت علي خيلاً بجن غايرات
بدخل فوق بكانن حرابو منشبكات
جاء مرهون علي جفونو الدمي سايلات
وماحضروا معاك أخوانك الديدان
قمزوا الخد علي خيلاً بجن رِيقان
وكت الشوف أشوف صدرك يزم دلهان
سوالَُن جهاد حمزة وعلي وعثمان
اما أخوها الطيب، فقد قالت فيه في أغنية:
انا ليهم بجر كلام:
سم الدرق البصقع
جدري القيعه البفقع
والله صوتك مانع بردع
الطيب في شطارتو مبدع
اما موسى فلقد كان نصيبه من القصيدة:
سم الدرق الجدادى
تكل الجدري البعادى
للخصيم ضربو بياذى
موسى المر الحجازي
وقالت في عبدالدائم .....
وعبدالدائم شقا سيرو
من ولدوهو الشكره هيلو
الخصيم ما بكيلوا
صوتوا بهجل قبيلو
عبدالدائم معاه اخوانو
طافو البلاء في مكانو
خصماه قنعوا قامو
الصف الواقف قدامو
هو مستعد للطامو
لنستمع، أو نقرأ الي الاغنية كاملة، وليت السر احمد قدور يخصص لنا حلقات في رمضان القادم تكون عن الاغاني الحماسية،،
أنا ليهم بجر كلام:
أنا ليهم بجر كلام ٠٠٠ دخلوها وصقيرها حام
سم أب درق البصقع ٠٠٠ جدري القيعه البفقع
والله صوتك مانع بردع ٠٠٠ الطيب في شطارتو مبدع
سم أب درق الجدادى ٠٠٠ تكل الجدري البعادى
للخصيم ضربو بياذى ٠٠٠ موسى المر الحجازي
قرقر ملى للوسادة ٠٠٠ برنو وشال لي مكاده
ديل جنيات الندادة ٠٠٠ سيدي الدار في السياده
قرقر فوق للدرب ٠٠٠ وربط الهوى والشرق
كدي مابزولنا الضرب ٠٠٠ ديل جنياتنا ما بتنغلب
والله عامر سوقك مبدر ٠٠٠ مجرجر توبك مسبل
الطيب للشر مبدر ٠٠٠ مو التكل المجدر
أنا نميت جبتا قلبو ٠٠٠ فشلو القالوا قصو دربو
ديل رازوهو وشافوا ضربوا ٠٠٠ دق السنداله قلبو
وعبدالدائم شقا سيرو ٠٠٠ من ولدوهو الشكره هيلو
الخصيم ما بكيلوا ٠٠٠ صوتوا بهجل قبيلو
عبدالدائم معاه اخوانو ٠٠٠ طافو البلاء في مكانو
خصماه قنعوا قامو ٠٠٠ الصف الواقف قدامو ٠٠٠ هو مستعد للطامو
أنا نميت جبت غناكم ٠٠٠ يا الزينين هوى براكم
البدوركم تراكم ٠٠٠ حلق الطير لي غداكم
الصف العامر رجاكم
اتباشروا لي بلاكم ٠٠٠ واركزو زينب وراكم
جروا لي مره صوتكم ٠٠٠ ويروني الليله صوتكم ٠٠٠ اتباشرو الله فوقكم
مع تحياتي
كامل سيد احمد ،،، لنكلن ،،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5085] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 19:05:03 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 19:05:03 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W444460B4FBA3D0F4373781B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 4:07:26 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٥) اغانى الحماسة في السودان:
ما هو الفافنوس:
شاغلني الاخ والزميل هشام الخضر تلفونياً وقال شيئاً قريباً الي ما قالته الاخت، ولهلها الابنة، لكن الزميلة تيسير من انتظارها للحلقات، فقد قال هشام إنه إحس بإن حلقات المسلسل ربما تكون فاتت عليه،، والحلقات علي أي حال تماماً مثل المسلسلات العربية، ليس من رابط يربط بينها سوي العنوان، فإن فاتت عليك فأنت لم تخسر شيئاً ذا بال، فلنواصل،، مع (ما هو الفافنوس)،، وقد شرح لي كلمات هذه الاغنية عبد الكريم الكابلي وأنا اقله في سيارتي من محطة القطار في مانشستر الي جامعة يومس حيث اقيم حفل اظنه في عام ١٩٩٠، كنا نستمع الي الاغنية تنبعث من كاسيت السيارة، فلما اعلمته اني نوبي حلفاوي، لم يتردد وشرع في شرح مفرداتها لي، ذلك رغم إني كنت ملمُ بمعاني مفرداتها، لكنني تظاهرت بالجهل والاندهاش، مما ارضي الاستاذ اطال الله في عمره ورد غربته، فيا لبلاد يغترب فنانوها، ما الذي بقي لها!
شاعرة هذه القصيدة هي بنونه بت المك نمر مك الجعليين والذي احرق إسماعيل باشا في تلك الواقعة التاريخية المشهورة. قالت بنونة هذه القصيدة في أخيها عمارة والذي مات على فراش المرض ولم يمت في ساحة الوغى والنزال كما كانت تتمنى له، كانت تريده متوشحا بدمائه في يوم القتال والحرب، فقد كان رجلا شجاعا، مقداماً، وفارساً بطل لا يستحق أن يموت علي فراشه كما تموت العير، يذكرني موته علي فراشه بموت البطل الاسلامي خالد بن الوليد، الذي قيل أنه قُتل بالسم، لكن الارجح إنه مات مريضاً (وهي قصة أخري قد تفتح علي ابواب جهنم إن أنا تعرضت الي ما ذكره المؤرخون، فلندعها، علي الاقل في الوقت الحاضر، وندع معها القول في مقتل النبي عليه الصلاة والسلام مسموماً، ثم مقتل ابي بكر الذي عاش ابوه حتي بلغ المائة، وابنتاه حتي بلغتا المائه لكنه مات في الثالثة والستين)
، قال خالد وهو علي فراش وفاته ( لقد خضت ما يزيد عن خمسين عركة، ولم يبق في جسمي موضع الا فيه شكة سهم، أو طعنة رمح او ضربة سيف، وها انا اموت علي فراشي كما تموت العير، فلا نامت اعين الجبناء" .
ماهو الفافنوس
شعر / بنونه بت المك نمر
ما هو الفافنوس ٠٠٠ ماهو الغليد البوص
ود المك عريس ٠٠٠ خيلاً بجن عركوس
احىّ يا على ٠٠٠ سيفو البحد الروس
ما دايرالك الميته ٠٠٠ أم رماداً شح
دايراك يوم لُقا ٠٠٠ بي دِميكَ تتوشح
الميت مسولب ٠٠٠ والعجاج يكتح
احىّ يا على ٠٠٠ سيفه البسوى التاح
إن وردن بجيك ٠٠٠ في أول الواردات
مرناً مو نشيط ٠٠٠ إن قبلن شاردات
أسد بيشه المكرمد ٠٠٠ قمزاته متطابقات
برضع في ضرايع ٠٠٠ العنز الفاردات
كوفيتك الخوده ٠٠٠ أم عصا بولاد
ودرعك في أم لهيب ٠٠٠ زى الشمس وقاد
وسيفك من سقايتو ٠٠٠ استعجب الحداد
وقارحك غير شكال ٠٠٠ ما بقربه الشدّاد
يا جرعة عقود السم
يا مقنع بنات ٠٠٠ جعل العزاز من جم
الخيل عركسن ٠٠٠ ما قال عدادن كم
فرتاق حافلن ٠٠٠ ملاى سروجن دم
ما هو الفافنوس:
شاغلني الاخ والزميل هشام الخضر تلفونياً وقال شيئاً قريباً الي ما قالته الاخت، ولهلها الابنة، لكن الزميلة تيسير من انتظارها للحلقات، فقد قال هشام إنه إحس بإن حلقات المسلسل ربما تكون فاتت عليه،، والحلقات علي أي حال تماماً مثل المسلسلات العربية، ليس من رابط يربط بينها سوي العنوان، فإن فاتت عليك فأنت لم تخسر شيئاً ذا بال، فلنواصل،، مع (ما هو الفافنوس)،، وقد شرح لي كلمات هذه الاغنية عبد الكريم الكابلي وأنا اقله في سيارتي من محطة القطار في مانشستر الي جامعة يومس حيث اقيم حفل اظنه في عام ١٩٩٠، كنا نستمع الي الاغنية تنبعث من كاسيت السيارة، فلما اعلمته اني نوبي حلفاوي، لم يتردد وشرع في شرح مفرداتها لي، ذلك رغم إني كنت ملمُ بمعاني مفرداتها، لكنني تظاهرت بالجهل والاندهاش، مما ارضي الاستاذ اطال الله في عمره ورد غربته، فيا لبلاد يغترب فنانوها، ما الذي بقي لها!
شاعرة هذه القصيدة هي بنونه بت المك نمر مك الجعليين والذي احرق إسماعيل باشا في تلك الواقعة التاريخية المشهورة. قالت بنونة هذه القصيدة في أخيها عمارة والذي مات على فراش المرض ولم يمت في ساحة الوغى والنزال كما كانت تتمنى له، كانت تريده متوشحا بدمائه في يوم القتال والحرب، فقد كان رجلا شجاعا، مقداماً، وفارساً بطل لا يستحق أن يموت علي فراشه كما تموت العير، يذكرني موته علي فراشه بموت البطل الاسلامي خالد بن الوليد، الذي قيل أنه قُتل بالسم، لكن الارجح إنه مات مريضاً (وهي قصة أخري قد تفتح علي ابواب جهنم إن أنا تعرضت الي ما ذكره المؤرخون، فلندعها، علي الاقل في الوقت الحاضر، وندع معها القول في مقتل النبي عليه الصلاة والسلام مسموماً، ثم مقتل ابي بكر الذي عاش ابوه حتي بلغ المائة، وابنتاه حتي بلغتا المائه لكنه مات في الثالثة والستين)
، قال خالد وهو علي فراش وفاته ( لقد خضت ما يزيد عن خمسين عركة، ولم يبق في جسمي موضع الا فيه شكة سهم، أو طعنة رمح او ضربة سيف، وها انا اموت علي فراشي كما تموت العير، فلا نامت اعين الجبناء" .
ماهو الفافنوس
شعر / بنونه بت المك نمر
ما هو الفافنوس ٠٠٠ ماهو الغليد البوص
ود المك عريس ٠٠٠ خيلاً بجن عركوس
احىّ يا على ٠٠٠ سيفو البحد الروس
ما دايرالك الميته ٠٠٠ أم رماداً شح
دايراك يوم لُقا ٠٠٠ بي دِميكَ تتوشح
الميت مسولب ٠٠٠ والعجاج يكتح
احىّ يا على ٠٠٠ سيفه البسوى التاح
إن وردن بجيك ٠٠٠ في أول الواردات
مرناً مو نشيط ٠٠٠ إن قبلن شاردات
أسد بيشه المكرمد ٠٠٠ قمزاته متطابقات
برضع في ضرايع ٠٠٠ العنز الفاردات
كوفيتك الخوده ٠٠٠ أم عصا بولاد
ودرعك في أم لهيب ٠٠٠ زى الشمس وقاد
وسيفك من سقايتو ٠٠٠ استعجب الحداد
وقارحك غير شكال ٠٠٠ ما بقربه الشدّاد
يا جرعة عقود السم
يا مقنع بنات ٠٠٠ جعل العزاز من جم
الخيل عركسن ٠٠٠ ما قال عدادن كم
فرتاق حافلن ٠٠٠ ملاى سروجن دم
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5086] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 19:45:12 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 19:45:12 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W309242DA21DCC48DF4FF56B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 4:58:24 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
١٦) اغانى الحماسة في السودان:
الوافر ضراعو و العُوبه (اللي بابي لي )
ذكر الباحث في التراث الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود إن شاعرة أغنية الوافر ضراعو هي الهويدة, إسم جميل، هو إسم شقيقتي هويدة،، والهويدة هذه من واحدة مناطق سنار. وذكر الأستاذ خالد أن هذه الأغنية من الاغانى القديمة التي تعود في تاريخها إلى زمن الحروب التي كانت تنشب بين العبدلاب والفونج، وأنها قيلت في الشيخ الأمين ود مسمار، أحد شيوخ العبدلاب وفرسانهم، والذي مدحته أخته رقية بأغنيتها المشهورة 'الآلاف درجن' والتي تحدثنا عنها في بدايات هذه الحلقات , وشاعرة أغنية 'اللي بابي لي' في الحقيقة مجهولة لكنها نُسِبَت الي الهويدة،، وتغنى بالأغنية أولاد المأمون والفنان مبارك حسن بركات فأبدع في أدائها كعادته دائماً. لنستمع، أو لنقرأ كلمات الاغنية:
اللي بابي لي
اللّى بابي لي العُوبه
يا نديمه
اللّى بابى لي العوبه
هي يا ديبا
الليلة الأسد جايّي من جبال الكر
بشمشم بكوس بيسأل من العنتر
وكت الشوف يشوف
حاجبو اليمين ينصر
سموك ميتة الفجعه ونهار الحر
الليلة الأسد جايي من جبال الفيل
بتشمشم بيكوس بيسأل من العنتيل
الوافر ضراعو و العُوبه (اللي بابي لي )
ذكر الباحث في التراث الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود إن شاعرة أغنية الوافر ضراعو هي الهويدة, إسم جميل، هو إسم شقيقتي هويدة،، والهويدة هذه من واحدة مناطق سنار. وذكر الأستاذ خالد أن هذه الأغنية من الاغانى القديمة التي تعود في تاريخها إلى زمن الحروب التي كانت تنشب بين العبدلاب والفونج، وأنها قيلت في الشيخ الأمين ود مسمار، أحد شيوخ العبدلاب وفرسانهم، والذي مدحته أخته رقية بأغنيتها المشهورة 'الآلاف درجن' والتي تحدثنا عنها في بدايات هذه الحلقات , وشاعرة أغنية 'اللي بابي لي' في الحقيقة مجهولة لكنها نُسِبَت الي الهويدة،، وتغنى بالأغنية أولاد المأمون والفنان مبارك حسن بركات فأبدع في أدائها كعادته دائماً. لنستمع، أو لنقرأ كلمات الاغنية:
اللي بابي لي
اللّى بابي لي العُوبه
يا نديمه
اللّى بابى لي العوبه
هي يا ديبا
الليلة الأسد جايّي من جبال الكر
بشمشم بكوس بيسأل من العنتر
وكت الشوف يشوف
حاجبو اليمين ينصر
سموك ميتة الفجعه ونهار الحر
الليلة الأسد جايي من جبال الفيل
بتشمشم بيكوس بيسأل من العنتيل
يا رحل الكحل
الديمه وزنو تقيل
يا جدري الشمومة الزول تشقو عديل
الليله النجم طرف السما هدمو
البجرى نسيبتو والبقيف سجمو
الصف التقيل
شيخ اللمين رجموه
عزرائيل سلام الله وغشى غنمو
اللي بابي لي العوبه
يا نديمه
رواية الفنان مبارك حسن بركات
اللي بابي لي العوبه يا نديمه
اللي بابي لي العوبه وحى ديبا
بتكلم عليك يا ولدة الرحمن
ما كبر السنط وما أندق بي محجان
ما أدلى الجروف ما لقط الاقطان
حقبولى ابجفير فى الجفير قرمان
شدولوا البلاوى في اللجام هويان
بتكلم عليك يا خضرة الكوسيب
جيبى القول عليهو الحاشا مو كوشيب
خيولو معبدات للكسب والجيب
التور إن وقع كتر البتابت عيب
المقدور وقع وما بنفع الجقليب
غنى وشكرى الليله يا أمونه
عجل الهوسكى الساعتو مامونه
المحرات تكسرو التانيه مدكونه
قول للمرعفيب سولك اللحم شونه
غنى وشكري الليله يا عشه
ما أتفخر على توب اللباس فشا
ما أتقنع على الجار القريب خشا
وقت الشوف يشوف جواده جات خاشه
دفاع للطرز سيدى البرتع الطاشه
الليله الأسد جاى من جبال الكر
اشمشم يكوس بيسأل من العنتر
وقت الشوف اشوف حاجبه اليمين انصر
سموك ميتة الفجعة ونهار الحر
الليله الأسد جاى من جبال الفيل
اشمشم يكوس يسأل عن العنتيل
الليله النجم طرف السما هدمو
البجرى نسيبتو والبقيف سجمو
الصف التقيل
شيخ اللمين رجموه
عزرائيل سلام الله وغشى غنمو
اللي بابي لي العوبه
يا نديمه
رواية الفنان مبارك حسن بركات
اللي بابي لي العوبه يا نديمه
اللي بابي لي العوبه وحى ديبا
بتكلم عليك يا ولدة الرحمن
ما كبر السنط وما أندق بي محجان
ما أدلى الجروف ما لقط الاقطان
حقبولى ابجفير فى الجفير قرمان
شدولوا البلاوى في اللجام هويان
بتكلم عليك يا خضرة الكوسيب
جيبى القول عليهو الحاشا مو كوشيب
خيولو معبدات للكسب والجيب
التور إن وقع كتر البتابت عيب
المقدور وقع وما بنفع الجقليب
غنى وشكرى الليله يا أمونه
عجل الهوسكى الساعتو مامونه
المحرات تكسرو التانيه مدكونه
قول للمرعفيب سولك اللحم شونه
غنى وشكري الليله يا عشه
ما أتفخر على توب اللباس فشا
ما أتقنع على الجار القريب خشا
وقت الشوف يشوف جواده جات خاشه
دفاع للطرز سيدى البرتع الطاشه
الليله الأسد جاى من جبال الكر
اشمشم يكوس بيسأل من العنتر
وقت الشوف اشوف حاجبه اليمين انصر
سموك ميتة الفجعة ونهار الحر
الليله الأسد جاى من جبال الفيل
اشمشم يكوس يسأل عن العنتيل
يا رحل الكحل الديمه وزنو تقيل
يا جدري الشمومة الزول تشقو عديل
مع تحياتي،،
تمعنوا في جدري الشمومة هذه، فالجدري ينتقل بالهواء، وكأنما الشاعرة ادركت ذلك دون أن تدرسه في مدرسه،، وعلمت أن الاصابة تكون بالشم، عن طريق الانف، وبعد الشمومة ينشق الانسان بالجدري ، لكن لم يقل أحد أن هذا اعجاز علمي، وإن الشاعرة سبقت العلماء في تقرير إن فيروس الجدري ينتقل بالهواء. كان الجدري، ولا يزال من الامراض التي ليس منها شفاء، وهو ومعه السعر، وشلل الاطفال من الامراض التي ليس منها شفاء، والي هذا اليوم، وما كان منه من خلاص الا إن أُزيل فيروس الجدري من الوجود بفضل جهود منظمة الصحة العالمية، وليس قراءة الايات والتسابيح، او الحجامة والكي، فإلي متي تعقلون يا أمة ضحكت من جهلها الامم!! ونحن الآن في انتظار التخلص من فيروس السعر، وفيروس شلل الاطفال، وبعدهما فيروسي التهاب الكبد الوبائي والايدز، والايبولا والبلاوي المتلتلة في افريقيا الاستوائية،، وأهم منها جميعاً الملاريا وسوء التغذية اللذان يحصدان الاطفال بالملايين في آسيا وفي افريقيا، فهل نلتفت الي ذلك وندع التفكير الخرافي !! كم اتمني ذلك وارجوه.
كامل سيد أحمد
مع تحياتي،،
تمعنوا في جدري الشمومة هذه، فالجدري ينتقل بالهواء، وكأنما الشاعرة ادركت ذلك دون أن تدرسه في مدرسه،، وعلمت أن الاصابة تكون بالشم، عن طريق الانف، وبعد الشمومة ينشق الانسان بالجدري ، لكن لم يقل أحد أن هذا اعجاز علمي، وإن الشاعرة سبقت العلماء في تقرير إن فيروس الجدري ينتقل بالهواء. كان الجدري، ولا يزال من الامراض التي ليس منها شفاء، وهو ومعه السعر، وشلل الاطفال من الامراض التي ليس منها شفاء، والي هذا اليوم، وما كان منه من خلاص الا إن أُزيل فيروس الجدري من الوجود بفضل جهود منظمة الصحة العالمية، وليس قراءة الايات والتسابيح، او الحجامة والكي، فإلي متي تعقلون يا أمة ضحكت من جهلها الامم!! ونحن الآن في انتظار التخلص من فيروس السعر، وفيروس شلل الاطفال، وبعدهما فيروسي التهاب الكبد الوبائي والايدز، والايبولا والبلاوي المتلتلة في افريقيا الاستوائية،، وأهم منها جميعاً الملاريا وسوء التغذية اللذان يحصدان الاطفال بالملايين في آسيا وفي افريقيا، فهل نلتفت الي ذلك وندع التفكير الخرافي !! كم اتمني ذلك وارجوه.
كامل سيد أحمد
Subject: RE: [Elhakeem:5087] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:07:22 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:07:22 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W13C409A2FA2E7A5CB8762CB3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 4:59:40 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
* (١٧) اغانى الحماسة في السودان:
أغنية الشيخ سيرو:
شاعرتها هي أم برعه، والدة الشاعر عباس عبدالملك شاعر أغنية للستات التي يغنيها صلاح ابن البادية، قالت الأغنية في زواج الشيخ ولد الخليفة احمد ود الشيخ ود بدر.. وتغنى بالأغنية خلف الله حمد، ومبارك حسن بركات، وعبدالكريم الكابلى ورمضان زايد .
الشيخ سيرو
النصيح حديدو
البريد الشيخ
أنا يا ناس بريدو
الشيخ سيرو
غنت ليك السرارة
ود العز والقهارة
ود البدقو النقارة
عينك حمرا وشرارة
حاجبك فيه انصرارة
قلبك فيهو المرارة
صدرك فيه انكرارة
دخل البقعه جالا
وكمل قماش النصاري
غنت ليك أم ضمير
قالت الشيخ وارث الكثير
تلات ألاف صنف البقير
تلات ألاف صنف البعير
تلات ألاف درجن صغير
تلات ألاف وردن حفير
تلات ألاف فوق في المقيل
تلات ألاف شايلات حرير
لاك عمدة ولاك مدير
دا الفتح المن الكبير
غنت ليك أم رسا
للعريان طبق الكسا
تلاتة أرادب غدا
تلاتة أرادب عشا
متحكر لعبادة العشا
عبدالكريم ترك النسا
يا ولادة الصفا
العتق الدم بالعصا
أغنية الشيخ سيرو:
شاعرتها هي أم برعه، والدة الشاعر عباس عبدالملك شاعر أغنية للستات التي يغنيها صلاح ابن البادية، قالت الأغنية في زواج الشيخ ولد الخليفة احمد ود الشيخ ود بدر.. وتغنى بالأغنية خلف الله حمد، ومبارك حسن بركات، وعبدالكريم الكابلى ورمضان زايد .
الشيخ سيرو
النصيح حديدو
البريد الشيخ
أنا يا ناس بريدو
الشيخ سيرو
غنت ليك السرارة
ود العز والقهارة
ود البدقو النقارة
عينك حمرا وشرارة
حاجبك فيه انصرارة
قلبك فيهو المرارة
صدرك فيه انكرارة
دخل البقعه جالا
وكمل قماش النصاري
غنت ليك أم ضمير
قالت الشيخ وارث الكثير
تلات ألاف صنف البقير
تلات ألاف صنف البعير
تلات ألاف درجن صغير
تلات ألاف وردن حفير
تلات ألاف فوق في المقيل
تلات ألاف شايلات حرير
لاك عمدة ولاك مدير
دا الفتح المن الكبير
غنت ليك أم رسا
للعريان طبق الكسا
تلاتة أرادب غدا
تلاتة أرادب عشا
متحكر لعبادة العشا
عبدالكريم ترك النسا
يا ولادة الصفا
العتق الدم بالعصا
مع تحياتي
كامل سيد احمد،،، لنكلن،،، بريطانيا
يتبع
From: kamilsi...@hotmail.com
To: elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5087] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:07:22 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:07:22 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W13C409A2FA2E7A5CB8762CB3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 8, 2015, 11:14:05 PM8/8/15
to elha...@googlegroups.com
١٨) اغانى الحماسة في السودان:
الستات، أو غنيت للستات،
هذه الاغنية ليست من نوع الاغاني الحماسية التي ذكرتها في هذه الحلقات، ولكنها تعجبني فضممتها عسي إن تعجبكم،، شاعرها هو عبد الملك، وهوابن الشاعرة أم برعه والأغنية خفيفة وطروبة،، كنا نغنيها في قعداتنا في الداخلية، في تلك الجلسات التي كنا نختلسها اختلاساً في ايام الخمائس بعد أن نكون قد انفقنا بقية ايام الاسبوع في الجري بين المحاضرات وقاعات التحصيل والسفرة ومشافي الخرطوم وبحري وامدرمان، بمازفيها السلاح الطبي وسوبا والتجاني الماحي. كانت تلك ايامنا في كلية الطب، ايام خُضر مشرقةُ زواهر، كانت حافلةُ بكل ما هو خَضِلٌ ونجيب. تراثلت تلك الايام في فترة الامتياز، وكانت سنتنا في ميز بحري وقد اضافت الي طعماً جديداً الي طعم سنوات الدراسة،
كانت غنيت للستات من مربوطات زميلي، وصديقي الصدوق وأخي الذي لم تلده أمي، صديق محمد عثمان الملك،، كان صديق يتغني بها في لحظةٍ بعينها، وقد ادركت منا النشوة قدراً يسمح،،وكنا نتبعه، و 'نشيل معاه' اعترافاً بتفرده في ادائها وهو ونحن علي تلكم الحال من الانتشاء، كما كنت اجد انا اعترافاْ مماثلاً حين ادائي ل (زاهي في خدره ما تألم) لأحمد المصطفي عليه رحمة الله. تغنى بالأغنية الفنان عبدالله الماحي، وبادي محمد الطيب وصلاح بن البادية، فإليها
غنيت للستات ...
غنيت للستات انا قصدي الانبساط
دائماً ،، يا خلى مع البنات
حلمت حلم الخير .....في الجمعه آخر الليل
غافياً
شفت الجميل بالحيل،،، وشكلو خير في خير .. زى الجوهر وخير
قولي إن شاء الله خير في خير
دائماً
لابسات تياب القيد.... والصيغة دق اب زيد (واحسب ان ابزيد هذا كان من الصاغة)
والعقيد فصل النهيد...ما شفنا مثل اب خديد (وهو العقد الذي يتدلي بين النهدين)
لا فى الصافنات ولا فى الصيد
غنائهن ما أتكبر ... طمبارن زمَّ وكر
طربانن ما فتر ...... يكر زى رعد المطر
زغريدن حس قطر
رقصن تقيل وخفيف .... قلب ليهم التصنيف
اعضائى غلبنى اقيف ....... قالن لي يا اخوي كيف
اصبر وكون عفيف
قلت ليهن صبري قل ... وغرامكن بالمقل
باكياً
حاش قلبي بي مُنجل .... لو كان حصل الأجل
سببي الجفل ووقل
امرنى ادخل أهز ... شايل السقايتو تجز
راكزاً
والأرض تحتي ترز .... جات بت ملوك العز
شبالها عطرو ينز (والشبال لا يكون جميلاً الا ان كانت صاحبته قد عطرت شعرها بعطر جميل،، وليس الكركار لوحده، او الجاز الذي كان يستخدم للتخلص من القمل. علي كل هذا شئ تاريخي، فللأسف ان نساء السودان ما عدن يهتمن برقيص الرقبة والشبال، وتركنه لهذا الهز والرز الذي لا يشبههن ولا يظهر جمالهن ولا جمال الثوب. اواصل وقد كثرت تخريجاتي، لكن معرالعمل وانا احاول الكتابة عن فن ما بقي منه شئ.
فائحاً
قلت ليهن ما بى شئ .. شاويانى ناركن شي
من فضلكن لي شئ .... جلسه بعد العشى
بي سُنة ابن قصي
دائماً
(سنة إبن قصي، هي سنة النبي عليه الصلاة والسلام، الذي جده الأكبر هو قُصيّ بن كلاب)
قالن لي كان داير الجلوس ....
اخد ليك منا عروس
عاجلاً
أسرع جيب الفلوس ....
ماالعملة دى البتكوس
تبرى خروز في خروز
كايساً
سافرت أجيب المال ....
من دار برتا القصار
طافشاً
ما لم يجينى خبر ....
حُب البنات ياخال
سبب لنا استخلال
دائماً
وزي ما شايفين، الاغنية تشجع علي الزيادة، يعني الواحد ممكن يكتب اي حاجة وبعدها يذكر ظرف زمان او ظرف مكان، باقياً، او جالساً، او عائداً، او صائراً، إو ثايراً ورافضاً إن كنا نتحدث عن موقفنا من نظام الخرطوم،، وهكذا
الستات، أو غنيت للستات،
هذه الاغنية ليست من نوع الاغاني الحماسية التي ذكرتها في هذه الحلقات، ولكنها تعجبني فضممتها عسي إن تعجبكم،، شاعرها هو عبد الملك، وهوابن الشاعرة أم برعه والأغنية خفيفة وطروبة،، كنا نغنيها في قعداتنا في الداخلية، في تلك الجلسات التي كنا نختلسها اختلاساً في ايام الخمائس بعد أن نكون قد انفقنا بقية ايام الاسبوع في الجري بين المحاضرات وقاعات التحصيل والسفرة ومشافي الخرطوم وبحري وامدرمان، بمازفيها السلاح الطبي وسوبا والتجاني الماحي. كانت تلك ايامنا في كلية الطب، ايام خُضر مشرقةُ زواهر، كانت حافلةُ بكل ما هو خَضِلٌ ونجيب. تراثلت تلك الايام في فترة الامتياز، وكانت سنتنا في ميز بحري وقد اضافت الي طعماً جديداً الي طعم سنوات الدراسة،
كانت غنيت للستات من مربوطات زميلي، وصديقي الصدوق وأخي الذي لم تلده أمي، صديق محمد عثمان الملك،، كان صديق يتغني بها في لحظةٍ بعينها، وقد ادركت منا النشوة قدراً يسمح،،وكنا نتبعه، و 'نشيل معاه' اعترافاً بتفرده في ادائها وهو ونحن علي تلكم الحال من الانتشاء، كما كنت اجد انا اعترافاْ مماثلاً حين ادائي ل (زاهي في خدره ما تألم) لأحمد المصطفي عليه رحمة الله. تغنى بالأغنية الفنان عبدالله الماحي، وبادي محمد الطيب وصلاح بن البادية، فإليها
غنيت للستات ...
غنيت للستات انا قصدي الانبساط
دائماً ،، يا خلى مع البنات
حلمت حلم الخير .....في الجمعه آخر الليل
غافياً
شفت الجميل بالحيل،،، وشكلو خير في خير .. زى الجوهر وخير
قولي إن شاء الله خير في خير
دائماً
لابسات تياب القيد.... والصيغة دق اب زيد (واحسب ان ابزيد هذا كان من الصاغة)
والعقيد فصل النهيد...ما شفنا مثل اب خديد (وهو العقد الذي يتدلي بين النهدين)
لا فى الصافنات ولا فى الصيد
غنائهن ما أتكبر ... طمبارن زمَّ وكر
طربانن ما فتر ...... يكر زى رعد المطر
زغريدن حس قطر
رقصن تقيل وخفيف .... قلب ليهم التصنيف
اعضائى غلبنى اقيف ....... قالن لي يا اخوي كيف
اصبر وكون عفيف
قلت ليهن صبري قل ... وغرامكن بالمقل
باكياً
حاش قلبي بي مُنجل .... لو كان حصل الأجل
سببي الجفل ووقل
امرنى ادخل أهز ... شايل السقايتو تجز
راكزاً
والأرض تحتي ترز .... جات بت ملوك العز
شبالها عطرو ينز (والشبال لا يكون جميلاً الا ان كانت صاحبته قد عطرت شعرها بعطر جميل،، وليس الكركار لوحده، او الجاز الذي كان يستخدم للتخلص من القمل. علي كل هذا شئ تاريخي، فللأسف ان نساء السودان ما عدن يهتمن برقيص الرقبة والشبال، وتركنه لهذا الهز والرز الذي لا يشبههن ولا يظهر جمالهن ولا جمال الثوب. اواصل وقد كثرت تخريجاتي، لكن معرالعمل وانا احاول الكتابة عن فن ما بقي منه شئ.
فائحاً
قلت ليهن ما بى شئ .. شاويانى ناركن شي
من فضلكن لي شئ .... جلسه بعد العشى
بي سُنة ابن قصي
دائماً
(سنة إبن قصي، هي سنة النبي عليه الصلاة والسلام، الذي جده الأكبر هو قُصيّ بن كلاب)
قالن لي كان داير الجلوس ....
اخد ليك منا عروس
عاجلاً
أسرع جيب الفلوس ....
ماالعملة دى البتكوس
تبرى خروز في خروز
كايساً
سافرت أجيب المال ....
من دار برتا القصار
طافشاً
ما لم يجينى خبر ....
حُب البنات ياخال
سبب لنا استخلال
دائماً
وزي ما شايفين، الاغنية تشجع علي الزيادة، يعني الواحد ممكن يكتب اي حاجة وبعدها يذكر ظرف زمان او ظرف مكان، باقياً، او جالساً، او عائداً، او صائراً، إو ثايراً ورافضاً إن كنا نتحدث عن موقفنا من نظام الخرطوم،، وهكذا
Subject: RE: [Elhakeem:5089] اغاني الحماسة
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:59:37 +0000
Date: Sat, 8 Aug 2015 20:59:37 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W84E65153149EA19BB69B3B3720%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 5:36:49 AM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
(١٩) اغانى الحماسة في السودان:
البشيل فوق الدبر ما بميل:
ذكر الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود إن شاعر هذه الأغنية، هو 'بابا'، شاعر أغنية ' النعيم ود حمد'
ويقال انه وبعد أن مدح 'بابا' النعيم ود حمد غضب أهل بابا لوجود بعض الخلافات بينهم وبين النعيم، فلم يرضهم أن يمدحه واحدٌ منهم،، فاشتكاه أهله للشيخ الجيلى ود العباس ود بدر، ناظر الخط الخامس جهة الكاملين، فقال الشيخ الجيلى لأهله، مادحاً بابا:
"انا بابا دا وسمتو وطلعتو"،،
فأسعد ذلك الرد بابا، ومدح الشيخ الجيلى ود الشيخ العباس ود بدر بهذه القصيدة ( البشيل فوق الدبر ما بميل )... والبشيل هو القوي من الخيل،، والدبر هو الجروح التي تصيب الحصان أو الحمار في ظهره،، وتري بعض الحمير إو الخيل تميل عندما يُحمل عليها فوق ظهر مجروح،، والقليل منها لا يميل رغم ثقل الحِمل والالم الذي يسببه،،، والمقصود هو شيال التقيله، الذي يشيل هموم الآخرين فوق همومه ولا يشتكي منها رغم عنائه.
وذكر بعض المهتمين بالشعر الشعبي والمديح، أن شاعرة الأغنية امرأة من شرق النيل، مدحت بها الطيب ود العبيد ود بدر... ولقد ذُكر اسم الطيب في الأغنية (الطيب سمح بالحيل ٠٠٠ هي بدورك تضاير لي ديل فوق ديل) ،،، لكن ذُكر كذلك أبوه دون ذكر الأب بالإسم... فإلي القصيدة:
البشيل فوق الدبر ما بميل
حسب رواية وغناء الفنان مبارك حسن بركات
البشيل فوق الدبر ما بميل
قدل شيخى للرباعة مهيل
يا ناير الخوده
يا سر الرمي يا مكمل الجوده
الحاره أم دمى أنا شيخي دا بخوده
الجبل المغور حكار للدوده
ساقية ابوك طنت
تيرانك طرابه وقيره بتقنت
غنيلك ضحى والبشاقره تتصنت
(يغنيها الكابلي: أنا بشرح وأقول الطنابرة تتصنت)
سيدي وسيد السارحه بي قيده
سيدي وسيد الساويه بي وليده
سيدي وسيد الجديه بي رهيده
سيد المُهر الرباعة البتاتي بي قيده
كم جلسن دقون الطيب بيفيده
غنى وشكريه الليله يا بنيه
ترمبيلو الملك بيتو الماهو عاريه
طاحونتو البتدور الماها مكريه
ايدك المطره الرعدت ودودت وصبت نهاريه
البشيل فوق الدبر ما بميل:
ذكر الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود إن شاعر هذه الأغنية، هو 'بابا'، شاعر أغنية ' النعيم ود حمد'
ويقال انه وبعد أن مدح 'بابا' النعيم ود حمد غضب أهل بابا لوجود بعض الخلافات بينهم وبين النعيم، فلم يرضهم أن يمدحه واحدٌ منهم،، فاشتكاه أهله للشيخ الجيلى ود العباس ود بدر، ناظر الخط الخامس جهة الكاملين، فقال الشيخ الجيلى لأهله، مادحاً بابا:
"انا بابا دا وسمتو وطلعتو"،،
فأسعد ذلك الرد بابا، ومدح الشيخ الجيلى ود الشيخ العباس ود بدر بهذه القصيدة ( البشيل فوق الدبر ما بميل )... والبشيل هو القوي من الخيل،، والدبر هو الجروح التي تصيب الحصان أو الحمار في ظهره،، وتري بعض الحمير إو الخيل تميل عندما يُحمل عليها فوق ظهر مجروح،، والقليل منها لا يميل رغم ثقل الحِمل والالم الذي يسببه،،، والمقصود هو شيال التقيله، الذي يشيل هموم الآخرين فوق همومه ولا يشتكي منها رغم عنائه.
وذكر بعض المهتمين بالشعر الشعبي والمديح، أن شاعرة الأغنية امرأة من شرق النيل، مدحت بها الطيب ود العبيد ود بدر... ولقد ذُكر اسم الطيب في الأغنية (الطيب سمح بالحيل ٠٠٠ هي بدورك تضاير لي ديل فوق ديل) ،،، لكن ذُكر كذلك أبوه دون ذكر الأب بالإسم... فإلي القصيدة:
البشيل فوق الدبر ما بميل
حسب رواية وغناء الفنان مبارك حسن بركات
البشيل فوق الدبر ما بميل
قدل شيخى للرباعة مهيل
يا ناير الخوده
يا سر الرمي يا مكمل الجوده
الحاره أم دمى أنا شيخي دا بخوده
الجبل المغور حكار للدوده
ساقية ابوك طنت
تيرانك طرابه وقيره بتقنت
غنيلك ضحى والبشاقره تتصنت
(يغنيها الكابلي: أنا بشرح وأقول الطنابرة تتصنت)
سيدي وسيد السارحه بي قيده
سيدي وسيد الساويه بي وليده
سيدي وسيد الجديه بي رهيده
سيد المُهر الرباعة البتاتي بي قيده
كم جلسن دقون الطيب بيفيده
غنى وشكريه الليله يا بنيه
ترمبيلو الملك بيتو الماهو عاريه
طاحونتو البتدور الماها مكريه
ايدك المطره الرعدت ودودت وصبت نهاريه
Subject: RE: [Elhakeem:5090] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 03:14:02 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 03:14:02 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W397EE39B88BC5A06E585F0B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 6:49:45 AM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
* (٢٠) اغانى الحماسة في السودان:
وقفة مع إبراهيم ود الفراش:
كان الشاعر الشعبي الكبير ابراهيم ود الفراش من اولئك الشعراء الذين تتدفق الكلمات شعراً موزوناً علي السنتهم متي ما شاءوا، فلم يكن يعاني في كتابة شعره، ولا في ارساله علي السجية، بل كان شعره يواتيه طيعاً أين ومتي اراد. يروون أن الشيخ محمود، أحد شيوخ قبيلة الضباينة سأل إبراهيم ود الفراش الذي كان في زيارة لصديقه الحاردلو برفاعه، سأله إن كان قد قال فيه شعراً ، فارتجل الشاعر الفراش هذه الأبيات ...
ما بسموك التمساح من الحجر برّاى
ما بسموك الجاموس من السلاح رغّاى
ما بسموك الأسد بيكتله الرعّاى
محمود صاقعة التلوى ال مع الضوّاى
(التلوى : المطر الذي يأتي في أخر الخريف،، فيجئ والناس في ضيق يرجون رشة، أو زخة مطو تخضر بها الارض فتأكل مواشيهم، الضوّاى : هو البرق الذي يضئ، وهو أيضاً كناية عن الفرج من الجفاف أو من الظلام)
وسر الشيخ محمود من هذا المديح وأهدى له جملا كريماً اسمه الغول .
قابل بعض الشبان إبراهيم ود الفراش وهو في طريقه من رفاعة لبربر، وكان بجانب شاعريته فارساً مقداماً لا يُضام،، ولقد غاظ الشبان إهداء الشيخ محمود جملاً له وهو الغريب، فاعترضوا سيره وسألوه:
"الزول منو؟"
والحرب عادةً بدايتها سؤال وكلام، وقد ادرك ود الفراش غرضهم.
فارتجل الفراش هذه الأبيات رداً عليهم ....
لا بسرق ولا سرّاق بصلنى
ولا برجف ولا خوف زول دخلنى
مجــــالس خنتليســـاً شلخه بنّى
ألاقى الموت أخاف إن لا يصيّبنى
ثم أطلق عليهم عيارا ناريا فولوا هاربين
ويذكر إبراهيم ود الفراش ملهمته ذات الخد الموسم في هذه الأبيات ...
قصيبة في أب عدار واديها نسّم (أب عدار: إسم موضع)
طويل الليل علي والنوم مقسّم
طريت الفي البنات لابسه المرشّم (المرشم: الزمام)
مسيخ الجيل بلا أم خداً موسّم (أي أن جيلها مسيخ بدونها)
ورواية أخري تروي عنه، كان يسير يوما مع زميله الشاعر إبراهيم الرتيس ، ومدح نفسه بالأبيات الأربعة الأولى ، وطلب منه إسماعيل أن يقول في نفس المعنى مع اختلاف القافية ، فلبى الشاعر رغبته ومازال إسماعيل يطلب والشاعر يجيب ( ديوان الفراش صفحة ١٠٠) ..
أنا البحر الكبير حاوي التُراسه
وأنا الجدري الوقع في الحله داسه
بشد البانقير سمح السياسه (البانقير : اسم جمل الشاعر)
وأنا إبراهيم أخو شلخاً مواسى
ثم قال:
أنا البحر الكبير حاوي الجزاير
وأنا الجدري الوقع في الحلّه داير
بشد البانقير سمح النفايل
وأنا إبراهيم اخو اللابسه الجباير
وبعدها:
أنا البحر الكبير الدابو حمّر
أنا قدحة زناد مُدفع معمّر
بشد البانقير جملي المضمّر
وأنا إبراهيم اخو أم عفشاً مجمّر
ثم:
أنا البحر الكبير إن عبرونى
وأنا رحل الكحل إن ميلونى
أنا شوك الكتر إن جرجرونى
وأنا الجن البخلى الزول ينونى ( ينونى : يتحدث مع نفسه كالمجنون )
و:
أنا البحر الكبير جاب الكُليته
وأنا رحل الكحل متموم شطيطه
أنا الجن الوقع في زولُه عيطه
وأنا إبراهيم اخو المحزوم رحيطه
نواصل مع إبراهيم ود الفراش وأشعاره في الشجاعة والكرم والشهامة والتي يتغنى بها خلف الله حمد....
أنا قلاّل رفيقو
وأنا فرج العيال ساعة يضيقوا
أنا الدابى الرصد للزول يعيقو
وأنا المأمون على بنات فريقو
وهذا البيت الاخير من اجمل الابيات الشعرية تعبيراً عن الرجولة والشهامة التي يمتاز بها الرجل الشريف، من حماية بنات القبيلة، وقد سبق الي ذلك عنترة اذ يقول:
أغشي فتاة الحي عند حليلها ٠٠٠ واذا غزا في الحرب لا اغشاها
واغض طرفي ما بدت لي جارتي ٠٠٠ حتي يواري جارتي مأواها
فأين رجال اليوم وشبابهم من ذلك المثل الاعلي وهم يتلفتون يغازلون بنات الجيران!
أنا النصيبه (النصيبه : المصيبة )
وأنا الأسد العرز جُوّ الزريبه (عرز : بمعني قعد)
أنا الكوّر رصد شايف ضريبه (لبد وهو يري ضريبة، أي صيدة)
وأنا المأمون على الجاهله وغريبه
منتهي العفة وكرم الاخلاق التي تليق بالرجل الحق، أن يكون مأموناً مضموناً علي النساء وحرماتهن، وشرف اهلهن، فلا يعتدي عليهن، ولا تساوره نفسه بهتك أعراضهن،، إن كانت جاهله لا تعرف أين مصلحتها، أو غريبة،، فهو لا يستغل حاجتهن الي المساعدة والارشاد.
كان الشاعر يجالس يوما فتاة جميلة يجاذبها أطراف الحديث ، ودخل عليهما فجأة ابن عمها وأطلق على الشاعر عياراً نارياً ولم يصبه لحسن الحظ ، ودارت معركة بالايدى بينهما كانت الدائرة فيها علي ابن عم الفتاة، فارتجل إبراهيم الفراش هذه الأبيات ....
فرُوجة الجداد الدندريّه
لا كاكت ولا لي ديك دنيه
تعيّبنى إن جفل من مطر حيي
كم لاقيت جُلل مُو بندقية
ومما قال:
لا بخشى بلك لا بخشى كاتب (البلك : رتبة بالجيش)
ولا الناس الكبار أهل المراتب (أهل المراتب أصحاب الوظائف الكبيرة والنفوذ)
عن رد الجواب بعرف أخاطب
حديث في فنقه ما جخة مصاطب
(الفنقه : العراء، الجخه : ادعاء المرء بما ليس فيه، المصاطب : جمع مصطبة وهى الدكة تبنى في غرف الجلوس أو غيرها توضع عليها حشايا القطن أو الصوف، ومن فوقها السجاد وكانت في ذلك الزمان بمثابة كراسي الجلوس في زمننا هذا (من ديوان الفراش)
عتباي درك
كان الشاعر الفراش مرة بعتباي فطمع فيما عنده احد رجالها ، قال الرجل ..
عتباي درك
فراش ورط فيها اندرك
أتحزم امسك خنجرك
خلّيها قدلة بندرك
فأجابه الشاعر....
ايّانى ماسك خنجري
وسيفي السنين الدُكرى
ما بخلّى قولة بندري
عند الكتال أنا عسكري
من قمت ما بعرف الجري
وأنا اخو أم لهيجا سُكرى
وهجم كل منهما على الآخر فحال بينهما الحاضرون
وقفة مع إبراهيم ود الفراش:
كان الشاعر الشعبي الكبير ابراهيم ود الفراش من اولئك الشعراء الذين تتدفق الكلمات شعراً موزوناً علي السنتهم متي ما شاءوا، فلم يكن يعاني في كتابة شعره، ولا في ارساله علي السجية، بل كان شعره يواتيه طيعاً أين ومتي اراد. يروون أن الشيخ محمود، أحد شيوخ قبيلة الضباينة سأل إبراهيم ود الفراش الذي كان في زيارة لصديقه الحاردلو برفاعه، سأله إن كان قد قال فيه شعراً ، فارتجل الشاعر الفراش هذه الأبيات ...
ما بسموك التمساح من الحجر برّاى
ما بسموك الجاموس من السلاح رغّاى
ما بسموك الأسد بيكتله الرعّاى
محمود صاقعة التلوى ال مع الضوّاى
(التلوى : المطر الذي يأتي في أخر الخريف،، فيجئ والناس في ضيق يرجون رشة، أو زخة مطو تخضر بها الارض فتأكل مواشيهم، الضوّاى : هو البرق الذي يضئ، وهو أيضاً كناية عن الفرج من الجفاف أو من الظلام)
وسر الشيخ محمود من هذا المديح وأهدى له جملا كريماً اسمه الغول .
قابل بعض الشبان إبراهيم ود الفراش وهو في طريقه من رفاعة لبربر، وكان بجانب شاعريته فارساً مقداماً لا يُضام،، ولقد غاظ الشبان إهداء الشيخ محمود جملاً له وهو الغريب، فاعترضوا سيره وسألوه:
"الزول منو؟"
والحرب عادةً بدايتها سؤال وكلام، وقد ادرك ود الفراش غرضهم.
فارتجل الفراش هذه الأبيات رداً عليهم ....
لا بسرق ولا سرّاق بصلنى
ولا برجف ولا خوف زول دخلنى
مجــــالس خنتليســـاً شلخه بنّى
ألاقى الموت أخاف إن لا يصيّبنى
ثم أطلق عليهم عيارا ناريا فولوا هاربين
ويذكر إبراهيم ود الفراش ملهمته ذات الخد الموسم في هذه الأبيات ...
قصيبة في أب عدار واديها نسّم (أب عدار: إسم موضع)
طويل الليل علي والنوم مقسّم
طريت الفي البنات لابسه المرشّم (المرشم: الزمام)
مسيخ الجيل بلا أم خداً موسّم (أي أن جيلها مسيخ بدونها)
ورواية أخري تروي عنه، كان يسير يوما مع زميله الشاعر إبراهيم الرتيس ، ومدح نفسه بالأبيات الأربعة الأولى ، وطلب منه إسماعيل أن يقول في نفس المعنى مع اختلاف القافية ، فلبى الشاعر رغبته ومازال إسماعيل يطلب والشاعر يجيب ( ديوان الفراش صفحة ١٠٠) ..
أنا البحر الكبير حاوي التُراسه
وأنا الجدري الوقع في الحله داسه
بشد البانقير سمح السياسه (البانقير : اسم جمل الشاعر)
وأنا إبراهيم أخو شلخاً مواسى
ثم قال:
أنا البحر الكبير حاوي الجزاير
وأنا الجدري الوقع في الحلّه داير
بشد البانقير سمح النفايل
وأنا إبراهيم اخو اللابسه الجباير
وبعدها:
أنا البحر الكبير الدابو حمّر
أنا قدحة زناد مُدفع معمّر
بشد البانقير جملي المضمّر
وأنا إبراهيم اخو أم عفشاً مجمّر
ثم:
أنا البحر الكبير إن عبرونى
وأنا رحل الكحل إن ميلونى
أنا شوك الكتر إن جرجرونى
وأنا الجن البخلى الزول ينونى ( ينونى : يتحدث مع نفسه كالمجنون )
و:
أنا البحر الكبير جاب الكُليته
وأنا رحل الكحل متموم شطيطه
أنا الجن الوقع في زولُه عيطه
وأنا إبراهيم اخو المحزوم رحيطه
نواصل مع إبراهيم ود الفراش وأشعاره في الشجاعة والكرم والشهامة والتي يتغنى بها خلف الله حمد....
أنا قلاّل رفيقو
وأنا فرج العيال ساعة يضيقوا
أنا الدابى الرصد للزول يعيقو
وأنا المأمون على بنات فريقو
وهذا البيت الاخير من اجمل الابيات الشعرية تعبيراً عن الرجولة والشهامة التي يمتاز بها الرجل الشريف، من حماية بنات القبيلة، وقد سبق الي ذلك عنترة اذ يقول:
أغشي فتاة الحي عند حليلها ٠٠٠ واذا غزا في الحرب لا اغشاها
واغض طرفي ما بدت لي جارتي ٠٠٠ حتي يواري جارتي مأواها
فأين رجال اليوم وشبابهم من ذلك المثل الاعلي وهم يتلفتون يغازلون بنات الجيران!
أنا النصيبه (النصيبه : المصيبة )
وأنا الأسد العرز جُوّ الزريبه (عرز : بمعني قعد)
أنا الكوّر رصد شايف ضريبه (لبد وهو يري ضريبة، أي صيدة)
وأنا المأمون على الجاهله وغريبه
منتهي العفة وكرم الاخلاق التي تليق بالرجل الحق، أن يكون مأموناً مضموناً علي النساء وحرماتهن، وشرف اهلهن، فلا يعتدي عليهن، ولا تساوره نفسه بهتك أعراضهن،، إن كانت جاهله لا تعرف أين مصلحتها، أو غريبة،، فهو لا يستغل حاجتهن الي المساعدة والارشاد.
كان الشاعر يجالس يوما فتاة جميلة يجاذبها أطراف الحديث ، ودخل عليهما فجأة ابن عمها وأطلق على الشاعر عياراً نارياً ولم يصبه لحسن الحظ ، ودارت معركة بالايدى بينهما كانت الدائرة فيها علي ابن عم الفتاة، فارتجل إبراهيم الفراش هذه الأبيات ....
فرُوجة الجداد الدندريّه
لا كاكت ولا لي ديك دنيه
تعيّبنى إن جفل من مطر حيي
كم لاقيت جُلل مُو بندقية
ومما قال:
لا بخشى بلك لا بخشى كاتب (البلك : رتبة بالجيش)
ولا الناس الكبار أهل المراتب (أهل المراتب أصحاب الوظائف الكبيرة والنفوذ)
عن رد الجواب بعرف أخاطب
حديث في فنقه ما جخة مصاطب
(الفنقه : العراء، الجخه : ادعاء المرء بما ليس فيه، المصاطب : جمع مصطبة وهى الدكة تبنى في غرف الجلوس أو غيرها توضع عليها حشايا القطن أو الصوف، ومن فوقها السجاد وكانت في ذلك الزمان بمثابة كراسي الجلوس في زمننا هذا (من ديوان الفراش)
عتباي درك
كان الشاعر الفراش مرة بعتباي فطمع فيما عنده احد رجالها ، قال الرجل ..
عتباي درك
فراش ورط فيها اندرك
أتحزم امسك خنجرك
خلّيها قدلة بندرك
فأجابه الشاعر....
ايّانى ماسك خنجري
وسيفي السنين الدُكرى
ما بخلّى قولة بندري
عند الكتال أنا عسكري
من قمت ما بعرف الجري
وأنا اخو أم لهيجا سُكرى
وهجم كل منهما على الآخر فحال بينهما الحاضرون
Subject: RE: [Elhakeem:5092] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 09:36:46 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 09:36:46 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W51940906A8B228DB7626E1B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 7:31:37 AM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
(٢١)اغانى الحماسة في السودان:
مع الشاعر أحمد محمد الشيخ الجاغريو:
أب نفلين:
أغنية أب نفلين من كلمات الشاعر الجاغريو، تغنى بها الفنان خلف الله حمد...
أنا غنيت على أب نفلين
يا سيدي الرسول تنجيه من العين
الليله اللدر بتمشى في الوديان ( اللدر : التمساح )
طالع من القيف ومن الغضب مليان
بعزل في الجواميس ما بكشكش الغزلان
بتذكر حديثها وخدها النديان
برز في الميدان بتطلع المجهول
وبطرنه البنات ساعة الضجيج والهول
ده أب نفساً رضيه الحقه فيها القول
ده أب سيفاً بشلع الخوده وبقسم الزول
الليله الجنيات في الوادي ليهم صوت
يضحك مانجلن ساعة الكتال مبسوط ( مانجلن، من المانجل : تعني رئيسهن )
يتبسم يجيك من تبّ هيله الفوت
وما بيأسف على الروح الوراها الموت
الظايط
أيضاً شاعرها الجاغريو، قالها في العمدة بركات عبد القادر عمه، وعمدة العيلفون في إحدى المواقف الشجاعة له ....
وتغنى بها الفنان الكبير مبارك حسن بركات ....
الظايط ما بنقدر .... سيل الوادي المنحدر
الليله الظايط جاكُم حايم
صاحي ما بتلقوه نايم
شادى الخيل أمات لجايم
أسد الخشش أب قوايم
هاشك فوق أم تمايم
النيل العم التراسه
البليغ من غير دراسه
خاتنلنوا النظاره وراسه
شدوا ليه على أب جراسه ( أب جراسه : الخيل عندما تزحف بالأجراس)
وقفل أبواب الفراسه
صُد يا عازل وإنقرع
ده الأصل والناس فرع
الوافر ما بنضرع
سيفه وكتين ينشرع
بياخد الزول والدرع
ما شفت أخوك يا أم سماحه
العاصيات كسر جماحه
عينه للبعيد لماحه
الخيل الشبكن رماحه
شافنه وصدن قماحه
مـــــا تهـــــمــــوك بنمــــــيمــــه
بتكفى ضيفـــــان الهـــــجـــيمه ( ضيفان الهجيمه : ضيوف منتصف الليل، أي بدون توقع )
سيد بت فرج وسيد حليمه
القصدوا التار رضوا بالهزيمة
للميدان مارقين سوا:
أيضاً من كلمات الجاغريو وتغنى بها ثنائي الدبيبه ...
للميدان مارقين سوا .... هوى الليله (الميدان : ساحة الحرب )
شافن العدو انكوى
يوم الدفاس والدودوا ........ المسقى في الهامات عوى (المسقى : السيف )
ما ضلوا ما بعرفوا الحوى .... وعدوهم يشرب ما روى
سيوفُن للطغيان دوا ...... وخصيمن ما بشم الهوا
يوم الجبان خاف وانطوى .... أخوى زى صقر الجو خوا
يوم الخيول العركلن ..... فوق الجثث اتكلن
ديل زغرتن ديل ثكلن .... وصقور الجو جن ياكلن
أماتو قالن لو اللدر .... مالنا بنشوف جسمك خدر (جسمك خدر : من كثرة ضرب السيف)
قال ليهن الدم بنحدر .... وان مت ما تقولن ودر (ودر : مات )
قالن له اصبر يا المهل ..... حارس البيوت حارس الأهل
قال ليهن المكلوف صهل ..... داير الدفاس وسط السهل ( المكلوف : الفرس )
نحن أولاد أبو فركه
كلمات: الجاغريو
غناء: خلف الله حمد
نحن أولاد أبو فركه (أبو فركه : هو الشيخ إدريس ود الأرباب )
نقعد نقوم على كيفنا
في لقى في عدم دايما مخرف صيفنا (من الوفرة، ليس من فرق عندهم بين صيف وخريف)
نحن الخرس بنملاه وبنكرم ضيفنا (الخرس:قدح الطعام الكبير وكان يصنع من الخشب)
نحن الفوق أعدانا دائما مجرب سيفنا
نحن جدودنا اظهر من علم بينين
نحن قلوبنا من فولاذ حديد ما بلين
نحن العن عروضنا لؤام وجبارين
بعرفنا الصبر يا الملكه صبارين
نحن أهل كُتال كل الدول عارفانا
ما بنهاب من الموت ولا الجبخانه
عدونا نضربه لا من ينقلب عُطرانه (عطرانه : رائحة حريق اللحم )
والضاق إيدنا كان دخل القبر بطرانه (بطرانة: بمعني يذكرنا، حتي بعد الموت)
نحن المابنكن الزاد ونتحشربو
ونحن المابندى عطانا نتفرشبو (نتفشربو : نفخر به )
يوم الموت نريده ونتباشربو
نحن هنية الولد البنتعاشربو (البنتعاشربو : الذي نعاشره )
حماس وكرم
كلمات: الجاغريو
غناء: خلف الله حمد
نحن صغيرنا عنده حياته ما هميه
وفى زمن الحروب الواحد يزن الميه
نحن أرواحنا يفدن ناس سعاد وصفيه
ونحن اللي وطنا وعودنا ديمه وفيه
نحن فرحنا يوم الكتله والمكيه
يوم حر النهار ويبقى الكتال باركيه (باركيه : يقاتلون بالدرقه وهم قعود، باركين)
الموت هيلنا قُبال تظهر التركيه
والعادانا كُله خلفنا ليه الكيه
لو بقت الشجاعه من النفوس ممحيه
ما بتفوتنا حارسه قلوبنا دائما حيه
نهاجم الموت نخش وكره ونجيه ضحيه (ضحيه : وقت الضحى )
نهز في الحي والميت نعده ضحيه
صوت المستغيث نقمز نجيه سويه ( نقمز : أى نهب ونثب )
وننحر خرزة الشايل لضيفنا هويه (الشايل : البهيمه على وشك الولادة )
نطرب لي قنابل الطائره الجويه
ما فينا البمد إيده وتصد ملويه
يوم الحاره يوم تبقى الحروب دوليه
والفارس أب زنود قدامنا يبقى وليه
ما بنخت نقيصه إن متنا بالكليه
بنخاف من ملام ست السُوار أب ليه
الخيل في جنح الدباس
كلمات: الجاغريو قالها في عبد الله ود دفع الله
غناء: ثنائي الدبيبه
الخيل في جنح الدباس*
نادوا ليهم العباس*
في الهيجات ما بخشى باس
بالسيف بهاجم أم ترباس*
تلت الليل تلقاه حاس
ما بحمل صوت النحاس*
طرفـــــه ما بتلقاه لاج
ضربه ما بداويه العلاج
بحـــــمل يوم اللجــــاج
والدم مخلوط بالعجاج
ود على قشاش الورم
يا قشاش دموع الحُرم
قاصع مو عتيد* برم
جامع فراسه وكرم
* جنح الدباس : الليل البهيم
* أم ترباس : البندقية
* النحاس : طبل الحرب
* عتيد : تصغير عتود وهو صغير الغنم
مع الشاعر أحمد محمد الشيخ الجاغريو:
أب نفلين:
أغنية أب نفلين من كلمات الشاعر الجاغريو، تغنى بها الفنان خلف الله حمد...
أنا غنيت على أب نفلين
يا سيدي الرسول تنجيه من العين
الليله اللدر بتمشى في الوديان ( اللدر : التمساح )
طالع من القيف ومن الغضب مليان
بعزل في الجواميس ما بكشكش الغزلان
بتذكر حديثها وخدها النديان
برز في الميدان بتطلع المجهول
وبطرنه البنات ساعة الضجيج والهول
ده أب نفساً رضيه الحقه فيها القول
ده أب سيفاً بشلع الخوده وبقسم الزول
الليله الجنيات في الوادي ليهم صوت
يضحك مانجلن ساعة الكتال مبسوط ( مانجلن، من المانجل : تعني رئيسهن )
يتبسم يجيك من تبّ هيله الفوت
وما بيأسف على الروح الوراها الموت
الظايط
أيضاً شاعرها الجاغريو، قالها في العمدة بركات عبد القادر عمه، وعمدة العيلفون في إحدى المواقف الشجاعة له ....
وتغنى بها الفنان الكبير مبارك حسن بركات ....
الظايط ما بنقدر .... سيل الوادي المنحدر
الليله الظايط جاكُم حايم
صاحي ما بتلقوه نايم
شادى الخيل أمات لجايم
أسد الخشش أب قوايم
هاشك فوق أم تمايم
النيل العم التراسه
البليغ من غير دراسه
خاتنلنوا النظاره وراسه
شدوا ليه على أب جراسه ( أب جراسه : الخيل عندما تزحف بالأجراس)
وقفل أبواب الفراسه
صُد يا عازل وإنقرع
ده الأصل والناس فرع
الوافر ما بنضرع
سيفه وكتين ينشرع
بياخد الزول والدرع
ما شفت أخوك يا أم سماحه
العاصيات كسر جماحه
عينه للبعيد لماحه
الخيل الشبكن رماحه
شافنه وصدن قماحه
مـــــا تهـــــمــــوك بنمــــــيمــــه
بتكفى ضيفـــــان الهـــــجـــيمه ( ضيفان الهجيمه : ضيوف منتصف الليل، أي بدون توقع )
سيد بت فرج وسيد حليمه
القصدوا التار رضوا بالهزيمة
للميدان مارقين سوا:
أيضاً من كلمات الجاغريو وتغنى بها ثنائي الدبيبه ...
للميدان مارقين سوا .... هوى الليله (الميدان : ساحة الحرب )
شافن العدو انكوى
يوم الدفاس والدودوا ........ المسقى في الهامات عوى (المسقى : السيف )
ما ضلوا ما بعرفوا الحوى .... وعدوهم يشرب ما روى
سيوفُن للطغيان دوا ...... وخصيمن ما بشم الهوا
يوم الجبان خاف وانطوى .... أخوى زى صقر الجو خوا
يوم الخيول العركلن ..... فوق الجثث اتكلن
ديل زغرتن ديل ثكلن .... وصقور الجو جن ياكلن
أماتو قالن لو اللدر .... مالنا بنشوف جسمك خدر (جسمك خدر : من كثرة ضرب السيف)
قال ليهن الدم بنحدر .... وان مت ما تقولن ودر (ودر : مات )
قالن له اصبر يا المهل ..... حارس البيوت حارس الأهل
قال ليهن المكلوف صهل ..... داير الدفاس وسط السهل ( المكلوف : الفرس )
نحن أولاد أبو فركه
كلمات: الجاغريو
غناء: خلف الله حمد
نحن أولاد أبو فركه (أبو فركه : هو الشيخ إدريس ود الأرباب )
نقعد نقوم على كيفنا
في لقى في عدم دايما مخرف صيفنا (من الوفرة، ليس من فرق عندهم بين صيف وخريف)
نحن الخرس بنملاه وبنكرم ضيفنا (الخرس:قدح الطعام الكبير وكان يصنع من الخشب)
نحن الفوق أعدانا دائما مجرب سيفنا
نحن جدودنا اظهر من علم بينين
نحن قلوبنا من فولاذ حديد ما بلين
نحن العن عروضنا لؤام وجبارين
بعرفنا الصبر يا الملكه صبارين
نحن أهل كُتال كل الدول عارفانا
ما بنهاب من الموت ولا الجبخانه
عدونا نضربه لا من ينقلب عُطرانه (عطرانه : رائحة حريق اللحم )
والضاق إيدنا كان دخل القبر بطرانه (بطرانة: بمعني يذكرنا، حتي بعد الموت)
نحن المابنكن الزاد ونتحشربو
ونحن المابندى عطانا نتفرشبو (نتفشربو : نفخر به )
يوم الموت نريده ونتباشربو
نحن هنية الولد البنتعاشربو (البنتعاشربو : الذي نعاشره )
حماس وكرم
كلمات: الجاغريو
غناء: خلف الله حمد
نحن صغيرنا عنده حياته ما هميه
وفى زمن الحروب الواحد يزن الميه
نحن أرواحنا يفدن ناس سعاد وصفيه
ونحن اللي وطنا وعودنا ديمه وفيه
نحن فرحنا يوم الكتله والمكيه
يوم حر النهار ويبقى الكتال باركيه (باركيه : يقاتلون بالدرقه وهم قعود، باركين)
الموت هيلنا قُبال تظهر التركيه
والعادانا كُله خلفنا ليه الكيه
لو بقت الشجاعه من النفوس ممحيه
ما بتفوتنا حارسه قلوبنا دائما حيه
نهاجم الموت نخش وكره ونجيه ضحيه (ضحيه : وقت الضحى )
نهز في الحي والميت نعده ضحيه
صوت المستغيث نقمز نجيه سويه ( نقمز : أى نهب ونثب )
وننحر خرزة الشايل لضيفنا هويه (الشايل : البهيمه على وشك الولادة )
نطرب لي قنابل الطائره الجويه
ما فينا البمد إيده وتصد ملويه
يوم الحاره يوم تبقى الحروب دوليه
والفارس أب زنود قدامنا يبقى وليه
ما بنخت نقيصه إن متنا بالكليه
بنخاف من ملام ست السُوار أب ليه
الخيل في جنح الدباس
كلمات: الجاغريو قالها في عبد الله ود دفع الله
غناء: ثنائي الدبيبه
الخيل في جنح الدباس*
نادوا ليهم العباس*
في الهيجات ما بخشى باس
بالسيف بهاجم أم ترباس*
تلت الليل تلقاه حاس
ما بحمل صوت النحاس*
طرفـــــه ما بتلقاه لاج
ضربه ما بداويه العلاج
بحـــــمل يوم اللجــــاج
والدم مخلوط بالعجاج
ود على قشاش الورم
يا قشاش دموع الحُرم
قاصع مو عتيد* برم
جامع فراسه وكرم
* جنح الدباس : الليل البهيم
* أم ترباس : البندقية
* النحاس : طبل الحرب
* عتيد : تصغير عتود وهو صغير الغنم
Subject: RE: [Elhakeem:5093] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 10:49:43 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 10:49:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W9228C915957A4979958DD7B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 9:18:49 AM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
* (٢٢) اغانى الحماسة في السودان:
الفارس الجحجاح
كلمات الشاعر: عمر الحسين
غناء الفنان: سيد خليفة
رحم الله الاستاذ سيد خليفة وغفر له هذه ، فالرجل بعد أدي تلك الراوائع من كلمات جماع، والتيجاني يوسف بشير، وخمر وكأس وشفاه، ومن إنت يا حلم الصبا،، عاد فغني للنميري الفارس الجحجاح، ثم انقذه من القصر في يوليو المشؤوم. علي كل،، هذا هو النشيد
شدوا لك وركب ..فوق مهرك الجماح
ضرغام الرجال... الفارس الجحجاح
السم النقوع...اللبدن نتٌاح
تمساح الدميرة ..الما بكتلو سلاح
عصار المفازة ..اللعيون كتاح
المال ما بهمو ...إن كتر وإن راح
أبواتك جبير بيسدوا للعوجات
مطمورتك تكيل للخالة والعمات
في الجود والكرم إيديك دوام بارزات
ويا أب قلباً حديد في الحوبة ما بتنفات
بطناً جابتك والله ما بتندم
أسد الكداد الفي خلاكَ رزم
ويا الرعد الخريف الفوق سماك دمدم
بابك ما انقفل نارك تجيب اللم
ما بتعزم تقول غير استريح حرٌّم
عينيك يا الصقر في الحاره ما بتنوم
صدرك للصعاب دايماً بعرف العوم
في وسط الفريق في الفارغة ما بتحوم
لا بتتلام ولا بتعرف تجيب اللوم
ود ناساً عُزاز جمعوا المكارم كوم
تفخر بيك بنات البادية والخرطوم
الفارس الجحجاح
كلمات الشاعر: عمر الحسين
غناء الفنان: سيد خليفة
رحم الله الاستاذ سيد خليفة وغفر له هذه ، فالرجل بعد أدي تلك الراوائع من كلمات جماع، والتيجاني يوسف بشير، وخمر وكأس وشفاه، ومن إنت يا حلم الصبا،، عاد فغني للنميري الفارس الجحجاح، ثم انقذه من القصر في يوليو المشؤوم. علي كل،، هذا هو النشيد
شدوا لك وركب ..فوق مهرك الجماح
ضرغام الرجال... الفارس الجحجاح
السم النقوع...اللبدن نتٌاح
تمساح الدميرة ..الما بكتلو سلاح
عصار المفازة ..اللعيون كتاح
المال ما بهمو ...إن كتر وإن راح
أبواتك جبير بيسدوا للعوجات
مطمورتك تكيل للخالة والعمات
في الجود والكرم إيديك دوام بارزات
ويا أب قلباً حديد في الحوبة ما بتنفات
بطناً جابتك والله ما بتندم
أسد الكداد الفي خلاكَ رزم
ويا الرعد الخريف الفوق سماك دمدم
بابك ما انقفل نارك تجيب اللم
ما بتعزم تقول غير استريح حرٌّم
عينيك يا الصقر في الحاره ما بتنوم
صدرك للصعاب دايماً بعرف العوم
في وسط الفريق في الفارغة ما بتحوم
لا بتتلام ولا بتعرف تجيب اللوم
ود ناساً عُزاز جمعوا المكارم كوم
تفخر بيك بنات البادية والخرطوم
Subject: RE: [Elhakeem:5094] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 11:31:35 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 11:31:35 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W338804F94C8AB64C002F38B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 12:04:25 PM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
Subject: RE: [Elhakeem:5093] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 10:49:43 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 10:49:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W9228C915957A4979958DD7B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 12:08:17 PM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
مع تحياتي
كامل سيد احمد
كامل سيد احمد
يتبع، ولأن بكرة شغل سإنهي الحلقات اليوم
Subject: RE: [Elhakeem:5097] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:04:21 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:04:21 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W430600ACA0F8A219F75DFEB3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 12:09:44 PM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
* (٢٣) اغانى الحماسة في السودان:
السيل بوبا
غناء / عبدالكريم الكابلى والفنان بادي محمد الطيب
لست ادري من هو خالد، وارجو ممن احاط به علماً ان يخبرنا،،
غير خالد ماليك تنين ،، عرش دود الأربعين
السيل بوبا ،، يا الفوتك مو دحين
تغني ليك أم هاني
ويشهدو أهل المعاني
السيل بوبا ،، يا الفوتك مو دحين
نضيفاً خاتي ريحة الشاني
كتل ديلاك خبرو جاني
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
يا القمره الماك شهير
يا الراس الماك صغير
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
أبوك بساطى القبيل
تبراهو الشعبه والجنزير
خت كرسيه للعديل
وكورك قال يا غفير
سيفه بدلي الجفير
العاداك وين يطير
شقياً صادف نكير
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
شدلوا ليك في أم سبيب
كشفن ليك أمات وضيب
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
القاصدك ما بخيب
والف الشمس قبال تغيب
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
تغنى ليك ظبية الحدر
ما بتنبلع من اصلو مر
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
المكنه فوقو بتكاكى
والمدفع تحتو بيخر
لا بيخاف ولا بيتر
قدام العينيهم خدر
السيل بوبا،، يا الفوتك مو دحين
السيل بوبا
غناء / عبدالكريم الكابلى والفنان بادي محمد الطيب
لست ادري من هو خالد، وارجو ممن احاط به علماً ان يخبرنا،،
غير خالد ماليك تنين ،، عرش دود الأربعين
السيل بوبا ،، يا الفوتك مو دحين
تغني ليك أم هاني
ويشهدو أهل المعاني
السيل بوبا ،، يا الفوتك مو دحين
نضيفاً خاتي ريحة الشاني
كتل ديلاك خبرو جاني
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
يا القمره الماك شهير
يا الراس الماك صغير
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
أبوك بساطى القبيل
تبراهو الشعبه والجنزير
خت كرسيه للعديل
وكورك قال يا غفير
سيفه بدلي الجفير
العاداك وين يطير
شقياً صادف نكير
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
شدلوا ليك في أم سبيب
كشفن ليك أمات وضيب
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
القاصدك ما بخيب
والف الشمس قبال تغيب
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
تغنى ليك ظبية الحدر
ما بتنبلع من اصلو مر
السيل بوبا،،، يا الفوتك مو دحين
المكنه فوقو بتكاكى
والمدفع تحتو بيخر
لا بيخاف ولا بيتر
قدام العينيهم خدر
السيل بوبا،، يا الفوتك مو دحين
Subject: RE: [Elhakeem:5098] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:08:13 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:08:13 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W73BD27A398136A52A0DB29B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 9, 2015, 12:21:47 PM8/9/15
to elha...@googlegroups.com
٢٤) أغاني الحماسة في السودن
* قصيدة الجنزير في النجوم ومناسبتها!!
لنجعل ختامها مسكُ بالجنزير في النجوم، اغنية ولا كل اغنيات الحماسة:
كان النجومي اخو الحاجه زينب بت عبدالرحمن، وهو غير عبد الرحمن النجومي بطل المهدية الذي أسر في معركة توشكي، كان شديد العداوة للانجليز، يجاهر بعدم طاعتهم في قراراتهم بخصوص مشروع الجزيره، واشتبك عدة مرات مع المفتش الانجليزي وعساكره، وكان له معارك كثيره معهم حتى تم محاصرة مقره في ام مغد وأسره، وسيق الي السجن وهو مكبل في الحديد. وهي صورة صورها إمير الشعراء حين تم القبض علي المجاهد الليبي البطل، سيدي عمر المختار، وأدخل الي المحكمة وهو شيخ في الثمانين، مقيد اليدين والرجلين، يجرجر سلاسل قيده، فكان منظره كمنظر أسدٍ التفت برجليه حية وهو يجرجرها، قال شوقي:
وإتي الاسير يجرجر الاغلالا *** أسدٌ يجرجر حيةً رقطاء
إن البطولة إن تموت من الظمأ *** ليس البطولة أن تعب الماء
كذلك شاهدت زينب بت عبد الرحمن أخاها النجومي مقيداً بالجنزير فقالت:
الجنزير في النجوم ٠٠٠ زي الشولق المنظوم
مابيخاف ... في المحاصه زموم
غنيلو يا أم رشوم ٠٠٠ دابي الروم شرابو سموم
مابيخاف ... في المحاصه زموم
انت يافرنيب ٠٠٠ جازم ما بتجيب لي عيب
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
اسمك في الرجال عمسيب ٠٠٠ وانت للضرس عرديب
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
العيشتو مي عوايل ٠٠٠ جدك بضبح الشايل
ما بيخاف... في المحاصة زموم
اضرب كفك الطايل ٠٠٠ ماترى الجنزير سمح وخايل
ومابيخاف ... في المحاصة زموم
غنيت بجر قولو ٠٠٠ كضبو القالو بتنولو
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
هو التلب العرك زولو ٠٠٠ ماترى الخصيم قصر طولو
مابيخاف ... في المحاصه زموم
مع تحياتي والي لقاء في موضوع آخر
كامل سيد احمد،،، لنكلن
انتهت الحلقات
* قصيدة الجنزير في النجوم ومناسبتها!!
لنجعل ختامها مسكُ بالجنزير في النجوم، اغنية ولا كل اغنيات الحماسة:
كان النجومي اخو الحاجه زينب بت عبدالرحمن، وهو غير عبد الرحمن النجومي بطل المهدية الذي أسر في معركة توشكي، كان شديد العداوة للانجليز، يجاهر بعدم طاعتهم في قراراتهم بخصوص مشروع الجزيره، واشتبك عدة مرات مع المفتش الانجليزي وعساكره، وكان له معارك كثيره معهم حتى تم محاصرة مقره في ام مغد وأسره، وسيق الي السجن وهو مكبل في الحديد. وهي صورة صورها إمير الشعراء حين تم القبض علي المجاهد الليبي البطل، سيدي عمر المختار، وأدخل الي المحكمة وهو شيخ في الثمانين، مقيد اليدين والرجلين، يجرجر سلاسل قيده، فكان منظره كمنظر أسدٍ التفت برجليه حية وهو يجرجرها، قال شوقي:
وإتي الاسير يجرجر الاغلالا *** أسدٌ يجرجر حيةً رقطاء
إن البطولة إن تموت من الظمأ *** ليس البطولة أن تعب الماء
كذلك شاهدت زينب بت عبد الرحمن أخاها النجومي مقيداً بالجنزير فقالت:
الجنزير في النجوم ٠٠٠ زي الشولق المنظوم
مابيخاف ... في المحاصه زموم
غنيلو يا أم رشوم ٠٠٠ دابي الروم شرابو سموم
مابيخاف ... في المحاصه زموم
انت يافرنيب ٠٠٠ جازم ما بتجيب لي عيب
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
اسمك في الرجال عمسيب ٠٠٠ وانت للضرس عرديب
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
العيشتو مي عوايل ٠٠٠ جدك بضبح الشايل
ما بيخاف... في المحاصة زموم
اضرب كفك الطايل ٠٠٠ ماترى الجنزير سمح وخايل
ومابيخاف ... في المحاصة زموم
غنيت بجر قولو ٠٠٠ كضبو القالو بتنولو
ما بيخاف ... في المحاصة زموم
هو التلب العرك زولو ٠٠٠ ماترى الخصيم قصر طولو
مابيخاف ... في المحاصه زموم
مع تحياتي والي لقاء في موضوع آخر
كامل سيد احمد،،، لنكلن
انتهت الحلقات
Subject: RE: [Elhakeem:5099] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:09:39 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:09:39 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W7549C16FF73D36B1488C03B3710%40phx.gbl.
mohdt...@yahoo.co.uk
Aug 11, 2015, 7:51:57 AM8/11/15
to elha...@googlegroups.com
kamil sidahmed
Aug 11, 2015, 4:34:14 PM8/11/15
to elha...@googlegroups.com
Please open this link to appreciate the suffering of miilions of decent Sudanese women and their daily struggle in order to provide for their families and at the same time keep their honours, truly worth watching, and helping them by all means possible
Kamil
The link: https://youtu.be/XnHnX9x2HxU
Kamil
The link: https://youtu.be/XnHnX9x2HxU
Subject: RE: [Elhakeem:5101] اغاني الحماسة
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:21:43 +0000
Date: Sun, 9 Aug 2015 16:21:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W5759B676247318AFB2E974B3710%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 12, 2015, 10:05:54 AM8/12/15
to elha...@googlegroups.com
(١) الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب:
بسم الله الرحمن الرحيم: يتفادي المستنيرون من المسلمين الكتابة في مثل هذه المواضيع، فلا يتعرضون بالنقد لما قد لا يتفقون معه من ادعاءات يعلمون جيداً إنها كاذبة، ويكتفون بمناقشتها والاعتراض عليها في مجالسهم الخاصة، ذلك خوفاً من إن يتهموا بإنهم يعادون الاسلام.
كاتب هذه المقالات طبيب نفساني، ولد بين والدين مسلمين بالميلاد والنشإة، واسرة وشعب كان لا دينياً، ثم وثنياً، فمسلماً ثم دخله الاسلام فاعتنقه، هو الشعب النوبي في السودان، فهو نشأ مسلماً لا يسأل ولا يشك، ولا يري ما يدعو الي السؤال إو إلي الشك. نشأ مرتاحاً سعيداً، قانعاً بأن من حظه إن ولد ونشأ في بيئة مسلمة، وأن هذه من نعم الله عليه، واصطفاؤه حتي يفوز بالنعيم.
يعترف الكاتب بأنه لم يكن في يوم من الايام مسلماً ملتزماً، لكنه يؤمن بوجود الله خالقاً أوحد لهذا الكون، ومدبراً له. وهو متمسك بمكارم الاخلاق باعتبار أنها مكارم اخلاق ينبغي أن يتحلي بها الانسان بصرف النظر عن دينه. والكاتب فوق كل ذلك مسلم الديانة فيرجى التنبه لذلك، وهو يؤكد ايمانه بأن القرآن كتاب عظيم، هو كتاب دين وهداية وليس كتاب علوم وطب وفلك ورياضيات، ولا هو بكتاب في التاريخ او الاقتصاد، ولا في السياسة أو الحكم.
كذلك يؤمن الكاتب أن الإنسان ولد بعقل إن استخدمه قاده الي الحق، وإلي وجود اله هو الذي خلق هذا الكوّن، ولربما اختلفت المسميات لهذا الاله، الا انها جميعاً تتفق علي وجوده وعلي إجلاله وحمده.
ادرك الانسان هذه الحقيقة منذ فجر تاريخه واول وجوده علي الارض، كما ادرك بعقله وبضميره وجود الخير والشر والفرق بينهما، وقاده عقله في معظم احواله الي عمل الخير وتجنب فعل الشر، ومع تقدم البشر وتمدنهم، وبلوغهم لعصور الحضارة ارتضوا لانفسهم مواضعات اساسها قيّم وأعراف واخلاق نبعت من عقولهم وارتضتها ضمائرهم، فعاشوا وتعايشوا بها وعليها، سابقين بذلك الاديان والكتب المقدسة بمئات الالاف من السنين.
الحلقة الأولى
لقد أقررت في اول المقال أن القرآن كتاب دين وهداية وليس كتاب في العلوم او التاريخ او اللغة، لذلك فإنكار الإعجاز العلمى فى القرآن ليس كفراً ولا هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، أي أنه ليس إنكار لوحدانية الله، إو لأي من صفاته التي وصف بها نفسه سبحانه وتعالي، ولا لأي من التكاليف والمحرمات التي جاء بها القرآن . فالمطلوب من كتاب جاء لهداية الناس أن يبين لهم دينهم باسلوب سهل بسيط يفهمه الناس، وليس المطلوب من القرآن ولاينبغى أن يُطلب منه أن يكون مرجعاً فى الطب أو فى علوم الارض مثل الجيولوجيا والجغرافيا وتاريخ الشعوب. لذلك نستطيع أن نقول خوفاً على الدين وعلي العلم، وانطلاقاً من رغبة وقناعة بأن الخلط بينهما يضر بهما جميعاً، أن الإعجاز العلمى فى القرآن أو وجود أي نوع من اعجاز علمي في الأحاديث النبوية هو وهم وأكذوبة كبرى يسترزق منها البعض، ويخدعون بها بسطاء العقول، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له علم بالغيب، ولم يكن خبيراً في العلوم الدنيوية مثل زراعة النخيل وتأبيره وحصاده، ولا في مداواة العلل والامراض، وقد قال صراحة للصحابة "انتم اعلم بشؤون دنياكم".
إن عدم وجود إعجاز علمى لاينتقص من قدر القرآن ككتاب مقدس وعظيم ومعجز أيضاً، ولكنه ليس الاعجاز اللغوي او العلمي الذي يدعيه البعض، بل هو إعجاز الأفكار العظيمة التى تحدث عنها القرآن، والقيم الجليلة والاخلاق التى بشر بها، والثورة الكبري التى صنعها وقاد بها اعراب شبه الجزيرة العربية من قبائل وبطون متفرقة تعبد ما لا يضر ولا ينفع، ويقتل بعضها بعضاً الي وحدةٍ دينية وسياسية تكوّنت منها دولة عظمي سادت العالم، بل كانت الاكبر والاعظم في زمنها. كانت شرارة الدعوة الأولى التي فجرها القران هي القلم، والعقل وإحترامهما وتبجيلهما، ومن ذلك انبثقت الشرارة التي انارت للعالم فاقتبست منها اوروبا وأقامت عليها حضارتها التي لا تزال تتوهج وتنير الكون بينما انزوت في الشرق الاسلامي وخبأت ذات الجذوة التي كانت في زمن ما مصدر النور والاشعاع للعالم.
إن من يروجون للإعجاز العلمى لايحترمون عقولنا، بل يتعاملون معها ومعنا علي أننا جهلة ومتخلفين، لا نقرأ في العلوم، ولا نقرأ القرآن، وإن قرإنا فإننا لا نفهم ما فهموه هم، علي ذلك فما علينا -في رأيهم السقيم- إلا أن نفغر أفواهنا مندهشين ومسبحين للخالق لوجود هذه المعجزات بعد إن نستمع لكلامهم الملفوف الغامض الذى يعجب الكثيرين من المسلمين بسبب ما يرونه في انفسهم وفي دولهم من تخلف عن باقي الشعوب، وفشلهم في المساهمة في النهضة العلمية والصناعية التي تعم العالم، وبسبب ما يحسون به من دونية وانحطاط وعقدة النقص التى تتملكهم.
إن الفجوة الحضارية التي بيننا وبين الغرب فجوة هائلة، مخيفة، وهي بدل إن تتناقص تتسع في كل يوم، ونحن لم نعد نملك من مقومات العلم والنهضة، بل ومن متاع الحياة ما يمكننا من سد هذه الفجوة، وسنبقي علي ذلك طالما قبعنا في هذا الكهف المظلم نجتر فيه امجاد زمان مضي، لا نملك معه إلا أن نغيظ الغزبيين بأننا الأسبق والأفضل، وأن كل ماينعمون به ومايعيشون فيه من علوم وتكنولوجيا تحدث عنها قرآننا العظيم قبلهم بألف وأربعمائة عام !!.
يردد المسلمون هذه الادعاءات، وبجرأة وثبات وثقة يحسدون عليها، وبعدها لا يقومون بعمل شئ لكأنما نجاحات الماضي تبرر فشل الحاضر، بينما الامر هو العكس، اذ يجب البحث عن الاسباب التي جعلت من سبق الي ان يتأخر ويتخلف.
الرد علي هؤلاء المدعين جد بسيط، فبرغم وجود القرآن بين أيدي المسلمين كل هذه السنين فهم أكثر شعوب العالم فقراً، وجهلاً، وتخلفاً، ومرضاً وفساداً، وهو فسادٌ يبدأ من حكامهم ويتنزل برداً وسلاماً علي كل فرد من افراد الامة في مجال عمله. فالمسلمون في معظمهم، باستثناء قلة لا يعتد بها يستوردون العلم والتكنولوجيا من الغربين الكفرة، يستخدمون الساعة والسيارة، والتلفون والدش والمايكرويڤ، والتليفزيون والفيديو والإنترنت وهى بعض من منجزات الغرب المسيحي، يستغلونها ويسخرونها لخدمتهم وراحتهم، ثم لا يترددون في الهجوم علي الغرب الذي حباهم بها، فيهاجمون معتقداته وماديته، ويعايرونه بجهله بالإعجاز العلمى في القران والسنة. المضحك في الإمر هو أننا الأفقر والأجهل والأمرض، ونحن إن شئت كل أفعال التفضيل المهينة تلك.
لماذا؟
الم يكن المسلمون سابقين في ترجمة التراث العلمي والفلسفي الذي تركه الاغريق؟ ألم يهضم علماء المسلمين هذا التراث ويزيدوا عليه؟
الم تعش اوروبا والغرب في عصور الظلام في حين كانت بغداد، وغرناطة والقاهرة، والقيروان تعج بالعلماء والادباء، والاطباء، والرياضيين والفلاسفة والمفكرين في كل مجال من مجالات المعرفة، وكان طلاب العلم من شتي ارجاء الارض يفدون الي هذه المدن للالتحاق بجامعاتها ومعاهدها، والتزود من علمائها ومكتباتها ؟
الاجابة علي هذه الاسئلة جميعها هي،،، نعم،،،
نعم، كنا وكانوا.
اذن لماذا فشلنا؟
لماذا تخلفنا رغم ما كان لدينا، وتقدموا بما نقلوه عنا؟
الإجابة هي لأننا لم نتبع الخطوط العريضة التى وضعها لنا القرآن والقيم الرفيعة التى دعا إليها من عدل وحرية وتفكر وتدبر فى الكون وسعى وعمل وجد وإجتهاد ،وليس السبب فى تأخرنا كما يقول حزب زغلول النجار وشركاه أننا لم نقرأ جيداً الإعجاز العلمى الذي جاء به القرآن، فالقرآن لم يجئ بأي اعجازات علمية، لكنه شرح لنا طريق الهداية والخلاص ووضع لنا العلامات الإرشادية ولكنه لم يسع أبداً إلى شرح التكوين الإمبريولوجى للجنين، ولا إلي تفسير التركيب الفسيولوجى للإنسان، ولا إلي وضع نظريات الفلك والهندسة وعلم الحشرات.
إن الرد المنطقى الثانى على جمعية المنتفعين بالإعجاز العلمى هو أن منهج تناولهم للكشوف والتنبؤات العلمية للقرآن منهج مقلوب ومغلوط، فهم ينتظرون علماء الغرب حتى يكتشفوا الإكتشاف أو يخرجوا بالنظرية من معاملهم، ثم يخرجون السنتهم لهم ويصيح ن " كنا سنقولها لكم، فهي موجودة عندنا بين دفتى القرآن"، ثم يمضون أكثر من ذلك في سبيل خداع انفسهم وتضليل الآخرين، فيتهمون الغربيين بالجهل بديننا العظيم، وبالغباء والمعاندة والمكابرة، بل يدعي البعض إن من هؤلاء العلماء الغربيين من اعلن اسلامه فور سماعه بهذا السبق القرآني.
في كل ذلك لا يتوقف دعاة الاعجاز العلمي لحظة ليسألوا انفسهم، إذا كانت هذه التخريجات فى القرآن الكريم التى يقولون عنها إعجاز علمى بهذا الوضوح فلماذا لم يحدث العكس؟
لماذا لم تخرج النظريات بعد دراسة القرآن وخرج بها علماء المسلمين يواجهون بها الغرب فنغيظهم ونسخر منهم بعلمنا الفياض، بدلاً من الإنتظار كل يعبث فى لحيته ويلعب فى حبات مسبحته.
للأسف يظل المسلمون يتحدثون عن العلاج بالحجامة وبول الإبل وحبة البركة فيما بينهم، لكن ما إن يمرض أحدهم حتي يبحث عن العلاج الغربي عند من يعالجونه بالهندسة الوراثية ويقرأون الخريطة الجينية.
يظل المسلمون حتى هذه اللحظة يتجادلون في مطلع كل شهر قمري، قبيل شهر رمضان، غير متفقين على تحديد بدايات الشهور الهجرية فلكياً، بينما الغربيون هبطوا على سطح القمر وارتادوا المريخ واستكشفوا المشتري وبلوتو، ويراقبون أدق ضوء، إو حركة في الفضاء من خلال أقمارهم الصناعية .
