You do not have permission to delete messages in this group
Copy link
Report message
Show original message
Either email addresses are anonymous for this group or you need the view member email addresses permission to view the original message
to
القانون الفرنسي مقتبس من المذهب المالكي والشريعة الاسلامية
الشائع بين الناس حتى بعض المثقفين منهم أن القانون المصري مقتبس من القوانين الأجنبية وبخاصة القانون الفرنسي . ورغم أن هذا لا يخلوا من صحة إلا أنه يتسم بالسطحية .. . . . وفى عام 200 من الهجرة دخل مذهب الإمام مالك بن أنس إلى الأندلس ـ أسبانيا حالياً ـ على يد العالم المالكي زياد بن عبد الرحمن القرطبي . و أنتشر هذا المذهب في أوربا كلها بما فيها فرنسا . وخاصة أن أوربا في أوج جهلها . إذ كانوا يبيعون الإقطاعية بما عليها ومن عليها وكان لا يتزوج عامل في إقطاعية بامرأة إلا بعد أن تمر على حاكم المدينة وكلما مكثت في منزله كلما زاد شرف الزوج.
وهكذا وفى هذه الأجواء المظلمة توجه الأوروبيون ومنهم الفرنسيون إلى الأندلس التي اعتبروها منارة للعلم يتعلمون فيها أسس الحياة الكريمة . ومن هنا انتشر مذهب الإمام مالك بن أنس في العقود والمبايعات والأهلية وغيرها حتى استقرت بين الأوروبيين كعرف أو ما يسمى بالعادة الشفوية . ما لبثت فيما بعد أن صبغت في صورة قوانين ومنها القانون الفرنسي الزى تم وضعه سنة 1805 ميلادية .
... ومعلوم أن التشريع الإسلامي عند انتشاره في أرجاء المعمرة أزاح القانون الروماني عن الوجود وأضعف تأثيره وذلك لاتساق التشريع الإسلامي مع تطور حياة الناس وانسجامه مع العلم التجريبي والفكر المعرفي . الأمر الذي يعنى أن أصل القوانين الغربية وخاصة الفرنسية هو الشريعة الإسلامية وليس القوانين الرومانية كما يروج الغرب إنكاراً لفضل الشريعة الإسلامية .
... وبنظرة قانونية فاحصة يتبين بجلاء اتفاق ما يربوا على التسعين بالمائة من التشريعات الفرنسية مع ما يقابلها من مذهب الإمام مالك . وبالطبع ليس هذا من قبيل المصادفة .
وما نراه اليوم من نظريات فقهية منسوبة لفقهاء القانون الفرنسي كعدم الوقوف على ظاهر النصوص بل الأخذ في الحسبان المعاني المختزنة في النص وهو ما يعبر عنه بروح القانون .
كل هذه الأصول وغيرها مأخوذة من الفكر الفقهي الإسلامي الذي صاغه علماء الشريعة الإسلامية
ولا شك أن للفقه المالكي خاصة بصمات تقوى وتضعف حسب الأقاليم التي تأثرت في أوروبا وأمريكا بالإشعاع القانوني الإسباني والبرتغالي انطلاقا من الأندلس التي استمرت فيها تطبيقات فقهية مالكية إلى القرن الماضي.
وقد نقل دوزي عن صاحب كتاب (لوس ـ وزار ايبس دوطوليد) أن بعض القرى الأندلسية بناحية بلنسية استعملت العربية إلى أوائل القرن التاسع عشر وقد جمع أحد أساتذة جامعة مدريد 1151 عقدا في موضوع البيوع محررا بالعربية كنموذج للعقود التي كان الإسبان يستعملونها في الأندلس.
ونعطي مثالا آخر لهذا التأثير أيضا في مفهوم: الجنسية، في الفكر الإسلامي. فالجنسية في الحقيقة ميزة تتسم بها أمة بعينها وهي أيضا وصف لمن ينتسب لأمة من الأمم ولم يهتم الإسلام بالجنسية أو العنصر بقدر ما اهتم بالملة أو النحلة الدينية ولكن ليس معنى هذا أن أحكام هذا المفهوم لم تكن واضحة مضبوطة في الإسلام فقد قال النووي في تقريبه نقلا عن عبد الله بن المبارك وغيره أن من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها وقد تحدث المراكشي في إعلامه عن أمد الحصول على هذه الجنسية حسب الفقه الإسلامي (الإعلام :1/150).
وقد اختارت مدونات قانونية أوروبية وأمريكية نفس المدة لإقرار جنسية الأجنبي المقيم في البلد، راجع "الجنسية في قوانين المغرب العربي الكبير" دراسة مقارنة 1971 مصفحة 861 لإبراهيم عبد الباقي، معهد الدراسات والبحوث العربية.
