يبدأ الكاتب هذا الكتاب بالإشارة إلى التوقعات التي يفرضها الإنسان على الآخرين من حوله ويسوق ذلك بطريقة مختلفة تمامًا حيثُ أنَّ التوقعات التي يفرضها الإنسان على الناس من حوله تشكل عليهم ضغوط كبيرة وبالتالي إذا توقَّف الإنسان عن تلك التوقعات وابتعد عنها فإنَّ الأشخاص سوف يستجيبون له بطريقة إيجابية.[١]
يشير الكاتب بعد ذلك إلى أنَّ التعلق يصبح سجنًا للشيء الذي يتعلق به الإنسان ويتساءل عن أسباب ذلك التعلق ولذلك فإنَّ الأشخاص الذين يهربون في كثير من الأحيان حتى يكونوا أحرارًا يشعرون بثقل ذلك التعلق ويعانون منه وتصبح عندهم رغبة شديدة في الابتعاد حيث أنَّ كثرة التعلق في كثير من الأحيان تحرم الإنسان مما يريد.[١]
والتعلق عبارة عن تبعية والتبعية تحمل في معناها الخسارة والخوف منها وبالتالي على الإنسان أن يسلم أي لا يكون للإنسان مشاعر قوية وظاهرة تجاه شيء معين بل يجعلها داخله فقط فإذا جعل الإنسان إرادته لأي شيء في داخله يمكنه الحصول عليه بشكل أسهل فعندما يحرر الأشخاص الذين يريدونه لن يهربوا منه أبدًا بل سيكون شعورهم تجاهه أقرب.[١]
يشير مصطلح السماح بالرحيل إلى إدراك شعور معين وبالتالي السماح له بأن يأخذ مجراه من دون إجراء أية محاولة لتغييره حيث أن المشاعر المتراكمة تمنع الإنسان من النضج الروحاني والوعي كما أنها تعيق النجاح في كثير من المجالات ولذلك يجب الاعتراف بالمشاعر السلبية لأنها طبيعة الحالة الإنسانية وأن يكون الإنسان مستعدًا لرؤيتها دون إطلاق الأحكام.[٢]
وعند الاستسلام لا يكون هناك ضغوطات للزمن ويجب الابتعاد عن اللوم والتأنيب سواء للنفس أو للآخرين ويؤكد على أنَّ الأساس النفسي في جميع الأحزان التي تضرب الإنسان هو التعلق التعلق بشخص أو بشيء أو بعمل أو بأي شيء وفقده لا بدَّ أن يسبب حزن كبير والتخلص من التعلق يحمي الإنسان من كل تلك الأحزان المحتملة.[٢]
يشير الكتاب إلى القبول أو التنازل حيثُ أن التنازل يمكن أن يكون خلاله مشاعر سلبية باقية كما يوجد مقاومة لترك الشيء ومماطلة للإقرار بالواقع أمَّا القبول به فهو لا يولد كل تلك المشاعر وبالتالي فإنَّ الخوف وشعور الشخص بالذنب يسببان كثير من أمراض النفس والفشل ويجب على الإنسان أن يتدارك ذلك من تلقاء نفسه.[٢]
يعتبر ديفيد هاوكينز أنَّ الإشباع العاطفي اكثر أهمية من المال نفسه في حياة الإنسان حيثُ أنَّ الإنسان يسعى لتحقيق ذلك الإشباع من خلال المال أيضًا ومن دون الوعي بمعنى المال الحقيقي على المستويات العاطفية سيكون الإنسان تحت تأثير المال وبالتالي حتى مشكلة تكديس المال بصورة مبالغ فيها هي صور من صور الخوف من خسارته والوقوع في الفقر.[٣]
يتطلع الإنسان دائمًا إلى كل جديد ويسعى راغبًا في تحقيق أعلى مستويات الرفاهية وكلما زادت الرفاهية ازداد المرء قلقًا وخوفًا بل بؤسًا! رحلة خفيفة ماتعة في كتاب السماح بالرحيل لديفيد هاوكنز يخبرنا بها كيف نتخلص من عوائق السعادة والراحة النفسية ونسمح لها بالرحيل!
هدف الكتاب هو التخلص من معوقات التنوير ولا أحد أفضل من معلم التنوير ليخبرنا كيف نتخلص من تلك المعوقات وكيف نتحرر من السلبية.
وفقًا للنتائج العلمية فإن كل الأفكار تحفظ في بنك ذاكرة العقل تحت نظام إيداع يعتمد على المشاعر المرتبطة وتدرجاتها الدقيقة
نعلم جميعًا أنه في بعض الأحيان من الخطل التعبير عن الغضب والحنق لأن ذلك قد يكلفنا الكثير او يجعلنا نخسر علاقات أو وظيفة مثلًا.