إن الإعجاز العلمى خطر على العلم وعلى الدين للأسباب التالية :
[١] إن منهج العلم مختلف عن منهج الدين، وهذا لا يعيب كليهما ولا يعنى بالضرورة أن النقص كامن فى أحدهما، فالمقارنة لا محل لها، فالعلم هو تساؤل دائم أما الدين فيقين ثابت، العلم لا يعرف إلا علامات الاستفهام والدين لا يمنح إلا نقاط الاجابة ، كلمة السر فى العلم هى القلق أما في الدين فهى الاطمئنان ، العلم يشك والدين يحسم ، وكل القضايا العلمية المعلقة والتى تنظر الاجابات الشرعية لن تجد اجاباتها عند رجال الدين لسبب بسيط هو أن من عرضوها منتظرين الاجابة عليها قد ضلوا الطريق فالاجابة تحت ميكروسكوب العالم وليست تحت عمامة الفقيه، والعلم منهجه متغير وقابل للتصديق والتكذيب ويطور من نفسه بمنطقه الداخلى وربطه بالدين يجعل الدين عرضة للتصديق والتكذيب هو الآخر ،ويهدد العقيدة الدينية بتحويلها إلى مجرد قارب يمتطيه المتاجرون بالدين، فهو معرض للعواصف والأمواج تأخذه فى كل إتجاه ،ويتحول الدين إلى مجرد موضوع ومعادلة ورموز من السهل أن تتغير وتتغير معه معتقدات المؤمنين به ويتملكهم وسواس الشك ويزعزع إيمانهم. كذلك جر العلم من المعمل إلى المسجد يجعل معيار نجاح النظرية العلمية هو مطابقتها للنص الدينى سواء كان آية أو حديث نبوى وليس مطابقتها للشواهد والتجارب العلمية والمعملية ،فتصبح الحجامة هى الصحيحة علمياً وجناح الذبابة هو الشافى طبياً وبول الإبل هو الناجع صحياً لمجرد أن هذه الوسائل وردت فى أحاديث نبوية ،ويصير العسل دواء لمرض البول السكرى بدون مناقشة لأعراضه الجانبية فى هذه الحالة ذلك لأ المفسرين جعلوا منه شفاء قرآنياً لكل الأمراض ، ويصمت الجميع خوفاً من إتهامهم بالكفر وإيثاراً للسلامة لأن الطوفان عالى .
[٢] الخلط بين الدين والعلم من خلال تضخيم اكذوبة الإعجاز العلمى المخدرة تغرى رجل الدين بالتدخل فى شئون العلم وتعطيل تقدمه وشل إنجازاته، والأمثلة كثيرة على هذا التعطيل فى البلاد الاسلامية (رد احد رجال الدين في احد هذه البرامج التي امتلإت بها القنوات الفضائية علي سيدة استشارته حول مرض الصرع الذي تعاني منه ابنتها، فسألها عن اسم البنت، وطلب منها ان تغير اسمها الي 'آية' ، هكذا وببساطة يتم الشفاء، فهل من جهل وهبل ، بل وتضليل اكثر من هذا!)،
هذه النظرة التى تنظر من خلال عمامة رجل الدين إلى الأمور العلمية هى التى عطلت قانون زرع الأعضاء في الدول الاسلامية، وهى التى تجعل بعض الجهلة يصرون بأن ختان الإناث فريضة دينية، وتجعل معظم رجال الدين يتشبثون برؤية الهلال كوسيلة لتحديد بدايات الشهور الهجرية برغم التقدم الهائل فى علوم الفلك ...الخ. الأخطر أنها تجعل علماء المسلمين دراويش فى أي مهرجان للعلوم الحديثة، فيجهدون أنفسهم فى دراسة فوائد الحجامة أو يؤلفون رسالة دكتوراه فى فوائد بول الإبل ...الخ. يمارسون كل ذلك وهم يعرفون تمام المعرفة أنهم يكذبون ويدجلون ويمارسون شعوذة لا علماً، ويؤلفون نصباً لا إبداعاً، ويركنون إلى الدعة والتراخى والترهل فيكفيهم أنهم أصحاب العلم اللدنى لدرجة أن البعض فسر تقدم الغرب العلمى بأن الله قد اتاهم علماً وسخرهم لخدمة المسلمين ( يعنى هم يتعبوا ونحن ناخد على الجاهز !!.)
[٣] القرآن كتاب محكم وشامل ،أحدث ثورة وتغييراً شاملاً فى مجتمع صحراوى بدوى ضيق، ومنه امتد إلى جميع الا ض، ولكى تحدث هذه الثورة كان لابد أن يتكلم القرآن مع أصحاب هذا المجتمع البدوى بلغته ومفاهيمه بمافيها المفاهيم العلمية السائدة فى ذلك الوقت، ومهما كانت هذه المفاهيم والأفكار العلمية ساذجة أو مغلوطة بمقاييسنا العصرية فإنها كانت ضرورية وقتها وإلا لوجد العرب إنفسهم أمام كتاب ألغاز غامض وليس كتاباً دينياً هادياً ومرشداً، كان لا بد أن يكون واضحاً لكى يقنع ويهدى ويرشد. لا يعني وجود هذه الأفكار التي تعارض العلم أن القرآن منقوص، ففى إعتقادى أن وجود هذه المفاهيم هى دليل قوة لأنها تحترم مبدأ هاماً وترسخه وهو أن الدين الإسلامى وكتابه المقدس يتفاعل مع الواقع بقوة وحميمية، وهذه هى معجزته الحقيقية. فهو ليس ألواحاً أو أوامر تهبط فجأة مجتمعة ومتكاملة بدون وضع أدنى إعتبار للبشر الذين سينفذون اوامره ويجتنبون نواهيه، أو الواقع الحياتى الذى سيحتوى ويتفاعل مع هذه الأوامر والنواهى والأفكار. يؤيد كلامى هذا ظهور علوم القرآن المختلفة مثل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ....الخ التى تشير كلها إلى الصفة التفاعلية مع الواقع التى يحملها القرآن ، وهو ماينفى عنه أنه كتاب تنجيم علمى وألغاز كونية تستعصى على الفهم ولن تحل إلا بعد ألف سنة. فالقرآن قد نزل للتفهيم وليس للتعجيز ، ومايفعله بهلوانات الإعجاز العلمى من لوى لعنق الألفاظ وتعسف فى تفسيرها للدلالة على الإعجاز العلمى هو تعارض وتناقض مع جوهر فكرة القرآن الذى يخاطب ويلتحم بالواقع ويتفاعل معه .
إن فكرة أنه لايوجد فى القرآن إعجاز علمى فكرة قديمة وليست وليدة اليوم، رددها من قبل أناس لايمكننا أن نشكك فى إسلامهم وغيرتهم على دينهم، وقد أحس الكثير من المفكرين المسلمين المستنيرين بخطر هذه المحاولة المتعسفة التى تحمل بداخلها ديناميت شديد الإنفجار وأول ماسيفجره هذا الديناميت هو الدين نفسه. منذ أكثر من نصف قرن هاجم الشيخ الراحل الإمام الأكبر محمود شلتوت هذه المحاولات وسخر منها قائلاً لسنا نستبعد إذا راجت عند الناس فى يوم ما نظرية دارون، أن يأتى إلينا مفسر من هؤلاء المفسرين الحديثين فيقول ( أن نظرية داروين قد قال بها القرآن الكريم منذ مئات السنين ) ورفض الشيخ شلتوت فى كتابه (تفسير القرآن الكريم ص-١٣) ' عن التفسير بالإعجاز العلمى قائلاً:
[ إن هذه النظرة لقرآن خاطئة من غير شك:
أولاً :لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف
ثانياً : لأنها تحمل أصحابها والمغرمين بها على تأويل القرآن تأويلاً متكلفا يتنافى مع الإعجاز ولايستسيغه الذوق السليم
ثالثاً : لأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم فى كل زمان ومكان ، والعلوم لاتعرف الثبات ولاالقرار ولا الرأي الأخير فقد يصح اليوم فى نظر العلم مايصبح غداً من الخرافات ] ،إنتهى كلام الشيخ شلتوت.
السؤال: هل يكفر تجار الإعجاز العلمى ودجالوه الشيخ شلتوت ؟!
لقد تحدث الشيخ وكأنه يتنبأ بماسيفعله بنا إمثال د.زغلول النجار بصفحته التي تؤجرها له الأهرام كل يوم إثنين، والتى لم تتوفر لعمالقة الفكر المصرى طوال تاريخه ولكنه زمن الدروشة الذى جعل صوت العقل أخرس ويد التنوير مشلولة وتجار الدين مليارديرات ونجوم فضائيات وسماسرة فتاوى. المهم أن الشيخ الجليل قد تصدى لمحاولات مروجى وهم الإعجاز العلمى ونجح وقتها لأن هذه المحاولات كانت مجرد بذور جنينية ولم تكن قد إنتظمت فى شكل تيار كاسح وحزب شرس كماهو الحال الآن، تيار ضال نجح في إن يضل الكثيرين من المسلمين، فتابعوه دون توقف او مراجعة ولا تفكير.
بسم الله الرحمن الرحيم: يتفادي المستنيرون من المسلمين الكتابة في مثل هذه المواضيع، فلا يتعرضون بالنقد لما قد لا يتفقون معه من ادعاءات يعلمون جيداً إنها كاذبة، ويكتفون بمناقشتها والاعتراض عليها في مجالسهم الخاصة، ذلك خوفاً من إن يتهموا بإنهم يعادون الاسلام.
كاتب هذه المقالات طبيب نفساني، ولد بين والدين مسلمين بالميلاد والنشإة، واسرة وشعب كان لا دينياً، ثم وثنياً، فمسلماً ثم دخله الاسلام فاعتنقه، هو الشعب النوبي في السودان، فهو نشأ مسلماً لا يسأل ولا يشك، ولا يري ما يدعو الي السؤال إو إلي الشك. نشأ مرتاحاً سعيداً، قانعاً بأن من حظه إن ولد ونشأ في بيئة مسلمة، وأن هذه من نعم الله عليه، واصطفاؤه حتي يفوز بالنعيم.
يعترف الكاتب بأنه لم يكن في يوم من الايام مسلماً ملتزماً، لكنه يؤمن بوجود الله خالقاً أوحد لهذا الكون، ومدبراً له. وهو متمسك بمكارم الاخلاق باعتبار أنها مكارم اخلاق ينبغي أن يتحلي بها الانسان بصرف النظر عن دينه. والكاتب فوق كل ذلك مسلم الديانة فيرجى التنبه لذلك، وهو يؤكد ايمانه بأن القرآن كتاب عظيم، هو كتاب دين وهداية وليس كتاب علوم وطب وفلك ورياضيات، ولا هو بكتاب في التاريخ او الاقتصاد، ولا في السياسة أو الحكم.
كذلك يؤمن الكاتب أن الإنسان ولد بعقل إن استخدمه قاده الي الحق، وإلي وجود اله هو الذي خلق هذا الكوّن، ولربما اختلفت المسميات لهذا الاله، الا انها جميعاً تتفق علي وجوده وعلي إجلاله وحمده.
ادرك الانسان هذه الحقيقة منذ فجر تاريخه واول وجوده علي الارض، كما ادرك بعقله وبضميره وجود الخير والشر والفرق بينهما، وقاده عقله في معظم احواله الي عمل الخير وتجنب فعل الشر، ومع تقدم البشر وتمدنهم، وبلوغهم لعصور الحضارة ارتضوا لانفسهم مواضعات اساسها قيّم وأعراف واخلاق نبعت من عقولهم وارتضتها ضمائرهم، فعاشوا وتعايشوا بها وعليها، سابقين بذلك الاديان والكتب المقدسة بمئات الالاف من السنين.
الحلقة الأولى
لقد أقررت في اول المقال أن القرآن كتاب دين وهداية وليس كتاب في العلوم او التاريخ او اللغة، لذلك فإنكار الإعجاز العلمى فى القرآن ليس كفراً ولا هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، أي أنه ليس إنكار لوحدانية الله، إو لأي من صفاته التي وصف بها نفسه سبحانه وتعالي، ولا لأي من التكاليف والمحرمات التي جاء بها القرآن . فالمطلوب من كتاب جاء لهداية الناس أن يبين لهم دينهم باسلوب سهل بسيط يفهمه الناس، وليس المطلوب من القرآن ولاينبغى أن يُطلب منه أن يكون مرجعاً فى الطب أو فى علوم الارض مثل الجيولوجيا والجغرافيا وتاريخ الشعوب. لذلك نستطيع أن نقول خوفاً على الدين وعلي العلم، وانطلاقاً من رغبة وقناعة بأن الخلط بينهما يضر بهما جميعاً، أن الإعجاز العلمى فى القرآن أو وجود أي نوع من اعجاز علمي في الأحاديث النبوية هو وهم وأكذوبة كبرى يسترزق منها البعض، ويخدعون بها بسطاء العقول، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له علم بالغيب، ولم يكن خبيراً في العلوم الدنيوية مثل زراعة النخيل وتأبيره وحصاده، ولا في مداواة العلل والامراض، وقد قال صراحة للصحابة "انتم اعلم بشؤون دنياكم".
إن عدم وجود إعجاز علمى لاينتقص من قدر القرآن ككتاب مقدس وعظيم ومعجز أيضاً، ولكنه ليس الاعجاز اللغوي او العلمي الذي يدعيه البعض، بل هو إعجاز الأفكار العظيمة التى تحدث عنها القرآن، والقيم الجليلة والاخلاق التى بشر بها، والثورة الكبري التى صنعها وقاد بها اعراب شبه الجزيرة العربية من قبائل وبطون متفرقة تعبد ما لا يضر ولا ينفع، ويقتل بعضها بعضاً الي وحدةٍ دينية وسياسية تكوّنت منها دولة عظمي سادت العالم، بل كانت الاكبر والاعظم في زمنها. كانت شرارة الدعوة الأولى التي فجرها القران هي القلم، والعقل وإحترامهما وتبجيلهما، ومن ذلك انبثقت الشرارة التي انارت للعالم فاقتبست منها اوروبا وأقامت عليها حضارتها التي لا تزال تتوهج وتنير الكون بينما انزوت في الشرق الاسلامي وخبأت ذات الجذوة التي كانت في زمن ما مصدر النور والاشعاع للعالم.
إن من يروجون للإعجاز العلمى لايحترمون عقولنا، بل يتعاملون معها ومعنا علي أننا جهلة ومتخلفين، لا نقرأ في العلوم، ولا نقرأ القرآن، وإن قرإنا فإننا لا نفهم ما فهموه هم، علي ذلك فما علينا -في رأيهم السقيم- إلا أن نفغر أفواهنا مندهشين ومسبحين للخالق لوجود هذه المعجزات بعد إن نستمع لكلامهم الملفوف الغامض الذى يعجب الكثيرين من المسلمين بسبب ما يرونه في انفسهم وفي دولهم من تخلف عن باقي الشعوب، وفشلهم في المساهمة في النهضة العلمية والصناعية التي تعم العالم، وبسبب ما يحسون به من دونية وانحطاط وعقدة النقص التى تتملكهم.
إن الفجوة الحضارية التي بيننا وبين الغرب فجوة هائلة، مخيفة، وهي بدل إن تتناقص تتسع في كل يوم، ونحن لم نعد نملك من مقومات العلم والنهضة، بل ومن متاع الحياة ما يمكننا من سد هذه الفجوة، وسنبقي علي ذلك طالما قبعنا في هذا الكهف المظلم نجتر فيه امجاد زمان مضي، لا نملك معه إلا أن نغيظ الغزبيين بأننا الأسبق والأفضل، وأن كل ماينعمون به ومايعيشون فيه من علوم وتكنولوجيا تحدث عنها قرآننا العظيم قبلهم بألف وأربعمائة عام !!.
يردد المسلمون هذه الادعاءات، وبجرأة وثبات وثقة يحسدون عليها، وبعدها لا يقومون بعمل شئ لكأنما نجاحات الماضي تبرر فشل الحاضر، بينما الامر هو العكس، اذ يجب البحث عن الاسباب التي جعلت من سبق الي ان يتأخر ويتخلف.
الرد علي هؤلاء المدعين جد بسيط، فبرغم وجود القرآن بين أيدي المسلمين كل هذه السنين فهم أكثر شعوب العالم فقراً، وجهلاً، وتخلفاً، ومرضاً وفساداً، وهو فسادٌ يبدأ من حكامهم ويتنزل برداً وسلاماً علي كل فرد من افراد الامة في مجال عمله. فالمسلمون في معظمهم، باستثناء قلة لا يعتد بها يستوردون العلم والتكنولوجيا من الغربين الكفرة، يستخدمون الساعة والسيارة، والتلفون والدش والمايكرويڤ، والتليفزيون والفيديو والإنترنت وهى بعض من منجزات الغرب المسيحي، يستغلونها ويسخرونها لخدمتهم وراحتهم، ثم لا يترددون في الهجوم علي الغرب الذي حباهم بها، فيهاجمون معتقداته وماديته، ويعايرونه بجهله بالإعجاز العلمى في القران والسنة. المضحك في الإمر هو أننا الأفقر والأجهل والأمرض، ونحن إن شئت كل أفعال التفضيل المهينة تلك.
لماذا؟
الم يكن المسلمون سابقين في ترجمة التراث العلمي والفلسفي الذي تركه الاغريق؟ ألم يهضم علماء المسلمين هذا التراث ويزيدوا عليه؟
الم تعش اوروبا والغرب في عصور الظلام في حين كانت بغداد، وغرناطة والقاهرة، والقيروان تعج بالعلماء والادباء، والاطباء، والرياضيين والفلاسفة والمفكرين في كل مجال من مجالات المعرفة، وكان طلاب العلم من شتي ارجاء الارض يفدون الي هذه المدن للالتحاق بجامعاتها ومعاهدها، والتزود من علمائها ومكتباتها ؟
الاجابة علي هذه الاسئلة جميعها هي،،، نعم،،،
نعم، كنا وكانوا.
اذن لماذا فشلنا؟
لماذا تخلفنا رغم ما كان لدينا، وتقدموا بما نقلوه عنا؟
الإجابة هي لأننا لم نتبع الخطوط العريضة التى وضعها لنا القرآن والقيم الرفيعة التى دعا إليها من عدل وحرية وتفكر وتدبر فى الكون وسعى وعمل وجد وإجتهاد ،وليس السبب فى تأخرنا كما يقول حزب زغلول النجار وشركاه أننا لم نقرأ جيداً الإعجاز العلمى الذي جاء به القرآن، فالقرآن لم يجئ بأي اعجازات علمية، لكنه شرح لنا طريق الهداية والخلاص ووضع لنا العلامات الإرشادية ولكنه لم يسع أبداً إلى شرح التكوين الإمبريولوجى للجنين، ولا إلي تفسير التركيب الفسيولوجى للإنسان، ولا إلي وضع نظريات الفلك والهندسة وعلم الحشرات.
إن الرد المنطقى الثانى على جمعية المنتفعين بالإعجاز العلمى هو أن منهج تناولهم للكشوف والتنبؤات العلمية للقرآن منهج مقلوب ومغلوط، فهم ينتظرون علماء الغرب حتى يكتشفوا الإكتشاف أو يخرجوا بالنظرية من معاملهم، ثم يخرجون السنتهم لهم ويصيح ن " كنا سنقولها لكم، فهي موجودة عندنا بين دفتى القرآن"، ثم يمضون أكثر من ذلك في سبيل خداع انفسهم وتضليل الآخرين، فيتهمون الغربيين بالجهل بديننا العظيم، وبالغباء والمعاندة والمكابرة، بل يدعي البعض إن من هؤلاء العلماء الغربيين من اعلن اسلامه فور سماعه بهذا السبق القرآني.
في كل ذلك لا يتوقف دعاة الاعجاز العلمي لحظة ليسألوا انفسهم، إذا كانت هذه التخريجات فى القرآن الكريم التى يقولون عنها إعجاز علمى بهذا الوضوح فلماذا لم يحدث العكس؟
لماذا لم تخرج النظريات بعد دراسة القرآن وخرج بها علماء المسلمين يواجهون بها الغرب فنغيظهم ونسخر منهم بعلمنا الفياض، بدلاً من الإنتظار كل يعبث فى لحيته ويلعب فى حبات مسبحته.
للأسف يظل المسلمون يتحدثون عن العلاج بالحجامة وبول الإبل وحبة البركة فيما بينهم، لكن ما إن يمرض أحدهم حتي يبحث عن العلاج الغربي عند من يعالجونه بالهندسة الوراثية ويقرأون الخريطة الجينية.
يظل المسلمون حتى هذه اللحظة يتجادلون في مطلع كل شهر قمري، قبيل شهر رمضان، غير متفقين على تحديد بدايات الشهور الهجرية فلكياً، بينما الغربيون هبطوا على سطح القمر وارتادوا المريخ واستكشفوا المشتري وبلوتو، ويراقبون أدق ضوء، إو حركة في الفضاء من خلال أقمارهم الصناعية .
إن الإعجاز العلمى خطر على العلم وعلى الدين للأسباب التالية :
[١] إن منهج العلم مختلف عن منهج الدين، وهذا لا يعيب كليهما ولا يعنى بالضرورة أن النقص كامن فى أحدهما، فالمقارنة لا محل لها، فالعلم هو تساؤل دائم أما الدين فيقين ثابت، العلم لا يعرف إلا علامات الاستفهام والدين لا يمنح إلا نقاط الاجابة ، كلمة السر فى العلم هى القلق أما في الدين فهى الاطمئنان ، العلم يشك والدين يحسم ، وكل القضايا العلمية المعلقة والتى تنظر الاجابات الشرعية لن تجد اجاباتها عند رجال الدين لسبب بسيط هو أن من عرضوها منتظرين الاجابة عليها قد ضلوا الطريق فالاجابة تحت ميكروسكوب العالم وليست تحت عمامة الفقيه، والعلم منهجه متغير وقابل للتصديق والتكذيب ويطور من نفسه بمنطقه الداخلى وربطه بالدين يجعل الدين عرضة للتصديق والتكذيب هو الآخر ،ويهدد العقيدة الدينية بتحويلها إلى مجرد قارب يمتطيه المتاجرون بالدين، فهو معرض للعواصف والأمواج تأخذه فى كل إتجاه ،ويتحول الدين إلى مجرد موضوع ومعادلة ورموز من السهل أن تتغير وتتغير معه معتقدات المؤمنين به ويتملكهم وسواس الشك ويزعزع إيمانهم. كذلك جر العلم من المعمل إلى المسجد يجعل معيار نجاح النظرية العلمية هو مطابقتها للنص الدينى سواء كان آية أو حديث نبوى وليس مطابقتها للشواهد والتجارب العلمية والمعملية ،فتصبح الحجامة هى الصحيحة علمياً وجناح الذبابة هو الشافى طبياً وبول الإبل هو الناجع صحياً لمجرد أن هذه الوسائل وردت فى أحاديث نبوية ،ويصير العسل دواء لمرض البول السكرى بدون مناقشة لأعراضه الجانبية فى هذه الحالة ذلك لأ المفسرين جعلوا منه شفاء قرآنياً لكل الأمراض ، ويصمت الجميع خوفاً من إتهامهم بالكفر وإيثاراً للسلامة لأن الطوفان عالى .
[٢] الخلط بين الدين والعلم من خلال تضخيم اكذوبة الإعجاز العلمى المخدرة تغرى رجل الدين بالتدخل فى شئون العلم وتعطيل تقدمه وشل إنجازاته، والأمثلة كثيرة على هذا التعطيل فى البلاد الاسلامية (رد احد رجال الدين في احد هذه البرامج التي امتلإت بها القنوات الفضائية علي سيدة استشارته حول مرض الصرع الذي تعاني منه ابنتها، فسألها عن اسم البنت، وطلب منها ان تغير اسمها الي 'آية' ، هكذا وببساطة يتم الشفاء، فهل من جهل وهبل ، بل وتضليل اكثر من هذا!)،
هذه النظرة التى تنظر من خلال عمامة رجل الدين إلى الأمور العلمية هى التى عطلت قانون زرع الأعضاء في الدول الاسلامية، وهى التى تجعل بعض الجهلة يصرون بأن ختان الإناث فريضة دينية، وتجعل معظم رجال الدين يتشبثون برؤية الهلال كوسيلة لتحديد بدايات الشهور الهجرية برغم التقدم الهائل فى علوم الفلك ...الخ. الأخطر أنها تجعل علماء المسلمين دراويش فى أي مهرجان للعلوم الحديثة، فيجهدون أنفسهم فى دراسة فوائد الحجامة أو يؤلفون رسالة دكتوراه فى فوائد بول الإبل ...الخ. يمارسون كل ذلك وهم يعرفون تمام المعرفة أنهم يكذبون ويدجلون ويمارسون شعوذة لا علماً، ويؤلفون نصباً لا إبداعاً، ويركنون إلى الدعة والتراخى والترهل فيكفيهم أنهم أصحاب العلم اللدنى لدرجة أن البعض فسر تقدم الغرب العلمى بأن الله قد اتاهم علماً وسخرهم لخدمة المسلمين ( يعنى هم يتعبوا ونحن ناخد على الجاهز !!.)
[٣] القرآن كتاب محكم وشامل ،أحدث ثورة وتغييراً شاملاً فى مجتمع صحراوى بدوى ضيق، ومنه امتد إلى جميع الا ض، ولكى تحدث هذه الثورة كان لابد أن يتكلم القرآن مع أصحاب هذا المجتمع البدوى بلغته ومفاهيمه بمافيها المفاهيم العلمية السائدة فى ذلك الوقت، ومهما كانت هذه المفاهيم والأفكار العلمية ساذجة أو مغلوطة بمقاييسنا العصرية فإنها كانت ضرورية وقتها وإلا لوجد العرب إنفسهم أمام كتاب ألغاز غامض وليس كتاباً دينياً هادياً ومرشداً، كان لا بد أن يكون واضحاً لكى يقنع ويهدى ويرشد. لا يعني وجود هذه الأفكار التي تعارض العلم أن القرآن منقوص، ففى إعتقادى أن وجود هذه المفاهيم هى دليل قوة لأنها تحترم مبدأ هاماً وترسخه وهو أن الدين الإسلامى وكتابه المقدس يتفاعل مع الواقع بقوة وحميمية، وهذه هى معجزته الحقيقية. فهو ليس ألواحاً أو أوامر تهبط فجأة مجتمعة ومتكاملة بدون وضع أدنى إعتبار للبشر الذين سينفذون اوامره ويجتنبون نواهيه، أو الواقع الحياتى الذى سيحتوى ويتفاعل مع هذه الأوامر والنواهى والأفكار. يؤيد كلامى هذا ظهور علوم القرآن المختلفة مثل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ....الخ التى تشير كلها إلى الصفة التفاعلية مع الواقع التى يحملها القرآن ، وهو ماينفى عنه أنه كتاب تنجيم علمى وألغاز كونية تستعصى على الفهم ولن تحل إلا بعد ألف سنة. فالقرآن قد نزل للتفهيم وليس للتعجيز ، ومايفعله بهلوانات الإعجاز العلمى من لوى لعنق الألفاظ وتعسف فى تفسيرها للدلالة على الإعجاز العلمى هو تعارض وتناقض مع جوهر فكرة القرآن الذى يخاطب ويلتحم بالواقع ويتفاعل معه .
إن فكرة أنه لايوجد فى القرآن إعجاز علمى فكرة قديمة وليست وليدة اليوم، رددها من قبل أناس لايمكننا أن نشكك فى إسلامهم وغيرتهم على دينهم، وقد أحس الكثير من المفكرين المسلمين المستنيرين بخطر هذه المحاولة المتعسفة التى تحمل بداخلها ديناميت شديد الإنفجار وأول ماسيفجره هذا الديناميت هو الدين نفسه. منذ أكثر من نصف قرن هاجم الشيخ الراحل الإمام الأكبر محمود شلتوت هذه المحاولات وسخر منها قائلاً لسنا نستبعد إذا راجت عند الناس فى يوم ما نظرية دارون، أن يأتى إلينا مفسر من هؤلاء المفسرين الحديثين فيقول ( أن نظرية داروين قد قال بها القرآن الكريم منذ مئات السنين ) ورفض الشيخ شلتوت فى كتابه (تفسير القرآن الكريم ص-١٣) ' عن التفسير بالإعجاز العلمى قائلاً:
[ إن هذه النظرة لقرآن خاطئة من غير شك:
أولاً :لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف
ثانياً : لأنها تحمل أصحابها والمغرمين بها على تأويل القرآن تأويلاً متكلفا يتنافى مع الإعجاز ولايستسيغه الذوق السليم
ثالثاً : لأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم فى كل زمان ومكان ، والعلوم لاتعرف الثبات ولاالقرار ولا الرأي الأخير فقد يصح اليوم فى نظر العلم مايصبح غداً من الخرافات ] ،إنتهى كلام الشيخ شلتوت.
السؤال: هل يكفر تجار الإعجاز العلمى ودجالوه الشيخ شلتوت ؟!
لقد تحدث الشيخ وكأنه يتنبأ بماسيفعله بنا إمثال د.زغلول النجار بصفحته التي تؤجرها له الأهرام كل يوم إثنين، والتى لم تتوفر لعمالقة الفكر المصرى طوال تاريخه ولكنه زمن الدروشة الذى جعل صوت العقل أخرس ويد التنوير مشلولة وتجار الدين مليارديرات ونجوم فضائيات وسماسرة فتاوى. المهم أن الشيخ الجليل قد تصدى لمحاولات مروجى وهم الإعجاز العلمى ونجح وقتها لأن هذه المحاولات كانت مجرد بذور جنينية ولم تكن قد إنتظمت فى شكل تيار كاسح وحزب شرس كماهو الحال الآن، تيار ضال نجح في إن يضل الكثيرين من المسلمين، فتابعوه دون توقف او مراجعة ولا تفكير.
Subject: RE: [Elhakeem:5110] اغاني الحماسة
Date: Tue, 11 Aug 2015 20:34:10 +0000
Date: Tue, 11 Aug 2015 20:34:10 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W410F3BEFE06CC6F369890AB37F0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 13, 2015, 7:49:16 AM8/13/15
to elha...@googlegroups.com
(٢) الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب:
حلقة (٢) معارك بين المدعين والمنكرين لوجود إعجاز علمي في القرآن:
كانت أعنف المعارك حول الإعجاز العلمى للقرآن المعركة التى خاضتها الدكتورة بنت الشاطئ ضد الدكتور مصطفى محمود فى أوائل سبعينات القرن الماضي. حدث ذلك في مجلة أهرام الجمعه طوال شهرى مارس وأبريل. ثم وقعت مفارقة عجيبة، هي إنه وفي نفس الصحيفة بعد أكثر من ثلاثين سنة، وفى عصر هستيريا الدروشة طالعنا الدكتور زغلول النجار وهو يحتل أضعاف المساحة التي كانت قد خصصت لذلك النقاش، ليزيف وعى البسطاء بنفس الحديث المكرر الساذج الذى هاجمته المفكرة الجريئة د. بنت الشاطئ وهى ترد على مقالات د. مصطفى محمود فى مجلة صباح الخير، وكأن عقارب الزمن فى مصر المحروسة ثابتة محنطة فى مكانها لاتتحرك، إو كإنها ترجع الي الوراء، وليكن الله في عوّن الرئيس السيسي وهو يواجه هذه الموجة الشرسة من التخلف والارتداد.
كانت الدكتورة بنت الشاطئ فى مقالاتها فى منتهى الصراحة والعنف وكأنها كانت تتنبأ بما سيحدث من سيطرة لجيش الإعجاز العلمى الذى كون هيئة ومؤسسة ميزانيتها تفوق ميزانية دولة بكاملها. نقتبس هنا بعضاً من عبارات الدكتورة بنت الشاطئ الحادة الجامعة المانعة التى ردت بها على د. مصطفى محمود وحزب الإعجاز العلمى الذى كان ما يزال فى مهده حينذاك ولم يتحول بعد إلى سرطان ينتشر ويتمدد فيحتكر عقول من لا يتدبرون القول، بل ينبهرون ويصدقون كل الذي يقال لهم لأن قائله ملتحي ويردد ما يقول بلغة عربية فصيحة، ويشير الي ابحاث ونشرات علمية تؤكد ما يدعيه، وهي لا وجود لها سوي في خياله.
كتبت بنت الشاطئ فى المقدمة عن كيفية التعامل مع القرآن فقالت:
[ لابد أن يكون فهمنا لكتاب الإسلام محرراً من كل الشوائب المقحمة والبدع المدسوسة، بأن نلتزم فى تفسيره ضوابط منهجية تصون حرمة كلماته فنرفض بها الزيف والباطل، ونتقى أخذة السحر، وفتنة التمويه ، وسكرة التخدير]
وتحذر من أن :
[ الكلام عن التفسير العصرى للقرآن يبدو فى ظاهره منطقياً ومعقولاً يلقى إليه الناس أسماعهم ،ويبلغ منهم غاية الإقناع ، دون أن يلتفتوا إلى مزالقه الخطرة التى تمسخ العقيدة والعقل معاً ، وتختلط فيها المفاهيم وتتشابه السبل فتفضى إلى ضلال بعيد، إلا أن نعتصم بإيماننا وعقولنا لنميز هذا الخلط الماسخ لحرمة الدين، المهين لمنطق العصر وكرامة العلم ]
بالطبع رد البعض على د. بنت الشاطئ وهاجمها متعجباً ومتسائلاً:
(هى زعلانه من إيه ،هو فيه حد يزعل من إن كتابه الكريم يحتوى على نبؤات وتفسيرات علمية!؟) وهذا طبعاً ما قد يقوله البعض تعليقاً علي هذهرالحلقات، فكإنما الخير في إن ندعي لانفسننا ولديننا ما ليس فيه حتي ننال اعجاب الاخرين، دون الالتفات الي إنه كذب، والكذب لا يليق بالمسلم، ولا يليق بالعالم. وترد الكاتبة على من يدقون طبول الجهل محاولين إسكات صوت الحجة بالضوضاء وليس بالإقناع والمنطق وتصفها بأنها فكرة سامة فتقول:
[ إن الدعوة إلى فهم القرآن بتفسير عصرى-علمى - على غير ما بينه نبى الإسلام تسوق إلى الإقناع بالفكرة السامة التى تنأى بأبناء العصر عن معجزة نبى أمى بعث فى قوم أميين ، فى عصر كان يركب فيه الناقة والجمل لا المرسيدس والرولز رويس والبوينج وأبوللو، ويستضئ ويستدفئ بالحطب لا بالكهرباء والنيون إو الغاز، ويشرب من نبع زمزم ومياه الآبار والأمطار لامن مصفاة الترشيح والمياه الغازية ومرطبات الكولا والبيبسي !! ومن هذا نتورط إلى مزلق خطر، يتسلل إلى عقول أبناء هذا الزمان وضمائرهم ،فيرسخ فيها، أن القرآن إذا لم يقدم لهم علوم الطب والتشريح والرياضيات والفلك والفارماكولوجي وأسرار البيولوجي والإلكترون والذرة فليس صالحاً لزماننا هذا، ولا هو جدير بأن تسيغه عقليتنا العلمية ويقبله منطقنا العصرى ].
هكذا وضعت هذه المفكرة الإسلامية الجريئة يدها على مكمن الخطر فالقرآن في قسر الايات القرانية لتصبح ايات ونظريات علمية. وطبقاً للإعجاز العلمى وتفسيراته سيصبح القران هو قبلة العلم والتى سيصدم من إتجهوا إليها إذا لم يجدوا فيها ضالتهم العلمية ويغيروا إتجاه بوصلتهم الإيمانية. هنا يصبح القرآن دمية فى أيدى المهرجين، يدوسون على أزرارها لتتحرك كما يشاءون وكما يوسوس لهم هواهم وليس كما يقصد القرآن. وتشبِّه الكاتبة الإسلامية دعاة ومدعى الإعجاز العلمى بحواة الموالد الشعبية فتقول:
[ الذى لاأفهمه، وماينبغى لى أن أفهمه ،هو أن يجرؤ مفسرون عصريون على أن يخرجوا على الناس بتفاسير قرآنية فيها طب وصيدلة وطبيعه وكيمياء وجغرافيا وهندسة وفلك وزراعه وعلوم حيوان ونبات، وحشرات وجيولوجيا وبيولوجيا وفسيولوجيا ...الخ ، فإما أن أتخلى عن منطق عصرى وكرامة عقلى فآخذ فى المجال العلمى بضاعة ألف صنف معروضة فى الأسواق !، وإما ان أتخلى عن كبرياء علمى وعزة أصالتى فأعيش فى عصر العلم بمنطق قريتى حين يفد عليها الباعة الجوالون بألف صنف ، يروج لها ضجيج إعلانى بالطبل والزمر عن كل شئ لكل شئ ،أو بتاع كله فى فكاهتنا الشعبية الساخرة بالإدعاء ]
تشبيه الدكتورة بنت الشاطئ هذا لدعاة الإعجاز العلمى بالحواة هو تشبيه دقيق ومهذب، فالتشبيه الأكثر دقة هو أنهم نصابون متاجرون بمشاعر المسلمين المتعطشين لأى تفوق أو إنتصار علمى فى عصر هم فيه فى مؤخرة العالم ، ويكفى هذا الدليل البسيط المسمى بإعجاز بيت العنكبوت والذى ردت عليه الكاتبة بشكل منطقى وواضح ولايحتمل اللبس مماجعلهم يقعون ورطة، ويتعرون أمام مؤيديهم ، والمسألة ببساطة أن دعاة الإعجاز العلمى إكتشفوا فى تأنيث القرآن للعنكبوت إعجازاً علمياً فى قوله تعالى:
{ مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتاً }
وتبنى د.مصطفى محمود هذا الرأى وإعتبره من الإعجاز العلمى قائلاً:
( لأن العلم كشف مؤخراً أن أنثى العنكبوت هى التى تنسج البيت وليس الذكر، وهى حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن)
وترد د. بنت الشاطئ ساخرة أن الدكتور وقع فى خطأ لايقع فيه المبتدئون من طلاب اللغة العربية، فالقرآن فى هذه الآية يجرى على لغة العرب الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية ، كما أنثوا مفرد النمل والنحل والدود ،فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة ونحلة ودودة ،وهو تأنيث لغوى لاعلاقة له بالتأنيث البيولوجى كما توهم المفسر العصرى ، فأى عربى وثنى من أجلاف البادية كان ينطقها هكذا فأين الإعجاز العلمى فى هذا الكلام ؟!، والمصيبة أن المفسر العصرى يوقع نفسه فى فخ يقرب المسلم من الكفر وليس من الإيمان نتيجة البلبلة والتناقض اللتين يقع فيهما ، فالقرآن الذى يصف بيت العنكبوت بالوهن والضعف يأتى المفسر العصرى تحت شهوة الإعجاز العلمى فيهدم المعبد على ساكنيه ويصرح بأن ( خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من بيت الحرير وأكثر مرونة ) ص٢١١ كتاب 'التفسير العصرى لمصطفى محمود' !!!
علي هذا المنوال يمضى إمام الإعجاز العلمى فى كتابه فيستنبط الإعجاز العلمى من قوله تعالى { أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً } بانه لا تفسير لها إلا أن تكون الأرض كروية دوارة نصفها ليل ونصفها نهار ! (ص ١٤٦)، وهذا تفسير فى منتهى التعسف فقد جرى على لسان العرب آتيك ليلاً أو نهاراً دون أن يدعى أعرابى أنه قد أتى بالإعجاز العلمى.
أما ثالثة الأثافى فهى إستنباطات الدكتور مصطفي محمود العلمية من آية آل عمران:
{ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون }
فقد توصلت عبقريته الإعجازية إلى مالم يخطر على عقل بشر، فقد إستنبط منها كل هذه القوانين (( (١) قانون الضغط الأوسموزى، (٢) وقانون التوتر السطحى، (٣) وتماسك العمود المائى (٤) والتوازن الأيونى (٥) وقانون التفاضل الكيميائى بين هورمون وهورمون (٦) وقانون رفض الفراغ و (٧) قانون الفعل ورد الفعل، أي والله سبع قوانين بالتمام والكمال، وعليك انت قارئي ان تضع كل ماتري من علامات التعجب ،وأرجوكم خبروني كيف توصل هؤلاء العباقرة الأفذاذ من هذه الآية إلى كل هذه القوانين دفعة واحدة.
كانت هذه هى معركة بنت الشاطئ مع مصطفى محمود ،والتى لجأت إلى مقالاتها لحل معركة داخلية محورها ماآمنت به حينذاك من إعجاز علمى وماحدث بعدها من زعزعة لهذا الإعجاز جعلتنى أطلب الحل وأبحث عن التفسير وكان الحل والتفسير أنه لثبات الإيمان وترسيخه لابد أن نقول أنه لايوجد إعجاز علمى فى القرآن وأنه كتاب دين تعامل مع معارف وعلوم عصره فقط ،وهذه القصة تصلح دلالة على خطورة الربط بين النسبى وهو العلم بالمطلق وهو الدين .
من الاشياء التي لا بد أن الكثيرون منا يذكرونها الاستحالات التي وردت في القرآن، وأخذها الناس علي إنها تحدي للبشر، وإنهم ومهما بلغ بهم العلم لا يستطيعون ولن ينجحوا في معرفتها. من ضمن هذه التحديات معرفة جنس الجنين، فقد قيل لنا أن الله سبحانه وتعالي هو وحده الذي يعلم 'ما تحمل الارحام'. وهوتفسير الآية ٣٤ من سورة لقمان "ويعلم ما فى الأرحام" والتى كان صوت الشيوخ يتهدج حين ترديدهم لها بالتحدى لكل من يتجرأ على القول بأنه يستطيع أن يكشف عن جنس الجنين وهو بداخل الرحم فقد كان العلم فى الآية يفسر عنده على أنه العلم هل الجنين ذكر ام أنثى؟ وهو عين الذي كتب فى تفسير الطبري وغيره التفاسير. كنا مبهورين بهؤلاء الشيوخ وبهذا التحدي القرآني للبشرية. ثم ظهر جهاز الموجات فوق الصوتية "السونار" وبانت قدرته على تحديد نوعية جنس الجنين، ولكن بعض الأخطاء البسيطة التى حدثت فى تحديده من أطباء الأشعة جعلت البعض يهتفون 'سبحان الله وصدق الله العظيم' ثم بدأ العمل لتحديد جنس الجنين فى بدايات الحمل الأولى بواسطة عينة من السائل الامنيوسى المحيط بالجنين وقد بلغت دقة هذا التحليل نسبة مائة فى المائة. لكن الشيخ الشعراوى في حديثتلفزيوني يدافع فيه عن الإعجاز العمى فى هذه الآية بالذات وقال : "أن الله لم يكن يقصد الذكر والأنثى وإنما يعلم ما فى الأرحام يعنى يعلم مستقبلهم. فهل من تعسف ولوي لاعناق الكلمات اكثر من هذا من اجل الخروج من مإزق ورط فيه هؤلاء الشيوخ انفسهم ثم ندموا علي ورطتهم!
هنا يكمن الخطر الذى ينطوى عليه التلاعب بمثل هذه الكلمات من أمثال "الإعجاز العلمى فى القران"، فالقرآن كما ذكرت ليس كتاباً فى الفيزياء ولا في البيولوجيا ولا الجيولوجيا، وليس مطلوباً منه ذلك ،ولكنه كتاب دينى يضع ضوابطاً وخطوطاً عامة للأخلاقيات والسلوك والمعاملات ،ويتعامل مع المطلق والعموميات، وربطه بالعلم الذى يتعامل مع النسبى والمتغير فيه خطورة شديدة على الدين وعلى العلم كليهما على السواء، فالدين سيتأثر عندما نربط بين اية ونظرية علمية فد يثبت عدم صحتها بعد فترة ، والعلم أيضاً سيتأثر عندما نكبح جماحه ونخلخل منهجه الأساسى وهو منهج التساؤل الدائم والقلق المستمر. فالدين إكتفاء والعلم ظمأ، الدين إنسان يعيش فى يقين حاد والعلم مريض بالشك المزمن، الدين يجمع فى جعبته أقصى ما يستطيع من البديهيات والعلم يلقى أقصى ما يمكنه من البديهيات فى سلة المهملات ، الأول وهو الدين مجاله الأساسى ماوراء الواقع أما الثانى فملعبه الأساسى هو الواقع المادي الذي نعيش فيه. كل هذا لا يعنى أن العلم والدين على طرفى النقيض ،ولا يعنى أيضاً أن كليهما صورة للآخر فى المرآة، فكل منهما له مجال للبحث لا تطغى فيه أمواج طرف على شاطئ الطرف الآخر وتنحره ،وأيضاً لا يلتهم فيه طرف الطرف الثانى ويحاول هضمه وتمثله!
حلقة (٢) معارك بين المدعين والمنكرين لوجود إعجاز علمي في القرآن:
كانت أعنف المعارك حول الإعجاز العلمى للقرآن المعركة التى خاضتها الدكتورة بنت الشاطئ ضد الدكتور مصطفى محمود فى أوائل سبعينات القرن الماضي. حدث ذلك في مجلة أهرام الجمعه طوال شهرى مارس وأبريل. ثم وقعت مفارقة عجيبة، هي إنه وفي نفس الصحيفة بعد أكثر من ثلاثين سنة، وفى عصر هستيريا الدروشة طالعنا الدكتور زغلول النجار وهو يحتل أضعاف المساحة التي كانت قد خصصت لذلك النقاش، ليزيف وعى البسطاء بنفس الحديث المكرر الساذج الذى هاجمته المفكرة الجريئة د. بنت الشاطئ وهى ترد على مقالات د. مصطفى محمود فى مجلة صباح الخير، وكأن عقارب الزمن فى مصر المحروسة ثابتة محنطة فى مكانها لاتتحرك، إو كإنها ترجع الي الوراء، وليكن الله في عوّن الرئيس السيسي وهو يواجه هذه الموجة الشرسة من التخلف والارتداد.
كانت الدكتورة بنت الشاطئ فى مقالاتها فى منتهى الصراحة والعنف وكأنها كانت تتنبأ بما سيحدث من سيطرة لجيش الإعجاز العلمى الذى كون هيئة ومؤسسة ميزانيتها تفوق ميزانية دولة بكاملها. نقتبس هنا بعضاً من عبارات الدكتورة بنت الشاطئ الحادة الجامعة المانعة التى ردت بها على د. مصطفى محمود وحزب الإعجاز العلمى الذى كان ما يزال فى مهده حينذاك ولم يتحول بعد إلى سرطان ينتشر ويتمدد فيحتكر عقول من لا يتدبرون القول، بل ينبهرون ويصدقون كل الذي يقال لهم لأن قائله ملتحي ويردد ما يقول بلغة عربية فصيحة، ويشير الي ابحاث ونشرات علمية تؤكد ما يدعيه، وهي لا وجود لها سوي في خياله.
كتبت بنت الشاطئ فى المقدمة عن كيفية التعامل مع القرآن فقالت:
[ لابد أن يكون فهمنا لكتاب الإسلام محرراً من كل الشوائب المقحمة والبدع المدسوسة، بأن نلتزم فى تفسيره ضوابط منهجية تصون حرمة كلماته فنرفض بها الزيف والباطل، ونتقى أخذة السحر، وفتنة التمويه ، وسكرة التخدير]
وتحذر من أن :
[ الكلام عن التفسير العصرى للقرآن يبدو فى ظاهره منطقياً ومعقولاً يلقى إليه الناس أسماعهم ،ويبلغ منهم غاية الإقناع ، دون أن يلتفتوا إلى مزالقه الخطرة التى تمسخ العقيدة والعقل معاً ، وتختلط فيها المفاهيم وتتشابه السبل فتفضى إلى ضلال بعيد، إلا أن نعتصم بإيماننا وعقولنا لنميز هذا الخلط الماسخ لحرمة الدين، المهين لمنطق العصر وكرامة العلم ]
بالطبع رد البعض على د. بنت الشاطئ وهاجمها متعجباً ومتسائلاً:
(هى زعلانه من إيه ،هو فيه حد يزعل من إن كتابه الكريم يحتوى على نبؤات وتفسيرات علمية!؟) وهذا طبعاً ما قد يقوله البعض تعليقاً علي هذهرالحلقات، فكإنما الخير في إن ندعي لانفسننا ولديننا ما ليس فيه حتي ننال اعجاب الاخرين، دون الالتفات الي إنه كذب، والكذب لا يليق بالمسلم، ولا يليق بالعالم. وترد الكاتبة على من يدقون طبول الجهل محاولين إسكات صوت الحجة بالضوضاء وليس بالإقناع والمنطق وتصفها بأنها فكرة سامة فتقول:
[ إن الدعوة إلى فهم القرآن بتفسير عصرى-علمى - على غير ما بينه نبى الإسلام تسوق إلى الإقناع بالفكرة السامة التى تنأى بأبناء العصر عن معجزة نبى أمى بعث فى قوم أميين ، فى عصر كان يركب فيه الناقة والجمل لا المرسيدس والرولز رويس والبوينج وأبوللو، ويستضئ ويستدفئ بالحطب لا بالكهرباء والنيون إو الغاز، ويشرب من نبع زمزم ومياه الآبار والأمطار لامن مصفاة الترشيح والمياه الغازية ومرطبات الكولا والبيبسي !! ومن هذا نتورط إلى مزلق خطر، يتسلل إلى عقول أبناء هذا الزمان وضمائرهم ،فيرسخ فيها، أن القرآن إذا لم يقدم لهم علوم الطب والتشريح والرياضيات والفلك والفارماكولوجي وأسرار البيولوجي والإلكترون والذرة فليس صالحاً لزماننا هذا، ولا هو جدير بأن تسيغه عقليتنا العلمية ويقبله منطقنا العصرى ].
هكذا وضعت هذه المفكرة الإسلامية الجريئة يدها على مكمن الخطر فالقرآن في قسر الايات القرانية لتصبح ايات ونظريات علمية. وطبقاً للإعجاز العلمى وتفسيراته سيصبح القران هو قبلة العلم والتى سيصدم من إتجهوا إليها إذا لم يجدوا فيها ضالتهم العلمية ويغيروا إتجاه بوصلتهم الإيمانية. هنا يصبح القرآن دمية فى أيدى المهرجين، يدوسون على أزرارها لتتحرك كما يشاءون وكما يوسوس لهم هواهم وليس كما يقصد القرآن. وتشبِّه الكاتبة الإسلامية دعاة ومدعى الإعجاز العلمى بحواة الموالد الشعبية فتقول:
[ الذى لاأفهمه، وماينبغى لى أن أفهمه ،هو أن يجرؤ مفسرون عصريون على أن يخرجوا على الناس بتفاسير قرآنية فيها طب وصيدلة وطبيعه وكيمياء وجغرافيا وهندسة وفلك وزراعه وعلوم حيوان ونبات، وحشرات وجيولوجيا وبيولوجيا وفسيولوجيا ...الخ ، فإما أن أتخلى عن منطق عصرى وكرامة عقلى فآخذ فى المجال العلمى بضاعة ألف صنف معروضة فى الأسواق !، وإما ان أتخلى عن كبرياء علمى وعزة أصالتى فأعيش فى عصر العلم بمنطق قريتى حين يفد عليها الباعة الجوالون بألف صنف ، يروج لها ضجيج إعلانى بالطبل والزمر عن كل شئ لكل شئ ،أو بتاع كله فى فكاهتنا الشعبية الساخرة بالإدعاء ]
تشبيه الدكتورة بنت الشاطئ هذا لدعاة الإعجاز العلمى بالحواة هو تشبيه دقيق ومهذب، فالتشبيه الأكثر دقة هو أنهم نصابون متاجرون بمشاعر المسلمين المتعطشين لأى تفوق أو إنتصار علمى فى عصر هم فيه فى مؤخرة العالم ، ويكفى هذا الدليل البسيط المسمى بإعجاز بيت العنكبوت والذى ردت عليه الكاتبة بشكل منطقى وواضح ولايحتمل اللبس مماجعلهم يقعون ورطة، ويتعرون أمام مؤيديهم ، والمسألة ببساطة أن دعاة الإعجاز العلمى إكتشفوا فى تأنيث القرآن للعنكبوت إعجازاً علمياً فى قوله تعالى:
{ مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتاً }
وتبنى د.مصطفى محمود هذا الرأى وإعتبره من الإعجاز العلمى قائلاً:
( لأن العلم كشف مؤخراً أن أنثى العنكبوت هى التى تنسج البيت وليس الذكر، وهى حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن)
وترد د. بنت الشاطئ ساخرة أن الدكتور وقع فى خطأ لايقع فيه المبتدئون من طلاب اللغة العربية، فالقرآن فى هذه الآية يجرى على لغة العرب الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية ، كما أنثوا مفرد النمل والنحل والدود ،فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة ونحلة ودودة ،وهو تأنيث لغوى لاعلاقة له بالتأنيث البيولوجى كما توهم المفسر العصرى ، فأى عربى وثنى من أجلاف البادية كان ينطقها هكذا فأين الإعجاز العلمى فى هذا الكلام ؟!، والمصيبة أن المفسر العصرى يوقع نفسه فى فخ يقرب المسلم من الكفر وليس من الإيمان نتيجة البلبلة والتناقض اللتين يقع فيهما ، فالقرآن الذى يصف بيت العنكبوت بالوهن والضعف يأتى المفسر العصرى تحت شهوة الإعجاز العلمى فيهدم المعبد على ساكنيه ويصرح بأن ( خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من بيت الحرير وأكثر مرونة ) ص٢١١ كتاب 'التفسير العصرى لمصطفى محمود' !!!
علي هذا المنوال يمضى إمام الإعجاز العلمى فى كتابه فيستنبط الإعجاز العلمى من قوله تعالى { أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً } بانه لا تفسير لها إلا أن تكون الأرض كروية دوارة نصفها ليل ونصفها نهار ! (ص ١٤٦)، وهذا تفسير فى منتهى التعسف فقد جرى على لسان العرب آتيك ليلاً أو نهاراً دون أن يدعى أعرابى أنه قد أتى بالإعجاز العلمى.
أما ثالثة الأثافى فهى إستنباطات الدكتور مصطفي محمود العلمية من آية آل عمران:
{ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون }
فقد توصلت عبقريته الإعجازية إلى مالم يخطر على عقل بشر، فقد إستنبط منها كل هذه القوانين (( (١) قانون الضغط الأوسموزى، (٢) وقانون التوتر السطحى، (٣) وتماسك العمود المائى (٤) والتوازن الأيونى (٥) وقانون التفاضل الكيميائى بين هورمون وهورمون (٦) وقانون رفض الفراغ و (٧) قانون الفعل ورد الفعل، أي والله سبع قوانين بالتمام والكمال، وعليك انت قارئي ان تضع كل ماتري من علامات التعجب ،وأرجوكم خبروني كيف توصل هؤلاء العباقرة الأفذاذ من هذه الآية إلى كل هذه القوانين دفعة واحدة.
كانت هذه هى معركة بنت الشاطئ مع مصطفى محمود ،والتى لجأت إلى مقالاتها لحل معركة داخلية محورها ماآمنت به حينذاك من إعجاز علمى وماحدث بعدها من زعزعة لهذا الإعجاز جعلتنى أطلب الحل وأبحث عن التفسير وكان الحل والتفسير أنه لثبات الإيمان وترسيخه لابد أن نقول أنه لايوجد إعجاز علمى فى القرآن وأنه كتاب دين تعامل مع معارف وعلوم عصره فقط ،وهذه القصة تصلح دلالة على خطورة الربط بين النسبى وهو العلم بالمطلق وهو الدين .
من الاشياء التي لا بد أن الكثيرون منا يذكرونها الاستحالات التي وردت في القرآن، وأخذها الناس علي إنها تحدي للبشر، وإنهم ومهما بلغ بهم العلم لا يستطيعون ولن ينجحوا في معرفتها. من ضمن هذه التحديات معرفة جنس الجنين، فقد قيل لنا أن الله سبحانه وتعالي هو وحده الذي يعلم 'ما تحمل الارحام'. وهوتفسير الآية ٣٤ من سورة لقمان "ويعلم ما فى الأرحام" والتى كان صوت الشيوخ يتهدج حين ترديدهم لها بالتحدى لكل من يتجرأ على القول بأنه يستطيع أن يكشف عن جنس الجنين وهو بداخل الرحم فقد كان العلم فى الآية يفسر عنده على أنه العلم هل الجنين ذكر ام أنثى؟ وهو عين الذي كتب فى تفسير الطبري وغيره التفاسير. كنا مبهورين بهؤلاء الشيوخ وبهذا التحدي القرآني للبشرية. ثم ظهر جهاز الموجات فوق الصوتية "السونار" وبانت قدرته على تحديد نوعية جنس الجنين، ولكن بعض الأخطاء البسيطة التى حدثت فى تحديده من أطباء الأشعة جعلت البعض يهتفون 'سبحان الله وصدق الله العظيم' ثم بدأ العمل لتحديد جنس الجنين فى بدايات الحمل الأولى بواسطة عينة من السائل الامنيوسى المحيط بالجنين وقد بلغت دقة هذا التحليل نسبة مائة فى المائة. لكن الشيخ الشعراوى في حديثتلفزيوني يدافع فيه عن الإعجاز العمى فى هذه الآية بالذات وقال : "أن الله لم يكن يقصد الذكر والأنثى وإنما يعلم ما فى الأرحام يعنى يعلم مستقبلهم. فهل من تعسف ولوي لاعناق الكلمات اكثر من هذا من اجل الخروج من مإزق ورط فيه هؤلاء الشيوخ انفسهم ثم ندموا علي ورطتهم!
هنا يكمن الخطر الذى ينطوى عليه التلاعب بمثل هذه الكلمات من أمثال "الإعجاز العلمى فى القران"، فالقرآن كما ذكرت ليس كتاباً فى الفيزياء ولا في البيولوجيا ولا الجيولوجيا، وليس مطلوباً منه ذلك ،ولكنه كتاب دينى يضع ضوابطاً وخطوطاً عامة للأخلاقيات والسلوك والمعاملات ،ويتعامل مع المطلق والعموميات، وربطه بالعلم الذى يتعامل مع النسبى والمتغير فيه خطورة شديدة على الدين وعلى العلم كليهما على السواء، فالدين سيتأثر عندما نربط بين اية ونظرية علمية فد يثبت عدم صحتها بعد فترة ، والعلم أيضاً سيتأثر عندما نكبح جماحه ونخلخل منهجه الأساسى وهو منهج التساؤل الدائم والقلق المستمر. فالدين إكتفاء والعلم ظمأ، الدين إنسان يعيش فى يقين حاد والعلم مريض بالشك المزمن، الدين يجمع فى جعبته أقصى ما يستطيع من البديهيات والعلم يلقى أقصى ما يمكنه من البديهيات فى سلة المهملات ، الأول وهو الدين مجاله الأساسى ماوراء الواقع أما الثانى فملعبه الأساسى هو الواقع المادي الذي نعيش فيه. كل هذا لا يعنى أن العلم والدين على طرفى النقيض ،ولا يعنى أيضاً أن كليهما صورة للآخر فى المرآة، فكل منهما له مجال للبحث لا تطغى فيه أمواج طرف على شاطئ الطرف الآخر وتنحره ،وأيضاً لا يلتهم فيه طرف الطرف الثانى ويحاول هضمه وتمثله!
Subject: RE: [Elhakeem:5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Wed, 12 Aug 2015 14:05:47 +0000
Date: Wed, 12 Aug 2015 14:05:47 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W716EC553A23B34F7434CB9B37E0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 13, 2015, 5:25:49 PM8/13/15
to elha...@googlegroups.com
قصيدة / نورا والحلم المدردح ..
للراحل المقيم / محمد الحسن سالم حميد ..
نورا شافت في رؤاها ٠٠٠ طيرة تاكل في جناها ..
حيطة تتمغي وتفلع ٠٠٠ في قفا الزول البناها ..
في جنينة سيدي سمعت ٠٠٠ تمرة تصقع للوراها ..
الأرض لابد ترجع ٠٠٠ للتعب فوقا ورعاها ..
شافت النيل موجو لاها ٠٠٠ الخليقة بقت إلاها ..
الشمس طبقت ضحاها ..
نار عقاب إنساب مكسر ٠٠٠ فوق تكليات متاهه ..
وضو من الله .. رهاب مكتف ٠٠٠ في وتيد الليل معاها ..
بين حضر بلداً وخلاها ٠٠٠ فسرت للناس رؤاها ..
وقالوا جنت ومو براها ٠٠٠ ونورة زادت فوق شقاها ..
وصدت الأيام تخش ٠٠٠ تبني لي عصفورة عش ..
في السواقي تشوف عزاها ..
لما شوقا يسوي .. وش ..
تسقي تزرع، تسعى تصنع ..
للنهار في الليل تخش ..
عرفت الشقا والشقاوة
إلا ما عرفت تغش ..
شايلة طولة البال من الله ٠٠٠ ومن أراضينا الإثاره ..
وماشي تكدح طول نهارا ٠٠٠ وترجى لما الليل يفلل
تسرق ألمي عشان خدارا، عشان صغارا ..
ولما ترجع لي ديارا ٠٠٠
تنزف أحلام الفقارى ٠٠٠ من عويناتا الحيارى ..
لي غبار الحال تقش ٠٠٠ فوقو للآمال ترش ..
نورة تقعد صاحي تحلم ٠٠٠ بي بيوت بي نور ودش ..
وبالمحبة تشق دروبا ٠٠٠ ولي قلوب الكل تخش..
نورة تحلم بي وجود ٠٠٠ ما مشت بينو القيود ..
أفضل أفضل بي كتير ٠٠٠ بي وطن من غير حدود ..
نورة تحلم بي عوالم ٠٠٠ زي رؤى الأطفال حوالم ..
لا درادر .. لا عساكر ٠٠٠ لا مظاليم لا مظالم ..
نورة تحلم .. ولما تحلم نورة ترجف ..
ولما ترجف نورة تحلم ..
ولما ريح الواقع المر لي عشيش أحلاما ينسف ..
نورة تنزف ..
ولما تنزف بالا يهتف ..
يوم حا تنصف .. يوم حاتنصف ..
وتبدأ تحلم ..
ولما تحلم نورة ترجف ..
ولما ترجف نورة تحلم ..
صاحي تحلم ..
وصاح بتحلم ..
صاح بتحلم ..
بلي، هذا هو الحال وقد انقلب وتبدلت الاشياء وانعكست، فصار الارذلون هم الصواب والاخيار هم المخطئون،، قد طالت بنورة الاحلام، وطال رجفانها، وقد عصف الواقع المُر باعشاش احلامها الي إن نزفت وهتف بالها ولا زال يهتف،، يوم حتنصف،، يوم حتنصف،، فمتي يجئ ذلك اليوم يا رباه؟ يوم الانتصاف من السارق الظالم؟ وكيف ومن الذي سيجئ به؟ ومتي يتم خلاص نورة، ومتي تتحقق تلك العوالم الطفولية والتي داعبتها ومنذ اول يوم ولدت فيه في العام ١٩٨٩، فهي لم تر لحياتها طعماً ولا لوجودها معنيً إذ بقيت حبيسة طعم ومعنيً واحد لا يتغيران، حتي إنها لا تعلم ما هو طعم الحياة التي عاشها الناس قبل مولدها، ولا ماذا كان معناها! احقاً كانت حياة بلا مظاليم ولا مظالم! فليجيب أحدكم علي نورة، فقد طال انتظارها، وخوفي إن يإخذها نوم من نوع آخر فلا تفيق منه وتستريح بعد إن تملكها اليأس.
للراحل المقيم / محمد الحسن سالم حميد ..
نورا شافت في رؤاها ٠٠٠ طيرة تاكل في جناها ..
حيطة تتمغي وتفلع ٠٠٠ في قفا الزول البناها ..
في جنينة سيدي سمعت ٠٠٠ تمرة تصقع للوراها ..
الأرض لابد ترجع ٠٠٠ للتعب فوقا ورعاها ..
شافت النيل موجو لاها ٠٠٠ الخليقة بقت إلاها ..
الشمس طبقت ضحاها ..
نار عقاب إنساب مكسر ٠٠٠ فوق تكليات متاهه ..
وضو من الله .. رهاب مكتف ٠٠٠ في وتيد الليل معاها ..
بين حضر بلداً وخلاها ٠٠٠ فسرت للناس رؤاها ..
وقالوا جنت ومو براها ٠٠٠ ونورة زادت فوق شقاها ..
وصدت الأيام تخش ٠٠٠ تبني لي عصفورة عش ..
في السواقي تشوف عزاها ..
لما شوقا يسوي .. وش ..
تسقي تزرع، تسعى تصنع ..
للنهار في الليل تخش ..
عرفت الشقا والشقاوة
إلا ما عرفت تغش ..
شايلة طولة البال من الله ٠٠٠ ومن أراضينا الإثاره ..
وماشي تكدح طول نهارا ٠٠٠ وترجى لما الليل يفلل
تسرق ألمي عشان خدارا، عشان صغارا ..
ولما ترجع لي ديارا ٠٠٠
تنزف أحلام الفقارى ٠٠٠ من عويناتا الحيارى ..
لي غبار الحال تقش ٠٠٠ فوقو للآمال ترش ..
نورة تقعد صاحي تحلم ٠٠٠ بي بيوت بي نور ودش ..
وبالمحبة تشق دروبا ٠٠٠ ولي قلوب الكل تخش..
نورة تحلم بي وجود ٠٠٠ ما مشت بينو القيود ..
أفضل أفضل بي كتير ٠٠٠ بي وطن من غير حدود ..
نورة تحلم بي عوالم ٠٠٠ زي رؤى الأطفال حوالم ..
لا درادر .. لا عساكر ٠٠٠ لا مظاليم لا مظالم ..
نورة تحلم .. ولما تحلم نورة ترجف ..
ولما ترجف نورة تحلم ..
ولما ريح الواقع المر لي عشيش أحلاما ينسف ..
نورة تنزف ..
ولما تنزف بالا يهتف ..
يوم حا تنصف .. يوم حاتنصف ..
وتبدأ تحلم ..
ولما تحلم نورة ترجف ..
ولما ترجف نورة تحلم ..
صاحي تحلم ..
وصاح بتحلم ..
صاح بتحلم ..
بلي، هذا هو الحال وقد انقلب وتبدلت الاشياء وانعكست، فصار الارذلون هم الصواب والاخيار هم المخطئون،، قد طالت بنورة الاحلام، وطال رجفانها، وقد عصف الواقع المُر باعشاش احلامها الي إن نزفت وهتف بالها ولا زال يهتف،، يوم حتنصف،، يوم حتنصف،، فمتي يجئ ذلك اليوم يا رباه؟ يوم الانتصاف من السارق الظالم؟ وكيف ومن الذي سيجئ به؟ ومتي يتم خلاص نورة، ومتي تتحقق تلك العوالم الطفولية والتي داعبتها ومنذ اول يوم ولدت فيه في العام ١٩٨٩، فهي لم تر لحياتها طعماً ولا لوجودها معنيً إذ بقيت حبيسة طعم ومعنيً واحد لا يتغيران، حتي إنها لا تعلم ما هو طعم الحياة التي عاشها الناس قبل مولدها، ولا ماذا كان معناها! احقاً كانت حياة بلا مظاليم ولا مظالم! فليجيب أحدكم علي نورة، فقد طال انتظارها، وخوفي إن يإخذها نوم من نوع آخر فلا تفيق منه وتستريح بعد إن تملكها اليأس.
Subject: [Elhakeem:5135] RE: [Elhضakeem:5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Thu, 13 Aug 2015 11:49:12 +0000
Date: Thu, 13 Aug 2015 11:49:12 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W20B43826CF5CC33562521B37D0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 13, 2015, 5:27:23 PM8/13/15
to elha...@googlegroups.com
(٣) الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب:
الحلقة (٣) التدليس اللغوى عند سماسرة الإعجاز العلمى: ظاهرة زغلول النجار:
يمارس تجار الاعجاز العلمي النصب والاحتيال على الناس. نأخذ مثلاً علي ذلك، فهم يقولون لنا أن معنى دحاها في الآية القرآنية { والارض بعد ذلك دحاها} هو بيضة النعامة، أي إن الاية تعني أن الله قد دحي الارض، أي خلقها كروية او بيضاوية مثل بيضة النعامة. وقد هلل هؤلاء المدلسون وكبروا طويلاً وهم يدعون إن القرآن قد سبق كوبيرنيكوس وغاليليو الي القول بكروية الارض. ذلك رغم أن القران يذكر وبكل وضوح ان ذا القرنين بلغ مغرب الشمس ووجدها تغرب في عين حمئة، كذلك بلغ مشرقها فوجدها تشرق عند قوم لا يفقهون قولا.
التدليس في شرح معني الدحي، هو في الادعاء ان دحاها تعني الشكل البيضاوى للكرة الأرضية بالرغم من أن المعني الحقيقى لكلمة دحاها، هو بسطها ومدها !
فالدحي فعل، وهو ما تقوم به النعامة من تهيئة الارض لوضع بيضها، وجعلها منبسطة، مهيئة لاستقبال البيض، فالمقصود هو مبيض النعامة، أي مكان بيضها وليس بيضتها.
لندع النعامة وبيضها جانباً، وندير راسنا نحو ادعاءٍ آخر، وهو القول بان القران سبق العلم في تأكيد دور الأب، عن طريق الحيوان المنوي في تحديد جنس الجنين، فإننا نجد إن الشعر الجاهلي قد سبق القران وذكر دور الأب فى تحديد جنس الجنين فهل نعتبر هذا إعجازاً علمياً!!!
لقد راجت تجارة الإعجاز العلمى وإنتعش بيزنس التفسير العصرى على يد الدكتور زغلول النجار، وتبعه في ذلك العديدين ممن احتفت بهم القنوات الفضائية وافسحت لهم برامج ودفعت لهم بكرم فأثروا من اكاذيبهم.
وزغلول النجار هو الظاهرة الضارة التى لمعها المذيع أحمد فراج والذى قدم لنا من قبل الشيخ الشعراوى. في البداية قدم الدكتور زغلول نفسه على أنه مفسر للآيات الجيولوجية فى القرآن بإعتبارها من صميم تخصصه ،ولكنه مالبث أن أعجبته اللعبة، والمال فعرج على التفسيرات البيولوجية والفيزيائية والكيميائية والزراعية والفلكية إلى آخر هذه القائمة التى كلما استطالت وإزدحمت كلما تضخم بالتالى 'البيزنس' وتراكمت الثروة.
لقد أصبح زغلول النجار مؤسسة تمشى على قدمين، تدعمه مؤسسة أكبر هي هيئة الإعجاز العلمى فى المملكة السعودية والتى تسرطنت وصارت مافيا تتحدث بالمليارات، مستغلة الجهل المطبق والفقر وعقدة النقص المزمنة التى يعيشها المسلمون، ونظرية المؤامرة التى تتلبس عقولهم ، وتزييفاً للعقول، وسداً وهمياً للفجوة العلمية الرهيبة بيننا وبين الغرب مارس هؤلاء سحرهم لخداع البسطاء بإنهم الاعلون. ولقد ضخ هذا النشاط المحموم من هذه الفئة الأموال فى جيوب سماسرة الإعجاز العلمى، وعقدت المحاضرات وجندت وسائل الإعلام بما هو أقرب الي جلسة حشيش يتخدر فيها المسلمون بأحلام الإعجاز العلمى والتفوق الإيمانى ثم ينامون بعدها مرتاحى البال، علي أنهم قد إنتصروا على الغرب الكافر. كان سن الحربة ومقدمة الرمح المسنون اللامع فى هذه الحرب الحلم هو زعيم الإعجازيين زغلول النجار .
إن أخطر خلل فى ممارسة أصحاب بازارات الإعجاز العلمى هو كيفية التعامل مع اللغة، فهم يتعاملون مع اللغة على أنها مطية لتفسيراتهم الوهمية ، وعجينة تتشكل فى أيديهم حسب رغبتهم وحاجتهم. تارة تصبح الكلمة لها معنى وتارة أخرى يحملونها معنى آخر ما كان ليخطر على البال أو الخاطر، إلا بال وخاطر أصحاب هذا البيزنس الإعجازى.
إن اللغة وببساطة شديدة ليست سوي شفرة أو منظومة صوتية وكتابية نعبر بها عن أنفسنا ، فلو قلنا كلمة شجرة مثلاً كان هذا الصوت الذى نطقته هو المعبر عن هذا الشئ ذى الجذع والأوراق الخضراء والجزور، ولا يمكن أن يعني شيئاً آخر، ولكى تصبح اللغة ذات وظيفة محددة وغرض واضح، ولكى تنجح فى توصيل المعنى وتساهم فى تواصل البشر كان لابد أن يتفق هؤلاء البشر الذين تضمهم بقعة جغرافية بعينها على أن هذه الشفرة الصوتية هي التي تدل على هذا الشئ بالذات في لغتهم، فلاعلاقة بين الصوت "شجرة " وبين الشجرة الفعلية سوى إتفاقنا علي معني الكلمة، وإلا أصبح هذا الصوت المنطوق عبثاً وهراءً فى الفضاء لامعنى له، ولو كنا قد إتفقنا كلنا كعرب على أن الشجرة إسمها 'شجمة' مثلاً لكانت هذه الشجمة هي المنطبعة فى اذهاننا، والتي يتعلمها الصغار وينشأون عليها .
إذا فهمنا اللغة بهذا الفهم السابق شرحه سهل علينا كشف حقيقة العبث اللغوى الذى يمارسه دعاة الإعجاز العلمي، فكلمات القرآن الكريم كانت موجودة فى قاموس العرب حين جاءهم القران، وإذا لم تكن لهذه الكلمات عندهم دلالات بعينها فى ذلك الحين لكان القرآن قد تحول إلى مجموعة ألغاز وأحاجى لغوية، ولكان معطلاً عن الفهم ومن ثم الإيمان به، لكنه نزل وحياً صاغه النبي كلاماً يفهمه العرب. حتي الكلمات البسيطة التى لم تكن موجودة فى قاموس العرب، ولم تكن لها مدلولات حينذاك تولى الرسول شرحها مثل كلمة 'سقر' و 'البراق' مثلاً وهى كلمة تدل على شئ غيبى لمكان فى جهنم، وعلينا حين نحاول فهم وتفسير القرآن أن نفهمه ونفسره من خلال هذه الوظيفة اللغوية وهى الشرح والتوضيح وليس "التلغيز " والتعجيز، لأن القرآن نزل باللغة العربية وليس بلغة غيرها، وهو رسالة ومن أولى شروط الرسالة أن تكون واضحة وبلغة محددة مفهومة للناس.
إن أدق اللغات فى العالم هى لغة العلم التى تتحول أحياناً من فرط دقتها وتجريدها إلى رموز، ومعادلات لا ينفع معها مايدعيه الإعجازيون من أنهم يستخدمون التأويل أو المجاز فى إثبات الإعجاز العلمى، فهذا خلط وخطأ كبير ويفتح أبواب البلبلة أمام المسلمين، إذ أننا حينها من الممكن أن نقوم بتأويل أبيات شعرية مثلاً على أنها إعجاز علمى نتيجة هذا الخلط بين وظيفة اللغة فى الأدب والمسموح فيها بالمجاز والتاويل، واستخدامها فى العلم وهو محدد وواضح، لا يحتمل إستعارة أو كناية أو تأويلاً. فحيث ينبغى علينا إستعمال لغة محددة، لا نستطيع إدعاء أننا كنا نقصد كذا تأويلاً. فمثلاً عندما تصدر أمراً لشخص ما بأن يقفز من النافذة فينفذ الامر وتنكسر رقبته، حينها لا تستطيع أن تدعي أمام الشرطة بأنك كنت تقصد منه أن يقفز من نافذة قلبك ووجدانك !!!
لنقوم بتجربة سريعة من الممكن أن يجربها اياً منكم فى أشعار وكتابات أدبية اخرى لتعرفوا قدرة التأويل عند الإعجازيين وقد يظهر من بينكم سماسرة للاعجاز العلمى فى الشعر ولكن للأسف لن يصبح احداً منكم مليارديراً مثل حزب الإعجاز الزغلولى لأن الشعراء فقراء والأخطر أنهم مدانون فى كتب الفقه. مثلاً يصف شاعرنا العظيم المتنبى الحمى فى البيتين الشهيرين الذين يقول فيهما :
وزائرتى كأن بها حياء ٠٠٠ فليس تزور إلا فى الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا ٠٠٠ فعافتها وباتت في عظامي
وبعد قراءة هذا البيت من الممكن تدبيج وإختراع عدة أبحاث فى الجامعات تتحدث عن أن أغلب أنواع الحمى تتصاعد حدتها فى الليل، وانها تسبب الاماً في الجسم والعظام، وبهذا نثبت أن المتنبى جاء باعجاز علمي، فهو لذلك لم يكن كاذباً حين إدعى النبوة . ليست هذه سخرية ولكنه نفس الأسلوب الذى يتبعه زغلول النجار فى صفحته المؤجرة بالجريدة الموقرة .
إن استخدام اللغة المتعسف الذى سبق شرحه وإيضاح خلله، ولوى عنق العبارات لتتفق مع تفسيرات سماسرة الإعجاز، كل هذا خلق فجوة واسعة وعميقة بيننا وبين فهم القرآن على حقيقته، وحوّل المسألة إلى لعبة نستطيع بها إخراج أى معنى مسبق فى أذهاننا بمجرد فرد الكلمة وثنيها وتشكيلها حتى تخدم أوهام البعض المريضة بداء التفوق المخلوق من سراب ، والأمثلة على هذا التعسف المضحك المبكى الذى يمارسه الإعجازيون كثيرة وسنختار منها أهم مثال يشير إلى عملية النصب الإعجازى من لدن زغلول النجار.
سأذكر الآية القرآنية، ثم أورد إعجازها العلمى الذى يدعونه واذكر بعد ذلك معنى الكلمة الحقيقى المتعارف عليه فى قاموس العرب حينذاك والذى أوصل الدلالة اللغوية الصحيحة وإعتمد عليها المفسرون :
(١) الآية: {والأرض بعد ذلك دحاها }
الإعجاز المدعي :
أثبت القرآن قبل ١٤٠٠ سنة أن الأرض ليست كروية فحسب بل إنها بيضاوية كبيضة النعامة أو كالأدحية .
المعنى الحقيقى فى قاموس العرب :
دحا الأرض أى بسطها ومدها ،أما الأدحية التى يزعم سماسرة الإعجاز أنها أشارت لأحدث البحوث الفلكية التى أثبتت الشكل البيضاوى للأرض فهى لاتعنى بيضة النعامة ولكنها تعنى مبيض النعامة، أى المكان الذى تبيض فيه النعامة، وسمى كذلك لأن النعامة تدحوه برجلها أى تبسطه وتوسعه، فكيف يصبح بقدرة قادر دليلاً على الشكل البيضاوى! ولو سلمنا مع الإعجازيين أنها بمعنى البيضة فسنوقع أنفسنا فى فخ شائك ومطب خطير وهو أننا سنجد أنفسنا مطالبين بإثبات أن الشعراء كانوا يملكون فى أشعارهم إعجازاً علمياً، والأخطر أنه سيأتى البعض ويطلبون منا أن نعتبر الشعر الجاهلى كتاباً سماوياً ينافس القرآن حاشا لله. وإلا فليرد الإعجازيون ويفسروا لنا هذا البيت الشعرى الذى قاله شاعر عربى قبل عصر النبوة وهو زيد بن عمرو بن نفيل ،تقول الأبيات :
أسلمت وجهى لمن أسلمت ٠٠٠ له الأرض تحمل صخراً ثقالاً
دحاها فلما رآها إستوت ٠٠٠ على الأرض أرسى عليها الجبالا
فالشاعر الذي كان حنيفياً يقول: 'انه اسلم وجهه لمن اسلمت له الارض وهي تحمل صخراً ثقيلاً، ويقول إن الله دحاها، أي دحي الارض ومدها وبسطها، (وهو ما تراه العين وهي تنظر امامها، فتري الارض ممتدة الي ما لا نهاية، ولا تراها كروية) فلما رآها استوت إرسي عليه الجبال"
فنحن إن سايرنا الإعجازيين فى إستنتاجاتهم الوهمية، علينا أن نمنح الشاعر الحنيفي زيد بن عمر بن النفيل لقب نبى ونطلق على شعره الشعر المقدس المنزل لأنه يحتوى على إعجاز !!!.
أدى هذا العبث والتدليس اللغوى إلى فتح طرق عبث وتدليس جديدة من أهمها قول دعاة الاعجاز العلمي، أن هذه الإشارات الكونية الإعجازية التى يحفل بها القرآن لم تذكر من قبل فى أى كتاب، وبهذا وقع الإعجازيون وأوقعونا معهم فى بلبلة وشك وتخبط، فقد وجدت إن الكثير مما يتحدثون عنه موجود فى أشعار عربية وأساطير سومرية وبابلية وفرعونية وفى كتب مقدسة أخرى. والحل الذى يريحنا من هذ البلبلة أن نتخلص من مرض جنون العظمة هذا، وعقدة الإضطهاد ونعترف بأن ماتم ذكره هو تفاعل مع وإستجابة لمعطيات ومعارف ومعلومات الواقع العربى حينذاك ،وأنها ليست من الإعجاز العلمى ولاتمت له بصلة، وأن هذه الأساطير أو الكتب المقدسة لاتحتوى هى الأخرى على أى نوع من الإعجاز العلمي. ولنأخذ مزيد من الأدلة:
١) الآية رقم ٤٥ من سورة النجم والتى قام سماسرة الإعجاز بلوى عنقها لكى تتسق مع شعاراتهم كنوع من الاعجاز العلمي، الآية هى:
{ وإنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى}
استخدمت جماعة الاعجاز العلمي هذه الآية لإثبات أن القرآن قد سبق الغرب فى إثبات أن الرجل هو المسئول عن تحديد جنس المولود. نحن نعلم هذا الان لإن العلم دلنا علي ان جميع بويضات المرأة تحمل كروموزوم X بينما الحيوانات المنوية يحمل نصفها كروموزوم X ويحمل نصفها الآخر كروموزوم Y, وبما أن التقاء XX يكون المولود انثي، و التقاء YX يكون المولود ذكراً، علي ذلك فالحيوان المنوي الذي يلقح البويضة هو الذي يتوقف عليه جنس المولود. لكن وقبل القفز علي النتائج، لنقرأ شعر زوجة أبى حمزة العينى والذى هجرها بعد ان ولدت له بنتاً فقالت:
ما لأبى حمزة لا يأتينا ٠٠٠ ظل فى البيت الذى يلينا
غضبان ألا نلد البنينا ٠٠٠ تا لله ما ذلك فى أيدينا
ونحن كالأرض لزراعينا ٠٠٠ ننبت ما قد زرعوه فينا.
فهل نصرخ كما صرخ الإعجازيون ونقول إن هذه المرأة البدوية البسيطة يتساقط من فمها إعجاز علمى ويجب أن نقيم لها مقاماً وكعبة !!.
٢) الآية ١٢ سورة المؤمنون:
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين }
كتب زغلول النجار في مدى إعجاز هذه الاية صفحة كاملة عن تشابه تركيب جسم الإنسان مع التركيب الكيميائى للطين ،وأخذ يعطينا محاضرة فى نسبة الألومنيوم والسليكون والماغنسيوم والبوتاسيوم وأكاسيد الحديد فى كل من الإنسان والتراب ،ولكن ماهو رأى زغلول إذا أحضرنا له أدلة على أن هذا الكلام قد قيل فى أساطير سومرية وبابلية. وعليه فما عليه وما عليكم سوي الرجوع لكتاب فراس السواح "مغامرة العقل الأولى" وستجدون أن الأساطير السومرية ذكرت أن الإله مردوخ البابلى خلق الإنسان من طين، وكذلك إنكى السومرى والإله خنوم الفرعونى الذى كان يصور فى النقوش على هيئة صانع الفخار،وحتى فى الأساطير الإغريقية يخلق برومثيوس الإنسان من تراب وماء.تسربت هذه الفكر لسفر التكوين ٧/٢ حيث يقول:
[ وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ فى أنفه نسمة حياة]
وفى سفر أشعياء ٨/٦٤ حيث يقول:
[والآن يارب أنت أبونا نحن الطين وأنت جابلنا ]
وفي كل الاحوال، فإن الجنين يتغذي مما تتغذي منه إمه، وهذا الغذاء لا يخرج عن كونه من الارض، من النبات الذي ياخذ ثاني اوكسيد الكربون من الهواء، والماء والعناصر من التربة ويقوم بتصنيع غذاءه بمساعدة مادة الكلوروفيل في وجود الضوء،، وهذا هو المقصود من ان اجسامنا من طين، فانت تاكل ما اخذه النبات من التراب، او تاكل الحيوان الذي اكل النبات.
احسب إن ما اوردته يثبت أن كل هذه المعلومات التى يقولون عنها انها إعجاز علمي هى معارف كانت متداولة فى ذلك العصر وحتي قبله بقرون طويلة، وكل هذه الأساطير سواء سومرية أو بابلية أو فرعونية أو إغريقية، أو حتى الكتب السماوية سواء كانت توراة أو إنجيلاً أو قرآناً لاتحمل أى إعجاز علمى، لانها كتب دينية لا دخل لها بالعلوم الدنيوية.
الحلقة (٣) التدليس اللغوى عند سماسرة الإعجاز العلمى: ظاهرة زغلول النجار:
يمارس تجار الاعجاز العلمي النصب والاحتيال على الناس. نأخذ مثلاً علي ذلك، فهم يقولون لنا أن معنى دحاها في الآية القرآنية { والارض بعد ذلك دحاها} هو بيضة النعامة، أي إن الاية تعني أن الله قد دحي الارض، أي خلقها كروية او بيضاوية مثل بيضة النعامة. وقد هلل هؤلاء المدلسون وكبروا طويلاً وهم يدعون إن القرآن قد سبق كوبيرنيكوس وغاليليو الي القول بكروية الارض. ذلك رغم أن القران يذكر وبكل وضوح ان ذا القرنين بلغ مغرب الشمس ووجدها تغرب في عين حمئة، كذلك بلغ مشرقها فوجدها تشرق عند قوم لا يفقهون قولا.
التدليس في شرح معني الدحي، هو في الادعاء ان دحاها تعني الشكل البيضاوى للكرة الأرضية بالرغم من أن المعني الحقيقى لكلمة دحاها، هو بسطها ومدها !
فالدحي فعل، وهو ما تقوم به النعامة من تهيئة الارض لوضع بيضها، وجعلها منبسطة، مهيئة لاستقبال البيض، فالمقصود هو مبيض النعامة، أي مكان بيضها وليس بيضتها.
لندع النعامة وبيضها جانباً، وندير راسنا نحو ادعاءٍ آخر، وهو القول بان القران سبق العلم في تأكيد دور الأب، عن طريق الحيوان المنوي في تحديد جنس الجنين، فإننا نجد إن الشعر الجاهلي قد سبق القران وذكر دور الأب فى تحديد جنس الجنين فهل نعتبر هذا إعجازاً علمياً!!!
لقد راجت تجارة الإعجاز العلمى وإنتعش بيزنس التفسير العصرى على يد الدكتور زغلول النجار، وتبعه في ذلك العديدين ممن احتفت بهم القنوات الفضائية وافسحت لهم برامج ودفعت لهم بكرم فأثروا من اكاذيبهم.
وزغلول النجار هو الظاهرة الضارة التى لمعها المذيع أحمد فراج والذى قدم لنا من قبل الشيخ الشعراوى. في البداية قدم الدكتور زغلول نفسه على أنه مفسر للآيات الجيولوجية فى القرآن بإعتبارها من صميم تخصصه ،ولكنه مالبث أن أعجبته اللعبة، والمال فعرج على التفسيرات البيولوجية والفيزيائية والكيميائية والزراعية والفلكية إلى آخر هذه القائمة التى كلما استطالت وإزدحمت كلما تضخم بالتالى 'البيزنس' وتراكمت الثروة.
لقد أصبح زغلول النجار مؤسسة تمشى على قدمين، تدعمه مؤسسة أكبر هي هيئة الإعجاز العلمى فى المملكة السعودية والتى تسرطنت وصارت مافيا تتحدث بالمليارات، مستغلة الجهل المطبق والفقر وعقدة النقص المزمنة التى يعيشها المسلمون، ونظرية المؤامرة التى تتلبس عقولهم ، وتزييفاً للعقول، وسداً وهمياً للفجوة العلمية الرهيبة بيننا وبين الغرب مارس هؤلاء سحرهم لخداع البسطاء بإنهم الاعلون. ولقد ضخ هذا النشاط المحموم من هذه الفئة الأموال فى جيوب سماسرة الإعجاز العلمى، وعقدت المحاضرات وجندت وسائل الإعلام بما هو أقرب الي جلسة حشيش يتخدر فيها المسلمون بأحلام الإعجاز العلمى والتفوق الإيمانى ثم ينامون بعدها مرتاحى البال، علي أنهم قد إنتصروا على الغرب الكافر. كان سن الحربة ومقدمة الرمح المسنون اللامع فى هذه الحرب الحلم هو زعيم الإعجازيين زغلول النجار .
إن أخطر خلل فى ممارسة أصحاب بازارات الإعجاز العلمى هو كيفية التعامل مع اللغة، فهم يتعاملون مع اللغة على أنها مطية لتفسيراتهم الوهمية ، وعجينة تتشكل فى أيديهم حسب رغبتهم وحاجتهم. تارة تصبح الكلمة لها معنى وتارة أخرى يحملونها معنى آخر ما كان ليخطر على البال أو الخاطر، إلا بال وخاطر أصحاب هذا البيزنس الإعجازى.
إن اللغة وببساطة شديدة ليست سوي شفرة أو منظومة صوتية وكتابية نعبر بها عن أنفسنا ، فلو قلنا كلمة شجرة مثلاً كان هذا الصوت الذى نطقته هو المعبر عن هذا الشئ ذى الجذع والأوراق الخضراء والجزور، ولا يمكن أن يعني شيئاً آخر، ولكى تصبح اللغة ذات وظيفة محددة وغرض واضح، ولكى تنجح فى توصيل المعنى وتساهم فى تواصل البشر كان لابد أن يتفق هؤلاء البشر الذين تضمهم بقعة جغرافية بعينها على أن هذه الشفرة الصوتية هي التي تدل على هذا الشئ بالذات في لغتهم، فلاعلاقة بين الصوت "شجرة " وبين الشجرة الفعلية سوى إتفاقنا علي معني الكلمة، وإلا أصبح هذا الصوت المنطوق عبثاً وهراءً فى الفضاء لامعنى له، ولو كنا قد إتفقنا كلنا كعرب على أن الشجرة إسمها 'شجمة' مثلاً لكانت هذه الشجمة هي المنطبعة فى اذهاننا، والتي يتعلمها الصغار وينشأون عليها .
إذا فهمنا اللغة بهذا الفهم السابق شرحه سهل علينا كشف حقيقة العبث اللغوى الذى يمارسه دعاة الإعجاز العلمي، فكلمات القرآن الكريم كانت موجودة فى قاموس العرب حين جاءهم القران، وإذا لم تكن لهذه الكلمات عندهم دلالات بعينها فى ذلك الحين لكان القرآن قد تحول إلى مجموعة ألغاز وأحاجى لغوية، ولكان معطلاً عن الفهم ومن ثم الإيمان به، لكنه نزل وحياً صاغه النبي كلاماً يفهمه العرب. حتي الكلمات البسيطة التى لم تكن موجودة فى قاموس العرب، ولم تكن لها مدلولات حينذاك تولى الرسول شرحها مثل كلمة 'سقر' و 'البراق' مثلاً وهى كلمة تدل على شئ غيبى لمكان فى جهنم، وعلينا حين نحاول فهم وتفسير القرآن أن نفهمه ونفسره من خلال هذه الوظيفة اللغوية وهى الشرح والتوضيح وليس "التلغيز " والتعجيز، لأن القرآن نزل باللغة العربية وليس بلغة غيرها، وهو رسالة ومن أولى شروط الرسالة أن تكون واضحة وبلغة محددة مفهومة للناس.
إن أدق اللغات فى العالم هى لغة العلم التى تتحول أحياناً من فرط دقتها وتجريدها إلى رموز، ومعادلات لا ينفع معها مايدعيه الإعجازيون من أنهم يستخدمون التأويل أو المجاز فى إثبات الإعجاز العلمى، فهذا خلط وخطأ كبير ويفتح أبواب البلبلة أمام المسلمين، إذ أننا حينها من الممكن أن نقوم بتأويل أبيات شعرية مثلاً على أنها إعجاز علمى نتيجة هذا الخلط بين وظيفة اللغة فى الأدب والمسموح فيها بالمجاز والتاويل، واستخدامها فى العلم وهو محدد وواضح، لا يحتمل إستعارة أو كناية أو تأويلاً. فحيث ينبغى علينا إستعمال لغة محددة، لا نستطيع إدعاء أننا كنا نقصد كذا تأويلاً. فمثلاً عندما تصدر أمراً لشخص ما بأن يقفز من النافذة فينفذ الامر وتنكسر رقبته، حينها لا تستطيع أن تدعي أمام الشرطة بأنك كنت تقصد منه أن يقفز من نافذة قلبك ووجدانك !!!