وإن أول بادرة نتجت عن حرية التبادل التجاري بين الشرق والغرب خاصة في المتوسط هي ظهور عملاء تجاريين مهدوا للمبادلات الدبلوماسية فأصبحوا عبارة عن قناصلة أوروبيين على التراب الإسلامي بعد الحروب الصليبية وقد بادر الإيطاليون، والقطلانيون الإسبان، وتجار جنوب فرنسا، ناحية بروفانس، إلى إقامة هذه القنصليات في الشرق الإسلامي، فكان من لوازم هذا التأثير إدراج نص قانوني في دستور بلدية مرسيليا منذ القرن الثالث عشر حول احترام ملكية الأجانب ولو في إبان الحرب وذلك احتذاء بما كان يتمتع به التجار الفرنسيون على الشواطئ المصرية والسورية. ومعلوم أن حماية المسافرين والتجار الأجانب كانت تتسم منذ أوائل الإسلام بسمة الوجوب في دار الإسلام، وقد تبلور التأثير الإسلامي عمليا في التنصيص على هذه المبادئ فعلا في المعاهدات التجارية، مثال ذلك المعاهدة التي أمضيت عام 895هـ /1489 بين جمهورية فل
وقد أدت المبادلات التجارية بين الشرق الإسلامي وأوروبا لا إلى إمضاء معاهدات دولية فحسب، بل إلى تطوير الأعراف الجمركية والقوانين الإدارية والبحرية والحربية مع أوروبا الغربية، وقد تأسست في الأندلس عام 741هـ/1340م قنصلية للبحر، كما وضعت مدونة للتقاليد والقواعد تجمعت فيها نصوص ظهرت منذ القرن الحادي عشر الميلادي أيام الموحدين، وقد تم ذلك أولا في برشلونة حيث نشرت مجموعة قواعد لتنظيم التجارة البحرية والنص على عدم المسؤولية الجماعية مما لم يعرف إلا خلال القرن التاسع عشر بعد حرب القرم وقد نص "ماس لاطري"، على ذلك من خلال معاهدة أبرمها الموحدون انطلاقا من الآية الشريفة: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وقد قام اليهود بدور كبير في تسهيل نشر هذه المبادئ التي أدرجوا الكثير منها في تلمودهم دعما لنصوصه التشريعية.
الحديث.
وقد بدأ فريدريك الثاني، ملك صقلية وإمبراطور جرمانيا 1250م يستمد من التراث الإسلامي، وهو الذي أسس جامعة نابلس عام 1224 وجهزها بالمخطوطات العربية، وكان "طوماس الأكويني" ت 1274م من تلاميذها وقد اعتبر فريدريك هذا أول ملك مبدع وخلاق وضع الكثير انطلاقا من المناهج العربية، من ذلك وضعه للضرائب المباشرة وغير المباشرة، والهياكل العسكرية والرسوم الجمركية واحتكار الدولة للمعادن وبعض البضائع مما كان يعرف في الشريعة الإسلامية منذ القرنين التاسع والعاشر ولكنه أصبح نموذجا احتذته أوروبا كلها.
برزت الفلسفة الإسلامية آنذاك وربطت بصلة وثيقة بين القانون والأخلاق، وبين الفرد والحكومة، وظهر الإنسان في عمله الخلاق كشخصية مستقلة تحاول أن تخلق من خلال القانون الشروط الاجتماعية التي تبرز كرامة الإنسان ومسؤوليته، وقد ترجم الكثير من الدراسات الأكاديمية في القانون والإدارة بإيطاليا من النصوص العربية وراجت بأوروبا كلها على يد الأساتذة الذين كانوا يتنقلون حسب العادة من جامعة إلى أخرى، وقد كان لهذا الطابع الخلقي في الشريعة الإسلامية أثره الأسمى في أوروبا المتوسطية مما رقق الشعور والحاسة القانونية وكلن هذا المظهر بدون شك الميزة المثلى في الآثار الإسلامية التي كيفت نظرية العدالة وتطبيقاتها الفعلية عند الغربيين، من ذلك اعتبار كل من تتجه إليه التهمة بريئا إلى أن يتحقق العكس، وهذا هو مبدأ براءة الأصل الذي جاء به الإسلام منذ البداية، ومعلوم أن لويس التاسع أو لويس القديس 1270م، ملك فرنسا الذي عاش بفلسطين وخالط علماء الكلام أمثال "طوماس الأكويني"، قد تأثر مباشرة بالإسلام في ينابيعه التطبيقية بأرض فلسطين، فظهر ذلك في إصلاحاته التشريعية وقد أشار إلى ذلك Joinville في مذكراته Memoires، وكان قد صاحب لويس التاسع إلى مصر توفي عام 1317م (كما ذكر ذلك Charles Klehn في كتابه لويس القديس ملك بين أقدام الفقراء باريس 1970م ص60).
وهكذا يمكن القول بأن تأثير الإسلام في أوروبا قد شمل كل المجالات سواء منها الدبلوماسي (بإحداث قنصليات) أم إقرار شمل مبدأ شخصية القانون وكرامة الأجنبي وضمان حقوقه وأساليب إعلان الحرب ووسائل تعويض العدو وحماية السرى والمرضى والعجزة واستعمال الشارات الضوئية خلال المعارك الليلية وحمام الزاجل في المواصلات وطريقة توزيع الغنائم ومبادئ الفروسية، وقد بلغت هذه التأثيرات الإنسانية حتى ملوك الجرمان الذين كان لرهبانهم أوثق الصلات ببلاط فريدريك الثاني بصقلية.
.
لذا لا يجدر بنا أن نقف موقف الخائف الحذر من هذه القوانين خاصة إذا كان أغلبها مجرد امتداد لشريعتنا . وعليه فقط أن نمحص الدخيل منها على عاداتنا وأخلاقنا وقبل ذلك كله قواعد ديننا وعلينا أن نعمل في تقدير الفكر القانوني الإسلامي الذي كان يوماً منارة للعالم وظلاً وارفاً له .
وعليه فاقتباسنا للقوانين الفرنسية مفاده أن قوانيننا ترد إلينا .
------
بقلم / حسين حمودة
محام ــ باحث دكتوراه
Sent from my iPad