يقترح الكاتب تحويل طاقة الغضب إلى أشياء إيجابية مثل خلق الفرص وتعزيز مهارات التواصل مما قد يؤدي إلى تقبل الأمر في النهاية!
كلنا نبحث عن السعادة ولدينا أساليب كثيرة للترفيه عن أنفسنا وإيجاد مصادر لسعادتنا لكننا رُغم ذلك نشعر بالحزن وتنتابنا العديد من المخاوف التي تؤثر على قراراتنا في الحياة.
فالمشاعر المتراكمة فينا من مواقف معينة مررنا بها والتي لم يتم التعامل معها بصورة صحيحة والسماح برحيلها لا شك بأنها ستؤثر على طريقة تعاملنا مع مواقف مشابهة!.
كتاب السماح بالرحيل يتحدث عن الأشخاص المشوشين الذين ينغمسون في مشاكلهم ولا يجدون أجوبة لكل تساؤلاتهم هؤلاء يقول لهم الكاتب أن الخلاص ليس بإيجاد الإجابات بل بالبحث عن السبب الحقيقي للمشاكل التي يمرون بها ومن ثمة معالجته.
وصف كتاب السماح بالرحيل هذه الآلية بأنها عملية التخلص من المشاعر المختلفة بوعي وبناءً على رغبتنا دون أن يؤثر علينا المحيط من حولنا وكأننا نفقد الوزن بصورة مفاجئة لنشعر بالراحة والخفة والحرية.
من خلال هاتان الطريقتان فإننا ندفن مشاعرنا ونضعها جانبا حتى نتخلص من الانزعاج الذي يصاحبها وفي الغالب يحدث الكبت بلا وعي أما القمع فيكون بوعي منا.
يسمح لنا التعبير بالتنفيس عن المشاعر من خلال إيجاد شخص نشاركه بها أو إفراغها على الآخرين بصورة عدوانية مما ينتج عنه تدهور في العلاقات أو حتى تدمرها!.
الهروب من المشاعر وتجنبها عبر الإلهاء وهو أساس صناعة التسلية التي تتمثل في إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب والخمور وغيرها الكثير وهذا يؤدي إلى فقدان الوعي بصورة تدريجية وكبح النضج العاطفي وحتى عدم الثقة بالناس.
يقول الكاتب أن الوعي الذاتي يزداد عبر مراقبة المشاعر أكثر من الأفكار فقد تتولد المئات من الأفكار بسبب شعور واحد لم يتم التعامل معه بصورة صحيحة!.
تحدث ديفيد هاوكينز في كتاب السماح بالرحيل عن مجموعة من المشاعر تنتابنا في كل موقف نمر به حسب درجة النضج والوعي الذاتي التي وصلنا إليها وهي على 16 مستوى تبدأ بمستوى الشعور بالعار وتنتهي بمستوى الوعي بالسلام والذي يصل إليه عدد قليل من الأشخاص وهم كالتالي :
يرغب صحابها في العادة أن يعاقِب أو يُعاقب ويلازمه مشاعر اليأس والقصور وقد يصل بها المرء إلى تبني سلوك انتحاري.
صاحب هذه المشاعر شخص انطوائي ودفاعي وغيور لا يتخلى عما يملك ويرى الخطر في كل مكان ولا يحبذ تجربة أشياء جديدة أو الخروج من منطقة الراحة.
تتغلب هذه المشاعر على الخوف لكن صاحبها يكون شخص انفعالي أو عنيف أو متقلب المزاج ويتصرف في الغالب دون تفكير وروية.
كلما سمحنا برحيل المشاعر السلبية فإننا نرتقي إلى درجة أعلى نكون فيها قادرين على التعامل مع المواقف المشابهة للمشاعر التي سمحنا لها بالرحيل وقد لا تختفي هذه المشاعر جميعا في مستوى الشجاعة لكننا نكون قادرين على التعامل معها وحل المشكلات.
بما أن مشاعرنا المقموعة أو المكبوتة في دواخلنا هي من مواقف سابقة مررنا بها فلابد من الغوص في الماضٍ للتخلص منها ومنعها من الظهور في حاضرنا.
هنالك الكثير من ضحايا الألم النفسي الذين مروا بأزمات عاطفية في الماضٍ ولم يستطيعوا التعامل معها لتؤثر على حاضرهم وقدرتهم على الثقة بالنفس أو بالناس وواحدة من أكثر الطرق فعالية في معالجة الماضٍ هي:
03c5feb9e7