لنقوم بتجربة سريعة من الممكن أن يجربها اياً منكم فى أشعار وكتابات أدبية اخرى لتعرفوا قدرة التأويل عند الإعجازيين وقد يظهر من بينكم سماسرة للاعجاز العلمى فى الشعر ولكن للأسف لن يصبح احداً منكم مليارديراً مثل حزب الإعجاز الزغلولى لأن الشعراء فقراء والأخطر أنهم مدانون فى كتب الفقه. مثلاً يصف شاعرنا العظيم المتنبى الحمى فى البيتين الشهيرين الذين يقول فيهما :
وزائرتى كأن بها حياء ٠٠٠ فليس تزور إلا فى الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا ٠٠٠ فعافتها وباتت في عظامي
وبعد قراءة هذا البيت من الممكن تدبيج وإختراع عدة أبحاث فى الجامعات تتحدث عن أن أغلب أنواع الحمى تتصاعد حدتها فى الليل، وانها تسبب الاماً في الجسم والعظام، وبهذا نثبت أن المتنبى جاء باعجاز علمي، فهو لذلك لم يكن كاذباً حين إدعى النبوة . ليست هذه سخرية ولكنه نفس الأسلوب الذى يتبعه زغلول النجار فى صفحته المؤجرة بالجريدة الموقرة .
إن استخدام اللغة المتعسف الذى سبق شرحه وإيضاح خلله، ولوى عنق العبارات لتتفق مع تفسيرات سماسرة الإعجاز، كل هذا خلق فجوة واسعة وعميقة بيننا وبين فهم القرآن على حقيقته، وحوّل المسألة إلى لعبة نستطيع بها إخراج أى معنى مسبق فى أذهاننا بمجرد فرد الكلمة وثنيها وتشكيلها حتى تخدم أوهام البعض المريضة بداء التفوق المخلوق من سراب ، والأمثلة على هذا التعسف المضحك المبكى الذى يمارسه الإعجازيون كثيرة وسنختار منها أهم مثال يشير إلى عملية النصب الإعجازى من لدن زغلول النجار.
سأذكر الآية القرآنية، ثم أورد إعجازها العلمى الذى يدعونه واذكر بعد ذلك معنى الكلمة الحقيقى المتعارف عليه فى قاموس العرب حينذاك والذى أوصل الدلالة اللغوية الصحيحة وإعتمد عليها المفسرون :
(١) الآية: {والأرض بعد ذلك دحاها }
الإعجاز المدعي :
أثبت القرآن قبل ١٤٠٠ سنة أن الأرض ليست كروية فحسب بل إنها بيضاوية كبيضة النعامة أو كالأدحية .
المعنى الحقيقى فى قاموس العرب :
دحا الأرض أى بسطها ومدها ،أما الأدحية التى يزعم سماسرة الإعجاز أنها أشارت لأحدث البحوث الفلكية التى أثبتت الشكل البيضاوى للأرض فهى لاتعنى بيضة النعامة ولكنها تعنى مبيض النعامة، أى المكان الذى تبيض فيه النعامة، وسمى كذلك لأن النعامة تدحوه برجلها أى تبسطه وتوسعه، فكيف يصبح بقدرة قادر دليلاً على الشكل البيضاوى! ولو سلمنا مع الإعجازيين أنها بمعنى البيضة فسنوقع أنفسنا فى فخ شائك ومطب خطير وهو أننا سنجد أنفسنا مطالبين بإثبات أن الشعراء كانوا يملكون فى أشعارهم إعجازاً علمياً، والأخطر أنه سيأتى البعض ويطلبون منا أن نعتبر الشعر الجاهلى كتاباً سماوياً ينافس القرآن حاشا لله. وإلا فليرد الإعجازيون ويفسروا لنا هذا البيت الشعرى الذى قاله شاعر عربى قبل عصر النبوة وهو زيد بن عمرو بن نفيل ،تقول الأبيات :
أسلمت وجهى لمن أسلمت ٠٠٠ له الأرض تحمل صخراً ثقالاً
دحاها فلما رآها إستوت ٠٠٠ على الأرض أرسى عليها الجبالا
فالشاعر الذي كان حنيفياً يقول: 'انه اسلم وجهه لمن اسلمت له الارض وهي تحمل صخراً ثقيلاً، ويقول إن الله دحاها، أي دحي الارض ومدها وبسطها، (وهو ما تراه العين وهي تنظر امامها، فتري الارض ممتدة الي ما لا نهاية، ولا تراها كروية) فلما رآها استوت إرسي عليه الجبال"
فنحن إن سايرنا الإعجازيين فى إستنتاجاتهم الوهمية، علينا أن نمنح الشاعر الحنيفي زيد بن عمر بن النفيل لقب نبى ونطلق على شعره الشعر المقدس المنزل لأنه يحتوى على إعجاز !!!.
أدى هذا العبث والتدليس اللغوى إلى فتح طرق عبث وتدليس جديدة من أهمها قول دعاة الاعجاز العلمي، أن هذه الإشارات الكونية الإعجازية التى يحفل بها القرآن لم تذكر من قبل فى أى كتاب، وبهذا وقع الإعجازيون وأوقعونا معهم فى بلبلة وشك وتخبط، فقد وجدت إن الكثير مما يتحدثون عنه موجود فى أشعار عربية وأساطير سومرية وبابلية وفرعونية وفى كتب مقدسة أخرى. والحل الذى يريحنا من هذ البلبلة أن نتخلص من مرض جنون العظمة هذا، وعقدة الإضطهاد ونعترف بأن ماتم ذكره هو تفاعل مع وإستجابة لمعطيات ومعارف ومعلومات الواقع العربى حينذاك ،وأنها ليست من الإعجاز العلمى ولاتمت له بصلة، وأن هذه الأساطير أو الكتب المقدسة لاتحتوى هى الأخرى على أى نوع من الإعجاز العلمي. ولنأخذ مزيد من الأدلة:
١) الآية رقم ٤٥ من سورة النجم والتى قام سماسرة الإعجاز بلوى عنقها لكى تتسق مع شعاراتهم كنوع من الاعجاز العلمي، الآية هى:
{ وإنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى}
استخدمت جماعة الاعجاز العلمي هذه الآية لإثبات أن القرآن قد سبق الغرب فى إثبات أن الرجل هو المسئول عن تحديد جنس المولود. نحن نعلم هذا الان لإن العلم دلنا علي ان جميع بويضات المرأة تحمل كروموزوم X بينما الحيوانات المنوية يحمل نصفها كروموزوم X ويحمل نصفها الآخر كروموزوم Y, وبما أن التقاء XX يكون المولود انثي، و التقاء YX يكون المولود ذكراً، علي ذلك فالحيوان المنوي الذي يلقح البويضة هو الذي يتوقف عليه جنس المولود. لكن وقبل القفز علي النتائج، لنقرأ شعر زوجة أبى حمزة العينى والذى هجرها بعد ان ولدت له بنتاً فقالت:
ما لأبى حمزة لا يأتينا ٠٠٠ ظل فى البيت الذى يلينا
غضبان ألا نلد البنينا ٠٠٠ تا لله ما ذلك فى أيدينا
ونحن كالأرض لزراعينا ٠٠٠ ننبت ما قد زرعوه فينا.
فهل نصرخ كما صرخ الإعجازيون ونقول إن هذه المرأة البدوية البسيطة يتساقط من فمها إعجاز علمى ويجب أن نقيم لها مقاماً وكعبة !!.
٢) الآية ١٢ سورة المؤمنون:
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين }
كتب زغلول النجار في مدى إعجاز هذه الاية صفحة كاملة عن تشابه تركيب جسم الإنسان مع التركيب الكيميائى للطين ،وأخذ يعطينا محاضرة فى نسبة الألومنيوم والسليكون والماغنسيوم والبوتاسيوم وأكاسيد الحديد فى كل من الإنسان والتراب ،ولكن ماهو رأى زغلول إذا أحضرنا له أدلة على أن هذا الكلام قد قيل فى أساطير سومرية وبابلية. وعليه فما عليه وما عليكم سوي الرجوع لكتاب فراس السواح "مغامرة العقل الأولى" وستجدون أن الأساطير السومرية ذكرت أن الإله مردوخ البابلى خلق الإنسان من طين، وكذلك إنكى السومرى والإله خنوم الفرعونى الذى كان يصور فى النقوش على هيئة صانع الفخار،وحتى فى الأساطير الإغريقية يخلق برومثيوس الإنسان من تراب وماء.تسربت هذه الفكر لسفر التكوين ٧/٢ حيث يقول:
[ وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ فى أنفه نسمة حياة]
وفى سفر أشعياء ٨/٦٤ حيث يقول:
[والآن يارب أنت أبونا نحن الطين وأنت جابلنا ]
وفي كل الاحوال، فإن الجنين يتغذي مما تتغذي منه إمه، وهذا الغذاء لا يخرج عن كونه من الارض، من النبات الذي ياخذ ثاني اوكسيد الكربون من الهواء، والماء والعناصر من التربة ويقوم بتصنيع غذاءه بمساعدة مادة الكلوروفيل في وجود الضوء،، وهذا هو المقصود من ان اجسامنا من طين، فانت تاكل ما اخذه النبات من التراب، او تاكل الحيوان الذي اكل النبات.
احسب إن ما اوردته يثبت أن كل هذه المعلومات التى يقولون عنها انها إعجاز علمي هى معارف كانت متداولة فى ذلك العصر وحتي قبله بقرون طويلة، وكل هذه الأساطير سواء سومرية أو بابلية أو فرعونية أو إغريقية، أو حتى الكتب السماوية سواء كانت توراة أو إنجيلاً أو قرآناً لاتحمل أى إعجاز علمى، لانها كتب دينية لا دخل لها بالعلوم الدنيوية.
Subject: [Elhakeem:5135] RE: [Elhضakeem:5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Thu, 13 Aug 2015 11:49:12 +0000
Date: Thu, 13 Aug 2015 11:49:12 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W20B43826CF5CC33562521B37D0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 15, 2015, 12:37:39 PM8/15/15
to elha...@googlegroups.com
(٤) الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب:
الحلقة (٤) ادعاء الإعجاز العلمى يضلل المسلمين ويعرضهم للسخرية:
أذكر ونحن في كلية الطب إن البروفيسور عبد العال استاذ الجراحة، ومن بعده الدكتور الفاضل ربيع استاذ علم الكيمياء الحيوية -عليهما رحمة الله- كانا ممن يروجون لاعجاز القرآن العلمي، فكانا يستشهدان بالاية ٥٦ من سورة النساء والتي تقول { إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها } علي أن فيها اعجاز علمي، فكانوا يقولون لنا إن الله الذي خلق الانسان هو الذي يعلم بأن الموصلات العصبية التي تنقل الاحساس من لمس وألم وغيرهما توجد في الجلد، وبالتحديد في طبقة الجلد الخارجية (ابيديرمس) لذلك فالحريق من الدرجة الاولي اكثر ايلاماً من الحريق من الدرجة الثانية او الثالثة. كان صوت د. الفاضل ربيع يتهدج بكاءً وهو يتلو هذه الآية. كنت اعجب وقتها كيف يقتنع استاذ بمثل هذه الآية والجميع يعلم بأن اي الم سواء بسبب حريق او غيره انما حاسته هي الجلد، وهي معلومة لا تحتاج الي ذكاء ولا اعجاز، فهي واضحة للعيان، ولا بد إن الانسان علمها منذ حياته في الكهوف، ولجإ اليها الطغاة في تعذيبهم لاعدائهم وللمعارضين لهم. كان البعض يقتنع بإن هذا اعجاز، بينما الحقيقة كما ذكرت هي إن كل من شاهد احداً يصاب بحريق يدرك إن الحريق السطحي اشد ايلاماً من ذلك الذي يحرق الجلد بكامله والذي تكمن خطورته في فقدان السوائل والالتهابات والتشوهات، وعرب ما قبل الاسلام لا بد إنهم عرفوا هذه الحقيقة من كيهم لجمالهم، او لانفسهم، ومشاهدتهم لاصابات الحريق. هذ ه القصة اوردتها كمثل لما كانت عليه عقول البعض - ولعلها ما زالت- من البساطة وتصديق ما يقال لها او ما تقرأه دون تحفظ. لكن المثل قد ينطبق علي ما اصبحت عليه عقول القلة بعد مراجعة ما أُختِزِن فيها من ضلالات واكاذيب، فقامت بمراجعته ونقده بالعقل والمنطق، ثم قبوله إن اتفق مع العقل والادلة، أو رفضه إن وجد له تفسير آخر اكثر منطقية وعقلانية، او خالف العقل والدليل، فكما قال شيخ المعرة، ليس للإنسان من امام يقوده في هذه الطلمات من العقل:
يرتجي الناس أن يقوم خطيبٌ ٠٠٠ ناطقٌ في الكتيبة الخرساء
لا إمام سوي العقل مشيراً ٠٠٠ في صبحه والمساء
سوف يتساءل البعض عند قراءتهم لهذه الحلقات - كما تساءل منهم من تساءل من قبل- سوف يتساءلون عن دافعي إلي كتابتها، وقد يرددون فيما بينهم وبين انفسهم، هذا التساؤل، إن لم يبوحوا بافكارهم لآخرين ممن ينتمون الي معسكر المؤمنين القانعين الذين لا يسألون ولا يتساءلون، بل لا يفكرون لإنفسهم مفضلين إن يفكر لهم زغلول النجار واتباعه ممن يؤمنون ويروجون الي وجود اعجاز علمي في القرآن. قد يقول هؤلاء، " ما كسب هذا الطبيب الذي يقول إنه مسلم من كل هذا الجُهد والعناء!؟ أفلم يكن الأجدي به، بل الأجدر به - أي بالكاتب - أن يلتزم الصمت مثل الالاف الذين يعلمون ما يعلم هو لكنهم صامتونً فيصمت مثلهم، ولا يشكك المسلمين في اعجاز كتابهم المقدس؟" وقد يقول البعض،" ثم ما الضرر في أن يزداد ايمان المسلمين بكتابهم، وهو ليس لهم ما يفخرون به وينافسون به الامم سوي هذا الكتاب!"
أجيب علي هؤلاء الذين يظنون انهم من الحادبين علي الاسلام، فأقول، إن الساكت عن الحق شيطان أخرس كما ترددون، والاسلام لن ينتفع بالاكاذيب التي يلفه بها من يدعون إنهم حادبون عليه، فالحادب علي دينه، الحريص عليه إنما ينقيه من الدلس والدنس، ومن الخرافات والاساطير والاكاذيب، ويخلصه من الادعاءات الباطله، لا يلفه باثواب الضلال والكذب، ويدعي له ما ليس فيه مما قد ينكشف أمره فيعطي أعداء الاسلام مبرراً للهجوم عليه والاساءة إليه، وهم ما علمنا أبداً متربصين في انتظار فجوة يدخلون منها، إو هفوة يستغلونها لهدم الاسلام. فالحريص الحادب علي دينه يكسوه باثواب الصراحة والحق، وهي اثواب شفافة ليست كاثواب المنافقين، لا تخفي شيئاً من ورائها، اذ ليس هناك ما يستوجب الاخفاء. ولماذا نزيد ايمان الناس بالحاق الاباطيل بكتاب هو الحق من عند الله، افلا يكفي القرآن ما فيه ليؤمن الناس به؟ وهل آمن به الصحابة لاعجازه العلمي الذي لم يحيطوا بشئ منه - ذلك ان كان وجد- أم أمنوا به وبكل ما فيه دون سؤال!. ثم اليس مثل هذا الحدب الكاذب علي الدين، والاصرار علي نشر التقوي والصلاح بين الناس عن طريق الترهيب والترغيب هو الذي دفع بالبعض الي تأليف الاحاديث ونسبتها الي النبي عليه الصلاة والسلام بغرض ترغيب الناس في الجنة فصاغوا حولها الا صاف والاغراءات المادية مما لم يجئ به القران، او تخويفهم من النار فرووا عنها الاهوال كأنهم زاروها واطلعوا علي ما فيها، وكان عذرهم في كل ذلك الافك والكذب والتضليل، إنهم لا يحللون حراماً فلذلك لا ضير في مثل هذه الاحاديث، ذلك رغم تحذير رسول الله من القول عليه.
إن وهم الإعجاز العلمى القرآنى ليس بالوهم الحديث، فهو قد سيطر على عقول القدماء كما سيطر على عقول المعاصرين، وكما تصدى الشيخ شلتوت والدكتورة عائشة بنت الشاطئ لأكاذيب أصحاب بوتيكات الإعجاز حديثاً، تصدى لهم الإمام الشاطبى قديماً فى كتابه الهام "الموافقات فى أصول الشريعه "، فبعد أن تحدث الشاطبى عن عدم جواز تحميل القرآن من المعانى ما لا يتناسب مع كون العرب أمة أمية قال بوضوح:
[ يجب أن لانلتمس فى القرآن ولافى الحديث مايخرج عن معهود العرب من العلوم والمعارف، وعلوم العرب مذكورة ومعروفة، كالعلم بمواقع النجوم وما يختص بالإهتداء بالنجوم فى البر والبحر، والعلم بالأنواء وأوقات نزول المطر، وإنتشار السحاب، والعلم بالتاريخ وأخبار الأمم الماضية. وهذا الصنف من المعارف ذكره القرآن فى غير ما آية ..]
هذه هى أنواع وحدود العلوم التى كانت متداولة وقت نزول القران ولم يطلب الشاطبى من القرآن أن يتخطى هذه الحدود العلمية الضيقة، بل وأنكر أن نبحث فى القرآن عن معارف وعلوم أعلى من مستوى الأمية التى كان عليها العرب ، ونقتبس هنا هذا الإستنكار فى قوله:
[ أن كثيراً من الناس قد تجاوزوا الحد فى الدعوى على القرآن، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات والهيئة والمنطق وعلم الحروف وجميع مانظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها ]
ويوضح الشاطبى سبب إستنكاره فيقول:
[ لأننا إذا عرضناه على ماتقدم –من أمية العرب –لم يصح، ولذلك السبب ليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لايصح أن ينكر منه ما يقتضيه ،ويجب الإقتصار فى الإستعانة على فهمه على كل مايضاف علمه إلى العرب خاصة فيما يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية ، فمن طلبه بغير ماهو أداة له ضل عن فهمه ].
الضلال هو المصير الذى يتوقعه الإمام الشاطبى لمن يطلبون الإعجاز العلمى والتفسير الكونى فى القرآن ،تخيلوا عملية التضليل والتدليس التى يقوم بها دعاة الإعجاز العلمي ويغسلون بها أدمغة المسلمين، ويزيفون وعيهم بدعوى وتحت شعار أنهم يرسخون إيمان المؤمنين ويثبتون لهم أنهم أفضل من الجميع ديناً وعلماً، لذلك فليس عليهم ان يسعوا بل الله قد سعي لهم، وأبان لهم علم كل شئ في قرآنهم (يفهم بعض الجهلاء اية {ما فرطنا في الكتاب من شئ} علي إنها تعني إن الكتاب، الذي هو القران ضمنه الله جميع المعارف البشرية، بما في ذلك كل ما كان وما سيكون).
إن اكبر أسباب الضلال هى الكارثة المنتظرة إذا إلتمسنا علوم الطبيعة فى القرآن فإننا إن فعلنا ذلك وقلنا عن آيات أنها تحتوى على إعجاز علمى فنحن نفتح الباب لكى يرد علينا من يثبت العكس بأن هذه الآيات بها خطأ علمى ، وإذا لم نلجأ للحل الذى طرحته فى البداية وهو أن نعترف بأن القرآن كان يتفاعل مع معارف وعلوم هذه الأمة الأمية، كما قال الإمام الشاطبى ،ونخرج من هذا الفخ ونرفع عنا الحرج بأن نطلق على مايصفونه خطأ علمياً بأنه مجرد إنعكاس ورصد لعلوم ومعارف عصر نزول القرآن الذى من الممكن بل من الأكيد أن علوم زماننا تجاوزته بمراحل، إذا لم نفعل ذلك فنحن نرتكب جريمة فى حق القرآن ،ولكن أن نعاند ونصر على أن هذه الآيات بها إعجاز علمى فبذلك نكون قد فتحنا على أنفسنا أبواب جهنم وقمنا بجر وشد القرآن إلى ملعب ليس بملعبه، وجعلناه مطروحاً على بساط البحوث العلمية الكيميائية ومتأرجحاً على أرجوحة النظريات الفيزيائية والبيولوجية وبذلك نكون قد عبدنا ومهدنا أقصر الطرق لضلال المسلمين وإضلالهم وتزييف وعيهم.
لنضرب بعض الأمثلة من أشهر مايقدمه تجار الإعجاز العلمى تحت إسم إعجاز تطور الجنين حين يتناولون الآيات الخاصة بها فى سورة المؤمنون :
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما * فكسونا العظام لحما * ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين }
وهى آيات تتحدث إلى مجتمع المسلمين الأول بلغته المتداولة في ذلك الزمن عن معجزة الخلق التى هى مجرد خلق هذا الجنين بدون التفاصيل العلمية التى يدعونها. وعملية خلق الجنين والحمل والولادة فى حد ذاتها إقشعر لها بدن الإنسان منذ العصر الحجرى، ولم يكن وقتها محتاجاً لأى تفاصيل علمية دقيقة بأن هذه معجزة، فهم كانوا ينسبونها قديماً لقوى غامضة، ثم نسبت بعد ذلك إلى قدرة سماوية خارقة هى الله خالق الخلق أجمعين ، ومايدعيه أصحاب بازارات الإعجاز العلمى من أن هذه الآيات تتحدث عن أمور علمية معاصرة قول مغلوط ، وعدم وجود هذه المعلومات والمفاهيم الحديثة عن تكوين الجنين ليس فيها أى إنتقاص من قدر القرآن وقدسيته ، فالمفاهيم القديمة المتداولة وقت نزول القرآن كانت تتحدث عن أن الجماع وما ينزل منه من سائل منوى هو سبب الحمل. وحتى فى سفر التكوين عندما أدين أونان لممارسته العادة السرية كانت الإدانة بسبب أنه بهذه العادة يمنع النسل ، وهذه معلومة متداولة لاتعنى أى إعجاز إذا كانت النطفة تعنى الحيوانات المنوية كما يدعون ، وبالطبع لابد أن نفهم الآيات من السياق ومن معانى الكلمات التى تشكل الآيات. فالنطفة هى قطرة الماء، وهو ما الرجل الذي يحمل الحيوانات المنوية، وينجح واحد منها في تلقيح البريضة التي تكون منتظرة داخل قناة فالوب، والعلقة هى قطعة الدم الغليظ التي تتحرك داخل قناة فالوب في اتجاه الرحم لتعلق بجداره، وهو ما يسمي في علم الأجنة ب (موريولا) ولاعلاقة لها بالدودة التى يتحدث عنها د. زغلول النجار، والمضغة وغيرها من الأشكال قد تكون ال (بلاستوسيست) التي تعلق بجدار الرحم، ولا علاقة لها بأطوار تكون الجنين ولكنها ببساطة مراحل شاهدتها القابلات والأمهات حينذاك من ملاحظات بسيطة أثناء الإجهاض. فالإجهاض يتم فى أى مرحلة ومن الوارد جداً عندما يحدث الإجهاض أن يصفه هؤلاء بأنه شبه العلقة أو المضغة ...الخ ، كل هذ لايعكس أى معجزة علمية حديثة، فالمفاهيم القديمة لاتذكر أبداً الدور الهام والمحوري لبويضة المرأة، ولكن تذكر ماء الرجل وماء المرأة وهو الماء الذى ينزل من غدد المهبل قبل الإيلاج، ولاعلاقة له بتكون الجنين. وقد كان فهم الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأشياء مرتبطاً بمعتقدات ذلك الزمان ،فعلى سبيل المثال هناك الحديث الذى يجيب فيه الرسول –صلعم- عن سؤال المرأة هل تغتسل إذا إحتلمت ؟ فرد الرسول عندما قالت عائشة "تربت يداك" ، قائلاً :"دعيها وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه" هذه المفاهيم وغيرها هى التى كانت سائدة ولانستطيع أن ندعى أنها تعبر عن معلومات علمية معاصرة مثل مفهوم إتحاد الحيوان المنوى بالبويضة التى لم نجد لها أى ذكر فى ثقافة العرب القدماء وبالتالى فى القرآن.
أما آية فكسونا العظام لحماً فهى تتحدث أيضاً عن مفهوم قديم أيضاً تفاعل معه القرآن لإقناعهم من داخل ثقافتهم وبلسان معارفهم، وهذا المفهوم يتحدث عن خلق العظام قبل العضلات وهو مايعتبره د. زغلول النجار -جهلاً منه بعلم الاجنة الذي يدرسه الاطباء في بداية دراستهم لعلوم الطب الاساسية- إعجازاً علمياً. لكن لعل د. زغلول سيندهش ولن يستطيع التخلص من هذا الفخ الذى أوقع نفسه فيه، وارجو أن يتعظ فلا يفتي فيما ليس له به علم، حين يعرف أن العظام واللحم يخلقان فى نفس الزمن، وان الجنين لم يكن هيكلاً عظمياً كساه اللحم في أي لحظة من لحظات تخلقه. وأى دارس لعلم الأجنة يعرف أن خلايا الجنين تنقسم إلى ثلاث طبقات : إكتوديرم، وميزوديرم، وإندوديرم، الطبقة الاولي الخارجية يتكون منها المخ والأعصاب والجلد، والثانية الوسطي وهى محور حديثنا يتكون منها العظام والعضلات بالتزامن والتوازى وليس عظم قبل لحم كما كان القدماء يتصورون، أما الطبقة الأخيرة الداخلية فمنها الأمعاء والكبد وبقية الاحشاء داخل تجويف السيلوم.
كذلك مفهوم تشكيل الجنين من الماء الدافق بين الصلب والترائب هو مفهوم أيضاً يتسق مع المفهوم الذى كان يقول قديماً هذا الإبن من ظهرى أو من صلبى وبالطبع كان يقولها القدماء قبل القرآن بدون أى إدعاء إعجاز ، وكان رجال الدين اليهود والمسيحيون يحاولون نفس المحاولة مع سفر التكوين حين خاطب الله يعقوب قائلاً [ وملوك سيخرجون من صلبك] ، وبالطبع تغيرت تلك الفكرة الآن وعرفنا أن الحيوانات المنوية تفرز من الخصيتين وتسبح فى سائل من البروستاتا والحويصلات المنوية، وبذلك نكون قد تأكدنا من أن محاولات رجال الدين فى كافة الأديان لإثبات الإعجاز العلمى محاولات مكتوب عليها الفشل المزمن.
السبب الثانى للضلال كما يسميه الإمام الشاطبى والذى يدعونا لإنكار الإعجاز العلمى هو تحويل العبادات والأوامر الإلهية القرآنية إلى فوائد علمية ولا أعلم لماذا هذا التعسف والعناء ؟،فالمسلم يصوم لأن الله امره بذلك وليس لأن الصوم أفضل للكبد والقلب والبنكرياس الخ.. ولأنه ببساطة إذا كان الأمر يحتوى على كل هذه الفوائد لماذا نأكل الطعام فى كل الشهور الأخرى ولانصومها جميعاً ؟! والمسلم يصلي لأن الله أمره بالصلاة وليس لأنها تمارين رياضية وإلا كانت تمارين الجمباز أفضل !! وهكذا فتحويل العبادات وتسويقها للبشر بحجة أن فيها فوائد علمية ونظريات فسيولوجية فيه إمتهان للدين والعلم على السواء، وفيه امتهان لعقولنا.
من أشهر هذه الأوامر الإلهية التى حاول الإعجازيون تبريرها بأسباب علمية وتمريرها على أنها إعجاز علمى أمر الإمتناع عن تناول لحم الخنزير ، فالمسلم مطالب بعدم تناول هذا اللحم لأنه أمر إلهي، وليس لإن في الامر اعجاز علمي، والرد علي اقوال زغلول عن أضرار لحم الخنزير بأنها إعجاز علمى حديث مضلل لأن الدين الإسلامى ليس الدين الوحيد الذى حرم لحم الخنزير فهناك الدين اليهودى يحرمه أيضاً ففى سفر اللاويين والتثنية تقول التوراه عن الخنزير "من لحمها لاتأكلوا وجثتها لاتلمسوا"، وهنا نجئ الي ذكر الذي حرم اكل لحم الخنزير وليس هو الله سبحانه وتعالي كما يعتقد الكثيرون، بل هو يعقوب نبي بني اسرائيل، وهو الذي صار اسمه اسرائيل، والدليل علي ذلك هو الآية { كل الطعام كان حلٌ لبني اسرائيل الا ما حرم اسرائيل علي نفسه من قبل ان تنزل التوراة قُل هاتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين}. فلحم الخنزير كان حلالاً للعبرانين الي إن حرمه اسرائيل علي نفسه فاصبح حراماً علي قومه من بني اسرائيل، وكان ذلك قبل زمن موسي وقبل نزول التوراة.
حتي الديانة المصرية القديمة حضت على كراهية الخنزير فيكفى أن إله الشر ست قتل الإله حورس بينما كان الأول على هيئة خنزير. وفى الأساطير الكنعانية مات كبير الآلهة على يد خنزير برى، ووفى الأساطير الإغريقية قتل الإله أدونيس على يد خنزير برى أيضاً. إذن مسألة الإعجاز العلمى لمنع الخنزير ستجرنا إلى مقارنات غير مطلوبة.
ثانياً : مسألة أن لحم الخنزير من الممكن أن تصيبه دودة شريطية تسمى التينيا سوليم فإن الإعجازيين يخفون عنا أن البقر من الممكن أن تصيبه دودة شريطية أخرى تسمى التينيا ساجيناتا، فلماذا لم نحرم أكل البقر أيضاً ؟!، ويقال أن الخنازير تربى فى حظائر قذرة ولكن إذا عرف د.زغلول أن حظائر الخنازير فى أوروبا أكثر نظافة من بيوت كثيرة موجودة فى بلادنا ، وأنه لو شاهد ماذا يأكل الدجاج فى حارات وشوارع القرى العربية سيمتنع فوراً عن أكل الدجاج الذى يتناول أحياناً الفضلات !، هل وقتها سيبيح لحم الخنازير إذا ربيت فى حظائر نظيفة ؟!، أما العجب العجاب فهو ماسمعته من بعض الإعجازيين عن أن لحم الخنزير يجعل الرجل ديوثاً أى لايغار على إمرأته ، وهذا كلام فارغ لا أساس علمى له ولا عقلي والحديث فيه إضاعة للوقت !.
ثالث أسباب الضلال هو أن حق اللجوء الي القران وإعتباره مرجعاً طبياً كيميائياً وفلكياً وبيولوجياً وتاريخياً يجعل بعض رجال الدين يفرضون على العلم الحديث تفسيراتهم الدينية فيتناقضون مع انفسهم ويجعلوننا أضحوكة العالم،كما حدث مع الشيخ بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد فى المملكة العربية السعودية الذى قال فى فتواه عام ١٩٧٦:
[ إن القول بان الشمس ثابته وان الأرض تدور حولها هو قول شنيع وأمر مُنكر، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ويجب ان يستتاب وإلا قتل كافراً ومرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين]
وقد استند بن باز للدلالة على جريان الشمس والقمر الى بعض الأيات القرآنية مثل قوله تعالى:
{ وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى}
و {والشمس تجرى لمستقر لها}
و { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين}
و { فلا اقسم برب المشارق والمغارب}
ويقول بن باز فى تفسيره:
[ أن الجرى فى لغة العرب هو السير والإنتقال من مكان الى مكان ]
أما أدلة ثبوت الأرض فقد جمعها بن باز فى الآيات القرآنية مثل:
{ جعل لكم الأرض قرارا}
{ جعل لكم الأرض مهادا}
{ الذى جعل لكم الأرض فراشا}
{وألقى فى الأرض رواسى ان تميد بكم}
ومن تفسيراته ان كون الأرض قراراً، ومهاداً وفراشا مشروط بكونها ساكنة لأنها لو كانت متحركة لما كانت قراراً ومهاداً وفراشاً على الإطلاق، فالفراش الممهد المستقر لا يتحرك بصاحبه،، وهكذا أصبح القرآن الكريم بين مطرقة زغلول النجار وسندان بن باز، وبينهما المسلم المحتار، لا يعلم ايهما يصدق!!!!
الحلقة (٤) ادعاء الإعجاز العلمى يضلل المسلمين ويعرضهم للسخرية:
أذكر ونحن في كلية الطب إن البروفيسور عبد العال استاذ الجراحة، ومن بعده الدكتور الفاضل ربيع استاذ علم الكيمياء الحيوية -عليهما رحمة الله- كانا ممن يروجون لاعجاز القرآن العلمي، فكانا يستشهدان بالاية ٥٦ من سورة النساء والتي تقول { إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها } علي أن فيها اعجاز علمي، فكانوا يقولون لنا إن الله الذي خلق الانسان هو الذي يعلم بأن الموصلات العصبية التي تنقل الاحساس من لمس وألم وغيرهما توجد في الجلد، وبالتحديد في طبقة الجلد الخارجية (ابيديرمس) لذلك فالحريق من الدرجة الاولي اكثر ايلاماً من الحريق من الدرجة الثانية او الثالثة. كان صوت د. الفاضل ربيع يتهدج بكاءً وهو يتلو هذه الآية. كنت اعجب وقتها كيف يقتنع استاذ بمثل هذه الآية والجميع يعلم بأن اي الم سواء بسبب حريق او غيره انما حاسته هي الجلد، وهي معلومة لا تحتاج الي ذكاء ولا اعجاز، فهي واضحة للعيان، ولا بد إن الانسان علمها منذ حياته في الكهوف، ولجإ اليها الطغاة في تعذيبهم لاعدائهم وللمعارضين لهم. كان البعض يقتنع بإن هذا اعجاز، بينما الحقيقة كما ذكرت هي إن كل من شاهد احداً يصاب بحريق يدرك إن الحريق السطحي اشد ايلاماً من ذلك الذي يحرق الجلد بكامله والذي تكمن خطورته في فقدان السوائل والالتهابات والتشوهات، وعرب ما قبل الاسلام لا بد إنهم عرفوا هذه الحقيقة من كيهم لجمالهم، او لانفسهم، ومشاهدتهم لاصابات الحريق. هذ ه القصة اوردتها كمثل لما كانت عليه عقول البعض - ولعلها ما زالت- من البساطة وتصديق ما يقال لها او ما تقرأه دون تحفظ. لكن المثل قد ينطبق علي ما اصبحت عليه عقول القلة بعد مراجعة ما أُختِزِن فيها من ضلالات واكاذيب، فقامت بمراجعته ونقده بالعقل والمنطق، ثم قبوله إن اتفق مع العقل والادلة، أو رفضه إن وجد له تفسير آخر اكثر منطقية وعقلانية، او خالف العقل والدليل، فكما قال شيخ المعرة، ليس للإنسان من امام يقوده في هذه الطلمات من العقل:
يرتجي الناس أن يقوم خطيبٌ ٠٠٠ ناطقٌ في الكتيبة الخرساء
لا إمام سوي العقل مشيراً ٠٠٠ في صبحه والمساء
سوف يتساءل البعض عند قراءتهم لهذه الحلقات - كما تساءل منهم من تساءل من قبل- سوف يتساءلون عن دافعي إلي كتابتها، وقد يرددون فيما بينهم وبين انفسهم، هذا التساؤل، إن لم يبوحوا بافكارهم لآخرين ممن ينتمون الي معسكر المؤمنين القانعين الذين لا يسألون ولا يتساءلون، بل لا يفكرون لإنفسهم مفضلين إن يفكر لهم زغلول النجار واتباعه ممن يؤمنون ويروجون الي وجود اعجاز علمي في القرآن. قد يقول هؤلاء، " ما كسب هذا الطبيب الذي يقول إنه مسلم من كل هذا الجُهد والعناء!؟ أفلم يكن الأجدي به، بل الأجدر به - أي بالكاتب - أن يلتزم الصمت مثل الالاف الذين يعلمون ما يعلم هو لكنهم صامتونً فيصمت مثلهم، ولا يشكك المسلمين في اعجاز كتابهم المقدس؟" وقد يقول البعض،" ثم ما الضرر في أن يزداد ايمان المسلمين بكتابهم، وهو ليس لهم ما يفخرون به وينافسون به الامم سوي هذا الكتاب!"
أجيب علي هؤلاء الذين يظنون انهم من الحادبين علي الاسلام، فأقول، إن الساكت عن الحق شيطان أخرس كما ترددون، والاسلام لن ينتفع بالاكاذيب التي يلفه بها من يدعون إنهم حادبون عليه، فالحادب علي دينه، الحريص عليه إنما ينقيه من الدلس والدنس، ومن الخرافات والاساطير والاكاذيب، ويخلصه من الادعاءات الباطله، لا يلفه باثواب الضلال والكذب، ويدعي له ما ليس فيه مما قد ينكشف أمره فيعطي أعداء الاسلام مبرراً للهجوم عليه والاساءة إليه، وهم ما علمنا أبداً متربصين في انتظار فجوة يدخلون منها، إو هفوة يستغلونها لهدم الاسلام. فالحريص الحادب علي دينه يكسوه باثواب الصراحة والحق، وهي اثواب شفافة ليست كاثواب المنافقين، لا تخفي شيئاً من ورائها، اذ ليس هناك ما يستوجب الاخفاء. ولماذا نزيد ايمان الناس بالحاق الاباطيل بكتاب هو الحق من عند الله، افلا يكفي القرآن ما فيه ليؤمن الناس به؟ وهل آمن به الصحابة لاعجازه العلمي الذي لم يحيطوا بشئ منه - ذلك ان كان وجد- أم أمنوا به وبكل ما فيه دون سؤال!. ثم اليس مثل هذا الحدب الكاذب علي الدين، والاصرار علي نشر التقوي والصلاح بين الناس عن طريق الترهيب والترغيب هو الذي دفع بالبعض الي تأليف الاحاديث ونسبتها الي النبي عليه الصلاة والسلام بغرض ترغيب الناس في الجنة فصاغوا حولها الا صاف والاغراءات المادية مما لم يجئ به القران، او تخويفهم من النار فرووا عنها الاهوال كأنهم زاروها واطلعوا علي ما فيها، وكان عذرهم في كل ذلك الافك والكذب والتضليل، إنهم لا يحللون حراماً فلذلك لا ضير في مثل هذه الاحاديث، ذلك رغم تحذير رسول الله من القول عليه.
إن وهم الإعجاز العلمى القرآنى ليس بالوهم الحديث، فهو قد سيطر على عقول القدماء كما سيطر على عقول المعاصرين، وكما تصدى الشيخ شلتوت والدكتورة عائشة بنت الشاطئ لأكاذيب أصحاب بوتيكات الإعجاز حديثاً، تصدى لهم الإمام الشاطبى قديماً فى كتابه الهام "الموافقات فى أصول الشريعه "، فبعد أن تحدث الشاطبى عن عدم جواز تحميل القرآن من المعانى ما لا يتناسب مع كون العرب أمة أمية قال بوضوح:
[ يجب أن لانلتمس فى القرآن ولافى الحديث مايخرج عن معهود العرب من العلوم والمعارف، وعلوم العرب مذكورة ومعروفة، كالعلم بمواقع النجوم وما يختص بالإهتداء بالنجوم فى البر والبحر، والعلم بالأنواء وأوقات نزول المطر، وإنتشار السحاب، والعلم بالتاريخ وأخبار الأمم الماضية. وهذا الصنف من المعارف ذكره القرآن فى غير ما آية ..]
هذه هى أنواع وحدود العلوم التى كانت متداولة وقت نزول القران ولم يطلب الشاطبى من القرآن أن يتخطى هذه الحدود العلمية الضيقة، بل وأنكر أن نبحث فى القرآن عن معارف وعلوم أعلى من مستوى الأمية التى كان عليها العرب ، ونقتبس هنا هذا الإستنكار فى قوله:
[ أن كثيراً من الناس قد تجاوزوا الحد فى الدعوى على القرآن، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات والهيئة والمنطق وعلم الحروف وجميع مانظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها ]
ويوضح الشاطبى سبب إستنكاره فيقول:
[ لأننا إذا عرضناه على ماتقدم –من أمية العرب –لم يصح، ولذلك السبب ليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لايصح أن ينكر منه ما يقتضيه ،ويجب الإقتصار فى الإستعانة على فهمه على كل مايضاف علمه إلى العرب خاصة فيما يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية ، فمن طلبه بغير ماهو أداة له ضل عن فهمه ].
الضلال هو المصير الذى يتوقعه الإمام الشاطبى لمن يطلبون الإعجاز العلمى والتفسير الكونى فى القرآن ،تخيلوا عملية التضليل والتدليس التى يقوم بها دعاة الإعجاز العلمي ويغسلون بها أدمغة المسلمين، ويزيفون وعيهم بدعوى وتحت شعار أنهم يرسخون إيمان المؤمنين ويثبتون لهم أنهم أفضل من الجميع ديناً وعلماً، لذلك فليس عليهم ان يسعوا بل الله قد سعي لهم، وأبان لهم علم كل شئ في قرآنهم (يفهم بعض الجهلاء اية {ما فرطنا في الكتاب من شئ} علي إنها تعني إن الكتاب، الذي هو القران ضمنه الله جميع المعارف البشرية، بما في ذلك كل ما كان وما سيكون).
إن اكبر أسباب الضلال هى الكارثة المنتظرة إذا إلتمسنا علوم الطبيعة فى القرآن فإننا إن فعلنا ذلك وقلنا عن آيات أنها تحتوى على إعجاز علمى فنحن نفتح الباب لكى يرد علينا من يثبت العكس بأن هذه الآيات بها خطأ علمى ، وإذا لم نلجأ للحل الذى طرحته فى البداية وهو أن نعترف بأن القرآن كان يتفاعل مع معارف وعلوم هذه الأمة الأمية، كما قال الإمام الشاطبى ،ونخرج من هذا الفخ ونرفع عنا الحرج بأن نطلق على مايصفونه خطأ علمياً بأنه مجرد إنعكاس ورصد لعلوم ومعارف عصر نزول القرآن الذى من الممكن بل من الأكيد أن علوم زماننا تجاوزته بمراحل، إذا لم نفعل ذلك فنحن نرتكب جريمة فى حق القرآن ،ولكن أن نعاند ونصر على أن هذه الآيات بها إعجاز علمى فبذلك نكون قد فتحنا على أنفسنا أبواب جهنم وقمنا بجر وشد القرآن إلى ملعب ليس بملعبه، وجعلناه مطروحاً على بساط البحوث العلمية الكيميائية ومتأرجحاً على أرجوحة النظريات الفيزيائية والبيولوجية وبذلك نكون قد عبدنا ومهدنا أقصر الطرق لضلال المسلمين وإضلالهم وتزييف وعيهم.
لنضرب بعض الأمثلة من أشهر مايقدمه تجار الإعجاز العلمى تحت إسم إعجاز تطور الجنين حين يتناولون الآيات الخاصة بها فى سورة المؤمنون :
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما * فكسونا العظام لحما * ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين }
وهى آيات تتحدث إلى مجتمع المسلمين الأول بلغته المتداولة في ذلك الزمن عن معجزة الخلق التى هى مجرد خلق هذا الجنين بدون التفاصيل العلمية التى يدعونها. وعملية خلق الجنين والحمل والولادة فى حد ذاتها إقشعر لها بدن الإنسان منذ العصر الحجرى، ولم يكن وقتها محتاجاً لأى تفاصيل علمية دقيقة بأن هذه معجزة، فهم كانوا ينسبونها قديماً لقوى غامضة، ثم نسبت بعد ذلك إلى قدرة سماوية خارقة هى الله خالق الخلق أجمعين ، ومايدعيه أصحاب بازارات الإعجاز العلمى من أن هذه الآيات تتحدث عن أمور علمية معاصرة قول مغلوط ، وعدم وجود هذه المعلومات والمفاهيم الحديثة عن تكوين الجنين ليس فيها أى إنتقاص من قدر القرآن وقدسيته ، فالمفاهيم القديمة المتداولة وقت نزول القرآن كانت تتحدث عن أن الجماع وما ينزل منه من سائل منوى هو سبب الحمل. وحتى فى سفر التكوين عندما أدين أونان لممارسته العادة السرية كانت الإدانة بسبب أنه بهذه العادة يمنع النسل ، وهذه معلومة متداولة لاتعنى أى إعجاز إذا كانت النطفة تعنى الحيوانات المنوية كما يدعون ، وبالطبع لابد أن نفهم الآيات من السياق ومن معانى الكلمات التى تشكل الآيات. فالنطفة هى قطرة الماء، وهو ما الرجل الذي يحمل الحيوانات المنوية، وينجح واحد منها في تلقيح البريضة التي تكون منتظرة داخل قناة فالوب، والعلقة هى قطعة الدم الغليظ التي تتحرك داخل قناة فالوب في اتجاه الرحم لتعلق بجداره، وهو ما يسمي في علم الأجنة ب (موريولا) ولاعلاقة لها بالدودة التى يتحدث عنها د. زغلول النجار، والمضغة وغيرها من الأشكال قد تكون ال (بلاستوسيست) التي تعلق بجدار الرحم، ولا علاقة لها بأطوار تكون الجنين ولكنها ببساطة مراحل شاهدتها القابلات والأمهات حينذاك من ملاحظات بسيطة أثناء الإجهاض. فالإجهاض يتم فى أى مرحلة ومن الوارد جداً عندما يحدث الإجهاض أن يصفه هؤلاء بأنه شبه العلقة أو المضغة ...الخ ، كل هذ لايعكس أى معجزة علمية حديثة، فالمفاهيم القديمة لاتذكر أبداً الدور الهام والمحوري لبويضة المرأة، ولكن تذكر ماء الرجل وماء المرأة وهو الماء الذى ينزل من غدد المهبل قبل الإيلاج، ولاعلاقة له بتكون الجنين. وقد كان فهم الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأشياء مرتبطاً بمعتقدات ذلك الزمان ،فعلى سبيل المثال هناك الحديث الذى يجيب فيه الرسول –صلعم- عن سؤال المرأة هل تغتسل إذا إحتلمت ؟ فرد الرسول عندما قالت عائشة "تربت يداك" ، قائلاً :"دعيها وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه" هذه المفاهيم وغيرها هى التى كانت سائدة ولانستطيع أن ندعى أنها تعبر عن معلومات علمية معاصرة مثل مفهوم إتحاد الحيوان المنوى بالبويضة التى لم نجد لها أى ذكر فى ثقافة العرب القدماء وبالتالى فى القرآن.
أما آية فكسونا العظام لحماً فهى تتحدث أيضاً عن مفهوم قديم أيضاً تفاعل معه القرآن لإقناعهم من داخل ثقافتهم وبلسان معارفهم، وهذا المفهوم يتحدث عن خلق العظام قبل العضلات وهو مايعتبره د. زغلول النجار -جهلاً منه بعلم الاجنة الذي يدرسه الاطباء في بداية دراستهم لعلوم الطب الاساسية- إعجازاً علمياً. لكن لعل د. زغلول سيندهش ولن يستطيع التخلص من هذا الفخ الذى أوقع نفسه فيه، وارجو أن يتعظ فلا يفتي فيما ليس له به علم، حين يعرف أن العظام واللحم يخلقان فى نفس الزمن، وان الجنين لم يكن هيكلاً عظمياً كساه اللحم في أي لحظة من لحظات تخلقه. وأى دارس لعلم الأجنة يعرف أن خلايا الجنين تنقسم إلى ثلاث طبقات : إكتوديرم، وميزوديرم، وإندوديرم، الطبقة الاولي الخارجية يتكون منها المخ والأعصاب والجلد، والثانية الوسطي وهى محور حديثنا يتكون منها العظام والعضلات بالتزامن والتوازى وليس عظم قبل لحم كما كان القدماء يتصورون، أما الطبقة الأخيرة الداخلية فمنها الأمعاء والكبد وبقية الاحشاء داخل تجويف السيلوم.
كذلك مفهوم تشكيل الجنين من الماء الدافق بين الصلب والترائب هو مفهوم أيضاً يتسق مع المفهوم الذى كان يقول قديماً هذا الإبن من ظهرى أو من صلبى وبالطبع كان يقولها القدماء قبل القرآن بدون أى إدعاء إعجاز ، وكان رجال الدين اليهود والمسيحيون يحاولون نفس المحاولة مع سفر التكوين حين خاطب الله يعقوب قائلاً [ وملوك سيخرجون من صلبك] ، وبالطبع تغيرت تلك الفكرة الآن وعرفنا أن الحيوانات المنوية تفرز من الخصيتين وتسبح فى سائل من البروستاتا والحويصلات المنوية، وبذلك نكون قد تأكدنا من أن محاولات رجال الدين فى كافة الأديان لإثبات الإعجاز العلمى محاولات مكتوب عليها الفشل المزمن.
السبب الثانى للضلال كما يسميه الإمام الشاطبى والذى يدعونا لإنكار الإعجاز العلمى هو تحويل العبادات والأوامر الإلهية القرآنية إلى فوائد علمية ولا أعلم لماذا هذا التعسف والعناء ؟،فالمسلم يصوم لأن الله امره بذلك وليس لأن الصوم أفضل للكبد والقلب والبنكرياس الخ.. ولأنه ببساطة إذا كان الأمر يحتوى على كل هذه الفوائد لماذا نأكل الطعام فى كل الشهور الأخرى ولانصومها جميعاً ؟! والمسلم يصلي لأن الله أمره بالصلاة وليس لأنها تمارين رياضية وإلا كانت تمارين الجمباز أفضل !! وهكذا فتحويل العبادات وتسويقها للبشر بحجة أن فيها فوائد علمية ونظريات فسيولوجية فيه إمتهان للدين والعلم على السواء، وفيه امتهان لعقولنا.
من أشهر هذه الأوامر الإلهية التى حاول الإعجازيون تبريرها بأسباب علمية وتمريرها على أنها إعجاز علمى أمر الإمتناع عن تناول لحم الخنزير ، فالمسلم مطالب بعدم تناول هذا اللحم لأنه أمر إلهي، وليس لإن في الامر اعجاز علمي، والرد علي اقوال زغلول عن أضرار لحم الخنزير بأنها إعجاز علمى حديث مضلل لأن الدين الإسلامى ليس الدين الوحيد الذى حرم لحم الخنزير فهناك الدين اليهودى يحرمه أيضاً ففى سفر اللاويين والتثنية تقول التوراه عن الخنزير "من لحمها لاتأكلوا وجثتها لاتلمسوا"، وهنا نجئ الي ذكر الذي حرم اكل لحم الخنزير وليس هو الله سبحانه وتعالي كما يعتقد الكثيرون، بل هو يعقوب نبي بني اسرائيل، وهو الذي صار اسمه اسرائيل، والدليل علي ذلك هو الآية { كل الطعام كان حلٌ لبني اسرائيل الا ما حرم اسرائيل علي نفسه من قبل ان تنزل التوراة قُل هاتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين}. فلحم الخنزير كان حلالاً للعبرانين الي إن حرمه اسرائيل علي نفسه فاصبح حراماً علي قومه من بني اسرائيل، وكان ذلك قبل زمن موسي وقبل نزول التوراة.
حتي الديانة المصرية القديمة حضت على كراهية الخنزير فيكفى أن إله الشر ست قتل الإله حورس بينما كان الأول على هيئة خنزير. وفى الأساطير الكنعانية مات كبير الآلهة على يد خنزير برى، ووفى الأساطير الإغريقية قتل الإله أدونيس على يد خنزير برى أيضاً. إذن مسألة الإعجاز العلمى لمنع الخنزير ستجرنا إلى مقارنات غير مطلوبة.
ثانياً : مسألة أن لحم الخنزير من الممكن أن تصيبه دودة شريطية تسمى التينيا سوليم فإن الإعجازيين يخفون عنا أن البقر من الممكن أن تصيبه دودة شريطية أخرى تسمى التينيا ساجيناتا، فلماذا لم نحرم أكل البقر أيضاً ؟!، ويقال أن الخنازير تربى فى حظائر قذرة ولكن إذا عرف د.زغلول أن حظائر الخنازير فى أوروبا أكثر نظافة من بيوت كثيرة موجودة فى بلادنا ، وأنه لو شاهد ماذا يأكل الدجاج فى حارات وشوارع القرى العربية سيمتنع فوراً عن أكل الدجاج الذى يتناول أحياناً الفضلات !، هل وقتها سيبيح لحم الخنازير إذا ربيت فى حظائر نظيفة ؟!، أما العجب العجاب فهو ماسمعته من بعض الإعجازيين عن أن لحم الخنزير يجعل الرجل ديوثاً أى لايغار على إمرأته ، وهذا كلام فارغ لا أساس علمى له ولا عقلي والحديث فيه إضاعة للوقت !.
ثالث أسباب الضلال هو أن حق اللجوء الي القران وإعتباره مرجعاً طبياً كيميائياً وفلكياً وبيولوجياً وتاريخياً يجعل بعض رجال الدين يفرضون على العلم الحديث تفسيراتهم الدينية فيتناقضون مع انفسهم ويجعلوننا أضحوكة العالم،كما حدث مع الشيخ بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد فى المملكة العربية السعودية الذى قال فى فتواه عام ١٩٧٦:
[ إن القول بان الشمس ثابته وان الأرض تدور حولها هو قول شنيع وأمر مُنكر، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ويجب ان يستتاب وإلا قتل كافراً ومرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين]
وقد استند بن باز للدلالة على جريان الشمس والقمر الى بعض الأيات القرآنية مثل قوله تعالى:
{ وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى}
و {والشمس تجرى لمستقر لها}
و { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين}
و { فلا اقسم برب المشارق والمغارب}
ويقول بن باز فى تفسيره:
[ أن الجرى فى لغة العرب هو السير والإنتقال من مكان الى مكان ]
أما أدلة ثبوت الأرض فقد جمعها بن باز فى الآيات القرآنية مثل:
{ جعل لكم الأرض قرارا}
{ جعل لكم الأرض مهادا}
{ الذى جعل لكم الأرض فراشا}
{وألقى فى الأرض رواسى ان تميد بكم}
ومن تفسيراته ان كون الأرض قراراً، ومهاداً وفراشا مشروط بكونها ساكنة لأنها لو كانت متحركة لما كانت قراراً ومهاداً وفراشاً على الإطلاق، فالفراش الممهد المستقر لا يتحرك بصاحبه،، وهكذا أصبح القرآن الكريم بين مطرقة زغلول النجار وسندان بن باز، وبينهما المسلم المحتار، لا يعلم ايهما يصدق!!!!
Subject: RE: [Elhakeem:5137] RE: [Elhضakeem:5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Thu, 13 Aug 2015 21:27:19 +0000
Date: Thu, 13 Aug 2015 21:27:19 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W1470E599AF6F894054188FB37D0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 15, 2015, 12:40:33 PM8/15/15
to elha...@googlegroups.com
(٥) الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب:
الحلقة (٥) اخطاء علمية في كتاب البخاري
من الحقائق البدهية والتي كررتها في الحلقات السابقة، أن الإيمان الدينى لايحتاج إلى كتاب فيزياء أو مراجع في الكيمياء والاحياء، او حتي في اللغة لكى يدخل الي قلب المرء ويثبت في وجدانه وعقله، واليقين بوجود الله يقين تحتمه الفطرة، والايمان بالقران كتاباً يهدي للتي هي أقوم لايزعزعه أنه لم يتحدث فى النسبية (Relativity) أو يتطرق إلى نظرية الكوانتم (Quantum Theory) ،فإما إيمان أو لا إيمان ،ومن دخل دار الإيمان لايحتاج إلى علم الطبيب او عقل الباحث العالم، لكى يوصله ويهديه إلى ردهة الايمان ثم الي العشق الإلهى. فمن يؤمن بالله رباً لايحتاج إلى اي من هؤلاء لكى يعلم بأنه قد دخل من الباب الصحيح.
لكن حزب زغلول النجار ومن هم علي طريقته من سماسرة الإعجاز العلمى لايعترفون بذلك. بل نجدهم يصرون علي إن القران لوحده عاجز عن اقناع الناس به، لذلك فهم يبحثون عن مقويات ومنشطات له حتي يقبله الناس ويؤمنون بما جاء فيه. يصر هؤلاء علي إن المسلمين يحتاجون إلى دروس خصوصية فى تركيب الذرة وقانون مندل لكى يتفهموا القرآن!
المدهش وبغيظ، أن أعضاء جمعية المنتفعين من دعاية الاعجاز العلمى بعدما فرغوا من محاولاتهم المستميته في تحويل القرآن إلى نظريات فيزيائية ومعادلات كيميائية، تحولوا إلى كتب السنة النبوية والأحاديث الشريفة لكى يمارسوا دجلهم وشعوذتهم فيها، ويقدموا لنا من بين صفحاتها كوكتيلاً من الإعجاز ، وقد تم هذا التحول والإستخراج بمنتهى التعسف والإفتعال وكأنهم لم يكتفوا بتشويه نظرتنا للقرآن بل إمتد تخريبهم للسنة النبوية.
تم تدشين نظرية الإعجاز العلمى فى كتب الحديث بواسطة د.زغلول النجار فقد كان أول وأبرز صوت يعلن عن هذا الإكتشاف المذهل. كان أستاذه د. مصطفى محمود أكثر حذراً ولم يحاول الإقتراب من هذه المنطقة الشائكة لأنه كان قد فطن إلى أن التدخل فى منطقة السنة النبوية بنظريات الإعجاز سيتحول إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر ، فهى منطقة ألغام شديدة الإنفجار لأن السنة النبوية فى النهاية نتاج بشرى فى معظمها وهذا لايعنى إنكاراً للسنة النبوية وإلا ما كان الصحابة ليراجعون النبى بسؤالهم الشهير : "أهو الرأى أم الوحى ؟" ولذلك فالأخطاء العلمية واردة في السنة النبوية، ولاعيب فيها ولانقيصة، ذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتحدث بمفردات عصره وأفكار وعلوم زمنه، وإلا لما فهمه ولا اقتنع بنبوته أحد فى هذه البقعة الجافة القاحلة علمياً قبل إن تكون جافة مائياً و زراعياً.
كانت جرأة د. زغلول النجار صادمة حين بدأ بحديث الذبابة الشهير محاولاً منحه صبغة علمية فقد أطلق زغلول النجار فى فى جريدة الأهرام قنبلة كانت أقوى من إحتمال أي طبيب يمتلك علماً بل عقلاً وضمير، قنبلة سامة لا تحتمل السكوت عليها ولا التغاضي عما فيها من جهل فاضح. تحدث زغلول عن حديث الذبابة وجعل منه كشفاً علمياً وفتحاً بيولوجياً على الغرب الجاهل أن يحلله ويفتح معامله لإستقباله والإحتفاء به. يقول الحديث الذي صدقه زغلول واخذ يذيعه ويدافع عنه، جهلاً وكذباً، بل ضلالاً وتضليلاً: [ إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الأخرى شفاء ]
وعلق قائلاً:
[ أنه من الناحية العلمية ثبت أن الذباب يتغذى على النفايات والمواد العضوية المتعفنة حيث تنتشر الفيروسات والبكتيريا والجراثيم ولكى ينفرد ربنا بالوحدانية خلق كل شئ فى زوجية واضحة فخلق البكتيريا وأَضدادها وقد أعطى الله للذباب القدرة على حمل الفيروسات والبكتيريا على جناح والمضادات على الجناح الآخر ]
وأكد زغلول:[ أن مجموعات من أبحاث المسلمين قامت بإجراء أبحاث على أنواع مختلفة من الأشربة وغمست الذباب فى بعضها ولم يغمس فى الباقى وعند الفحص المجهرى إتضح أن الأشربة التى غمس فيها الذباب خالية من كل الجراثيم المسببة للمرض !!]
بالطبع هذا كذب بواح، وإفك وتضليل لايصمد أمام أى تحليل علمى، والسؤال ومادام الزغلول بهذه العبقرية فلماذا لم ينشئ لنا مصنعاً إسلامياً لإستخراج المضادات الحيوية من أجنحة الذباب ويكفينا عناء وتكلفة استيرادها من الغرب، بل لعلنا نعكس الصورة فنصدر لهم مضادات ذبابية لأن الذباب يكثر عندنا لانتشار القذارة في البيوت والشوارع، وحتي علي الثياب والايدي والوجوه، ويكاد ينعدم عندهم لانتشار النظافة.
المدهش والمحزن في آن هو أننا تصورنا إن هذه البديهية قد حُسِمَت فى العشرينات من القرن الماضي حين تبنى المفكر الإسلامى محمد رشيد رضا فى مجلته المنار ذات التوجه الإسلامى، فكرة أن هذا الحديث غريب ويجب ألا نتمسك به حين قال:
[ حديث الذباب المذكور غريب عن الرأى والتشريع ،فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار قطعاً فهو محرم قطعاً ، وكل ضار ظناً فهو مكروه كراهة تحريمية أو تنزيهية على الأقل ]
وكان بعض الشيوخ قد كفروا د.محمد توفيق صدقى حين هاجم هذا الحديث فى العشرينات فى نفس المجلة وقد دافع عنه رشيد رضا قائلاً:
[ ذلك المسلم الغيور لم يطعن فى صحة هذا الحديث إلا لعلمه بأن تصحيحه من المطاعن التى تنفر الناس من الإسلام، وتكون سبباً لردة بعض ضعفاء الإيمان ،وقليلى العلم الذين لايجدون مخرجاً من مثل هذا المطعن إلا بأن فيه علة فى المتن تمنع صحته، وماكلف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخارى ويؤمن بكل مافيه وإن لم يصح عنده]
لقد قرإت صحيح البخاري ووجدت فيه الكثير من الخرافات مستحيلة التصديق، ومما يناقض القرآن او ينافي الذوق.
الجملة الأخيرة التى قالها الشيخ رشيد رضا جملة شجاعة ترسخ لنا مبدأ هاماً من الممكن أن يصدم البعض وهو أننا لسنا مطالبين بأن نتبع كل ماكتبه البخارى لمجرد صحة (السند)، فمن المهم جداً أن نناقش (المتن) إذا كان مخالفاً للعقل حتى ولو أجازه البخارى، فالبخاري بشر، يخطئ ويصيب، ويتنازعه ما يتنازع البشر.
الإمثلة علي ذلك كثيرة ومتعددة ولكن علماء الحديث المعاصرين متكاسلون عن التنقيب والبحث، ومرعوبون من فكرة تنقيح أحاديث البخارى ،برغم أنه قد رفض من قبلهم أئمة ورجال دين مستنيرون الكثير من أحاديث البخارى لتعارضها مع العقل. ولأنها كانت تتحدث عن معلومات وبيئة هذا الماضى البعيد. سأكتفي من هذه الأمثلة بمايعارض العلم الحديث ويهدم نظرية الإعجاز العلمى المزعومة :
(١) الأحاديث التى أخرجها الشيخان بالنسبة لرفض فكرة العدوى وهى:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"لاعدوى ولاصفر ولاهامه" فقال أعرابى :يارسول الله : "فمابال إبلى تكون فى الرمل كأنها الظباء فيأت البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها ؟" ،فقال: "من أعدى الأول ؟!"
والحديث الثانى: " لاعدوى ولاطيرة ويعجبنى الفأل "
والحديث الثالث " لاعدوى ولاطيرة، وإنما الشؤم فى ثلاثه، المرأة والفأرة والدار "
الغريب أن هناك أحاديث أخرى تثبت العدوى مثل:
" إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلاتدخلوها وإن كنتم فيها فلا تخرجوا منها "
وهو الحديث الذي جعل ابا بيدة بن الجراح يمنع الخروج او الدخول الي عمواس في الشام حين ضربها الطاعون، وأيده الفاروق في ذلك، وهو الطاعون الذي مات فيه ابو عبيدة.
والسؤال، هل يكمن الإعجاز فى الأحاديث الأولى أم الحديث الأخير ؟! إن حل هذا التناقض بسيط وهو كما قال كثير من الفقهاء عن أن أحاديث المفاهيم العلمية والطبية والملابس والطعام ...الخ، إنهاليست من العقيدة ولا من الأوامر الإلهية الموحاة للنبى، ومجال الفصل مابين السنة القولية والفعلية واسع ولامجال هنا لمناقشته .
(٢) الحديث الذى أخرجه الشيخان عن حركة الشمس والذى يقول عن أبي ذر:
" كنت مع النبى فى المسجد عند غروب الشمس، فقال لي النبي، "ياأبا ذر ! أتدرى أين تغرب الشمس ؟" قلت: "الله ورسوله أعلم !" قال : "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى والشمس تجرى لمستقر لها "
وللعلم فقد إعتمد الشيخ بن باز علي هذا الحديث فى فتواه التى كفر بها من يقول بكروية الأرض وحركتها حول الشمس! تخيّل ان يحدث هذا في القرن الواحد وعشرين،، أغاية الدين إن تحفوا شواربكم ٠٠٠٠ يا أمة ضحكت من جهلها الامم، وأضيف وتغطوا رؤوسكم بالطرح مثل النساء!
في رواية أخرى يتحدث الرسول عن أن الشمس يقال لها إرتفعى وإرجعى فتطلع وتغرب ...الخ ،ومن المعروف لطلاب المرحلة الإعدادية فى الجغرافيا أن الشمس مستقرة فى مكانها وأن الشروق والغروب ليس سببه حركتها هى بل سببه دوران الأرض حول نفسها، وأن هذا الشروق والغروب مستمران طيلة الأربع والعشرين ساعة وفى كل لحظة تكون الشمس فى حالة شروق بالنسبة لمكان في الأرض ،وفى الوقت نفسه تكون فى حالة غروب بالنسبة للمكان المقابل من الأرض ،ومن الواضح أن الحديث يتماشى مع ثقافة أهل ذلك الزمان ومفاهيمهم التى تعتبر الأرض ساكنة ومسطحة وأن الشمس هى التى تتحرك ، ولم يكن مطلوباً من الرسول أن يكون عالماً بنظريات الفلك فى القرن العشرين ولم يكن تقصيراً منه أن يتحدث بلغة وعلوم قومه وإلا فلو تحدث اليهم بما لا يتفق مع علمهم وعقولهم لرفض أهل البادية إعتناق دينه .
(٣) حديث خلق الله آدم طوله ستون ذراعاً وأن الخلق لم يزل ينقص بعده حتى الآن والذى أخرجه الشيخان أيضاً ، وهنا تبرز إشكالية علمية هامة فالذراع عند العرب إما ٢٤ أصبع أى حوالى ٢٨ سم أو ٣٢ أصبعاً أى حوالى ٦٤ سم ،يعنى بهذا القياس فإن أبانا آدم لن يكون طوله أقل من ثلاثين متراً، وهذا يخالف كل ماإكتشفه علماء الآثار والحفريات عن أقدم هياكل البشر العظمية التى لايختلف طولها عما عليه الإنسان الآن إلا قليلاً ! وهي اقصر قليلاً، وأيضاً لم يلاحظ هذا القصر التدريجى من ثلاثين إلى عشرين إلى عشرة متر ...الخ.
الغريب أن هذا الحديث مثلما أدهشنى، وكان الواجب ان يدهش كل من قرأه - وله عقل- أدهش الحافظ بن حجر العسقلانى. فقد كتب العسقلاني فى كتابه فتح البارى:
[ ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار عاد وثمود ،فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة فى الطول على حسب مايقتضيه الترتيب السابق ، ولاشك أن عهدهم قديم ،وأن الزمان الذى بينهم وبين أول هذه الأمة ،ولم يظهر لى إلى الآن مايزيل هذا الإشكال ].
(٤) حديث آخر أخرجه الشيخان يقول:
إذا سمعتم صياح الديكة فإسألوا ألله من فضله ،فإنها رأت ملكاً ،وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً ". وهذا الحديث من غرائب مرويات أبى هريرة، اشهر رواة الحديث واقلهم صحبة للنبي، فقد التقي النبي في غزوة خيبر، عام ٧هـ وصحب النبي لست اشهر وتوفي النبي في العام العاشر للهجرة.
إن القران والحديث ينصان على أن لكل إبن آدم ملائكة حفظة وملكان يكتبان أعماله، وعلى ذلك فلابد أن تصيح الديكة طيلة الأربع والعشرين ساعه ،وكذلك الحال مع الحمار لابد هو الآخر أن ينهق أربعاً وعشرين ساعة لأن لكل إنسان شيطاناً موكلاً به وقريناً يضلله. وفى قرانا نشاهد حميراً كثيرة أمام المساجد وفي الشوارع فيجب عليها طبقاً للأحاديث أن تنهق عند الآذان لأن هناك حديثاً يقول أنه إذا نودى للصلاة أدبر الشيطان له ضراط ،فهنا كان لابد للحمار أن ينهق عند سماع صوت المؤذن لأنه سيشاهد الشيطان الذى خرج وأدبر !!.
(٥) الحديث الذى أخرجه البخارى والذى يقول أن التثاؤب من الشيطان ،ونحن درسنا التثاؤب فى كلية الطب بأنه إنعكاس فسيولوجى عند التعب أو النعاس ولاعلاقة له بشيطان أو خلافه .
(٦) وكذلك الحديث الذى أخرجه الشيخان والذى يقول " مامن مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان إلا إبن مريم وأمه " ،وبالطبع يعرف جميع الأطباء أن سبب صراخ المولود هو دخول الهواء للرئتين لأول مرة بعد أن كان يعتمد الجنين على الحبل السرى فى الغذاء والأوكسيجين.
(٧) حديث آخر أخرجه الشيخان مروى عن أبى هريرة ويتعارض مع العلم الحديث ويقول:
[إشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضى بعضاً، فأذن لها الله بنفسين : نفس فى الشتاء، ونفس فى الصيف فأشد ماتجدون فى الحر نفسها، وأشد ماتجدون من الزمهرير نفسها]
وبالطبع ينكر علم الجغرافيا هذا الكلام فسبب الحر والبرد عوامل جغرافية وجوية مثل ميل الشمس وعموديتها وحركة الرياح والضغط الجوى والقرب والبعد عن سطح البحر .....الخ. والسؤال إذا كان هذا النفس يخرج على العالم كله فكيف نفسر تفاوت وإختلاف درجات الحرارة فى بقاع العالم المختلفة فى نفس الوقت .
وفى النهاية اقول ان هدفي الارل من التصدي لدعاة الإعجاز العلمى هو الدفاع عن الدين وعن العلم أيضاً ،ويجب علينا أن ننظر إلى كم التخلف والجهل الذى نعيش فيه كمسلمين ونعترف بأننا فى القاع فكرياً وعلمياً ،والحل هو أن نتسلح بالمنهج العلمى فى التفكير ونؤمن بأن معجزة ديننا فى أفكاره وثورته الإجتماعية وتفاعله مع رغبات البشر وحياتهم البسيطة ،وليس عيباً أو نقيصة أو قدحاً فى الدين ألا نجد فيه نظرية فيزياء أو معادلة كيمياء فيكفيه أنه نصحنا بأن نسير فى الأرض ونقرأ وندرس ونحلم بتغيير المستقبل .
كامل سيد احمد
انتهي
منقول بتصرف عن مقالات لكتاب مستنيرين
الحلقة (٥) اخطاء علمية في كتاب البخاري
من الحقائق البدهية والتي كررتها في الحلقات السابقة، أن الإيمان الدينى لايحتاج إلى كتاب فيزياء أو مراجع في الكيمياء والاحياء، او حتي في اللغة لكى يدخل الي قلب المرء ويثبت في وجدانه وعقله، واليقين بوجود الله يقين تحتمه الفطرة، والايمان بالقران كتاباً يهدي للتي هي أقوم لايزعزعه أنه لم يتحدث فى النسبية (Relativity) أو يتطرق إلى نظرية الكوانتم (Quantum Theory) ،فإما إيمان أو لا إيمان ،ومن دخل دار الإيمان لايحتاج إلى علم الطبيب او عقل الباحث العالم، لكى يوصله ويهديه إلى ردهة الايمان ثم الي العشق الإلهى. فمن يؤمن بالله رباً لايحتاج إلى اي من هؤلاء لكى يعلم بأنه قد دخل من الباب الصحيح.
لكن حزب زغلول النجار ومن هم علي طريقته من سماسرة الإعجاز العلمى لايعترفون بذلك. بل نجدهم يصرون علي إن القران لوحده عاجز عن اقناع الناس به، لذلك فهم يبحثون عن مقويات ومنشطات له حتي يقبله الناس ويؤمنون بما جاء فيه. يصر هؤلاء علي إن المسلمين يحتاجون إلى دروس خصوصية فى تركيب الذرة وقانون مندل لكى يتفهموا القرآن!
المدهش وبغيظ، أن أعضاء جمعية المنتفعين من دعاية الاعجاز العلمى بعدما فرغوا من محاولاتهم المستميته في تحويل القرآن إلى نظريات فيزيائية ومعادلات كيميائية، تحولوا إلى كتب السنة النبوية والأحاديث الشريفة لكى يمارسوا دجلهم وشعوذتهم فيها، ويقدموا لنا من بين صفحاتها كوكتيلاً من الإعجاز ، وقد تم هذا التحول والإستخراج بمنتهى التعسف والإفتعال وكأنهم لم يكتفوا بتشويه نظرتنا للقرآن بل إمتد تخريبهم للسنة النبوية.
تم تدشين نظرية الإعجاز العلمى فى كتب الحديث بواسطة د.زغلول النجار فقد كان أول وأبرز صوت يعلن عن هذا الإكتشاف المذهل. كان أستاذه د. مصطفى محمود أكثر حذراً ولم يحاول الإقتراب من هذه المنطقة الشائكة لأنه كان قد فطن إلى أن التدخل فى منطقة السنة النبوية بنظريات الإعجاز سيتحول إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر ، فهى منطقة ألغام شديدة الإنفجار لأن السنة النبوية فى النهاية نتاج بشرى فى معظمها وهذا لايعنى إنكاراً للسنة النبوية وإلا ما كان الصحابة ليراجعون النبى بسؤالهم الشهير : "أهو الرأى أم الوحى ؟" ولذلك فالأخطاء العلمية واردة في السنة النبوية، ولاعيب فيها ولانقيصة، ذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتحدث بمفردات عصره وأفكار وعلوم زمنه، وإلا لما فهمه ولا اقتنع بنبوته أحد فى هذه البقعة الجافة القاحلة علمياً قبل إن تكون جافة مائياً و زراعياً.
كانت جرأة د. زغلول النجار صادمة حين بدأ بحديث الذبابة الشهير محاولاً منحه صبغة علمية فقد أطلق زغلول النجار فى فى جريدة الأهرام قنبلة كانت أقوى من إحتمال أي طبيب يمتلك علماً بل عقلاً وضمير، قنبلة سامة لا تحتمل السكوت عليها ولا التغاضي عما فيها من جهل فاضح. تحدث زغلول عن حديث الذبابة وجعل منه كشفاً علمياً وفتحاً بيولوجياً على الغرب الجاهل أن يحلله ويفتح معامله لإستقباله والإحتفاء به. يقول الحديث الذي صدقه زغلول واخذ يذيعه ويدافع عنه، جهلاً وكذباً، بل ضلالاً وتضليلاً: [ إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الأخرى شفاء ]
وعلق قائلاً:
[ أنه من الناحية العلمية ثبت أن الذباب يتغذى على النفايات والمواد العضوية المتعفنة حيث تنتشر الفيروسات والبكتيريا والجراثيم ولكى ينفرد ربنا بالوحدانية خلق كل شئ فى زوجية واضحة فخلق البكتيريا وأَضدادها وقد أعطى الله للذباب القدرة على حمل الفيروسات والبكتيريا على جناح والمضادات على الجناح الآخر ]
وأكد زغلول:[ أن مجموعات من أبحاث المسلمين قامت بإجراء أبحاث على أنواع مختلفة من الأشربة وغمست الذباب فى بعضها ولم يغمس فى الباقى وعند الفحص المجهرى إتضح أن الأشربة التى غمس فيها الذباب خالية من كل الجراثيم المسببة للمرض !!]
بالطبع هذا كذب بواح، وإفك وتضليل لايصمد أمام أى تحليل علمى، والسؤال ومادام الزغلول بهذه العبقرية فلماذا لم ينشئ لنا مصنعاً إسلامياً لإستخراج المضادات الحيوية من أجنحة الذباب ويكفينا عناء وتكلفة استيرادها من الغرب، بل لعلنا نعكس الصورة فنصدر لهم مضادات ذبابية لأن الذباب يكثر عندنا لانتشار القذارة في البيوت والشوارع، وحتي علي الثياب والايدي والوجوه، ويكاد ينعدم عندهم لانتشار النظافة.
المدهش والمحزن في آن هو أننا تصورنا إن هذه البديهية قد حُسِمَت فى العشرينات من القرن الماضي حين تبنى المفكر الإسلامى محمد رشيد رضا فى مجلته المنار ذات التوجه الإسلامى، فكرة أن هذا الحديث غريب ويجب ألا نتمسك به حين قال:
[ حديث الذباب المذكور غريب عن الرأى والتشريع ،فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار قطعاً فهو محرم قطعاً ، وكل ضار ظناً فهو مكروه كراهة تحريمية أو تنزيهية على الأقل ]
وكان بعض الشيوخ قد كفروا د.محمد توفيق صدقى حين هاجم هذا الحديث فى العشرينات فى نفس المجلة وقد دافع عنه رشيد رضا قائلاً:
[ ذلك المسلم الغيور لم يطعن فى صحة هذا الحديث إلا لعلمه بأن تصحيحه من المطاعن التى تنفر الناس من الإسلام، وتكون سبباً لردة بعض ضعفاء الإيمان ،وقليلى العلم الذين لايجدون مخرجاً من مثل هذا المطعن إلا بأن فيه علة فى المتن تمنع صحته، وماكلف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخارى ويؤمن بكل مافيه وإن لم يصح عنده]
لقد قرإت صحيح البخاري ووجدت فيه الكثير من الخرافات مستحيلة التصديق، ومما يناقض القرآن او ينافي الذوق.
الجملة الأخيرة التى قالها الشيخ رشيد رضا جملة شجاعة ترسخ لنا مبدأ هاماً من الممكن أن يصدم البعض وهو أننا لسنا مطالبين بأن نتبع كل ماكتبه البخارى لمجرد صحة (السند)، فمن المهم جداً أن نناقش (المتن) إذا كان مخالفاً للعقل حتى ولو أجازه البخارى، فالبخاري بشر، يخطئ ويصيب، ويتنازعه ما يتنازع البشر.
الإمثلة علي ذلك كثيرة ومتعددة ولكن علماء الحديث المعاصرين متكاسلون عن التنقيب والبحث، ومرعوبون من فكرة تنقيح أحاديث البخارى ،برغم أنه قد رفض من قبلهم أئمة ورجال دين مستنيرون الكثير من أحاديث البخارى لتعارضها مع العقل. ولأنها كانت تتحدث عن معلومات وبيئة هذا الماضى البعيد. سأكتفي من هذه الأمثلة بمايعارض العلم الحديث ويهدم نظرية الإعجاز العلمى المزعومة :
(١) الأحاديث التى أخرجها الشيخان بالنسبة لرفض فكرة العدوى وهى:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"لاعدوى ولاصفر ولاهامه" فقال أعرابى :يارسول الله : "فمابال إبلى تكون فى الرمل كأنها الظباء فيأت البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها ؟" ،فقال: "من أعدى الأول ؟!"
والحديث الثانى: " لاعدوى ولاطيرة ويعجبنى الفأل "
والحديث الثالث " لاعدوى ولاطيرة، وإنما الشؤم فى ثلاثه، المرأة والفأرة والدار "
الغريب أن هناك أحاديث أخرى تثبت العدوى مثل:
" إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلاتدخلوها وإن كنتم فيها فلا تخرجوا منها "
وهو الحديث الذي جعل ابا بيدة بن الجراح يمنع الخروج او الدخول الي عمواس في الشام حين ضربها الطاعون، وأيده الفاروق في ذلك، وهو الطاعون الذي مات فيه ابو عبيدة.
والسؤال، هل يكمن الإعجاز فى الأحاديث الأولى أم الحديث الأخير ؟! إن حل هذا التناقض بسيط وهو كما قال كثير من الفقهاء عن أن أحاديث المفاهيم العلمية والطبية والملابس والطعام ...الخ، إنهاليست من العقيدة ولا من الأوامر الإلهية الموحاة للنبى، ومجال الفصل مابين السنة القولية والفعلية واسع ولامجال هنا لمناقشته .
(٢) الحديث الذى أخرجه الشيخان عن حركة الشمس والذى يقول عن أبي ذر:
" كنت مع النبى فى المسجد عند غروب الشمس، فقال لي النبي، "ياأبا ذر ! أتدرى أين تغرب الشمس ؟" قلت: "الله ورسوله أعلم !" قال : "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى والشمس تجرى لمستقر لها "
وللعلم فقد إعتمد الشيخ بن باز علي هذا الحديث فى فتواه التى كفر بها من يقول بكروية الأرض وحركتها حول الشمس! تخيّل ان يحدث هذا في القرن الواحد وعشرين،، أغاية الدين إن تحفوا شواربكم ٠٠٠٠ يا أمة ضحكت من جهلها الامم، وأضيف وتغطوا رؤوسكم بالطرح مثل النساء!
في رواية أخرى يتحدث الرسول عن أن الشمس يقال لها إرتفعى وإرجعى فتطلع وتغرب ...الخ ،ومن المعروف لطلاب المرحلة الإعدادية فى الجغرافيا أن الشمس مستقرة فى مكانها وأن الشروق والغروب ليس سببه حركتها هى بل سببه دوران الأرض حول نفسها، وأن هذا الشروق والغروب مستمران طيلة الأربع والعشرين ساعة وفى كل لحظة تكون الشمس فى حالة شروق بالنسبة لمكان في الأرض ،وفى الوقت نفسه تكون فى حالة غروب بالنسبة للمكان المقابل من الأرض ،ومن الواضح أن الحديث يتماشى مع ثقافة أهل ذلك الزمان ومفاهيمهم التى تعتبر الأرض ساكنة ومسطحة وأن الشمس هى التى تتحرك ، ولم يكن مطلوباً من الرسول أن يكون عالماً بنظريات الفلك فى القرن العشرين ولم يكن تقصيراً منه أن يتحدث بلغة وعلوم قومه وإلا فلو تحدث اليهم بما لا يتفق مع علمهم وعقولهم لرفض أهل البادية إعتناق دينه .
(٣) حديث خلق الله آدم طوله ستون ذراعاً وأن الخلق لم يزل ينقص بعده حتى الآن والذى أخرجه الشيخان أيضاً ، وهنا تبرز إشكالية علمية هامة فالذراع عند العرب إما ٢٤ أصبع أى حوالى ٢٨ سم أو ٣٢ أصبعاً أى حوالى ٦٤ سم ،يعنى بهذا القياس فإن أبانا آدم لن يكون طوله أقل من ثلاثين متراً، وهذا يخالف كل ماإكتشفه علماء الآثار والحفريات عن أقدم هياكل البشر العظمية التى لايختلف طولها عما عليه الإنسان الآن إلا قليلاً ! وهي اقصر قليلاً، وأيضاً لم يلاحظ هذا القصر التدريجى من ثلاثين إلى عشرين إلى عشرة متر ...الخ.
الغريب أن هذا الحديث مثلما أدهشنى، وكان الواجب ان يدهش كل من قرأه - وله عقل- أدهش الحافظ بن حجر العسقلانى. فقد كتب العسقلاني فى كتابه فتح البارى:
[ ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار عاد وثمود ،فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة فى الطول على حسب مايقتضيه الترتيب السابق ، ولاشك أن عهدهم قديم ،وأن الزمان الذى بينهم وبين أول هذه الأمة ،ولم يظهر لى إلى الآن مايزيل هذا الإشكال ].
(٤) حديث آخر أخرجه الشيخان يقول:
إذا سمعتم صياح الديكة فإسألوا ألله من فضله ،فإنها رأت ملكاً ،وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً ". وهذا الحديث من غرائب مرويات أبى هريرة، اشهر رواة الحديث واقلهم صحبة للنبي، فقد التقي النبي في غزوة خيبر، عام ٧هـ وصحب النبي لست اشهر وتوفي النبي في العام العاشر للهجرة.
إن القران والحديث ينصان على أن لكل إبن آدم ملائكة حفظة وملكان يكتبان أعماله، وعلى ذلك فلابد أن تصيح الديكة طيلة الأربع والعشرين ساعه ،وكذلك الحال مع الحمار لابد هو الآخر أن ينهق أربعاً وعشرين ساعة لأن لكل إنسان شيطاناً موكلاً به وقريناً يضلله. وفى قرانا نشاهد حميراً كثيرة أمام المساجد وفي الشوارع فيجب عليها طبقاً للأحاديث أن تنهق عند الآذان لأن هناك حديثاً يقول أنه إذا نودى للصلاة أدبر الشيطان له ضراط ،فهنا كان لابد للحمار أن ينهق عند سماع صوت المؤذن لأنه سيشاهد الشيطان الذى خرج وأدبر !!.
(٥) الحديث الذى أخرجه البخارى والذى يقول أن التثاؤب من الشيطان ،ونحن درسنا التثاؤب فى كلية الطب بأنه إنعكاس فسيولوجى عند التعب أو النعاس ولاعلاقة له بشيطان أو خلافه .
(٦) وكذلك الحديث الذى أخرجه الشيخان والذى يقول " مامن مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان إلا إبن مريم وأمه " ،وبالطبع يعرف جميع الأطباء أن سبب صراخ المولود هو دخول الهواء للرئتين لأول مرة بعد أن كان يعتمد الجنين على الحبل السرى فى الغذاء والأوكسيجين.
(٧) حديث آخر أخرجه الشيخان مروى عن أبى هريرة ويتعارض مع العلم الحديث ويقول:
[إشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضى بعضاً، فأذن لها الله بنفسين : نفس فى الشتاء، ونفس فى الصيف فأشد ماتجدون فى الحر نفسها، وأشد ماتجدون من الزمهرير نفسها]
وبالطبع ينكر علم الجغرافيا هذا الكلام فسبب الحر والبرد عوامل جغرافية وجوية مثل ميل الشمس وعموديتها وحركة الرياح والضغط الجوى والقرب والبعد عن سطح البحر .....الخ. والسؤال إذا كان هذا النفس يخرج على العالم كله فكيف نفسر تفاوت وإختلاف درجات الحرارة فى بقاع العالم المختلفة فى نفس الوقت .
وفى النهاية اقول ان هدفي الارل من التصدي لدعاة الإعجاز العلمى هو الدفاع عن الدين وعن العلم أيضاً ،ويجب علينا أن ننظر إلى كم التخلف والجهل الذى نعيش فيه كمسلمين ونعترف بأننا فى القاع فكرياً وعلمياً ،والحل هو أن نتسلح بالمنهج العلمى فى التفكير ونؤمن بأن معجزة ديننا فى أفكاره وثورته الإجتماعية وتفاعله مع رغبات البشر وحياتهم البسيطة ،وليس عيباً أو نقيصة أو قدحاً فى الدين ألا نجد فيه نظرية فيزياء أو معادلة كيمياء فيكفيه أنه نصحنا بأن نسير فى الأرض ونقرأ وندرس ونحلم بتغيير المستقبل .
كامل سيد احمد
انتهي
منقول بتصرف عن مقالات لكتاب مستنيرين
Subject: RE: [Elhakeem:5142] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Sat, 15 Aug 2015 16:37:32 +0000
Date: Sat, 15 Aug 2015 16:37:32 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W51A9AC29A1D285EDCA6909B37B0%40phx.gbl.
Osman Ortashi
Aug 15, 2015, 2:55:11 PM8/15/15
to elha...@googlegroups.com
الاخ كامل
تابعت كغيري سلسلة مقالاتك الاخيرة عن الإعجاز العلمي في القران وخطاء استخدامه عند البعض.
ورغم اختلافاتي السابقة معك في آراء اخري لكن اجد كل ما كتبته عن خطاء استخدام القران في هذا المنحني هو عين العقل وهو بالتاكيد صادر من شخص يحرص ان يكون القران هو الهادي والمرشد الي الطريق القويم المهذب للنفوس المطهر للسلوك المتعبد بلفظه وحرفه (وهذا قد تختلف فيها انت معي)
بالتاكيد انا اتفق معك بضرورة النظر الي القران كهادي وسراج منير وليس كمرجع في الطب او الفيزياء.
انا شخصيا (وقد أكون مخطيء) اري ان معجزة القران العظمي هي مقدرته علي مخاطبة وتهذيب النفس والسلوك البشري في كل زمان ومكان ولان البشرية في تطور مستمر فالقران لا يخاطب الماديات إنما يخاطب السلوك البشري وهو ما عناه الرسول الكريم بقوله إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.
اختلف معاك قليلاً أيضاً في استعمالك لعبارات ثقيلة علي بعض من حاول ان يستخدم القران في هذا النحو فبعضهم حسن النية وقد يكون اجتهد بحسن نية فأخطاء (I will definitely use more softer words to describe them).
وكما تري يا كامل اختلافنا معك سابقاً ليس لأننا جمدنا عقولنا إنما فقط فكرنا ووصلنا لقناعات مختلفة عن قناعاتك وهذا لا ينفي ان لي مثلاً قناعات تتطابق مع بعض قناعاتك مثل ما هو حاصل في الموضوع أعلاه.
وختاما ليس لأحد صكوك يصرفها ويحدد بيها منو المسلم ومنو المؤمن ومنو الكافر كل إنسان يحاسبه ربه فمن نحن ومن من الناس الذي فوضه الله عز وجل ليحكم بين قلوب الناس.
انا شخصيا لا اري حرج في ان اختلف معك في أشياء من غير ان أشكك في نواياك او مقدرتك وحريتك في الاجتهاد الفكري لكن حقيقة اتمني ان يكون لك نفس المقدرة علي الاعتراف بالاخر من غير ان تتهمهم بالتخلف وعدم اعمال العقل.
ولَك مني كل التحية والود
عثمان اورتشي
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W1203979E7CAA60069A9292B37B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 17, 2015, 5:49:50 AM8/17/15
to elha...@googlegroups.com
الاخ عثمان، اشكرك علي مداخلتك ودوام متابعتك، وحرصك علي الرد والتعليق، والذي يجعل للكتابة معنيً فهذا الردود والتعليقات هي بمثابة الصدي الذي يرجو الكاتب أن يسمعه، لا الصمت المطلق الذي يرد به البعض علي ما يكتبه الاخرون، فلك الشكر. ايضاً اشكرك علي اتفاقك معي في تجنيب القرآن هذه المزالق غير المضمونة، بيد إني لا اوافقك علي أن امثال زغلول النجار مجتهدون لم يحالفهم الصواب، فالرجل يعلم جيداً انه كاذب، ومثال علي ذلك ادعاؤه أن آية {والسماء والطارق} فيها اعجاز، وأن علماء الفضاء سجلوا الصوت الصادر من هذا النجم، وهو النجم القطبي الذي شاخ ووصل مرحلة إن اصبح (بلسار)، أي نجم نابض، في تمدد وانكماش مستمر بسبب احتراق معظم الهايدروجين والهيليوم بداخله وتحولهما الي عناصر اثقل عن طريق الاتحاد النووي، هذا يحدث للنجم قبل إن ينفجر) ، هذا التمدد والانكماش كالطرق، وهذا كذب بواح ببساطة لأن الصوت لا ينتقل في الفضاء فلا يمكن سماعه ولا تسجيله. هده حقيقة نعلمها جميعاً وهي أن الضوء يمكنه أن ينتقل في الفضاء لإنه طاقة من فوتونات، اما الصوت فهو موجات وذبذبات فلذلك لا ينتقل في الفضاء، بل يحتاج الي وسط ينتقل فيه، هذا الوسط يمكنه إن يكون غاز او سائل او صلب، لكن ليس الفضاء. كذلك قال زغلول - وهو الجيولوجي- أن آية { وانزلنا الحديد فيه بأس شديد...} فيها اعجاز، لأن الحديد ليس من العناصر التي كانت في الا ض عند انفصالها من السديم الكوني الذي تكونت منه المجموعة الشمسية ومن بينها الا ض، واعي زغلول إن الحديد أُنزل الي الارض بعد تكونها علي شكل نيازك وشهب أُضيفت الي سطح الارض،، وهذا كذب ممن يفترض فيه إن يكون عالم جيولوجي، فالحديد جزء من قلب الارض الذي به اكتسب الارض حقلها المغناطيسي ومن ثم جاذيتها. لذلك إنا لا اثق بالرجل، لأن غرضه هو الكسب المادي والثراء، وقد تحقق له ذلك عن طريق القنوات الفضائية ومن يشاهدونها ويصدقونه لبساطة عقولهم. إما إمثال ابن باز عليه رحمة الله ان كان حياً او مات، فهم فعلاً جهلاء ولا يريدون إن يتعلموا.
مع تحياتي
كامل
From: osmano...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5145] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Sat, 15 Aug 2015 22:55:00 +0400
To: elha...@googlegroups.com
مع تحياتي
كامل
From: osmano...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5145] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Sat, 15 Aug 2015 22:55:00 +0400
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB402-EAS156B3353198CAC4A00F45FCB7B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 17, 2015, 8:11:38 AM8/17/15
to elha...@googlegroups.com
الدين في شبه الجزيرة العربية: الجزء الاول من اربعة أجزاء، سلسلة 'نحو آفاق أوسع' - الكاتبة: أبكار السقاف:
مقدمة: هذا الكتاب الموسوعي (٤٥٠) صفحة من الحجم الكبير، هو واحد من اربع كتب ضمن موسوعة 'نحو آفاق أوسع' بغرض بث الوعي في العقل العربي الاسلامي، عن طريق توسيع مداركه واحاطته باحداث التاريخ التي سبقت الاديان -جاءت كل الاديان السما ية في الاربعة الف سنة الاخيرة - وهي الفترة التي حددها الجيولوجيون وعلماء التاريخ والاثار لحدوث الطوفان الذي تنسبه الكتب السماوية الي فترة نبوة نوح عليه السلام، والذي كان حوالي بحر ايجة ومنطقة البسفور واجزاء من شواطئ البحرين الابيض المتوسط والأحمر.
كتبت الكاتبة والباحثة اليمنية أبكار الثقاف هذه المجموعة من كتبها - لها كتب أخري- وهي تقيم في مصر تلميذة علي الاستاذ العقاد والدكتور طه حسين اللذان عداها انبغ تلاميذهما قاطبة. قضت ابكار حياتها القصيرة في الدراسة والاطلاع الواسع، والبحث والكتابة، طلب يدها ولي عهد ليبيا، ابن الملك السنوسي، فرفضته مفضلة إن تحيا حياة حرة بلا قيود، تهب فيها حياتها، وتتفرغ للبحث والكتابة دون مسؤولية زوج وبيت واطفال، حتي وإن كانت أميرة ليبية في انتظار أن يصبح زوجها ملكاً، فكان نتاج رفضها عدد من الكتب التي أثرت المكتبة العربية والاسلامية، اهمها هذه السلسلة التي سمتها 'نحو آفاق أوسع' وفيها اربع كتب، هي الدين في شبه الجزيرة العربية، وهو ما تقدم لهرالكاتبك في هذا المقال، والدين في الهند والصين، والهند في مصر القديمة وبابل والدين عند الكلدانيين.
ماتت ابكار وهو تكتب في الجزء الرابع من موسوعتها فقامت اختها بتكملة كتابها الرابع معتمدةً نفس الاسلوب الذي كتبت به ابكار كتبها الثلاث الاولي، وهو اسلوب مختلف عن اسلوب الكتابة التقليدية كما سيلمس القارئ. فإلي مقدمة الكتاب الاول، وارجو ملاحظة الاسلوب المتفرد الذي اعتمدته ابكار السقاف:
كتبت ابكار السقاف عليها رحمة الله: [[[ الدين فى هذا الجانب المتضوع بشذى الإرهاف، والسابق بأرج الحرية والطلاقة، والمحتضن شمالا بادية الشام، والمحتضن بالمياه من جهات ثلاث، شرقاً بالخليج الفارسي وبحر عمان، وجنوباً بالمحيط الهندي، وغرباً بالبحر الأحمر، روايةً ترويها للزمن أنفاس راوية، - هي أبكار السقاف -:
إن للدين تاريخاً بدأ على هذه الناحية من الدنيا مذ بدأ العقل الإنساني يحفر خطاه بين تهم تهامة، وأنجاد نجد، وسهوب الجنوب وسهول الشمال، متمثلاً بالعنصر العائد بأصله إلى سام بن نوح، والعائد بسكنه إلي شبه الجزيرة العربية، إلى آباء قبليين دفعهم إلى هذه الفدافد والفيافى للفرات في "جنات عدن" هدير "الطوفان"، ونشرهم مرور الزمن على هذه الأرجاء قبائل تجمع العمائر، وعمائر تجمع البطون، وبطوًنا تجمع الأفخاذ، وأفخاًذا تجمع الفصائل، فعلى صفحة "اليمامة" انتشرت القبائل من أبناء طسم وجديس، وفى "الأحقاف" سكنت القبيلة التى تفرعت من أبناء عاد، وفي "الحِجْر" و "وادى القَري" فيما بين الحجاز والشام ترابطت الفروع التى انحدرت من أبناء ثمود. أما فى الشمال الغربى بين تهامة ونجد، فمرحت فى استعلاء قبائل تعود بأبوتها إلى مالق بن لاوذ وهم من نعرفهم فى سجلات التاريخ القديم بالعمالقة، غداة أضيفت كلمة "عم" العـبرية - وهى تؤدى معنى أمة - إلى أبناء مالق، بينما راحت قبائل أخرى من نفس العنصر تذرع البوادى وتجوب السباسب من جنبات هذه الرمال وكل منها تحمل اسم أبيها القبلى وتضفى بدورها اسم هذا الأب على ما قد اختارته من مكان فى فسحات هذه الأرجاء.. من هؤلاء كان أبناء عبيل، وكانت ديارهم "بالجُحفةِ" بين مكة ويثرب، كما أن من هؤلاء أيضاً كان أبناء أُميّم، ومدْيّن، وثابِر، وجاسِمْ، وحَضُوراء وحضرموت.
ولكن يد الزمن والتاريخ اللتان امتدتا ليلاً، فدفعـتا من وادى الرافدين هؤلاء الآباء القبليين، ونشرت منهم هذه الفروع علي هذه الأرجاء، إَنما كانت كأنها قد إختطت خطة وحددت هدًفا، وكأنما في مخيلة الزمن كانت احداث الآتي حاضرة ومرسومة بدقة ! فيد الزمن بينما كانت تنشر وتطوي هذه القبائل، ليعرفهم التاريخ فيما بعد " بالعـرب البائدة " كانت تلك اليد تلقي بهم فى تربة الآتى بذوراً ل"العرب الباقية " من "عرب عاربة" و "عرب مستعـربة" مختارة من بين كل هؤلاء الآباء القبليين العائدين بنسبهم إلى سام بن نوح ثلاث آباء، قحطان بن عابر، وعابر، وهود بن شالح بن ارفخذ بن سام بن نوح. فليس إلا من قحطان وحده دون أخويه عابر وهود قد انداح الليل عن هذه الناحية من الدنيا غـداة أشرق التاريخ بابني قحطان: (يعرب) مؤسس مملكة اليمن، حيث سطعت على الدنيا حضارة بعد حضارة، توالت وسادت، ثم بادت وولت بتوالى الدولة المعـينية، فالسبئية فالحميرية، ومن أضفى اسمه على شبه الجزيرة فأصبحت ٌتعـرف ببلاد العـرب. والبن الآخر والاخ ليعرب، (جرهم) مؤّسس مملكة الحجاز حيث فى هذا الوادى المحجوز بجبال خندمة شرًقا، والمعلي شمالاً، والحجون غـرًبا ومنحنيات أبى قبيس جنوًبا، أّسس جُرهَمْ ملكاً حجبته العمالقة بظلالها لفترة انتهت برواحهم عن هذا الوادي وانتشارهم فى أرجاء الشرق القديم، فكان منهم "الجبابرة" فى الشام المعروفين باسم الكنعانيين، ومنهم كان الملوك الرعاة الذين عرفهم التاريخ المصرى القديم باسم "الهكسوس". هذا، بينما راحت يد الزمن تدفع مرة أخرى ُجـرهم، أو هذه القبيلة القحطانية التى ما لبثت أن هبت ومن جديد احتلت هذا الوادى، ومن ثم كان التفريق التاريخى بين ُجـرهم الأولى و ُجرهم هذه الآخرة التى نعرفها فى التاريخ السياسى العربى القديم بجرهم الثانية (الموجع: جواد علي، المفصل في تاريخ العربدقبل الاسلام: جزء(١)) .
وبجرهم عمر من أودية شبه الجزيرة هذا الوادى الحاجز بين تهامة ونجد، والحائل بين اليمن والعروض فصيغت بهذه القبيلة القحطانية حلقة وصلت الشام بالمحيط الهندى عن طريق سلسلة من القوافل التجارية. لقد جعل المركز الجغرافى للوادى ومنذ حلكة التاريخ طريقاً مطروقاً للتجارة، لأنه لما كانت القوافل فى تسيارها بالقادمين من اليمن الي فلسطين، وبالصادرين من فلسطين إلى حضرموت تسير فى محاذاة البحر الأحمر متجنبة هضاب نجد ولوافح هجيرها تجنبها لصخور الشاطئ ووعورة مسالكه كان الوادى بما كان يتخلله من الآبار، وما كانت فيه من العيون، المهبط الطبيعى الذى اجتذب إليه هذه القوافل التى اتخذته بادئًا ذى بدء ملتقيً فمناخاً للراحة، ثم سوقًا للتجارة يقع فيه التبادل بين الصاعدين من الجنوب والمنحدرين من الشمال.
كذلك كان شأن هذا الوادى فى العهد الجرهمى الآخر.. العهد الذى نسلط عليه أضواء التاريخ الدينىً علي هدى "القلم المسند" والنقوش البابلية فى الألف الثالث ق.م، التى ذكرت الدولة المعـينية. نرى رشاشاً قد أصاب هذه القبيلة القحطانية من طوفان ذلك الارتحال "العراقى-السورى" الذى اشتد إبان النهضة السومرية (دولتي وحضارتي سومر وإكاد اللتان يبقتا حضارة بابل وأشور) بين الرافدين وفى أعقابها وبالتحديد فى غضون القرن التاسع عشر ق.م.. فنحن لا ُنسلط الأضواء على هذه القبيلة القحطانية التى اتخذت من هذا الوادى القائم فى ملتقى طرق القوافل التجارية المتلاقية من الشمال والجنوب مسكناً إلا وتقدم الينا يد الزمن سجلات محفوفة بالقدسية نرى عليها جليّاً أن بين هذه القبيلة قد هبط إبراهيم الخليل بإسماعيل ابنه البِكر وله من العمر ثلاثة عشر عاماً. جاء خليل الرحمن مقبلاً بابنه من تلك البقاع التى كان قد نزح إليها فى أعقاب النهضة السومرية وعهد "أورنامو"، غداة ترك إبراهيم "أور الكنعانيين"، متوجهاً ومرتحلاً إلي تلك الأرض التى بلغ فيها منشود الثراء المادى، وأصبح مرهوب الجانب ومخطوب الو ِّد بين الآباء القبليين. ثم كانت غيرة النساء كما تُروي القصة، فكانت سارة الحرة من هاجر خادمتها التي سبقتها ووهبت ابراهيم ابناً، فلما وهبها الله اسحق ارادت إن يخلو لها ولابنها قلب الاب فطلبت رحيلها. فليس إلا على هذه السجلات المغلفة بالقدسية نرى أن ابراهيم قد إختار هذا الوادى غير ذي الزرع ليقيم لإسماعيل ملكاً وضع منه الأساس. فقد قام فيما بعد عقد هذه الرابطة بفترة من الزمن سجلتها تلك اللحظة التى وقف فيها إبراهيم خليل الرحمن على أنقاض معالم قديمة لمعبد عتيق، يرسل الصوت في الأرجاء الجرهمية ليروح بينها أصداءً تدوى وتتردد بأن إليه قد صدر الأمر الإلهى ليقيم للإله بيتاً، ويدعو الناس إلي أن يحجوا اليه ويقدسوه، فهو إنما البيت الذي بنته الملائكة لأبيهم 'آدم'، وقد عفا عليه الزمن واندثر الا من اساسه فنهض ابراهيم يعاونه ابنه يرفعان اساس البيت الحرام. ومن ثم كان قيام هذا "البيت" الذى حتمت لغة بانيه أن يطلق عليه اسماً بابلياً – ولما كانت الكلمة البابلية للبيت هى "بكة " فقد عرف الوادى نسبة إلى "البيت" بالاسم البابلى للبيت – الذى بنشأته كبيت قدسي بدأت من حوله تقترب الفلول الجرهمية لتستقر بجواره متبركةً به، مقدسة لأحجاره، ولتبدأ فى تاريخ المدن العربية مدينة جديدة تحمل اسم "بكة" أو "مكة" كما أصبحت تُعرف.
في حلقة قادمة نتناول مكة المكرمة، نشأتها وتاريخها، ما كان فيها من الشرك والايمان، ومكانتها التي احتلتها - ولا تزال - في قلوب المسلمين.
كامل سيد احمد، لنكن
مقدمة: هذا الكتاب الموسوعي (٤٥٠) صفحة من الحجم الكبير، هو واحد من اربع كتب ضمن موسوعة 'نحو آفاق أوسع' بغرض بث الوعي في العقل العربي الاسلامي، عن طريق توسيع مداركه واحاطته باحداث التاريخ التي سبقت الاديان -جاءت كل الاديان السما ية في الاربعة الف سنة الاخيرة - وهي الفترة التي حددها الجيولوجيون وعلماء التاريخ والاثار لحدوث الطوفان الذي تنسبه الكتب السماوية الي فترة نبوة نوح عليه السلام، والذي كان حوالي بحر ايجة ومنطقة البسفور واجزاء من شواطئ البحرين الابيض المتوسط والأحمر.
كتبت الكاتبة والباحثة اليمنية أبكار الثقاف هذه المجموعة من كتبها - لها كتب أخري- وهي تقيم في مصر تلميذة علي الاستاذ العقاد والدكتور طه حسين اللذان عداها انبغ تلاميذهما قاطبة. قضت ابكار حياتها القصيرة في الدراسة والاطلاع الواسع، والبحث والكتابة، طلب يدها ولي عهد ليبيا، ابن الملك السنوسي، فرفضته مفضلة إن تحيا حياة حرة بلا قيود، تهب فيها حياتها، وتتفرغ للبحث والكتابة دون مسؤولية زوج وبيت واطفال، حتي وإن كانت أميرة ليبية في انتظار أن يصبح زوجها ملكاً، فكان نتاج رفضها عدد من الكتب التي أثرت المكتبة العربية والاسلامية، اهمها هذه السلسلة التي سمتها 'نحو آفاق أوسع' وفيها اربع كتب، هي الدين في شبه الجزيرة العربية، وهو ما تقدم لهرالكاتبك في هذا المقال، والدين في الهند والصين، والهند في مصر القديمة وبابل والدين عند الكلدانيين.
ماتت ابكار وهو تكتب في الجزء الرابع من موسوعتها فقامت اختها بتكملة كتابها الرابع معتمدةً نفس الاسلوب الذي كتبت به ابكار كتبها الثلاث الاولي، وهو اسلوب مختلف عن اسلوب الكتابة التقليدية كما سيلمس القارئ. فإلي مقدمة الكتاب الاول، وارجو ملاحظة الاسلوب المتفرد الذي اعتمدته ابكار السقاف:
كتبت ابكار السقاف عليها رحمة الله: [[[ الدين فى هذا الجانب المتضوع بشذى الإرهاف، والسابق بأرج الحرية والطلاقة، والمحتضن شمالا بادية الشام، والمحتضن بالمياه من جهات ثلاث، شرقاً بالخليج الفارسي وبحر عمان، وجنوباً بالمحيط الهندي، وغرباً بالبحر الأحمر، روايةً ترويها للزمن أنفاس راوية، - هي أبكار السقاف -:
إن للدين تاريخاً بدأ على هذه الناحية من الدنيا مذ بدأ العقل الإنساني يحفر خطاه بين تهم تهامة، وأنجاد نجد، وسهوب الجنوب وسهول الشمال، متمثلاً بالعنصر العائد بأصله إلى سام بن نوح، والعائد بسكنه إلي شبه الجزيرة العربية، إلى آباء قبليين دفعهم إلى هذه الفدافد والفيافى للفرات في "جنات عدن" هدير "الطوفان"، ونشرهم مرور الزمن على هذه الأرجاء قبائل تجمع العمائر، وعمائر تجمع البطون، وبطوًنا تجمع الأفخاذ، وأفخاًذا تجمع الفصائل، فعلى صفحة "اليمامة" انتشرت القبائل من أبناء طسم وجديس، وفى "الأحقاف" سكنت القبيلة التى تفرعت من أبناء عاد، وفي "الحِجْر" و "وادى القَري" فيما بين الحجاز والشام ترابطت الفروع التى انحدرت من أبناء ثمود. أما فى الشمال الغربى بين تهامة ونجد، فمرحت فى استعلاء قبائل تعود بأبوتها إلى مالق بن لاوذ وهم من نعرفهم فى سجلات التاريخ القديم بالعمالقة، غداة أضيفت كلمة "عم" العـبرية - وهى تؤدى معنى أمة - إلى أبناء مالق، بينما راحت قبائل أخرى من نفس العنصر تذرع البوادى وتجوب السباسب من جنبات هذه الرمال وكل منها تحمل اسم أبيها القبلى وتضفى بدورها اسم هذا الأب على ما قد اختارته من مكان فى فسحات هذه الأرجاء.. من هؤلاء كان أبناء عبيل، وكانت ديارهم "بالجُحفةِ" بين مكة ويثرب، كما أن من هؤلاء أيضاً كان أبناء أُميّم، ومدْيّن، وثابِر، وجاسِمْ، وحَضُوراء وحضرموت.
ولكن يد الزمن والتاريخ اللتان امتدتا ليلاً، فدفعـتا من وادى الرافدين هؤلاء الآباء القبليين، ونشرت منهم هذه الفروع علي هذه الأرجاء، إَنما كانت كأنها قد إختطت خطة وحددت هدًفا، وكأنما في مخيلة الزمن كانت احداث الآتي حاضرة ومرسومة بدقة ! فيد الزمن بينما كانت تنشر وتطوي هذه القبائل، ليعرفهم التاريخ فيما بعد " بالعـرب البائدة " كانت تلك اليد تلقي بهم فى تربة الآتى بذوراً ل"العرب الباقية " من "عرب عاربة" و "عرب مستعـربة" مختارة من بين كل هؤلاء الآباء القبليين العائدين بنسبهم إلى سام بن نوح ثلاث آباء، قحطان بن عابر، وعابر، وهود بن شالح بن ارفخذ بن سام بن نوح. فليس إلا من قحطان وحده دون أخويه عابر وهود قد انداح الليل عن هذه الناحية من الدنيا غـداة أشرق التاريخ بابني قحطان: (يعرب) مؤسس مملكة اليمن، حيث سطعت على الدنيا حضارة بعد حضارة، توالت وسادت، ثم بادت وولت بتوالى الدولة المعـينية، فالسبئية فالحميرية، ومن أضفى اسمه على شبه الجزيرة فأصبحت ٌتعـرف ببلاد العـرب. والبن الآخر والاخ ليعرب، (جرهم) مؤّسس مملكة الحجاز حيث فى هذا الوادى المحجوز بجبال خندمة شرًقا، والمعلي شمالاً، والحجون غـرًبا ومنحنيات أبى قبيس جنوًبا، أّسس جُرهَمْ ملكاً حجبته العمالقة بظلالها لفترة انتهت برواحهم عن هذا الوادي وانتشارهم فى أرجاء الشرق القديم، فكان منهم "الجبابرة" فى الشام المعروفين باسم الكنعانيين، ومنهم كان الملوك الرعاة الذين عرفهم التاريخ المصرى القديم باسم "الهكسوس". هذا، بينما راحت يد الزمن تدفع مرة أخرى ُجـرهم، أو هذه القبيلة القحطانية التى ما لبثت أن هبت ومن جديد احتلت هذا الوادى، ومن ثم كان التفريق التاريخى بين ُجـرهم الأولى و ُجرهم هذه الآخرة التى نعرفها فى التاريخ السياسى العربى القديم بجرهم الثانية (الموجع: جواد علي، المفصل في تاريخ العربدقبل الاسلام: جزء(١)) .
وبجرهم عمر من أودية شبه الجزيرة هذا الوادى الحاجز بين تهامة ونجد، والحائل بين اليمن والعروض فصيغت بهذه القبيلة القحطانية حلقة وصلت الشام بالمحيط الهندى عن طريق سلسلة من القوافل التجارية. لقد جعل المركز الجغرافى للوادى ومنذ حلكة التاريخ طريقاً مطروقاً للتجارة، لأنه لما كانت القوافل فى تسيارها بالقادمين من اليمن الي فلسطين، وبالصادرين من فلسطين إلى حضرموت تسير فى محاذاة البحر الأحمر متجنبة هضاب نجد ولوافح هجيرها تجنبها لصخور الشاطئ ووعورة مسالكه كان الوادى بما كان يتخلله من الآبار، وما كانت فيه من العيون، المهبط الطبيعى الذى اجتذب إليه هذه القوافل التى اتخذته بادئًا ذى بدء ملتقيً فمناخاً للراحة، ثم سوقًا للتجارة يقع فيه التبادل بين الصاعدين من الجنوب والمنحدرين من الشمال.
كذلك كان شأن هذا الوادى فى العهد الجرهمى الآخر.. العهد الذى نسلط عليه أضواء التاريخ الدينىً علي هدى "القلم المسند" والنقوش البابلية فى الألف الثالث ق.م، التى ذكرت الدولة المعـينية. نرى رشاشاً قد أصاب هذه القبيلة القحطانية من طوفان ذلك الارتحال "العراقى-السورى" الذى اشتد إبان النهضة السومرية (دولتي وحضارتي سومر وإكاد اللتان يبقتا حضارة بابل وأشور) بين الرافدين وفى أعقابها وبالتحديد فى غضون القرن التاسع عشر ق.م.. فنحن لا ُنسلط الأضواء على هذه القبيلة القحطانية التى اتخذت من هذا الوادى القائم فى ملتقى طرق القوافل التجارية المتلاقية من الشمال والجنوب مسكناً إلا وتقدم الينا يد الزمن سجلات محفوفة بالقدسية نرى عليها جليّاً أن بين هذه القبيلة قد هبط إبراهيم الخليل بإسماعيل ابنه البِكر وله من العمر ثلاثة عشر عاماً. جاء خليل الرحمن مقبلاً بابنه من تلك البقاع التى كان قد نزح إليها فى أعقاب النهضة السومرية وعهد "أورنامو"، غداة ترك إبراهيم "أور الكنعانيين"، متوجهاً ومرتحلاً إلي تلك الأرض التى بلغ فيها منشود الثراء المادى، وأصبح مرهوب الجانب ومخطوب الو ِّد بين الآباء القبليين. ثم كانت غيرة النساء كما تُروي القصة، فكانت سارة الحرة من هاجر خادمتها التي سبقتها ووهبت ابراهيم ابناً، فلما وهبها الله اسحق ارادت إن يخلو لها ولابنها قلب الاب فطلبت رحيلها. فليس إلا على هذه السجلات المغلفة بالقدسية نرى أن ابراهيم قد إختار هذا الوادى غير ذي الزرع ليقيم لإسماعيل ملكاً وضع منه الأساس. فقد قام فيما بعد عقد هذه الرابطة بفترة من الزمن سجلتها تلك اللحظة التى وقف فيها إبراهيم خليل الرحمن على أنقاض معالم قديمة لمعبد عتيق، يرسل الصوت في الأرجاء الجرهمية ليروح بينها أصداءً تدوى وتتردد بأن إليه قد صدر الأمر الإلهى ليقيم للإله بيتاً، ويدعو الناس إلي أن يحجوا اليه ويقدسوه، فهو إنما البيت الذي بنته الملائكة لأبيهم 'آدم'، وقد عفا عليه الزمن واندثر الا من اساسه فنهض ابراهيم يعاونه ابنه يرفعان اساس البيت الحرام. ومن ثم كان قيام هذا "البيت" الذى حتمت لغة بانيه أن يطلق عليه اسماً بابلياً – ولما كانت الكلمة البابلية للبيت هى "بكة " فقد عرف الوادى نسبة إلى "البيت" بالاسم البابلى للبيت – الذى بنشأته كبيت قدسي بدأت من حوله تقترب الفلول الجرهمية لتستقر بجواره متبركةً به، مقدسة لأحجاره، ولتبدأ فى تاريخ المدن العربية مدينة جديدة تحمل اسم "بكة" أو "مكة" كما أصبحت تُعرف.
في حلقة قادمة نتناول مكة المكرمة، نشأتها وتاريخها، ما كان فيها من الشرك والايمان، ومكانتها التي احتلتها - ولا تزال - في قلوب المسلمين.
كامل سيد احمد، لنكن
From: osmano...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5145] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Sat, 15 Aug 2015 22:55:00 +0400
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB402-EAS156B3353198CAC4A00F45FCB7B0%40phx.gbl.
Tayseer Mustafa
Aug 17, 2015, 3:12:43 PM8/17/15
to elha...@googlegroups.com
الشكر المتواصل ل د كامل . داءما نزداد علم ومعرفه من كتاباتك. أحب أضيف ملاحظه . انا أفتكر انه كثيرين من الناس يخافو حتي من التفكر في الدين لأنهم ربمايدرو إنّو إيمانهم مهزوز . الانسان الواثق من إيمانه لا يهزه التفكر والاجتهاد وال analysis ولا النظر في اجتهادات بعض الناس من غير انفعال.
I think your writings are challenging a lot of old believes that actually do not have anything to do with the actual religion .acknowledgment of the lack of knowledge and reluctance to liberate the minds is hindering the processing of interpretations that would be applicable to nowadays .
I think that the stronger the belief in Allah the more liberal one would be . However some choose not to think and just take the defensive aggressive methods calling it غيره .
I hope people would start to be less defensive on tackling these important issues
Warm regards
Tayseer Elfaki Mustafa
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W193B015600616056D9CD28B3790%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 17, 2015, 5:50:19 PM8/17/15
to elha...@googlegroups.com
كتب البروفيسور موسي عبد الله حامد:
لا أدري كم من الاطباء قرأ مجموعة الكتب التي اصدرها الدكتور الاديب موسي عبد الله حامد، واثري بها المكتبة السودانية، والعربية والطبية جميعاً.
لم أقل البروفيسور موسي، لعلمي بإن الدكتور النطاسي الاريب اللبيب لا يبالي بهذه الالقاب كما استاء احد ممن درست عليهم حين خاطبته ب "ازيك يا دكتور فلان" وقد التقية في الجمعية الملكية للطب في لندن فاهملني تماماً، وشرح لي البعض السبب بانه لا يجيب علي من لا يناديه ببروفيسور، فسبحان الله. لذلك لا احسب إن بروفيسور مرسي يهتم للقب، تماماً كما قال بروفيسور عبد الله الطيب عليه رحمة الله، بعد إن اصبحت جميعها ( القاب مملكةٍ في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الاسد )، وما اكثر هرر السودان وقططه، بل كدائسه التي تنتفخ لتحكي صولة الاسود وهي أفرغ من البلوم في عقولها. القاب حيزت وسارت بها الركبان في مجالات المعرفة والجهل في سودان الاخوان، وصارت تمنح للناس منحاً مثل الهبات بلا جهدٍ ولا استحقاق. دعونا من هذا فهو مما يثقل علي القلب ويؤذي الروح ولنعود الي الدكتور موسي.
كان لقائي باول كتب الدكتور موسي بالصدفة، وانا ابحث عن كتب اعود بها الي لنكن من اجازتي في السودان، ففي مكتبة عزة بشارع عثمان دقنة وجدت كتاباً عنوانه 'امدرمان الاميرية الوسطي' سراديب الصدي، فاخذته والتهمته في يوم وليلة وانا لا اصدق أن المؤلف جراح، ثم عدت ابحث عن المزيد فوجدت ثلاثية خورطقت لنفس الكاتب، فاخذتها والتهمتها التهاماً وقد شغفت بكتابات الاستاذ الدكتور موسي، وكنت قد سمعت عنه الكثير من زوج خالتي المرحوم محمد صالح فضل 'صقر' فقد كانا اولاد دفعة في الجامعة هذا في الاداب وذاك في الطب، كذلك جمع بينهما الانتماء الي قبيلة اليسار. بعدها عثرت علي كتاب سنوات الجامعه الجزء الاول، وما كان بوسعي التفريط فيه، فاحرزته واحرزت باقي المجموعة الي الجزء الخامس من سنوات الجامعة، وقناعتي إنه يجب علي كل طبيب قراءة هذه الكتب، فهي نوع من أدب الذكريات والسيرة الذاتية نادر، تجد الندرة في تسلسل الوقاىع، وفي الاسلوب الذي لا يدانيه سوي القليلون من ادباء الكتابة وفطاحلها، والاستشهاد بالشعر وبالقرآن في سلاسة مبهرة، ووصف الشخصيات بدقة لم اجدها سوي لدي نجيب محفوظ، كل ذلك في أدب جم لا يذكر سوي حسنات الزملاء،،
الشئ الذي يصعب عليّ تصديقه هو أن يكون الدكتور موسي كتب كل هذه الكتب، منذ المدرسة الوسطي والي تخرجه من ذاكرته دون الاستعانة بمدونات كان يخطها وهو يراقب الزملاء كما علق احد الذين كاتبوا الاستاذ وقد كانوا وللأسف قلة، حتي إن منهم من استنكف شراء الكتب او حتي قراءتها، فتأمل كما كان يردد الاستاذ الدكتور حسن ابشر الطيب والذي استشهد به دكتور موسي.
امامي الكتاب الثاني من ايام الجامعه، وهو يغطي آخر سنة البرلم وسنة تانية طب، استقطع منه هذه القصيدة التي ذكرها الاستاذ موسي بعد تعرضة لكلمتي برالمة ولكاشر،، ولكنه لم يذكر كلمة بريكات، وهي مثلها مثل برالمة ولكاشر جمع تكسير لكلمة اعجمية عربها الطلبة
القصيدة من تأليف الشاعر حسن عمر الازهري، قالها في مدح الدكتور الفاضل البشري المهدي:
هذا ما كتبه دكتور موسي:
[ وتحضرني في هذا السياق عبقرية الشاعر السوداني المقتدر حسن عمر الازهري الذي مدح الدكتور الفاضل البشري المهدي بقصيدة عربية فصيحة ذات روّي أعجمي (انجليزي) فصيح أيضاً، دون أي اعتداء علي أيٍ من اللغتين المتباينتين، فهو قد اجلسهما جنباً الي جنب في جوارٍ لصيق من المسالمة والتناغم إذ يقول.
ألا يا فاضل الاخلاق إني ******** وجدتك عاشقاً لل education
فدٌم في المجدِ والاخلاقِ بحراً ****** كما قد كُنت للاداب ocean
لقد كذب الذي يبغي افتخاراً ****** عليك صناعةً أو cultivation
كأنك في الرياض تبث فيها ******* جداولها مدير ال irrigation
ولم نسمع بمثلك هندسياً ******** يدير معاملاً بأقل motion
تلم بكل السنة البرايا **** وتفهمها بغير translation
وفقت علي ابن سينا في علاجٍ **** وجئت لنا بإنجح operation
وانت الاصل في شرفٍ وفضلٍ **** وغيرك خابطٌ في ال imitation
هداك الله إنت فتيً كريمٍ ***** وأنت أعز أهل الارض nation
مدحتك لست اطلبُ مِنكَ مالاً **** ولكني أريد ال invitation
يبلغك التحية أزهريُ **** ومن معه هنا من population
يواصل الدكتور موسي تعليقه باسلوبه المتميز فيقول [ فانظر اليه كيف آخي بين كلمات اللغتين في هذه الجيرة الالوفة الآمنة، وكيف جسد وحدة المعاني في اطار التباين اللفظي اللغوي الظاهر، وكيف حافظ علي رشاقة العبارة مع اختلاف وسيلتي التعبير بلسانين متغايرين ومتناغمين في آن واحد، وكيف وُفِقَ في - عبثه البرئ القاصد- الي اختيار هذا الروي القوي المتين وهذه القافية المبتكرة المؤثرة. لقد اجتمع له من هذه العفوية السائلة نسقٌ فريدٌ من الدعابةِ المحتشمة، وإيقاع نظيم من النغم السلس المُقفي، وجاء الظرف كله ضاحكاً يمشي في حُلةٍ من الشعر زاهية الالوان. وانظر الي البيت قبل الاخير خاصة، تجده غايةً في الظرف وفي أدب الطرافة والدعابة العذبة، وانفذ بمسمعيّ وجدانك الي أغواره يلقاك صديً منه ينبئك يقيناً بخلائق جيل بأسره في زمان كان سخاءً ورخاء، ثم مضي ولن يؤوب، وذلك قوله:
مدحتك لست اطلب منك مالاً ******** ولكني أريد ال invitation
ويسترسل الدكتور موسي في اسلوبه الرائع، وهو يشير في غمز الي ما أصبح عليه الحال تحت هذا النظام الغاشم الفاسد الظلوم فيقول: [ هذا البيت يتنفس صدره برئة خلائق ذلك الجيل وذلك الزمان، ويلوح في عجزه من ظُرفِ ذلك النفر وتلك العهود ما ليس عليه من مزيد. وما ابعد الفرق بين ما كان في ذلك الزمان النضر الضحوك وبين ما صار اليه الناس في هذه الازمنة القاحلة المرّبدة الظلامية، فالله المستعان.
اري أن اتوقف هنا والا فقد انقل الكتاب برمته فكل صفحة فيه وكل سطر فيه ما يستوقف العقل، ويستجيش الخاطر ويطرب له الوجدان، فتحية الي الاستاذ الدكتور الاديب موسي عبد الله حامد، متعه الله بالصحة والعافية.
كامل سيد احمد
طبيب نفساني
لا أدري كم من الاطباء قرأ مجموعة الكتب التي اصدرها الدكتور الاديب موسي عبد الله حامد، واثري بها المكتبة السودانية، والعربية والطبية جميعاً.
لم أقل البروفيسور موسي، لعلمي بإن الدكتور النطاسي الاريب اللبيب لا يبالي بهذه الالقاب كما استاء احد ممن درست عليهم حين خاطبته ب "ازيك يا دكتور فلان" وقد التقية في الجمعية الملكية للطب في لندن فاهملني تماماً، وشرح لي البعض السبب بانه لا يجيب علي من لا يناديه ببروفيسور، فسبحان الله. لذلك لا احسب إن بروفيسور مرسي يهتم للقب، تماماً كما قال بروفيسور عبد الله الطيب عليه رحمة الله، بعد إن اصبحت جميعها ( القاب مملكةٍ في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الاسد )، وما اكثر هرر السودان وقططه، بل كدائسه التي تنتفخ لتحكي صولة الاسود وهي أفرغ من البلوم في عقولها. القاب حيزت وسارت بها الركبان في مجالات المعرفة والجهل في سودان الاخوان، وصارت تمنح للناس منحاً مثل الهبات بلا جهدٍ ولا استحقاق. دعونا من هذا فهو مما يثقل علي القلب ويؤذي الروح ولنعود الي الدكتور موسي.
كان لقائي باول كتب الدكتور موسي بالصدفة، وانا ابحث عن كتب اعود بها الي لنكن من اجازتي في السودان، ففي مكتبة عزة بشارع عثمان دقنة وجدت كتاباً عنوانه 'امدرمان الاميرية الوسطي' سراديب الصدي، فاخذته والتهمته في يوم وليلة وانا لا اصدق أن المؤلف جراح، ثم عدت ابحث عن المزيد فوجدت ثلاثية خورطقت لنفس الكاتب، فاخذتها والتهمتها التهاماً وقد شغفت بكتابات الاستاذ الدكتور موسي، وكنت قد سمعت عنه الكثير من زوج خالتي المرحوم محمد صالح فضل 'صقر' فقد كانا اولاد دفعة في الجامعة هذا في الاداب وذاك في الطب، كذلك جمع بينهما الانتماء الي قبيلة اليسار. بعدها عثرت علي كتاب سنوات الجامعه الجزء الاول، وما كان بوسعي التفريط فيه، فاحرزته واحرزت باقي المجموعة الي الجزء الخامس من سنوات الجامعة، وقناعتي إنه يجب علي كل طبيب قراءة هذه الكتب، فهي نوع من أدب الذكريات والسيرة الذاتية نادر، تجد الندرة في تسلسل الوقاىع، وفي الاسلوب الذي لا يدانيه سوي القليلون من ادباء الكتابة وفطاحلها، والاستشهاد بالشعر وبالقرآن في سلاسة مبهرة، ووصف الشخصيات بدقة لم اجدها سوي لدي نجيب محفوظ، كل ذلك في أدب جم لا يذكر سوي حسنات الزملاء،،
الشئ الذي يصعب عليّ تصديقه هو أن يكون الدكتور موسي كتب كل هذه الكتب، منذ المدرسة الوسطي والي تخرجه من ذاكرته دون الاستعانة بمدونات كان يخطها وهو يراقب الزملاء كما علق احد الذين كاتبوا الاستاذ وقد كانوا وللأسف قلة، حتي إن منهم من استنكف شراء الكتب او حتي قراءتها، فتأمل كما كان يردد الاستاذ الدكتور حسن ابشر الطيب والذي استشهد به دكتور موسي.
امامي الكتاب الثاني من ايام الجامعه، وهو يغطي آخر سنة البرلم وسنة تانية طب، استقطع منه هذه القصيدة التي ذكرها الاستاذ موسي بعد تعرضة لكلمتي برالمة ولكاشر،، ولكنه لم يذكر كلمة بريكات، وهي مثلها مثل برالمة ولكاشر جمع تكسير لكلمة اعجمية عربها الطلبة
القصيدة من تأليف الشاعر حسن عمر الازهري، قالها في مدح الدكتور الفاضل البشري المهدي:
هذا ما كتبه دكتور موسي:
[ وتحضرني في هذا السياق عبقرية الشاعر السوداني المقتدر حسن عمر الازهري الذي مدح الدكتور الفاضل البشري المهدي بقصيدة عربية فصيحة ذات روّي أعجمي (انجليزي) فصيح أيضاً، دون أي اعتداء علي أيٍ من اللغتين المتباينتين، فهو قد اجلسهما جنباً الي جنب في جوارٍ لصيق من المسالمة والتناغم إذ يقول.
ألا يا فاضل الاخلاق إني ******** وجدتك عاشقاً لل education
فدٌم في المجدِ والاخلاقِ بحراً ****** كما قد كُنت للاداب ocean
لقد كذب الذي يبغي افتخاراً ****** عليك صناعةً أو cultivation
كأنك في الرياض تبث فيها ******* جداولها مدير ال irrigation
ولم نسمع بمثلك هندسياً ******** يدير معاملاً بأقل motion
تلم بكل السنة البرايا **** وتفهمها بغير translation
وفقت علي ابن سينا في علاجٍ **** وجئت لنا بإنجح operation
وانت الاصل في شرفٍ وفضلٍ **** وغيرك خابطٌ في ال imitation
هداك الله إنت فتيً كريمٍ ***** وأنت أعز أهل الارض nation
مدحتك لست اطلبُ مِنكَ مالاً **** ولكني أريد ال invitation
يبلغك التحية أزهريُ **** ومن معه هنا من population
يواصل الدكتور موسي تعليقه باسلوبه المتميز فيقول [ فانظر اليه كيف آخي بين كلمات اللغتين في هذه الجيرة الالوفة الآمنة، وكيف جسد وحدة المعاني في اطار التباين اللفظي اللغوي الظاهر، وكيف حافظ علي رشاقة العبارة مع اختلاف وسيلتي التعبير بلسانين متغايرين ومتناغمين في آن واحد، وكيف وُفِقَ في - عبثه البرئ القاصد- الي اختيار هذا الروي القوي المتين وهذه القافية المبتكرة المؤثرة. لقد اجتمع له من هذه العفوية السائلة نسقٌ فريدٌ من الدعابةِ المحتشمة، وإيقاع نظيم من النغم السلس المُقفي، وجاء الظرف كله ضاحكاً يمشي في حُلةٍ من الشعر زاهية الالوان. وانظر الي البيت قبل الاخير خاصة، تجده غايةً في الظرف وفي أدب الطرافة والدعابة العذبة، وانفذ بمسمعيّ وجدانك الي أغواره يلقاك صديً منه ينبئك يقيناً بخلائق جيل بأسره في زمان كان سخاءً ورخاء، ثم مضي ولن يؤوب، وذلك قوله:
مدحتك لست اطلب منك مالاً ******** ولكني أريد ال invitation
ويسترسل الدكتور موسي في اسلوبه الرائع، وهو يشير في غمز الي ما أصبح عليه الحال تحت هذا النظام الغاشم الفاسد الظلوم فيقول: [ هذا البيت يتنفس صدره برئة خلائق ذلك الجيل وذلك الزمان، ويلوح في عجزه من ظُرفِ ذلك النفر وتلك العهود ما ليس عليه من مزيد. وما ابعد الفرق بين ما كان في ذلك الزمان النضر الضحوك وبين ما صار اليه الناس في هذه الازمنة القاحلة المرّبدة الظلامية، فالله المستعان.
اري أن اتوقف هنا والا فقد انقل الكتاب برمته فكل صفحة فيه وكل سطر فيه ما يستوقف العقل، ويستجيش الخاطر ويطرب له الوجدان، فتحية الي الاستاذ الدكتور الاديب موسي عبد الله حامد، متعه الله بالصحة والعافية.
كامل سيد احمد
طبيب نفساني
Subject: RE: [Elhakeem:5164] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Mon, 17 Aug 2015 12:11:33 +0000
Date: Mon, 17 Aug 2015 12:11:33 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W64A08CC5C53A7FB1F96334B3790%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 17, 2015, 6:03:54 PM8/17/15
to elha...@googlegroups.com
ازيك يا تيسير وشكراً علي مداخلتك، ما يحتاجه المسلمون هو عقول جريئة تقر بالواقع المخزي وتبحث عن اسبابه وتحاول تصحيحها، وهي بلا شك تكمن في هذا الخوف من التعرض لما اسماه المسلمون الثوابت والخطوط الحمراء التي لا يسمح بانتقادها او بتجاوزها، لكن الامة لن تتقدم بدون نقد معتقداتها وتادخها الذي اسدل عليه ستار كثيف من الاكاذيب،، حاولي الحصول علي كتاب الدكتور فرج فودة عليه رحمة الله، 'الحقيقة الغائبة' او كتاب الدكتور منصور خالد ' الفجر الكاذيب' وستنفتح عيناك علي اشياء واشياء عن دولة الخلافة تم اخفاؤها عنا ليخدعوننا بجوي العودة اليها
كامل،
From: tayseer...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5170] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Mon, 17 Aug 2015 20:12:31 +0100
To: elha...@googlegroups.com
كامل،
From: tayseer...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5170] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Mon, 17 Aug 2015 20:12:31 +0100
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB406-EAS1452BC0D5B6AA4749A0B1F1F1790%40phx.gbl.
Tayseer Mustafa
Aug 18, 2015, 5:57:35 AM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
تسلمً يا كامل والله اشكركً كتير وإنشاء الله سوف اطلع علي هذه المراجع المهمه.
تحياتي
تيسير
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W100F8CF5ACDCAD52771FF5B3790%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 6:55:40 AM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
صفة الإمام العادل:
جاء في العقد الفريد لإبن عبد ربه، أن عمر بن عبد العزیز لما ولي الخلافة كتب إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن یكتب إليه بصفة الإمام العادل، فأجابه الحسن رحمه الله بالاتي، وانا انقله كما هو الي السيد عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية عله يجدي ويذكر الرجل بمسؤوليته وبما ينتظره ءن كان ممن يؤمنون بيوم الحساب.
صفة الإمام او الحاكم الصالح العادل كما جاءت في رسالة الحسن البصري الي عمر بن عبد العزيز، وما كان حفيد الفاروق بحاجة لمن يذكره بالعدل لكنما هو الورع والحرص علي اتباع سبيل البر والصلاح الذي دفع بعمر الثاني الي الكتابة الي الحسن البصري يطلب منه الهدي والنصيحة، وها انذا ارسلها الي سعادة الرئيس البشير وهو يستهل عامه السادس والعشرين حاكماً منفرداً للسودان، بدد في تلك السنوات الكالحات موارد البلد، وافقر الناس وامرضهم، نشر بينهم الجهل واجبرهم علي أن تفسد اخلاقهم ليطعموا انفسهم واولادهم، وترك إهل بيته يلغون في الفساد، ويتحكمون في إرواح ومال العباد بعد إن جلبهم من ريفهم وأسكنهم دون حق في خير بقعة في العاصمة،، أخاطبه واراه وقد أحاط نفسه بثلة من الفاسدين الظلمة المفسدين، فأقول:
سيادة الرئيس عمر حسن احمد البشير، حفظك الله ورعاك ءن كنت ممن يتقون الله ويحرصون علي عباده، ولا حفظك ولا رعاك ءن كنت خائناً لأمانتك مهملاً لمسؤولياتك،، بعد السلام عليك ورحمة الله وبركاته، إحمد اليكم الله الذي لا اله معه واصلي واسلم علي نبيه الأمين وآل بيته المكرمين، وأقول ما كتبه الحسن البصري الي عُمر آخر، قد يكون ابوك سماك عليه:
اعلم یا سيادة الرئيس، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعیف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملھوف.
والإمام العدل يا سيادة الرئيس كالراعي الشفیق على إبله، الرفیق بھا، الذي یرتاد لھا أطیب المراعي، ویذودھا عن مراتع الهلكة، ویحمیھا من السباع، ویكنھا من أذى الحر والقر، فلا يتركها نهباً للخوف والجوع والمرض، ولا يوكل بها من يهملونها أو يسيمونها سوء المعاناة والعذاب.
والإمام العدل يا سيادة الرئيس كالأب الحاني على ولده، یسعى لھم صغاراً، ویعلمھم كباراً؛ یكتسب لھم في حیاته حلالاً بإن يبذل جهده، ویدخر لھم بعد مماته ليطمئن علي مصيرهم من بعده.
هو كالأم الشفیقة، البرة الرفیقة بولدھا، حملته كرھا، ووضعته كرھا، وربته طفلاً تسھر بسھره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافیته، وتغتم بشكایته، لا تسوم عيالها الخسف، ولا توكل اطعامهم وممارضتهم الي من يسيئون اليهم، فيأكلون طعامهم ويتركونهم يتضورون جوعاً.
وهو وصي الیتامى وراعيهم بدلاً عن ابائهم، وخازن الفقراء والمساكین وذوي الاحتياجات، یربي صغیرھم، ویموّن كبیرھم، فهو لكل هؤلاء كالقلب بین الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده. ذلك لأنه القائم بین الله وبین عباده، یسمع كلام الله ویسمعھم له، وینظر إلى ما أمر به الله ویریھم إياه، وینقاد إلى الله ویقودھم الي الله. فلا تكن يا عمر فیما ملكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سیده، واستحفظه ماله وعیاله، فخان أمانته، وبدد المال وشرد العیال، أفقر أھله وفرق ماله، يري من ائتمنهم يسرقون المال فيشترك معهم في سرقته بدل أن يزجرهم ويعاقبهم علي جرمهم.
وإن كنت قد غرك الشيطان والأهل. فإن الله غفور رحيم، فعُد الي ربك واترك من اغروك فإنهم لن يتحملوا عنك ذرةً من ذنوبك يوم القيامة، وأعلم إن الرجوع الي الحق فضيلة، وإن فضوح الدنيا خيرٌ من فضوح الآخرة، وتذكر قول الله تعالي { يا عبادي الذين أسرفوا علي إنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً} وتذكر قول ربك وربنا { ألم يإن للذين آمنوا إن تخشع قلوبهم لذكر الله} فقد طال الامد، وامتد الفساد الي ما زاد عن ربع القرن وقد آن اوان التوبة والعودة الي الحق.
واعلم یا سيادة الرئيس، أن الله أنزل الحدود لیزجر بها الناس عن الخبائث والفواحش، فكیف إذا أتي الخبائث ومارس الفساد من یلی هذه الحدود! وأن الله أنزل القصاص حیاة لعباده، فقال { ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب} فكیف إذا ظلمهم وسرق اموالهم واجاعهم من جعله الله اماماً عليهم لیقتص لھم! واذكر يا سيادة الرئيس الموت وما بعده، وقلة أشیاعك عنده، وأنصارك علیه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر.
واعلم أن لك منزلاً غیر منزلك هذا المترف الذي أنت فیه، فهذا منزل قصير الأمد، لك فيه حليلتان، احداهما ارملة زميلك نهبت مال الله، ولكن لك منزل آتٍ یطول فیه ثواؤك، ویفارقك أحباؤك، یسلمونك في قعره فریداً وحیداً. فتزود له بما یصحبك یوم یفر المرء من أخیه، وأمه وأبیه وصاحبته وبنیه، ولك يومئذِ شأنٌ يغنيك. ذلك يوم عظيم، تذهل فيه كل مرضعةٍ عمن ارضعت، وتضع فيه كل ذات حمل حملها، وتري فيه الناس سكاري وما هُم بسكاري، ولكنها الساعة نادي بها اسرافيل.
واذكر یا سعادة الرئيس الآية { كلا إذا بعثر ما في القبور. وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذٍ لخبير }، فالأسرار ظاھرة، والكتاب لا یغادر صغیرة ولا كبیرة إلا أحصاھا، وإنك ملاقٍ ربك ومعك سائقٌ وشهيد، وقد كُشف عنك غطاؤك فبصرك في ذلك اليوم حديد مما كنت في غفلةٍ عنه، تجئ الي ربك وفي يدك كتاب لا يغادر صغيرةٍ ولا كبيرةٍ الا احصاها، وما ربك بظلام للعبيد.
فالآن أيها الرئيس وأنت في مھل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل. لا تحكم في عباد الله بحكم الجاھلین، ولا تسلك بھم سبیل الظالمین، ولا تسلط المستكبرین على المستضعفین؛ فإنھم لا یرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، فتبوء بأوزارهم مع أوزارك، وتحمل أثقالهم مع أثقالك. ولا یغرنك الذین یتنعمون بما فیه بؤسك، ویأكلون الطیبات في دنیاھم بإذھاب طیباتك في آخرتك. و لا تنظر إلي قدرتك علي الناس وعلي الاموال اليوم، ولكن إنظر إلي قدرتك غداً وإنت مأسورٌ في حبائل الموت، وموقوف بین یدي المنتقم الجبار في مجمع من الملائكة والنبیین والمرسلین، وقد عنت الوجوه للحي القیوم.
إنني یا سيادة الرئيس، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النھي من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحاً، فأنزل كتابي إلیك كمداوي حبیبه یسقیه الأدویة الكریهه لما یرجو له في ذلك من العافیة والصحة. والسلام علیك يا سيادة الرئيس ورحمة الله وبركاته، ونستغفر ربنا ونتوب اليه.
انتهت نصيحة الحسن البصري الي عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص
وللإضافة والفائدة أقول:
قال ابن السماك لعیسى بن موسى: "تواضعك في شرفك أكبر من شرفك". وقال عبد الملك بن مروان: "إن أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزھد عن قدرة، وأنصف عن قوة"، و ذكر عن النجاشي أمیر الحبشة: أنه أصبح یوما جالساً على الأرض والتاج على رأسه، فأعظم ذلك أساقفته، فقال لھم: "إني وجدت فیما أنزل الله تعالى على المسیح علیه السلام، یقول له: " إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع لھا أتممتھا علیه " . "وإنى ولد لي اللیلة غلام فتواضعت لذلك شكراً لله تعالى".
وقال ابن قتیبة: "لم یقل في الھیبة مع التواضع بیت أبدع من قوال الشاعر في بعض خلفاء بني أمیة": --[یغضي حیاء ویغضى من مھابته **** فما یكلم إلا حین یبتسم ] -- وأحسن منه قول الآخر: -- [فتى زاده عز المھابة ذلة **** فكل عزیز عنده متواضع] -- وقال أبو العتاھیة: ----[یا من تشرف بالدنیا وطینتھا ****!لیس التشرف رفع الطین بالطین] ---[إذا أردت شریف الناس كلھم **** فانظر إلى ملك في زي مسكین] ----- [ ذاك الذي عظمت في االله نعمته **** وذاك یصلح للدنیا وللدین]
وقال الحسن بن ھانئ في ھیبة السلطان مع محبة الرعیة: -----[ إمام علیه ھیبة ومحبة **** ألا حبذا ذاك المھیب المحبب]
وقال آخر في الھیبة وإن لم تكن في طریق السلطان: -----[ بنفس من لو مر برد بنانه **** على كبدي كانت شفاء أنامله ] -----[ ومن ھابني في كل شيء وھبته **** فلا ھو یعطیني ولا أنا سائله]
ولابن ھرمة في المنصور: ---[ له لحظات عن حفافي سریره ... إذا كرھا فیھا عقاب ونائل] ---[ كریم له وجھان وجه لدى الرضا ... أسیل ووجه في الكریهة باسل] -[فأما الذي آمنت آمنة الردى ... وأما الذي أوعدت بالثكل ثاكل ] - [ولیس بمعطى العفو من غیر قدرة ... ویعفو إذا ما مكنته المقاتل]
وقال آخر في الھیبة: -[ أھاشم یا فتى دین ودنیا ... ومن ھو في اللباب من اللباب]. --- [ أھابك أن أبوح بذات نفسي ... وتركي للعتاب من العتاب ]
وقال أشجع بن عمرو في ھیبة السلطان: ------------[ منعت مھابتك النفوس حدیثھا ... بالشيء تكرهه وإن لم تعلم] -[ومن الولاة مفخم لا یتقى ... والسیف تقطر شفرتاه من الدم ]
وقال أیضا لھارون الرشید: -----[ وعلى عدوك یا ابن عم محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام ] ------[ فإذا تنبه رعته وإذا غفا ... سلت علیه سیوفك الأحلام ]
وقال الحسن بن ھانئ في الھیبة فأفرط: -----[ ملك تصور في القلوب مثاله ... فكأنه لم یخل منه مكان ]
وقال شاعر الحقيبة، [ فيك رقة الغزلان في هيبة المنصور] وقد سمعت احدهم يغنيها فيقول (في هيبة العصفور) فعجبت كيف تإتي لهذا الجاهل أن يري للعصفرر هيبة!، ولكنه زمان الانقاذ، زمان الحفاة العراة العالة رعاة الشاة،،
جاء في العقد الفريد لإبن عبد ربه، أن عمر بن عبد العزیز لما ولي الخلافة كتب إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن یكتب إليه بصفة الإمام العادل، فأجابه الحسن رحمه الله بالاتي، وانا انقله كما هو الي السيد عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية عله يجدي ويذكر الرجل بمسؤوليته وبما ينتظره ءن كان ممن يؤمنون بيوم الحساب.
صفة الإمام او الحاكم الصالح العادل كما جاءت في رسالة الحسن البصري الي عمر بن عبد العزيز، وما كان حفيد الفاروق بحاجة لمن يذكره بالعدل لكنما هو الورع والحرص علي اتباع سبيل البر والصلاح الذي دفع بعمر الثاني الي الكتابة الي الحسن البصري يطلب منه الهدي والنصيحة، وها انذا ارسلها الي سعادة الرئيس البشير وهو يستهل عامه السادس والعشرين حاكماً منفرداً للسودان، بدد في تلك السنوات الكالحات موارد البلد، وافقر الناس وامرضهم، نشر بينهم الجهل واجبرهم علي أن تفسد اخلاقهم ليطعموا انفسهم واولادهم، وترك إهل بيته يلغون في الفساد، ويتحكمون في إرواح ومال العباد بعد إن جلبهم من ريفهم وأسكنهم دون حق في خير بقعة في العاصمة،، أخاطبه واراه وقد أحاط نفسه بثلة من الفاسدين الظلمة المفسدين، فأقول:
سيادة الرئيس عمر حسن احمد البشير، حفظك الله ورعاك ءن كنت ممن يتقون الله ويحرصون علي عباده، ولا حفظك ولا رعاك ءن كنت خائناً لأمانتك مهملاً لمسؤولياتك،، بعد السلام عليك ورحمة الله وبركاته، إحمد اليكم الله الذي لا اله معه واصلي واسلم علي نبيه الأمين وآل بيته المكرمين، وأقول ما كتبه الحسن البصري الي عُمر آخر، قد يكون ابوك سماك عليه:
اعلم یا سيادة الرئيس، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعیف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملھوف.
والإمام العدل يا سيادة الرئيس كالراعي الشفیق على إبله، الرفیق بھا، الذي یرتاد لھا أطیب المراعي، ویذودھا عن مراتع الهلكة، ویحمیھا من السباع، ویكنھا من أذى الحر والقر، فلا يتركها نهباً للخوف والجوع والمرض، ولا يوكل بها من يهملونها أو يسيمونها سوء المعاناة والعذاب.
والإمام العدل يا سيادة الرئيس كالأب الحاني على ولده، یسعى لھم صغاراً، ویعلمھم كباراً؛ یكتسب لھم في حیاته حلالاً بإن يبذل جهده، ویدخر لھم بعد مماته ليطمئن علي مصيرهم من بعده.
هو كالأم الشفیقة، البرة الرفیقة بولدھا، حملته كرھا، ووضعته كرھا، وربته طفلاً تسھر بسھره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافیته، وتغتم بشكایته، لا تسوم عيالها الخسف، ولا توكل اطعامهم وممارضتهم الي من يسيئون اليهم، فيأكلون طعامهم ويتركونهم يتضورون جوعاً.
وهو وصي الیتامى وراعيهم بدلاً عن ابائهم، وخازن الفقراء والمساكین وذوي الاحتياجات، یربي صغیرھم، ویموّن كبیرھم، فهو لكل هؤلاء كالقلب بین الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده. ذلك لأنه القائم بین الله وبین عباده، یسمع كلام الله ویسمعھم له، وینظر إلى ما أمر به الله ویریھم إياه، وینقاد إلى الله ویقودھم الي الله. فلا تكن يا عمر فیما ملكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سیده، واستحفظه ماله وعیاله، فخان أمانته، وبدد المال وشرد العیال، أفقر أھله وفرق ماله، يري من ائتمنهم يسرقون المال فيشترك معهم في سرقته بدل أن يزجرهم ويعاقبهم علي جرمهم.
وإن كنت قد غرك الشيطان والأهل. فإن الله غفور رحيم، فعُد الي ربك واترك من اغروك فإنهم لن يتحملوا عنك ذرةً من ذنوبك يوم القيامة، وأعلم إن الرجوع الي الحق فضيلة، وإن فضوح الدنيا خيرٌ من فضوح الآخرة، وتذكر قول الله تعالي { يا عبادي الذين أسرفوا علي إنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً} وتذكر قول ربك وربنا { ألم يإن للذين آمنوا إن تخشع قلوبهم لذكر الله} فقد طال الامد، وامتد الفساد الي ما زاد عن ربع القرن وقد آن اوان التوبة والعودة الي الحق.
واعلم یا سيادة الرئيس، أن الله أنزل الحدود لیزجر بها الناس عن الخبائث والفواحش، فكیف إذا أتي الخبائث ومارس الفساد من یلی هذه الحدود! وأن الله أنزل القصاص حیاة لعباده، فقال { ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب} فكیف إذا ظلمهم وسرق اموالهم واجاعهم من جعله الله اماماً عليهم لیقتص لھم! واذكر يا سيادة الرئيس الموت وما بعده، وقلة أشیاعك عنده، وأنصارك علیه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر.
واعلم أن لك منزلاً غیر منزلك هذا المترف الذي أنت فیه، فهذا منزل قصير الأمد، لك فيه حليلتان، احداهما ارملة زميلك نهبت مال الله، ولكن لك منزل آتٍ یطول فیه ثواؤك، ویفارقك أحباؤك، یسلمونك في قعره فریداً وحیداً. فتزود له بما یصحبك یوم یفر المرء من أخیه، وأمه وأبیه وصاحبته وبنیه، ولك يومئذِ شأنٌ يغنيك. ذلك يوم عظيم، تذهل فيه كل مرضعةٍ عمن ارضعت، وتضع فيه كل ذات حمل حملها، وتري فيه الناس سكاري وما هُم بسكاري، ولكنها الساعة نادي بها اسرافيل.
واذكر یا سعادة الرئيس الآية { كلا إذا بعثر ما في القبور. وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذٍ لخبير }، فالأسرار ظاھرة، والكتاب لا یغادر صغیرة ولا كبیرة إلا أحصاھا، وإنك ملاقٍ ربك ومعك سائقٌ وشهيد، وقد كُشف عنك غطاؤك فبصرك في ذلك اليوم حديد مما كنت في غفلةٍ عنه، تجئ الي ربك وفي يدك كتاب لا يغادر صغيرةٍ ولا كبيرةٍ الا احصاها، وما ربك بظلام للعبيد.
فالآن أيها الرئيس وأنت في مھل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل. لا تحكم في عباد الله بحكم الجاھلین، ولا تسلك بھم سبیل الظالمین، ولا تسلط المستكبرین على المستضعفین؛ فإنھم لا یرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، فتبوء بأوزارهم مع أوزارك، وتحمل أثقالهم مع أثقالك. ولا یغرنك الذین یتنعمون بما فیه بؤسك، ویأكلون الطیبات في دنیاھم بإذھاب طیباتك في آخرتك. و لا تنظر إلي قدرتك علي الناس وعلي الاموال اليوم، ولكن إنظر إلي قدرتك غداً وإنت مأسورٌ في حبائل الموت، وموقوف بین یدي المنتقم الجبار في مجمع من الملائكة والنبیین والمرسلین، وقد عنت الوجوه للحي القیوم.
إنني یا سيادة الرئيس، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النھي من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحاً، فأنزل كتابي إلیك كمداوي حبیبه یسقیه الأدویة الكریهه لما یرجو له في ذلك من العافیة والصحة. والسلام علیك يا سيادة الرئيس ورحمة الله وبركاته، ونستغفر ربنا ونتوب اليه.
انتهت نصيحة الحسن البصري الي عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص
وللإضافة والفائدة أقول:
قال ابن السماك لعیسى بن موسى: "تواضعك في شرفك أكبر من شرفك". وقال عبد الملك بن مروان: "إن أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزھد عن قدرة، وأنصف عن قوة"، و ذكر عن النجاشي أمیر الحبشة: أنه أصبح یوما جالساً على الأرض والتاج على رأسه، فأعظم ذلك أساقفته، فقال لھم: "إني وجدت فیما أنزل الله تعالى على المسیح علیه السلام، یقول له: " إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع لھا أتممتھا علیه " . "وإنى ولد لي اللیلة غلام فتواضعت لذلك شكراً لله تعالى".
وقال ابن قتیبة: "لم یقل في الھیبة مع التواضع بیت أبدع من قوال الشاعر في بعض خلفاء بني أمیة": --[یغضي حیاء ویغضى من مھابته **** فما یكلم إلا حین یبتسم ] -- وأحسن منه قول الآخر: -- [فتى زاده عز المھابة ذلة **** فكل عزیز عنده متواضع] -- وقال أبو العتاھیة: ----[یا من تشرف بالدنیا وطینتھا ****!لیس التشرف رفع الطین بالطین] ---[إذا أردت شریف الناس كلھم **** فانظر إلى ملك في زي مسكین] ----- [ ذاك الذي عظمت في االله نعمته **** وذاك یصلح للدنیا وللدین]
وقال الحسن بن ھانئ في ھیبة السلطان مع محبة الرعیة: -----[ إمام علیه ھیبة ومحبة **** ألا حبذا ذاك المھیب المحبب]
وقال آخر في الھیبة وإن لم تكن في طریق السلطان: -----[ بنفس من لو مر برد بنانه **** على كبدي كانت شفاء أنامله ] -----[ ومن ھابني في كل شيء وھبته **** فلا ھو یعطیني ولا أنا سائله]
ولابن ھرمة في المنصور: ---[ له لحظات عن حفافي سریره ... إذا كرھا فیھا عقاب ونائل] ---[ كریم له وجھان وجه لدى الرضا ... أسیل ووجه في الكریهة باسل] -[فأما الذي آمنت آمنة الردى ... وأما الذي أوعدت بالثكل ثاكل ] - [ولیس بمعطى العفو من غیر قدرة ... ویعفو إذا ما مكنته المقاتل]
وقال آخر في الھیبة: -[ أھاشم یا فتى دین ودنیا ... ومن ھو في اللباب من اللباب]. --- [ أھابك أن أبوح بذات نفسي ... وتركي للعتاب من العتاب ]
وقال أشجع بن عمرو في ھیبة السلطان: ------------[ منعت مھابتك النفوس حدیثھا ... بالشيء تكرهه وإن لم تعلم] -[ومن الولاة مفخم لا یتقى ... والسیف تقطر شفرتاه من الدم ]
وقال أیضا لھارون الرشید: -----[ وعلى عدوك یا ابن عم محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام ] ------[ فإذا تنبه رعته وإذا غفا ... سلت علیه سیوفك الأحلام ]
وقال الحسن بن ھانئ في الھیبة فأفرط: -----[ ملك تصور في القلوب مثاله ... فكأنه لم یخل منه مكان ]
وقال شاعر الحقيبة، [ فيك رقة الغزلان في هيبة المنصور] وقد سمعت احدهم يغنيها فيقول (في هيبة العصفور) فعجبت كيف تإتي لهذا الجاهل أن يري للعصفرر هيبة!، ولكنه زمان الانقاذ، زمان الحفاة العراة العالة رعاة الشاة،،
Subject: [Elhakeem:5171] من كتب اليروفيسور موسي عبد الله حامد
Date: Mon, 17 Aug 2015 21:50:15 +0000
Date: Mon, 17 Aug 2015 21:50:15 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W1B495276B58D6F9F406B2B3790%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 7:00:45 AM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
شكراً تيسير وانا جد سعيد بمشاركتك ومداخلاتك، ساكتب عن الشك واهميته للايمان، ساستعرض الشك عند الغزالي، وديكارت والمعري، وكل منهم استخدم الشك المنهجي البناء، لازالشك المذهبي الهدام الذي لجأ اليه السفسطائيون فكان سبباً في انهيار الحضارة الاغريقية لولا ان تصدي لهم سقراط، فإلي لقاء قريب حسبما يسمح الوقت
كامل
From: tayseer...@hotmail.com
Subject: Re: [Elhakeem:5170] RE: [Elhضakeem:الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والأماني والأكاذيب5120] الاعجاز العلمي في القرآن بين الحقيقة والاماني والاكاذيب
Date: Mon, 17 Aug 2015 20:12:31 +0100
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB406-EAS1452BC0D5B6AA4749A0B1F1F1790%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 3:17:39 PM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
في انتظار الثورة القادمة
ما الذي ينقص الانتفاضات الشعبية عن أن تتمخض عنها ثورات حقيقية ؟
سعدنا جميعا وتفاءلنا وتفاعلنا مع الانتفاضات الشعبية التي اكتسحت الشارع العربي واطاحت بديكتاتوريات ظن اصحابها أنهم خالدين مخلدين في الحكم، حتي أن بعضهم أخذ يعمل لتوريث ابناءهم في ملكية هرقلية، كلما مات هرقل نهض لها هرقل من صلبه.
ثم كانت خيبة الامل في أن انتصار الانتفاضات لم يتبعه نجاح وتغيير يدعونا الي أن نرقي بالانتفاضات الي مستوي اعتبارها ثورات، فما السبب؟
هل لفقدان القيادة وعدم وضوح الرؤية والفكرة والهوية والاهداف كشرط يسبق الانتفاضة ويرسم مسارها دور في تعثر الثورة؟
ما هي القوانين التاريخية التي دفعت بالانتفاضات العربية، والتي تقود الحراك الشعبي وتمده بوقوده المتجدد من الزخم الثوري وصولا لتحقيق المعنى الكامل للثورة وتحقيق الأهداف الكبرى التي ظلت تنشدها الامة العربية وتصبو اليها.
ءن الثورة ليست وقفاً علي عملية انتقال السلطة من طبقة إلى أخرى، أو من تحالف إلى تحالف آخر، بل هي ما يتم انجازه بعد إكمال هذا الانتقال من تغيير علي المستويات السياسية والتنظيمية، والاجتماعية، والاقتصادية والحياتية التي تمس الجماهير والتي بسببها نهضت هذه الجماهير وقامت تنشد التغيير.
إن أهداف الثورة لا تقف عند تغيير النظام بل تتعدي ذلك الي بسط الحريات وضمان العدالة الاجتماعية، وكفالة الحقوق الاساسية لكل مواطن ومراجعة أداء النظام الذي تم اسقاطه واجتثاث الفساد ومحاكمة رموزه والعمل علي حماية المكتسبات التي نالها الشعب من عودة سدنة النظام المنهار.
بمراجعة هادئة وموضوعية لحصاد الانتفاضات العربية وفرز ثمارها وتصنيفها وفقا للشروط المنهجية لمعنى الثورات لغرض التعرف بدقة بعيداً عن سراب الإعلام وصخبه، ومن خلال صياغة معادلة يمكن من خلالها قياس مناسيب ما جرى وما يجري وأين استوفى مفهوم الثورة جوهره وشروطه في هذا القطر أو ذاك.
بهذا المعنى علينا التأني في دراسة ما يجري وعدم التسرع في الحكم عليها حيثما نضجت شروطها كاستحقاق داخلي في هذا القطر، أو يجري الإسراع في إنضاجها واستيلادها بعملية جراحية "قيصرية" في ذلك القطر استجابة لاستهدافات خارجية في سياق قوانين جديدة لإدارة الصراع الإقليمي والدولي.
يقاس المد الثوري بمدى التغيير الحاصل على ثلاثة مستويات:
(١) سياسيا
(٢) اقتصادياً،
و (٣) إجتماعياً،
وكثيرا ما يقترن مصطلح الثورة بشقها (السياسي) لتختزل في عملية استبدال طاقم الحكم.
لكن هل يمكننا وصف الحراك الشعبي العربي الذي اجتاح عدداً من الدول العربية بأنه ثورة؟
يشير الاستعمال المعاصر لمفهوم الثورة (REVOLUTION) إلى شقين:
(١) يتعلق الشق الأول بنمط التغيير الذي يحدث في المجتمع نتيجة انتقال السلطة من طبقة اجتماعية إلى أخرى أو نشوء طبقات جديدة كدلالة على وجود ثورة حقيقية.
(٢) وينطبق الشق الثاني من الاستعمالات المعاصرة لمصطلح الثورة على التغيير الجزئي الذي يطال قشرة السلطة السياسية حيث تتم الإطاحة بالحكام من مناصبهم واستبدال آخرين بهم دون أن يتبع ذلك تغيير جذري على المستوى الاقتصادي أو على مستوى منظومة القيم الاجتماعية التي تسود المجتمع.
يوصف التغيير الكبير في الشق الأول غالبا بأنه ثورة مستوفية للشروط، في حين يعتبر نطاق التغيير في الشق الثاني في حدود "الانقلاب"*.
إن تاريخنا السياسي العربي، والسوداني حافل بهذه الملابسات حيث كثيرا ما يتداخل مفهوم الثورة الذي يحلو للبعض تسويقه، رغم ندرة نماذجه العربية بناء على الواقع العربي مع مفاهيم أخرى مقاربة كالتغيير الجزئي في مستوى البناء السياسي الفوقي، والفتنة، والفوضى، إضافة إلى الانقلاب الذي يبدو أنه النموذج الأكثر تكرارا في هذا التاريخ حيث يعاد إنتاجه في كل مرة ولكن بأشكال وصيغ مختلفة.
قوانين الثورة العربية وشروطها:
إذا كان هناك من قانون أساسي بصورة عامة للثورات ففي اعتقادنا يمكن أن نطلق عليه قانون "شدة التناقض" الذي نستطيع تعريفه بأنه تلك الفجوة التي كثيراً ما تتسع بين الشعارات والأيديولوجيات المطروحة وفشل وعجز قادتها، وما بين واقع الشعب الاقتصادي الذي يعيشه ومنظومة القيم الاجتماعية السائدة التي تحكمه، وكلما تقلصت هذه الفجوة ابتعد احتمال الثورة وكلما أخذت هذه الفجوة في الاتساع فإن ثورة ما ستولد من أحشاء المجتمع وهي أمر حتمي وواقع لا محالة بغض النظر عن الكيفية التي ستعبر بها عن نفسها سواء كان ذلك بانقلاب عسكري، أو انتفاضة، أو ثورة شعبية عفوية وبغض النظر عن الصورة التي ستتخذها.
ويبدو أن معظم الثورات تكون عادة مسبوقة ربما على مدى جيل بفترة اختمار وغليان، وهنا قد تعبر الثورة عن نفسها بحالة من الانفجار الشعبي العفوي والعاطفي (قانون الديالكتيك الثالث، قانون التراكمات الكمية والتغيرات الكيفية) ولكن عدا هذه الحالة فإن القاعدة العامة في الثورات الحقيقية هي أن يجري توجيهها من قبل مفكرين وهذا يعني وجود شرط تلازم الغليان الشعبي المتصاعد مع الأفكار الثورية التي تحدد نمط التناقضات الاجتماعية التي يجب أن تحلها وترسم شكل النظام الذي تود أن تقيمه. فكما أن الأفكار الثورية لوحدها ليست ذات قيمة فإن الثورة الشعبية بدون أهداف وأساس نظري للتغيير ستكون غير ذات جدوى وتنتهي إلى غير ما يحلم به الثائرون.
إن شروط ومناخ الثورة في السودان قد نضجت منذ سنوات، وتهيأ لها الشعب، وهي في انتظار من يوقد شرارتها، وفي انتظار من يقودها ويوجهها وجهتها الصحيحة فلا تنحرف عن مسارها كما انحرفت اكتوبر بتكالب الاحزاب الطائفية عليها، أو يتم كتم زخمها وتهدئتها ثم تسليمها للتنظيمات الاسلامية كما حدث لانتفاضة ابريل عبر تواطؤ افراد من القوات المسلحة ومن المدنيين ذوي التوجهات الاسلاموية مع فئات بعينها، وتحت انظار التجمع الديمقراطي الذي ظن أن مهمته قد انتهت بازاحة رأس الدولة عن الحكم.
لكن هذا لا يعني أن احتمال اندلاع الثورة في السودان قد استكمل كافة الشروط فهي لا تزال في مراحلها الأولى من المخاض لأن الثورة لا بد إن تكون مرادفة لتغيير جزري، ومن هنا يصح القول إن الانتفاضة الشعبية في السودان لم تأخذ بعد شكلها النهائي ولا تزال قيد التبلور.
إن المفكرين والمثقفين السودانيين - ومعظمهم يعيشون خارج السودان- لا يزالون خارج معادلة الحراك الشعبي العام حيث يجتر بعضهم من خلال هياكل ومؤسسات متحنطة (مؤتمرات قومية)،أفكارا أصبحت من التراث الإنساني لا تمت بصلة للواقع وطريقة تفكير وهموم الشباب السوداني. أكثرها شخصيات تعيش في صوامع عاجية فقدت كل تأثير لها على مستوى الشارع، لاسيما بعد الربيع العربي الذي أثبت تكلس هذه الأفكار ومؤسساتها المتهرئة وهي في طريقها إلى الانحسار والتلاشي بل ربما الانقراض، وهنا تكمن المأساة في عدم وجود جسور فكرية لتأطير هذا الحراك الثوري الذي يمر به الشعب السوداني.
إننا نوجه الدعوة للمفكرين والمثقفين السودانيين لممارسة دورهم في قيادة وتوجيه الحراك الشعبي الثوري في هذا المفصل من تطور هذا الحراك حيث يتأرجح بين قوى الجذب إلى الخلف ومحركات الاندفاع إلى الأمام، وذلك من خلال الانخراط فيه وعدم الاكتفاء بالتفرج وتجاوز حالة المراقبة إلى المعايشة لهذه اللحظة التاريخية والحاسمة وتقديم عطائهم وخبراتهم السياسية والفكرية اللازمة للحيلولة دون إجهاضه ولضمان صيرورة وديمومة هذا الحراك وعدم تركه ألعوبة بيد الأجندات الخارجية، أو جعله لقمة سائغة بيد قوى الثورة المضادة.
الهوية الحقيقية للثورة وغاياتها
بالنظر لتوفر قوانين وشروط الثورة في مناطق كثيرة من الوطن فإن الحراك الشعبي يمكن أن يحث الخطى باتجاه أهدافه المنشودة في حال اتخاذه مسارين متوازيين متلازمين:
الأول يتطلب استيفاء الثورة لبعدها الأكبر الذي يتجاوز المناطقية والعرقية، أو الطائفية والدينية ليتخذ من البعد القومي إطاراً وهدفاً أوحد يضم جميع السودانيين.
فمن العبث أن تتحقق لأي حراك في أي بلد إنجازات حقيقية وجذرية دون إطلاق كافة طاقات الشعب وفي مقدمتها الثروات الفكرية والقومية والمادية، بالذات هذه الأخيرة التي أصبحت ملكية خاصة للرئيس واهل بيته، وللوزراء وسدنة النظام الحاكم من الرأسمالية الطفيلية. فالثورة مفهوم شامل لا تمكن تجزئته، والتساؤل الرئيسي الذي يجب أن نرفع من خلاله سقف هذه الثورات هو المدخل الحقيقي لثورة حقيقية يمكن أن تحدث، والتساؤل هو :
إذا كانت كل من الشعوب التي ثارت واطاحت بإنظمتها لديها مشاريع قومية واضحة وتعرف ماذا كانت تريد، فما هو مشروعنا نحن في السودان؟
وماذا نريد في معترك القرن الحادي والعشرين؟
إنها فرصة تاريخية لإعادة تعريف أنفسنا، هل حقا سيتمخض جبل الانتفاضة القادمة عن ولادة "فأر"، أي تغيير الرئيس كما حدث في اليمن، أو هروبه كما حدث في تونس، أو التمثيل بجثته كما حدث في ليبيا، أو محاكمته كما حدث في مصر ، واختزال هذا المخاض التاريخي إلى مطالب غامضة ومبهمة ذات نهايات سائبة؟
إن قصة الثورة تتعلق باستكمال أساسها النظري ورسم الطريق أمام أجيال الثورة لتعرف بدقة ماذا تريد وما هي حدود الثورة، وكيف تتقدم إلى الأمام لتخوض تحديات العصر في القرن الحادي والعشرين والثاني والعشرين، لتعي أن معركتها ضد كراسي الحكم هي المعركة الأيسر، وأن الثورة لا يمكن أن تستقيم دون العمل على نسف ملايين الأطنان من تراكمات التخلف والأساطير والخرافات التي تحولت إلى شبه مسلمات وعقائد مقدسة لا يمكن المساس بها. وهذه المعتقدات تشكل عائقا وتقف في اتجاه معاكس لروح العصر وتوجهاته وتحدياته. وما اراه أن علي الثوريين محاربة هذه الافكار اولاً لتمهيد الطريق لقيام الثورة، والا فءنها سوف تكون اكبر عائق في استنهاض الامة لتثور.
إن قصة الثورة تتعلق باستكمال أساسها النظري ورسم الطريق أمام أجيال الثورة لتعرف بدقة ماذا تريد وما هي حدود الثورة وكيف تتقدم إلى الأمام لتخوض التحديات.
ينطلق الطريق الثاني للثورة من خصوصية مجتمعنا السوداني، وعلينا أن نربط كل حراك بواقع هذا المجتمع أولا، وبهدف أسمى ثانيا، لشد الأنظار دائما باتجاه أهداف كبرى، الأمر الذي سيؤسس لتنميط أهداف الثورة على امتداد ساحة الوطن رغم اختلاف الساحات لضمان ديمومة الزخم الثوري للشباب السوداني واستثماره وعدم إيقافه عند حدود مجتزئة ستجعل منه نهباً لقوى الثورة المضادة والعودة به إلى المربع الأول.
إن من شأن هذا التنميط توحيد الرؤي وتبادل الخبرات وزيادة مساحة الأمل لدى الشباب وزيادة قدرتهم على المناورة الداخلية وخلق أرضية حقيقية لقيام مؤسسات وهياكل معاصرة تنسجم مع تطلعات الشباب، فليس من المعقول أن ترعى مؤسسة لم يبق منها سوى اسم الحراك الشعبي الثوري، وينبغي لهذا الحراك أن تكون له مؤسساته وهياكله الخاصة الفكرية والسياسية والعملياتية.
ما الذي ينقص الانتفاضات الشعبية عن أن تتمخض عنها ثورات حقيقية ؟
سعدنا جميعا وتفاءلنا وتفاعلنا مع الانتفاضات الشعبية التي اكتسحت الشارع العربي واطاحت بديكتاتوريات ظن اصحابها أنهم خالدين مخلدين في الحكم، حتي أن بعضهم أخذ يعمل لتوريث ابناءهم في ملكية هرقلية، كلما مات هرقل نهض لها هرقل من صلبه.
ثم كانت خيبة الامل في أن انتصار الانتفاضات لم يتبعه نجاح وتغيير يدعونا الي أن نرقي بالانتفاضات الي مستوي اعتبارها ثورات، فما السبب؟
هل لفقدان القيادة وعدم وضوح الرؤية والفكرة والهوية والاهداف كشرط يسبق الانتفاضة ويرسم مسارها دور في تعثر الثورة؟
ما هي القوانين التاريخية التي دفعت بالانتفاضات العربية، والتي تقود الحراك الشعبي وتمده بوقوده المتجدد من الزخم الثوري وصولا لتحقيق المعنى الكامل للثورة وتحقيق الأهداف الكبرى التي ظلت تنشدها الامة العربية وتصبو اليها.
ءن الثورة ليست وقفاً علي عملية انتقال السلطة من طبقة إلى أخرى، أو من تحالف إلى تحالف آخر، بل هي ما يتم انجازه بعد إكمال هذا الانتقال من تغيير علي المستويات السياسية والتنظيمية، والاجتماعية، والاقتصادية والحياتية التي تمس الجماهير والتي بسببها نهضت هذه الجماهير وقامت تنشد التغيير.
إن أهداف الثورة لا تقف عند تغيير النظام بل تتعدي ذلك الي بسط الحريات وضمان العدالة الاجتماعية، وكفالة الحقوق الاساسية لكل مواطن ومراجعة أداء النظام الذي تم اسقاطه واجتثاث الفساد ومحاكمة رموزه والعمل علي حماية المكتسبات التي نالها الشعب من عودة سدنة النظام المنهار.
بمراجعة هادئة وموضوعية لحصاد الانتفاضات العربية وفرز ثمارها وتصنيفها وفقا للشروط المنهجية لمعنى الثورات لغرض التعرف بدقة بعيداً عن سراب الإعلام وصخبه، ومن خلال صياغة معادلة يمكن من خلالها قياس مناسيب ما جرى وما يجري وأين استوفى مفهوم الثورة جوهره وشروطه في هذا القطر أو ذاك.
بهذا المعنى علينا التأني في دراسة ما يجري وعدم التسرع في الحكم عليها حيثما نضجت شروطها كاستحقاق داخلي في هذا القطر، أو يجري الإسراع في إنضاجها واستيلادها بعملية جراحية "قيصرية" في ذلك القطر استجابة لاستهدافات خارجية في سياق قوانين جديدة لإدارة الصراع الإقليمي والدولي.
يقاس المد الثوري بمدى التغيير الحاصل على ثلاثة مستويات:
(١) سياسيا
(٢) اقتصادياً،
و (٣) إجتماعياً،
وكثيرا ما يقترن مصطلح الثورة بشقها (السياسي) لتختزل في عملية استبدال طاقم الحكم.
لكن هل يمكننا وصف الحراك الشعبي العربي الذي اجتاح عدداً من الدول العربية بأنه ثورة؟
يشير الاستعمال المعاصر لمفهوم الثورة (REVOLUTION) إلى شقين:
(١) يتعلق الشق الأول بنمط التغيير الذي يحدث في المجتمع نتيجة انتقال السلطة من طبقة اجتماعية إلى أخرى أو نشوء طبقات جديدة كدلالة على وجود ثورة حقيقية.
(٢) وينطبق الشق الثاني من الاستعمالات المعاصرة لمصطلح الثورة على التغيير الجزئي الذي يطال قشرة السلطة السياسية حيث تتم الإطاحة بالحكام من مناصبهم واستبدال آخرين بهم دون أن يتبع ذلك تغيير جذري على المستوى الاقتصادي أو على مستوى منظومة القيم الاجتماعية التي تسود المجتمع.
يوصف التغيير الكبير في الشق الأول غالبا بأنه ثورة مستوفية للشروط، في حين يعتبر نطاق التغيير في الشق الثاني في حدود "الانقلاب"*.
إن تاريخنا السياسي العربي، والسوداني حافل بهذه الملابسات حيث كثيرا ما يتداخل مفهوم الثورة الذي يحلو للبعض تسويقه، رغم ندرة نماذجه العربية بناء على الواقع العربي مع مفاهيم أخرى مقاربة كالتغيير الجزئي في مستوى البناء السياسي الفوقي، والفتنة، والفوضى، إضافة إلى الانقلاب الذي يبدو أنه النموذج الأكثر تكرارا في هذا التاريخ حيث يعاد إنتاجه في كل مرة ولكن بأشكال وصيغ مختلفة.
قوانين الثورة العربية وشروطها:
إذا كان هناك من قانون أساسي بصورة عامة للثورات ففي اعتقادنا يمكن أن نطلق عليه قانون "شدة التناقض" الذي نستطيع تعريفه بأنه تلك الفجوة التي كثيراً ما تتسع بين الشعارات والأيديولوجيات المطروحة وفشل وعجز قادتها، وما بين واقع الشعب الاقتصادي الذي يعيشه ومنظومة القيم الاجتماعية السائدة التي تحكمه، وكلما تقلصت هذه الفجوة ابتعد احتمال الثورة وكلما أخذت هذه الفجوة في الاتساع فإن ثورة ما ستولد من أحشاء المجتمع وهي أمر حتمي وواقع لا محالة بغض النظر عن الكيفية التي ستعبر بها عن نفسها سواء كان ذلك بانقلاب عسكري، أو انتفاضة، أو ثورة شعبية عفوية وبغض النظر عن الصورة التي ستتخذها.
ويبدو أن معظم الثورات تكون عادة مسبوقة ربما على مدى جيل بفترة اختمار وغليان، وهنا قد تعبر الثورة عن نفسها بحالة من الانفجار الشعبي العفوي والعاطفي (قانون الديالكتيك الثالث، قانون التراكمات الكمية والتغيرات الكيفية) ولكن عدا هذه الحالة فإن القاعدة العامة في الثورات الحقيقية هي أن يجري توجيهها من قبل مفكرين وهذا يعني وجود شرط تلازم الغليان الشعبي المتصاعد مع الأفكار الثورية التي تحدد نمط التناقضات الاجتماعية التي يجب أن تحلها وترسم شكل النظام الذي تود أن تقيمه. فكما أن الأفكار الثورية لوحدها ليست ذات قيمة فإن الثورة الشعبية بدون أهداف وأساس نظري للتغيير ستكون غير ذات جدوى وتنتهي إلى غير ما يحلم به الثائرون.
إن شروط ومناخ الثورة في السودان قد نضجت منذ سنوات، وتهيأ لها الشعب، وهي في انتظار من يوقد شرارتها، وفي انتظار من يقودها ويوجهها وجهتها الصحيحة فلا تنحرف عن مسارها كما انحرفت اكتوبر بتكالب الاحزاب الطائفية عليها، أو يتم كتم زخمها وتهدئتها ثم تسليمها للتنظيمات الاسلامية كما حدث لانتفاضة ابريل عبر تواطؤ افراد من القوات المسلحة ومن المدنيين ذوي التوجهات الاسلاموية مع فئات بعينها، وتحت انظار التجمع الديمقراطي الذي ظن أن مهمته قد انتهت بازاحة رأس الدولة عن الحكم.
لكن هذا لا يعني أن احتمال اندلاع الثورة في السودان قد استكمل كافة الشروط فهي لا تزال في مراحلها الأولى من المخاض لأن الثورة لا بد إن تكون مرادفة لتغيير جزري، ومن هنا يصح القول إن الانتفاضة الشعبية في السودان لم تأخذ بعد شكلها النهائي ولا تزال قيد التبلور.
إن المفكرين والمثقفين السودانيين - ومعظمهم يعيشون خارج السودان- لا يزالون خارج معادلة الحراك الشعبي العام حيث يجتر بعضهم من خلال هياكل ومؤسسات متحنطة (مؤتمرات قومية)،أفكارا أصبحت من التراث الإنساني لا تمت بصلة للواقع وطريقة تفكير وهموم الشباب السوداني. أكثرها شخصيات تعيش في صوامع عاجية فقدت كل تأثير لها على مستوى الشارع، لاسيما بعد الربيع العربي الذي أثبت تكلس هذه الأفكار ومؤسساتها المتهرئة وهي في طريقها إلى الانحسار والتلاشي بل ربما الانقراض، وهنا تكمن المأساة في عدم وجود جسور فكرية لتأطير هذا الحراك الثوري الذي يمر به الشعب السوداني.
إننا نوجه الدعوة للمفكرين والمثقفين السودانيين لممارسة دورهم في قيادة وتوجيه الحراك الشعبي الثوري في هذا المفصل من تطور هذا الحراك حيث يتأرجح بين قوى الجذب إلى الخلف ومحركات الاندفاع إلى الأمام، وذلك من خلال الانخراط فيه وعدم الاكتفاء بالتفرج وتجاوز حالة المراقبة إلى المعايشة لهذه اللحظة التاريخية والحاسمة وتقديم عطائهم وخبراتهم السياسية والفكرية اللازمة للحيلولة دون إجهاضه ولضمان صيرورة وديمومة هذا الحراك وعدم تركه ألعوبة بيد الأجندات الخارجية، أو جعله لقمة سائغة بيد قوى الثورة المضادة.
الهوية الحقيقية للثورة وغاياتها
بالنظر لتوفر قوانين وشروط الثورة في مناطق كثيرة من الوطن فإن الحراك الشعبي يمكن أن يحث الخطى باتجاه أهدافه المنشودة في حال اتخاذه مسارين متوازيين متلازمين:
الأول يتطلب استيفاء الثورة لبعدها الأكبر الذي يتجاوز المناطقية والعرقية، أو الطائفية والدينية ليتخذ من البعد القومي إطاراً وهدفاً أوحد يضم جميع السودانيين.
فمن العبث أن تتحقق لأي حراك في أي بلد إنجازات حقيقية وجذرية دون إطلاق كافة طاقات الشعب وفي مقدمتها الثروات الفكرية والقومية والمادية، بالذات هذه الأخيرة التي أصبحت ملكية خاصة للرئيس واهل بيته، وللوزراء وسدنة النظام الحاكم من الرأسمالية الطفيلية. فالثورة مفهوم شامل لا تمكن تجزئته، والتساؤل الرئيسي الذي يجب أن نرفع من خلاله سقف هذه الثورات هو المدخل الحقيقي لثورة حقيقية يمكن أن تحدث، والتساؤل هو :
إذا كانت كل من الشعوب التي ثارت واطاحت بإنظمتها لديها مشاريع قومية واضحة وتعرف ماذا كانت تريد، فما هو مشروعنا نحن في السودان؟
وماذا نريد في معترك القرن الحادي والعشرين؟
إنها فرصة تاريخية لإعادة تعريف أنفسنا، هل حقا سيتمخض جبل الانتفاضة القادمة عن ولادة "فأر"، أي تغيير الرئيس كما حدث في اليمن، أو هروبه كما حدث في تونس، أو التمثيل بجثته كما حدث في ليبيا، أو محاكمته كما حدث في مصر ، واختزال هذا المخاض التاريخي إلى مطالب غامضة ومبهمة ذات نهايات سائبة؟
إن قصة الثورة تتعلق باستكمال أساسها النظري ورسم الطريق أمام أجيال الثورة لتعرف بدقة ماذا تريد وما هي حدود الثورة، وكيف تتقدم إلى الأمام لتخوض تحديات العصر في القرن الحادي والعشرين والثاني والعشرين، لتعي أن معركتها ضد كراسي الحكم هي المعركة الأيسر، وأن الثورة لا يمكن أن تستقيم دون العمل على نسف ملايين الأطنان من تراكمات التخلف والأساطير والخرافات التي تحولت إلى شبه مسلمات وعقائد مقدسة لا يمكن المساس بها. وهذه المعتقدات تشكل عائقا وتقف في اتجاه معاكس لروح العصر وتوجهاته وتحدياته. وما اراه أن علي الثوريين محاربة هذه الافكار اولاً لتمهيد الطريق لقيام الثورة، والا فءنها سوف تكون اكبر عائق في استنهاض الامة لتثور.
إن قصة الثورة تتعلق باستكمال أساسها النظري ورسم الطريق أمام أجيال الثورة لتعرف بدقة ماذا تريد وما هي حدود الثورة وكيف تتقدم إلى الأمام لتخوض التحديات.
ينطلق الطريق الثاني للثورة من خصوصية مجتمعنا السوداني، وعلينا أن نربط كل حراك بواقع هذا المجتمع أولا، وبهدف أسمى ثانيا، لشد الأنظار دائما باتجاه أهداف كبرى، الأمر الذي سيؤسس لتنميط أهداف الثورة على امتداد ساحة الوطن رغم اختلاف الساحات لضمان ديمومة الزخم الثوري للشباب السوداني واستثماره وعدم إيقافه عند حدود مجتزئة ستجعل منه نهباً لقوى الثورة المضادة والعودة به إلى المربع الأول.
إن من شأن هذا التنميط توحيد الرؤي وتبادل الخبرات وزيادة مساحة الأمل لدى الشباب وزيادة قدرتهم على المناورة الداخلية وخلق أرضية حقيقية لقيام مؤسسات وهياكل معاصرة تنسجم مع تطلعات الشباب، فليس من المعقول أن ترعى مؤسسة لم يبق منها سوى اسم الحراك الشعبي الثوري، وينبغي لهذا الحراك أن تكون له مؤسساته وهياكله الخاصة الفكرية والسياسية والعملياتية.
Subject: RE: [Elhakeem:5177] الي السيد الرىيس
Date: Tue, 18 Aug 2015 10:55:33 +0000
Date: Tue, 18 Aug 2015 10:55:33 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W809F655D17BC57A883C6D1B3780%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 6:33:59 PM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
مع الاستاذ عبد الكريم الكابلي:
لقد أثري الاستاذ الكابلي مكتبة الغناء السودانية، بل العربية بالكثير من غنائه وفنه الرائع، ويكاد أن يكون المغني الوحيد الذي الف كلمات لبعض اغانيه وقام بصياغة الحانها ثم أداها، والي ذلك فقد غني الاستاذ الكابلي لعدد من كبار الشعراء العرب. فقد غني للمتنبي وللوأواء الدمشقي، كذلك غني للاستاذ عباس محمود العقاد، ولابي فراس الحمداني، ولمحمود سامي البارودي ولعلي محمود طه،
كما غني لشعراء وشاعرات من أيام الفونج والتركية السابقة، فكانت تلك الاغنيات التي نهتز لها ونعرض علي ايقاعها، أغنيات الحماسة التي تمجد الفروسية والبطولة، وتعلي من قيّم الرجولة، ومكارم الاخلاق في الشجاعة والكرم، والبذل والعطاء وإكرام الضيف واعانة الضعيف واغاثة الملهوف، فكان أن احيا الاستاذ تلك الاغاني وبعثها بعد إن كادت إن تندثر من تراثنا الشعبي، كما ترنم الاستاذ بروائع الشعر العربي في مقدماته، او رمياته كما نسمبها في السودان.
من القصائد الفصحى التي قام الفنان عبد الكريم الكابلي بتلحينها وغنائها نشيد تحية آسيا وأفريقيا، للشاعر تاج السّر الحسن، وأغنية كسلا، للشاعر توفيق صالح جبريل، وضنين الوعد، للشاعر صديق مدثر، وأيادي الخير، أيضا لصديق مدثر، ونشيد أقبل الصباح مشرقاً وزاهر، للشاعر عبد المجيد حاج الأمين، ونشيد طريق الجامعة، أيضاً لعبد المجيد حاج الأمين، وأخي إنا سنحيا، وشذى زهرٍ، للشاعر والأديب الكبير عباس محمود العقاد، وأوبريت المولد، للشاعر السوداني القامة محمد المهدي مجذوب، وأراك عصىّ الدمع، للشاعر العربي أبي فراس الحمداني، ونالت على يدها، للشاعر الوأواء الدمشقي، والتي ينسبها البعض ليزيد بن معاوية -وهو خطأ، فكيف لمن غزت جيوشه مدينة رسول الله، ومن أمر برمي الكعبة بحجارة المنجنيق وقتل الحسين سبط رسول الله أن يصدر منه مثل ذلك الشعر!- وحبيبة عمري أو إني أعتذر، وأكاد لا أصدق، وصبابة، والأربعة أغنيات للشاعر الحسين الحسن، واغنية ماذا يكون، للشاعر حسن عباس صبحي.تنقل عبد الكريم الكابلي في حدائق الشعر الغنائي، فغني لشعراء عديدين، منهم الشاعر الغنائي المبدع عوض أحمد خليفة، في كيف يهون، ويا أغلى من عينىّ وما خلاص نسيتنا.
أبدع الكابلي وتألق في الأغنيات العامية من كلماته وكلمات العديد من شعراء العامية من المبدعين. وقد كتب من كلماته فتاة اليوم والغد (أي صوت زار بالمس خيالي..) ، وهي تلك القصيدة والنشيد الذي انبثق مع بزوغ فجر الاستقلال وخروج الفتاة السودانية للعمل، فكانت يتيمة الدهر التي أنجبتها قصيدة 'يا فتاة الوطن، لصديق مدثِّر وأحمد المصطفى. لكن فتاة اليوم والغد كانت بحق فلته تفوق فيها الكابلي علي نفسه، وأثبت بها شاعريته وملكاته الفنية اللامحدودة، فتجاوزت القصيدة كل ما سبقها مما كُتِب في وعن الفتاة السودانية، وعزمها وطموحها،، تفوقت جمالاً وروعة، كلمات ولحناً واداء، فكانت بحق طفرة إبداعية. ثم غاص عبد الكريم الكابلي في تراث الفن الشعبيّ وانتقي من بينه درر لحنها وغناها فاستبي العقول وبث الحماس في القلوب وهو يغني 'خال فاطنة' وفرتيقة أم لبوس لوِّيعة الفرسان، والحسن صاقعة النجّم، والجنزير في النجوم، غير خالد ما ليك تنين عرش دود الاربعين السيل بوبا'، والموز رَوَى' والتي ترجع جميعها إلى سودان العهد التركي أي التركية السابقة، وحليل موسى التي قيلت في رثاء الفارس موسي ود بلال. دخل الكابلي ايضاً إلي عالم المدائح النبوية فأبدع كالعادة وبهر السامعين، فكانت 'قالوا الحجيج قطع كايس نور البقع، للمادح أحمد ود أبشريعة، وإبلي المُشرَّفات للشيخ عبد الرحيم البرعي.
القصائد الفصحى التي قام الفنان عبد الكريم الكابلي بتلحينها وغنائها نشيد تحية آسيا وأفريقيا، للشاعر تاج السّر الحسن، وأغنية كسلا، للشاعر توفيق صالح جبريل، وضنين الوعد، للشاعر صديق مدثر، وأيادي الخير، أيضا لصديق مدثر، ونشيد أقبل الصباح مشرقاً وزاهر، للشاعر عبد المجيد حاج الأمين، ونشيد طريق الجامعة، أيضاً لعبد المجيد حاج الأمين، وأخي إنا سنحيا، شذى زهرٍ، للشاعر والأديب الكبير عباس محمود العقاد، أوبريت المولد، للشاعر محمد المهدي مجذوب، أراك عصىّ الدمع، للشاعر العربي أبي فراس الحمداني، نالت على يدها، للشاعر الوأواء الدمشقي، والبعق ينسبها ليزيد بن معاوية، حبيبة عمري، إني أعتذر، أكاد لا أصدق، وصبابة، والأربعة للشاعر الحسين الحسن، ماذا يكون، للشاعر حسن عباس صبحي.تنقل عبد الكريم الكابلي في حدائق الشعر الغناء، فغني لشعراء عديدين، منهم الشاعر الغنائي المبدع عوض أحمد خليفة، في كيف يهون، يا أغلى من عينىّ وما خلاص نسيتنا. أبدع الكابلي وتألق في أغنيات العامية من كلماته وكلمات العديد من شعراء العامية من المبدعين. وقد كتب من كلماته فتاة اليوم والغد، وهي تلك القصيدة والنشيد الذي انبثق مع بزوغ فجر الاستقلال وخروج الفتاة السودانية للعمل، فكانت يتيمة الدهر التي أنجبتها قصيدة 'يا فتاة الوطن، لصديق مدثِّر وأحمد المصطفى. لكن فتاة اليوم والغد كانت بحق فلته تفوق بها الكابلي علي نفسه، وأثبت بها شاعريته وملكاته الفنية اللامحدودة، فتجاوزت القصيدة كل ما سبقها مما كُتِب في وعن فتاة السودانية، وعزمها وطموحها،، تفوقت جمالاً وروعة وقفزة إبداعية.
غاص عبد الكريم الكابلي في تراث الفن الشعبيّ وانتقي من بينه درر لحنها وغناها فاستبي العقول وبث الحماس في القلوب وهو يغني 'خال فاطنة'، وفرتيقة أم لبوس لوِّيعة الفرسان، والحسن صاقعة النجّم، والجنزير في النجوم، وغير خالد ما ليك تنين عرش دود الاربعين السيل بوبا' والموز رَوَى' والتي ترجع إلى سودان العهد التركي أي التركية السابقة، وحليل موسى التي قيلت في رثاء الفارس موسي ود بلال.
دخل الكابلي ايضاً إلي عالم المدائح النبوية فأبدع كالعادة وبهر السامعين، فكانت 'قالوا الحجيج قطع كايس نور البقع، للمادح أحمد ود أبشريعة، وإبلي المُشرَّفات للشيخ عبد الرحيم البرعي
وقع الكابلي علي العود وترنم علي نغماته فقدَّم روائع الشعر العربي في أجمل الترانيم فكانت أرى ذلك القرب صار إزوارا. لأبي الطيب المتنبي، وشاعر الوجدان والأشجان، للشاعر إدريس جماع. وقد كتبها الشاعر في أبريل عام ١٩٥٩، تقول كلماتها:
مالهُ ايقظَ الشجونَ فقاستْ * * * * وحشةَ الليلِ واستثارَ الخيالا
مالهُ في مواكبِ الليل يمشي * * * * ويناجي أشباحهُ والظلال
ماردٌ حطمَ القيودَ وصوفيٌ * * * * قضي العُمرَ وِحدةً وابتهالا
هيّنٌٌ تستخفه بسمةُُ الطفلِ * * * * قويٌ يصارعُ الاجيالا
خافضُ الرأسِِ عندَ كلِ جمالٍ * * * * مستشفٌ من كلِ شئٍ جمالا
خُلِقتْ طينةُ الاسي وغشتها * * * * نارُ وجدٍ فاصبحتْ صلصالا
ثُم صاحَ القضاءُ كوني فكانتْ * * * * طينةُ الوجدِ شاعراً مثالا
يتغني مع الرياحِ اذا غنتْ * * * * فيشجي خميلهُ والظلال
صاغَ من كلِ ربوةٍ مِزهراً * * * * يعزفُ فيه اللحونَ الطوالا
يا سلام، عليك رحمة الله ورضوانه يا جماع
لقد أثري الاستاذ الكابلي مكتبة الغناء السودانية، بل العربية بالكثير من غنائه وفنه الرائع، ويكاد أن يكون المغني الوحيد الذي الف كلمات لبعض اغانيه وقام بصياغة الحانها ثم أداها، والي ذلك فقد غني الاستاذ الكابلي لعدد من كبار الشعراء العرب. فقد غني للمتنبي وللوأواء الدمشقي، كذلك غني للاستاذ عباس محمود العقاد، ولابي فراس الحمداني، ولمحمود سامي البارودي ولعلي محمود طه،
كما غني لشعراء وشاعرات من أيام الفونج والتركية السابقة، فكانت تلك الاغنيات التي نهتز لها ونعرض علي ايقاعها، أغنيات الحماسة التي تمجد الفروسية والبطولة، وتعلي من قيّم الرجولة، ومكارم الاخلاق في الشجاعة والكرم، والبذل والعطاء وإكرام الضيف واعانة الضعيف واغاثة الملهوف، فكان أن احيا الاستاذ تلك الاغاني وبعثها بعد إن كادت إن تندثر من تراثنا الشعبي، كما ترنم الاستاذ بروائع الشعر العربي في مقدماته، او رمياته كما نسمبها في السودان.
من القصائد الفصحى التي قام الفنان عبد الكريم الكابلي بتلحينها وغنائها نشيد تحية آسيا وأفريقيا، للشاعر تاج السّر الحسن، وأغنية كسلا، للشاعر توفيق صالح جبريل، وضنين الوعد، للشاعر صديق مدثر، وأيادي الخير، أيضا لصديق مدثر، ونشيد أقبل الصباح مشرقاً وزاهر، للشاعر عبد المجيد حاج الأمين، ونشيد طريق الجامعة، أيضاً لعبد المجيد حاج الأمين، وأخي إنا سنحيا، وشذى زهرٍ، للشاعر والأديب الكبير عباس محمود العقاد، وأوبريت المولد، للشاعر السوداني القامة محمد المهدي مجذوب، وأراك عصىّ الدمع، للشاعر العربي أبي فراس الحمداني، ونالت على يدها، للشاعر الوأواء الدمشقي، والتي ينسبها البعض ليزيد بن معاوية -وهو خطأ، فكيف لمن غزت جيوشه مدينة رسول الله، ومن أمر برمي الكعبة بحجارة المنجنيق وقتل الحسين سبط رسول الله أن يصدر منه مثل ذلك الشعر!- وحبيبة عمري أو إني أعتذر، وأكاد لا أصدق، وصبابة، والأربعة أغنيات للشاعر الحسين الحسن، واغنية ماذا يكون، للشاعر حسن عباس صبحي.تنقل عبد الكريم الكابلي في حدائق الشعر الغنائي، فغني لشعراء عديدين، منهم الشاعر الغنائي المبدع عوض أحمد خليفة، في كيف يهون، ويا أغلى من عينىّ وما خلاص نسيتنا.
أبدع الكابلي وتألق في الأغنيات العامية من كلماته وكلمات العديد من شعراء العامية من المبدعين. وقد كتب من كلماته فتاة اليوم والغد (أي صوت زار بالمس خيالي..) ، وهي تلك القصيدة والنشيد الذي انبثق مع بزوغ فجر الاستقلال وخروج الفتاة السودانية للعمل، فكانت يتيمة الدهر التي أنجبتها قصيدة 'يا فتاة الوطن، لصديق مدثِّر وأحمد المصطفى. لكن فتاة اليوم والغد كانت بحق فلته تفوق فيها الكابلي علي نفسه، وأثبت بها شاعريته وملكاته الفنية اللامحدودة، فتجاوزت القصيدة كل ما سبقها مما كُتِب في وعن الفتاة السودانية، وعزمها وطموحها،، تفوقت جمالاً وروعة، كلمات ولحناً واداء، فكانت بحق طفرة إبداعية. ثم غاص عبد الكريم الكابلي في تراث الفن الشعبيّ وانتقي من بينه درر لحنها وغناها فاستبي العقول وبث الحماس في القلوب وهو يغني 'خال فاطنة' وفرتيقة أم لبوس لوِّيعة الفرسان، والحسن صاقعة النجّم، والجنزير في النجوم، غير خالد ما ليك تنين عرش دود الاربعين السيل بوبا'، والموز رَوَى' والتي ترجع جميعها إلى سودان العهد التركي أي التركية السابقة، وحليل موسى التي قيلت في رثاء الفارس موسي ود بلال. دخل الكابلي ايضاً إلي عالم المدائح النبوية فأبدع كالعادة وبهر السامعين، فكانت 'قالوا الحجيج قطع كايس نور البقع، للمادح أحمد ود أبشريعة، وإبلي المُشرَّفات للشيخ عبد الرحيم البرعي.
القصائد الفصحى التي قام الفنان عبد الكريم الكابلي بتلحينها وغنائها نشيد تحية آسيا وأفريقيا، للشاعر تاج السّر الحسن، وأغنية كسلا، للشاعر توفيق صالح جبريل، وضنين الوعد، للشاعر صديق مدثر، وأيادي الخير، أيضا لصديق مدثر، ونشيد أقبل الصباح مشرقاً وزاهر، للشاعر عبد المجيد حاج الأمين، ونشيد طريق الجامعة، أيضاً لعبد المجيد حاج الأمين، وأخي إنا سنحيا، شذى زهرٍ، للشاعر والأديب الكبير عباس محمود العقاد، أوبريت المولد، للشاعر محمد المهدي مجذوب، أراك عصىّ الدمع، للشاعر العربي أبي فراس الحمداني، نالت على يدها، للشاعر الوأواء الدمشقي، والبعق ينسبها ليزيد بن معاوية، حبيبة عمري، إني أعتذر، أكاد لا أصدق، وصبابة، والأربعة للشاعر الحسين الحسن، ماذا يكون، للشاعر حسن عباس صبحي.تنقل عبد الكريم الكابلي في حدائق الشعر الغناء، فغني لشعراء عديدين، منهم الشاعر الغنائي المبدع عوض أحمد خليفة، في كيف يهون، يا أغلى من عينىّ وما خلاص نسيتنا. أبدع الكابلي وتألق في أغنيات العامية من كلماته وكلمات العديد من شعراء العامية من المبدعين. وقد كتب من كلماته فتاة اليوم والغد، وهي تلك القصيدة والنشيد الذي انبثق مع بزوغ فجر الاستقلال وخروج الفتاة السودانية للعمل، فكانت يتيمة الدهر التي أنجبتها قصيدة 'يا فتاة الوطن، لصديق مدثِّر وأحمد المصطفى. لكن فتاة اليوم والغد كانت بحق فلته تفوق بها الكابلي علي نفسه، وأثبت بها شاعريته وملكاته الفنية اللامحدودة، فتجاوزت القصيدة كل ما سبقها مما كُتِب في وعن فتاة السودانية، وعزمها وطموحها،، تفوقت جمالاً وروعة وقفزة إبداعية.
غاص عبد الكريم الكابلي في تراث الفن الشعبيّ وانتقي من بينه درر لحنها وغناها فاستبي العقول وبث الحماس في القلوب وهو يغني 'خال فاطنة'، وفرتيقة أم لبوس لوِّيعة الفرسان، والحسن صاقعة النجّم، والجنزير في النجوم، وغير خالد ما ليك تنين عرش دود الاربعين السيل بوبا' والموز رَوَى' والتي ترجع إلى سودان العهد التركي أي التركية السابقة، وحليل موسى التي قيلت في رثاء الفارس موسي ود بلال.
دخل الكابلي ايضاً إلي عالم المدائح النبوية فأبدع كالعادة وبهر السامعين، فكانت 'قالوا الحجيج قطع كايس نور البقع، للمادح أحمد ود أبشريعة، وإبلي المُشرَّفات للشيخ عبد الرحيم البرعي
وقع الكابلي علي العود وترنم علي نغماته فقدَّم روائع الشعر العربي في أجمل الترانيم فكانت أرى ذلك القرب صار إزوارا. لأبي الطيب المتنبي، وشاعر الوجدان والأشجان، للشاعر إدريس جماع. وقد كتبها الشاعر في أبريل عام ١٩٥٩، تقول كلماتها:
مالهُ ايقظَ الشجونَ فقاستْ * * * * وحشةَ الليلِ واستثارَ الخيالا
مالهُ في مواكبِ الليل يمشي * * * * ويناجي أشباحهُ والظلال
ماردٌ حطمَ القيودَ وصوفيٌ * * * * قضي العُمرَ وِحدةً وابتهالا
هيّنٌٌ تستخفه بسمةُُ الطفلِ * * * * قويٌ يصارعُ الاجيالا
خافضُ الرأسِِ عندَ كلِ جمالٍ * * * * مستشفٌ من كلِ شئٍ جمالا
خُلِقتْ طينةُ الاسي وغشتها * * * * نارُ وجدٍ فاصبحتْ صلصالا
ثُم صاحَ القضاءُ كوني فكانتْ * * * * طينةُ الوجدِ شاعراً مثالا
يتغني مع الرياحِ اذا غنتْ * * * * فيشجي خميلهُ والظلال
صاغَ من كلِ ربوةٍ مِزهراً * * * * يعزفُ فيه اللحونَ الطوالا
يا سلام، عليك رحمة الله ورضوانه يا جماع
Subject: RE: [Elhakeem:5179] حول الثورة القادمة
Date: Tue, 18 Aug 2015 19:17:34 +0000
Date: Tue, 18 Aug 2015 19:17:34 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W7553B92930A185CFE1F30CB3780%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 7:17:10 PM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
(١) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١) مقدمة:
هذا مقال في الشك، أهديه إلي كل من يساوره الشك حول المسلمات، وأخص منهم الزميلة تيسير مصطفي، التي ألمحت إلي حقنا في أن نمتحن جميع الذي غُرِس في عقولنا منذ مولدنا، ثم نشأنا عليه فثبت ونمي في عقولنا، وتركناه دون إن نعود اليه لمراجعته وتنقيته، فإن كثيراً مما قبلناه كمسلمات لم تعد تقبله عقولنا، ولا يقبل به العلم ولا يرضاه منطق الاشياء، فيجب اذاً العودة اليه وغربلته، وهو مبدأ أؤمن به، وظللت ادعو اليه وأكتب عنه رغم معارضة واستنكار كثيرين، إما جهلاً منهم، إو ظناً منهم إنني أشكك الناس في ثوابتهم - وانا لا اؤمن بما يسمونه ثوابت، فالثوابت يجب إن تثبت لنا إنها ثوابت، والا فهي مهتزة وعُرضة للانهيار- ، أو حدباً علي وشفقة من إن ألقي بنفسي إلي التهلكة، فلهم جميعاً الشكر، واقول لهم إنني أدري بنفسي، وأعلم بعقلي وواثق بما يقودني إليه، قابل له مرتاح اليه راضٍ عنه، واؤمن بقول ابي العلاء، [ لا ءمام سوي العقل *** مشيراً في صبحه والمساء]
اكتب مقالي علي حلقات قصيرة نتعرف فيها علي أشكال الشك وعلي اليقين، وصفات كل منهما، ونتعرف من خلالها علي اثنين من كبار الفلاسفة الذين سلك كل منهما طريقاً مختلفاً عن الآخر لكنهما اتفقا في أن جعلا من الشك سبيلهما الي المعرفة اليقينية، وتوصلا بذلك الي نفس النتائج، هما الغزالي وديكارت.
مادعاني إلي كتابة المقال هو الدهشة والعجب اللذان أحس بهما كلما أستمعت الي، أو قرأت ما يكتبه البعض ممن أصاب قدراً عالياً من التعليم، - قد يكون أو لا يكون حاز معه قدراً معقولاً من الثقافة - يجعله يتقبل كل الذي قيل له وهو غرٌ صغير السن، فأخذه علي علاته علي أنه من الحقائق اليقينية، ومن المسلمات التي لا يحوم حولها الشك أبداً ولا يجب أن يحوم، بل لا يجوز له حتي السؤال عنها إو حولها. هذا رغم أن الكثير مما تعلمناه في فترة من العمر قبل نضوج عقولنا وتفتحها علي ثقافات وحقائق أخري صار مما لا يقبله العقل، ولا يجيزه المنطق.
مصدر دهشتي إن لا يزال يوجد بيننا من يقبل بكل ما قيل له من خرافات واساطير، وما زال يُكتب ويروي ويقال. اقوال لا يمكن أن يقبلها العقل، رغم أنه قبلها في إزمنة سبقت ومضت كان فيها العقل قاصراً عن فهم قوانين الطبيعه، عاجزاً عن تفسيرها فلجأ الي تفاسير خرافية، تستنهض قويً خفية وكائنات لا مرئية، واقدار ومصائر قُدرت علي الانسان فليس له منها فكاك وما عليه الا أن يخضع لها ويستسلم، فلا يحاول الفكاك منها أو مقاومتها لأنها قدر محتوم وقضاء ليس للإنسان منه هروب.
يؤمن هؤلاء بكل هذا، بل أكثر، ويسيرون علي هديه، فلا يهتز لأحدهم إيمان، ولا يجد حاجة للبحث، فهو لا يشك فيما قيل له وورثه منذ طفولته، وبذلك يعيش مرتاحاً علي يقين موروث، ولا يستشعر الحاجة الي يقين عقلي يختلف عن ذلك اليقين النقلي الموروث الذي أخذه عن كباره ولم يكن لعقله فيه دور. تجد مثل هذه الشعوب مستسلمة لقدرها، راضيةً بظلم حكامها، قانعة بفقرها وجوعها وأمراضها، حامدة ربها علي الضراء لأنها امتحان لصبرها، غير طامعة في السراء فهي تنتظرها في حياتها الأخري جزاءً مستحقاً لقبولها بالفقر والمسغبة في هذه الدنيا،، وهل هناك مخدر وأفيون أقوي من هذا يستغله الطغاة والظالمون لحكم شعربهم وقهرهم، وتنويمهم الي يوم يبعثون في انتظار ان يجزيهم ربهم علي صبرهم وتحملهم، وهو عين ما نراه في السودان اليوم.
إن الشك هو بداية الايمان الحقيقي، وهو الطريق الذي سبق به الغزالي فلاسفة الغرب، ثم جاء من بعده ديكارت (وكان مسيحياً ملتزماً) فشك في كل شئ مما تنقله الي عقله الحواس، وشمل ذلك الشك حتي وجوده نفسه، ثم استقر به الامر الي اليقين بأن الشئ الوحيد الذي لا يمكنه الشك فيه، والذي ليس للحواس فيه من دخل، هو حقيقة أنه يفكر، فكانت "أنا أفكر إذن فإنا موجود"، Cogeto ergo som فاتخذ ديكارت من هذه النقطة اليقينيه التي لا يصل اليها الشك منطلقاً اختبر منه كل المعارف بالتفكير المحض، أي بالعقل، كبري نعم الله علي الانسان، واكرمها عليه سبحانه وتعالي، ورغم ذلك نجد من يهملون عقولهم ويعطلونها، وينقادون الي عواطفهم او تقليد غيرهم.
Subject: RE: [Elhakeem:5181] الاستاذ الكابلي
Date: Tue, 18 Aug 2015 22:33:53 +0000
Date: Tue, 18 Aug 2015 22:33:53 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W122D918767923B1BEAB5B0B3780%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 18, 2015, 8:07:46 PM8/18/15
to elha...@googlegroups.com
(٢) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٢) تعريفات:
لنفهم ونقبل الشك كسبيل للوصول إلي اليقين، لا بد من تعريف ما هو الشك، اولاً، ثم ما هو اليقين؟
عرف الجرجانى الشك فى كتابه 'التعريفات' بأنه :
[ التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وهو ما استوى طرفاه، وأن الشك هو الوقوف بين الشيئين لايميل القلب إلى أحدهما]
لعملية الشك خصائص منها :
١- توقف الشخص الشاك عن إصدار أحكامه علي المعلومة او الموقف موضع الشك، سواء بالقبول أو بالرفض،
٢- قدرة الشخص الشاك على الاختيار والانتقاء بين النقيضين، لكنه رغماً عن ذلك يرفضهما معاً، وبدون هذه القدرة علي الاختيار ومن ثم الرفض فإن الموقف لا يكون موقف شك وإنما يكون موقف عجز.
فالشك إنما هو تعبير عن الحرية الذاتية للفرد وهذه الخاصية نتيجة حتمية للخاصيتين السابقتين، أي أن يختار الشاك وبمطلق ارادته، عدم إصدار حكم، وفي نفس الوقت احساسه بقدرته علي الإختيار واصدار هذا الحكم. فما دام الإنسان الشاك يرفض الانحياز إلى أحد النقيضين، وما دامت لديه القدرة علي الاختيار بين النقيضين والحكم لاحدهما دون الآخر، فمعنى ذلك أنه يتمتع بالحرية الذاتية فى أن يحكم أو لا يحكم دون أى إجبار من أحد.
ومن خصائص الشك التي قد تختلط علي عقول البعض، هي أن الشك ليس جهلاً، والشاك ليس بغبي ولا هو جاهل، وإنما هو فرد يتخذ موقفاً عقلياً واعياً، واتجاهاً فلسفياً بعد تفكير عميق وتدبر عقلى طويل، وبالتالى يجب على الشخص الشاك ألا يقف صامتاً وهو يرفض أن يتخذ قراراً يفاضل به بين اختيارين، بل يجب عليه أن يناقش كل الآراء ونقيضها فيؤيدها إو يفندها إلي أن يصل الي اليقين فيتوقف عن الشك .
في البداية أريد أن أوضح أن الشك الذي اتبعه كل من الإمام الغزالي و ديكارت يختلف تماما ً عن الشك المذهبي الذي ساتعرض لتعريفه ونقده لاحقاً، فذلك من نوع الشك الإرتيابي الهدام. إن الشك المنهجي كما يقول الدكتور محمود زقزوق في كتابه القيّم (المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت) لا ينكر الحقيقة كما ينكرها الشك الإرتيابي, وإنما هو شك يبحث عن الحقيقة المطلقة، ويحاول أن يجد لها أساساً مطلقاً.
يأتي الشك الفلسفي في بداية الطريق الفلسفي، ويعد الوسيلة المُثلي للبحث عن الحقيقة, وهو بذلك يختلف اختلافاً جوهرياً عن الشك الإرتيابي الذي يغلق على نفسه دائرة لا يريد الخروج منها، ولا يعترف بإمكانية هذا الخروج. وفي حالة الشك المنهجي فءن الشاك يبقي في حال 'لا ادري' الي إن يصل الي اليقين ويدري، وعندها يزول الشك، وهو حال الكثيرين ممن اسموهم 'اللا ادريين' او Agonists في موقفهم من الاديان.
يتبع
كامل
Subject: RE: [Elhakeem:5182] شئ من الفلسفة
Date: Tue, 18 Aug 2015 23:17:05 +0000
Date: Tue, 18 Aug 2015 23:17:05 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W74D3B93EEE698906B1249BB3780%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 21, 2015, 4:22:46 PM8/21/15
to elha...@googlegroups.com
(٣) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
(٣) في مبحث المعرفة:
حين يتطرق الانسان المفكر الي مبحث المعرفة، فإنه يواجه بمشكلة الشك واليقين والتى تدور حول إمكانية المعرفة وما هى أنواع الشك وعلاقة الشك باليقين وهل معرفتنا بالعالم الخارجى يقينية أم شكية .
للاجابة علي هذا السؤال الفلسفي يجب علينا معرفة نوعين من الشك، الشك المذهبي والشك المنهجي:
أولاً الشك المذهبي: يعرف بأنه الشك الذي يتخذه صاحبه مذهباً له في التفكير وفي الحياة، وهو شكُ دائم يبقي مع الفرد دون تفكير في تغييره، وهو هدف في حد ذاته، إذ إنه شكُ من أجل الشك لا يسعي الي معرفة او يقين، وهو شك يؤدي الي مزيد من الشك ولا يقود الي يقين، فهو لذلك شك هدام، يهدم ولا يبني.
ثانياً الشك المنهجي: يعرف بإنه شك يمثل منهجاً في التفكير، فهو طريقة فى التكفير الحر لأجل الوصول إلى الحقيقة، وهو لذلك شك مؤقت لأنه ينتهى بمجرد الوصول إلى الحقيقة إو الي اليقين، وبالتالي فهو وسيلة لتحقيق أهداف معينة وهي الوصول إلي اليقين، ولإنه قد يقود الشاك إلى اليقين، فهو لذلك شكٌ بناء، شك نافع للفرد والمجتمع ويصل به لليقين.
فالشك المنهجي وسيلة للوصول إلى اليقين، أما الشك المذهبي فالهدف منه هو تقويض أى حقيقة ممكنة.
الآن وقد عرفنا الشك، ونوعيه، نعود الي اليقين، نعرفه ونتعرف علي خصائصه.
فنسأل، ما هو اليقين؟
أقول أن اليقين هو الإقرار بصحة موقف معيّن والتأكد من صحته بالأدلة المدعمة لهذا الموقف دون غيره من المواقف الأخرى.
أما خصائص اليقين فهي :
١- انحياز واضح وصريح لأحد مواقف أو أطراف المشكلة وترجيحه علي ما سواه بالأدلة الكافية والبراهين المتعددة، وبدون ذلك يعتبر موافقة عمياء فقط كما نجد الكثيرين بيننا يعتقدون في اشياء ويوقنون بها لإنها قيلت لهم، وآمن بها من سبقوهم وانتقلت اليهم. يشمل الشك المنهجي القدرة على الاختيار، وعلى اثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر بالأدلة والبراهين وهو لذلك يتسم بالحرية المطلقة فى الاختيار.
يجب علينا أن نفهم أنه وبرغم اختلاف الشك عن اليقين من حيث المعنى إلا أن كلاً منهما يستند على نفس الدعائم وهى :-
١- كلاً من الشك واليقين موقف عقلى واعى،
٢- كلاً منهما يؤكد القدرة على الاختيار
٣- لا يعبِّر أي منهما عن عجز أو عدم قدرة،
٤- كلاهما يؤكدان القدرة على الحرية الذاتية.
إن من خصائص الشك أنه تعبير عن الحرية الذاتية للفرد فما دام الإنسان الشاك يرفض الانحياز إلى أحد النقيضين وما دامت لديه القدرة على الاختيار، فمعنى ذلك أنه يتمتع بالحرية الذاتية فى أن يحكم أو لا يحكم دون أى إجبار - وهو ما يستنكره البعض، معتقدين أنهم قد بلغوا اليقين دون تفكير ومارعلي الآخرين سوي الاستمتعراليهم وموافقتهم دون اعمال عقولهم ليصلوا الي يقين قد يتفق إو يختلف مع يقين الاخرين وايمانهم- .
ومن خصائص اليقين أيضاً أنه القدرة على الاختيار، وعلى إثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر بالأدلة والبراهين وهو لذلك يتسم بالحرية فى الاختيار .
الغزالي وديكارت مثالاً:
(٣) في مبحث المعرفة:
حين يتطرق الانسان المفكر الي مبحث المعرفة، فإنه يواجه بمشكلة الشك واليقين والتى تدور حول إمكانية المعرفة وما هى أنواع الشك وعلاقة الشك باليقين وهل معرفتنا بالعالم الخارجى يقينية أم شكية .
للاجابة علي هذا السؤال الفلسفي يجب علينا معرفة نوعين من الشك، الشك المذهبي والشك المنهجي:
أولاً الشك المذهبي: يعرف بأنه الشك الذي يتخذه صاحبه مذهباً له في التفكير وفي الحياة، وهو شكُ دائم يبقي مع الفرد دون تفكير في تغييره، وهو هدف في حد ذاته، إذ إنه شكُ من أجل الشك لا يسعي الي معرفة او يقين، وهو شك يؤدي الي مزيد من الشك ولا يقود الي يقين، فهو لذلك شك هدام، يهدم ولا يبني.
ثانياً الشك المنهجي: يعرف بإنه شك يمثل منهجاً في التفكير، فهو طريقة فى التكفير الحر لأجل الوصول إلى الحقيقة، وهو لذلك شك مؤقت لأنه ينتهى بمجرد الوصول إلى الحقيقة إو الي اليقين، وبالتالي فهو وسيلة لتحقيق أهداف معينة وهي الوصول إلي اليقين، ولإنه قد يقود الشاك إلى اليقين، فهو لذلك شكٌ بناء، شك نافع للفرد والمجتمع ويصل به لليقين.
فالشك المنهجي وسيلة للوصول إلى اليقين، أما الشك المذهبي فالهدف منه هو تقويض أى حقيقة ممكنة.
الآن وقد عرفنا الشك، ونوعيه، نعود الي اليقين، نعرفه ونتعرف علي خصائصه.
فنسأل، ما هو اليقين؟
أقول أن اليقين هو الإقرار بصحة موقف معيّن والتأكد من صحته بالأدلة المدعمة لهذا الموقف دون غيره من المواقف الأخرى.
أما خصائص اليقين فهي :
١- انحياز واضح وصريح لأحد مواقف أو أطراف المشكلة وترجيحه علي ما سواه بالأدلة الكافية والبراهين المتعددة، وبدون ذلك يعتبر موافقة عمياء فقط كما نجد الكثيرين بيننا يعتقدون في اشياء ويوقنون بها لإنها قيلت لهم، وآمن بها من سبقوهم وانتقلت اليهم. يشمل الشك المنهجي القدرة على الاختيار، وعلى اثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر بالأدلة والبراهين وهو لذلك يتسم بالحرية المطلقة فى الاختيار.
يجب علينا أن نفهم أنه وبرغم اختلاف الشك عن اليقين من حيث المعنى إلا أن كلاً منهما يستند على نفس الدعائم وهى :-
١- كلاً من الشك واليقين موقف عقلى واعى،
٢- كلاً منهما يؤكد القدرة على الاختيار
٣- لا يعبِّر أي منهما عن عجز أو عدم قدرة،
٤- كلاهما يؤكدان القدرة على الحرية الذاتية.
إن من خصائص الشك أنه تعبير عن الحرية الذاتية للفرد فما دام الإنسان الشاك يرفض الانحياز إلى أحد النقيضين وما دامت لديه القدرة على الاختيار، فمعنى ذلك أنه يتمتع بالحرية الذاتية فى أن يحكم أو لا يحكم دون أى إجبار - وهو ما يستنكره البعض، معتقدين أنهم قد بلغوا اليقين دون تفكير ومارعلي الآخرين سوي الاستمتعراليهم وموافقتهم دون اعمال عقولهم ليصلوا الي يقين قد يتفق إو يختلف مع يقين الاخرين وايمانهم- .
ومن خصائص اليقين أيضاً أنه القدرة على الاختيار، وعلى إثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر بالأدلة والبراهين وهو لذلك يتسم بالحرية فى الاختيار .
Subject: RE: [Elhakeem:5183] ٢شئ من الفلسفة
Date: Wed, 19 Aug 2015 00:07:38 +0000
Date: Wed, 19 Aug 2015 00:07:38 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W4421389D27E6486042F6F7B3670%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 21, 2015, 4:26:24 PM8/21/15
to elha...@googlegroups.com
(٤) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٤) بداية الشك عند الغزالي وديكارت؟
أبدأ بالغزالي، فهو الاقدم والسابق علي ديكارت بقرون.
[١] حجة الاسلام، أبو حامد الغزالي :
يصف الغزالي في كتابه ( المنقذ من الضلال) كيف أصابه الشك (يسميه الامام مرض الشك) نتيجة المتناقضات الموجودة في عصره بسبب التقليد الأعمى للاعتقادات والقيم الموروثة (تماماً كحال المسلمين في هذه الازمان الجافة العقيمة، لا فرق، إلا أن الحال قد أصبح أسوأ مما كان، والجهل عمّ حتي وسط من نالوا قدراً من التعليم يؤهلهم لأن يراجعوا افكارهم ويسألوا، الذين كان يرتجي منهم قيادة المجتمع وتوعية أفراده كما حدث في الماضي) , وهذا أمر ما كان يمكن تصوره في نظر الغزالي لأن هذه المذاهب المختلفة يناقض بعضها بعضا ً, فإما أن تكون جميعها باطلة وإما أن يكون أحدها صحيح والباقي باطلاً (ما اشبه ذلك بحالنا اليوم، لكن ايها الصحيح وكلٍ يحسب أنه علي المحجة البيضاء ايلها كنهارها، ولا احد يعلم يقيناً اين يقف) . رأي الغزالي أنه لا بد من الشك في جميع المذاهب والاغتقادات والقيّم التي ورثها منذ طفولته وصباه ولم يصل اليها بعقله، لنها بقيت في عقله، لذلك اراد الغزالي أن يستقل بفكره ويكوّن رأيه الخاص الذي يطمئنواليه ويثق به، فلا خلاص إلا بالإستقلال والشك بالموروث (إلا يحق لنا نحن إن نتبع سبيل الشك المنهجي الذي إتبعه حجة الاسلام حتي نصل الي يقين قائم علي العقل وليس النقل، نقتنع به ونرتاح اليه بدل هذا الانقياد الاعمي للذي ورثناه ونشأنا عليه وهو قد كان صُب في رؤوسنا صباً ونحن بعد صغار لا حول لنا ولا قوة علي السؤال او النقاش، وكم من الاسئلة طافت برؤوسنا لكن الخوف منعنا من السؤال، وإن تجرأنا وسألنا زُجِرنا؟)
يعبر الغزالي عن اقتناعه بأهمية الشك في قوله:
" إن الشكوك هي الموصلة للحقائق, فمن لم يشك لم ينظر , ومن لم ينظر لم يبصر, ومن لم يبصر بات في العمى والضلال".
[٢] ديكارت:
تلقى ديكارت تعليماً جيداً في بداية طفولته وشبابه الأول، ثم أمضى عمره فيما بعد في غربلة هذه الثقافة التي تلقاها ، بل و في نقدها الي درجة تدمير بعضها. اتخذ ديكارت منهج الشك الحازم حول الأفكار التي يتصورها العقل في وضوح ويقين كاملين والتي كانت بدايتها متمثلة في التقليد والتربية، في صور المعارف والحقائق التي تلقاها الإنسان منذ الطفولة، فأصبحت ضمن مجال اليقين الكامل والعرف الذي لا يمكن التفكير بعدم مصداقيته. تجرأ ديكارت على نقد أكثر اليقينيات إنغراساً في نفسه ، وأعزّ الأفكار والعقائد على قلبه.
إن عودة ديكارت إلي الأفكار الأولية للطفولة يؤكد إلحاحه الشديد علي إعادة عملية الخلق والتكوين من حيث الأسس والبني الفكرية بالتوافق مع العلوم الجديدة في عصره من اجل أن يبني في العلوم شيئا ثابتا ومستقرا، خصوصا بعد إن عمل التقليد علي مفارقة العقل الإنساني لجميع مصادر السؤال والشك، ومن هنا بدأ ديكارت الشك بهذه الأفكار لاكتشاف النتائج الجديدة من خلال التمييز بين الأفكار الواضحة التي لا تقبل الشك وبين الأفكار التي من الممكن وصول الشك إليها.
الشـك المنهجـي:
دفع الشك الفلسفي الممنهج كل من الغزالي وديكارت - ومن قبلهما الفلاسفة الاغريق - إلى السعي نحو استقلال عقلي, معتمدين على وعيهما بضرورة وجود حقيقة واحدة مطلقة وكل ما عداها وناقضها فهو غير حقيقي, وكان سعيهما بالبدء بطريقة جادة للوصول إلي هذه الحقيقة, مقتنعين اقتناعاً ثابتاً بإمكان التوصل اليها لمعرفتها والاحاطة بها.
وقد اتبع كل من الغزالي وديكارت أسلوب الشك المنهجي الذي ليس شكاً بالمعني الحقيقي للشك، بل هو منهج يفترضه صاحبه بإرادته، يثير أسئلة حول الإمر الذي يريد التحقق من صحته وإما إن يفند هذه الاسئلة أو يؤكدها بالدليل العملي (في حالة العلوم الطبيعية) أو في حالة الفلسفة عن طريق الدليل العقلي، وذلك لاختيار معلوماته وتطهير عقله من الأخطاء، ومثل هذا النوع من الشك وسيلة إلي غاية، وليس غاية في حد ذاته، وهو خطوة للوصول إلى اليقين ينتهي بمجرد الحصول علي إجابة .
- يقول الغزالي: ( إنما مطلوبي العلم بحقائق الأمور, فلابد من طلب حقيقة العلم ما هي).
- أما ديكارت فيقول: ( إن الأداة الحقيقية لكل علم وكذلك المنهج يتمثلان في البحث عن السؤال التالي: ما هي المعرفة وما هو المدى الذي تمتد إليه؟).
حــركـة الشــك:
يقول الدكتور محمود زقزوق: إن حركة الشك تبدأ إلى حد ما عند محيط الدائرة, عند شهادة الحس, لكي تندفع بعد ذلك في نهاية الأمر إلى مركز الشخص حيث يجد كل يقين لدى الإنسان جذوره (أي أنها تبدأ من الخارج، من محيط دائرة عريضة وتسعي نحو تصغيير دائرة الشك هذه عن طريق الاجابة علي الاسئلة التي يثيرها العقل حتي الوصول الي وسط الدائرة حيث نهاية الشك، وسنري في حلقات قادمة كيف إن الغزالي آمن بالله عند محيط الدائرة ثم انتقل الي داخلها، بينما اختلف عنه ديكارت حيث وضع نفسه في محيط الدائرة والله والوجود في مستويات داخلها).
ويشترك الغزالي وديكارت في البداية المتمثلة في إرادتهما المطلقة لمعرفة الحقيقة. ويسيران في الطريق الذي يقودهما إلى الشك المطلق, ويستمران في سيرهما حتى يصلا في النهاية إلى نقطة التغلب الحاسم على هذا الشك والوصول الي اليقين.
و يبني كل من الغزالي وديكارت شكه على مراتب متعددة وهو بناء واحد لدى كل منهما، ما أن يفرغ من مرحلة حتي يلتفت الي المرحلة التي تليها، كل هذا بطريقة منهجية منظمة بدون قفز علي النتائج.
كامل سيد احمد
يتبع...
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٤) بداية الشك عند الغزالي وديكارت؟
أبدأ بالغزالي، فهو الاقدم والسابق علي ديكارت بقرون.
[١] حجة الاسلام، أبو حامد الغزالي :
يصف الغزالي في كتابه ( المنقذ من الضلال) كيف أصابه الشك (يسميه الامام مرض الشك) نتيجة المتناقضات الموجودة في عصره بسبب التقليد الأعمى للاعتقادات والقيم الموروثة (تماماً كحال المسلمين في هذه الازمان الجافة العقيمة، لا فرق، إلا أن الحال قد أصبح أسوأ مما كان، والجهل عمّ حتي وسط من نالوا قدراً من التعليم يؤهلهم لأن يراجعوا افكارهم ويسألوا، الذين كان يرتجي منهم قيادة المجتمع وتوعية أفراده كما حدث في الماضي) , وهذا أمر ما كان يمكن تصوره في نظر الغزالي لأن هذه المذاهب المختلفة يناقض بعضها بعضا ً, فإما أن تكون جميعها باطلة وإما أن يكون أحدها صحيح والباقي باطلاً (ما اشبه ذلك بحالنا اليوم، لكن ايها الصحيح وكلٍ يحسب أنه علي المحجة البيضاء ايلها كنهارها، ولا احد يعلم يقيناً اين يقف) . رأي الغزالي أنه لا بد من الشك في جميع المذاهب والاغتقادات والقيّم التي ورثها منذ طفولته وصباه ولم يصل اليها بعقله، لنها بقيت في عقله، لذلك اراد الغزالي أن يستقل بفكره ويكوّن رأيه الخاص الذي يطمئنواليه ويثق به، فلا خلاص إلا بالإستقلال والشك بالموروث (إلا يحق لنا نحن إن نتبع سبيل الشك المنهجي الذي إتبعه حجة الاسلام حتي نصل الي يقين قائم علي العقل وليس النقل، نقتنع به ونرتاح اليه بدل هذا الانقياد الاعمي للذي ورثناه ونشأنا عليه وهو قد كان صُب في رؤوسنا صباً ونحن بعد صغار لا حول لنا ولا قوة علي السؤال او النقاش، وكم من الاسئلة طافت برؤوسنا لكن الخوف منعنا من السؤال، وإن تجرأنا وسألنا زُجِرنا؟)
يعبر الغزالي عن اقتناعه بأهمية الشك في قوله:
" إن الشكوك هي الموصلة للحقائق, فمن لم يشك لم ينظر , ومن لم ينظر لم يبصر, ومن لم يبصر بات في العمى والضلال".
[٢] ديكارت:
تلقى ديكارت تعليماً جيداً في بداية طفولته وشبابه الأول، ثم أمضى عمره فيما بعد في غربلة هذه الثقافة التي تلقاها ، بل و في نقدها الي درجة تدمير بعضها. اتخذ ديكارت منهج الشك الحازم حول الأفكار التي يتصورها العقل في وضوح ويقين كاملين والتي كانت بدايتها متمثلة في التقليد والتربية، في صور المعارف والحقائق التي تلقاها الإنسان منذ الطفولة، فأصبحت ضمن مجال اليقين الكامل والعرف الذي لا يمكن التفكير بعدم مصداقيته. تجرأ ديكارت على نقد أكثر اليقينيات إنغراساً في نفسه ، وأعزّ الأفكار والعقائد على قلبه.
إن عودة ديكارت إلي الأفكار الأولية للطفولة يؤكد إلحاحه الشديد علي إعادة عملية الخلق والتكوين من حيث الأسس والبني الفكرية بالتوافق مع العلوم الجديدة في عصره من اجل أن يبني في العلوم شيئا ثابتا ومستقرا، خصوصا بعد إن عمل التقليد علي مفارقة العقل الإنساني لجميع مصادر السؤال والشك، ومن هنا بدأ ديكارت الشك بهذه الأفكار لاكتشاف النتائج الجديدة من خلال التمييز بين الأفكار الواضحة التي لا تقبل الشك وبين الأفكار التي من الممكن وصول الشك إليها.
الشـك المنهجـي:
دفع الشك الفلسفي الممنهج كل من الغزالي وديكارت - ومن قبلهما الفلاسفة الاغريق - إلى السعي نحو استقلال عقلي, معتمدين على وعيهما بضرورة وجود حقيقة واحدة مطلقة وكل ما عداها وناقضها فهو غير حقيقي, وكان سعيهما بالبدء بطريقة جادة للوصول إلي هذه الحقيقة, مقتنعين اقتناعاً ثابتاً بإمكان التوصل اليها لمعرفتها والاحاطة بها.
وقد اتبع كل من الغزالي وديكارت أسلوب الشك المنهجي الذي ليس شكاً بالمعني الحقيقي للشك، بل هو منهج يفترضه صاحبه بإرادته، يثير أسئلة حول الإمر الذي يريد التحقق من صحته وإما إن يفند هذه الاسئلة أو يؤكدها بالدليل العملي (في حالة العلوم الطبيعية) أو في حالة الفلسفة عن طريق الدليل العقلي، وذلك لاختيار معلوماته وتطهير عقله من الأخطاء، ومثل هذا النوع من الشك وسيلة إلي غاية، وليس غاية في حد ذاته، وهو خطوة للوصول إلى اليقين ينتهي بمجرد الحصول علي إجابة .
- يقول الغزالي: ( إنما مطلوبي العلم بحقائق الأمور, فلابد من طلب حقيقة العلم ما هي).
- أما ديكارت فيقول: ( إن الأداة الحقيقية لكل علم وكذلك المنهج يتمثلان في البحث عن السؤال التالي: ما هي المعرفة وما هو المدى الذي تمتد إليه؟).
حــركـة الشــك:
يقول الدكتور محمود زقزوق: إن حركة الشك تبدأ إلى حد ما عند محيط الدائرة, عند شهادة الحس, لكي تندفع بعد ذلك في نهاية الأمر إلى مركز الشخص حيث يجد كل يقين لدى الإنسان جذوره (أي أنها تبدأ من الخارج، من محيط دائرة عريضة وتسعي نحو تصغيير دائرة الشك هذه عن طريق الاجابة علي الاسئلة التي يثيرها العقل حتي الوصول الي وسط الدائرة حيث نهاية الشك، وسنري في حلقات قادمة كيف إن الغزالي آمن بالله عند محيط الدائرة ثم انتقل الي داخلها، بينما اختلف عنه ديكارت حيث وضع نفسه في محيط الدائرة والله والوجود في مستويات داخلها).
ويشترك الغزالي وديكارت في البداية المتمثلة في إرادتهما المطلقة لمعرفة الحقيقة. ويسيران في الطريق الذي يقودهما إلى الشك المطلق, ويستمران في سيرهما حتى يصلا في النهاية إلى نقطة التغلب الحاسم على هذا الشك والوصول الي اليقين.
و يبني كل من الغزالي وديكارت شكه على مراتب متعددة وهو بناء واحد لدى كل منهما، ما أن يفرغ من مرحلة حتي يلتفت الي المرحلة التي تليها، كل هذا بطريقة منهجية منظمة بدون قفز علي النتائج.
كامل سيد احمد
يتبع...
Subject: RE: [Elhakeem:5195] ٢شئ من الفلسفة
Date: Fri, 21 Aug 2015 20:22:41 +0000
Date: Fri, 21 Aug 2015 20:22:41 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W75DCAE338774383FCC78EAB3650%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 22, 2015, 5:26:21 AM8/22/15
to elha...@googlegroups.com
(٦) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٦) الشك في الحواس:
تتقدم المعارف الحسية في أولى مراتب المعارف التي يحصل عليها الإنسان على أنها علم مباشر, ولكن هذه المباشرة وسهولة الفهم لهذه المعارف يتضح خداعها عند النظرة القريبة. وذلك لأن التجربة تبين أن المعرفة الحسية خاضعة لأوهام وخيالات عدة قد لا ينتبه اليها الانسان في حينها، ثم يكتشف خداعها فيما بعد. مثال علي ذلك ظاهرة السراب التي قد تودي بحياة البعض وهم في الصحراء، فيجرون خلف ما يحسبون أنه ماء، لكنه ليس سوي وهم خيلته لهم اعينهم ( لا داعي لشرح الظاهرة فقد درسناها في المرحلة الثانوية وهي نتيجة لانتقال الضوء في خط مستقيم ولانعكاسه).
موقف الغزالي:
بعد أن رفض الغزالي المعلومات التي تحصل عليها عن طريق الحواس بالتقليد والتلقين اتجه إلى المحسوسات ينشد فيها اليقين, لكنه شك في المعرفة الحسية لأن الحواس عرضة للخطأ كما في خداع الحواس الذي ذكرته اعلاه, ويضرب مثالاً على ذلك بأننا نرى الكواكب صغيرة جدا في مقدار الدينار، لكن الأدلة الهندسية تثبت عكس ما نرى وأن هذه الكواكب التي نراها صغيرة منها ما هو أكبر من الأرض بمئات المرات، كالمشتري مثلاً، فمن أين تجئ الينا الثقة بالمحسوسات ؟
ويقرر الغزالي في كتابه 'المنقذ من الضلال' أن الحواس تخدعنا, وأن المعارف الحسية بناءً على ذلك عارية عن اليقين, ولهذا فلا يمكن أن تعد سبيلاً الي المعرفة اليقينية، ولا يمكن ان تعد علماً حقيقيا ً. يقول الغزالي في ذلك:
[ من أين تجئ الينا الثقة بالمحسوسات وأقواها البصر, وهي تنظر إلى الظل فتراه واقفا ً غير متحرك وتحكم بنفي الحركة عنه؟ ثم وبالتجربة والمشاهدة بعد ساعة تعرف أن الظل متحرك وأنه لم يتحرك دفعة بغتة، بل على التدريج كان تحركه تدريجياً، ذرة ذرة, حتى أنه لم تكن له حالة وقوف اطلاقاً، بل هو في حركةٍ دائمة. هذا وأمثاله من المحسوسات يحكم فيها حاكم الحس بأحكامه, ويكذبه حاكم العقل ويخونه تكذيبا ً لا سبيل إلى مدافعته. فقلت قد بطلت الثقة بالمحسوسات أيضا ً]
موقف ديكارت:
استبعد ديكارت شهادة الحواس لأنّها تخدعنا أحياناً ، ومن الفطنة ألاّ نأمن أمناً تامّاً لمن خدعنا مرَّةً. ويرى ديكارت أن اختلاف الناس في أفكارهم واتجاهاتهم ليس إلا نتيجة خداع الحواس في كثير من الأحيان. يقول ديكارت:
[ كل ما تلقيته حتى اليوم وآمنت بأنه أصدق الأشياء وأوثقها قد اكتسبته من الحواس أو بواسطة الحواس. غير أني جربت هذه الحواس في بعض الأحيان فوجدتها خداعة, ومن الحكمة أن لا نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة]
وفي نهاية التأمل الفلسفي الثاني ، يتناول ديكارت مثال قطعة الشمع التي تم استخلاصها من خلية النحل: إنها صلبة وباردة ومتينة نسبيا ، وعندما نلمسها يصدر عنها صوت ، لكننا ما إن نقربها من النار حتى تتغير تغيرا تاما : فشكلها يتغير وتتحول إلى سائل ، تسخن و لا يصدر عنها أي صوت . . .
لا يتم تصور الشمع إذن إلا عبر ” فحص عقلي ” كما استنتج ديكارت ـ والحواس لا تمنحنا مطلقاً إلا معطيات هاربة ، قابلة للانمحاء وغير منتظمة .كتب ديكارت قائلا :
[ لا تقدم لنا الحواس أية فكرة عن الأشياء كما نصوغها نحن بواسطة العقل].
(٧) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٧) الشك في العقل:
بعد أن رأى كل من الغزالي وديكارت ما تنطوي عليه المعارف الحسية من خداع وشكوك, قررا رفضها بصفة مبدئية وعدم الاعتماد عليها في عملية بحثهما عن الحقيقة, وتحول كل منهما إلى البحث في مدى يقين المعارف العقلية الأولية.
اسلوب الغزالي:
يقصد الغزالي هنا بالعقل، العقل الفلسفي القائم على الاستدلال والاستنباط وهو عرضة للخطأ, مما يوضح قصور العقل الإنساني في الوصول إلى العلم اليقيني. يقول الغزالي:
[ لقد بطلت الثقة بالمحسوسات, فلعل لا ثقة إلا بالعقليات التي هي من نوع أوليات الرياضيات كقولنا العشرة أكبر من الثلاثة]
لكن الغزالي يصور شكه في المعرفة العقلية في حوار بديع على لسان المحسوسات قائلاَ:
[ بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات وقد كنت واثقا ً بي فجاء حاكم العقل فكذبني لولا حاكم العقل لكنت تستمر في تصديقي]
ويتساءل الغزالي ماذا لو ظهر حاكم آخر كذب حاكم العقل وما هو؟ ويرى أن عدم وجود هذا الحاكم ليس دليلا ً على استحالة وجوده, فقد يظهر في وقت ما ويثبت خطأ المعرفة العقلية.
يقول الدكتور محمود زقزوق:
"ومن خلال هذه النظرة العميقة ينفتح عمق لا قرار له. إذ يبدو أن الشك قد اتسع نطاقه عن طريق هذه الأفكار إلى مدى ليست له نهاية.
اسلوب ديكارت:
يرى ديكارت أن العقل بحكم تكوينه قاصر عن إدراك الحقيقة كاملة, بل هو عرضة للوقوع في الخطأ وفي أحيانٍ كثيرة، فقد لاحظ ديكارت أن استدلالات العقل تختلف من شخص إلى آخر حتى فيما يتعلق بالاستدلالات الرياضية ،ومن هنا كان وقوع بعض الناس في الخطأ في استدلاتهم الرياضية وعدم وقوع غيرهم.
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٦) الشك في الحواس:
تتقدم المعارف الحسية في أولى مراتب المعارف التي يحصل عليها الإنسان على أنها علم مباشر, ولكن هذه المباشرة وسهولة الفهم لهذه المعارف يتضح خداعها عند النظرة القريبة. وذلك لأن التجربة تبين أن المعرفة الحسية خاضعة لأوهام وخيالات عدة قد لا ينتبه اليها الانسان في حينها، ثم يكتشف خداعها فيما بعد. مثال علي ذلك ظاهرة السراب التي قد تودي بحياة البعض وهم في الصحراء، فيجرون خلف ما يحسبون أنه ماء، لكنه ليس سوي وهم خيلته لهم اعينهم ( لا داعي لشرح الظاهرة فقد درسناها في المرحلة الثانوية وهي نتيجة لانتقال الضوء في خط مستقيم ولانعكاسه).
موقف الغزالي:
بعد أن رفض الغزالي المعلومات التي تحصل عليها عن طريق الحواس بالتقليد والتلقين اتجه إلى المحسوسات ينشد فيها اليقين, لكنه شك في المعرفة الحسية لأن الحواس عرضة للخطأ كما في خداع الحواس الذي ذكرته اعلاه, ويضرب مثالاً على ذلك بأننا نرى الكواكب صغيرة جدا في مقدار الدينار، لكن الأدلة الهندسية تثبت عكس ما نرى وأن هذه الكواكب التي نراها صغيرة منها ما هو أكبر من الأرض بمئات المرات، كالمشتري مثلاً، فمن أين تجئ الينا الثقة بالمحسوسات ؟
ويقرر الغزالي في كتابه 'المنقذ من الضلال' أن الحواس تخدعنا, وأن المعارف الحسية بناءً على ذلك عارية عن اليقين, ولهذا فلا يمكن أن تعد سبيلاً الي المعرفة اليقينية، ولا يمكن ان تعد علماً حقيقيا ً. يقول الغزالي في ذلك:
[ من أين تجئ الينا الثقة بالمحسوسات وأقواها البصر, وهي تنظر إلى الظل فتراه واقفا ً غير متحرك وتحكم بنفي الحركة عنه؟ ثم وبالتجربة والمشاهدة بعد ساعة تعرف أن الظل متحرك وأنه لم يتحرك دفعة بغتة، بل على التدريج كان تحركه تدريجياً، ذرة ذرة, حتى أنه لم تكن له حالة وقوف اطلاقاً، بل هو في حركةٍ دائمة. هذا وأمثاله من المحسوسات يحكم فيها حاكم الحس بأحكامه, ويكذبه حاكم العقل ويخونه تكذيبا ً لا سبيل إلى مدافعته. فقلت قد بطلت الثقة بالمحسوسات أيضا ً]
موقف ديكارت:
استبعد ديكارت شهادة الحواس لأنّها تخدعنا أحياناً ، ومن الفطنة ألاّ نأمن أمناً تامّاً لمن خدعنا مرَّةً. ويرى ديكارت أن اختلاف الناس في أفكارهم واتجاهاتهم ليس إلا نتيجة خداع الحواس في كثير من الأحيان. يقول ديكارت:
[ كل ما تلقيته حتى اليوم وآمنت بأنه أصدق الأشياء وأوثقها قد اكتسبته من الحواس أو بواسطة الحواس. غير أني جربت هذه الحواس في بعض الأحيان فوجدتها خداعة, ومن الحكمة أن لا نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة]
وفي نهاية التأمل الفلسفي الثاني ، يتناول ديكارت مثال قطعة الشمع التي تم استخلاصها من خلية النحل: إنها صلبة وباردة ومتينة نسبيا ، وعندما نلمسها يصدر عنها صوت ، لكننا ما إن نقربها من النار حتى تتغير تغيرا تاما : فشكلها يتغير وتتحول إلى سائل ، تسخن و لا يصدر عنها أي صوت . . .
لا يتم تصور الشمع إذن إلا عبر ” فحص عقلي ” كما استنتج ديكارت ـ والحواس لا تمنحنا مطلقاً إلا معطيات هاربة ، قابلة للانمحاء وغير منتظمة .كتب ديكارت قائلا :
[ لا تقدم لنا الحواس أية فكرة عن الأشياء كما نصوغها نحن بواسطة العقل].
(٧) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٧) الشك في العقل:
بعد أن رأى كل من الغزالي وديكارت ما تنطوي عليه المعارف الحسية من خداع وشكوك, قررا رفضها بصفة مبدئية وعدم الاعتماد عليها في عملية بحثهما عن الحقيقة, وتحول كل منهما إلى البحث في مدى يقين المعارف العقلية الأولية.
اسلوب الغزالي:
يقصد الغزالي هنا بالعقل، العقل الفلسفي القائم على الاستدلال والاستنباط وهو عرضة للخطأ, مما يوضح قصور العقل الإنساني في الوصول إلى العلم اليقيني. يقول الغزالي:
[ لقد بطلت الثقة بالمحسوسات, فلعل لا ثقة إلا بالعقليات التي هي من نوع أوليات الرياضيات كقولنا العشرة أكبر من الثلاثة]
لكن الغزالي يصور شكه في المعرفة العقلية في حوار بديع على لسان المحسوسات قائلاَ:
[ بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات وقد كنت واثقا ً بي فجاء حاكم العقل فكذبني لولا حاكم العقل لكنت تستمر في تصديقي]
ويتساءل الغزالي ماذا لو ظهر حاكم آخر كذب حاكم العقل وما هو؟ ويرى أن عدم وجود هذا الحاكم ليس دليلا ً على استحالة وجوده, فقد يظهر في وقت ما ويثبت خطأ المعرفة العقلية.
يقول الدكتور محمود زقزوق:
"ومن خلال هذه النظرة العميقة ينفتح عمق لا قرار له. إذ يبدو أن الشك قد اتسع نطاقه عن طريق هذه الأفكار إلى مدى ليست له نهاية.
اسلوب ديكارت:
يرى ديكارت أن العقل بحكم تكوينه قاصر عن إدراك الحقيقة كاملة, بل هو عرضة للوقوع في الخطأ وفي أحيانٍ كثيرة، فقد لاحظ ديكارت أن استدلالات العقل تختلف من شخص إلى آخر حتى فيما يتعلق بالاستدلالات الرياضية ،ومن هنا كان وقوع بعض الناس في الخطأ في استدلاتهم الرياضية وعدم وقوع غيرهم.
Subject: RE: [Elhakeem:5196] ٥/٤ مزيد من الفلسفة
Date: Fri, 21 Aug 2015 20:26:16 +0000
Date: Fri, 21 Aug 2015 20:26:16 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W540D776044F7898AE70353B3650%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 22, 2015, 6:56:49 AM8/22/15
to elha...@googlegroups.com
وجدت أن الحلقات ستطول، بعد أن إرتأيت أن اتعرض للشك عند من لا يعدون من الفلاسفة رغم إنني اعد احدهم فيلسوفاً وهو شيخ المعرة، الفيلسوف الشاعر او الشاعر الفيلسوف، واري الاخر شاعراً توفي في مقتبل العمر وكان إن ظهرت في اشعاره معالم فلسفية، ولعله إن امتد به العمر لنافس ابا العلاء، وهو الشاعر السوداني المجدد التجاني يوسف بشير الكتيابي، فكان لا بد من توالي الحلقات وازدحامها ففرصتي في الكتابه والنشر تتضاعف في عطلة نهاية الاسبوع، فلذا ارجو العفو
(٨) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٨) الشك في الحياة الشعورية العامة:
إذا كانت وحدة العالم قد انحلت عن طريق التشكك في المعارف الحسية والعقلية وانحلت إلى أجزاء متفرقة تتمثل في خبرات خداعة وغير يقينية, فإن هذه الوحدة تبدو الآن في حالة انهيار تام وتنحل إلى العدم. ذلك لأنه حتى تلك الأشياء التي كانت لا تزال حتى الآن تبدو بطريقة ما موجودة, لم يعد وجودها يستطيع أيضا ً أن يسلم من تيار الهجوم المدمر للشك. هذا الشك الذي يحيط هنا بكل شيء كان يمثل حتى الآن الثروة المعرفية كلها، والحجة التي تشكك في الواقع كله وتتخذ من ظاهرة الرؤيا منطلقا ً.
موقف الغزالي:
بعد أن شك الغزالي في الحواس والعقل وأثبت قصورهما في الوصول إلى اليقين, امتد هذا الشك إلى 'الحياة الشعورية بصفة عامة'، وشكه في الحياة الشعورية هو تأييد لشكه في العقل, وإمكان وجود قوة أخرى تثبت خطأه، فمن يدري قد تكون الحياة كلها مجرد وهم وخيال، إو حلم. ووجد الغزالي تأييداً لرأيه بأحوال المنام, فالإنسان يرى في أحلام النوم أمورا ً ويتخيل أحوالا ً لا يشك في ثبوتها واستقرارها, وعندما يستيقظ يعلم أن ما رآه في الحلم مجرد وهم. ويرى الغزالي أنه إذا وردت تلك الحالة التي يكون فيها ما نعتقده في اليقظة بالحواس والعقل مجرد وهم وخيالات بالنسبة لها تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا حاصل لها. افترض الغزالي أن حياتنا قد تكون حلما طويلا لم نستيقظ منه لنعرف حقيقة الأمور مستندا إلى الحديث النبوي :" الناس نيام, فإذا ماتوا انتبهوا". فهمي لهذا الحديث هو انعكاس لمعني الآية { لقد كنت في غفلةٍ عن هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد}
موقف ديكارت:
إن الرؤيا وخداعها دفعا ديكارت مثل الغزالي إلى الشك في الحياة بصفة عامة. ولكنه يتناول المسألة من جانب آخر, إذ تدفعه هذه المشكلة إلى التفكير في كيفية التمييز بين اليقظة والمنام. ويجد ديكارت أنه ليست هناك علامات مؤكدة للتمييز بينهما, يؤدي به ذلك إلى التساؤل عما إذا كانت هناك معارف عقلية صادقة سواء كان الإنسان نائماً أو مستيقظاً؟ وينتهي ديكارت إلى القول بأنه لا يمكن أن يقال أي شيء يقيني عن وجود الأشياء, وبذلك تكون علوم الطبيعة والفلك والطب علوماً معرضة للشك القوي فيها. ولكن الحقائق الرياضية تبدو لديكارت مشتملة على يقين لا سبيل إلى الشك فيه.
(٩) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٩) رد سقراط علي السفسطائين:
كان بروتاجوراس من كبار السوفسطائين اليونانيين الذين اتخذوا الشك مذهباً لهم فى الحياة وغاية يهدمون بها كل يقين. وقد تمثلت جوانب الشك عند بروتاجوراس فى الدين وفي المعرفة، فهو قد رفض الدين الوثنى السائد فى عصره عند اليونانيين وألف كتاباً قال فيه [ لا أستطيع أن أعلم أن كانت الآلهة موجودة أو غير موجودة] فقامت السلطات اليونانية بحرق كتابه علانية وصدر إمر بالقبض عليه مما أضطره للهروب خارج البلاد .
أما شكه في المعرفة، فقد اعتبر بروتاجوراس أن المعرفة الإنسانية غير يقينية وقال عبارته المشهورة [ الإنسان مقياس كل شئ ] فالانسان الفرد هو مقياس إن كانت الأشياء الموجودة موجودة والأشياء الغير موجودة غير موجودة, وهو يقصد بالإنسان هنا الكائن الفرد الذى يدرك العالم بواسطة حواسه، وما دام أن الافراد يختلفون فيما بينهم من حيث الحواس والعقل وكل شئ تقريباً فلن تكون هناك حقيقة واحدة مطلقة يقبل بها الجميع، فلذلك لا يمكن أن يوجد معيار عام للصدق وبذلك تكون الحقيقة نسبية.
تصدى سقراط للرد على السوفسطائيين باستخدامه نفس اسلحتهم في الحوار والمغالطة، وهذه الاسلحة هي:
(١) الجدل، فلجأ سقراط في حواراته معهم الي التهكم والسخرية التى تعبر عن موقف سقراط من جهل السوفسطائيين حيث كانت اراؤهم تتعارض وتتناقض فكان سقراط يدعى أنه يبحث عن الحقيقة عندهم وإنه لا يعرفها بينما كانوا يدعون هم معرفتهم بالحقيقة وهم جاهلون لها وفور تقديمها يجادلهم سقراط ويثبت لهم سخف افكارهم وجهلهم .
(٢) التوليد، هو استخراج الأفكار من العقول عن طريق تحليل الألفاظ وردها إلى معانيها الحقيقية الأصلية دون مغالطة أو خديعة من أجل الوصول إلى الحقيقة .
بهذا الجانب النقدي من فلسفة سقراط، نري أنه قد مهد لبلوغ عصر فكرى جديد فى المجتمع اليونانى. فهو قد تحلى بالروح النقدية التى كانت تغلب على فلسفته وقد كانت له آراء إيجابية كثيرة كان يستنبطها من الانتقادات التى كان يوجهها للآخرين ليخرج ما عندهم من علم زائف. وهكذا نجح في أن يوقف الشك السوفسطائى الذى زعزع المجتمع وبذلك يكون سقراط قد مهد لبداية عصر فكرى جديد فى المجتمع اليونانى بلغت فيه الفلسفة قمة نضجها على أيدى الفيلسوفين أفلاطون وأرسطو .
لنضرب مثلاً علي ذلك لتقريب الفكرة التي اريد ايصالها: إذا نحن إخذنا شعار الشك عند بروتاجوراس، والذي يقول ( إن الإنسان مقياس كل شئ) نجده إنه هو نفسه شعار اليقين عند سقراط . فالإنسان مقياس كل شئ أصبح شعاراً للشك عن بروتاجوراس لأنه جعل المعرفة الإنسانية تقوم على الحواس فقط، ولأن المعرفة الحسية نسبية متغيرة تختلف باختلاف الأفراد لذلك يقصد بروتاجوراس بالانسان الكائن الفرد، وعلي ذلك فالمعارف نسبية ولا وجود لحقيقة ثابتة .
أما إذا أخذنا الإنسان مقياس كل شئ شعاراً لليقين كما عند سقراط لأنه جعل المعرفة الإنسانية تقوم على العقل وقدرته على الوصول لليقين، وبما إن فالمعارف العقلية مشتركة بين جميع أفراد البشر، فلذلك يكون الإنسان عند سقراط ليس فرداً، بل يمثل البشر جميعاً وبذلك يؤكد سقراط إمكانية الوصول لحقيقة واحدة ثابتة يصل اليها كل عاقل يعمل عقله .
(٨) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٨) الشك في الحياة الشعورية العامة:
إذا كانت وحدة العالم قد انحلت عن طريق التشكك في المعارف الحسية والعقلية وانحلت إلى أجزاء متفرقة تتمثل في خبرات خداعة وغير يقينية, فإن هذه الوحدة تبدو الآن في حالة انهيار تام وتنحل إلى العدم. ذلك لأنه حتى تلك الأشياء التي كانت لا تزال حتى الآن تبدو بطريقة ما موجودة, لم يعد وجودها يستطيع أيضا ً أن يسلم من تيار الهجوم المدمر للشك. هذا الشك الذي يحيط هنا بكل شيء كان يمثل حتى الآن الثروة المعرفية كلها، والحجة التي تشكك في الواقع كله وتتخذ من ظاهرة الرؤيا منطلقا ً.
موقف الغزالي:
بعد أن شك الغزالي في الحواس والعقل وأثبت قصورهما في الوصول إلى اليقين, امتد هذا الشك إلى 'الحياة الشعورية بصفة عامة'، وشكه في الحياة الشعورية هو تأييد لشكه في العقل, وإمكان وجود قوة أخرى تثبت خطأه، فمن يدري قد تكون الحياة كلها مجرد وهم وخيال، إو حلم. ووجد الغزالي تأييداً لرأيه بأحوال المنام, فالإنسان يرى في أحلام النوم أمورا ً ويتخيل أحوالا ً لا يشك في ثبوتها واستقرارها, وعندما يستيقظ يعلم أن ما رآه في الحلم مجرد وهم. ويرى الغزالي أنه إذا وردت تلك الحالة التي يكون فيها ما نعتقده في اليقظة بالحواس والعقل مجرد وهم وخيالات بالنسبة لها تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا حاصل لها. افترض الغزالي أن حياتنا قد تكون حلما طويلا لم نستيقظ منه لنعرف حقيقة الأمور مستندا إلى الحديث النبوي :" الناس نيام, فإذا ماتوا انتبهوا". فهمي لهذا الحديث هو انعكاس لمعني الآية { لقد كنت في غفلةٍ عن هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد}
موقف ديكارت:
إن الرؤيا وخداعها دفعا ديكارت مثل الغزالي إلى الشك في الحياة بصفة عامة. ولكنه يتناول المسألة من جانب آخر, إذ تدفعه هذه المشكلة إلى التفكير في كيفية التمييز بين اليقظة والمنام. ويجد ديكارت أنه ليست هناك علامات مؤكدة للتمييز بينهما, يؤدي به ذلك إلى التساؤل عما إذا كانت هناك معارف عقلية صادقة سواء كان الإنسان نائماً أو مستيقظاً؟ وينتهي ديكارت إلى القول بأنه لا يمكن أن يقال أي شيء يقيني عن وجود الأشياء, وبذلك تكون علوم الطبيعة والفلك والطب علوماً معرضة للشك القوي فيها. ولكن الحقائق الرياضية تبدو لديكارت مشتملة على يقين لا سبيل إلى الشك فيه.
(٩) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (٩) رد سقراط علي السفسطائين:
كان بروتاجوراس من كبار السوفسطائين اليونانيين الذين اتخذوا الشك مذهباً لهم فى الحياة وغاية يهدمون بها كل يقين. وقد تمثلت جوانب الشك عند بروتاجوراس فى الدين وفي المعرفة، فهو قد رفض الدين الوثنى السائد فى عصره عند اليونانيين وألف كتاباً قال فيه [ لا أستطيع أن أعلم أن كانت الآلهة موجودة أو غير موجودة] فقامت السلطات اليونانية بحرق كتابه علانية وصدر إمر بالقبض عليه مما أضطره للهروب خارج البلاد .
أما شكه في المعرفة، فقد اعتبر بروتاجوراس أن المعرفة الإنسانية غير يقينية وقال عبارته المشهورة [ الإنسان مقياس كل شئ ] فالانسان الفرد هو مقياس إن كانت الأشياء الموجودة موجودة والأشياء الغير موجودة غير موجودة, وهو يقصد بالإنسان هنا الكائن الفرد الذى يدرك العالم بواسطة حواسه، وما دام أن الافراد يختلفون فيما بينهم من حيث الحواس والعقل وكل شئ تقريباً فلن تكون هناك حقيقة واحدة مطلقة يقبل بها الجميع، فلذلك لا يمكن أن يوجد معيار عام للصدق وبذلك تكون الحقيقة نسبية.
تصدى سقراط للرد على السوفسطائيين باستخدامه نفس اسلحتهم في الحوار والمغالطة، وهذه الاسلحة هي:
(١) الجدل، فلجأ سقراط في حواراته معهم الي التهكم والسخرية التى تعبر عن موقف سقراط من جهل السوفسطائيين حيث كانت اراؤهم تتعارض وتتناقض فكان سقراط يدعى أنه يبحث عن الحقيقة عندهم وإنه لا يعرفها بينما كانوا يدعون هم معرفتهم بالحقيقة وهم جاهلون لها وفور تقديمها يجادلهم سقراط ويثبت لهم سخف افكارهم وجهلهم .
(٢) التوليد، هو استخراج الأفكار من العقول عن طريق تحليل الألفاظ وردها إلى معانيها الحقيقية الأصلية دون مغالطة أو خديعة من أجل الوصول إلى الحقيقة .
بهذا الجانب النقدي من فلسفة سقراط، نري أنه قد مهد لبلوغ عصر فكرى جديد فى المجتمع اليونانى. فهو قد تحلى بالروح النقدية التى كانت تغلب على فلسفته وقد كانت له آراء إيجابية كثيرة كان يستنبطها من الانتقادات التى كان يوجهها للآخرين ليخرج ما عندهم من علم زائف. وهكذا نجح في أن يوقف الشك السوفسطائى الذى زعزع المجتمع وبذلك يكون سقراط قد مهد لبداية عصر فكرى جديد فى المجتمع اليونانى بلغت فيه الفلسفة قمة نضجها على أيدى الفيلسوفين أفلاطون وأرسطو .
لنضرب مثلاً علي ذلك لتقريب الفكرة التي اريد ايصالها: إذا نحن إخذنا شعار الشك عند بروتاجوراس، والذي يقول ( إن الإنسان مقياس كل شئ) نجده إنه هو نفسه شعار اليقين عند سقراط . فالإنسان مقياس كل شئ أصبح شعاراً للشك عن بروتاجوراس لأنه جعل المعرفة الإنسانية تقوم على الحواس فقط، ولأن المعرفة الحسية نسبية متغيرة تختلف باختلاف الأفراد لذلك يقصد بروتاجوراس بالانسان الكائن الفرد، وعلي ذلك فالمعارف نسبية ولا وجود لحقيقة ثابتة .
أما إذا أخذنا الإنسان مقياس كل شئ شعاراً لليقين كما عند سقراط لأنه جعل المعرفة الإنسانية تقوم على العقل وقدرته على الوصول لليقين، وبما إن فالمعارف العقلية مشتركة بين جميع أفراد البشر، فلذلك يكون الإنسان عند سقراط ليس فرداً، بل يمثل البشر جميعاً وبذلك يؤكد سقراط إمكانية الوصول لحقيقة واحدة ثابتة يصل اليها كل عاقل يعمل عقله .
Subject: RE: [Elhakeem:5201] ٧/٦ مزيد من الفلسفة
Date: Sat, 22 Aug 2015 09:26:11 +0000
Date: Sat, 22 Aug 2015 09:26:11 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W759BDDFC8A5288FE122ABEB3640%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 22, 2015, 7:02:10 AM8/22/15
to elha...@googlegroups.com
١٠) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٠) بين الحواس والعقل:
أنكر السوفسطائيين قدرة العقل على الوصول إلى اليقين وجعلوا الحواس هى الوسيلة الوحيدة للمعرفة لذلك تصبح كافة المعارف عندهم نسبية ومتغيرة، وتصبح الحقيقة ذاتية بينما العلم يعتمد على الحقائق الموضوعية، وبالرغم من أن سقراط قد استخدم الجدل كسبيل الي الاقناع لكنه لم يكن سوفسطائياً. فالشك عند السوفسطائيين كان دائماً مذهبياً وهداماً بينما كان عند سقراط منهجياً مؤقتاً وبناءاً .
ذكرت أن السوفسطائيين إتخذوا من الحواس وسيلة للمعرفة، لذلك فالمعرفة عندهم نسبية ومتغيرة كتغير ما تنقله الحواس ، بينما إتخذ سقراط العقل وسيلة للمعرفة فلذلك كانت المعرفه عنده يقينية.
نري أن هدف (الجدل) عند السوفسطائيين كان هو الكسب المادى والتسلية والسخرية وإثبات أن العقل البشرى عاجز عن إدراك الحقيقة بينما هدف (الجدل) عند سقراط كان هو الوصول إلى الحقيقة ويتكون من جانبان هما التهكم والتوليد.
يتضح التباين في العلاقة بين الإنسان والحقيقة عند كل من السوفسطائين وسقراط في اعتماد السوفسطائيين على الإنسان الفرد بحواسه المتغيرة كوسيلة للمعرفة بينما اعتمد سقراط على الإنسان بمفهومه العام وبعقله المشترك (أي المقدرة علي التفكير) كوسيلة للمعرفة .
فكانت النتيجة أن الحقيقة عند السوفسطائيين صارت نسبية ومتغيرة لأنهم اعتمدوا على الحواس المتغيرة بينما الحقيقة عند سقراط اصبحت ثابتة لأنه اعتمد على العقل. فلو لم يتصدي سقراط للرد على مزاعم السوفسطائيين لربما ظل الشك السوفسطائى الهدام مستمراً وظل مزعزاً لكيان المجتمع اليونانى، ولربما ظلت كافة الحقائق نسبية متغيرة معتمدة على الحواس المتغيرة .
أما لو ساد الشك المنهجى بين أفراد المجتمع فسيستمر المجتمع فى مرحلة البناء الحضارى، ولاختفت مشاعر اليأس والانهزامية ولم تنحل القيم والأخلاق ولم يختفى الفكر الابداعى .
(١١) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١١) الغزالي:
نجئ الي الاسلام، والي حجة الاسلام، ابي حامد الغزالي للنظر الي اسباب الشك عنده، ورفضه للايمان بالموروثات.
بدأ الغزالى الشك منذ صباه حيث نظر إلى أمور الحياة نظرة تحليلية عميقة باحثاً عن مبادئها الأولى وعللها البعيدة حيث وجد أن الأبناء يولدون على دين آبائهم ويأخذون أمور دينهم على أنها مسلمات يقينية موروثة لايمكن الشك فيها، فقرر أن يتقصى الحقيقة بنفسه ويتوصل إلى اليقين ليصبح ايمانه إيماناً قائماً على الاقتناع العقلى وليس قائماً على الوراثة .
وقد أكد أن هدفه كان دائماً التمسك بالحق والسعى لإدراك الحقائق اليقينية مهما كلفه هذا من جهد لأنه أمر فطرى عند الإنسان حيث قال ( لقد كان التعطش إلى إدراك حقائق الأمور أبى وديدنى من أول أمرى وريعان عمرى غريزة وفطرة من الله وضعتا فى جبلتى لا باختيارى وحيلتى )
ولقد شك الغزالى فى المحسوسات كمصدر للمعرفة لأنها مليئة بالأخطاء المنافية لليقين لذلك نجده يرفضها لأن الحواس خادعة فعندما ننظر إلى كوكب في السماء نراه فى حجم الدينار لذلك لايقين فى المعرفة الحسية .
أما موقف الغزالى من العقل فقد كان متغيراً وليس ثابتاً حيث أنه فى البداية يؤكد علي أن المعرفة عن طريق العقل هى مرحلة أعلى من المعرفة التى تأتى عن طريق الحواس فلا أحد يشك فى الحقيقة العقلية التى تقول (العشرة أكبر من ثلاثة مثلاً) ولكنه فى النهاية يستبعد العقل لأنه يمكن أن تظهر فى المستقبل قوة أكبر من العقل تكشف لنا أخطاء العقل .
امتد شك الغزالى من الحواس والعقل إلى حياة الإنسان الشعورية فهو يقول: ( قد تكون حياتنا كلها مجرد وهم وخيال فنحن حلم ونتخيل أثناء الحلم أن ما نراه هو حقيقة وواقع ثم نستيقظ ونجد أنه كان وهماً وخيال) .
وقد مر الغزالى فى طريقه إلى اليقين بثلاث مراحل:
١) مرحلة المجاهدة الصوفية وتوهج النور الإلهى فى قلبه. فعندما بدأ الغزالى يعانى من الشك سارع إلى الاعتكاف والزهد وظل يمارس مجاهدات صوفية حتى وصل إلى مرحلة عليا قذف عندها الله فى قلبه نور اليقين ليدرك بهذا النور كل الحقائق اليقينية .
٢) مرحلة الحدس القلبى للحقائق اليقينية. إن النور الإلهى يساعد القلب على حدس وإدراك الحقائق اليقينية التى تعجز الحواس والعقول عن إدراكها، فهناك حقائق أعلى من مستوي البشر العاديين، لايدركها إلا من تصوف .
٣) مرحلة عودة الثقة واليقين فيما كان موضع شك سابق :
أن وصول الغزالى إلى تلك المرحلة من الإدراك الصوفى القائم على النور الإلهى قد أقر فى قلبه الاطمئنان وأزال عنه كافة مبررات الشك وأصبح متيقناً من وجود الله ، ووجوده هو نفسه، ووجود العالم الخارجى. ولأن اليقين القلبى يوجود الله يجعل الإنسان متيقناً من صحة مخلوقات الله فالنور القلبى جعل مختلف الموضوعات المعروضة للشك فى يقين دائم لايمكن الشك فيه .
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٠) بين الحواس والعقل:
أنكر السوفسطائيين قدرة العقل على الوصول إلى اليقين وجعلوا الحواس هى الوسيلة الوحيدة للمعرفة لذلك تصبح كافة المعارف عندهم نسبية ومتغيرة، وتصبح الحقيقة ذاتية بينما العلم يعتمد على الحقائق الموضوعية، وبالرغم من أن سقراط قد استخدم الجدل كسبيل الي الاقناع لكنه لم يكن سوفسطائياً. فالشك عند السوفسطائيين كان دائماً مذهبياً وهداماً بينما كان عند سقراط منهجياً مؤقتاً وبناءاً .
ذكرت أن السوفسطائيين إتخذوا من الحواس وسيلة للمعرفة، لذلك فالمعرفة عندهم نسبية ومتغيرة كتغير ما تنقله الحواس ، بينما إتخذ سقراط العقل وسيلة للمعرفة فلذلك كانت المعرفه عنده يقينية.
نري أن هدف (الجدل) عند السوفسطائيين كان هو الكسب المادى والتسلية والسخرية وإثبات أن العقل البشرى عاجز عن إدراك الحقيقة بينما هدف (الجدل) عند سقراط كان هو الوصول إلى الحقيقة ويتكون من جانبان هما التهكم والتوليد.
يتضح التباين في العلاقة بين الإنسان والحقيقة عند كل من السوفسطائين وسقراط في اعتماد السوفسطائيين على الإنسان الفرد بحواسه المتغيرة كوسيلة للمعرفة بينما اعتمد سقراط على الإنسان بمفهومه العام وبعقله المشترك (أي المقدرة علي التفكير) كوسيلة للمعرفة .
فكانت النتيجة أن الحقيقة عند السوفسطائيين صارت نسبية ومتغيرة لأنهم اعتمدوا على الحواس المتغيرة بينما الحقيقة عند سقراط اصبحت ثابتة لأنه اعتمد على العقل. فلو لم يتصدي سقراط للرد على مزاعم السوفسطائيين لربما ظل الشك السوفسطائى الهدام مستمراً وظل مزعزاً لكيان المجتمع اليونانى، ولربما ظلت كافة الحقائق نسبية متغيرة معتمدة على الحواس المتغيرة .
أما لو ساد الشك المنهجى بين أفراد المجتمع فسيستمر المجتمع فى مرحلة البناء الحضارى، ولاختفت مشاعر اليأس والانهزامية ولم تنحل القيم والأخلاق ولم يختفى الفكر الابداعى .
(١١) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١١) الغزالي:
نجئ الي الاسلام، والي حجة الاسلام، ابي حامد الغزالي للنظر الي اسباب الشك عنده، ورفضه للايمان بالموروثات.
بدأ الغزالى الشك منذ صباه حيث نظر إلى أمور الحياة نظرة تحليلية عميقة باحثاً عن مبادئها الأولى وعللها البعيدة حيث وجد أن الأبناء يولدون على دين آبائهم ويأخذون أمور دينهم على أنها مسلمات يقينية موروثة لايمكن الشك فيها، فقرر أن يتقصى الحقيقة بنفسه ويتوصل إلى اليقين ليصبح ايمانه إيماناً قائماً على الاقتناع العقلى وليس قائماً على الوراثة .
وقد أكد أن هدفه كان دائماً التمسك بالحق والسعى لإدراك الحقائق اليقينية مهما كلفه هذا من جهد لأنه أمر فطرى عند الإنسان حيث قال ( لقد كان التعطش إلى إدراك حقائق الأمور أبى وديدنى من أول أمرى وريعان عمرى غريزة وفطرة من الله وضعتا فى جبلتى لا باختيارى وحيلتى )
ولقد شك الغزالى فى المحسوسات كمصدر للمعرفة لأنها مليئة بالأخطاء المنافية لليقين لذلك نجده يرفضها لأن الحواس خادعة فعندما ننظر إلى كوكب في السماء نراه فى حجم الدينار لذلك لايقين فى المعرفة الحسية .
أما موقف الغزالى من العقل فقد كان متغيراً وليس ثابتاً حيث أنه فى البداية يؤكد علي أن المعرفة عن طريق العقل هى مرحلة أعلى من المعرفة التى تأتى عن طريق الحواس فلا أحد يشك فى الحقيقة العقلية التى تقول (العشرة أكبر من ثلاثة مثلاً) ولكنه فى النهاية يستبعد العقل لأنه يمكن أن تظهر فى المستقبل قوة أكبر من العقل تكشف لنا أخطاء العقل .
امتد شك الغزالى من الحواس والعقل إلى حياة الإنسان الشعورية فهو يقول: ( قد تكون حياتنا كلها مجرد وهم وخيال فنحن حلم ونتخيل أثناء الحلم أن ما نراه هو حقيقة وواقع ثم نستيقظ ونجد أنه كان وهماً وخيال) .
وقد مر الغزالى فى طريقه إلى اليقين بثلاث مراحل:
١) مرحلة المجاهدة الصوفية وتوهج النور الإلهى فى قلبه. فعندما بدأ الغزالى يعانى من الشك سارع إلى الاعتكاف والزهد وظل يمارس مجاهدات صوفية حتى وصل إلى مرحلة عليا قذف عندها الله فى قلبه نور اليقين ليدرك بهذا النور كل الحقائق اليقينية .
٢) مرحلة الحدس القلبى للحقائق اليقينية. إن النور الإلهى يساعد القلب على حدس وإدراك الحقائق اليقينية التى تعجز الحواس والعقول عن إدراكها، فهناك حقائق أعلى من مستوي البشر العاديين، لايدركها إلا من تصوف .
٣) مرحلة عودة الثقة واليقين فيما كان موضع شك سابق :
أن وصول الغزالى إلى تلك المرحلة من الإدراك الصوفى القائم على النور الإلهى قد أقر فى قلبه الاطمئنان وأزال عنه كافة مبررات الشك وأصبح متيقناً من وجود الله ، ووجوده هو نفسه، ووجود العالم الخارجى. ولأن اليقين القلبى يوجود الله يجعل الإنسان متيقناً من صحة مخلوقات الله فالنور القلبى جعل مختلف الموضوعات المعروضة للشك فى يقين دائم لايمكن الشك فيه .
Subject: RE: [Elhakeem:5202] ٩/٨ مزيد من الفلسفة
Date: Sat, 22 Aug 2015 10:56:43 +0000
Date: Sat, 22 Aug 2015 10:56:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W907F9C174FE78BFDEBD8D7B3640%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 23, 2015, 3:43:13 AM8/23/15
to elha...@googlegroups.com
١٢) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
الحلقة (١٢) المنهج بين ديكارت وبيكون:
اختلف فرانسيس بيكون عن ديكارت من حيث المنهج، حيث تركز جهد بيكون على استخدام المنهج الاستقرائى التجريبى فى دراسته العلمية للظواهر الطبيعية، بينما تركز حهد ( ديكارت ) على استخدام المنهج العقلى الذى يقوم على البدء بالشك ثم استخدام الحدس العقلى والاستنباط العقلى فى تأملاته الفلسفية للكون. شبّه ديكارت الشك المنهجى بمثال سلة التفاح (ولو كان سوداني لشبهه بقفة البصل) حين قال ( إن العقل البشرى يشبه سلة التفاح بها تفاح سليم وتفاح فاسد ومن الضرورى أن نلقى جانباً كل ما فى عقولنا من أفكار ونقوم بفحصها فكرة بعد فكره، ثم نقبل الصحيح منها ونعيده الي السلة ونرفض الخاطئ ونرمي به بعيداً عن السلة لكيلا يفسد التفاح الصحيح الجيّد ). ما يقصده ديكارت بالصحيح هو الذي يقبله العقل والمنطق.
فالمنهج عند ديكارت هو جملة القواعد المؤكدة التى تعصم ذهن الباحث من الوقوع فى الخطأ وتمكنه من بلوغ اليقين فيما يستطيع معرفته دون أن يستنفذ قواه فى جهود ضائعة .
ويقوم المنهج عند ديكارت على دعامتين هما:
[١] الحدس : وهو عملية عقلية مباشرة يدرك بها الذهن بعض الحقائق ويسلم بها العقل تسليماً، أى إدراك الحقائق اليقينية إدراكاً مباشراً دون مقدمات ودون الحاجة إلى شهادة الحواس.
[٢] الاستنباط : وهو الانتقال من حقائق معينة مسلم بصحتها إلى نتائج تلزم عنها.
ثمة قواعد حددها ديكارت للمنهج، وهي :
١) قاعدة البداهة والوضوح : وتعنى أنه يجب أن يحرر الإنسان نفسه من كل سلطة إلا سلطة العقل حيث يبحث عن الحقيقة. وهو ما اشار اليه قدامي فلاسفة الاغريق مثل افلاطون من افراغ العقل من كل ما يؤمن به، إو كان يؤمن به واستقبال الامر الذي يراد التفكير فيه بلا سابق رأي، وهو ما يسمونه (مقابلة اولية إو 'apriori')
٢) قاعدة التحليل: وهي تفترض أن كل مشكلة نقوم بدراستها هى مشكلة مركبة لذلك يجب أن نقوم بتقسيم كل مشكلة وتحليلها إلي عناصرها البسيطة حتى يمكن حلها .
٣) قاعدة التأليف: وهى مكملة لقاعدة التحليل فيقول ديكارت:
( أرتب أفكارى بأبسط الأمور وأيسرها معرفة ثم أتدرج فى الترتيب حتى أصل إلى معرفة أكثر تعقيداًً وأرفض ترتيب الأمور التى لايسبق بعضها بعض)
٤) قاعدة الإحصاء والمراجعة: وتتم فيها مراجعة كل الخطوات السابقة لتكون على ثقة من أننا لم نغفل أى عنصر من موضوع البحث فيقول:
( أن أعمل على جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة والمراجعات الوافية مما يجعلنى على ثقة من أننى لم أغفل شيئاً يتصل بالمشكلة المعروضة للبحث )
نأخذ مثالاً لهذا المنهج الديكارتي، الميكانيكى الذي يقوم بإصلاح عطل فى سيارة فإنه يقوم بالخطوات الاتية، وعلي هذا الترتيب .
١- يبدأ بتفكيك الأجزاء التى يعتقد أنها مصدر العطل .
٢- ينظر في هذه الاجزاء ليكتشف الجزء المعطل ويقوم بإصلاحه .
٣- يقوم باعادة تركيب الأجزاء بعضها مع بعض مرة أخرى مع مراعاة الدقة .
٤- يقوم باختبار السيارة بعد الإصلاح ليتأكد أنها تعمل من جديد وهنا يكون قد قام بعمله على الوجه الصحيح .
(١٣) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٣) موقف ديكارت من الحواس كوسيلة للمعرفة:
قلنا إن ديكارت يشك فى مقدرة الحواس على المعرفة، لأنها كثيراً ما تخدعنا فى حياتنا اليومية، لذلك فمن الحكمة أن لانؤمن لمن خدعنا ولو لمرة واحدة (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وبالمناسبة، ديكارت كان مسيحي شديد الايمان). لهذا السبب فإنه لن يتحقق اليقين المطلوب إلا إذا طرحنا جانباً الحواس ومدركاتها المتغيرة وبحثنا لنا عن وسيلة أضمن للمعرفة. هذا الشك فى الحياة الشعورية هو احد مجالات الشك المؤقت عند ديكارت، دعوني إوضح لكم.
يؤمن البعض أن هناك أشياء حسية لايمكن الشك فيها مثل شعورى بهزة رأسى وتحريك يدى وغير ذلك مما أمارسه فى حياتى العملية. لكن ديكارت يرد علي هؤلاء بقوله [ إننا كثير ما نحلم أثناء النوم ونظن طوال الحلم أننا فى الواقع الحقيقى وحين نستيقظ ندرك أن كل ما حدث كان مجرد حلم وأوهام فمن يدرينى إننى الآن قد أكون فى حلم لكنه طويل قد يأتى وقت أستيقظ فيه وأتأكد أننى كنت أعيش فى مرحلة وهم وحلم طويل] .
كذلك كان الشك فى العقل أحد مجالات الشك المؤقت عند كلاً من الغزالى وديكارت وكان تناولهما واحداً في هذا المجال كما اوضحت في حلقات سابقة لهذه الحلقة. شك ديكارت فى قدرة العقل على المعرفة رغم أن الاستدلالات العقلية تستمد قوتها من بداهة العقل مثل قولنا ٢+٣=٥. لكن ديكارت يقول [ ربما يوجد شيطان ماكر استطاع أن يضلل عقلى منذ وجودى وظل يخدعنى ويصور لى الوهم على أنه حقيقة لذلك قد تكون الحقائق العقلية هى الآخرى خاطئة بسبب هذا الشيطان الماكر]
ما الحل إذن؟ إن كانت الحواس تخدعنا، وما ينقله الينا العقل قد يكون عمل شيطان ماكر، فأين الحقيقة، وما هو سبيلنا الي اليقين؟
الاجابة علي هذا السؤال تقودنا الي كيف توصل ديكارت إلى أول الحقائق اليقينية فى الفكر الإنسانى.
توصل ديكارت إلى إثبات وجود النفس بالحدث العقلى المباشر (لاحظ اختلافه عن الغزالي الذي بدأ بالشك في وجود الله، ثم لما أنار الله قلبه وايقن بوجود الله، انتقل الي اليقين بوجود الموجودات ثم الي وجود ذاته) . فتحليل عملية الشك فى كل الحقائق يؤدى بنا إلى ضرورة وجود فاعل يشك أو ذات مفكرة تقوم بعملية الشك لأنه لايمكن أن يحدث الشك بدون تلك الذات المفكرة الشكاكة . فالذى يشك لابد وأن يكون مفكراً ولابد أن يكون موجوداً وليس عدماً، ولقد توصل ديكارت إلى تلك الحقيقة اليقينية بالحدث العقلى المباشر. توصل ديكارت بالحدس العقلى المباشر الي القضية الأولى والمشهورة فى فلسفته المعروفة باسم ( الكوجيتو ) Cogeto, وتعنى فى أصلها اللاتينى ( أنا أفكر ) وهى تمثل الجزء الأول من القضية الكاملة ( أنا أفكر إذن أنا موجود ) .
كان هذا اليقين بوجود النفس عند ديكارت كافياً لليقين بوجود الله، فديكارت قداستخدم الحقيقة اليقينية السابقة، وجوده ( وجود النفس ) لإثبات حقيقة يقينية ثانية مرتبطة بها على وجود الله، فقال:
[ (١) إن الإنسان عندما يشك ويفكر، يشعر بإنه كائن ناقص يأتى به غيره إلى الوجود ثم يفنى بعد فترة قصيرة ويصبح عدماً (٢) أن شعور الإنسان بالنقص معناه أن لديه فكرة عن الكمال فى عقله، ويقول ديكارت ان هذه الفكرة جاءت إلينا بواسطة الله تعالى، الموجود الكامل (٣) ويقول إن وجود هذه الفكرة فى الذهن الداخلى للإنسان دليل على وجودها فى العالم الخارجى وعلى هذا لايمكن إنكار وجود الله تعالى أبداً) .
هذه هي الفلسفة، في اوجها، والتفكير الذي يولده الشك، فهو يقود الي ايمان اقوي من الايمان الوراثي.
انتقل ديكارت خطوة أخري علي درب الايمان، فقد اتخذ من اليقين بوجود الله وكماله دليلاً على وجود العالم . فهو قد توصل من اليقين الاول، وهو اثبات وجوده، الي اليقين الثانى وهو إثبات فكرة ( وجود الله ) إلى اليقين الثالث وهو وجود العالم وذلك عن طريق الآتى :
(١) إذا كان الله كاملاً وهو الذى غرس فى نفوسنا الناقصة فكرة الكمال فلابد أن يكون الله صادقاً لأن الكذب ليس من طبيعة الكمال. (٢) هذا الصدق الإلهى معناه صدق وصحة وجود العالم الخارجى الذى خلقه الله وأيضاً سيجعلنى أطمئن إلى صحة إدراكى لهذا العالم لكل ما فيه من الموجودات وتصبح كافة حقائقه يقينية واضحة أمام عقلى .
الغزالي وديكارت مثالاً:
الحلقة (١٢) المنهج بين ديكارت وبيكون:
اختلف فرانسيس بيكون عن ديكارت من حيث المنهج، حيث تركز جهد بيكون على استخدام المنهج الاستقرائى التجريبى فى دراسته العلمية للظواهر الطبيعية، بينما تركز حهد ( ديكارت ) على استخدام المنهج العقلى الذى يقوم على البدء بالشك ثم استخدام الحدس العقلى والاستنباط العقلى فى تأملاته الفلسفية للكون. شبّه ديكارت الشك المنهجى بمثال سلة التفاح (ولو كان سوداني لشبهه بقفة البصل) حين قال ( إن العقل البشرى يشبه سلة التفاح بها تفاح سليم وتفاح فاسد ومن الضرورى أن نلقى جانباً كل ما فى عقولنا من أفكار ونقوم بفحصها فكرة بعد فكره، ثم نقبل الصحيح منها ونعيده الي السلة ونرفض الخاطئ ونرمي به بعيداً عن السلة لكيلا يفسد التفاح الصحيح الجيّد ). ما يقصده ديكارت بالصحيح هو الذي يقبله العقل والمنطق.
فالمنهج عند ديكارت هو جملة القواعد المؤكدة التى تعصم ذهن الباحث من الوقوع فى الخطأ وتمكنه من بلوغ اليقين فيما يستطيع معرفته دون أن يستنفذ قواه فى جهود ضائعة .
ويقوم المنهج عند ديكارت على دعامتين هما:
[١] الحدس : وهو عملية عقلية مباشرة يدرك بها الذهن بعض الحقائق ويسلم بها العقل تسليماً، أى إدراك الحقائق اليقينية إدراكاً مباشراً دون مقدمات ودون الحاجة إلى شهادة الحواس.
[٢] الاستنباط : وهو الانتقال من حقائق معينة مسلم بصحتها إلى نتائج تلزم عنها.
ثمة قواعد حددها ديكارت للمنهج، وهي :
١) قاعدة البداهة والوضوح : وتعنى أنه يجب أن يحرر الإنسان نفسه من كل سلطة إلا سلطة العقل حيث يبحث عن الحقيقة. وهو ما اشار اليه قدامي فلاسفة الاغريق مثل افلاطون من افراغ العقل من كل ما يؤمن به، إو كان يؤمن به واستقبال الامر الذي يراد التفكير فيه بلا سابق رأي، وهو ما يسمونه (مقابلة اولية إو 'apriori')
٢) قاعدة التحليل: وهي تفترض أن كل مشكلة نقوم بدراستها هى مشكلة مركبة لذلك يجب أن نقوم بتقسيم كل مشكلة وتحليلها إلي عناصرها البسيطة حتى يمكن حلها .
٣) قاعدة التأليف: وهى مكملة لقاعدة التحليل فيقول ديكارت:
( أرتب أفكارى بأبسط الأمور وأيسرها معرفة ثم أتدرج فى الترتيب حتى أصل إلى معرفة أكثر تعقيداًً وأرفض ترتيب الأمور التى لايسبق بعضها بعض)
٤) قاعدة الإحصاء والمراجعة: وتتم فيها مراجعة كل الخطوات السابقة لتكون على ثقة من أننا لم نغفل أى عنصر من موضوع البحث فيقول:
( أن أعمل على جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة والمراجعات الوافية مما يجعلنى على ثقة من أننى لم أغفل شيئاً يتصل بالمشكلة المعروضة للبحث )
نأخذ مثالاً لهذا المنهج الديكارتي، الميكانيكى الذي يقوم بإصلاح عطل فى سيارة فإنه يقوم بالخطوات الاتية، وعلي هذا الترتيب .
١- يبدأ بتفكيك الأجزاء التى يعتقد أنها مصدر العطل .
٢- ينظر في هذه الاجزاء ليكتشف الجزء المعطل ويقوم بإصلاحه .
٣- يقوم باعادة تركيب الأجزاء بعضها مع بعض مرة أخرى مع مراعاة الدقة .
٤- يقوم باختبار السيارة بعد الإصلاح ليتأكد أنها تعمل من جديد وهنا يكون قد قام بعمله على الوجه الصحيح .
(١٣) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٣) موقف ديكارت من الحواس كوسيلة للمعرفة:
قلنا إن ديكارت يشك فى مقدرة الحواس على المعرفة، لأنها كثيراً ما تخدعنا فى حياتنا اليومية، لذلك فمن الحكمة أن لانؤمن لمن خدعنا ولو لمرة واحدة (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وبالمناسبة، ديكارت كان مسيحي شديد الايمان). لهذا السبب فإنه لن يتحقق اليقين المطلوب إلا إذا طرحنا جانباً الحواس ومدركاتها المتغيرة وبحثنا لنا عن وسيلة أضمن للمعرفة. هذا الشك فى الحياة الشعورية هو احد مجالات الشك المؤقت عند ديكارت، دعوني إوضح لكم.
يؤمن البعض أن هناك أشياء حسية لايمكن الشك فيها مثل شعورى بهزة رأسى وتحريك يدى وغير ذلك مما أمارسه فى حياتى العملية. لكن ديكارت يرد علي هؤلاء بقوله [ إننا كثير ما نحلم أثناء النوم ونظن طوال الحلم أننا فى الواقع الحقيقى وحين نستيقظ ندرك أن كل ما حدث كان مجرد حلم وأوهام فمن يدرينى إننى الآن قد أكون فى حلم لكنه طويل قد يأتى وقت أستيقظ فيه وأتأكد أننى كنت أعيش فى مرحلة وهم وحلم طويل] .
كذلك كان الشك فى العقل أحد مجالات الشك المؤقت عند كلاً من الغزالى وديكارت وكان تناولهما واحداً في هذا المجال كما اوضحت في حلقات سابقة لهذه الحلقة. شك ديكارت فى قدرة العقل على المعرفة رغم أن الاستدلالات العقلية تستمد قوتها من بداهة العقل مثل قولنا ٢+٣=٥. لكن ديكارت يقول [ ربما يوجد شيطان ماكر استطاع أن يضلل عقلى منذ وجودى وظل يخدعنى ويصور لى الوهم على أنه حقيقة لذلك قد تكون الحقائق العقلية هى الآخرى خاطئة بسبب هذا الشيطان الماكر]
ما الحل إذن؟ إن كانت الحواس تخدعنا، وما ينقله الينا العقل قد يكون عمل شيطان ماكر، فأين الحقيقة، وما هو سبيلنا الي اليقين؟
الاجابة علي هذا السؤال تقودنا الي كيف توصل ديكارت إلى أول الحقائق اليقينية فى الفكر الإنسانى.
توصل ديكارت إلى إثبات وجود النفس بالحدث العقلى المباشر (لاحظ اختلافه عن الغزالي الذي بدأ بالشك في وجود الله، ثم لما أنار الله قلبه وايقن بوجود الله، انتقل الي اليقين بوجود الموجودات ثم الي وجود ذاته) . فتحليل عملية الشك فى كل الحقائق يؤدى بنا إلى ضرورة وجود فاعل يشك أو ذات مفكرة تقوم بعملية الشك لأنه لايمكن أن يحدث الشك بدون تلك الذات المفكرة الشكاكة . فالذى يشك لابد وأن يكون مفكراً ولابد أن يكون موجوداً وليس عدماً، ولقد توصل ديكارت إلى تلك الحقيقة اليقينية بالحدث العقلى المباشر. توصل ديكارت بالحدس العقلى المباشر الي القضية الأولى والمشهورة فى فلسفته المعروفة باسم ( الكوجيتو ) Cogeto, وتعنى فى أصلها اللاتينى ( أنا أفكر ) وهى تمثل الجزء الأول من القضية الكاملة ( أنا أفكر إذن أنا موجود ) .
كان هذا اليقين بوجود النفس عند ديكارت كافياً لليقين بوجود الله، فديكارت قداستخدم الحقيقة اليقينية السابقة، وجوده ( وجود النفس ) لإثبات حقيقة يقينية ثانية مرتبطة بها على وجود الله، فقال:
[ (١) إن الإنسان عندما يشك ويفكر، يشعر بإنه كائن ناقص يأتى به غيره إلى الوجود ثم يفنى بعد فترة قصيرة ويصبح عدماً (٢) أن شعور الإنسان بالنقص معناه أن لديه فكرة عن الكمال فى عقله، ويقول ديكارت ان هذه الفكرة جاءت إلينا بواسطة الله تعالى، الموجود الكامل (٣) ويقول إن وجود هذه الفكرة فى الذهن الداخلى للإنسان دليل على وجودها فى العالم الخارجى وعلى هذا لايمكن إنكار وجود الله تعالى أبداً) .
هذه هي الفلسفة، في اوجها، والتفكير الذي يولده الشك، فهو يقود الي ايمان اقوي من الايمان الوراثي.
انتقل ديكارت خطوة أخري علي درب الايمان، فقد اتخذ من اليقين بوجود الله وكماله دليلاً على وجود العالم . فهو قد توصل من اليقين الاول، وهو اثبات وجوده، الي اليقين الثانى وهو إثبات فكرة ( وجود الله ) إلى اليقين الثالث وهو وجود العالم وذلك عن طريق الآتى :
(١) إذا كان الله كاملاً وهو الذى غرس فى نفوسنا الناقصة فكرة الكمال فلابد أن يكون الله صادقاً لأن الكذب ليس من طبيعة الكمال. (٢) هذا الصدق الإلهى معناه صدق وصحة وجود العالم الخارجى الذى خلقه الله وأيضاً سيجعلنى أطمئن إلى صحة إدراكى لهذا العالم لكل ما فيه من الموجودات وتصبح كافة حقائقه يقينية واضحة أمام عقلى .
Subject: RE: [Elhakeem:5203] /١١/١٠ مزيد من الفلسفة
Date: Sat, 22 Aug 2015 11:02:01 +0000
Date: Sat, 22 Aug 2015 11:02:01 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W578EDB4BF077AA8887A137B3640%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 23, 2015, 6:31:50 AM8/23/15
to elha...@googlegroups.com
(١٤) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٤) الغزالي وديكارت، اسباب الشك عند كل منهما، وطرق بلوغ اليقين:
أُطلق على ديكارت أبو الفلسفة الحديثة لأنه حدد لنفسه طريقاً فلسفياً وهدفاً واضحاً يتمثل فى البحث عن الحقيقة ودعم اليقين الذى أسهم فى بناء حضارة أوروبا الحديثة، حيث نجح ديكارت فى تحقيق هذا الهدف بمذهبه العقلى وتأسيسه حقائق يقينية لايمكن إخضاعها للشك أبداً، لذلك سار على نهجه غالبية الفلاسفة المحدثين .
أما الغزالى الذي سبق ديكارت فقد لقب بحجة الإسلام، ذلك إنه كان من كبار علماء الدين الإسلامى الذى تفقهوا فى كافة أصول الدين، وهو الذي صاغ مصطلح المجاهدة الصوفية، وهى رياضات بدنية ونفسية يقوم بها أهل التصوف. أما مصطلح الكوجيتو، الذي صاغه ديكارت فمعناه (أنا أفكر) وهو مصطلح يعبر عن الجزء الأول من القضية الكاملة عند ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود .
توصل كلٌ من الغزالي وديكارت إلى اليقين من منظورين مختلفين، فقد اختلف مفهوم الحدس عند كلاً من الفيلسوفين الكبيرين، ولم ينطلقا من نقطة يقينٍ واحدة كما اوضحت وكا ساوضح ادناه بغرض التثبت.
كان اليقين الذى توصل إليه الغزالى قائماً على الحدس القلبى والنور الإلهى عندما توجه إلى الله بالمجاهدة الصوفية وتوهج النور الإلهى فى قلبه ثم عادت له الثقة فيما كان موضع شك. أما اليقين الذى توصل إليه ديكارت فهو قائمٌ على الحصن العقلى ومبادئه المنطقية، وتوصل إلى إثبات ثلاث حقائق يقينية متدرجة ومترابطة تم ترتيبها ترتيباً منطقياً وهى :
أ)إثبات وجود النفس ب) إثبات وجود الله ج) إثبات وجود العالم الخارجى .
لذلك نجد نقاط اتفاق واختلاف بين الغزالي وديكارت فى تناولهما لمجالات الشك، فهما يتفقان في أن كلاهما شك شكاً فلسفىاً ومنهجىاً مؤقتاً بناءً، كما أن كلاهما شك فى الحواس والعقل والحياة الشعورية .
لكنهما اختلفا في أن سبب الشك عامة عند الغزالى هو أنه قرر أن يتقصى الحقيقة بنفسه ويتوصل إلى اليقين ليصبح إيمانه قائماً على الاقتناع العقلى وليس قائماً على الوراثة. أما سبب الشك عامة عند ديكارت فهو فحص المعرفة واستبعاد الأفكار الخاطئة من العقل وتأسيس اليقين على أسس واضحة لامجال للشك فيها بعد ذلك .
أما سبب الشك فى العقل عند الغزالى فهو أنه ربما تظهر فى المستقبل قوة أكبر من العقل تثبت خطأ أحكام العقل، بينما سبب الشك فى العقل عند ديكارت هو احتمال وجود شيطان ماكر منذ وجوده ظل يخدعه ويصور له الوهم على أنه حقيقة لذلك قد تكون الأحكام العقلية خاطئة بسبب هذا الشيطان الماكر .
هذا عن سبب الشك عند الفيلسوفين، فماذا عن وسيلة اليقين عند كل منهما؟ أقول إن وسيلة اليقين عند الغزالى هى الحدس القلبى، أما وسيلة اليقين عند ديكارت فهى الحدس العقلى المباشر .
لهذا السبب، ولاختلاف الوسيلة فقد توصل الغزالى إلى يقين إثبات الله أولاً ثم وجود النفس ثم وجود العالم الخارجى، بينما توصل ديكارت إلى يقين وجود النفس أولاً ثم وجود الله ثم وجود العالم الخارجى .
(١٥) إتخاذ الشك سبيلاً للوصول الي اليقين بعيداً عن السفسطة:
الغزالي وديكارت مثالاً:
حلقة (١٥) تأثر ديكارت بالغزالي:
كنت قد تناولت في مقالات سابقة رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، والكوميديا الالهية لدانتي الليجري، وأوضحت كيف إن المعري أخذ فكرتها من قصة الاسراء والمعراج، وقد وردت القصة في التراث الفارسي قبل ذلك بالاف السنين، وأن دانتي أخذ الفكرة من كتابات ابي العلاء لكنه لم يشر الي ذلك، فظن الغربيون إنها من افكاره. نفس الشئ نجده عند ديكارت الذي برغم اطلاعه علي كتاب الغزالي "المنقذ من الضلال" الا إنه لم يشر الي الكتاب، بل اتخذ الافكار التي فيه، وادعاها لنفسه.
إن تناول موضوع الشك بين حجة الإسلام الغزالي و الفيلسوف الفرنسي الشهير ديكارت يجب أن يأخذ في الاعتبار التوافق المثير بين أفكار كل من الفيلسوفين، بل وحتى بعض جوانب السيرة الذاتية لهما. فقد عاش كل منهما في عصر انحلت فيه عرى وحدة الفكر إلى مجموعة من الآراء المتناقضة التي تدعى كل منها لنفسها معرفة الحقيقة, ولكن دون أن تستطيع في النهاية البرهنة على صحة هذا الادعاء.
و فيما يخص التوافق الفكري بينهما فلا بد أن ذلك راجع إلى عملية التأثير و التأثر أي أن أحدهما كان متأثرا بالآخر ، ووفقا لتواجدهم في التاريخ نجد أن الغزالي كان موجودا قبل ديكارت بستة قرون تقريبا مما يعطي النتيجة القطعية بأن هذا الشك المنهجي كانت أصالته عند الغزالي وأن ديكارت بنى على فلسفة الغزالي و فيما يلي جزء من مقال للاستاذ سمير حلبي كتبها في ذكرى وفاة الإمام الغزالي يؤكد فيها هذه الحقيقة فيقول
(( وهذا المنهج الذي اتبعه الغزالي منذ أكثر من تسعة قرون شديد التشابه بما قدمه الفيلسوف الفرنسي ديكارت وهو ما يؤكد تأثره بالفيلسوف الإسلامي الكبير وأخذه عنه؛ فقد عاش الفيلسوفان التجربة المعرفية ذاتها، وإن كان فضل السبق والأصالة يظل للغزالي، فعبارة الغزالي الشهيرة "الشك أول مراتب اليقين" التي أوردها في كتابه "المنقذ من الضلال" هي التي بنى عليها ديكارت مذهبه، وقد أثبت ذلك الباحث التونسي "العكاك" حينما عثر بين محتويات مكتبة ديكارت الخاصة بباريس على ترجمة كتاب 'المنقذ من الضلال'، ووجد أن ديكارت قد وضع خطًا أحمر تحت تلك العبارة، ثم كتب في الهامش: "يضاف ذلك إلى منهجنا"، وهو يشير هنا إلى كتابه الشهير 'مقال عن المنهج' ، وإذا أردنا أن نعقد مقارنة بهذا الموضوع لتوضيح تأثير الغزالي على ديكارت ذلك عن طريق الاطلاع علي الكتابين - وهو ما لا ادعيه، لكنني قرأت عنهما- المنقذ من الضلال و كتاب مقال عن المنهج فستجد التوافق الغريب بينهما. هنا لا بد من الإشارة إلى ما كان يجب أن يفعله فيلسوف كبير مثل ديكارت في مثل هذا الموقف، أعني بذلك أن يوضح مصدره في هذا المنهج لا أن يدعي الفكرة أو أن يذكرها و يسكت عليها مما يجعل نسبة هذا المنهج إليه بينما أصالة المنهج راجعة إلى الغزالي و هو ما يسمى عندنا في الفترة المعاصرة بالأمانة العلمية ، و هذا يعتبر من المآخذ التي تؤخذ على ديكارت و هذا لا يلغي كونه فيلسوفاً كبيراً له تأثير واسع على الفلسفة التي أتت بعده .
ولكن هناك فروق أساسية بين كل من العصر الذي عاش فيه الغزالي و العصر الذي عاش فيه ديكارت تلك الفروق تجعل المهمة الفلسفية لكل منهما تتخذ طابعا ً خاصا ً يظهر بوضوح في طريقة تفكيرهما. فقد ازدحم عصر الغزالي بصفة خاصة بمشكلات دينية متعددة, فظهرت الاتجاهات الدينية والاتجاهات الفلسفية, وقد كان الفكر عند كل هذه الطوائف قائم على التقليد.
وقد عرف الغزالي أن هذا الفكر القائم على التقليد يمثل المشكلة الكبرى لعصره, لهذا رأى أنه من واجبه مكافحة كل أشكال التقليد.
أما عصر ديكارت فقد اتسم بوجه خاص بالاكتشافات الهامة في مجال العلوم وشروحها مما شكك في الآراء والتصورات الكنسية المسيحية بوجه عام.
ومع وجود هذه الإختلافات بين عصريهما إلا أن الغزالي وديكارت اشتركا في الطريقة الفلسفية الحقيقية التي قادتهما في النهاية إلى الهدف المطلوب بلوغه، وهو الايمان اليقيني الذي لا يتزعزع والذي لا يساوره شك، والذي أشك في أن هناك الكثيرون الذين بلغواه، فايمان هؤلاء انما هو ايمان فطري سرعان ما يتزعزع، او هو ايمان موروث، ايمان أعمي، لا يشك، ولا يتساءل ولا يبحث،
انتهي المقال
،، وارجو إن تكونوا وجدتموه خفيفاً ولم يصيبكم الملل من التكرار، فهو ضروري لاستيعاب الفكرة،، ولكم تحياتي الي ان تقرأوا لي عن الشك عند شيخ المعرة، معرة النعمان التي دمر التنظيم الاسلامي في سوريا اجزاء منها بما فيها قبر الشيخ عليه رحمة الله، والشيخ هو الشاعر الفيلسوف ابو العلاء المعري،، بعده اتطرق لشاعر مجدد آخر، لكان اجاد وابدع في مجالي الشعر والادب والفلسفة لو امتد له العمر ، ذلك هو التجاني يوسف بشير، شاعر السودان الخالد الذي انتاشته يد المنية وهو في السادسة والعشرين من عمره، سنوات قصيرة ابدع فيها وانتج ما لا ينتجه الشعراء في قرن من العمر، فعليهما رحمات من الله وبركاتٍ ورضوان
كامل سيد احمد
المراجع:
الدكتور محمد حمدي زقزوق: المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت.
د. أمين عثمان ، ديكـارت.
موقع إسلام اون لاين.
موقع مرصد ديوجين لرصد التحولات العالمية الكبرى.
Subject: RE: [Elhakeem:5204] /١٣/١٢/ مزيد من الفلسفة
Date: Sun, 23 Aug 2015 07:43:07 +0000
Date: Sun, 23 Aug 2015 07:43:07 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W2CFB2266B82335E958335B3630%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 23, 2015, 11:11:15 AM8/23/15
to elha...@googlegroups.com
لايونيل ريتشي، ذلك المغني الامريكي الاسود الذي امتعنا ولا يزال باغانيه الغرامية التي كم رقصنا علي انغامها رقصاً هادئاً وهزتنا كلمات اغنياتها وهي تمس شغاف القلب وتداعب اوتاره. له اغنية تقول بعض كلماتها واصفاً الحبيبة بأنها سهلة الطبع، فيقول عنها إنها ( Easy like a Sunday morning) فهي الهادية راضية التي غني لها احمد المصطفي عليه رحمة الله، وليست من ناس لالا الما راضية بي حالها. فاليوم هو الاحد، يوم تروق فيه الكتابة، فلننتقل الي ابي العلاء المعري من قبل أن يستغرقني ويستغركم العمل ومشاغله. لكن قبل ذلك يلزمنا قليل من التغيير لترطيب العقل من جفاف الفلسفة، ننظر الي تراث العرب، فالي ليلي وتوبة الحميري.
*من قصص العرب في العشق العُذري: --ليلى الأخيلية وتوبة الحميري:
أما ليلى الأخيلية، فهي ليلي ابنة عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب، 'الأخيلية' من بني عُقَيل من عامر بن صعصة، قوم الفرزدق الشاعر المعروف. كانت شاعرة عربية إشتُهِرَتْ بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها .عاصرت صدر الإسلام والعصر الأموي، وعُرِفَتْ بعشقها المتبادل مع توبة الحميري، وكان توبة هذا يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة، وبصباحة الوجه والجمال
لم يكن لقاء ليلي بتوبة وهما شابين يلهو بقلبيهما الهوي والغرام، بل كان لقاؤهما في الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة لاكرامهم، وكان توبة من ضِمن الغزاة، وفي مرةٍ رأي ليلى فافتتن بها واحبها حباً ملك عليه قلبه وملأ شغاف نفسه، وهكذا توطدت علاقة حب عذري بين توبة وليلي التي بادلته حباً بحُب وشغفت به مثلما شغف بها.
قاد الحب توبة الي أن يكتب شعراً في ليلي سارت به الركبان حتي بلغ اهلها، فلما تقدم يطلب يدها من أبيها رفض والد ليلي تزويجه منها، كما كانت عادة العرب مع من يتغزل في بناتها فكان هذا الرفض عائقاً لزواجهما.
ثم ما لبث ابو ليلي أن زوّجها من أبي الأذلع، فقبلت ليلي اختيار ابيها واخلصت لزوجها، ولكن زواجها لم يمنع توبة من زيارتها والحديث اليها، ثم تكررت زياراته لها وكثرت، فتظلم بنو الأذلع إلى الخليفة الذي أهدر دم توبة إن هو عاود زيارة ليلى. أخذ قوم ليلي وبنو الأذلع يترصدون لتوبة في المكان المعتاد الذي يلتقي فيه بليلي، يرجون قتله بعد أن اهدر الخليفة دمه.
في ذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخافت عليه من قومها وقد علمت ما يدبرونه للايقاع به، فخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه، فاستغرب توبة خروجها سافرة، وفطن إلي أنها أرادت أن تعلمه بشئ ، وظن إنه كمين قد نصب له فركب فرسه وركض به ناجياً بنفسه، وكانت ليلى هي السبب في نجاته. وفي هذا يقول توبة:
[ وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ٠٠٠ فقد رابني منها الغداة سفورها ]
تبرقعت اي خلعت الحجاب ولبست البرقع وهو اخف من الحجاب ويكشف الوجه.
تزوجت ليلى مرتين، وكان زواجها الأول من الأذلعي، الذي كان زوجاً غيوراً جداً، ويقال إنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة، ويقول آخرون أنه مات عنها. أما زوجها الثاني فهو سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا، وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة، ويقال إن ليلى أنجبت منه العديد من الأولاد.
كانت ليلى في ذلك الزمان مشهورة بين الأمراء والخلفاء، فحظيت بمكانة لائقة واحترام كبير. فأسمعت الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح ونالت منهم الترحيب والهبات والأعطيات. كذلك كان الشعراء يزورون ليلي لتحكم بينهم في جودة شعرهم، فكانت تفاضل بينهم ويقبلون حكمها.
وفدت ليلى على الخليفة الاموي معاوية بن أبي سفيان ولديها قصائد رثت فيها عثمان بن عفان ومدحت فيها معاوية، ووصفت في القصيدة ناقتها التي ركبتها وجابت بها الأرض لتصل إلى معاوية ليجود عليها من كرمه، تماماً كما فعل كعب بن زهير حين جاء الي رسول الله تائباً مستغفراً مادحاً اياه بالبردية، والتي كانت لامية، فلما خلع عليه رسول الله بردته سُميّت بالبردية.
سأل معاوية ليلي عن عشيقها توبة، هل كان حقاً كما وصفه الناس بالجمال والشجاعة والكرم . فقالت:
(( والله يا أمير المؤمنين لقد كان توبةُ أكبر مما وصفه به الناس، كان سبط البنان، حديد اللسان، شجى للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر)) --فسألها معاوية، "وما قلت فيه وله؟
" قالت : “قلت ولم أتعد الحق وعلمي به ” -----
فأعجب معاوية من وصفها توبة ومن جوابها، وأمر لها بجائزة سنية واستنشدها من شعرها في توبة.
عاشت ليلي الأخيلية إلي زمن عبد الملك بن مروان، وكانت على إتصال بالحجاج بن يوسف الثقفي، وبالأمويين عامة . وفي ذات يوم وفدت على الحجاج، فاستؤذن لها، فقال الحجاج - ولم يكن يعرفها لكنه كان قد سمع بها- "ومن ليلى ؟" قيل "ليلي الأخيلية صاحبة توبة"، فقال: "ادخلوها"، فدخلت عليه في مجلسه، فإذا امرأة طويلة جميلة، دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر. فسلمت عند دخولها، فرد عليها الحجاج ورحب بها، وأجلسها، ثم سألها عن سبب قدومها اليه، فقالت:" للسلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه" فقال لها الحجاج "وكيف خلفت قومك؟" قالت: "تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنهم الله عز وجل بك أيها الأمير، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم" ثم قالت: "ألا أنشدك ايها الأمير؟" فقال الحجاج: "إذا شئت" فقالت:
أحــجاج لا يفـلل سلاحك إنما ٠٠٠ المنـايا بكـف الله حيث تراها
-إذا هبـط الحجاجُ أرضاً مريضة ٠٠٠ تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها
-شفاها من الداءِ العضالِ الذي بها ٠٠٠ غـلامٌ إذا هـز القنـاةَ سقـاها
- ---سقاها دمــاءَ المارقينَ وعلـها ٠٠٠ إذا جمحت يوماً وخف أذاها
---إذا سمـعَ الحجـاجُ صوتَ كتيبةٍ ٠٠٠ أعـد لها قبـل النـزول قراها
انتهت ليلي من إنشاد قصيدتها، فقال الحجاج: "لله ما أشعرها"، وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال.
بعد خروج ليلي من مجلس الحجاج ومسيرها الي قومها، أقبل الحجاج على من كانوا في مجلسه وسألهم: " أتدرون من هذه؟" قالوا: "لا والله أيها الأمير، لكنا ما رأينا امرأة أصبح، وأفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً منها" فقال: "هذه ليلى الأخيلية صاحبة توبة الحميري". - ويقال أن الحجاج لم يكن يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت فيه عليه ليلى الأخيلية.
أشاد القدماء بليلى الأخيلية، وعدوها شاعرة فاقت أكثر الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. من الذين أعجبوا بشعرها الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ العديد من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره.
تتسم العاطفة في شعر ليلي الإخيلية بالهدوء والاستسلام للقدر على شيء من التفلسف والتأمل في الوجود. ويتبين من شعرها تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقولها:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا ٠٠٠حتى يدب على العصا، مشهورا ---تبـكي الرماح إذا فقدن أكفنا ٠٠٠ جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحـورا
ويلاحظ التأنق اللفظي في شعر ليلي الأخيلية، وهذا التأنق يأتي بعيداً عن التكلف والتعقيد. ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها الطباق، وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال. ومن سمات شعر الأخيلية التكرار اللفظي، وهذا التكرار مستحسن لدىها وغايته تأكيد المعنى والإكثار من الألفاظ المتشابهة، وهو الذي يعرفه البلاغيون بالطباق، وهو غير الجناس حيث تتفق احرف الكلمات وتختلف معانيها.
هناك روايتان في سبب موت ليلي الأخيلية، لكنهما تتفقان في السبب المباشر وتختلفان في الذي أدي إليه، هل كان ذلك باختيارها أم بطلبٍ من زوجها ؟
تقول الرواية الاولي إنه وفي ذات يوم أقبلت ليلى من سفر وأرادت أن تزور قبر توبة ومعها زوجها الذي كان يمنعها من زيارة القبر، لكنها أصرت وقالت: “والله لا أبرح حتى أسلم على توبة”. فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ما تشاء. فوقفت أمام القبر وقالت: -“السلام عليك يا توبة" فلما لم يرد علي سلامها تعجبت، وقالت لقومها: -- "والله ما عرفت له كذبة قط"، فلما سألوها عن ذلك قالت أليس هو القائل:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمـتْ علـيّ ٠٠٠ ودوني تربـةٌ وصـفائحٌ ---لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا ٠٠٠ إليها صدىً من جانبِ القبرِ صائحٌ (زقا بمعني قفز، والصدي هو الترديد، وكانت العرب تعتقد في أن الميت إن كان راضياً عمن يلقي اليه بالتحية صدرت عن القبر اشارة بمثابة رد علي التحية)
وقالت: " فما باله لم يسلم عليّ كما قال؟!"
وكانت بجانب القبر بومة، فلما رأت الهودج علي الجمل وسمعت الجمل يرغي، فزعت وطارت في وجه الجمل، مما أدى إلى اضطرابه، فجفل ورمى بليلى على رأسها فماتت من حينها، ودفنت بجانب قبر توبة. وكانت المنطقة تعرف بالريّ.
أما الرواية الثانية، فجاءت في كتاب قصص العرب، الجزء الثالث ، وتقول أن ليلى الأخيلية مرّت مع زوجها ، بقبر عشيقها توبة الحميري ، فقال لها زوجها ساخراً، وكان يغير من توبة حتي بعد وفاته بسبب الحب الذي كان بينه وبين زوجته ليلي ؛ "هذا قبر الكذّاب الذي قال:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمتْ عليَّ ٠٠٠ ودوني جَندلٌ وصفائحُ. ---لسلّمتُ تسليم البشاشة أو زقا ٠٠٠ إليها صدىً من جانب القبر صائحُ
فقالت ليلى الأخيلية لزوجها "دعه، فإنه قد مضي إلي حال سبيله" فقال ؛ "أقسمت عليك إلا ما دنوت منه ، فسلمتِ عليه"، فأبت ، فكرر عليها ذلك . فلما تقدمت إلى القبر ، وقالت ؛ "السلام عليك يا توبة" طار من جانب القبر طائرٌ كان هناك وزقا ، الأمر الذي أدّى إلى أن ينفر منه جمل ليلى ، فوقعت منه فاندقّت عنقها ، وماتت من وقتها، ودفنها زوجها بجوار قبر عشيقها توبة !!
لليلي الإخيلية العديد من دواوين الشعر في العشق والرثاء، وجم ذلك الرثاء في عشيقها توبة، وكان بينها وبين الشاعر النابغة الجعدي (وهو غير النابغة الذبياني) مهاجاة. توفيت ليلي في ساوة بما يعرف اليوم بمحافظة المُثني في العراق عندما كنت في طريقها إلى الري في إيران، وكان ذلك عام ٨٠ للهجرة، وهي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى تماضر ابنة الشريد، أو الخنساء كما اشتهرت.
كانت ليلي قد وفدت على عبد الملك بن مروان ، فسألها ؛ "ما الذي رأى توبة فيك حتى عشِقَكِ كل هذا العشق ؟" فأجابته ؛ "رأي فيّ ما رأى الناس فيك حتى جعلوك خليفة"
يرى الكتّاب القدماء أن أجود شعر ليلي الأخيلية هو ما رثت به توبة. كان الرثاء هو غرض القصيدة التي نظمتها ليلي الإخيلية بعد موت توبه. كان موت توبة ذاته من سوء الطالع، فقد كان فارساً وبطلاً لا يشق له غبار، وكانت له فرس تسبق الريح،،، فاجأه اعداؤه وهو قد خلع درعه وعلقه علي شجرة، وترك حصانه يرعي وجلس هو يستريح ويعد لنفسه طعاماً تحت الشجرة. لما انتبه توبه الي حركة اعدائه أسرع ليركب فرسه، لكن الفرس جفل وشرد، اسرع توبة فأخذ درعه ولبسه، لكنه في استعجاله لبس درعه فوق سيفه، ولما وصل اليه اول اعدائه لم يقدر علي امتشاق سيفه، فقُتَل قبل إن يستل سيفه.
جاءت القصيدة الذي رثت بها ليلي حبيبها توبه، ببنائيه فنيه رائعة، ومعالجه موضوعيه هيأت لها بافتتاحية القسم الذي مهد لشخصية المرثي الذي خانه الحظ فدارت عليه الدوائر ولقي حتفه وهو يكاد أن يكون أعزل من السلاح، والا لما تمكن من اعداؤه.
أقسمتُ أرثى بعدَ توبةَ هالكـــــــــــاً ٠٠٠ وأحفِلُ من دارتْ عليهِ الدوائرُ
لعَمركَ ما بالموتِ عارٌ على الفتى ٠٠٠ إذا لم تصبه في الحياةِ المعابرُ
وما أحدٌ حيا وإن كان سالمـــــــا ٠٠٠ بأخلد ممن غيّبتــــــهُ المقابـــــرُ
ومن كان مِما يُحدثُ الدهر جازعاً ٠٠٠ فلابد يوماً أن يُرى وهو صابر ُ
وليس لذي عيشٍ من الموتِ مذهبٌ ٠٠٠ وليس على الأيامِ والدهرُ غابِرُ
ولا الحيُ مما يُحدث الدهرُ معتبٌ ٠٠٠ ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ
وكل شبابٍ أو جـــــــــــديدٍ إلى بِلى ٠٠٠ وكلّ امرئٍ يوما إلى اللهِ صائرُ
وكلُ قريني أُلـــــــــــــــــــفةٍ لتفرقِ ٠٠٠ شتاتاً، وإن ضنّا، وطال التعاشُرُ
فلا ُيبعدنك الله يا توبَ هالكـــــــا ٠٠٠ أخا الحربِ إن ضاقتْ عليهِ المصادرُ
فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيكَ ما دعت ٠٠٠ على فننٍ ورقاءُ أو طارَ طـــــــائرُ --قتيلُ بني عوفٍ، فيا لهفتا له ٠٠٠ فمـا كنتُ إياهم عليه أُحــــــاذرُ
تفتح ليلي الاخيلية رثاءها باقسمت ارثي ...، اي لا ارثي، لان حياتها صحراء قاحله بعد فقدها حبيبها الذي لا تستطيع تعويضه. ويستمر صوت الذات الشاعره شاخصآ باستذكار الفقيد حتى النهاية، فقسم الختام - فاقسمت لا انفك ابكيك- يعني استمرار الحزن المرابط للطبيعه ومظاهرها ما دامت على قيد الحياة. والقصيدة تكشف عن قدره شعريه متميزه منحت صاحبتها موقعآ شعرياً مهما في القصيدة العربية، كون بنائها يعتمد التعامل مع اثارها النفسية في كل محور من محاورها من خلال وعي الطبيعة البناء، المتجاوز للتقليد. فهي تعتمدالحكمه في مضمونها مع اهتمامها بفلسفة الموت.
مع تحياتي والي شاعر او شاعرة أخري لعلها تكون الخنساء، تماضر ابنة الشريد، او لعلي اعود الي فلسفة الشك
*من قصص العرب في العشق العُذري: --ليلى الأخيلية وتوبة الحميري:
أما ليلى الأخيلية، فهي ليلي ابنة عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب، 'الأخيلية' من بني عُقَيل من عامر بن صعصة، قوم الفرزدق الشاعر المعروف. كانت شاعرة عربية إشتُهِرَتْ بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها .عاصرت صدر الإسلام والعصر الأموي، وعُرِفَتْ بعشقها المتبادل مع توبة الحميري، وكان توبة هذا يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة، وبصباحة الوجه والجمال
لم يكن لقاء ليلي بتوبة وهما شابين يلهو بقلبيهما الهوي والغرام، بل كان لقاؤهما في الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة لاكرامهم، وكان توبة من ضِمن الغزاة، وفي مرةٍ رأي ليلى فافتتن بها واحبها حباً ملك عليه قلبه وملأ شغاف نفسه، وهكذا توطدت علاقة حب عذري بين توبة وليلي التي بادلته حباً بحُب وشغفت به مثلما شغف بها.
قاد الحب توبة الي أن يكتب شعراً في ليلي سارت به الركبان حتي بلغ اهلها، فلما تقدم يطلب يدها من أبيها رفض والد ليلي تزويجه منها، كما كانت عادة العرب مع من يتغزل في بناتها فكان هذا الرفض عائقاً لزواجهما.
ثم ما لبث ابو ليلي أن زوّجها من أبي الأذلع، فقبلت ليلي اختيار ابيها واخلصت لزوجها، ولكن زواجها لم يمنع توبة من زيارتها والحديث اليها، ثم تكررت زياراته لها وكثرت، فتظلم بنو الأذلع إلى الخليفة الذي أهدر دم توبة إن هو عاود زيارة ليلى. أخذ قوم ليلي وبنو الأذلع يترصدون لتوبة في المكان المعتاد الذي يلتقي فيه بليلي، يرجون قتله بعد أن اهدر الخليفة دمه.
في ذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخافت عليه من قومها وقد علمت ما يدبرونه للايقاع به، فخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه، فاستغرب توبة خروجها سافرة، وفطن إلي أنها أرادت أن تعلمه بشئ ، وظن إنه كمين قد نصب له فركب فرسه وركض به ناجياً بنفسه، وكانت ليلى هي السبب في نجاته. وفي هذا يقول توبة:
[ وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ٠٠٠ فقد رابني منها الغداة سفورها ]
تبرقعت اي خلعت الحجاب ولبست البرقع وهو اخف من الحجاب ويكشف الوجه.
تزوجت ليلى مرتين، وكان زواجها الأول من الأذلعي، الذي كان زوجاً غيوراً جداً، ويقال إنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة، ويقول آخرون أنه مات عنها. أما زوجها الثاني فهو سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا، وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة، ويقال إن ليلى أنجبت منه العديد من الأولاد.
كانت ليلى في ذلك الزمان مشهورة بين الأمراء والخلفاء، فحظيت بمكانة لائقة واحترام كبير. فأسمعت الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح ونالت منهم الترحيب والهبات والأعطيات. كذلك كان الشعراء يزورون ليلي لتحكم بينهم في جودة شعرهم، فكانت تفاضل بينهم ويقبلون حكمها.
وفدت ليلى على الخليفة الاموي معاوية بن أبي سفيان ولديها قصائد رثت فيها عثمان بن عفان ومدحت فيها معاوية، ووصفت في القصيدة ناقتها التي ركبتها وجابت بها الأرض لتصل إلى معاوية ليجود عليها من كرمه، تماماً كما فعل كعب بن زهير حين جاء الي رسول الله تائباً مستغفراً مادحاً اياه بالبردية، والتي كانت لامية، فلما خلع عليه رسول الله بردته سُميّت بالبردية.
سأل معاوية ليلي عن عشيقها توبة، هل كان حقاً كما وصفه الناس بالجمال والشجاعة والكرم . فقالت:
(( والله يا أمير المؤمنين لقد كان توبةُ أكبر مما وصفه به الناس، كان سبط البنان، حديد اللسان، شجى للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر)) --فسألها معاوية، "وما قلت فيه وله؟
" قالت : “قلت ولم أتعد الحق وعلمي به ” -----
فأعجب معاوية من وصفها توبة ومن جوابها، وأمر لها بجائزة سنية واستنشدها من شعرها في توبة.
عاشت ليلي الأخيلية إلي زمن عبد الملك بن مروان، وكانت على إتصال بالحجاج بن يوسف الثقفي، وبالأمويين عامة . وفي ذات يوم وفدت على الحجاج، فاستؤذن لها، فقال الحجاج - ولم يكن يعرفها لكنه كان قد سمع بها- "ومن ليلى ؟" قيل "ليلي الأخيلية صاحبة توبة"، فقال: "ادخلوها"، فدخلت عليه في مجلسه، فإذا امرأة طويلة جميلة، دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر. فسلمت عند دخولها، فرد عليها الحجاج ورحب بها، وأجلسها، ثم سألها عن سبب قدومها اليه، فقالت:" للسلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه" فقال لها الحجاج "وكيف خلفت قومك؟" قالت: "تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنهم الله عز وجل بك أيها الأمير، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم" ثم قالت: "ألا أنشدك ايها الأمير؟" فقال الحجاج: "إذا شئت" فقالت:
أحــجاج لا يفـلل سلاحك إنما ٠٠٠ المنـايا بكـف الله حيث تراها
-إذا هبـط الحجاجُ أرضاً مريضة ٠٠٠ تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها
-شفاها من الداءِ العضالِ الذي بها ٠٠٠ غـلامٌ إذا هـز القنـاةَ سقـاها
- ---سقاها دمــاءَ المارقينَ وعلـها ٠٠٠ إذا جمحت يوماً وخف أذاها
---إذا سمـعَ الحجـاجُ صوتَ كتيبةٍ ٠٠٠ أعـد لها قبـل النـزول قراها
انتهت ليلي من إنشاد قصيدتها، فقال الحجاج: "لله ما أشعرها"، وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال.
بعد خروج ليلي من مجلس الحجاج ومسيرها الي قومها، أقبل الحجاج على من كانوا في مجلسه وسألهم: " أتدرون من هذه؟" قالوا: "لا والله أيها الأمير، لكنا ما رأينا امرأة أصبح، وأفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً منها" فقال: "هذه ليلى الأخيلية صاحبة توبة الحميري". - ويقال أن الحجاج لم يكن يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت فيه عليه ليلى الأخيلية.
أشاد القدماء بليلى الأخيلية، وعدوها شاعرة فاقت أكثر الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. من الذين أعجبوا بشعرها الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ العديد من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره.
تتسم العاطفة في شعر ليلي الإخيلية بالهدوء والاستسلام للقدر على شيء من التفلسف والتأمل في الوجود. ويتبين من شعرها تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقولها:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا ٠٠٠حتى يدب على العصا، مشهورا ---تبـكي الرماح إذا فقدن أكفنا ٠٠٠ جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحـورا
ويلاحظ التأنق اللفظي في شعر ليلي الأخيلية، وهذا التأنق يأتي بعيداً عن التكلف والتعقيد. ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها الطباق، وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال. ومن سمات شعر الأخيلية التكرار اللفظي، وهذا التكرار مستحسن لدىها وغايته تأكيد المعنى والإكثار من الألفاظ المتشابهة، وهو الذي يعرفه البلاغيون بالطباق، وهو غير الجناس حيث تتفق احرف الكلمات وتختلف معانيها.
هناك روايتان في سبب موت ليلي الأخيلية، لكنهما تتفقان في السبب المباشر وتختلفان في الذي أدي إليه، هل كان ذلك باختيارها أم بطلبٍ من زوجها ؟
تقول الرواية الاولي إنه وفي ذات يوم أقبلت ليلى من سفر وأرادت أن تزور قبر توبة ومعها زوجها الذي كان يمنعها من زيارة القبر، لكنها أصرت وقالت: “والله لا أبرح حتى أسلم على توبة”. فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ما تشاء. فوقفت أمام القبر وقالت: -“السلام عليك يا توبة" فلما لم يرد علي سلامها تعجبت، وقالت لقومها: -- "والله ما عرفت له كذبة قط"، فلما سألوها عن ذلك قالت أليس هو القائل:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمـتْ علـيّ ٠٠٠ ودوني تربـةٌ وصـفائحٌ ---لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا ٠٠٠ إليها صدىً من جانبِ القبرِ صائحٌ (زقا بمعني قفز، والصدي هو الترديد، وكانت العرب تعتقد في أن الميت إن كان راضياً عمن يلقي اليه بالتحية صدرت عن القبر اشارة بمثابة رد علي التحية)
وقالت: " فما باله لم يسلم عليّ كما قال؟!"
وكانت بجانب القبر بومة، فلما رأت الهودج علي الجمل وسمعت الجمل يرغي، فزعت وطارت في وجه الجمل، مما أدى إلى اضطرابه، فجفل ورمى بليلى على رأسها فماتت من حينها، ودفنت بجانب قبر توبة. وكانت المنطقة تعرف بالريّ.
أما الرواية الثانية، فجاءت في كتاب قصص العرب، الجزء الثالث ، وتقول أن ليلى الأخيلية مرّت مع زوجها ، بقبر عشيقها توبة الحميري ، فقال لها زوجها ساخراً، وكان يغير من توبة حتي بعد وفاته بسبب الحب الذي كان بينه وبين زوجته ليلي ؛ "هذا قبر الكذّاب الذي قال:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمتْ عليَّ ٠٠٠ ودوني جَندلٌ وصفائحُ. ---لسلّمتُ تسليم البشاشة أو زقا ٠٠٠ إليها صدىً من جانب القبر صائحُ
فقالت ليلى الأخيلية لزوجها "دعه، فإنه قد مضي إلي حال سبيله" فقال ؛ "أقسمت عليك إلا ما دنوت منه ، فسلمتِ عليه"، فأبت ، فكرر عليها ذلك . فلما تقدمت إلى القبر ، وقالت ؛ "السلام عليك يا توبة" طار من جانب القبر طائرٌ كان هناك وزقا ، الأمر الذي أدّى إلى أن ينفر منه جمل ليلى ، فوقعت منه فاندقّت عنقها ، وماتت من وقتها، ودفنها زوجها بجوار قبر عشيقها توبة !!
لليلي الإخيلية العديد من دواوين الشعر في العشق والرثاء، وجم ذلك الرثاء في عشيقها توبة، وكان بينها وبين الشاعر النابغة الجعدي (وهو غير النابغة الذبياني) مهاجاة. توفيت ليلي في ساوة بما يعرف اليوم بمحافظة المُثني في العراق عندما كنت في طريقها إلى الري في إيران، وكان ذلك عام ٨٠ للهجرة، وهي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى تماضر ابنة الشريد، أو الخنساء كما اشتهرت.
كانت ليلي قد وفدت على عبد الملك بن مروان ، فسألها ؛ "ما الذي رأى توبة فيك حتى عشِقَكِ كل هذا العشق ؟" فأجابته ؛ "رأي فيّ ما رأى الناس فيك حتى جعلوك خليفة"
يرى الكتّاب القدماء أن أجود شعر ليلي الأخيلية هو ما رثت به توبة. كان الرثاء هو غرض القصيدة التي نظمتها ليلي الإخيلية بعد موت توبه. كان موت توبة ذاته من سوء الطالع، فقد كان فارساً وبطلاً لا يشق له غبار، وكانت له فرس تسبق الريح،،، فاجأه اعداؤه وهو قد خلع درعه وعلقه علي شجرة، وترك حصانه يرعي وجلس هو يستريح ويعد لنفسه طعاماً تحت الشجرة. لما انتبه توبه الي حركة اعدائه أسرع ليركب فرسه، لكن الفرس جفل وشرد، اسرع توبة فأخذ درعه ولبسه، لكنه في استعجاله لبس درعه فوق سيفه، ولما وصل اليه اول اعدائه لم يقدر علي امتشاق سيفه، فقُتَل قبل إن يستل سيفه.
جاءت القصيدة الذي رثت بها ليلي حبيبها توبه، ببنائيه فنيه رائعة، ومعالجه موضوعيه هيأت لها بافتتاحية القسم الذي مهد لشخصية المرثي الذي خانه الحظ فدارت عليه الدوائر ولقي حتفه وهو يكاد أن يكون أعزل من السلاح، والا لما تمكن من اعداؤه.
أقسمتُ أرثى بعدَ توبةَ هالكـــــــــــاً ٠٠٠ وأحفِلُ من دارتْ عليهِ الدوائرُ
لعَمركَ ما بالموتِ عارٌ على الفتى ٠٠٠ إذا لم تصبه في الحياةِ المعابرُ
وما أحدٌ حيا وإن كان سالمـــــــا ٠٠٠ بأخلد ممن غيّبتــــــهُ المقابـــــرُ
ومن كان مِما يُحدثُ الدهر جازعاً ٠٠٠ فلابد يوماً أن يُرى وهو صابر ُ
وليس لذي عيشٍ من الموتِ مذهبٌ ٠٠٠ وليس على الأيامِ والدهرُ غابِرُ
ولا الحيُ مما يُحدث الدهرُ معتبٌ ٠٠٠ ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ
وكل شبابٍ أو جـــــــــــديدٍ إلى بِلى ٠٠٠ وكلّ امرئٍ يوما إلى اللهِ صائرُ
وكلُ قريني أُلـــــــــــــــــــفةٍ لتفرقِ ٠٠٠ شتاتاً، وإن ضنّا، وطال التعاشُرُ
فلا ُيبعدنك الله يا توبَ هالكـــــــا ٠٠٠ أخا الحربِ إن ضاقتْ عليهِ المصادرُ
فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيكَ ما دعت ٠٠٠ على فننٍ ورقاءُ أو طارَ طـــــــائرُ --قتيلُ بني عوفٍ، فيا لهفتا له ٠٠٠ فمـا كنتُ إياهم عليه أُحــــــاذرُ
تفتح ليلي الاخيلية رثاءها باقسمت ارثي ...، اي لا ارثي، لان حياتها صحراء قاحله بعد فقدها حبيبها الذي لا تستطيع تعويضه. ويستمر صوت الذات الشاعره شاخصآ باستذكار الفقيد حتى النهاية، فقسم الختام - فاقسمت لا انفك ابكيك- يعني استمرار الحزن المرابط للطبيعه ومظاهرها ما دامت على قيد الحياة. والقصيدة تكشف عن قدره شعريه متميزه منحت صاحبتها موقعآ شعرياً مهما في القصيدة العربية، كون بنائها يعتمد التعامل مع اثارها النفسية في كل محور من محاورها من خلال وعي الطبيعة البناء، المتجاوز للتقليد. فهي تعتمدالحكمه في مضمونها مع اهتمامها بفلسفة الموت.
مع تحياتي والي شاعر او شاعرة أخري لعلها تكون الخنساء، تماضر ابنة الشريد، او لعلي اعود الي فلسفة الشك
كامل سيد احمد،،، لنكلن،،، بريطانيا
Subject: RE: [Elhakeem:5205] /١٥/١٤/ مزيد من الفلسفة
Date: Sun, 23 Aug 2015 10:31:44 +0000
Date: Sun, 23 Aug 2015 10:31:44 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W36A982F94E415DE9042BA7B3630%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 31, 2015, 1:36:06 AM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
أنواع الفن المسرحي
يشتمل الفن المسرحي علي خمسة تصنيفات هي:
١) ألأوبرا بأنواعها،
٢) المسرحيات التاريخية،
٣) المسرحيات الموسيقية،
٤) موسيقى الأفلام
٥) التراجيديا.
الي جانب هذه الخمسة أصناف من الفن المسرحي، هناك:
الأغنية القصيرة، الأوبراالموسيقية، الأوبريت، التمثيل الصامت (البانتومايم)، مسرحيات خيال الظل، ورقصة المهرجين...
كما أن هنالك الفاصل التمثيلي الذي يكون فصلاً قصيراً بين فصول المسرحية الرئيسية،
كذلك هناك الحركات الإيحائية التي هي أقرب إلي البانتومايم وقصص التهريج،،،،
وهناك مسرح العبث، ومسرح العصابات، ومسرح القسوة، و المسرح القصير، ومسرحيات الماسك أو القناع، ومسرحية الآلام، والمسرحية القصيرة، والمسرحية الكوميدية، والمسلاة الجادة والهزلية، والملهاة المأساوية، والمهزلة الشعبية، والتي هي نوع من أنواع الدراما، والمهزلة الشعبية القصيرة، وأخيرأ الميلودراما
نبدأ بالميلودراما،
لا لسبب إلا لأنها الأكثر انتشاراً من غيرها من الفنون المسرحية، ولأنها الفن المسرحي الذي تستطيبه العامة وتقبل عليه:
الميلودراما: أو المشجاة، (The Melodrama)
هي ذلك النوع من التمثيليات التي تزخر بالحوادث المثيرة وتتسم بالمبالغة في كل شيء،،،
فالممثلون يبالغون في التعبير عن عواطفهم وإنفعالاتهم،،،،
كما يبالغون في الحركات التمثيلية التي يؤدونها لكي يؤثروا في المتفرجين.
دائماً تكون شخصية الرجل الشرير (الخاين كما كان يقوم بالدور المليجي في الافلام المصرية القديمة، او توفيق الدقن) في الرواية مبالغ فيها،،،
كما أن البطل (كان يمثله ف يد شوقي، ثم جاء محمود يسن ونور الشريف وفاروق لبفيشاوي) دائماً ما يكون عفيف النفس، كريم الخُلق، شجاعاً جريئاً، جميل الصورة ،،،
ودائماً ما تكون البطلة حسناء، طيبة، طاهرة النفس، وقد تتسم بالبراءة والبساطة، والثقة في الآخرين مما يجعلها عرضة للاستغلال، ويعطي البطل الفرصة لانقاذها واثارة اعجاب المشاهدين.. أي أن كل شئ مخطط له لكي يتيح للبطل الفرصة ليظهر نبله وشهامته...
تقع في الرواية أو المسرحية، الميلودرامية، أو الفيلم الميلودرامي أحداث ومغامرات غير معقولة،، ومع ذلك فهي تنتهي دائما نهاية سعيدة.
(تذكرون طبعاً المسلسل التركي المدبلج 'مهند'، فهو خير مثال للملهاة).
بهذا المعنى يكون من الأساسي في الميلودراما علي المسرح استخدام الموسيقى لزيادة تأثير المشاهد العاطفية، أو استجابةً لطابع المشهد، والتعبير عن العواطف والانفعالات، والافكار التي تدور في عقول ابطال المسرحية ...
وبما ان استخدام هذا النوع من الموسيقى التصويرية، والمؤثرات الصوتية الأخري يلقانا تقريبا في كل مكان في السينما الحديثة، فبالتالي يمكننا أن نحكُم عليها جميعها بأنها تدخل تحت هذا التعريف للملهاة.
تتصف الميلودراما كما قلت بقالب موحد نسبيا :
فهناك ابطال يمثلون الصالح العام، يقابلهم اوغاد (أو خوّنة) يمثلون الشره والشر،،،
تقوم الموسيقي بدورها في الإشارة إلى هذه الشخصيات المتناقضة، وأفعالهم التي يقومون بها ... بعبارةٍ أخرى، الميلودراما تميل إلى ان تكون إنتاجاً مسبق الصنع تسير أحداثه بطريقة تقليدية،،،
هناك وغد (الخائن) يشكل تهديدا للصالح العام أو لأفراد المجتمع ،،، يتصدي له شخص مخلص (البطل) ملتزم بمجتمعه ... ينجح البطل بعد جهد ولأي في التغلب علي الوغد وإنقاذ المجتمع من شره، فيحتفل به الناس.
البطل دائماً ما يواجه التحدي والتهديد، لكنه لا يتواني ولا يتردد، فنداء الواجب يدفعه الي إن يعمل ويسعي لإنقاذ البطلة، والنهاية تكون في الأعم سعيدة، فهو ينقذها وقد يقعان في الحب وتوتة توتة خلصت الحدوتة، يعيشان في تبات ونبات، ينجبان الاولاد ولبنات،، تماما مثل قصص الاطفال مع تغييرات طفيفة لتناسب الكبار.
يستخدم مصطلح الميلودراما في هذه الأيام للإشارة إلى مسرحية، أو فيلم أو أي عمل تمثيلي يرمي إلي الاستدرار المبالغ فيه للمشاعر،،، أو إلي العنف من قِبل البطل بطريقة تجعل جمهور المشاهدين يتعاطف معه ويُعجَب به وبقدراته القتالية في التغلب علي الأشرار، وهزيمتهم ،،،،
غالباً ما يكون الموضوع الذي تتناوله الميلودراما هو الصراع بين الخير والشر بطريقة ليس فيها لبس،،، في هذا الصراع دائماً ما ينتصر الخير على الشر في نهاية المسرحية أو الفيلم (وهو عكس الواقع، لكن من الذي يريد إن يعيش الواقع في المسرح او السينما؟ الا يكفي إن نعيشه في الحياة فنري امثال المتعافي وبقية العصابة الانقاذية ينهبون ولا يعاقبون، فهم انما انقذوا انفسهم)،،،
هذا النوع من الأعمال يمكن انتقاده علي أنه من نوع الاعمال النمطية المتكررة، والتي لا تعكس الواقع الذي يعيشه الناس،، بل تعكس واقعاً آخر، هو الواقع المثالي الذي يتمناه الناس ويرجونه لمجتمعاتهم، لكنهم يقفون عاجزين عن تحقيقه،، فتمضي حياتهم في انتظاره، علي أمل ورجاء لا يتحققان،،،
فالناس وفي جميع عصور التاريخ المعروف، يعيشون أبداً علي آمل أن تتدخل في حياتهم قوي خفية، سمها القدر ان شئت، ينتظرون من هذه القوي إن تنشر السلام وتقيم العدل، وتردع الظالمين وتعيد اليهم حقوقهم المغتصبة، فيعم الرخاء ،،، إن لم يكن في هذه الحياة - وهو الذي يحدث- لكن المساكين لا يفقدون الامل في العدل والانصاف، فلا بأس أن يحدث هذا العدل بعد موتهم، لانهم سيبعثون وينتصف لهم ممن ظلموهم..
هكذا يعيش البشر علي رجاء دائم في ظهور ألبطل الأسطوري الذي يجئ العدل علي يديه،، ومهما طال الإنتظار فإنهم لا يقنعون ولا ييأسون، بل يظلون مؤمنين بقرب مجئ المُخَلِّص !!!
فالميلودراما لا تحمل جديداً للمشاهد، ولا تثير أمام عقله أسئلة تحفزه علي التفكير،،،
لكنها رغم ذلك أعمال يحتفي بها الناس، ويقبلون عليها بنهم غريب،، لأنها ملهاة ،،، ولأنها تلبي في عقول الكسالي من الناس ما يرغبون في رؤيته،،، هي الحلم وهي الأمل، وهي الرجاء الذي لولاه لغرقت النفوس في اليأس ولاستحالت الحياة،، فهي أفيون يتلذذ به الناس حيناً إلي أن يطويهم الموت، مثلها مثل اشياء كثيرة في هذه الحياة يستمسك بها الناس ولا يفرطون فيها رغم عدم معقوليتها ولا عقلانيتها، لكنها تعطي لحياتهم ولوجودهم معنيً وءن لم يفهموا ذلك المعني..
تؤكد الميلودراما للناس إيمانهم بجدوي الحياة مهما كانت حياتهم عديمة الجدوي، ومهما كان فيها من فقر ومعاناة، ومهما حفلت بالظلم،،، فهم يؤمنون أن الخير هو الذي ينتصر علي الشر في آخر الأمر رغم أن الأمر بخلاف ذلك، وما علي الإنسان المخدوع إلا إن ينظر حوله، بعين بصيرة، وعقل منفتح ليري حقائق الحياة كما هي عليه، لا كما يتمناها هو إن تكون عليه..
اذا قام الإنسان بذلك لوجد نفسه أمام الحقيقة السافرة للحياة،،، وهي حقيقة قبيحة،، فيها كثيراً ما ينتصر الشر علي الخير،، والظلم علي العدل، والخراب والدمار علي الانشاء والإعمار،، انظروا الي غزة، كم مرة بناها الخيرون، وكم مرة دمرها الاشرار،،
وأن الأشرار في الدنيا أكثر من الأخيار، وإنهم كثيراً ما يكونون أقوي من الخيرين،،
كل هذا يجعل الانسان ويدفع به دفعاً إلي أن يرتكن إلي الغيبيات، إلي إن الله سوف ينتقم من الاشرار، و ينتصر للإخيار،،، لكن هذا لم يحدث أبداً في التاريخ،، وهو لا ولن يقع في هذه الدنيا ولا في هذه الحياة،،
بل كما تقول الاديان السماوية الثلاث، يؤجل إلي الحياة الأُخري،،، يؤجل إلي يوم الحسابً، لكن حتي في يوم الحساب هناك شفاعات ومغفرة وقد ينجو كثيرون من العقاب، ايضاً كما تخبرنا الكتب السمارية، لكن الناس ساهون لاهون عن كل ذلك لإنه يناسبهم، والي ذلك اليوم فهم قانعون بما يحسبونه قدرهم ونصيبهم ،، يظلون يدعون لأنفسهم ويدعون علي عدوهم ،،،
ويبيتون في إنتظار الفرج أو إن يجئ الإنتقام من عدوهم من السماء،،،
والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة،
والملائكة لن تتنزل لتحارب أعداء المسلمين وتسلمهم النصر،،،
وهكذا يجعل المسلمون من دينهم أفيوناً تدمنه شعوبهم، فلا يعملون للنهوض بحالهم والخروج من الجُب الذي حفروه لانفسهم واستطابوا النوم فيه،، مخدرون واهمون،، ذاهلون عن ركب العلم تحت تخدير أفيونهم اللذيذ،،
هذا الشعور والاعتماد المفرط علي فرج السماء يقتل روح الثورة في الشعوب الاسلامية، ، ويدفعها دفعاً هيناً لا تشعر به الي الهزيمة، والي الاستسلام لواقعها البائس المرير،، وقبول المهانة والذُل علي أنهما مكتوبين عليها، ولا رافع لهما إلا الله.
هذه أمة قد أصبحت منوّمة من طول ما استسلمت له من هدهدة الدعاة وخرافاتهم،، ،، باتت قانعة بقبول الأمر الواقع عليها ،، والذي آمنت بأنه قضاءٌ وقدرٌ مقضي به، ومقدرٌ عليها منذ الأزل،، قدره عليها خالقها، الذي لا مرد لقضائه وقدره،،،
فليس إمامها والحال كذلك سوي ترضي بحظها دون تذمر ،،،، فهي إمة تحمد الله علي المكروه، وعلي فقد الاحبة، وعلي المرض والبلاء، تماماً كما تحمده علي النعمة،، والحمد والشكر علي النعمة ان كان مفهوماً لإن القرآن يقول { ولئن شكرتم لإزيدنكم} فيبدو لي إن الشكر علي البلاء قد يؤدي الي زيادته، وبما هو امتحان وابتلاء علي الامة أن تجتازه مستعينة بالصبر والجلد،، والقبول، فلعل البعض لا يمانعون في زيادة الابتلاءات والامتحانات،،،
كل ذلك يجري والأُمة الاسلامية تعيش في انتظار عدل مؤجل، يجئ اليها بعد أن تموت في فقرها وبؤسها ومظالمها،،
تبقي تحت التراب إلي ما شاء لها خالقها،، في انتظار نفخة الصور، فتبعث حية ليؤخد لها بحقها ممن ظلموها في هذه الحياة !!! .
كثير من الأفلام والمسلسلات التي يشاهدها الناس، وتتابعها الأُسر بشغف شديد علي الشاشة الصغيرة من نوع الميلودراما التي لا تحفذ العقل علي التفكير،،، ولا تضيف اليه شيئاً،،،
فهي بذلك حقاً مشجاة وشجيً،
يستطيبها المشاهدون ويجدون فيها ما يتمنونه لحياتهم،،،،
وما ذلك المسلسل التركي المدبلج الذي إنشغلت به وببطله النساء العربيات، فهامت قلوبهن العطشي الي الحب إعجاباً ووجداً ببطله 'مُهَنّدْ' - الذي لا يشبه رجال السودان ولا شبابه - عشقنه النساء وتمنين أن يصبح أزواجهن مثله فيعاملوهن بمثل الرقة التي يظهرها البطل في معاملته مع قريبته وعشيقته، ليس ذلك المسلسل بكل تفاهاته ببعيد عن ذواكرنا،، وما كان كل الذي فيه من الرومانسية التي اثارت في نسائنا العربيات المقصورات في البيوت والقصور، إو يعملن في المكاتب في اجواء شيمتها الجفاف العاطفي او عواطف انانيةً ممجوجة، غرضها اجسادهن وليس قلوبهن، ما كان ذلك إلا وهم نسجه الخيال فصدقته عقول نساء فاض بهن الشوق والحنين الي حرارة الحب فهن يتلهفن لرومانسية الرجل وحبه وعواطفه التي لا يبوح بها اغلب الرجال الشرقيين بحكم طبيعتهم وتربيتهم، وما كان كل ذلك سوي تمثيل ليس له ما يستند عليه من واقع الحياة في عالمنا الشرقي، ولا حتي في تركيا - اكثر الدول الاسلامية تقدماً وتحرراً - الدولة التي أنتجت العمل كعمل تجاري بحت لا لنشر اي نوع من الثقافة او الوعي، وذاك ديدن الرأسمالية.
والي لقاء، بل لاقل عودة الي كتاباتي عن الشك، اتناول فيها شيخ المعرة، وشاعرها وفيلسوفها عليه رحمة الله، وهنا ادعو الزملاء من اطباء النفوس إن يتحفوني بتعليقاتهم وأنا اتناول عاهة المعري واثرها في فلسفته وشعره،، ثم لعلي انثني بعدها عائداً الي بلدي فأكتب عن التجاني يوسف بشير عليه رحمة الله، ذلك الشاعر الذي لم يجد ما يستحقه في حياته وقد كان به جدير، ثم حتي بعد مماته لم يجد من الاهتمام ما تستحقه عبقريته.
هذا وارجو من الزميلات والزملاء المشاركة والتداخل، فالكتابة الي فئة صامتة مدعاة للملل وللاستغراب والشك في جدواها، ثم للكف وللتوقف عنها ومخاطبة آخرين، وارجو ان لا اضطر الي ذلك لإن الكتابة متعة لا يفسدها سوي ان تكتشف انك تكتب لمن لا يقرأون، وما دليلي علي قراءتهم الا ما يكتبونه تعليقاً علي ما كتبته وقرأوه فاثار شيئاً في عقولهم - او قلوبهم- استجابوا لنداه فكتبوا،،، وللذين يستعينون بالدين في كل حديث ان يذكروا ان اول سورة في القران الكريم اسمها سورة القلم، وأن اول امر تنزل عل نبينا عليه الصلاة والسلام كان هو "اقرأ" وليته تبعه ب "أكتب" وهو ما لم يفعله النبي طوال حياته بل اختار من يكتبون له القرآن بدل ان يكتبه بنفسه وقد كان بامكانه ان يكتبه بيده لو شاء.
يشتمل الفن المسرحي علي خمسة تصنيفات هي:
١) ألأوبرا بأنواعها،
٢) المسرحيات التاريخية،
٣) المسرحيات الموسيقية،
٤) موسيقى الأفلام
٥) التراجيديا.
الي جانب هذه الخمسة أصناف من الفن المسرحي، هناك:
الأغنية القصيرة، الأوبراالموسيقية، الأوبريت، التمثيل الصامت (البانتومايم)، مسرحيات خيال الظل، ورقصة المهرجين...
كما أن هنالك الفاصل التمثيلي الذي يكون فصلاً قصيراً بين فصول المسرحية الرئيسية،
كذلك هناك الحركات الإيحائية التي هي أقرب إلي البانتومايم وقصص التهريج،،،،
وهناك مسرح العبث، ومسرح العصابات، ومسرح القسوة، و المسرح القصير، ومسرحيات الماسك أو القناع، ومسرحية الآلام، والمسرحية القصيرة، والمسرحية الكوميدية، والمسلاة الجادة والهزلية، والملهاة المأساوية، والمهزلة الشعبية، والتي هي نوع من أنواع الدراما، والمهزلة الشعبية القصيرة، وأخيرأ الميلودراما
نبدأ بالميلودراما،
لا لسبب إلا لأنها الأكثر انتشاراً من غيرها من الفنون المسرحية، ولأنها الفن المسرحي الذي تستطيبه العامة وتقبل عليه:
الميلودراما: أو المشجاة، (The Melodrama)
هي ذلك النوع من التمثيليات التي تزخر بالحوادث المثيرة وتتسم بالمبالغة في كل شيء،،،
فالممثلون يبالغون في التعبير عن عواطفهم وإنفعالاتهم،،،،
كما يبالغون في الحركات التمثيلية التي يؤدونها لكي يؤثروا في المتفرجين.
دائماً تكون شخصية الرجل الشرير (الخاين كما كان يقوم بالدور المليجي في الافلام المصرية القديمة، او توفيق الدقن) في الرواية مبالغ فيها،،،
كما أن البطل (كان يمثله ف يد شوقي، ثم جاء محمود يسن ونور الشريف وفاروق لبفيشاوي) دائماً ما يكون عفيف النفس، كريم الخُلق، شجاعاً جريئاً، جميل الصورة ،،،
ودائماً ما تكون البطلة حسناء، طيبة، طاهرة النفس، وقد تتسم بالبراءة والبساطة، والثقة في الآخرين مما يجعلها عرضة للاستغلال، ويعطي البطل الفرصة لانقاذها واثارة اعجاب المشاهدين.. أي أن كل شئ مخطط له لكي يتيح للبطل الفرصة ليظهر نبله وشهامته...
تقع في الرواية أو المسرحية، الميلودرامية، أو الفيلم الميلودرامي أحداث ومغامرات غير معقولة،، ومع ذلك فهي تنتهي دائما نهاية سعيدة.
(تذكرون طبعاً المسلسل التركي المدبلج 'مهند'، فهو خير مثال للملهاة).
بهذا المعنى يكون من الأساسي في الميلودراما علي المسرح استخدام الموسيقى لزيادة تأثير المشاهد العاطفية، أو استجابةً لطابع المشهد، والتعبير عن العواطف والانفعالات، والافكار التي تدور في عقول ابطال المسرحية ...
وبما ان استخدام هذا النوع من الموسيقى التصويرية، والمؤثرات الصوتية الأخري يلقانا تقريبا في كل مكان في السينما الحديثة، فبالتالي يمكننا أن نحكُم عليها جميعها بأنها تدخل تحت هذا التعريف للملهاة.
تتصف الميلودراما كما قلت بقالب موحد نسبيا :
فهناك ابطال يمثلون الصالح العام، يقابلهم اوغاد (أو خوّنة) يمثلون الشره والشر،،،
تقوم الموسيقي بدورها في الإشارة إلى هذه الشخصيات المتناقضة، وأفعالهم التي يقومون بها ... بعبارةٍ أخرى، الميلودراما تميل إلى ان تكون إنتاجاً مسبق الصنع تسير أحداثه بطريقة تقليدية،،،
هناك وغد (الخائن) يشكل تهديدا للصالح العام أو لأفراد المجتمع ،،، يتصدي له شخص مخلص (البطل) ملتزم بمجتمعه ... ينجح البطل بعد جهد ولأي في التغلب علي الوغد وإنقاذ المجتمع من شره، فيحتفل به الناس.
البطل دائماً ما يواجه التحدي والتهديد، لكنه لا يتواني ولا يتردد، فنداء الواجب يدفعه الي إن يعمل ويسعي لإنقاذ البطلة، والنهاية تكون في الأعم سعيدة، فهو ينقذها وقد يقعان في الحب وتوتة توتة خلصت الحدوتة، يعيشان في تبات ونبات، ينجبان الاولاد ولبنات،، تماما مثل قصص الاطفال مع تغييرات طفيفة لتناسب الكبار.
يستخدم مصطلح الميلودراما في هذه الأيام للإشارة إلى مسرحية، أو فيلم أو أي عمل تمثيلي يرمي إلي الاستدرار المبالغ فيه للمشاعر،،، أو إلي العنف من قِبل البطل بطريقة تجعل جمهور المشاهدين يتعاطف معه ويُعجَب به وبقدراته القتالية في التغلب علي الأشرار، وهزيمتهم ،،،،
غالباً ما يكون الموضوع الذي تتناوله الميلودراما هو الصراع بين الخير والشر بطريقة ليس فيها لبس،،، في هذا الصراع دائماً ما ينتصر الخير على الشر في نهاية المسرحية أو الفيلم (وهو عكس الواقع، لكن من الذي يريد إن يعيش الواقع في المسرح او السينما؟ الا يكفي إن نعيشه في الحياة فنري امثال المتعافي وبقية العصابة الانقاذية ينهبون ولا يعاقبون، فهم انما انقذوا انفسهم)،،،
هذا النوع من الأعمال يمكن انتقاده علي أنه من نوع الاعمال النمطية المتكررة، والتي لا تعكس الواقع الذي يعيشه الناس،، بل تعكس واقعاً آخر، هو الواقع المثالي الذي يتمناه الناس ويرجونه لمجتمعاتهم، لكنهم يقفون عاجزين عن تحقيقه،، فتمضي حياتهم في انتظاره، علي أمل ورجاء لا يتحققان،،،
فالناس وفي جميع عصور التاريخ المعروف، يعيشون أبداً علي آمل أن تتدخل في حياتهم قوي خفية، سمها القدر ان شئت، ينتظرون من هذه القوي إن تنشر السلام وتقيم العدل، وتردع الظالمين وتعيد اليهم حقوقهم المغتصبة، فيعم الرخاء ،،، إن لم يكن في هذه الحياة - وهو الذي يحدث- لكن المساكين لا يفقدون الامل في العدل والانصاف، فلا بأس أن يحدث هذا العدل بعد موتهم، لانهم سيبعثون وينتصف لهم ممن ظلموهم..
هكذا يعيش البشر علي رجاء دائم في ظهور ألبطل الأسطوري الذي يجئ العدل علي يديه،، ومهما طال الإنتظار فإنهم لا يقنعون ولا ييأسون، بل يظلون مؤمنين بقرب مجئ المُخَلِّص !!!
فالميلودراما لا تحمل جديداً للمشاهد، ولا تثير أمام عقله أسئلة تحفزه علي التفكير،،،
لكنها رغم ذلك أعمال يحتفي بها الناس، ويقبلون عليها بنهم غريب،، لأنها ملهاة ،،، ولأنها تلبي في عقول الكسالي من الناس ما يرغبون في رؤيته،،، هي الحلم وهي الأمل، وهي الرجاء الذي لولاه لغرقت النفوس في اليأس ولاستحالت الحياة،، فهي أفيون يتلذذ به الناس حيناً إلي أن يطويهم الموت، مثلها مثل اشياء كثيرة في هذه الحياة يستمسك بها الناس ولا يفرطون فيها رغم عدم معقوليتها ولا عقلانيتها، لكنها تعطي لحياتهم ولوجودهم معنيً وءن لم يفهموا ذلك المعني..
تؤكد الميلودراما للناس إيمانهم بجدوي الحياة مهما كانت حياتهم عديمة الجدوي، ومهما كان فيها من فقر ومعاناة، ومهما حفلت بالظلم،،، فهم يؤمنون أن الخير هو الذي ينتصر علي الشر في آخر الأمر رغم أن الأمر بخلاف ذلك، وما علي الإنسان المخدوع إلا إن ينظر حوله، بعين بصيرة، وعقل منفتح ليري حقائق الحياة كما هي عليه، لا كما يتمناها هو إن تكون عليه..
اذا قام الإنسان بذلك لوجد نفسه أمام الحقيقة السافرة للحياة،،، وهي حقيقة قبيحة،، فيها كثيراً ما ينتصر الشر علي الخير،، والظلم علي العدل، والخراب والدمار علي الانشاء والإعمار،، انظروا الي غزة، كم مرة بناها الخيرون، وكم مرة دمرها الاشرار،،
وأن الأشرار في الدنيا أكثر من الأخيار، وإنهم كثيراً ما يكونون أقوي من الخيرين،،
كل هذا يجعل الانسان ويدفع به دفعاً إلي أن يرتكن إلي الغيبيات، إلي إن الله سوف ينتقم من الاشرار، و ينتصر للإخيار،،، لكن هذا لم يحدث أبداً في التاريخ،، وهو لا ولن يقع في هذه الدنيا ولا في هذه الحياة،،
بل كما تقول الاديان السماوية الثلاث، يؤجل إلي الحياة الأُخري،،، يؤجل إلي يوم الحسابً، لكن حتي في يوم الحساب هناك شفاعات ومغفرة وقد ينجو كثيرون من العقاب، ايضاً كما تخبرنا الكتب السمارية، لكن الناس ساهون لاهون عن كل ذلك لإنه يناسبهم، والي ذلك اليوم فهم قانعون بما يحسبونه قدرهم ونصيبهم ،، يظلون يدعون لأنفسهم ويدعون علي عدوهم ،،،
ويبيتون في إنتظار الفرج أو إن يجئ الإنتقام من عدوهم من السماء،،،
والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة،
والملائكة لن تتنزل لتحارب أعداء المسلمين وتسلمهم النصر،،،
وهكذا يجعل المسلمون من دينهم أفيوناً تدمنه شعوبهم، فلا يعملون للنهوض بحالهم والخروج من الجُب الذي حفروه لانفسهم واستطابوا النوم فيه،، مخدرون واهمون،، ذاهلون عن ركب العلم تحت تخدير أفيونهم اللذيذ،،
هذا الشعور والاعتماد المفرط علي فرج السماء يقتل روح الثورة في الشعوب الاسلامية، ، ويدفعها دفعاً هيناً لا تشعر به الي الهزيمة، والي الاستسلام لواقعها البائس المرير،، وقبول المهانة والذُل علي أنهما مكتوبين عليها، ولا رافع لهما إلا الله.
هذه أمة قد أصبحت منوّمة من طول ما استسلمت له من هدهدة الدعاة وخرافاتهم،، ،، باتت قانعة بقبول الأمر الواقع عليها ،، والذي آمنت بأنه قضاءٌ وقدرٌ مقضي به، ومقدرٌ عليها منذ الأزل،، قدره عليها خالقها، الذي لا مرد لقضائه وقدره،،،
فليس إمامها والحال كذلك سوي ترضي بحظها دون تذمر ،،،، فهي إمة تحمد الله علي المكروه، وعلي فقد الاحبة، وعلي المرض والبلاء، تماماً كما تحمده علي النعمة،، والحمد والشكر علي النعمة ان كان مفهوماً لإن القرآن يقول { ولئن شكرتم لإزيدنكم} فيبدو لي إن الشكر علي البلاء قد يؤدي الي زيادته، وبما هو امتحان وابتلاء علي الامة أن تجتازه مستعينة بالصبر والجلد،، والقبول، فلعل البعض لا يمانعون في زيادة الابتلاءات والامتحانات،،،
كل ذلك يجري والأُمة الاسلامية تعيش في انتظار عدل مؤجل، يجئ اليها بعد أن تموت في فقرها وبؤسها ومظالمها،،
تبقي تحت التراب إلي ما شاء لها خالقها،، في انتظار نفخة الصور، فتبعث حية ليؤخد لها بحقها ممن ظلموها في هذه الحياة !!! .
كثير من الأفلام والمسلسلات التي يشاهدها الناس، وتتابعها الأُسر بشغف شديد علي الشاشة الصغيرة من نوع الميلودراما التي لا تحفذ العقل علي التفكير،،، ولا تضيف اليه شيئاً،،،
فهي بذلك حقاً مشجاة وشجيً،
يستطيبها المشاهدون ويجدون فيها ما يتمنونه لحياتهم،،،،
وما ذلك المسلسل التركي المدبلج الذي إنشغلت به وببطله النساء العربيات، فهامت قلوبهن العطشي الي الحب إعجاباً ووجداً ببطله 'مُهَنّدْ' - الذي لا يشبه رجال السودان ولا شبابه - عشقنه النساء وتمنين أن يصبح أزواجهن مثله فيعاملوهن بمثل الرقة التي يظهرها البطل في معاملته مع قريبته وعشيقته، ليس ذلك المسلسل بكل تفاهاته ببعيد عن ذواكرنا،، وما كان كل الذي فيه من الرومانسية التي اثارت في نسائنا العربيات المقصورات في البيوت والقصور، إو يعملن في المكاتب في اجواء شيمتها الجفاف العاطفي او عواطف انانيةً ممجوجة، غرضها اجسادهن وليس قلوبهن، ما كان ذلك إلا وهم نسجه الخيال فصدقته عقول نساء فاض بهن الشوق والحنين الي حرارة الحب فهن يتلهفن لرومانسية الرجل وحبه وعواطفه التي لا يبوح بها اغلب الرجال الشرقيين بحكم طبيعتهم وتربيتهم، وما كان كل ذلك سوي تمثيل ليس له ما يستند عليه من واقع الحياة في عالمنا الشرقي، ولا حتي في تركيا - اكثر الدول الاسلامية تقدماً وتحرراً - الدولة التي أنتجت العمل كعمل تجاري بحت لا لنشر اي نوع من الثقافة او الوعي، وذاك ديدن الرأسمالية.
والي لقاء، بل لاقل عودة الي كتاباتي عن الشك، اتناول فيها شيخ المعرة، وشاعرها وفيلسوفها عليه رحمة الله، وهنا ادعو الزملاء من اطباء النفوس إن يتحفوني بتعليقاتهم وأنا اتناول عاهة المعري واثرها في فلسفته وشعره،، ثم لعلي انثني بعدها عائداً الي بلدي فأكتب عن التجاني يوسف بشير عليه رحمة الله، ذلك الشاعر الذي لم يجد ما يستحقه في حياته وقد كان به جدير، ثم حتي بعد مماته لم يجد من الاهتمام ما تستحقه عبقريته.
هذا وارجو من الزميلات والزملاء المشاركة والتداخل، فالكتابة الي فئة صامتة مدعاة للملل وللاستغراب والشك في جدواها، ثم للكف وللتوقف عنها ومخاطبة آخرين، وارجو ان لا اضطر الي ذلك لإن الكتابة متعة لا يفسدها سوي ان تكتشف انك تكتب لمن لا يقرأون، وما دليلي علي قراءتهم الا ما يكتبونه تعليقاً علي ما كتبته وقرأوه فاثار شيئاً في عقولهم - او قلوبهم- استجابوا لنداه فكتبوا،،، وللذين يستعينون بالدين في كل حديث ان يذكروا ان اول سورة في القران الكريم اسمها سورة القلم، وأن اول امر تنزل عل نبينا عليه الصلاة والسلام كان هو "اقرأ" وليته تبعه ب "أكتب" وهو ما لم يفعله النبي طوال حياته بل اختار من يكتبون له القرآن بدل ان يكتبه بنفسه وقد كان بامكانه ان يكتبه بيده لو شاء.
Subject: RE: [Elhakeem:5206] ليلي الاخيلية وتوبة الحميري
Date: Sun, 23 Aug 2015 15:11:10 +0000
Date: Sun, 23 Aug 2015 15:11:10 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W472694279D8D58C242CDA1B3630%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 31, 2015, 9:27:54 AM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
عن تعامل المسلمين مع القرآن:
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: بسم الله الرحمن الرحيم: -{وقال الرسول يا رب إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجورا (٣٠) وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفي بربك هادياً ونصيرا (٣١) } صدق الله العظيم
فما هو المقصود بهذه الاية؟ ما الذي يريد الله ان يحذرنا منه، ومن انها شكوي موعدها يوم القيامة والحشر، شكوي من، ودعوي ضد المسلمين سوف يقدمها النبي عليه الصلاة والسلام الي ربه الذي ارسله سراجاً منيراً للناس ومبشراً لهم ونزيراً من بين عذابٍ يوشك ان يلم بهم في دنياهم قبل آخرتهم؟ هم نفس القوم الذين يظنون - وقد خدعوا انفسهم بوضع الاحاديث علي لسان نبيهم - بان النبي سوف يشفع لهم يوم القيامة فينقذهم من العذاب ويدخلهم الجنة رغم ان اعمالهم في حيواتهم كانت ما كانت عليه من استحقاقهم للعذاب، ولكنها النفس الامارة بالسوء التي لا تنفك تأمر صاحبها باقتراف الذنوب وتخدعه بإمل الشفاعة بينما لا شفاعة للانسان سوي عمله، وما كان ربك بظلام للعبيد بل هو العدل الذي لا يظلم عنه احد من عبيده، وهو موفي بوعده ووعيده، وقد وعد وانذر فما كان لله ان يتراجع عن وعده ولا عن وعيده والا لانتفت عنه ثفة العدل تعالي عن ذلك ربنا تعالياً كبيراً.
لندع الجهل للجهلاء، والامل الكاذب للآملين في ربهم كذباً فسوف يرون ولنعود الي الاية فنقول، ما ينبئنا به المولي تبارك وتعالى في هذه الآيات وقبل وقوعه، إذ إنه سبحانه عالم الغيب والشهادة لا يطلع علي غيبه أحداً، لكنه هنا يطلعنا علي شئ هام من علم الغيب الذي لم يقع ولكنه واقع لا محالة، فهو حدث وواقعة مؤكدة ستحدث يوم القيامة والبعث. يخبرنا الخالق عن رسوله ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام، بأن النبي سيقول في يوم القيامة مخاطباً ربه، شاكياً إليه قومه من المسلمين : {يا رب، إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجورا }،
ذلك أن المشركين من قريش وأهل مكة من قوم النبي كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه ، كما قال تعالى: { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون }
(فصلت : ٢٦)
وكان المشركون إذ تلي عليهم النبي آيات القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره (يعني عملوا جوطة ود شة ) ، حتى لا يسمعوه . فهذا من هجرانه. أما الآن وقد انتشر الاسلام وكثر المسلمون حتي زاد عددهم عن المليار بكثير، اكثرهم في الدول الاسيوية غير العربية، فإن معني هجر القرآن قد إختلف عما كان عليه والمسلمون أقلية، فلم يعد الهجر بمعني عدم السماع، أو إثارة اللغط حتي لا يسمعه الاخرون، بل أصبح للهجر معانٍ أخري نراها ونتمثلها في كل لحظة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وفي ممارسات المسلمين الذين كادوا أن يتخذوا لأنفسهم كتباً موازية للقرآن يقرأونها ويحفظون ما فيها، ويجادلون بها، بعد أن أسموها كتب السيرة النبوية، والصحاح، وكتب التفسير والشرح، وكتب الفقه والسنة الخ .... والمسلمون إذ يقدمون علي ذلك ويظنون إنهم يفعلون خيراً لدينهم، إنما هم بذلك يهجرون القرآن الي كتب أخري ما انزلها الله بل كتبها البشر. هم بذلك يتركون النظر في القران ويهجرون تعلمه، وحفظه والعمل والاستشهاد بما فيه دون هذه الكتب التي كتبها البشر. كل هذا انما هو من أنواع هجر القرآن وتركه إلي غيره مما لم ينزله الله، ولم يتعهد بحفظه فهو لذلك عٰرضة للتحريف والتلاعب بالزيادة والنقصان والإدعاء تماماً كما أصاب كتب الامم الغابرة ودياناتها من التحريف.
كذلك فإن ترك الإيمان بالقرآن وتصديقه هو من هجره ، وترك تدبره وتفهمه من هجره ، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره ونواهية من هجره ، والعدول عنه إلى غيره من قول أو قصص وروايات، أو كلام نُسِب الي رسوله عليه الصلاة والسلام، أو إلي صحابته ثم تناقلته الالسن لسنوات كان فيها عرضة للنسيان، أو طريقة مأخوذة من غيره، كل ذلك من هجر القرآن، وجعله مهجورا.
قوله سبحانه وتعالي : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين }
أي : كما حصل لك - يا محمد - في قومك من الذين هجروا القرآن ، كذلك كان في الأمم الماضين; لأن الله جعل لكل نبي عدواً من المجرمين ، يدعون الناس إلى ضلالهم وكفرهم ، كما قال تعالى :
{ وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلي بعضٍ زُخرُف القولِ غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه (١١٢) فذرهم وما يفترون ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هُم مُقتَرِفون }
(الأنعام: ١١٢-١١٣)
ولهذا قال تعالي، هنا : { وكفي بربك هادياً ونصيرا }
أي : لمن اتبع رسوله ، وآمن بكتابه وصدقه واتبعه ، فإن الله هاديه وناصره في الدنيا والآخرة . وإنما قال : { هادياً ونصيرا } لأن المشركين كانوا يصدون الناس عن اتباع القرآن ، لئلا يهتدي أحدٌ به ، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن; فلهذا قال : { وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً من المجرمين وكفي بربك هادياً ونصيرا }
هل استنفد القرآن أغراضه فأفلس وعجز عن إثراء حياة المسلمين؟
هل لهذا الافلاس والعجز عن إثراء الحياة هجر المسلمون القرآن إلي كتب غيره يجدون فيها ما لا يجدونه في القرآن؟
هكذا يتساءل الشباب، ويضيفون: [لقد قام القرآن بدور كبير قبل أربعة عشر قرناً من الزمان عند نزوله، قام بجمع شمل بدو الجزيرة العربية علي شهادة إن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، ففتحوا بها البلاد، ودكوا الحصون وحكموا العباد، ونشروا دين الاسلام. إستمر هذا الدور طوال عصر الدولة العباسية فتوقفت الحروب وانتشرت الترجمة والعلوم، واصبحت العواصم العربية في بغداد ودمشق والقاهرة، وفي قرطاج وقرطبة واشبيلية محج طلاب العلم من كل حدب وصوب وأضاء النور الذي بثه العلماء المسلمين الظلام الذي ساد القارة الاوروبية ومنه استقت اوروبا نهضتها وبرز فيها عصر التنوير والنهضة، وتلت ذلك الثورتان العظيمتان الصناعية في بريطانيا، والفرنسية من باريس.
هل يستطيع الاسلام أن يقوم بدور تغييري في هذا العصر أيضا، أم أنه قد تغير، وانتهى مفعوله؟
الحقيقة أن القرآن لم يتغير، ولم يستنفد أغراضه، فالقرآن لا يزال الكتاب الإلهي الذي تنزل من السماء وحياً حمله ملاك الرب لإنقاذ البشرية، وهو يستطيع أن يقوم بدور كبير في البناء الحضاري في الوقت الراهن. لكن شيئاً هاماً وأساسياً قد تغيّر، إن الذي تغير هو المسلمون إنفسهم. تغيّر المسلمون في نظرتهم الي انفسهم وثقتهم فيها وفي مقدرتهم علي مواجهة نكستهم، تغيرت نظرة المسلمين الي بعضهم، والي دينهم،، تغيّرت نظرتهم الي ماضيهم التليد، والي حاضرهم المخزي والي مستقبلهم الذي يتخبطون في سيرهم نحوه وسعيهم اليه، وقد تشعبت بهم الطرق وانبهمت الدروب.
إن طريقة تعامل الأمة مع القرآن، وكيفية تلقيها لمفاهيمه ورؤاه تختلف اليوم بشكل جذري عما كانت عليه بالأمس. لقد كان المسلمون الأولون يفهمون القرآن كتابا للحياة، ومنهجا للتطبيق والتنفيذ، وأما المسلمون اليوم فهم يتعاملون مع القرآن بشكل معاكس تماماً.
فهل يتحمل القرآن ذنوب أتباعه؟
والآن...... لنلاحظ كيف يفهم المسلمون - اليوم - القرآن الكريم، وكيف يتعاملون معه. -والجواب: لقد عانت أمتنا - منذ أمد بعيد - مشاكل كثيرة في تعاملها مع القرآن الكريم، ولا زالت رواسب تلك المشاكل موجودة حتى الآن، فلننظر ماذا كانت تلك المشاكل. -
١) تحجيم التعامل مع القرآن: ويعني ذلك أن الأمة أخذت تحصر الاستفادة من القرآن في مجالات محدودة، فكثيرون من المسلمين اتخذوا القرآن طريقاً للكسب وباباً للاسترزاق. وآخرون اعتبروه وسيلةً للعلاج، فإذا ضعف بصر أحدهم، أو وجعته أسنانه، أو آلمته أمعاؤه، هرول إلى القرآن يتلو منه آيات بعينها حتى ترتفع عنه هذه الأسقام، وأما في غير هذه الحالة فلا شأن له بالقرآن. وهنالك مجموعات أخرى لا تفتح القرآن إلا عند الاستخارة أو حين السفر، أو عندما يموت أحد الأقارب، وليس أكثر من ذلك. أنني ورغم عدم إيماني بالجدوي العلاجية لتلاوة آيات وفتح الكتاب علي أخري، إلا إنني لا اعترض علي الاستفادة من القرآن في هذه المجالات، فهذا تحتمه المعتقدات والنشإة، والقوة الايحائية للقرآن وإنما انتقد تحديد الاستفادة من القرآن وحصرها ضمن هذه الإطارات الضيقة، والتي لم ينزل القرآن لإجلهاً بل لاجل رسالة اكبر بكثير وأسمي من كل هذا، هي هداية الناس.
إن القرآن كتاب حياة، يقول الله سبحانه: - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم }. - ولذلك فإنه يجب الانتفاع من القرآن في كل مجالات الحياة، وليس في مجال أومجالين.
٢) التلاوة السطحية للقرآن: إن أمتنا تقرأ القرآن، وتستمع إلى تلاوته ولكن كحروف بلا معنى، وكلمات بلا مفهوم، ومن هنا فإن إمة هذا تعاملها مع كتابها لا يمكن إن تدّعي إنها تعمل بالقرآن أو تتبعه كما هو مفروض عليها ومطلوب منها. ذلك لإنها بتلاوتها السطحية لكتاب الله لا يمكنها إن تفهم آياته فهماً صحيحاً، هو الفهم الذي اراده الله. إن الفهم الصحيح للآيات هو المقدمة الطبيعية للعمل بها، فينما كان المسلمون الأوائل لا يقرأون آية حتى يتفكروا في أبعادها المختلفة، وحتى يعوها بشكل كامل نجد المتأخرين من المسلمون يمرون علي الايات مروراً دون التوقف عندها والتفكر في معناها الظاهر، والمعني الخفي الذي اراده الله.
إن على من يقرأ القرآن أن يستثير عقله به، ويفقه ما وراءه من أبعاد كامنة، وإلا فسينطبق عليه حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال عن بعض الآيات: [[ ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها ]] واللحيين هما عظمتا الفم، أي الفكين الاعلي والاسفل]]
٣) الاهتمامات الثانوية: لإن أمتنا أهملت فهم لباب القران اندفعت في طريق البحث عن القشور، فأخذوا يصرفون جهودهم الي قضايا ثانوية، كان الأحرى بهم أن يصرفوها في مجالات أكثر تأثيراً وفائدة. فهذا أحدهم يقضي آماداً طويلة من عمره لكي يجيب على أسئلة من مثل: كم هي عدد كلمات القرآن؟ وكم عدد حروفه؟ وكم مرة تكرر حرف الألف؟ وكم مرة تكرر حرف الباء؟ وحرف التاء؟ وهكذا إلى آخر حروف الهجاء. وهل يتساوي عدد المرات التي ذكرت فيها الجنة والنار، والدنيا الاخرة، والثواب والعقاب، والسموات والارض؟ والله يعمل كم من الجهود صرفت في سبيل معرفة هذه القضايا الانصرافية، خصوصاً وأنها لم تتم في العصر الحديث حيث يسرت العقول الإلكترونية الأمر، بل تمت في عصور ماضية قضي لانجازها البعض الاف الساعات يحسبون ويدونون.
ثم نجد أن كثيراً من الدراسات التي كتبت حول القرآن لا تتناول إلا القضايا الهامشية، فمثلا في ١٢٣ كتاباً أُلف حول القرآن الكريم تجد أن ٣٦ منها تتحدث حول قضايا شكلية، مثلا: عدد آيات القرآن، والجمع والتثنية، طبقات القرّاء، نقط القرآن، الرومي والمعرب في القرآن.. الخ مما يعني إن حوالي ثلث الجهود والطاقات صرفت في قضايا جانبية لا إهمية لها، ولا علاقة لها بدراسة القران من إجل فهمه وتدبر معانيه. -مثال آخر للاهتمامات الثانوية للبعض عند قراءتهم القرآن، هو الاهتمام بأشخاص القصص القرآنية، وبقضايا هامشية في حياتهم تُنسي الفرد القضايا الهامة والعبر التي هي الهدف من ذكر القصة.
٤) الفهم التجزيئي للقرآن: ويعني فهم القرآن بشكل تفكيكي ينفصل بعضه عن البعض الآخر. وبعبارة أخرى، فهم كل آية قرآنية وكأنها عالم مستقل قائم بذاته من دون ربطها بالآيات الأخرى التي تسبقها والتي تليها، وقد يترتب على ذلك نتائج خطيرة.
٥) الفهم المصلحي للقرآن: ويشمل ذلك معنيين: -
أولهما فهم آيات القرآن بشكل يكرس مصالح الفرد في الحياة، ويبرر أهواءه وشهواته. وثانيهما الاقتصار على جانب معين من قيم القرآن وإهمال سائر الجوانب التي تتطلب من الإنسان العطاء والتضحية، مثلاً: يفهم القرآن في جانبه الذي يتحدث عن العبادة فحسب، لأن العبادة هي عادة درج عليها، ولا تكلفه كثيراً، ولكنه لا يفهم القرآن في جوانبه السلوكية والعملية والجهادية، لأن ذلك يكلفه مصالحه وأنانياته.
٦) الفهم الميت للقرآن: ويتم ذلك بفصل القرآن عن الواقع المُعاش، وربطه بقصص تاريخية، إو بأحداث سابقة من الصعب تكرارها، إو بقضايا غيبية ميتافيزيقية، جميعها لا تؤثر في الواقع القائم المعاش شيئا.
٧) الفهم بديلا عن العمل: إن القرآن صراط وطريق، وذلك يعني أن على الفرد أن يعبر من خلال القرآن إلى العمل بالقرآن، ومن هنا كانت الطلائع المسلمة في عصور الرسالة الأولى تفهم القرآن طريقاً للعمل، ومنهاجاً للمسير. ولكن أجيالنا الحاضرة تفهم القرآن هدفاً بذاته وليس وسيلة للعمل به، وهكذا، لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه - كما تنبأ بذلك الإمام علي عليه السلام من ذي قبل.
هذه هي أهم المشاكل التي عانت منها الأمة في تعاملها مع القرآن، وهذه المشاكل هي السبب في سقوط أمتنا في الحضيض. وعلي الأمة إن ارادت إصلاح إمرها أن تنفض عن نفسها غبار الماضي، وتبدأ في تعاملٍ جديد مع القرآن كما أراده الله سبحانه منا حتى يغير الله ما بنا، ويأخذ بأيدينا إلى القمة. وآمل أن يكون في هذه المقالات والتي تتضمن تصورات أولية في كيفية فهم بعض الايات بفك رموزها وبتأويل بعضها كما حاول كبار المعتزلة وقد كانوا اول عقل لهذه الامة، كانوا عقلها الذي انكرته واستنكرته كما لا تزال تفعل، فهي أمة لا تعترف للعقل بدور في حياتها ولا وجودها، فوجودها انما هو - كما تعتقد- وجود غيبي ليس له من تفسير سوي أنه نتيجة ل 'كان فيكون' غافلين عما يقوله القرآن من مثل { قُل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق} و مثل { انا انشإناكم اطوارا} وهنا قذ يتفق العلم مع الدين، وان لم يتفقا فقُل علي الدين السلام فليس هناك من عقل يرفض العلم والدليل ويقبل ما يقوله الدين، هذا ان كانذاك عقل، وما كل العقول عقول، فهناك عقول لا تستحق ان يقال عنها عقول. اولئك كانوا المعتزلة، اقدموا علي خطوة إلى فهم القرآن بشكل آخر، والتعامل معه بشكل جديد، والله الموفق وهو المستعان.
تحياتي، وانتظر التعليق، لا اشك ان الاخ والزميل القارئ الحصيف عثمان اورتشي سوف يعلق وليته يفعل، كما اتمني ان يقوم بذلك آخرون
كامل، لنكلن
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: بسم الله الرحمن الرحيم: -{وقال الرسول يا رب إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجورا (٣٠) وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفي بربك هادياً ونصيرا (٣١) } صدق الله العظيم
فما هو المقصود بهذه الاية؟ ما الذي يريد الله ان يحذرنا منه، ومن انها شكوي موعدها يوم القيامة والحشر، شكوي من، ودعوي ضد المسلمين سوف يقدمها النبي عليه الصلاة والسلام الي ربه الذي ارسله سراجاً منيراً للناس ومبشراً لهم ونزيراً من بين عذابٍ يوشك ان يلم بهم في دنياهم قبل آخرتهم؟ هم نفس القوم الذين يظنون - وقد خدعوا انفسهم بوضع الاحاديث علي لسان نبيهم - بان النبي سوف يشفع لهم يوم القيامة فينقذهم من العذاب ويدخلهم الجنة رغم ان اعمالهم في حيواتهم كانت ما كانت عليه من استحقاقهم للعذاب، ولكنها النفس الامارة بالسوء التي لا تنفك تأمر صاحبها باقتراف الذنوب وتخدعه بإمل الشفاعة بينما لا شفاعة للانسان سوي عمله، وما كان ربك بظلام للعبيد بل هو العدل الذي لا يظلم عنه احد من عبيده، وهو موفي بوعده ووعيده، وقد وعد وانذر فما كان لله ان يتراجع عن وعده ولا عن وعيده والا لانتفت عنه ثفة العدل تعالي عن ذلك ربنا تعالياً كبيراً.
لندع الجهل للجهلاء، والامل الكاذب للآملين في ربهم كذباً فسوف يرون ولنعود الي الاية فنقول، ما ينبئنا به المولي تبارك وتعالى في هذه الآيات وقبل وقوعه، إذ إنه سبحانه عالم الغيب والشهادة لا يطلع علي غيبه أحداً، لكنه هنا يطلعنا علي شئ هام من علم الغيب الذي لم يقع ولكنه واقع لا محالة، فهو حدث وواقعة مؤكدة ستحدث يوم القيامة والبعث. يخبرنا الخالق عن رسوله ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام، بأن النبي سيقول في يوم القيامة مخاطباً ربه، شاكياً إليه قومه من المسلمين : {يا رب، إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجورا }،
ذلك أن المشركين من قريش وأهل مكة من قوم النبي كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه ، كما قال تعالى: { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون }
(فصلت : ٢٦)
وكان المشركون إذ تلي عليهم النبي آيات القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره (يعني عملوا جوطة ود شة ) ، حتى لا يسمعوه . فهذا من هجرانه. أما الآن وقد انتشر الاسلام وكثر المسلمون حتي زاد عددهم عن المليار بكثير، اكثرهم في الدول الاسيوية غير العربية، فإن معني هجر القرآن قد إختلف عما كان عليه والمسلمون أقلية، فلم يعد الهجر بمعني عدم السماع، أو إثارة اللغط حتي لا يسمعه الاخرون، بل أصبح للهجر معانٍ أخري نراها ونتمثلها في كل لحظة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وفي ممارسات المسلمين الذين كادوا أن يتخذوا لأنفسهم كتباً موازية للقرآن يقرأونها ويحفظون ما فيها، ويجادلون بها، بعد أن أسموها كتب السيرة النبوية، والصحاح، وكتب التفسير والشرح، وكتب الفقه والسنة الخ .... والمسلمون إذ يقدمون علي ذلك ويظنون إنهم يفعلون خيراً لدينهم، إنما هم بذلك يهجرون القرآن الي كتب أخري ما انزلها الله بل كتبها البشر. هم بذلك يتركون النظر في القران ويهجرون تعلمه، وحفظه والعمل والاستشهاد بما فيه دون هذه الكتب التي كتبها البشر. كل هذا انما هو من أنواع هجر القرآن وتركه إلي غيره مما لم ينزله الله، ولم يتعهد بحفظه فهو لذلك عٰرضة للتحريف والتلاعب بالزيادة والنقصان والإدعاء تماماً كما أصاب كتب الامم الغابرة ودياناتها من التحريف.
كذلك فإن ترك الإيمان بالقرآن وتصديقه هو من هجره ، وترك تدبره وتفهمه من هجره ، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره ونواهية من هجره ، والعدول عنه إلى غيره من قول أو قصص وروايات، أو كلام نُسِب الي رسوله عليه الصلاة والسلام، أو إلي صحابته ثم تناقلته الالسن لسنوات كان فيها عرضة للنسيان، أو طريقة مأخوذة من غيره، كل ذلك من هجر القرآن، وجعله مهجورا.
قوله سبحانه وتعالي : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين }
أي : كما حصل لك - يا محمد - في قومك من الذين هجروا القرآن ، كذلك كان في الأمم الماضين; لأن الله جعل لكل نبي عدواً من المجرمين ، يدعون الناس إلى ضلالهم وكفرهم ، كما قال تعالى :
{ وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلي بعضٍ زُخرُف القولِ غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه (١١٢) فذرهم وما يفترون ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هُم مُقتَرِفون }
(الأنعام: ١١٢-١١٣)
ولهذا قال تعالي، هنا : { وكفي بربك هادياً ونصيرا }
أي : لمن اتبع رسوله ، وآمن بكتابه وصدقه واتبعه ، فإن الله هاديه وناصره في الدنيا والآخرة . وإنما قال : { هادياً ونصيرا } لأن المشركين كانوا يصدون الناس عن اتباع القرآن ، لئلا يهتدي أحدٌ به ، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن; فلهذا قال : { وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً من المجرمين وكفي بربك هادياً ونصيرا }
هل استنفد القرآن أغراضه فأفلس وعجز عن إثراء حياة المسلمين؟
هل لهذا الافلاس والعجز عن إثراء الحياة هجر المسلمون القرآن إلي كتب غيره يجدون فيها ما لا يجدونه في القرآن؟
هكذا يتساءل الشباب، ويضيفون: [لقد قام القرآن بدور كبير قبل أربعة عشر قرناً من الزمان عند نزوله، قام بجمع شمل بدو الجزيرة العربية علي شهادة إن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، ففتحوا بها البلاد، ودكوا الحصون وحكموا العباد، ونشروا دين الاسلام. إستمر هذا الدور طوال عصر الدولة العباسية فتوقفت الحروب وانتشرت الترجمة والعلوم، واصبحت العواصم العربية في بغداد ودمشق والقاهرة، وفي قرطاج وقرطبة واشبيلية محج طلاب العلم من كل حدب وصوب وأضاء النور الذي بثه العلماء المسلمين الظلام الذي ساد القارة الاوروبية ومنه استقت اوروبا نهضتها وبرز فيها عصر التنوير والنهضة، وتلت ذلك الثورتان العظيمتان الصناعية في بريطانيا، والفرنسية من باريس.
هل يستطيع الاسلام أن يقوم بدور تغييري في هذا العصر أيضا، أم أنه قد تغير، وانتهى مفعوله؟
الحقيقة أن القرآن لم يتغير، ولم يستنفد أغراضه، فالقرآن لا يزال الكتاب الإلهي الذي تنزل من السماء وحياً حمله ملاك الرب لإنقاذ البشرية، وهو يستطيع أن يقوم بدور كبير في البناء الحضاري في الوقت الراهن. لكن شيئاً هاماً وأساسياً قد تغيّر، إن الذي تغير هو المسلمون إنفسهم. تغيّر المسلمون في نظرتهم الي انفسهم وثقتهم فيها وفي مقدرتهم علي مواجهة نكستهم، تغيرت نظرة المسلمين الي بعضهم، والي دينهم،، تغيّرت نظرتهم الي ماضيهم التليد، والي حاضرهم المخزي والي مستقبلهم الذي يتخبطون في سيرهم نحوه وسعيهم اليه، وقد تشعبت بهم الطرق وانبهمت الدروب.
إن طريقة تعامل الأمة مع القرآن، وكيفية تلقيها لمفاهيمه ورؤاه تختلف اليوم بشكل جذري عما كانت عليه بالأمس. لقد كان المسلمون الأولون يفهمون القرآن كتابا للحياة، ومنهجا للتطبيق والتنفيذ، وأما المسلمون اليوم فهم يتعاملون مع القرآن بشكل معاكس تماماً.
فهل يتحمل القرآن ذنوب أتباعه؟
والآن...... لنلاحظ كيف يفهم المسلمون - اليوم - القرآن الكريم، وكيف يتعاملون معه. -والجواب: لقد عانت أمتنا - منذ أمد بعيد - مشاكل كثيرة في تعاملها مع القرآن الكريم، ولا زالت رواسب تلك المشاكل موجودة حتى الآن، فلننظر ماذا كانت تلك المشاكل. -
١) تحجيم التعامل مع القرآن: ويعني ذلك أن الأمة أخذت تحصر الاستفادة من القرآن في مجالات محدودة، فكثيرون من المسلمين اتخذوا القرآن طريقاً للكسب وباباً للاسترزاق. وآخرون اعتبروه وسيلةً للعلاج، فإذا ضعف بصر أحدهم، أو وجعته أسنانه، أو آلمته أمعاؤه، هرول إلى القرآن يتلو منه آيات بعينها حتى ترتفع عنه هذه الأسقام، وأما في غير هذه الحالة فلا شأن له بالقرآن. وهنالك مجموعات أخرى لا تفتح القرآن إلا عند الاستخارة أو حين السفر، أو عندما يموت أحد الأقارب، وليس أكثر من ذلك. أنني ورغم عدم إيماني بالجدوي العلاجية لتلاوة آيات وفتح الكتاب علي أخري، إلا إنني لا اعترض علي الاستفادة من القرآن في هذه المجالات، فهذا تحتمه المعتقدات والنشإة، والقوة الايحائية للقرآن وإنما انتقد تحديد الاستفادة من القرآن وحصرها ضمن هذه الإطارات الضيقة، والتي لم ينزل القرآن لإجلهاً بل لاجل رسالة اكبر بكثير وأسمي من كل هذا، هي هداية الناس.
إن القرآن كتاب حياة، يقول الله سبحانه: - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم }. - ولذلك فإنه يجب الانتفاع من القرآن في كل مجالات الحياة، وليس في مجال أومجالين.
٢) التلاوة السطحية للقرآن: إن أمتنا تقرأ القرآن، وتستمع إلى تلاوته ولكن كحروف بلا معنى، وكلمات بلا مفهوم، ومن هنا فإن إمة هذا تعاملها مع كتابها لا يمكن إن تدّعي إنها تعمل بالقرآن أو تتبعه كما هو مفروض عليها ومطلوب منها. ذلك لإنها بتلاوتها السطحية لكتاب الله لا يمكنها إن تفهم آياته فهماً صحيحاً، هو الفهم الذي اراده الله. إن الفهم الصحيح للآيات هو المقدمة الطبيعية للعمل بها، فينما كان المسلمون الأوائل لا يقرأون آية حتى يتفكروا في أبعادها المختلفة، وحتى يعوها بشكل كامل نجد المتأخرين من المسلمون يمرون علي الايات مروراً دون التوقف عندها والتفكر في معناها الظاهر، والمعني الخفي الذي اراده الله.
إن على من يقرأ القرآن أن يستثير عقله به، ويفقه ما وراءه من أبعاد كامنة، وإلا فسينطبق عليه حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال عن بعض الآيات: [[ ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها ]] واللحيين هما عظمتا الفم، أي الفكين الاعلي والاسفل]]
٣) الاهتمامات الثانوية: لإن أمتنا أهملت فهم لباب القران اندفعت في طريق البحث عن القشور، فأخذوا يصرفون جهودهم الي قضايا ثانوية، كان الأحرى بهم أن يصرفوها في مجالات أكثر تأثيراً وفائدة. فهذا أحدهم يقضي آماداً طويلة من عمره لكي يجيب على أسئلة من مثل: كم هي عدد كلمات القرآن؟ وكم عدد حروفه؟ وكم مرة تكرر حرف الألف؟ وكم مرة تكرر حرف الباء؟ وحرف التاء؟ وهكذا إلى آخر حروف الهجاء. وهل يتساوي عدد المرات التي ذكرت فيها الجنة والنار، والدنيا الاخرة، والثواب والعقاب، والسموات والارض؟ والله يعمل كم من الجهود صرفت في سبيل معرفة هذه القضايا الانصرافية، خصوصاً وأنها لم تتم في العصر الحديث حيث يسرت العقول الإلكترونية الأمر، بل تمت في عصور ماضية قضي لانجازها البعض الاف الساعات يحسبون ويدونون.
ثم نجد أن كثيراً من الدراسات التي كتبت حول القرآن لا تتناول إلا القضايا الهامشية، فمثلا في ١٢٣ كتاباً أُلف حول القرآن الكريم تجد أن ٣٦ منها تتحدث حول قضايا شكلية، مثلا: عدد آيات القرآن، والجمع والتثنية، طبقات القرّاء، نقط القرآن، الرومي والمعرب في القرآن.. الخ مما يعني إن حوالي ثلث الجهود والطاقات صرفت في قضايا جانبية لا إهمية لها، ولا علاقة لها بدراسة القران من إجل فهمه وتدبر معانيه. -مثال آخر للاهتمامات الثانوية للبعض عند قراءتهم القرآن، هو الاهتمام بأشخاص القصص القرآنية، وبقضايا هامشية في حياتهم تُنسي الفرد القضايا الهامة والعبر التي هي الهدف من ذكر القصة.
٤) الفهم التجزيئي للقرآن: ويعني فهم القرآن بشكل تفكيكي ينفصل بعضه عن البعض الآخر. وبعبارة أخرى، فهم كل آية قرآنية وكأنها عالم مستقل قائم بذاته من دون ربطها بالآيات الأخرى التي تسبقها والتي تليها، وقد يترتب على ذلك نتائج خطيرة.
٥) الفهم المصلحي للقرآن: ويشمل ذلك معنيين: -
أولهما فهم آيات القرآن بشكل يكرس مصالح الفرد في الحياة، ويبرر أهواءه وشهواته. وثانيهما الاقتصار على جانب معين من قيم القرآن وإهمال سائر الجوانب التي تتطلب من الإنسان العطاء والتضحية، مثلاً: يفهم القرآن في جانبه الذي يتحدث عن العبادة فحسب، لأن العبادة هي عادة درج عليها، ولا تكلفه كثيراً، ولكنه لا يفهم القرآن في جوانبه السلوكية والعملية والجهادية، لأن ذلك يكلفه مصالحه وأنانياته.
٦) الفهم الميت للقرآن: ويتم ذلك بفصل القرآن عن الواقع المُعاش، وربطه بقصص تاريخية، إو بأحداث سابقة من الصعب تكرارها، إو بقضايا غيبية ميتافيزيقية، جميعها لا تؤثر في الواقع القائم المعاش شيئا.
٧) الفهم بديلا عن العمل: إن القرآن صراط وطريق، وذلك يعني أن على الفرد أن يعبر من خلال القرآن إلى العمل بالقرآن، ومن هنا كانت الطلائع المسلمة في عصور الرسالة الأولى تفهم القرآن طريقاً للعمل، ومنهاجاً للمسير. ولكن أجيالنا الحاضرة تفهم القرآن هدفاً بذاته وليس وسيلة للعمل به، وهكذا، لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه - كما تنبأ بذلك الإمام علي عليه السلام من ذي قبل.
هذه هي أهم المشاكل التي عانت منها الأمة في تعاملها مع القرآن، وهذه المشاكل هي السبب في سقوط أمتنا في الحضيض. وعلي الأمة إن ارادت إصلاح إمرها أن تنفض عن نفسها غبار الماضي، وتبدأ في تعاملٍ جديد مع القرآن كما أراده الله سبحانه منا حتى يغير الله ما بنا، ويأخذ بأيدينا إلى القمة. وآمل أن يكون في هذه المقالات والتي تتضمن تصورات أولية في كيفية فهم بعض الايات بفك رموزها وبتأويل بعضها كما حاول كبار المعتزلة وقد كانوا اول عقل لهذه الامة، كانوا عقلها الذي انكرته واستنكرته كما لا تزال تفعل، فهي أمة لا تعترف للعقل بدور في حياتها ولا وجودها، فوجودها انما هو - كما تعتقد- وجود غيبي ليس له من تفسير سوي أنه نتيجة ل 'كان فيكون' غافلين عما يقوله القرآن من مثل { قُل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق} و مثل { انا انشإناكم اطوارا} وهنا قذ يتفق العلم مع الدين، وان لم يتفقا فقُل علي الدين السلام فليس هناك من عقل يرفض العلم والدليل ويقبل ما يقوله الدين، هذا ان كانذاك عقل، وما كل العقول عقول، فهناك عقول لا تستحق ان يقال عنها عقول. اولئك كانوا المعتزلة، اقدموا علي خطوة إلى فهم القرآن بشكل آخر، والتعامل معه بشكل جديد، والله الموفق وهو المستعان.
تحياتي، وانتظر التعليق، لا اشك ان الاخ والزميل القارئ الحصيف عثمان اورتشي سوف يعلق وليته يفعل، كما اتمني ان يقوم بذلك آخرون
كامل، لنكلن
Subject: [Elhakeem:5240] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
Date: Mon, 31 Aug 2015 05:35:58 +0000
Date: Mon, 31 Aug 2015 05:35:58 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W6AD3900C7A9A24BBE57B0B36B0%40phx.gbl.
nahla abbas
Aug 31, 2015, 10:09:29 AM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
تحياتي كامل
لطالما تساءلت..
ما سر جيمس بوند..شجيع السينما الانجليزية؟!
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W6AD3900C7A9A24BBE57B0B36B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 31, 2015, 12:08:54 PM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
من ذكريات سنة البرلم لطالبين عطبراويين:
the Preliminary Year
تأهلنا لدخول جامعة الخرطوم من عطبرة الثانوية في العام الدراسي ١٩٧٠- ١٩٧١ وكان منا ٢٧ في مساق الأحياء، كنت الوحيد من فصلي، وكان الباقون من فصلي باستير ونيوتن،، منهم ماجد مصطفي السيد، وعوض الكريم أحمد دفع الله، وطه تكروني، وعلي أحمد إبراهيم، وعادل يعقوب، ومحمد أحمد خليفة، وجمال، والخير، وأحمد حسين، وعبد الباسط،، وكان هناك آخرون لا تسعفني الذاكرة بتذكر أسمائهم بعد أن تكاثرت فيها الثقوب، وطال عليها الزمن وبعدت بها الشقة. ،،
كانت سنتنا الاولي في البركس، بحجراتها المكتظة، فكنا اربعة في الحجرة التي بها اربعة اسرة، سريرين 'بنك' سرير فوق سرير، يقابله آخر فوق آخر. كنا متوكل عبد المجيد ماهر وأنا علي سرير بنك (bunk) ، انا علي الادني ومتوكل علي الاعلي ، وعبد الباسط وبابكر محيسي علي السرير البنك الآخر.
كانت المنافسة حامية وشديدة، في نهاية العام نجح في الدخول الي كلية الطب من غرفتنا بابكر محيسي وشخصي، وذهب عبد الباسط الي كلية الزراعة ولا اعلم اين انتهي به المطاف،، اما متوكل والذي تربطني به رابطة النوبية والقرابة فقد ذهب الي كلية البيطرة، وبعد اكمال دراسته نال درجة الدكتوراة، وهو الآن طبيب بيطري من الدرجة الاولي وباحث، ومسؤول في احدي وحدات الأبحاث البيطرية بالسودان.
كان كل طالب من ال ٧٢٠ الذين قبلتهم كلية العلوم قسم الاحياء جديراً بدخول كلية الطب، لا فرق بين اول ال ٧٢٠ وآخرهم، فكل منهم كان اول، او ثاني او ثالث فصله ودفعته، فكانوا حقاً زبدة شباب السودان، لكن ضيق الفرص، ووجود كلية طب واحدة في البلد حتم اختيار بضعة منهم، وليس لدي شك في أنه لو أُعيد الامتحان النهائي لاختلفت النتيجة، ولتأخر بعض ممن تقدموا وتأهلوا لدخول كلية الطب، ولتأهل بعض ممن تأخر وتخلفوا عن الدخول، ولانقلب الحال، لكن بعضاً بعينهم كانوا سيتأهلون مهما أُعيد الإمتحان، ولو لمئة مرة فقد كانوا صفوة الصفوة، وكانوا جديرين بدراسة الطب حتي لم كان القبول لعشرة أو عشرين طالباً لكانوا من ضمن اولئك المحظوظين.
من هؤلاء ال ٢٧ من ' أولاد عطبرة' كما سمانا الزملاء، ولا اشك في إن ماجد كان سيكون منهم وربما شخصي معه فقد كانت ثقتنا في مقدراتنازالعقليه لا يقربها الشك، وما شككنا يوماً في انا متاهلون لدخول كلية الطب او اي كلية نضعها نصب اعيننا. انتهي العام وتاهل من ال ٢٧ من اولاد عطبرة سبعة لكلية الطب وكلية الاسنان وهي نسبة بلا شك كبيرة تزيد قليلاً عن ال ٢٥٪ ،، توجهت الغالبية الي كليات الزراعة والبيطرة، وغيرها من 'الكلالي'.
كانت هناك مجموعة صغيرة من الزملاء الذين اختاروا مساق الرياضيات وتوجهوا الي كلية الهندسة، منهم بكري محمد عبد الماجد انبغ الزملاء، وقد زاملته منذ المرحلة الوسطي وهو الان بروفيسور في قسم الهندسة في الولايات المتحدة الامريكية، جامعة وينونا، ، واولاد العمراني، محمد عثمان، وفاروق عليه رحمة الله، وحسين الحسن، واتجه الخضرين، خضر حسن عليه رحمة الله، الذي توفي وهو طالب في السنة الثانية بعد اصابته بالجنون، وخضر محمد عبد الباسط (كان اول المدرسة وسادس السودان) الي كلية الرياضيات، ولا اعلم اين هو الآن.. اتجه نور الدين أحمد مقلد الي كلية الاقتصاد وكان جديراً بدخول الطب او الهندسة إن شاء، وهو الان حامل لشهادة الدكتوراة ويعمل محاضراً بإحدي الجامعات بالسودان، وذهب محمد نور تيراب (هير تيبو) -الذي نمي الي علمي انه انضم الي المحاربين في غرب السودان - الي كلية الآداب، وذهب محمد علي صالح داؤد (ود الناظر) الي كلية القانون،، وهو الان قاضي في المحكمة العليا في السودان بعد عودته من الامارات، لا أذكر إكثر من هؤلاء.
كانت سنة البرلم سنة فريدة في نوعها، فهي سنتنا الاولي في الجامعة وأول تجربة لنا في الدراسة المختلطة، يعني معنا في الفصل بنات،، أو 'فشيخ' كما يسميهم عمر الفاروق كبروس، ويؤيده ماجد،،، كانت حاجة عجيبة، اسعدتنا واخافتنا في نفس الوقت، رغبة ورهبة، وخوف وخجل ووجل. أن يكن معنا جنس لطيف، بنات، حسناوات يفيض عطرهن عليك فتدوخ، يكن معنا في فصل واحد، ننظر اليهن، ونشم عبيرهن، فقد كنا من اصحاب ذلك الشاعر الذي قال ( ان النساء رياحيناً خلقن لنا ٠٠٠ وكلنا يشتهي شمُ الرياحين)، وقد صدق في عجز البيت اذ كنا كلنا نشتهي شمهن، وكذب في صدر البيت، فإنهم ما خُلِقن لنا نحن اولاد الارياف والاقاليم، بل خُلقن لمن يطيقون خلطهن من سحاسيح العاصمة، والذين اصبح اسمهم في هذه الاعوام الاخيرة، وبعد تفشي ظاهرة الهجرة، الحناكيش، وهؤلاء سودانيون ولدوا في الغربة، شرقاً وغرباً.. كيف لنا إن نتعامل مع هذا الجنس الناعم، الجميل اللطيف، معاملة الزملاء! أقصد الزميلات! ، كان ذلك حدث الاحداث، وموضوع بقينا نعافر فيه الي يوم تخرجنا..
كذلك كانت هناك المنافسة الشديدة بين ال ٧٢٠ طالب الذين لا يكاد يفرق بينهم شئ في معدل الذكاء، فكلهم حقيق بدخول الطب إن بذل جهداً كافياً،، يجلسون جميعاً في آخر العام لإمتحانات تفرق بينهم وتختار منهم ال ١٧٠ الاوائل الذين يدخلون الي كلية الطب، ويفترض أن يكون العدد ١٨٠، لكن دائماً ما يكون في السنة الاولي طب - الثانية جامعة - من تقرر عليهم اعادة السنة.
كانت الدراسة ولإول مرة تتم باللغة الانجليزية، يدخل المحاضر ويبدإ في القاء المحاضرة ونحاول كتابة بعض ما يقول، وبعد ساعة من الاستماع ومحاولة الكتابة نجد اننا كتبنا كلمات متفرقة علي عدد من السطور علي إمل إن نملأ 'الاماكن الخالية' في وقت لاحق، ولكن اني ذلك وهو كلمات لم يحط بها أحد سوي بعض اولاد وبنات كمبوني. كانت هناك معاينة بعد ظهور النتائج، ولم افهم الي الان الغرض منها، فلم اسمع بطالب اهلته نتيجته لدخول الكلية وتم ابعاده بسبب المعاينة، وءذكر انني سئلت في المعاينة عن الامراض التي لاحظت انتشارها في المنطقة التي جئت منها وهي حلفا، فذكرت الحوص بسبب التراكوما.
كان علينا أن نعتاد علي حياة الداخلية، وهذه الحرية الجديدة التي لا يعكر صفوها أسئلة الأهل من مثل "امبارح رجعت البيت متين ؟ وكُنت وين لي آخر الليل؟ وكنت مع من ؟" كذلك لم يكن من خوف إن كنت قد أكثرت من الترويح عن نفسك واطلت من معانقة الارواح، فاصابك الدوار وظهرت لك الاشياء مزدوجة، او ازواجاً كما خلقها المولي سبحانه، ثم تحرك بك سريرك، أو تمايل سقف الغرفة إمام عينيك فبدأت في العزف المنفرد، أو الجماعي إن سرت العدوي الي احد ندماء الليلة الماضية،،،، وشعرت بأن معدتك علي وشك الدخول الي بلعومك والخروج من فمك،،، وقد تسمع الجماعة يضحكون،، وينصحون، "ادوه مويه، كتروا ليهو المويه".
كان علينا أن نتعامل مع 'الفشيخ' وتلك كانت الطامة الكبري، وكلما كانت البنت جميلة كلما ازدادت الرهبة وصعوبة الحديث اليها،، فكيف لنا ونحن الذين لم نعتاد علي الحديث الي الوجوه الصبيحة الجميلة، وما اعتدنا الاستماع الي الصوت الانثوي الآسر، وذلك الاريج الذي تنثره الانثي حرلها دون ان تدري، والنظر الي الاعين النجلاء، كيف لنا ان نقاوم كل ذلك والتستيرون يفعل بنا ما يفعل، وخلق القرية وادابها تقف حائلاً منيعاً دون الاستجابة الي الرغبات البهيمية التي تسيطر علي كل حاسة من حواسك وانت تلاقي نصفك الآخر - الناعم - الذي قال الله انه خلقه لنا من انفسنا لنسكن اليه، وجعل بيننا وبينهن مودةً ورحمة. كان مثل ذلك اللقاء منيً، وموقف نتمناه ونهابه ونخشاه، بمجرد وقوعنا فيه، مثلاً واحدة عايزة تتسلف منك كراسة المحاضرة،، إو تسألك مجرد سؤال برئ، خلاص يا عبد، انت في زول حباك،، تعمل اييييه؟ وانت كل اللي عارفو عن الحب ده جاييك من الافلام المصرية، وقصص مجنون ليلي وروميو وجوليت. يعني جنون وانتحار ومصايب متلتلة.
كانت كتابتي وخطي ولا يزالان واضحان ومقروءان بسهولة، أما زميلي وصديقي الحميم ماجد 'ابو القرب' فلم يكن في وسع احد إن يقرأ له سطراً ولا كلمة واحدة من كتابته، وكان من عادته ان يكتب كل كلمة تخرج من فم المحاضر، حتي العطسة والسعال، واحسبه كان يقوم بتشويه خطه عن قصد ونية مبيتة، حتي لا يكلمه الفشيخ ويحاولن استلاف كراساته، وقد نجح في ذلك أيما نجاح، فلا اعلم إن احداً استلف منه كراسة ولا ورقة.
كان يصيبنا الخرس وجفاف الحلق، ورجفة وتمتمة عجيبة لا ندري أين كانت من قبل اللقاء المشؤوم، ولا الي اين تذهب وتختفي من بعده فنعود فصحاء لغلاغين نغالط الإنس والجن.
والغريب إن ذلك النوع من اليبوس والجفاف كان يصيب الحلق واللسان، بينما يرطب المكان الذي حشرنا فيه السفة، فتبدأ السفة اللعينه في البروز والسيلان علي الاسنان العليا، مما يزيد من حرجك أمام الفشيخة.. كنا ماجد وأنا نحذر مثل هذه المواقف ونتخذ الحيطة لئلا نفاجأ بأحدها،، كنا لا نفارق قاعة الزوولجي في الطابق الاول من مبني كلية الأحياء Zoology Lecture Room, نجلس متجاورين علي الكنبة الاخيرة والتي كان يعلوها مكيف الهواء الي يميننا، ولم يكن له غطاء فكنا نضع فيه كوباً أو كوبينن من الماء لزوم بل الحلق بعد العطش من القراية، ومضمضة السفة. كان اختيارنا للكنبة الاخيرة بسبب وجود مسافة صغيرة بينها وبين الحائط فكانت تغنينا عن الخروج في كل مرة للتخلص من السفة، إذ كنا نلقي بها من وراء الكنبة، حتي تكونت من السفات تلة صغيرة، لا أدري هل لا زالت في مكانها بعد كل هذه السنوات إم عدت عليها عوادي الزمن، إو أزيلت مع ما ازيل من اشياء الزمان القديم،،، اكيد ازالها هؤلاء الذين يزيلون مستشفيات بحالها، فهم كما يصفهم زميلنا العميد المتقاعد، سيد قنات بلدوزرات، وتلكم السفات لم تكن في حاجة الي بلدوزرات، فمقشاشة قوية وسبت يكفيان.
كنا قليلاً ما نزور المكتبة، لكن إن حدث ودخلنا اليها للنظر في مرجع، فكان يتوجب علينا الحذر عند الخروج، فهي كانت من الاماكن التي يحب الفشيخ ارتيادها وبعد ارتيادهن لها كُن يكافئن انفسهن بزيارة الي النشاط، فكانت المكتبة من المواقع الخطيرة التي تستدعي الحذر في الدخول اليها او الخروج منها.
كان بروتوكول الدخول والخروج الي ومن المكتبة واضحاً لا لبس فيه،، يتقدم ماجد أو اتقدم أنا لاستكشاف الجو والتأكد من عدم وجود فشيخة قد تحاول الحديث معنا،، كنا نستخدم ثلاثة من الحواس، اولاً التصنت والسمع، ثم الشمشمة لاي عطر حريمي، ولو خفيف، اخيراً يجئ النظر الذي يسبقه تمدد العنق لاقصي قدر ممكن، مما قد ينتج عنه سعال فجائي يجبر المراقب علي العودة والنكوص. ، وبعد التأكد جيداً من سلامة الاوضاع وعدم وجود فشيخة، تصدر الاشارة ونتقدم في خطوات واثقة وسريعة الي النشاط حيث ينطلق اللسان علي هواه.
يتبع
كامل سيد احمد وتحية خاصة الي اخي وصديقي وزميلي ماجد، فهو وحده من سيفهم جيداً كل كلمة من هذا الذي اكتبه، فهو شريك في كل لحظة من لحظاته، وكل وقفة وخلطة،،،، وهروب
the Preliminary Year
تأهلنا لدخول جامعة الخرطوم من عطبرة الثانوية في العام الدراسي ١٩٧٠- ١٩٧١ وكان منا ٢٧ في مساق الأحياء، كنت الوحيد من فصلي، وكان الباقون من فصلي باستير ونيوتن،، منهم ماجد مصطفي السيد، وعوض الكريم أحمد دفع الله، وطه تكروني، وعلي أحمد إبراهيم، وعادل يعقوب، ومحمد أحمد خليفة، وجمال، والخير، وأحمد حسين، وعبد الباسط،، وكان هناك آخرون لا تسعفني الذاكرة بتذكر أسمائهم بعد أن تكاثرت فيها الثقوب، وطال عليها الزمن وبعدت بها الشقة. ،،
كانت سنتنا الاولي في البركس، بحجراتها المكتظة، فكنا اربعة في الحجرة التي بها اربعة اسرة، سريرين 'بنك' سرير فوق سرير، يقابله آخر فوق آخر. كنا متوكل عبد المجيد ماهر وأنا علي سرير بنك (bunk) ، انا علي الادني ومتوكل علي الاعلي ، وعبد الباسط وبابكر محيسي علي السرير البنك الآخر.
كانت المنافسة حامية وشديدة، في نهاية العام نجح في الدخول الي كلية الطب من غرفتنا بابكر محيسي وشخصي، وذهب عبد الباسط الي كلية الزراعة ولا اعلم اين انتهي به المطاف،، اما متوكل والذي تربطني به رابطة النوبية والقرابة فقد ذهب الي كلية البيطرة، وبعد اكمال دراسته نال درجة الدكتوراة، وهو الآن طبيب بيطري من الدرجة الاولي وباحث، ومسؤول في احدي وحدات الأبحاث البيطرية بالسودان.
كان كل طالب من ال ٧٢٠ الذين قبلتهم كلية العلوم قسم الاحياء جديراً بدخول كلية الطب، لا فرق بين اول ال ٧٢٠ وآخرهم، فكل منهم كان اول، او ثاني او ثالث فصله ودفعته، فكانوا حقاً زبدة شباب السودان، لكن ضيق الفرص، ووجود كلية طب واحدة في البلد حتم اختيار بضعة منهم، وليس لدي شك في أنه لو أُعيد الامتحان النهائي لاختلفت النتيجة، ولتأخر بعض ممن تقدموا وتأهلوا لدخول كلية الطب، ولتأهل بعض ممن تأخر وتخلفوا عن الدخول، ولانقلب الحال، لكن بعضاً بعينهم كانوا سيتأهلون مهما أُعيد الإمتحان، ولو لمئة مرة فقد كانوا صفوة الصفوة، وكانوا جديرين بدراسة الطب حتي لم كان القبول لعشرة أو عشرين طالباً لكانوا من ضمن اولئك المحظوظين.
من هؤلاء ال ٢٧ من ' أولاد عطبرة' كما سمانا الزملاء، ولا اشك في إن ماجد كان سيكون منهم وربما شخصي معه فقد كانت ثقتنا في مقدراتنازالعقليه لا يقربها الشك، وما شككنا يوماً في انا متاهلون لدخول كلية الطب او اي كلية نضعها نصب اعيننا. انتهي العام وتاهل من ال ٢٧ من اولاد عطبرة سبعة لكلية الطب وكلية الاسنان وهي نسبة بلا شك كبيرة تزيد قليلاً عن ال ٢٥٪ ،، توجهت الغالبية الي كليات الزراعة والبيطرة، وغيرها من 'الكلالي'.
كانت هناك مجموعة صغيرة من الزملاء الذين اختاروا مساق الرياضيات وتوجهوا الي كلية الهندسة، منهم بكري محمد عبد الماجد انبغ الزملاء، وقد زاملته منذ المرحلة الوسطي وهو الان بروفيسور في قسم الهندسة في الولايات المتحدة الامريكية، جامعة وينونا، ، واولاد العمراني، محمد عثمان، وفاروق عليه رحمة الله، وحسين الحسن، واتجه الخضرين، خضر حسن عليه رحمة الله، الذي توفي وهو طالب في السنة الثانية بعد اصابته بالجنون، وخضر محمد عبد الباسط (كان اول المدرسة وسادس السودان) الي كلية الرياضيات، ولا اعلم اين هو الآن.. اتجه نور الدين أحمد مقلد الي كلية الاقتصاد وكان جديراً بدخول الطب او الهندسة إن شاء، وهو الان حامل لشهادة الدكتوراة ويعمل محاضراً بإحدي الجامعات بالسودان، وذهب محمد نور تيراب (هير تيبو) -الذي نمي الي علمي انه انضم الي المحاربين في غرب السودان - الي كلية الآداب، وذهب محمد علي صالح داؤد (ود الناظر) الي كلية القانون،، وهو الان قاضي في المحكمة العليا في السودان بعد عودته من الامارات، لا أذكر إكثر من هؤلاء.
كانت سنة البرلم سنة فريدة في نوعها، فهي سنتنا الاولي في الجامعة وأول تجربة لنا في الدراسة المختلطة، يعني معنا في الفصل بنات،، أو 'فشيخ' كما يسميهم عمر الفاروق كبروس، ويؤيده ماجد،،، كانت حاجة عجيبة، اسعدتنا واخافتنا في نفس الوقت، رغبة ورهبة، وخوف وخجل ووجل. أن يكن معنا جنس لطيف، بنات، حسناوات يفيض عطرهن عليك فتدوخ، يكن معنا في فصل واحد، ننظر اليهن، ونشم عبيرهن، فقد كنا من اصحاب ذلك الشاعر الذي قال ( ان النساء رياحيناً خلقن لنا ٠٠٠ وكلنا يشتهي شمُ الرياحين)، وقد صدق في عجز البيت اذ كنا كلنا نشتهي شمهن، وكذب في صدر البيت، فإنهم ما خُلِقن لنا نحن اولاد الارياف والاقاليم، بل خُلقن لمن يطيقون خلطهن من سحاسيح العاصمة، والذين اصبح اسمهم في هذه الاعوام الاخيرة، وبعد تفشي ظاهرة الهجرة، الحناكيش، وهؤلاء سودانيون ولدوا في الغربة، شرقاً وغرباً.. كيف لنا إن نتعامل مع هذا الجنس الناعم، الجميل اللطيف، معاملة الزملاء! أقصد الزميلات! ، كان ذلك حدث الاحداث، وموضوع بقينا نعافر فيه الي يوم تخرجنا..
كذلك كانت هناك المنافسة الشديدة بين ال ٧٢٠ طالب الذين لا يكاد يفرق بينهم شئ في معدل الذكاء، فكلهم حقيق بدخول الطب إن بذل جهداً كافياً،، يجلسون جميعاً في آخر العام لإمتحانات تفرق بينهم وتختار منهم ال ١٧٠ الاوائل الذين يدخلون الي كلية الطب، ويفترض أن يكون العدد ١٨٠، لكن دائماً ما يكون في السنة الاولي طب - الثانية جامعة - من تقرر عليهم اعادة السنة.
كانت الدراسة ولإول مرة تتم باللغة الانجليزية، يدخل المحاضر ويبدإ في القاء المحاضرة ونحاول كتابة بعض ما يقول، وبعد ساعة من الاستماع ومحاولة الكتابة نجد اننا كتبنا كلمات متفرقة علي عدد من السطور علي إمل إن نملأ 'الاماكن الخالية' في وقت لاحق، ولكن اني ذلك وهو كلمات لم يحط بها أحد سوي بعض اولاد وبنات كمبوني. كانت هناك معاينة بعد ظهور النتائج، ولم افهم الي الان الغرض منها، فلم اسمع بطالب اهلته نتيجته لدخول الكلية وتم ابعاده بسبب المعاينة، وءذكر انني سئلت في المعاينة عن الامراض التي لاحظت انتشارها في المنطقة التي جئت منها وهي حلفا، فذكرت الحوص بسبب التراكوما.
كان علينا أن نعتاد علي حياة الداخلية، وهذه الحرية الجديدة التي لا يعكر صفوها أسئلة الأهل من مثل "امبارح رجعت البيت متين ؟ وكُنت وين لي آخر الليل؟ وكنت مع من ؟" كذلك لم يكن من خوف إن كنت قد أكثرت من الترويح عن نفسك واطلت من معانقة الارواح، فاصابك الدوار وظهرت لك الاشياء مزدوجة، او ازواجاً كما خلقها المولي سبحانه، ثم تحرك بك سريرك، أو تمايل سقف الغرفة إمام عينيك فبدأت في العزف المنفرد، أو الجماعي إن سرت العدوي الي احد ندماء الليلة الماضية،،،، وشعرت بأن معدتك علي وشك الدخول الي بلعومك والخروج من فمك،،، وقد تسمع الجماعة يضحكون،، وينصحون، "ادوه مويه، كتروا ليهو المويه".
كان علينا أن نتعامل مع 'الفشيخ' وتلك كانت الطامة الكبري، وكلما كانت البنت جميلة كلما ازدادت الرهبة وصعوبة الحديث اليها،، فكيف لنا ونحن الذين لم نعتاد علي الحديث الي الوجوه الصبيحة الجميلة، وما اعتدنا الاستماع الي الصوت الانثوي الآسر، وذلك الاريج الذي تنثره الانثي حرلها دون ان تدري، والنظر الي الاعين النجلاء، كيف لنا ان نقاوم كل ذلك والتستيرون يفعل بنا ما يفعل، وخلق القرية وادابها تقف حائلاً منيعاً دون الاستجابة الي الرغبات البهيمية التي تسيطر علي كل حاسة من حواسك وانت تلاقي نصفك الآخر - الناعم - الذي قال الله انه خلقه لنا من انفسنا لنسكن اليه، وجعل بيننا وبينهن مودةً ورحمة. كان مثل ذلك اللقاء منيً، وموقف نتمناه ونهابه ونخشاه، بمجرد وقوعنا فيه، مثلاً واحدة عايزة تتسلف منك كراسة المحاضرة،، إو تسألك مجرد سؤال برئ، خلاص يا عبد، انت في زول حباك،، تعمل اييييه؟ وانت كل اللي عارفو عن الحب ده جاييك من الافلام المصرية، وقصص مجنون ليلي وروميو وجوليت. يعني جنون وانتحار ومصايب متلتلة.
كانت كتابتي وخطي ولا يزالان واضحان ومقروءان بسهولة، أما زميلي وصديقي الحميم ماجد 'ابو القرب' فلم يكن في وسع احد إن يقرأ له سطراً ولا كلمة واحدة من كتابته، وكان من عادته ان يكتب كل كلمة تخرج من فم المحاضر، حتي العطسة والسعال، واحسبه كان يقوم بتشويه خطه عن قصد ونية مبيتة، حتي لا يكلمه الفشيخ ويحاولن استلاف كراساته، وقد نجح في ذلك أيما نجاح، فلا اعلم إن احداً استلف منه كراسة ولا ورقة.
كان يصيبنا الخرس وجفاف الحلق، ورجفة وتمتمة عجيبة لا ندري أين كانت من قبل اللقاء المشؤوم، ولا الي اين تذهب وتختفي من بعده فنعود فصحاء لغلاغين نغالط الإنس والجن.
والغريب إن ذلك النوع من اليبوس والجفاف كان يصيب الحلق واللسان، بينما يرطب المكان الذي حشرنا فيه السفة، فتبدأ السفة اللعينه في البروز والسيلان علي الاسنان العليا، مما يزيد من حرجك أمام الفشيخة.. كنا ماجد وأنا نحذر مثل هذه المواقف ونتخذ الحيطة لئلا نفاجأ بأحدها،، كنا لا نفارق قاعة الزوولجي في الطابق الاول من مبني كلية الأحياء Zoology Lecture Room, نجلس متجاورين علي الكنبة الاخيرة والتي كان يعلوها مكيف الهواء الي يميننا، ولم يكن له غطاء فكنا نضع فيه كوباً أو كوبينن من الماء لزوم بل الحلق بعد العطش من القراية، ومضمضة السفة. كان اختيارنا للكنبة الاخيرة بسبب وجود مسافة صغيرة بينها وبين الحائط فكانت تغنينا عن الخروج في كل مرة للتخلص من السفة، إذ كنا نلقي بها من وراء الكنبة، حتي تكونت من السفات تلة صغيرة، لا أدري هل لا زالت في مكانها بعد كل هذه السنوات إم عدت عليها عوادي الزمن، إو أزيلت مع ما ازيل من اشياء الزمان القديم،،، اكيد ازالها هؤلاء الذين يزيلون مستشفيات بحالها، فهم كما يصفهم زميلنا العميد المتقاعد، سيد قنات بلدوزرات، وتلكم السفات لم تكن في حاجة الي بلدوزرات، فمقشاشة قوية وسبت يكفيان.
كنا قليلاً ما نزور المكتبة، لكن إن حدث ودخلنا اليها للنظر في مرجع، فكان يتوجب علينا الحذر عند الخروج، فهي كانت من الاماكن التي يحب الفشيخ ارتيادها وبعد ارتيادهن لها كُن يكافئن انفسهن بزيارة الي النشاط، فكانت المكتبة من المواقع الخطيرة التي تستدعي الحذر في الدخول اليها او الخروج منها.
كان بروتوكول الدخول والخروج الي ومن المكتبة واضحاً لا لبس فيه،، يتقدم ماجد أو اتقدم أنا لاستكشاف الجو والتأكد من عدم وجود فشيخة قد تحاول الحديث معنا،، كنا نستخدم ثلاثة من الحواس، اولاً التصنت والسمع، ثم الشمشمة لاي عطر حريمي، ولو خفيف، اخيراً يجئ النظر الذي يسبقه تمدد العنق لاقصي قدر ممكن، مما قد ينتج عنه سعال فجائي يجبر المراقب علي العودة والنكوص. ، وبعد التأكد جيداً من سلامة الاوضاع وعدم وجود فشيخة، تصدر الاشارة ونتقدم في خطوات واثقة وسريعة الي النشاط حيث ينطلق اللسان علي هواه.
يتبع
كامل سيد احمد وتحية خاصة الي اخي وصديقي وزميلي ماجد، فهو وحده من سيفهم جيداً كل كلمة من هذا الذي اكتبه، فهو شريك في كل لحظة من لحظاته، وكل وقفة وخلطة،،،، وهروب
Subject: RE: [Elhakeem:5240] RE: [Elhakeem:5206 في غير ذلك من امور
Date: Mon, 31 Aug 2015 13:27:49 +0000
Date: Mon, 31 Aug 2015 13:27:49 +0000
kamil sidahmed
Aug 31, 2015, 12:17:05 PM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
اهلاً نهلة والله فقدناك في المؤتمر كما فقدنا زملاء كثر كنت اتوقع حضورهم،،،، جيمس بوند مثال للبطل الذي يضحي بحياته لانقاذ ليس امرإة واحدة بل البشرية جمعاء، وهو الي ذلك لا تستطيع اي امرإة مقاومة اغراؤه، ولا يخلو اي من افلامه من نساء جميلات ينتهي الفيلم وهن في احضانه،، حقيقة افلام ليس لها معني ولا غرض ولا هدف وهي خير مثال للملهاة بكل ما فيها من تفاهة
كامل
Subject: Re: [Elhakeem:5246] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 15:09:08 +0100
To: elha...@googlegroups.com
كامل
Subject: Re: [Elhakeem:5246] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 15:09:08 +0100
To: elha...@googlegroups.com
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB408-EAS4049F9467C5E1D992EDE5D4D66B0%40phx.gbl.
nahla abbas
Aug 31, 2015, 1:14:25 PM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
تحياتي كامل
كنت مشغولة جداً الويك اند دة و لكن قرأت التقرير..
كثير من السودانيين في عطلات خلال أغسطس
Sent from my iPhone
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W84A7C600D94844A8F27D1AB36B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Aug 31, 2015, 2:49:48 PM8/31/15
to elha...@googlegroups.com
حلقة (٢) من مذكرات سنة البرلم لطالبين عطبراويين :
لكن الحذر لا يمنع القدر،، ففي مرة وبعد أن تلفت جهة اليمين، وجهة اليسار، وتاكدت انه لا يوجد عزّين من الشمال ولا من اليمين، القيت السمع وهو شهيد، فلم اسمع خطوات تقبل ناحية المكتبة، وفشل الانف في التقاط اية نسمة من عطر او شذي انثوي،، ثم مددت عنقي الي اقصاه، وارسلت البصر كرتين فعاد الي مطمئناً غير حسير بأن لا فشيخ يخشي منه. اطمإن القلب وارتاح، فكان إن أشرت الي ماجد الذي كان لابداً خلف أحد الأعمدة وقد كجن سفته في حرز أمين ومكان حصين ، وداس عليها برفق لتستقر في مكانها ولا تطل ان ابتسم او تثاءب، فتقدم بخطي مترددة رغم كل التطمينات، وقلبٍ واجفٍ غير مطمئن، وبمجرد خروجنا وقعت الكارثة. أوقفتنا فشيخة انشقت عنها الارض او هبطت من السماء لتستفسر عن شئ ما، لا أذكر ما هو ولا أظن أني دريت ما هو حتي بعد سؤالها، بدأ ماجد كأنما أصابته قذيفه عكرت عليه صفاء يومه ووجهه، علته بلاهة في النظر، واحولت عيناه، لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يرد السلام. بدأت أنا في الكلام وقد أحسست بكلابات نشبت في فكي الاعلي وهي تسحبه نحو فكي الاسفل، فعجبت من هذا الانقلاب اذا ان فكي الاسفل هو الفك الاصغر المتحرك، فما باله لا يتحرك ويلقي بمهمة الحركة علي الاعلي،، تسارعت الانفاس، ومعها ضربات القلب الرهيف،، وبدأ الجفاف يزحف من الحلق والي الأمام، جاعلاً من اللسان كتلة من حجر، ، تحاول أن تبتسم فترتفع الشفة العليا، وتأبي ان تعود الي مكانها كأنها التصقت باللثة، مما يدفعك الي جرها جراً والامساك بها لتبقي في مكانها الذي خلقها فيه الله،، والفشيخة تنظر اليك بنظرة هي خليط من التعجب والشفقة،، وقليل من الخوف وهي تري طالباً امامها يكاد أن يتحول الي كائن آخر. نظرت الي ماجد فإذا به يكابد شيئاً كأنه خروج الروح، ثم رأيته يبتسم ابتسامة فارغة سالت منها السفة علي أسنانه العليا، ثم السفلي، فانقلبت داكنة بعد بياض، وتمتم شيئا ما، كأنه غرغرة وحشرجة تنبي عن قرب خروج الروح، وهمهم وغمغم، ثم دمدم، ولملم نفسه فبدي لي كأنه قد انكمش قليلاً ثم تمدد راجعاً، ولاذ بالفرار مولياً الأدبار لا يلوي علي شئ، دون إن يهتم بمصيري.
نظرت الفشيخة اليه وقد مضي فاراً ولم يعقب تماماً كما هرب موسي عليه السلام وهو يري عصاه التي يتكئ عليها ويهش بها علي غنمه وله فيها مآرب إخري، شاهدها وقد انقلبت حية تسعي، وما كان ليعود لولا إن ناداه ربه مطمئناً اياه إن لا تخف سنعيدها سيرتها الاولي، وهو لفظ طالما استغله واساء استعماله حكامنا هؤلاء لا غفر الله لهم كما اساءوا استخدام الفاظٍ وعبارات اراد بها المؤمنون الخير فاداروها عن غرضها وارادوا بها استغلال الناس وخداعهم وكم نجحوا في ذلك، لكن نجاح الشر موقوت باستيقاظ الخيرين، فيظهر الحق ويزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.
مضي صديقي ماجد ماشياً في خطوات سريعة،، ويده علي فمه يحاول بها دفع السفة الي أعلي بعد أن اختلطت عليها السيولة والجفاف، فقررت الخروج من فمه في تلك اللحظة الحرجة.
لا أذكر ما سمعته من الفشيخة، ولا الذي قلته لها إن كان اللسان طاوعني فنطقت بكلام، ، وما أظنه كان كثيراً، لكنني أذكر أنني شعرت بالرطوبة إياها، والتي لا بد انها دفعت بماجدٍ الي الهروب، والتي تتقطر من علٍ فتسيل السفة، قلت "طيب، مع السلامة" وانطلقت خلف ماجد، وقد بدأت سفتي في السيلان بفعل اللعاب الذي جف في حضور الفشيخة، ثم ما لبث أن سال، وأعانته الجاذبية، فسبحان الله الذي يقدر عليك حالين متضادين في نفس الممكان والزمان، جفاف ورطوبة، بل سيلان سبقه جفاف في منطقة لا تتعدي البوصة المربعة، ولا تدري ساعتها من تلوم، نفسك، ام الفشيخة، ام بنيش ام ابا حنك الذي اشتريت من احدهما التمباك، ام سنة البرلم التي قدرت عليك ان تختلط بالفشيخ فتعرض نفسك للتهلكة،،
علي كل ما اسرع ما مضت تلك الايام ، وما كان احلاها بعد ان اعتدنا علي وجود الاناث بيننا واصبح لوجودهن متعة لا تعادلها متعة، اذ يضفن الي الجلسة ما تحتاجه ويعوزها من ادب ووقار ،، ثم صرنا الي حالٍ لا نطيق فيهرالجلوس دون وجودهن،، فهو الحال الذي يقول عنه اهلنا من غرب السودان: ونسة الضكير للضكير ، النوم أخير
كامل سيد احمد،،، كامل
لكن الحذر لا يمنع القدر،، ففي مرة وبعد أن تلفت جهة اليمين، وجهة اليسار، وتاكدت انه لا يوجد عزّين من الشمال ولا من اليمين، القيت السمع وهو شهيد، فلم اسمع خطوات تقبل ناحية المكتبة، وفشل الانف في التقاط اية نسمة من عطر او شذي انثوي،، ثم مددت عنقي الي اقصاه، وارسلت البصر كرتين فعاد الي مطمئناً غير حسير بأن لا فشيخ يخشي منه. اطمإن القلب وارتاح، فكان إن أشرت الي ماجد الذي كان لابداً خلف أحد الأعمدة وقد كجن سفته في حرز أمين ومكان حصين ، وداس عليها برفق لتستقر في مكانها ولا تطل ان ابتسم او تثاءب، فتقدم بخطي مترددة رغم كل التطمينات، وقلبٍ واجفٍ غير مطمئن، وبمجرد خروجنا وقعت الكارثة. أوقفتنا فشيخة انشقت عنها الارض او هبطت من السماء لتستفسر عن شئ ما، لا أذكر ما هو ولا أظن أني دريت ما هو حتي بعد سؤالها، بدأ ماجد كأنما أصابته قذيفه عكرت عليه صفاء يومه ووجهه، علته بلاهة في النظر، واحولت عيناه، لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يرد السلام. بدأت أنا في الكلام وقد أحسست بكلابات نشبت في فكي الاعلي وهي تسحبه نحو فكي الاسفل، فعجبت من هذا الانقلاب اذا ان فكي الاسفل هو الفك الاصغر المتحرك، فما باله لا يتحرك ويلقي بمهمة الحركة علي الاعلي،، تسارعت الانفاس، ومعها ضربات القلب الرهيف،، وبدأ الجفاف يزحف من الحلق والي الأمام، جاعلاً من اللسان كتلة من حجر، ، تحاول أن تبتسم فترتفع الشفة العليا، وتأبي ان تعود الي مكانها كأنها التصقت باللثة، مما يدفعك الي جرها جراً والامساك بها لتبقي في مكانها الذي خلقها فيه الله،، والفشيخة تنظر اليك بنظرة هي خليط من التعجب والشفقة،، وقليل من الخوف وهي تري طالباً امامها يكاد أن يتحول الي كائن آخر. نظرت الي ماجد فإذا به يكابد شيئاً كأنه خروج الروح، ثم رأيته يبتسم ابتسامة فارغة سالت منها السفة علي أسنانه العليا، ثم السفلي، فانقلبت داكنة بعد بياض، وتمتم شيئا ما، كأنه غرغرة وحشرجة تنبي عن قرب خروج الروح، وهمهم وغمغم، ثم دمدم، ولملم نفسه فبدي لي كأنه قد انكمش قليلاً ثم تمدد راجعاً، ولاذ بالفرار مولياً الأدبار لا يلوي علي شئ، دون إن يهتم بمصيري.
نظرت الفشيخة اليه وقد مضي فاراً ولم يعقب تماماً كما هرب موسي عليه السلام وهو يري عصاه التي يتكئ عليها ويهش بها علي غنمه وله فيها مآرب إخري، شاهدها وقد انقلبت حية تسعي، وما كان ليعود لولا إن ناداه ربه مطمئناً اياه إن لا تخف سنعيدها سيرتها الاولي، وهو لفظ طالما استغله واساء استعماله حكامنا هؤلاء لا غفر الله لهم كما اساءوا استخدام الفاظٍ وعبارات اراد بها المؤمنون الخير فاداروها عن غرضها وارادوا بها استغلال الناس وخداعهم وكم نجحوا في ذلك، لكن نجاح الشر موقوت باستيقاظ الخيرين، فيظهر الحق ويزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.
مضي صديقي ماجد ماشياً في خطوات سريعة،، ويده علي فمه يحاول بها دفع السفة الي أعلي بعد أن اختلطت عليها السيولة والجفاف، فقررت الخروج من فمه في تلك اللحظة الحرجة.
لا أذكر ما سمعته من الفشيخة، ولا الذي قلته لها إن كان اللسان طاوعني فنطقت بكلام، ، وما أظنه كان كثيراً، لكنني أذكر أنني شعرت بالرطوبة إياها، والتي لا بد انها دفعت بماجدٍ الي الهروب، والتي تتقطر من علٍ فتسيل السفة، قلت "طيب، مع السلامة" وانطلقت خلف ماجد، وقد بدأت سفتي في السيلان بفعل اللعاب الذي جف في حضور الفشيخة، ثم ما لبث أن سال، وأعانته الجاذبية، فسبحان الله الذي يقدر عليك حالين متضادين في نفس الممكان والزمان، جفاف ورطوبة، بل سيلان سبقه جفاف في منطقة لا تتعدي البوصة المربعة، ولا تدري ساعتها من تلوم، نفسك، ام الفشيخة، ام بنيش ام ابا حنك الذي اشتريت من احدهما التمباك، ام سنة البرلم التي قدرت عليك ان تختلط بالفشيخ فتعرض نفسك للتهلكة،،
علي كل ما اسرع ما مضت تلك الايام ، وما كان احلاها بعد ان اعتدنا علي وجود الاناث بيننا واصبح لوجودهن متعة لا تعادلها متعة، اذ يضفن الي الجلسة ما تحتاجه ويعوزها من ادب ووقار ،، ثم صرنا الي حالٍ لا نطيق فيهرالجلوس دون وجودهن،، فهو الحال الذي يقول عنه اهلنا من غرب السودان: ونسة الضكير للضكير ، النوم أخير
كامل سيد احمد،،، كامل
Subject: RE: [Elhakeem:5249] RE: [Elhakeem:5206 من مذكرات البرلم لطالبين عطبراويين
Date: Mon, 31 Aug 2015 16:08:46 +0000
Date: Mon, 31 Aug 2015 16:08:46 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W10785ACAB53461CBD3DF3BB36B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 8:49:20 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
ماذا تنتظر يا جيشنا لتستعيد احترامك وهيبتك ؟!
د. فيصل عوض حسن
بالرجوع إلى الموسوعة المعرفية الشاملة فإنَّ القوات المسلحة (الجيش) هي عماد الدفاع عن أمن الدول براً وبحراً وجواً، ويتم تشكيلها وتسليحها وتدريبها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي تضعها الدولة المعنية، بفئاتها أو وحداتها المُتنوعة (برية، جوية، بحرية ...إلخ). ويأتي على رأس مهام أي قوات مُسلَّحة حماية الدولة من الاعتداءات الخارجية، والمُحافظة على أراضيها وحدودها البرية ومياهها الإقليمية, ومجالها الجوي، وأحياناً المُساعدة في السيطرة الأمنية الداخلية في حالات الثورات أو الانتفاضات الشعبية، وغيرها إذا تقاصرت قدرات أجهزة الأمن الداخلي. وقد تتدخَّل الجيوش لأداء مهام مدنية أخرى أيضاً، لمُواجهة بعض الظروف والأحوال الاستثنائية كالظروف الطبيعية غير المُواتية (أعاصير، فيضانات، حرائق، زلازل.... إلخ)، وتبقى تدخُّلاتها في هذه الجوانب في إطار هدفها العام وهو حماية الدولة أو المُجتمع ككل.
هكذا هي الجيوش المُحترمة وهكذا كان جيشنا السوداني قبل أن يعتلي قيادته بشير الـ(سَجَمْ) والـ(رَماد)، والذي ورغم (إدعائه) بالانتماء لهذا الجيش و(مَنَحَ) ذاته الـ(مُنكسرة) والـ(ذليلة) أعلى الرُتَبْ فيه، إلا أنَّه عمل على تدميره وتحطيمه داخلياً وخارجياً. فعلي الصعيد الداخلي، عَمَلَ البشير على تحطيم الجيش السوداني حينما (جَرَّده) من مهامه الأصيلة لصالح جهاز الأمن والمُخابرات ومليشياته المُسمَّاة (الدعم السريع)، وهي جريمة ترتقي لمُستوى الوصف بالكارثة، وأسفرت عن اختلالات دستورية وقانونية كبيرة، تَجَلَّت في اعتبار جهاز الأمن قوة نظامية (قومية) مُهمَّتها رعاية الأمن الوطني (الداخلي والخارجي) ورصد الوقائع المتعلقة بذلك، وتحليل مغازيها وخطرها واتخاذ تدابير الوقاية منها، والقيام بمُكافحة المُهدِّدات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية كافة، والإرهاب والجرائم عبر الأراضي الوطنية بالتنسيق مع القوات النظامية الأخرى! مما يعني (عملياً)، إلغاء دور الجيش وحرمانه وتجريده من مهامه الأصيلة المعروفة دولياً وإقليمياً.
وفي أقلَّ من شهر من تلك التعديلات، تفاجأ الجميع بتجاوُزات مليشيات الدعم السريع في حق الجيش السوداني، عقب قيامهم بالاعتداء على عميد في الجيش وجلده أمام جنوده بالسوط كما يُجلَد (الحمار) وجعله بالملابس الداخلية، بل وتجاوُز قائد تلك المليشيات علناً وبالنص (يوم الحكومه تسوى ليها جيش بعد داك تكلمنا)، ومع هذا احتفى به البشير ووزير دفاعه السابق في حضرة مدير الجهاز! وبالأمس القريب السبت المُوافق 5 سبتمبر 2015 قامت مليشيات الدعم السريع بتعطيل حركة المرور بطريق الخرطو/شندي عند محطة مصفاة الجيلي، ونَهَبَتْ المُواطنين بعدما أرغمت البصات السفرية على الوقوف، واقتحمت المطاعم والمحال التجارية، وأثاروا الرعب والهلع وعاثوا فساداً وتخريباً في المنطقة لعدة ساعات، دون أن يعترضهم أحد! وهي ليست المرة الأولى، إذ سبق وفعلتها هذه المليشيات، احتجاجاً على عدم استلامهم لرواتبهم الشهرية، التي تدفعها العصابة الحاكمة نظير قتالهم في صفوفها، ومُقابل الاعتداءات على المدنيين، ودونكم سُمعة هذه المليشيات السيئة، وانتهاكاتها الإجرامية العديدة بدارفور أو كردفان بل وفي الخرطوم نفسها، والتي ازدادت عقب قيام البشير وعصابته بجعلها فوق الجميع، ومنحها – وفق بالقانون – مهام الجيش والشرطة وعدم مُساءلتها ناهيك مُحاسبتها ومُعاقبتها على ما تقترفه من جرائم وتجاوُزات.
وعلى الصعيد الخارجي، أصبح (جيشنا) سلعة تُباع وتُشترى لمن يدفع أكثر، وبمعنىً آخر (مُرتزقاً) حينما قرَّر البشير جَرَّنا وإدخالنا في حربٍ لا ناقة لنا فيها ولا جَمَل بحجة (الدفاع عن الحرمين)! بينما السعودية (نفسها) وحليفاتها من الخليج، أعلنوا أنَّ مُبررات حربهم هي (إعادة الشرعية في اليمن)! وقلنا حينها، أنَّ للبشير أهدافاً أخرى (غير مُعْلَنَة)، فهو لن يكون حريصاً بأية حال على أمن الحرمين الشريفين أكثر من السعودية صاحبة الأرض التي تحويهما، بخلاف أنَّ البشير (عَجَز) عن حماية أرضه التي يحتلَّها المصريون من جهة والأثيوبيين من جهةٍ ثانية! ولا يُمكن للبشير (أيضاً) الإدعاء بحرصه على شرعية اليمن، وهو يفتقد الشرعية في إدارة (ذاته) و(شخصيته) ناهيك من دولة كالسودان، وشعبها الذي أذاقه كل صنوف القهر والبطش والتنكيل! وبالفعل فقد كَشَف مركز (ستراتفورد) الإستخباري العالمي، الهدف الحقيقي لإقحام السودان في هذه الحرب، حيث ذكر في تقريرٍ له – أي المركز – أنَّ الهجوم البرى لتحالف عاصفة الحزم يستند بالأساس على القوات السودانية، وفقاً لتوقُّعات الحُلفاء لخسائر بشرية عالية وسط القوات المُهاجمة، وهو ما أكَّدته الأنباء مُؤخَّراً، إذ مُنيَتْ قوات التحالف بخسائر في الأرواح هي الأكبر منذ بدء حملتها في اليمن، آخرها يوم الجمعة 4 سبتمبر والتي سقط فيها نحو 45 قتيلاً من الجنود الإمارتيين و5 من القوات البحرينية.
مع هذا التزم البشير بتوفير الجُزء الأكبر من أفراد القوات البرية (استرخاصاً) للدم السوداني ولأبناء السودان بالقوات المُسلَّحة! وهو ما أكَّدته صحيفة (العربى الجديد)، قبل يومين بشأن مُوافقة السودان على إرسال قوات برية لليمن، بخلاف القوات السودانية التي أُرسلت سابقاً مع بداية النزاع! بينما أشاع الإعلام الإسلاموي المأجور بأنَّ مسألة القوات البرية، مُجرَّد طلب تقدَّم به عبدره خلال زيارته للخرطوم الأُسبوع الماضي! وهنا اتذكر ما قاله الغالي شبونة بأنَّ الأصنام لو (نطقت) فستقول بأنَّ البشير ليس رجل سلام، وكلَّه تصميمٌ على نشر الخراب والشُؤم في السودان! ولتنظروا يا جيش السودان إلى (استرخاص) البشير لأرواحكم والتلاعب بكم نظير دُريهات، لا يهم مقدارها فهي لم ولن تدخل خزينة الدولة، وبالأساس لا تُساوي روح سودانية واحدة، فعلام تُقاتلون (تَقْتُلون وتُقْتَلُون) خدمةً للبشير ومن معه من طلاب المُغامرة و(عَبَدَة) الشهوات! ألا ترون أنَّ الأحق بالقتال هو الكاذب والقاتل والمُغتصب والانتهازي والخائن (بترك أراضي البلد للمُحتَلْ)؟! متى ستهبون لإنقاذ أنفسكم وشعبكم وبلدكم؟ أين أنتم من الجيوش الحُرَّة التي هبَّتْ على أنظمتها المُتجبرة وأنقذت شعوبها وأوطانها؟!
أُخاطبكم ياجيش السودان وقواته المُسلَّحة وأنا استصحب معي أكثر من مشهد، أوَّلها ما جاء من أنباء عن (جرحى) آتون من اليمن وأجزم بأنَّهم رفقائكم الذين ذهبوا في الدفعات الأولى، إذ لا يُعقَل مُعالجة أفراد قوات التحالف (سواء يمانية أو خليجيين) بالسودان الذي يفتقد لأبسط المُقوّمات الطبية ويتجاوزون دول الخليج التي تفوقه بمرات! وثاني هذه المشاهد منظر قُدامى المُحاربين السودانيين في الحروب التي فرضها عليهم البشير وعصباته داخلياً ضد أهلهم، وفيهم المُعاق بيده أو قدمه أو كليهما، وهم يُطالبون بحقوق نهاية الخدمة التي (استكثرها) عليهم المُتأسلمون، وحينما اعتصموا بالقرب من القيادة العامَّة مُطالبين بهذه الحقوق، لم يجدوا غير الهراوات والغاز المُسيل للدموع والسجون في انتظارهم! وثالثها منظر بقية أفراد الجيش الذين وقفوا موقف المُتفرج دون أن يتضامنوا مع زملائهم السابقين، ودون حتَّى أن يتخيَّلوا مصيرهم المُستقبلي إذا انتهت خدماتهم! ورابع هذه المشاهد، تعامُل المُتأسلمين مع جرحى العمليات الحربية وعدم علاجهم، وطرد بعضهم من المستشفى وهو لم (يُكمل علاجه) ما لم يكن (مُوالياً) لهم، أو قريب أحدٍ منهم! فإلى متى يا جيشنا يتلاعب البشير وعصابته بكم وبأهلكم وبلدكم؟ ومتى تستعيدون احترامكم وهيبتكم بين الجيوش وتقوموا بواجباتكم الأصيلة بما فيها إزالة الديكتاتورية وإشاعة الديمقراطية وسيادة العدالة وحقوق الإنسان؟!.
Subject: Re: [Elhakeem:5251] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:14:04 +0100
د. فيصل عوض حسن
بالرجوع إلى الموسوعة المعرفية الشاملة فإنَّ القوات المسلحة (الجيش) هي عماد الدفاع عن أمن الدول براً وبحراً وجواً، ويتم تشكيلها وتسليحها وتدريبها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي تضعها الدولة المعنية، بفئاتها أو وحداتها المُتنوعة (برية، جوية، بحرية ...إلخ). ويأتي على رأس مهام أي قوات مُسلَّحة حماية الدولة من الاعتداءات الخارجية، والمُحافظة على أراضيها وحدودها البرية ومياهها الإقليمية, ومجالها الجوي، وأحياناً المُساعدة في السيطرة الأمنية الداخلية في حالات الثورات أو الانتفاضات الشعبية، وغيرها إذا تقاصرت قدرات أجهزة الأمن الداخلي. وقد تتدخَّل الجيوش لأداء مهام مدنية أخرى أيضاً، لمُواجهة بعض الظروف والأحوال الاستثنائية كالظروف الطبيعية غير المُواتية (أعاصير، فيضانات، حرائق، زلازل.... إلخ)، وتبقى تدخُّلاتها في هذه الجوانب في إطار هدفها العام وهو حماية الدولة أو المُجتمع ككل.
هكذا هي الجيوش المُحترمة وهكذا كان جيشنا السوداني قبل أن يعتلي قيادته بشير الـ(سَجَمْ) والـ(رَماد)، والذي ورغم (إدعائه) بالانتماء لهذا الجيش و(مَنَحَ) ذاته الـ(مُنكسرة) والـ(ذليلة) أعلى الرُتَبْ فيه، إلا أنَّه عمل على تدميره وتحطيمه داخلياً وخارجياً. فعلي الصعيد الداخلي، عَمَلَ البشير على تحطيم الجيش السوداني حينما (جَرَّده) من مهامه الأصيلة لصالح جهاز الأمن والمُخابرات ومليشياته المُسمَّاة (الدعم السريع)، وهي جريمة ترتقي لمُستوى الوصف بالكارثة، وأسفرت عن اختلالات دستورية وقانونية كبيرة، تَجَلَّت في اعتبار جهاز الأمن قوة نظامية (قومية) مُهمَّتها رعاية الأمن الوطني (الداخلي والخارجي) ورصد الوقائع المتعلقة بذلك، وتحليل مغازيها وخطرها واتخاذ تدابير الوقاية منها، والقيام بمُكافحة المُهدِّدات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية كافة، والإرهاب والجرائم عبر الأراضي الوطنية بالتنسيق مع القوات النظامية الأخرى! مما يعني (عملياً)، إلغاء دور الجيش وحرمانه وتجريده من مهامه الأصيلة المعروفة دولياً وإقليمياً.
وفي أقلَّ من شهر من تلك التعديلات، تفاجأ الجميع بتجاوُزات مليشيات الدعم السريع في حق الجيش السوداني، عقب قيامهم بالاعتداء على عميد في الجيش وجلده أمام جنوده بالسوط كما يُجلَد (الحمار) وجعله بالملابس الداخلية، بل وتجاوُز قائد تلك المليشيات علناً وبالنص (يوم الحكومه تسوى ليها جيش بعد داك تكلمنا)، ومع هذا احتفى به البشير ووزير دفاعه السابق في حضرة مدير الجهاز! وبالأمس القريب السبت المُوافق 5 سبتمبر 2015 قامت مليشيات الدعم السريع بتعطيل حركة المرور بطريق الخرطو/شندي عند محطة مصفاة الجيلي، ونَهَبَتْ المُواطنين بعدما أرغمت البصات السفرية على الوقوف، واقتحمت المطاعم والمحال التجارية، وأثاروا الرعب والهلع وعاثوا فساداً وتخريباً في المنطقة لعدة ساعات، دون أن يعترضهم أحد! وهي ليست المرة الأولى، إذ سبق وفعلتها هذه المليشيات، احتجاجاً على عدم استلامهم لرواتبهم الشهرية، التي تدفعها العصابة الحاكمة نظير قتالهم في صفوفها، ومُقابل الاعتداءات على المدنيين، ودونكم سُمعة هذه المليشيات السيئة، وانتهاكاتها الإجرامية العديدة بدارفور أو كردفان بل وفي الخرطوم نفسها، والتي ازدادت عقب قيام البشير وعصابته بجعلها فوق الجميع، ومنحها – وفق بالقانون – مهام الجيش والشرطة وعدم مُساءلتها ناهيك مُحاسبتها ومُعاقبتها على ما تقترفه من جرائم وتجاوُزات.
وعلى الصعيد الخارجي، أصبح (جيشنا) سلعة تُباع وتُشترى لمن يدفع أكثر، وبمعنىً آخر (مُرتزقاً) حينما قرَّر البشير جَرَّنا وإدخالنا في حربٍ لا ناقة لنا فيها ولا جَمَل بحجة (الدفاع عن الحرمين)! بينما السعودية (نفسها) وحليفاتها من الخليج، أعلنوا أنَّ مُبررات حربهم هي (إعادة الشرعية في اليمن)! وقلنا حينها، أنَّ للبشير أهدافاً أخرى (غير مُعْلَنَة)، فهو لن يكون حريصاً بأية حال على أمن الحرمين الشريفين أكثر من السعودية صاحبة الأرض التي تحويهما، بخلاف أنَّ البشير (عَجَز) عن حماية أرضه التي يحتلَّها المصريون من جهة والأثيوبيين من جهةٍ ثانية! ولا يُمكن للبشير (أيضاً) الإدعاء بحرصه على شرعية اليمن، وهو يفتقد الشرعية في إدارة (ذاته) و(شخصيته) ناهيك من دولة كالسودان، وشعبها الذي أذاقه كل صنوف القهر والبطش والتنكيل! وبالفعل فقد كَشَف مركز (ستراتفورد) الإستخباري العالمي، الهدف الحقيقي لإقحام السودان في هذه الحرب، حيث ذكر في تقريرٍ له – أي المركز – أنَّ الهجوم البرى لتحالف عاصفة الحزم يستند بالأساس على القوات السودانية، وفقاً لتوقُّعات الحُلفاء لخسائر بشرية عالية وسط القوات المُهاجمة، وهو ما أكَّدته الأنباء مُؤخَّراً، إذ مُنيَتْ قوات التحالف بخسائر في الأرواح هي الأكبر منذ بدء حملتها في اليمن، آخرها يوم الجمعة 4 سبتمبر والتي سقط فيها نحو 45 قتيلاً من الجنود الإمارتيين و5 من القوات البحرينية.
مع هذا التزم البشير بتوفير الجُزء الأكبر من أفراد القوات البرية (استرخاصاً) للدم السوداني ولأبناء السودان بالقوات المُسلَّحة! وهو ما أكَّدته صحيفة (العربى الجديد)، قبل يومين بشأن مُوافقة السودان على إرسال قوات برية لليمن، بخلاف القوات السودانية التي أُرسلت سابقاً مع بداية النزاع! بينما أشاع الإعلام الإسلاموي المأجور بأنَّ مسألة القوات البرية، مُجرَّد طلب تقدَّم به عبدره خلال زيارته للخرطوم الأُسبوع الماضي! وهنا اتذكر ما قاله الغالي شبونة بأنَّ الأصنام لو (نطقت) فستقول بأنَّ البشير ليس رجل سلام، وكلَّه تصميمٌ على نشر الخراب والشُؤم في السودان! ولتنظروا يا جيش السودان إلى (استرخاص) البشير لأرواحكم والتلاعب بكم نظير دُريهات، لا يهم مقدارها فهي لم ولن تدخل خزينة الدولة، وبالأساس لا تُساوي روح سودانية واحدة، فعلام تُقاتلون (تَقْتُلون وتُقْتَلُون) خدمةً للبشير ومن معه من طلاب المُغامرة و(عَبَدَة) الشهوات! ألا ترون أنَّ الأحق بالقتال هو الكاذب والقاتل والمُغتصب والانتهازي والخائن (بترك أراضي البلد للمُحتَلْ)؟! متى ستهبون لإنقاذ أنفسكم وشعبكم وبلدكم؟ أين أنتم من الجيوش الحُرَّة التي هبَّتْ على أنظمتها المُتجبرة وأنقذت شعوبها وأوطانها؟!
أُخاطبكم ياجيش السودان وقواته المُسلَّحة وأنا استصحب معي أكثر من مشهد، أوَّلها ما جاء من أنباء عن (جرحى) آتون من اليمن وأجزم بأنَّهم رفقائكم الذين ذهبوا في الدفعات الأولى، إذ لا يُعقَل مُعالجة أفراد قوات التحالف (سواء يمانية أو خليجيين) بالسودان الذي يفتقد لأبسط المُقوّمات الطبية ويتجاوزون دول الخليج التي تفوقه بمرات! وثاني هذه المشاهد منظر قُدامى المُحاربين السودانيين في الحروب التي فرضها عليهم البشير وعصباته داخلياً ضد أهلهم، وفيهم المُعاق بيده أو قدمه أو كليهما، وهم يُطالبون بحقوق نهاية الخدمة التي (استكثرها) عليهم المُتأسلمون، وحينما اعتصموا بالقرب من القيادة العامَّة مُطالبين بهذه الحقوق، لم يجدوا غير الهراوات والغاز المُسيل للدموع والسجون في انتظارهم! وثالثها منظر بقية أفراد الجيش الذين وقفوا موقف المُتفرج دون أن يتضامنوا مع زملائهم السابقين، ودون حتَّى أن يتخيَّلوا مصيرهم المُستقبلي إذا انتهت خدماتهم! ورابع هذه المشاهد، تعامُل المُتأسلمين مع جرحى العمليات الحربية وعدم علاجهم، وطرد بعضهم من المستشفى وهو لم (يُكمل علاجه) ما لم يكن (مُوالياً) لهم، أو قريب أحدٍ منهم! فإلى متى يا جيشنا يتلاعب البشير وعصابته بكم وبأهلكم وبلدكم؟ ومتى تستعيدون احترامكم وهيبتكم بين الجيوش وتقوموا بواجباتكم الأصيلة بما فيها إزالة الديكتاتورية وإشاعة الديمقراطية وسيادة العدالة وحقوق الإنسان؟!.
Subject: Re: [Elhakeem:5251] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:14:04 +0100
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB408-EAS670654FCFE5B0381FB8A8ED66B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 9:06:52 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
أسراب الحسان ،،
من روائع الغناء السوداني في عهود مضت،، كانت فيها الكلمات تلتقي باللحن وبالاداء المتميز فتخرج لنا مثل هذه الدرر،، ثم كان ما كان فجفت الينابيع وبحت الاصوات الي إن سكتت كما سكت الناس علي الظلم،، فهل تري تعود تلك الازمنة ونطرب لفننا ونحن كهول كما طربنا له ونحن شباب ؟ لنستمع الي سيد خليفة عليه رحمة الله وهو يغني لسرب من الحسان كأنهن الظباء تمرح ماشية تتهادي بين افياء الظلال ينثرن الامل والفتنة والعبير، ويثرن ما يثرن من الاشواق في قلوب شتي منها ما شاخ ومنها ما هو في زهو الشباب،، ولنبقي جذوة الامل حية في القلوب راجين ان تعود الاشياء الي ما كانت عليه، ونتمني ان يحدث ذلك في الذي بقي لنا من العمر ،،، وكم يأسرني قول الشاعر، يا ملاك الحسن مهلاً انت في زهو الشباب،،، ثم اعترافه بأنه قد صار كهلاً من جوي الوجد المذاب،،، وما الكهولة بمانعة القلب عن الخفقان، وعن الاعجاب بالحسن والجمال، فلنسمع وندندن بكلمات كم اعجبت بها وتغنيت وانا في زهو الشباب، ولا زلت وانا قد صرت كهلاً:
أي سرب يتهادى بين أفياء الظلال
يتثني في جمال ٠٠٠ ويغني في دلال
مثل عنقود تدلى ٠٠٠ بشغاف القلب مال
مال مال مال
كطيور حالمات سابحات في العبير
وصلاة ودعاء وابتسام في سرور
فتنة تمشي الهوينا بين منثور الزهور
يا ملاك الحسن مهلاً انت في زهو الشباب
وانا قد صرت كهلاً من جوي الوجد المذاب
لو هوانا كان عدلا ما جفا ثغري الشراب
إن في عينيك سحرا ملئ عينيّ سراب
دمعة حرى هتون وكؤوس من عذاب
هذا ما نلت فهاتوا ما تبقى يا صحاب
اتركوها في ذراها ودعوني للجوى
شغل القلب هواها وهي لاتدري الهوى
كم تمنيت لقاها وتمناني النوى
تحياتي
كامل سيد احمد ،،
Subject: Re: [Elhakeem:5251] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:14:04 +0100
من روائع الغناء السوداني في عهود مضت،، كانت فيها الكلمات تلتقي باللحن وبالاداء المتميز فتخرج لنا مثل هذه الدرر،، ثم كان ما كان فجفت الينابيع وبحت الاصوات الي إن سكتت كما سكت الناس علي الظلم،، فهل تري تعود تلك الازمنة ونطرب لفننا ونحن كهول كما طربنا له ونحن شباب ؟ لنستمع الي سيد خليفة عليه رحمة الله وهو يغني لسرب من الحسان كأنهن الظباء تمرح ماشية تتهادي بين افياء الظلال ينثرن الامل والفتنة والعبير، ويثرن ما يثرن من الاشواق في قلوب شتي منها ما شاخ ومنها ما هو في زهو الشباب،، ولنبقي جذوة الامل حية في القلوب راجين ان تعود الاشياء الي ما كانت عليه، ونتمني ان يحدث ذلك في الذي بقي لنا من العمر ،،، وكم يأسرني قول الشاعر، يا ملاك الحسن مهلاً انت في زهو الشباب،،، ثم اعترافه بأنه قد صار كهلاً من جوي الوجد المذاب،،، وما الكهولة بمانعة القلب عن الخفقان، وعن الاعجاب بالحسن والجمال، فلنسمع وندندن بكلمات كم اعجبت بها وتغنيت وانا في زهو الشباب، ولا زلت وانا قد صرت كهلاً:
أي سرب يتهادى بين أفياء الظلال
يتثني في جمال ٠٠٠ ويغني في دلال
مثل عنقود تدلى ٠٠٠ بشغاف القلب مال
مال مال مال
كطيور حالمات سابحات في العبير
وصلاة ودعاء وابتسام في سرور
فتنة تمشي الهوينا بين منثور الزهور
يا ملاك الحسن مهلاً انت في زهو الشباب
وانا قد صرت كهلاً من جوي الوجد المذاب
لو هوانا كان عدلا ما جفا ثغري الشراب
إن في عينيك سحرا ملئ عينيّ سراب
دمعة حرى هتون وكؤوس من عذاب
هذا ما نلت فهاتوا ما تبقى يا صحاب
اتركوها في ذراها ودعوني للجوى
شغل القلب هواها وهي لاتدري الهوى
كم تمنيت لقاها وتمناني النوى
تحياتي
كامل سيد احمد ،،
Subject: Re: [Elhakeem:5251] RE: [Elhakeem:5206 في الفن المسرحي
From: nahla...@hotmail.com
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:14:04 +0100
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB408-EAS670654FCFE5B0381FB8A8ED66B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 9:21:34 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
ارجو ان يكون مقالي القصير عن مذكرات البرلم قد خفف قليلاً من جفاف الكتابة في الفلسفة، والان وبعد قضاء اسبوع بعيداً عن الاسرة في كوڤنتري، وجدت فيه الوقت والفراغ لمواصلة القراءة والكتابة، اعود لاكتب عن ابي العلاء،، وليعذرني القراء علي نشري كل الحلقات دفعة واحدة فانما هي فرصة واحدة يتيحها يوم الاحد بعض ان انقضي السبت بين السفر والمجاملات،،
شك العقل فيما ولد فيه وآمن به ثم لم يرتضيه، هل هو كفر، إم هو واجب علي العقل، بل هو من وظائفه التي لأجلها خُلِق؟
افتتاحية:
اعود لاواصل الكتابة في الشك، وعلي حلقات، وأعني هنا الشك والتساؤل المُلِح الذي يساور العقل فيشقي الشاك ويضنيه في أول أمره وهو، أي الفرد الشاك الذي قد يكون نشأ في بيئة مطمئنة الي معتقداتها، راضية بإيمانها الفطري الذي دعمته متوارثات لا يدري الفرد متي ولا كيف غُرِسَتْ في عقله وكبرت معه. يهتز الفرد لمثل هذا الشك إذ إنه كان والي إن داخله الشك لا يجد في أي من معتقداته التي عاش معها وبها غرابةً، ولا وجد حاجة الي مراجعةٍ وسؤال، ثم لا يلبث الشك إن يفرض نفسه علي العقل فيقنعه بجدوي مراجعة ما ترسب فيه، وتنفتح امامه الاحتمالات فتزول الغضاضة وينتفي الخوف ويطل مكانه التفكير الممنهج، يقوده العقل بما فيه من الرغبة في المعرفة والبحث عن يقين يرتاح اليه ويؤمن به، يكون بديلاً عن اليقين القديم الذي ورثه العقل، بل فُرِضَ عليه، ولم يكن له فيه اختيار.
كثيرين هم من ساورتهم الشكوك حول كل شئ في حياتهم، منهم الفلاسفة الذين جعلوا من الشك وسيلتهم الي بلوغ اليقين، فمنهم من بلغه فثبت ايمانه، ومنهم من لم يصل الي يقين ثابت فخالف عامة الناس والحد، ومنهم من ظل شاكاً وعَدَّ نفسه ضمن 'اللا ادريين'، (Agonist) والكلمة 'اقونست' مشتقة من 'نوسس' اللاتينية (Gnosis) وتعني المعرفة والدراية، لذلم يسمونهم. اللاادريين.
اتناول في هذه الحلقات، بعد تناولي للغزالي وديكارت شخصيتان أُعجبت بهما وقرإت لهما وعنهما، هما شيخ المعرة وفيلسوفها وشاعرها ابو العلاء المعري، والتجاني يوسف بشير شاعر السودان الخالد.
شك العقل فيما ولد فيه وآمن به ثم لم يرتضيه، هل هو كفر، إم هو واجب علي العقل، بل هو من وظائفه التي لأجلها خُلِق؟
افتتاحية:
اعود لاواصل الكتابة في الشك، وعلي حلقات، وأعني هنا الشك والتساؤل المُلِح الذي يساور العقل فيشقي الشاك ويضنيه في أول أمره وهو، أي الفرد الشاك الذي قد يكون نشأ في بيئة مطمئنة الي معتقداتها، راضية بإيمانها الفطري الذي دعمته متوارثات لا يدري الفرد متي ولا كيف غُرِسَتْ في عقله وكبرت معه. يهتز الفرد لمثل هذا الشك إذ إنه كان والي إن داخله الشك لا يجد في أي من معتقداته التي عاش معها وبها غرابةً، ولا وجد حاجة الي مراجعةٍ وسؤال، ثم لا يلبث الشك إن يفرض نفسه علي العقل فيقنعه بجدوي مراجعة ما ترسب فيه، وتنفتح امامه الاحتمالات فتزول الغضاضة وينتفي الخوف ويطل مكانه التفكير الممنهج، يقوده العقل بما فيه من الرغبة في المعرفة والبحث عن يقين يرتاح اليه ويؤمن به، يكون بديلاً عن اليقين القديم الذي ورثه العقل، بل فُرِضَ عليه، ولم يكن له فيه اختيار.
كثيرين هم من ساورتهم الشكوك حول كل شئ في حياتهم، منهم الفلاسفة الذين جعلوا من الشك وسيلتهم الي بلوغ اليقين، فمنهم من بلغه فثبت ايمانه، ومنهم من لم يصل الي يقين ثابت فخالف عامة الناس والحد، ومنهم من ظل شاكاً وعَدَّ نفسه ضمن 'اللا ادريين'، (Agonist) والكلمة 'اقونست' مشتقة من 'نوسس' اللاتينية (Gnosis) وتعني المعرفة والدراية، لذلم يسمونهم. اللاادريين.
اتناول في هذه الحلقات، بعد تناولي للغزالي وديكارت شخصيتان أُعجبت بهما وقرإت لهما وعنهما، هما شيخ المعرة وفيلسوفها وشاعرها ابو العلاء المعري، والتجاني يوسف بشير شاعر السودان الخالد.
Subject: RE: [Elhakeem:5252] RE: [Elhakeem:5206 من مذكرات البرلم لطالبين عطبراويين
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:49:43 +0000
Date: Mon, 31 Aug 2015 18:49:43 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W63A50E7245E5513C5050C2B36B0%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 9:24:04 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
[[[١]]] ابو العلاء المعري: فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة:
(١) تعريف بالشاعر:
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبدالله بن سليمان ٣٦٣ -٤٤٣ هـ (٩٧٣-١٠٥٣م ) المولود في معرة النعمان بسورية، وقد عميَ من الجدري في عامه الرابع ورحل إلى بغداد سنة ٣٩١هـ وأقام بها سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده معرة النعمان ولزم منزله بعد بلوغه سن الثلاثين في عزلة لا يبرح بيته، فلا يزور ولا يزار لكنه كان يستقبل الطلاب في حلقة درسه. كان لا يأكل اللحم او البيض واللبن ولم يتزوج، وكان يصوم كل أيام السنة ما عدا عيدي الفطر الأضحى، وكان يلبس خشن الثياب ويإكل العدس والعسل، وعاش زاهدا حتى وفاته بمعرة النعمان سنة٤٤٣ هـ.
وقد خلف ابو العلاء من المؤلفات الكثير وأحصى القفطي في مؤلفه " إنباه الرواة " أكثر من خمسة وخمسين مصنفا ؛ ويعقب القفطي على ذلك بقوله : إن أكثر كتب أبى العلاء هذه عُدمت ، وإنما يوجد منها ما خرج عن المعرة قبل هجوم الكفار عليها (يقصد الصليبيين) ، وقتل من قتل من أهلها ونهب ما وجد منها فأما الكتب الكبار التي لم تخرج من المعرة فاعدمت وإن وجد شئ منها فإنما يوجد البعض من كل كتاب "
وأهم ما بقى من مؤلفات ابي العلاء ديوان "سقط الزند" وأبياته نحو ثلاثة آلاف بيت ؛ وديوان "لزوم ما لا يلزم" الذي يشمل عشرة آلاف وسبعمائة وواحد وخمسين بيتا، وفيه الزم ابو العلاء نفسه بقوافي قصائد علي حروف المعجم والزم نفسه بمازلا يلزم من جعل القافية من ٣ الي خمس احرف في بعض قصائده، والتزم نوعاً صعباً من الجناس والطباق وبقية المحسنات اللغوية، فكان حقاً كما قال (واني وان كنت الاخيرْ زمانه ٠٠٠ لآتِ بما لم تستطعه الاوائلُ) ورسالة "الصاهل والشاحج" و"رسالة الغفران" و"رسالة الملائكة" و"رسالة الهناء" و"رسالة الفصول والغايات" .كما ألف شروحا لدواوين كل من أبي تمام والبحتري والمتنبي ؛ وقد حظي المعري بدراسات بعض النقاد والعرب أمثال طه حسين وعائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) وإحسان عباس وغيرهم.
(٢) الشك لدي المعري:
قال ابو العلاء:
[ أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ *** فاتّبعْهُ ، فكلّ عقلٍ نبي ]
وقال في قصيدة أخري:
[ يرتجي الناس إن يقوم خطيبٌ *** ناطقٌ في الكتيبة الخرساء]
[ كذب الظن لا إمام سوي العقل *** مشيراً في صبحه والمساء]
من هذا المنطلق، ومن هذه الرؤية ندخل إلى عالم أبى العلاء المعري ونظرية الشك لديه ، حيث نرى رؤيته الشكية في كل ما يجرى من حوله، لم يكن شيخ المعرة وشاعرها وفيلسوفها يؤمن بالخطوط الحمراء، ولا الجوامد الثابتة أو المسلمات غير القابلة للتحليل والنقد ، وربما كان العمى عند أبى العلاء عاملاً نحو رؤية الأشياء مجردة ، وهذا ما نراه في اشتقاقاته اللغوية التي نراها في مؤلفاته ، حيث تجري اشتقاقاته على الأقيسة اللغوية حتى لو لم تكن مألوفة ومستخدمة في عصره ، فاللغة ليست مقدسة عند أبى العلاء بل هي قابلة للتأليف والنسخ والحذف والإضافة .
من خلال المنهج التحليلي الذي سأتبعه في هذا المقال وأحاول ترسيم نظرية الشك لدى المعري ، وكيفية وضع أُطُرٍ لها من ثم نستعين بذلك على نقدها إيجابا أو سلبا .
يصرح المعري في كتابه ثلاثي الأجزاء، "الفصول والغايات" بتأرجحه بين القبول والرفض للحياة فيقول : [[ نفسٌ تأمرني بذلك ، ونفسٌ تنهاني ]]
وربما كان يعني بالإمر هو الانتحار والتخلص من الحياة، ثم تنهاه نفسه، ولذا فهو يصرح في رسالة الغفران:
[[ قد كدت ألحق برهط العدم ؛ من غير الأسف ولا الندم، ولكنما أرهب قدومي على الجبار ]] فهنا نجد ابا العلاء مؤمناً بالبعث وبالحساب، فهو يرهب مثوله أمام ربه وسؤاله عن قتله نفسه،، ويوضح في مكان آخر كيف أنه ضاق بالعالم من حوله:
[[ طفت الآفاق ، فإذا الدنيا نفاق ؛ ومللت من مداراة العالم بما يضمر غيره ما يظهره الفؤاد، فاخترت الوحدة على جليس السوء ]] (من المعروف أن أبا العلاء لزم بيته عند بلوغه الثلاثين من العمر واختار العزلة عن الناس الي يوم وفاته وهو في الثمانين)
لقد ساهم ضياع معظم مؤلفات المعري في اختلاف الباحثين حوله، حيث إن كتبا كاملة وأجزاء من كتب أخرى فُقدت وبقي منها بعض، لذلك فإن ما نعرفه عن المعري هو معرفة نسبية وبذلك تكون اي من الأحكام النقدية عليه وعلي أدبه أحكاماً نسبية أيضا. لقد شغل المعري عدداً كبيراً من الباحثين العرب والغربيين، ولعل أشهر الدراسات التي قامت حوله كتاب 'الجامع في أخبار أبى العلاء وآثاره' لمحمد سليم الجندي. لكن هذه الدراسة لم تكن إلا تجميعاً لآراء المؤلفين العرب القدامى، وعلى هذه الطريقة جمع الدكتور طه حسين وآخرون أخبار أبى العلاء في كتاب أُطلق عليه ( تعريف القدماء لأبى العلاء ) وهو تجميع لمعظم تراجم أبى العلاء في التراث العربي والفارسي، ولكننا لا نرى فيها نقداً أو تحليلاً. أما كتاب إبراهيم السامرائى ( مع المعري اللغوي ) فقد كتب عنه نقاد الادب واشاروا الي إنه حافل بالأخطاء المنهجية.
في مؤلفات طه حسين حول المعري:"صوت أبي العلاء " و " مع أبي العلاء في سجنه " نجد العميد منحازاً انحيازاً بيناً الي ابي العلاء بحيث يختفي الناقد فيه ويطل المدافع عن المعري، وهو حب واعجاب لا ينكره العميد، بل كثيراً ما يعقد المقارنة بينه وبين ابي العلاء ، وقد نحى الاستاذ الملوحي الطريق ذاته وهو الدفاع عن أبى العلاء فجاء كتابه "دفاع عن أبى العلاء المعري" في مسلك الدفاع، إذ قسمه إلى قسمين : أولهما أبو العلاء مؤمن مسلم ؛والآخر شاعرية أبى العلاء. ومن عجب أن آخر ما نشر حول أبى العلاء من الدكتورة عائشة بنت الشاطئ جاء دفاعا عن أبى العلاء أيضا، فإن شخصاً بذكاء ابي العلاء، ابتلي بفقد البصر منذ عمر باكر، وفقد والدية لكنه ظل صامداً في وجه هذه الازمات لهو مستحق للاعجاب.
نإتي إلي الأبحاث التي تعرض فيها المستشرقون الي المعري وشعره وفلسفته، ولعل أهم هذه الدراسات والأبحاث هو ما كتبه 'فيشر' حول (هل حاول ابو العلاء مضاربة القران؟) وهو الكتاب الذي حاول فيه فيشر أن يدفع عن المعري تهمة كتابة ،الفصول والغايات ، كمعارضة وتحدي للقرآن، لكنه وإن كان قد ألقى الضوء على هذا الكتاب النادر إلا أنه لم يستطع أن يفهم النصوص الأدبية فهماً عميقاً ويحللها تحليلاً نقدياً، وربما كانت صعوبة لغة أبى العلاء في هذا الكتاب، وغموض تركيباته أحيانا سبباً في هذا التناول من فيشر الذي رأي في المعري الشاعر العظيم والمفكر الكبير مما يوحي بإعجابه بالمعري .
وقد جاء ريتشارد هارتمان في كتابه "نقد كتاب الفصول والغايات لأبي العلاء المعري" ليتبع فيشر في رؤيته تجاه كتاب الفصول والغايات، إلا أن أهمية كتاب هارتمان فيما أرى ترجع إلى إشارته إلى أن كتاب المعري " الفصول والغايات " محاولة ضد الكتابات النثرية في عصره ؛ فهو قد جاء في اسلوب فريد احيا به الكثير من مفردات اللغة العربية التي كادت إن تندثر، ولا احسب إن أحداً يقرأه ولا يستعين بمنجد ضخم لفهم ما استغلق عليه من الكلمات والعبارات. إلا أن أبحاث 'مارجليوث' - رغم مكانته وسط المستشرقين - حول أبي العلاء لا تكتسب أهمية لأنها في غالبها ترديد لآراء بعض النقاد العرب القدامى وأحيانا دون فهم عميق ، وربما كانت محاولته في تحقيق رسائل أبى العلاء ونشرها أفضل ما قام به على الرغم مما ثبت من أخطاء وقع فيها في التحقيق إذ لا تخلو صفحة من تحقيقه من أخطاء، وهو ما اشارت اليه وصححته الدكتورة عائشة بنت الشاطئ لاحقاً .
وقد تناول كل من 'ف. غابرائيل و بروكلمان، و أ. مير، وآرثر ورمهودوت' في الموسوعة الاسلامية في أبحاثهم أبا العلاء، و ترجموا له نقلا عن تراجم العرب . وقد جاء مقال رمهودوت في هذه الموسوعة مقالاً مقتضبا حول المعرى، وردد حوادث ثبت عدم حدوثها وقد أشار في مقاله إلى نقد المعري للتراث التقليدي في عصره . إلا أن مقال س. سمور في نفس الموسوعة حول المعري يترجم ما حكاه القفطى وياقوت الحموي ، فساهم في عرض مؤلفات المعري بشكل واضح بُني علي فهمه لهذه المؤلفات . وقد تناولت 'ريناتا' المعري في ثلاث صفحات من الموسوعة وركزت على قضية الزمن عند المعري وأهمية التركيب اللغوي لديه. ولقد قامت عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) بأفضل تحقيق لرسالتي أبى العلاء المعري : "رسالة الغفران" و "رسالة الصاهل والشاحج" ولا يستغنى عن تعليقاتها المصاحبة للتحقيق فقد كانت رسالة الغفران محققة تحقيقا سيئا من قبل إن تتناولها د. بنت الشاطئ وقام باحث بسرقة تحقيقها ونسبه لنفسه فيما بعد. ومن عجب أن معظم المستشرقين لم يتوقفوا أمام نصوص أبى العلاء بل كان معظم اهتمامهم هو محاولة إثبات أثر الفلسفة الهندية والإغريقية على حياة أبى العلاء وتراثه.
(١) تعريف بالشاعر:
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبدالله بن سليمان ٣٦٣ -٤٤٣ هـ (٩٧٣-١٠٥٣م ) المولود في معرة النعمان بسورية، وقد عميَ من الجدري في عامه الرابع ورحل إلى بغداد سنة ٣٩١هـ وأقام بها سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده معرة النعمان ولزم منزله بعد بلوغه سن الثلاثين في عزلة لا يبرح بيته، فلا يزور ولا يزار لكنه كان يستقبل الطلاب في حلقة درسه. كان لا يأكل اللحم او البيض واللبن ولم يتزوج، وكان يصوم كل أيام السنة ما عدا عيدي الفطر الأضحى، وكان يلبس خشن الثياب ويإكل العدس والعسل، وعاش زاهدا حتى وفاته بمعرة النعمان سنة٤٤٣ هـ.
وقد خلف ابو العلاء من المؤلفات الكثير وأحصى القفطي في مؤلفه " إنباه الرواة " أكثر من خمسة وخمسين مصنفا ؛ ويعقب القفطي على ذلك بقوله : إن أكثر كتب أبى العلاء هذه عُدمت ، وإنما يوجد منها ما خرج عن المعرة قبل هجوم الكفار عليها (يقصد الصليبيين) ، وقتل من قتل من أهلها ونهب ما وجد منها فأما الكتب الكبار التي لم تخرج من المعرة فاعدمت وإن وجد شئ منها فإنما يوجد البعض من كل كتاب "
وأهم ما بقى من مؤلفات ابي العلاء ديوان "سقط الزند" وأبياته نحو ثلاثة آلاف بيت ؛ وديوان "لزوم ما لا يلزم" الذي يشمل عشرة آلاف وسبعمائة وواحد وخمسين بيتا، وفيه الزم ابو العلاء نفسه بقوافي قصائد علي حروف المعجم والزم نفسه بمازلا يلزم من جعل القافية من ٣ الي خمس احرف في بعض قصائده، والتزم نوعاً صعباً من الجناس والطباق وبقية المحسنات اللغوية، فكان حقاً كما قال (واني وان كنت الاخيرْ زمانه ٠٠٠ لآتِ بما لم تستطعه الاوائلُ) ورسالة "الصاهل والشاحج" و"رسالة الغفران" و"رسالة الملائكة" و"رسالة الهناء" و"رسالة الفصول والغايات" .كما ألف شروحا لدواوين كل من أبي تمام والبحتري والمتنبي ؛ وقد حظي المعري بدراسات بعض النقاد والعرب أمثال طه حسين وعائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) وإحسان عباس وغيرهم.
(٢) الشك لدي المعري:
قال ابو العلاء:
[ أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ *** فاتّبعْهُ ، فكلّ عقلٍ نبي ]
وقال في قصيدة أخري:
[ يرتجي الناس إن يقوم خطيبٌ *** ناطقٌ في الكتيبة الخرساء]
[ كذب الظن لا إمام سوي العقل *** مشيراً في صبحه والمساء]
من هذا المنطلق، ومن هذه الرؤية ندخل إلى عالم أبى العلاء المعري ونظرية الشك لديه ، حيث نرى رؤيته الشكية في كل ما يجرى من حوله، لم يكن شيخ المعرة وشاعرها وفيلسوفها يؤمن بالخطوط الحمراء، ولا الجوامد الثابتة أو المسلمات غير القابلة للتحليل والنقد ، وربما كان العمى عند أبى العلاء عاملاً نحو رؤية الأشياء مجردة ، وهذا ما نراه في اشتقاقاته اللغوية التي نراها في مؤلفاته ، حيث تجري اشتقاقاته على الأقيسة اللغوية حتى لو لم تكن مألوفة ومستخدمة في عصره ، فاللغة ليست مقدسة عند أبى العلاء بل هي قابلة للتأليف والنسخ والحذف والإضافة .
من خلال المنهج التحليلي الذي سأتبعه في هذا المقال وأحاول ترسيم نظرية الشك لدى المعري ، وكيفية وضع أُطُرٍ لها من ثم نستعين بذلك على نقدها إيجابا أو سلبا .
يصرح المعري في كتابه ثلاثي الأجزاء، "الفصول والغايات" بتأرجحه بين القبول والرفض للحياة فيقول : [[ نفسٌ تأمرني بذلك ، ونفسٌ تنهاني ]]
وربما كان يعني بالإمر هو الانتحار والتخلص من الحياة، ثم تنهاه نفسه، ولذا فهو يصرح في رسالة الغفران:
[[ قد كدت ألحق برهط العدم ؛ من غير الأسف ولا الندم، ولكنما أرهب قدومي على الجبار ]] فهنا نجد ابا العلاء مؤمناً بالبعث وبالحساب، فهو يرهب مثوله أمام ربه وسؤاله عن قتله نفسه،، ويوضح في مكان آخر كيف أنه ضاق بالعالم من حوله:
[[ طفت الآفاق ، فإذا الدنيا نفاق ؛ ومللت من مداراة العالم بما يضمر غيره ما يظهره الفؤاد، فاخترت الوحدة على جليس السوء ]] (من المعروف أن أبا العلاء لزم بيته عند بلوغه الثلاثين من العمر واختار العزلة عن الناس الي يوم وفاته وهو في الثمانين)
لقد ساهم ضياع معظم مؤلفات المعري في اختلاف الباحثين حوله، حيث إن كتبا كاملة وأجزاء من كتب أخرى فُقدت وبقي منها بعض، لذلك فإن ما نعرفه عن المعري هو معرفة نسبية وبذلك تكون اي من الأحكام النقدية عليه وعلي أدبه أحكاماً نسبية أيضا. لقد شغل المعري عدداً كبيراً من الباحثين العرب والغربيين، ولعل أشهر الدراسات التي قامت حوله كتاب 'الجامع في أخبار أبى العلاء وآثاره' لمحمد سليم الجندي. لكن هذه الدراسة لم تكن إلا تجميعاً لآراء المؤلفين العرب القدامى، وعلى هذه الطريقة جمع الدكتور طه حسين وآخرون أخبار أبى العلاء في كتاب أُطلق عليه ( تعريف القدماء لأبى العلاء ) وهو تجميع لمعظم تراجم أبى العلاء في التراث العربي والفارسي، ولكننا لا نرى فيها نقداً أو تحليلاً. أما كتاب إبراهيم السامرائى ( مع المعري اللغوي ) فقد كتب عنه نقاد الادب واشاروا الي إنه حافل بالأخطاء المنهجية.
في مؤلفات طه حسين حول المعري:"صوت أبي العلاء " و " مع أبي العلاء في سجنه " نجد العميد منحازاً انحيازاً بيناً الي ابي العلاء بحيث يختفي الناقد فيه ويطل المدافع عن المعري، وهو حب واعجاب لا ينكره العميد، بل كثيراً ما يعقد المقارنة بينه وبين ابي العلاء ، وقد نحى الاستاذ الملوحي الطريق ذاته وهو الدفاع عن أبى العلاء فجاء كتابه "دفاع عن أبى العلاء المعري" في مسلك الدفاع، إذ قسمه إلى قسمين : أولهما أبو العلاء مؤمن مسلم ؛والآخر شاعرية أبى العلاء. ومن عجب أن آخر ما نشر حول أبى العلاء من الدكتورة عائشة بنت الشاطئ جاء دفاعا عن أبى العلاء أيضا، فإن شخصاً بذكاء ابي العلاء، ابتلي بفقد البصر منذ عمر باكر، وفقد والدية لكنه ظل صامداً في وجه هذه الازمات لهو مستحق للاعجاب.
نإتي إلي الأبحاث التي تعرض فيها المستشرقون الي المعري وشعره وفلسفته، ولعل أهم هذه الدراسات والأبحاث هو ما كتبه 'فيشر' حول (هل حاول ابو العلاء مضاربة القران؟) وهو الكتاب الذي حاول فيه فيشر أن يدفع عن المعري تهمة كتابة ،الفصول والغايات ، كمعارضة وتحدي للقرآن، لكنه وإن كان قد ألقى الضوء على هذا الكتاب النادر إلا أنه لم يستطع أن يفهم النصوص الأدبية فهماً عميقاً ويحللها تحليلاً نقدياً، وربما كانت صعوبة لغة أبى العلاء في هذا الكتاب، وغموض تركيباته أحيانا سبباً في هذا التناول من فيشر الذي رأي في المعري الشاعر العظيم والمفكر الكبير مما يوحي بإعجابه بالمعري .
وقد جاء ريتشارد هارتمان في كتابه "نقد كتاب الفصول والغايات لأبي العلاء المعري" ليتبع فيشر في رؤيته تجاه كتاب الفصول والغايات، إلا أن أهمية كتاب هارتمان فيما أرى ترجع إلى إشارته إلى أن كتاب المعري " الفصول والغايات " محاولة ضد الكتابات النثرية في عصره ؛ فهو قد جاء في اسلوب فريد احيا به الكثير من مفردات اللغة العربية التي كادت إن تندثر، ولا احسب إن أحداً يقرأه ولا يستعين بمنجد ضخم لفهم ما استغلق عليه من الكلمات والعبارات. إلا أن أبحاث 'مارجليوث' - رغم مكانته وسط المستشرقين - حول أبي العلاء لا تكتسب أهمية لأنها في غالبها ترديد لآراء بعض النقاد العرب القدامى وأحيانا دون فهم عميق ، وربما كانت محاولته في تحقيق رسائل أبى العلاء ونشرها أفضل ما قام به على الرغم مما ثبت من أخطاء وقع فيها في التحقيق إذ لا تخلو صفحة من تحقيقه من أخطاء، وهو ما اشارت اليه وصححته الدكتورة عائشة بنت الشاطئ لاحقاً .
وقد تناول كل من 'ف. غابرائيل و بروكلمان، و أ. مير، وآرثر ورمهودوت' في الموسوعة الاسلامية في أبحاثهم أبا العلاء، و ترجموا له نقلا عن تراجم العرب . وقد جاء مقال رمهودوت في هذه الموسوعة مقالاً مقتضبا حول المعرى، وردد حوادث ثبت عدم حدوثها وقد أشار في مقاله إلى نقد المعري للتراث التقليدي في عصره . إلا أن مقال س. سمور في نفس الموسوعة حول المعري يترجم ما حكاه القفطى وياقوت الحموي ، فساهم في عرض مؤلفات المعري بشكل واضح بُني علي فهمه لهذه المؤلفات . وقد تناولت 'ريناتا' المعري في ثلاث صفحات من الموسوعة وركزت على قضية الزمن عند المعري وأهمية التركيب اللغوي لديه. ولقد قامت عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) بأفضل تحقيق لرسالتي أبى العلاء المعري : "رسالة الغفران" و "رسالة الصاهل والشاحج" ولا يستغنى عن تعليقاتها المصاحبة للتحقيق فقد كانت رسالة الغفران محققة تحقيقا سيئا من قبل إن تتناولها د. بنت الشاطئ وقام باحث بسرقة تحقيقها ونسبه لنفسه فيما بعد. ومن عجب أن معظم المستشرقين لم يتوقفوا أمام نصوص أبى العلاء بل كان معظم اهتمامهم هو محاولة إثبات أثر الفلسفة الهندية والإغريقية على حياة أبى العلاء وتراثه.
Subject: RE: [Elhakeem:5276] RE: [Elhakeem:5206 عودة الي فلسفة الشك
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:21:29 +0000
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:21:29 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W638E41C0F4989C3F4A035BB3550%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 9:28:10 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
(٣) الشك عند أبي العلاء المعري:
إن الشك عند أبى العلاء منهج معين يسير عليه نحو الوصول إلى الحقيقة ، والتناقض الظاهري لديه لا يعنى إلا مرحلة التردد بين اليقين وعدم اليقين ؛ بين المنقول والمعقول ، بين المتعارف عليه والجديد، بين التقليد والتجديد ، ويصطدم المعري في منهجية الشك لديه بكل ما هو متوارث ، فالمعطيات لديه ليست مقدسة والفضل - ليس كما قال القدامى - للمتقدم بل إنه يستطيع كما قال عن نفسه :
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانه *** لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ
لكننا نتساءل ما الهدف الذي سعى إليه المعري من خلال الشك كمنهج لديه؟
أحسب أن المعري قد استخدم الشك طريقا للوصول إلى قناعة داخلية ، فهو قد عاش في صراع أبدي مع نفسه، مع مجتمعه، ومع السلطة ومع الأديان. فهو يشعر بأن قوة داخلية تطارد فكره كي يرتقى إلى منزلة اليقين وفى خلال رحلته القلقة يصطدم مع كل المؤسسات القائمة ويسعى إلى تقويمها أو تحطيمها إن لم يجد إلى تقويمها سبيلا.
وعندما ننظر إلى هذا الكم الهائل من مؤلفات المعري ( وما احتوته من فكر ) نجد أن أهم ما يدعو إليه المعري هو إعمال العقل [ فكلُّ عقلٍ نبيُّ] وفى مرحلة تنبيه العقل ينمو الشك لديه في كل ما حوله، وهو عند المعري ثلاثة أشكال :-
[١] الشك في الأديان .
[٢] الشك في التراث الأدبي.
[٣] الشك في المجتمع .
وسوف أتوقف هنا عند الشك في الاديان فقط .
(٤) الشك في الأديان
كل من يقرإ تراث المعري الشعري والنثري يفاجأ بهذا التناقض الشكلي بين المعري الكافر، الزنديق، الملحد وبين المعري المؤمن، التقى، الورع .
ونحن للأسف الشديد نفتقد بشكل كبير زمنية التأليف في الأدب العربي القديم، ويزيد من حجم المشكلة أن المخطوطة الواحدة قد تكتب في عدة سنوات ويبقى أمام الباحث التشبث بإشارات التأريخ، وهذه لا تسعف الباحث أحيانا في التحديد الدقيق. تزداد المشكلة تعقيدا لدى المعري الذي كثرت مؤلفاته وتضخمت، ولا يعرف زمنية تأليفه. فعلي سبيل المثال كان الظن لدى معظم الباحثين أن ديوان سقط الزند هو أول ديوان ألفه المعري في حياة الصبا؛ إلا أن أي قراءة متمعنة للديوان تشير إلي أن الديوان قد أُلف عبر حياة المعري، وأن بعض قصائده يعود زمنيتها إلى أواخر عمر الشاعر. أقصد من ذلك أن أقول إن التردد أو التناقض في مواقف المعري في الكتاب الواحد لا يعطى دليلا على أن الشك كان في مرحلة زمنية معينة من حياة المعري بل يؤكد أن الشك صاحَب المعري في معظم حياته.
وينبغي قبل أن ننظر إلي أمثلة من أقوال المعري أن أذكر على أن المعري يشكك أحيانا في جزئيات الأديان كنظرية، لكن معظم شكه ونقده ينصب على متاجري الأديان ؛ فنسمعه يردد : "ما أنا بالملحد الكفور ولا *** أسأل مولاي غير إلحاد"
(٥) العقل في مواجهة ما وراء العقل :
يؤمن المعري إيماناً ثابتاً بالعقل ويتخذه نبيا وهاديا، فنجده ينادي في اللزوميات :
يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ *** ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء
كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل *** مشيرا في صبحه والمســاء
فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة *** عند المسير والإرســـاء
إنما هذه المذاهب أسبـــاب *** لجذب الدنيا إلى الرؤسـاء
وينادي :
ولا تصدق بما البرهان يبطله *** فتستفيد من التصديق تكذيبا
ويصرح بأن الحكم الأول والأخير يجب أن يكون للعقل فيقول :
جاءت أحاديثُ إن صــحتْ فإن لها *** شأنـا ولكن فيها ضعف إسنادِ
فشاور العقل واترك غيره هـــدرا *** فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي
أو قوله :
في كل أمرك تقليدٌ رضيتَ به *** حتى مقالك ربي واحدٌ ، أحدُ
وقــد أُمرنا بفكرٍ في بدائعه *** وإن تفكر فيه معشر لحدوا ؟
ويردد المعري الكثير من آراء ابن الراوندي تجاه العقل فقد أورد ابن الراوندي موقفه الرافض لكل ما يخالف العقل ، يقول ابن الراوندي :
[ إن الرسول شهد للعقل برفعته وجلالته ، فلمَ أتى بما ينافره إن كان صادقا؟ ]
ويمضى قائلا :
[ والعقل هو الذي يمتحن قيمة النبوة ، فإما أن تتفق تعاليم النبوة مع العقل وحينئذ فلا لزوم لها ؛ وإما أنها تتناقض وإياه وحينئذ فهي باطلة ]
وعلى هذا فإن المعري يرى أن العقل هو الحكم والفيصل في الأديان وأن كل ما هو مقدس يجب أن يخضع للعقل .
(٦) العقل في مواجهة النقل :
( يجب إن اوضح هنا إن معظم الملاحدة المسلمون لم يلحدوا بالله، بل آمنوا به خالقاً إوحد للكون، لكنهم الحدوا بالنبوات فلم يؤمنوا بأن الله قد اتصل ببشر واوحي لهم، لكنهم رغم ذلك يجلون الانبياء وال سل علي إنهم رجال خيرين، غاروا علي مجتمعاتهم وعملوا علي اصلاحها) يطرح المعري قضية الألوهية بشيء من الإنكار تارة، وتارة أخرى بشكل إيماني عميق، فالشك يبدأ لديه في مواجهة ما تناقله الفقهاء والمفسرون ولذلك يقول في اللزوميات :
قلتم لنا خالقٌ حكيم *** قلنا صدقتم كذا نقـولُ
زعمتموه بلا مكانٍ *** ! ولا زمانٍ ألا فقولــوا
هذا كلام له خبـئٌ *** معناه ليست لنا عقولُ
ويقول :
أما الإله فأمرٌ لست مدركه *** فاحذر لجيلك فوق الأرض إسخاطا
ويتعجب المعري لماذا لا يتألم الله لعذاب الناس :
لو أني كلبٌ لاعترتني حمية *** لجروي أن يلقى كما يلقى الإنس
أو قوله :
رأيت سجايا الناس فيها تظالم *** ولا ريب في عدل الذي خلق الظلما
ويري إن هنالك تناقضا في الأحكام فيخاطب الله قائلا :
أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا *** وبعثت أنت لقبضها ملكين !؟
وزعمت أن لنا معــاداً ثانياً *** ما كان أغناها عن الحالين
ويخاطب الله متسائلا :
إن كان لا يحظى برزقك عاقــلٌ *** وترزق مجنوناً وترزق أحمقا
فلا ذنب يارب السماء على امرئٍ *** رأى ما يشتهي فتزندقا
لكن الشك لديه يجعله متردداً بين الإيمان والكفر ولذا نفاجأ عندما نراه يردد:
سأعبد الله لا أرجو مثوبته ***! لكن تعبد إعظام وإجلال
وهي العبادة التي يدعو اليها عظماء الصوفية، عبادة ليس دافعها خوفٌ من نار إو طمعٌ في جنة، بل الحب لله واجلاله وتعظيمه وشكره.
وعندما ينظر المعري في بعض أحكام الفقه يجد أن هنالك أحكاما لا يقبلها العقل مثل حكم دية اليد إذا قطعت بخمسمائة دينار ذهب، وإذا سرق أحد من الناس ربع دينار تقطع يده فيعترض قائلا :
تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له *** وإن نعوذ بمولانا من النـار
يد بخمس مئين عسجد فُديت *** ما بالها قُطعت في ربع دينار
ولأنه يعيش في مرحلة الشك فإنه في شوق إلى اليقين بيد أنه هيهات:
أما اليقين فـلا يقين وإنما *** أقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا
أو قوله : وقد عدم التيقن في زمانٍ *** حصلنا من حجاه على التظني
بل إن المعري عندما يفكر بعقله ويصطدم مع الشافعي أو مالك فإنه لا يأبه لعدم اتفاقه معرما يراه الامامين، فءن له عقلاً مثلما لهم عقول، بل لعله يفوقهما ذكاءً وعلما، فهو لذلك يري أن من حقه أن يجتهد ويستنتج لوحده طالما هو قادر على التفكير، وهو الذي قاله الءمام المهدي عندما ترك المذاهب القائمة واجتهد في كتابة مذهبه، وقال "لكل مقام مقام ولكل زمان رجال" يقول أبو العلاء:
وينفر عقلي مغضبا إن تركته *** سدى وأتبعت الشافعي ومالكا
ويفاجئنا المعري بأن العقل ينكر الأديان السابقة:
هفتِ الحنيفةُ والنصارى ما اهتدتْ *** ويهودُ حارتْ والمجوسُ مضللهْ
اثنانِ أهلُ الأرضِ : ذو عقـلٍ بلا *** ديــنٍ وآخرَ ديِّنٍ لا عقلَ لهْ
وينكر أن يكون آدم واحدا:
وما آدمٌ في مذهبِ العقلِ واحـدٍ *** ولكنهُ عندَ القيــاسِ أوآدمٌ
ويشكك المعري في تدين الناس من حوله ويرى أنه تدين متوارث، وهو حقاً كذلك، وما عليك لتري ذلك الا أن تنظر حولك الي من يدعون إنهم مؤمنوم، وتسألهم، فلن تجد عند احدهم اجابة شافية اوصلهراليها عقله وتفكيره:
وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منــا *** على ما كانَ عوّدهُ أبوهُ
وما كان الفتى بحجىً ولكنْ *** يـعلمهُ التدينَ أقربوهُ
إن الشك عند أبى العلاء منهج معين يسير عليه نحو الوصول إلى الحقيقة ، والتناقض الظاهري لديه لا يعنى إلا مرحلة التردد بين اليقين وعدم اليقين ؛ بين المنقول والمعقول ، بين المتعارف عليه والجديد، بين التقليد والتجديد ، ويصطدم المعري في منهجية الشك لديه بكل ما هو متوارث ، فالمعطيات لديه ليست مقدسة والفضل - ليس كما قال القدامى - للمتقدم بل إنه يستطيع كما قال عن نفسه :
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانه *** لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ
لكننا نتساءل ما الهدف الذي سعى إليه المعري من خلال الشك كمنهج لديه؟
أحسب أن المعري قد استخدم الشك طريقا للوصول إلى قناعة داخلية ، فهو قد عاش في صراع أبدي مع نفسه، مع مجتمعه، ومع السلطة ومع الأديان. فهو يشعر بأن قوة داخلية تطارد فكره كي يرتقى إلى منزلة اليقين وفى خلال رحلته القلقة يصطدم مع كل المؤسسات القائمة ويسعى إلى تقويمها أو تحطيمها إن لم يجد إلى تقويمها سبيلا.
وعندما ننظر إلى هذا الكم الهائل من مؤلفات المعري ( وما احتوته من فكر ) نجد أن أهم ما يدعو إليه المعري هو إعمال العقل [ فكلُّ عقلٍ نبيُّ] وفى مرحلة تنبيه العقل ينمو الشك لديه في كل ما حوله، وهو عند المعري ثلاثة أشكال :-
[١] الشك في الأديان .
[٢] الشك في التراث الأدبي.
[٣] الشك في المجتمع .
وسوف أتوقف هنا عند الشك في الاديان فقط .
(٤) الشك في الأديان
كل من يقرإ تراث المعري الشعري والنثري يفاجأ بهذا التناقض الشكلي بين المعري الكافر، الزنديق، الملحد وبين المعري المؤمن، التقى، الورع .
ونحن للأسف الشديد نفتقد بشكل كبير زمنية التأليف في الأدب العربي القديم، ويزيد من حجم المشكلة أن المخطوطة الواحدة قد تكتب في عدة سنوات ويبقى أمام الباحث التشبث بإشارات التأريخ، وهذه لا تسعف الباحث أحيانا في التحديد الدقيق. تزداد المشكلة تعقيدا لدى المعري الذي كثرت مؤلفاته وتضخمت، ولا يعرف زمنية تأليفه. فعلي سبيل المثال كان الظن لدى معظم الباحثين أن ديوان سقط الزند هو أول ديوان ألفه المعري في حياة الصبا؛ إلا أن أي قراءة متمعنة للديوان تشير إلي أن الديوان قد أُلف عبر حياة المعري، وأن بعض قصائده يعود زمنيتها إلى أواخر عمر الشاعر. أقصد من ذلك أن أقول إن التردد أو التناقض في مواقف المعري في الكتاب الواحد لا يعطى دليلا على أن الشك كان في مرحلة زمنية معينة من حياة المعري بل يؤكد أن الشك صاحَب المعري في معظم حياته.
وينبغي قبل أن ننظر إلي أمثلة من أقوال المعري أن أذكر على أن المعري يشكك أحيانا في جزئيات الأديان كنظرية، لكن معظم شكه ونقده ينصب على متاجري الأديان ؛ فنسمعه يردد : "ما أنا بالملحد الكفور ولا *** أسأل مولاي غير إلحاد"
(٥) العقل في مواجهة ما وراء العقل :
يؤمن المعري إيماناً ثابتاً بالعقل ويتخذه نبيا وهاديا، فنجده ينادي في اللزوميات :
يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ *** ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء
كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل *** مشيرا في صبحه والمســاء
فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة *** عند المسير والإرســـاء
إنما هذه المذاهب أسبـــاب *** لجذب الدنيا إلى الرؤسـاء
وينادي :
ولا تصدق بما البرهان يبطله *** فتستفيد من التصديق تكذيبا
ويصرح بأن الحكم الأول والأخير يجب أن يكون للعقل فيقول :
جاءت أحاديثُ إن صــحتْ فإن لها *** شأنـا ولكن فيها ضعف إسنادِ
فشاور العقل واترك غيره هـــدرا *** فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي
أو قوله :
في كل أمرك تقليدٌ رضيتَ به *** حتى مقالك ربي واحدٌ ، أحدُ
وقــد أُمرنا بفكرٍ في بدائعه *** وإن تفكر فيه معشر لحدوا ؟
ويردد المعري الكثير من آراء ابن الراوندي تجاه العقل فقد أورد ابن الراوندي موقفه الرافض لكل ما يخالف العقل ، يقول ابن الراوندي :
[ إن الرسول شهد للعقل برفعته وجلالته ، فلمَ أتى بما ينافره إن كان صادقا؟ ]
ويمضى قائلا :
[ والعقل هو الذي يمتحن قيمة النبوة ، فإما أن تتفق تعاليم النبوة مع العقل وحينئذ فلا لزوم لها ؛ وإما أنها تتناقض وإياه وحينئذ فهي باطلة ]
وعلى هذا فإن المعري يرى أن العقل هو الحكم والفيصل في الأديان وأن كل ما هو مقدس يجب أن يخضع للعقل .
(٦) العقل في مواجهة النقل :
( يجب إن اوضح هنا إن معظم الملاحدة المسلمون لم يلحدوا بالله، بل آمنوا به خالقاً إوحد للكون، لكنهم الحدوا بالنبوات فلم يؤمنوا بأن الله قد اتصل ببشر واوحي لهم، لكنهم رغم ذلك يجلون الانبياء وال سل علي إنهم رجال خيرين، غاروا علي مجتمعاتهم وعملوا علي اصلاحها) يطرح المعري قضية الألوهية بشيء من الإنكار تارة، وتارة أخرى بشكل إيماني عميق، فالشك يبدأ لديه في مواجهة ما تناقله الفقهاء والمفسرون ولذلك يقول في اللزوميات :
قلتم لنا خالقٌ حكيم *** قلنا صدقتم كذا نقـولُ
زعمتموه بلا مكانٍ *** ! ولا زمانٍ ألا فقولــوا
هذا كلام له خبـئٌ *** معناه ليست لنا عقولُ
ويقول :
أما الإله فأمرٌ لست مدركه *** فاحذر لجيلك فوق الأرض إسخاطا
ويتعجب المعري لماذا لا يتألم الله لعذاب الناس :
لو أني كلبٌ لاعترتني حمية *** لجروي أن يلقى كما يلقى الإنس
أو قوله :
رأيت سجايا الناس فيها تظالم *** ولا ريب في عدل الذي خلق الظلما
ويري إن هنالك تناقضا في الأحكام فيخاطب الله قائلا :
أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا *** وبعثت أنت لقبضها ملكين !؟
وزعمت أن لنا معــاداً ثانياً *** ما كان أغناها عن الحالين
ويخاطب الله متسائلا :
إن كان لا يحظى برزقك عاقــلٌ *** وترزق مجنوناً وترزق أحمقا
فلا ذنب يارب السماء على امرئٍ *** رأى ما يشتهي فتزندقا
لكن الشك لديه يجعله متردداً بين الإيمان والكفر ولذا نفاجأ عندما نراه يردد:
سأعبد الله لا أرجو مثوبته ***! لكن تعبد إعظام وإجلال
وهي العبادة التي يدعو اليها عظماء الصوفية، عبادة ليس دافعها خوفٌ من نار إو طمعٌ في جنة، بل الحب لله واجلاله وتعظيمه وشكره.
وعندما ينظر المعري في بعض أحكام الفقه يجد أن هنالك أحكاما لا يقبلها العقل مثل حكم دية اليد إذا قطعت بخمسمائة دينار ذهب، وإذا سرق أحد من الناس ربع دينار تقطع يده فيعترض قائلا :
تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له *** وإن نعوذ بمولانا من النـار
يد بخمس مئين عسجد فُديت *** ما بالها قُطعت في ربع دينار
ولأنه يعيش في مرحلة الشك فإنه في شوق إلى اليقين بيد أنه هيهات:
أما اليقين فـلا يقين وإنما *** أقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا
أو قوله : وقد عدم التيقن في زمانٍ *** حصلنا من حجاه على التظني
بل إن المعري عندما يفكر بعقله ويصطدم مع الشافعي أو مالك فإنه لا يأبه لعدم اتفاقه معرما يراه الامامين، فءن له عقلاً مثلما لهم عقول، بل لعله يفوقهما ذكاءً وعلما، فهو لذلك يري أن من حقه أن يجتهد ويستنتج لوحده طالما هو قادر على التفكير، وهو الذي قاله الءمام المهدي عندما ترك المذاهب القائمة واجتهد في كتابة مذهبه، وقال "لكل مقام مقام ولكل زمان رجال" يقول أبو العلاء:
وينفر عقلي مغضبا إن تركته *** سدى وأتبعت الشافعي ومالكا
ويفاجئنا المعري بأن العقل ينكر الأديان السابقة:
هفتِ الحنيفةُ والنصارى ما اهتدتْ *** ويهودُ حارتْ والمجوسُ مضللهْ
اثنانِ أهلُ الأرضِ : ذو عقـلٍ بلا *** ديــنٍ وآخرَ ديِّنٍ لا عقلَ لهْ
وينكر أن يكون آدم واحدا:
وما آدمٌ في مذهبِ العقلِ واحـدٍ *** ولكنهُ عندَ القيــاسِ أوآدمٌ
ويشكك المعري في تدين الناس من حوله ويرى أنه تدين متوارث، وهو حقاً كذلك، وما عليك لتري ذلك الا أن تنظر حولك الي من يدعون إنهم مؤمنوم، وتسألهم، فلن تجد عند احدهم اجابة شافية اوصلهراليها عقله وتفكيره:
وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منــا *** على ما كانَ عوّدهُ أبوهُ
وما كان الفتى بحجىً ولكنْ *** يـعلمهُ التدينَ أقربوهُ
Subject: RE: [Elhakeem:5277] RE: [Elhakeem:5206 عودة الي فلسفة الشك
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:23:54 +0000
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:23:54 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W766B8FD328F4AD206CA3B4B3550%40phx.gbl.
kamil sidahmed
Sep 6, 2015, 9:32:58 AM9/6/15
to elha...@googlegroups.com
(٧) شك المعري في الاديان والمذاهب :
لم يسلم أي دين أو أي مذهب من نقد المعري والتشكيك في أصوله، فاليهودية محرفة، والمسيحية لا تقوم على أساس عقلي، والحنيفية خرجت عن مسارها، والمذاهب جميعها متطاحنة وأن الأديان والمذاهب هي المسئولة عن الصراعات الموجودة في العالم وان الأديان هي تأليف من القدماء فلا أنبياء ولا وحي في رؤية المعري الشكية :
أفيقوا أفيقوا يا غواةَ فإنما *** دياناتكم مكرٌ من القدماءِ
وقوله :
ولا تطيعنَ قوماً ما ديانتهم *** إلا احتيالٌ على أخذِ الإتاواتِ
وإنما حملَ التوراةَ قارئهـا *** كسب الفوائد لا حب التلاواتِ
إن الشرائعَ ألقت بيننا إحناً *** وأودعتنا أفانينَ العـــداواتِ
وقوله :
مسيحيةٌ من قبلها موسويةٌ *** حكت لك أخباراً بعيد ثبوتها
ويسخر المعري من الأيام المقدسة فيقول :
وجدنا اختــــلافاً بيننا في إلهنا *** وفى غيـرهِ عزَّ الذي جل واتحـدْ
لنا جمعةٌ والسبتُ يدعى لأمـــةٍ *** طافت بموسى والنصارى لها الأحدْ
فهل للبواقي السبعة الزّهر معشرٌ *** يجلونها ممن تنسك أو جحــــدْ
تقربَ ناسٌ بالمدامِ وعنـــدنا *** على كل حـالٍ أن شــاربها يُحَدْ
ويرى أن الأديان قد فشلت في خلق عالم مثالي :
أمور تستخفُ بها حلومٌ *** وما يدرى الفتى لمن الثبور
كتابُ محمدٍ وكتابُ موسى *** وإنجيلُ ابن مريمَ والزبـور
نهتْ أمماً فما قبلتْ وبارتْ *** نصيحتها فكل القوم بور
وعندما يصل الشك لدى المعري منتهاه يقول :
توافقت اليهود مع النصارى *** على قتل المسيـح بلا خلاف
وما اصطلحوا على ترك الدنايا *** بل اصطلحوا على شرب السلاف
ويرى أن المسيح لا يكون منطقيا ابناً لله :
عجبـاً للمسيــحِ بين أناس *** وإلى الله والد نسبوه
أسلمته إلى اليهود النصارى *** واقروا بأنهم صلبــوه
يشفق الحازم اللبيب على الطفـــل *** إذا ما لداته ضربوه
وإذا كان ما يقولون في عيسى *** صحيحاً فأين كان أبوه
كيف خلّى وليدَه للأعادي *** أم يظنون أنهم غلبوه ؟
ويتساءل المعري وهو في قمة شكه، أي الأديان هو الصحيح :
في اللاذقية ضجةٌ *** ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق *** وذا بمئـذنة يصيح
كل يعظّم ديـنه *** ياليت شعري ما الصحيح ؟
وفى شك المعري وتحكيمه للعقل كفيصل وحيد نحو الوصول إلى اليقين يشكك المعري في وجود الوحي :
فلا تحسب مقال الرسل حقاً *** ولكن قول زورٍ سطّروه
وكان الناسُ في يمنٍ رغيدٍ *** فجاءوا باالمحال فكدروه
ويشكك في تناسق الأديان ووحدتها بل يشكك في الدين الواحد الذي تتشعب منه المذاهب المتعارضة والمتناقضة على نحو ما نرى في أبيات اللزوميات والتي لا اود ذكرها هنا، وأنه يعيش في شك لأنه لا يرى الهدى وإنما :
دينٌ وكفرٌ وأنباءٌ تقصُ *** وفرقانٌ وتوراةٌ وإنجيلُ
في كلِ جيل أباطيلٍ ، يدانُ بها *** فهل تفرد يوماً بالهدى جيلُ ؟
قال عبدالسلام القزوينى : اجتمعت به ( أي المعري ) مرة فقال لي : "يا عبد السلام، ألا تري إني لم أهج أحدا قط " فقلت له "صدقت إلا الأنبياء"، قال فتغير وجهه.
وقد ألف المعري رسالة الفصول والغايات التي لم يصل إلينا سوى الجزء الأول منها وهو ما يساوى ثلثها تقريبا وأسماها " الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات " وكما يرى البعض هي مضاربة للقران، واستجابة للتحدي الذي تحدي الله به الانس والجن بإن يجيئوا بسورة مثله، بينما يرى الآخرون أن المعري كتبه في تمجيد الله، وبث فيه كثير من الدعاء والمواعظ لكن اتبع سبيل الجمل الطويلة والقصيرة والتي تنتهي بالسجع. ويروى أنه قيل له : ليس كتابك هذا مثل القرآن في شئ ، فقال : لم تصقله المحاريب والتجارب والتلاوات أربعمائة سنة " !!! ترى ماذا يفعل الناقد أمام هذه المقولة التي يقولها، والداله علي الحاده ومحاولته مجاراة القران، وأمام شعره المؤمن الذي يقول فيه:
أقيم خمسي ، وصوم الدهر آلفه *** وأدمن الذكر أبكاراً بآصالِ
عيدين أفطر في عامي إذا حضرا*** عيد الأضاحي يقفو عيد شوال
(كان المعري يصوم العام ولا يفطر الا في العيدين، وكان شديد العطف علي الفقراء والمحتاجين، ولم يشرب الخمر ولم يتكسب بشعره قط)
(٨) الشك في الفرائض :
يقف المعري موقفا رافضاً للحج، ويرى أنه ليس فرضا على العجائز والعذارى طالما بقى هؤلاء الناس الأشرار، الذين يتغزلون في الحاجات حول الكعبة، فقال يخاطب النساء :
أقيمي لا أعد الحج فرضاً *** على عجز النساء ولا العذارى
ففي بطحاءِ مكة شرُ قومٍ *** وليسوا بالحماةِ ولا الغيـارى
وكذلك قوله :
هل تزدهي كعبة الحجاج إذا فقدت *** حساً بكثرة زوار وسدان
فالحج في نظر المعري هو تقليد لا يقف أمام العقل :
وما حجى إلى أحجارِ بيتٍ *** كؤوسُ الخمرِ تشربُ في ذراها
إذا رجعَ الحكيمُ إلى حجاه *** تهاونَ بالمذاهبِ وازدراها
ويردد آراء بعض الناس أن طقوس الحج طقوس وثنية :
ما الركنُ في قول ناس لست أذكرهم *** إلا بقية أوثان وأنصاب
(والركن: هو الركن اليماني للكعبة)
وكذلك قوله :
أرى عالماً يرجون عفو مليكهم *** بتقبيل ركن واتخاذ صليب
(ففي رأيه ليس هناك فرق بين الركن، والحجر الاسود والصليب والاوثان)
ونستطيع أن نقول إن هذا الرأي يبدو متطابقا مع رأى ابن الراوندي تجاه الحج حيث يقول ابن الراوندى :
[ فما الفرق بين الصفا والمروة إلا كالفرق بين أبى قبيس وحرى (جبلان بمكة ) ، وما الطواف على البيت إلا كالطواف على غيره من البيوت ]
ويتفق مع رأى الفيلسوف الكندي الذي يقول:
[ هذا فعل الشمسية والبراهمة الذي يسمونه النسك لأصنامهم بالهند ، فإنهم يفعلون في بلدهم هذا الفعل بعينه الذي يفعله المسلمون اليوم من الحلق والتعري الذي يسمونه الاحرام والطواف ]
(٩) موقف معاصري المعري ولاحقيه منه :
يتبقى لدينا سؤال :
كيف نفسر تأرجح المعري في آرائه بين الإيمان والكفر .. ؟
هل ذلك راجع إلى أعدائه الذين كما يزعم المعري يدسون أبياتا ينسبونها إليه؟ فقد ذكر في سقط الزند "أنا شيخ مكذوبٌ عليه"
أم أن ذلك يعود إلى موجة الإلحاد التي راجت قبيل عصر المعري وفى أثناء عصره فقد اتهم صالح بن عبدالقدوس، وابن المقفع، وبشار بن برد، وحماد عجرد، وأبوعيسى الوراق، وابن الراوندى وأبوحيان التوحيدي (توفوا جميعاً حوالي عام ٤٠٠هـ ، ١٠٠٩م) بأنهم ملحدون .
إننا لا نستطيع أن ننفي أثر العصر على المعري وعلى تكوينه الثقافي لكننا في الوقت نفسه لا نرى المعري المقلد بل هو المجدد، كما أنه لا يتبع طرق من سبقه لكنه يشق بمفرده الطريق الوعر. خالف المعري ابن الراوندى في موقفه تجاه إعجاز القرآن الكريم إذ يقول مقراً بأن القرآن معجز في اسلوبه ولغته وافكاره :
[ وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر الناس بالإعجاز الذي فيه] وفى الوقت ذاته فإننا لا نستطيع أن نقبل أن كل الأبيات والجمل النثرية التي تتعارض مع الأديان قد وُضعت على لسانه لأن ذلك الجدل حول كتاباته بدأ في حياته مما جعله يؤلف كتبا في تفسير ما اتهم به في كتبه السابقة. وعندما نقرأ الرسائل التي بودلت بين المعري وبين داعي الدعاة الإسماعيلي (المؤيد في الدين هبة الله بن عمران الشيرازي الإسماعيلي، داعي الدعاة في عصر الخليفة المستنصر بالله الفاطمي ) نجد أن ابن أبي عمران الشيرازي يقول في إحدى رسائله للمعرى : [ ورأيت الناس فيما يتعلق بدينه (أي المعري ) مختلفين ]. ويحكى الخطيب البغدادي (٣٩٢ - ٤٦٣هـ ) وهو معاصر للمعرى " أن المعري عارض سوراً من القرآن ، وحكي عنه حكايات مختلفة في اعتقاده ، حتى رماه بعض الناس بالإلحاد"، ويذكر ذلك الباخرزى (أبوالحسن على بن الحسن بن على بن أبى الطيب الباخرزى ) وهو معاصر للمعرى أيضا فيقول : "إنما تحدثت الألسن بإساءته للكتاب الذي زعموا أنه عارض به القرآن" وصاح معاصره أبوجعفر محمد بن اسحق بن على البحاثى الزوزنى (ت ٤٦٣) :
كلب عوى بمعرة النعمان *** لما خلا عن ربعة الإيمان
واختلف الأمر لدى النقاد والفقهاء الذين أتوا من بعد المعري، فبعضهم رأى أنه كافر وملحد وزنديق بينما رأى بعضهم أنه مؤمن، بل وليٌّ من الأولياء. فالسمعاني (٥٠٦ -٥٦٢ هـ) ينقل في كتابه الأنساب رأى البغدادي ويقرر ابن الجوزي (أبوالفرج عبدالرحمن ٥١٠-٥٩٧) في كتابه المنتظم في ترجمته للمعرى أن أحواله تدل على اختلاف عقيدته ، وقد حكى لنا عن أبى زكريا أنه قال : قال لي المعري : (ما الذي تعتقد ؟) فقلت في نفسي : (اليوم أعرف اعتقاده ) فقلت : ( ما أنا إلا شاك ! ) فقال : (هكذا شيخك) ويضيف ( وقد رماه جماعة من العلماء بالزندقة والإلحاد وذلك أمر ظاهر في كلامه وأشعاره وأنه يردّ على الرسل ، ويعيب الشرائع ، ويجحد البعث"
وقد وقف أبوالحسن على بن يوسف القفطي ٥٦٨ -٦٤٦ هـ) موقفا وسطا بين الفئتين فقد نقل آراء الفريقين إلا أنه قد أورد لنا رواية نتوقف حيالها قليلا، فقد ذكر أن المعري قد رحل إلى طرابلس الشام " فاجتاز باللاذقية ، ونزل دير الفاروس ، وكان به راهب يقول شيئا من علوم الأوائل ، فسمع منه أبوالعلاء كلاماً من أول أقوال الفلاسفة واقدمها، فحصل له به شكوك لم يكن عنده ما يدفعها به فعلق بخاطره ما حصل به بعض الانحلال .... ثم ارعوى ورجع واستغفر واعتذر"
ولا يعقل أن يكون هذا الراهب مهما كان علمه قد أثر على المعري بقدره في يوم أو ليلة، ولذا أترك هذه الرواية إلا أنني أتوقف حيال أنه قد استغفر ربه عما قاله في شبابه وأنه قد غيّر آراءه الشكية قبيل وفاته.
يروي القفطى أنه قد رأى المعري في المنام فقال له، اي المعري قال للقفطي : "ما الذي يحملك على الوقيعة في ديني ؟ وما يدريك لعل الله غفر لي " ، قال، فخجلت من قوله …. فابتسمت متعجبا للرؤيا ، واستغفرت الله لي وله ، ولم أعد إلى الكلام في حقه إلا بخير"
ويصيح ياقوت الحموي ٥٧٤-٦٢٦هـ :
كأن المعري حمار لا يفقه شيئا"
ويرى ابن الأثير( ٥٥٥- ٦٣٠ )"أن أكثر الناس يرمونه بالزندقة وفى شعره ما يدل على ذلك" ويذكر سبط ابن الجوزي (٥٨٢-٦٥٤هـ ) في كتابه مرآة الزمان رواية على لسان المنازي الشاعر قال : [ اجتمعت بأبى العلاء بمعرة النعمان فقلت له : "ما هذا الذي يحكى عنك ؟" فقال : "حسدني قوم ، فكذبوا عليَّ" قلت "علامَ حسدوك وقد تركتَ لهم الدنيا والآخرة ؟" قال : "والآخرة ؟" قلت : "إي والله"
ويسوق الغزالي في كتابه "سر العالمين وكشف ما في الدارين" كرامة من كرامات المعري ليدلل على تقواه وإيمانه.
ويرى أبوالفداء( ٦٧٢-٧٣٢هـ )في كتابه "المختصر في أخبار البشر" أن أبا العلاء المعري " كان يُظهر الكفر" وإلى هذا ذهب الذهبي (٦٧٣٦٤٨هـ) في تاريخ الإسلام، ويرى ابن الوردى أنه تقي .
ولعل فيما أوردته من أمثله ما يدل على اختلاف الناس معاصرين ولاحقين في أمر ابي العلاء ، وهذا التأرجح إنما هو ناتج من تأرجح المعري ذاته، ومن الشك الذي كان لديه والذي يجعل الناس في شك من أمره، فقد يناصره بعضهم بينما يعاديه البعض الآخر " ويعمل - كما يذكر الصفدي - تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار ، يضمونها أقاويل الملاحدة ، قصداً لهلاكه"
لكن الثابت أن جدلاً كبيراً دار حول كتاب " الفصول والغايات " وهل هو معارضة للقرآن الكريم أو كتاب مستقل ، وهذا الجدل بدأ أيضا في حياة المعري إذ زاره الرحالة الفارسي ناصري خسرو ودوّن في كتابه " سفر نامه " أن المعري " وضع كتابا اسماه " الفصول والغايات " ذكر به كلمات مرموز وأمثال في لفظ فصيح عجيب ، بحيث لا يقف الناس إلا على قليل منه ، ويفهمه من يقرؤه عليه . وقد اتهموه بقولهم "إنك وضعت هذا الكتاب معارضة للقرآن ؛ ويجلس حوله أكثر من مائتي رجل …. وسمعت أن له أكثر من مائة ألف بيت شعر" أي أن الغموض الذي كان يكتنف كتابات المعري وأسلوبه الصعب ساعد على عدم فهم مؤلفاته ، فقد كان واسع المعرفة ولم يتوقف المعري في نقده تجاه الأديان فقط بل نقد المجتمع والسلطة وتمنى إذا ما مات أن يحرق جسده وإذا قُبر فقد أوصى أن يكتب على قبره
( هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد )
لقد توقف النقاد القدامى والمحدثون أمام إيمان المعري أو كفره إلا أنني اختلف مع الفريقين إذ كان أحرى بهم أن ينظروا إلى المعري الذي يمثل العقلية العربية المستنيرة التي تحاول أن تشك في كل الحقائق لكي تستنتج حقيقة واحدة وهى البحث عن الحقيقة مهما كانت نتيجة ذلك البحث، فالمهم هو أن يقودك الي الحقيقة.
انتهي
كامل سيد احمد،، لنكلن
مراجع لمن شاء أن يستزيد:
أبو العلاء المعري : اللزوميات ج ٢
أبو العلاء المعري: رسالة الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ، تحقيق محمود
حسن زناني ط. الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ١٩٧٧ م
أبو العلاء المعري :رسالة الغفران، تحقيق الدكتورة عائشة عبدالرحمن ،ط.دار المعارف
القاهرة، ١٩٩٥
محمد أبو الفضل بدران : قضايا النقد والبلاغة في تراث أبى العلاء المعري ، مطبعة
السمان ، مصر ، ١٩٩٢ .
محمد سليم الجندي : الجامع في أخبار أبى العلاء و آثاره ، تحقيق عبدالهادى هاشم ، ط.
المجمع العلمي العربي ، دمشق ، ١٩٦٤ م
إبراهيم السامرائى : مع المعري اللغوي ، ط. مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٩٨٤ م .
عبدالرحمن بدوى : من تاريخ الإلحاد في الاسلام
المعري : رسالة الغفران
القفطى : انباه الرواه على أنباه النحاه
ابن الأثير:الكامل : جـ ٩
والي لقاء قادم اتناول فيه معاناة شاعرنا المبدع التجاني يوسف بشير مع الشك، وصراعه،، ولعل البعض يعلق علي موقف ابي العلاء، هل كان الرجل ملحداً، ام كان مؤمناً شاكاً
لم يسلم أي دين أو أي مذهب من نقد المعري والتشكيك في أصوله، فاليهودية محرفة، والمسيحية لا تقوم على أساس عقلي، والحنيفية خرجت عن مسارها، والمذاهب جميعها متطاحنة وأن الأديان والمذاهب هي المسئولة عن الصراعات الموجودة في العالم وان الأديان هي تأليف من القدماء فلا أنبياء ولا وحي في رؤية المعري الشكية :
أفيقوا أفيقوا يا غواةَ فإنما *** دياناتكم مكرٌ من القدماءِ
وقوله :
ولا تطيعنَ قوماً ما ديانتهم *** إلا احتيالٌ على أخذِ الإتاواتِ
وإنما حملَ التوراةَ قارئهـا *** كسب الفوائد لا حب التلاواتِ
إن الشرائعَ ألقت بيننا إحناً *** وأودعتنا أفانينَ العـــداواتِ
وقوله :
مسيحيةٌ من قبلها موسويةٌ *** حكت لك أخباراً بعيد ثبوتها
ويسخر المعري من الأيام المقدسة فيقول :
وجدنا اختــــلافاً بيننا في إلهنا *** وفى غيـرهِ عزَّ الذي جل واتحـدْ
لنا جمعةٌ والسبتُ يدعى لأمـــةٍ *** طافت بموسى والنصارى لها الأحدْ
فهل للبواقي السبعة الزّهر معشرٌ *** يجلونها ممن تنسك أو جحــــدْ
تقربَ ناسٌ بالمدامِ وعنـــدنا *** على كل حـالٍ أن شــاربها يُحَدْ
ويرى أن الأديان قد فشلت في خلق عالم مثالي :
أمور تستخفُ بها حلومٌ *** وما يدرى الفتى لمن الثبور
كتابُ محمدٍ وكتابُ موسى *** وإنجيلُ ابن مريمَ والزبـور
نهتْ أمماً فما قبلتْ وبارتْ *** نصيحتها فكل القوم بور
وعندما يصل الشك لدى المعري منتهاه يقول :
توافقت اليهود مع النصارى *** على قتل المسيـح بلا خلاف
وما اصطلحوا على ترك الدنايا *** بل اصطلحوا على شرب السلاف
ويرى أن المسيح لا يكون منطقيا ابناً لله :
عجبـاً للمسيــحِ بين أناس *** وإلى الله والد نسبوه
أسلمته إلى اليهود النصارى *** واقروا بأنهم صلبــوه
يشفق الحازم اللبيب على الطفـــل *** إذا ما لداته ضربوه
وإذا كان ما يقولون في عيسى *** صحيحاً فأين كان أبوه
كيف خلّى وليدَه للأعادي *** أم يظنون أنهم غلبوه ؟
ويتساءل المعري وهو في قمة شكه، أي الأديان هو الصحيح :
في اللاذقية ضجةٌ *** ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق *** وذا بمئـذنة يصيح
كل يعظّم ديـنه *** ياليت شعري ما الصحيح ؟
وفى شك المعري وتحكيمه للعقل كفيصل وحيد نحو الوصول إلى اليقين يشكك المعري في وجود الوحي :
فلا تحسب مقال الرسل حقاً *** ولكن قول زورٍ سطّروه
وكان الناسُ في يمنٍ رغيدٍ *** فجاءوا باالمحال فكدروه
ويشكك في تناسق الأديان ووحدتها بل يشكك في الدين الواحد الذي تتشعب منه المذاهب المتعارضة والمتناقضة على نحو ما نرى في أبيات اللزوميات والتي لا اود ذكرها هنا، وأنه يعيش في شك لأنه لا يرى الهدى وإنما :
دينٌ وكفرٌ وأنباءٌ تقصُ *** وفرقانٌ وتوراةٌ وإنجيلُ
في كلِ جيل أباطيلٍ ، يدانُ بها *** فهل تفرد يوماً بالهدى جيلُ ؟
قال عبدالسلام القزوينى : اجتمعت به ( أي المعري ) مرة فقال لي : "يا عبد السلام، ألا تري إني لم أهج أحدا قط " فقلت له "صدقت إلا الأنبياء"، قال فتغير وجهه.
وقد ألف المعري رسالة الفصول والغايات التي لم يصل إلينا سوى الجزء الأول منها وهو ما يساوى ثلثها تقريبا وأسماها " الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات " وكما يرى البعض هي مضاربة للقران، واستجابة للتحدي الذي تحدي الله به الانس والجن بإن يجيئوا بسورة مثله، بينما يرى الآخرون أن المعري كتبه في تمجيد الله، وبث فيه كثير من الدعاء والمواعظ لكن اتبع سبيل الجمل الطويلة والقصيرة والتي تنتهي بالسجع. ويروى أنه قيل له : ليس كتابك هذا مثل القرآن في شئ ، فقال : لم تصقله المحاريب والتجارب والتلاوات أربعمائة سنة " !!! ترى ماذا يفعل الناقد أمام هذه المقولة التي يقولها، والداله علي الحاده ومحاولته مجاراة القران، وأمام شعره المؤمن الذي يقول فيه:
أقيم خمسي ، وصوم الدهر آلفه *** وأدمن الذكر أبكاراً بآصالِ
عيدين أفطر في عامي إذا حضرا*** عيد الأضاحي يقفو عيد شوال
(كان المعري يصوم العام ولا يفطر الا في العيدين، وكان شديد العطف علي الفقراء والمحتاجين، ولم يشرب الخمر ولم يتكسب بشعره قط)
(٨) الشك في الفرائض :
يقف المعري موقفا رافضاً للحج، ويرى أنه ليس فرضا على العجائز والعذارى طالما بقى هؤلاء الناس الأشرار، الذين يتغزلون في الحاجات حول الكعبة، فقال يخاطب النساء :
أقيمي لا أعد الحج فرضاً *** على عجز النساء ولا العذارى
ففي بطحاءِ مكة شرُ قومٍ *** وليسوا بالحماةِ ولا الغيـارى
وكذلك قوله :
هل تزدهي كعبة الحجاج إذا فقدت *** حساً بكثرة زوار وسدان
فالحج في نظر المعري هو تقليد لا يقف أمام العقل :
وما حجى إلى أحجارِ بيتٍ *** كؤوسُ الخمرِ تشربُ في ذراها
إذا رجعَ الحكيمُ إلى حجاه *** تهاونَ بالمذاهبِ وازدراها
ويردد آراء بعض الناس أن طقوس الحج طقوس وثنية :
ما الركنُ في قول ناس لست أذكرهم *** إلا بقية أوثان وأنصاب
(والركن: هو الركن اليماني للكعبة)
وكذلك قوله :
أرى عالماً يرجون عفو مليكهم *** بتقبيل ركن واتخاذ صليب
(ففي رأيه ليس هناك فرق بين الركن، والحجر الاسود والصليب والاوثان)
ونستطيع أن نقول إن هذا الرأي يبدو متطابقا مع رأى ابن الراوندي تجاه الحج حيث يقول ابن الراوندى :
[ فما الفرق بين الصفا والمروة إلا كالفرق بين أبى قبيس وحرى (جبلان بمكة ) ، وما الطواف على البيت إلا كالطواف على غيره من البيوت ]
ويتفق مع رأى الفيلسوف الكندي الذي يقول:
[ هذا فعل الشمسية والبراهمة الذي يسمونه النسك لأصنامهم بالهند ، فإنهم يفعلون في بلدهم هذا الفعل بعينه الذي يفعله المسلمون اليوم من الحلق والتعري الذي يسمونه الاحرام والطواف ]
(٩) موقف معاصري المعري ولاحقيه منه :
يتبقى لدينا سؤال :
كيف نفسر تأرجح المعري في آرائه بين الإيمان والكفر .. ؟
هل ذلك راجع إلى أعدائه الذين كما يزعم المعري يدسون أبياتا ينسبونها إليه؟ فقد ذكر في سقط الزند "أنا شيخ مكذوبٌ عليه"
أم أن ذلك يعود إلى موجة الإلحاد التي راجت قبيل عصر المعري وفى أثناء عصره فقد اتهم صالح بن عبدالقدوس، وابن المقفع، وبشار بن برد، وحماد عجرد، وأبوعيسى الوراق، وابن الراوندى وأبوحيان التوحيدي (توفوا جميعاً حوالي عام ٤٠٠هـ ، ١٠٠٩م) بأنهم ملحدون .
إننا لا نستطيع أن ننفي أثر العصر على المعري وعلى تكوينه الثقافي لكننا في الوقت نفسه لا نرى المعري المقلد بل هو المجدد، كما أنه لا يتبع طرق من سبقه لكنه يشق بمفرده الطريق الوعر. خالف المعري ابن الراوندى في موقفه تجاه إعجاز القرآن الكريم إذ يقول مقراً بأن القرآن معجز في اسلوبه ولغته وافكاره :
[ وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر الناس بالإعجاز الذي فيه] وفى الوقت ذاته فإننا لا نستطيع أن نقبل أن كل الأبيات والجمل النثرية التي تتعارض مع الأديان قد وُضعت على لسانه لأن ذلك الجدل حول كتاباته بدأ في حياته مما جعله يؤلف كتبا في تفسير ما اتهم به في كتبه السابقة. وعندما نقرأ الرسائل التي بودلت بين المعري وبين داعي الدعاة الإسماعيلي (المؤيد في الدين هبة الله بن عمران الشيرازي الإسماعيلي، داعي الدعاة في عصر الخليفة المستنصر بالله الفاطمي ) نجد أن ابن أبي عمران الشيرازي يقول في إحدى رسائله للمعرى : [ ورأيت الناس فيما يتعلق بدينه (أي المعري ) مختلفين ]. ويحكى الخطيب البغدادي (٣٩٢ - ٤٦٣هـ ) وهو معاصر للمعرى " أن المعري عارض سوراً من القرآن ، وحكي عنه حكايات مختلفة في اعتقاده ، حتى رماه بعض الناس بالإلحاد"، ويذكر ذلك الباخرزى (أبوالحسن على بن الحسن بن على بن أبى الطيب الباخرزى ) وهو معاصر للمعرى أيضا فيقول : "إنما تحدثت الألسن بإساءته للكتاب الذي زعموا أنه عارض به القرآن" وصاح معاصره أبوجعفر محمد بن اسحق بن على البحاثى الزوزنى (ت ٤٦٣) :
كلب عوى بمعرة النعمان *** لما خلا عن ربعة الإيمان
واختلف الأمر لدى النقاد والفقهاء الذين أتوا من بعد المعري، فبعضهم رأى أنه كافر وملحد وزنديق بينما رأى بعضهم أنه مؤمن، بل وليٌّ من الأولياء. فالسمعاني (٥٠٦ -٥٦٢ هـ) ينقل في كتابه الأنساب رأى البغدادي ويقرر ابن الجوزي (أبوالفرج عبدالرحمن ٥١٠-٥٩٧) في كتابه المنتظم في ترجمته للمعرى أن أحواله تدل على اختلاف عقيدته ، وقد حكى لنا عن أبى زكريا أنه قال : قال لي المعري : (ما الذي تعتقد ؟) فقلت في نفسي : (اليوم أعرف اعتقاده ) فقلت : ( ما أنا إلا شاك ! ) فقال : (هكذا شيخك) ويضيف ( وقد رماه جماعة من العلماء بالزندقة والإلحاد وذلك أمر ظاهر في كلامه وأشعاره وأنه يردّ على الرسل ، ويعيب الشرائع ، ويجحد البعث"
وقد وقف أبوالحسن على بن يوسف القفطي ٥٦٨ -٦٤٦ هـ) موقفا وسطا بين الفئتين فقد نقل آراء الفريقين إلا أنه قد أورد لنا رواية نتوقف حيالها قليلا، فقد ذكر أن المعري قد رحل إلى طرابلس الشام " فاجتاز باللاذقية ، ونزل دير الفاروس ، وكان به راهب يقول شيئا من علوم الأوائل ، فسمع منه أبوالعلاء كلاماً من أول أقوال الفلاسفة واقدمها، فحصل له به شكوك لم يكن عنده ما يدفعها به فعلق بخاطره ما حصل به بعض الانحلال .... ثم ارعوى ورجع واستغفر واعتذر"
ولا يعقل أن يكون هذا الراهب مهما كان علمه قد أثر على المعري بقدره في يوم أو ليلة، ولذا أترك هذه الرواية إلا أنني أتوقف حيال أنه قد استغفر ربه عما قاله في شبابه وأنه قد غيّر آراءه الشكية قبيل وفاته.
يروي القفطى أنه قد رأى المعري في المنام فقال له، اي المعري قال للقفطي : "ما الذي يحملك على الوقيعة في ديني ؟ وما يدريك لعل الله غفر لي " ، قال، فخجلت من قوله …. فابتسمت متعجبا للرؤيا ، واستغفرت الله لي وله ، ولم أعد إلى الكلام في حقه إلا بخير"
ويصيح ياقوت الحموي ٥٧٤-٦٢٦هـ :
كأن المعري حمار لا يفقه شيئا"
ويرى ابن الأثير( ٥٥٥- ٦٣٠ )"أن أكثر الناس يرمونه بالزندقة وفى شعره ما يدل على ذلك" ويذكر سبط ابن الجوزي (٥٨٢-٦٥٤هـ ) في كتابه مرآة الزمان رواية على لسان المنازي الشاعر قال : [ اجتمعت بأبى العلاء بمعرة النعمان فقلت له : "ما هذا الذي يحكى عنك ؟" فقال : "حسدني قوم ، فكذبوا عليَّ" قلت "علامَ حسدوك وقد تركتَ لهم الدنيا والآخرة ؟" قال : "والآخرة ؟" قلت : "إي والله"
ويسوق الغزالي في كتابه "سر العالمين وكشف ما في الدارين" كرامة من كرامات المعري ليدلل على تقواه وإيمانه.
ويرى أبوالفداء( ٦٧٢-٧٣٢هـ )في كتابه "المختصر في أخبار البشر" أن أبا العلاء المعري " كان يُظهر الكفر" وإلى هذا ذهب الذهبي (٦٧٣٦٤٨هـ) في تاريخ الإسلام، ويرى ابن الوردى أنه تقي .
ولعل فيما أوردته من أمثله ما يدل على اختلاف الناس معاصرين ولاحقين في أمر ابي العلاء ، وهذا التأرجح إنما هو ناتج من تأرجح المعري ذاته، ومن الشك الذي كان لديه والذي يجعل الناس في شك من أمره، فقد يناصره بعضهم بينما يعاديه البعض الآخر " ويعمل - كما يذكر الصفدي - تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار ، يضمونها أقاويل الملاحدة ، قصداً لهلاكه"
لكن الثابت أن جدلاً كبيراً دار حول كتاب " الفصول والغايات " وهل هو معارضة للقرآن الكريم أو كتاب مستقل ، وهذا الجدل بدأ أيضا في حياة المعري إذ زاره الرحالة الفارسي ناصري خسرو ودوّن في كتابه " سفر نامه " أن المعري " وضع كتابا اسماه " الفصول والغايات " ذكر به كلمات مرموز وأمثال في لفظ فصيح عجيب ، بحيث لا يقف الناس إلا على قليل منه ، ويفهمه من يقرؤه عليه . وقد اتهموه بقولهم "إنك وضعت هذا الكتاب معارضة للقرآن ؛ ويجلس حوله أكثر من مائتي رجل …. وسمعت أن له أكثر من مائة ألف بيت شعر" أي أن الغموض الذي كان يكتنف كتابات المعري وأسلوبه الصعب ساعد على عدم فهم مؤلفاته ، فقد كان واسع المعرفة ولم يتوقف المعري في نقده تجاه الأديان فقط بل نقد المجتمع والسلطة وتمنى إذا ما مات أن يحرق جسده وإذا قُبر فقد أوصى أن يكتب على قبره
( هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد )
لقد توقف النقاد القدامى والمحدثون أمام إيمان المعري أو كفره إلا أنني اختلف مع الفريقين إذ كان أحرى بهم أن ينظروا إلى المعري الذي يمثل العقلية العربية المستنيرة التي تحاول أن تشك في كل الحقائق لكي تستنتج حقيقة واحدة وهى البحث عن الحقيقة مهما كانت نتيجة ذلك البحث، فالمهم هو أن يقودك الي الحقيقة.
انتهي
كامل سيد احمد،، لنكلن
مراجع لمن شاء أن يستزيد:
أبو العلاء المعري : اللزوميات ج ٢
أبو العلاء المعري: رسالة الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ، تحقيق محمود
حسن زناني ط. الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ١٩٧٧ م
أبو العلاء المعري :رسالة الغفران، تحقيق الدكتورة عائشة عبدالرحمن ،ط.دار المعارف
القاهرة، ١٩٩٥
محمد أبو الفضل بدران : قضايا النقد والبلاغة في تراث أبى العلاء المعري ، مطبعة
السمان ، مصر ، ١٩٩٢ .
محمد سليم الجندي : الجامع في أخبار أبى العلاء و آثاره ، تحقيق عبدالهادى هاشم ، ط.
المجمع العلمي العربي ، دمشق ، ١٩٦٤ م
إبراهيم السامرائى : مع المعري اللغوي ، ط. مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٩٨٤ م .
عبدالرحمن بدوى : من تاريخ الإلحاد في الاسلام
المعري : رسالة الغفران
القفطى : انباه الرواه على أنباه النحاه
ابن الأثير:الكامل : جـ ٩
والي لقاء قادم اتناول فيه معاناة شاعرنا المبدع التجاني يوسف بشير مع الشك، وصراعه،، ولعل البعض يعلق علي موقف ابي العلاء، هل كان الرجل ملحداً، ام كان مؤمناً شاكاً
Subject: RE: [Elhakeem:5278] RE: [Elhakeem:5206 عودة الي فلسفة الشك
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:28:05 +0000
Date: Sun, 6 Sep 2015 13:28:05 +0000
To view this discussion on the web, visit https://groups.google.com/d/msgid/elhakeem/DUB128-W591B7E3246ED7987E4B667B3550%40phx.gbl.
Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages