شكلت دار المخطوطات في الشارقة، وعاء حضاريا مهما يضم بين جنباته الكثير من الكنوز الإسلامية التي تعكس حضارة طالما عرفها وتأثر بها العالم أجمع في ماضي السنين، فيما تضم 1500 مخطوطة نادرة في مجالات اللغة العربية والفقه والتفسير والفلك والرياضيات والطب والصيدلة وغيرها من العلوم والآداب.
70
وتضم الدار مجموعة من المخطوطات النفيسة والنادرة والفريدة والمزوقة والمخطوطات المكتوبة بأقلام مؤلفيها، كما احتوت العديد من اللوحات والرقع الخطية والزخارف التي خطها مشاهير الفنانين والخطاطين العرب والمسلمين، وشُيدت الدار بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة على الطراز الإسلامي حيث تحتل موقع القلب في الجامعة القاسمية على مساحة 3000 متر مربع، وبتكلفة بلغت أكثر من 70 مليون درهم.
صرح
وتضم الدار التي تعتبر صرحاً علمياً وثقافياً وحضارياً بتصميم معماري شيد على أحدث النظم الهندسية، عدداً من القاعات والمختبرات والأقسام الفنية، منها مختبر المعالجة والتعقيم، والمسح الضوئي للمخطوطات، وقسم تجليد المخطوطات، وقسم الفهرسة والتصنيف.
إضافة إلى قاعة البحث والاطلاع الرقمي، وقاعة الاطلاع على المخطوطات الأصلية، وخدمات الطباعة الرقمية، وقاعة التحقيق والنشر، فيما جهزت بأحدث الآلات المستخدمة في مراكز المخطوطات العالمية، منها معمل صيانة ومعالجة، وغيرها من الأجهزة، كما تضم أيضا حافظات من خزائن متحركة أوتوماتيكية.
موروث
وأوضح الدكتور رشاد سالم أن الدار هي إحدى مكرمات صاحب السمو حاكم الشارقة حفظه الله ورعاه، وتتجلّى قيمتها في كونها تمثل الموروث الحضاري والفكري والحفاظ عليها يمثل الحفاظ على تأريخ الفكر واللغة والمعتقدات والمعارف، موضحا أن عدد المخطوطات بالدار 1500 مخطوطة أصلية وجميعها من المقتنيات الخاصة بصاحب السمو.
والتي جمعها خلال زياراته لدول العالم المختلفة، وأهداها للدار على أربع دفعات متتالية، فيما يقوم سموه بإهداء الدار المزيد من المخطوطات والمقتنيات الخاصة بصفة مستمرة. وتابع: تتنوع المخطوطات بين شتى العلوم والتصانيف منها.
كما تضم الدار مخطوطات باللغة الإسبانية يبلغ عددها 11 مخطوطة لأوامر ملوك إسبانيا ومحاكم التفتيش بالإعدام والتنصير، وبيع أبناء وبنات المسلمين والطرد من إسبانيا، وعلوم القرآن - التفسير - الحديث وشروحه - الفقه - اللغة العربية وفروعها - الطب - الصيدلة الفلك - الحساب - الزراعة - التاريخ – الجغرافيا، والكثير من هذه المخطوطات نادرة نفيسة.
ويرجع سبب ندرتها إلى أنها إما كتبت بخطوط مؤلفيها أو كتبت في حياة المؤلف، أو عليها مقابلات وقراءات وإجازات وتملكات، أو بها رسوم و زخارف وتذهيب وألوان نباتية وخطوط رائعة..
وقال إنه تم اختيار عدد من هذه المخطوطات النادرة لوضعها بالمعرض الدائم بالدار ومنها على سبيل المثال صورة ملونة طبق الأصل عن المصحف المنسوب لسيدنا عثمان رضي الله عنه، وجزء من القرآن الكريم كتب على الورق بالخط الكوفي من القرن الخامس الهجري، ومصحف مخطوط كتب بيد الخطاط مصطفى الحميدي سنة 1289 هجرية، بخط النسخ المتقن وعليه زخارف وتذهيب بشكل بديع جداً، ومخطوطة في علوم القرآن بعنوان أسرار التنزيل لفخر الدين الرازي (ت 606هجرية) نسخت سنة 612 هجرية بعد وفاة المؤلف بقليل.
علماء
وأفاد أنه توجد مخطوطة في القراءات بعنوان فتح الوصيد في شرح أبيات القصيد للسخاوي (ت643 هجرية) نسخت في حياة المؤلف سنة 622 هجرية، ومخطوطة في الحديث بعنوان الجامع الصحيح للإمام مسلم (ت 261 هجرية) عليها تملك الشيخ إبراهيم النحوي سنة 755 هجرية.
فضلا عن مخطوطة في الفلك بعنوان (الهيئة الإسلامية المنتخبة من كتب الأحاديث الصحيحة للقرماني (كان حياً 1067 هـ)، نسخت في حياة المؤلف سنة(1075 هـ)، ومخطوطة في النحو بعنوان الوافية مختصر الكافية للاقصرائي (من علماء القرن العاشر الهجري) وكتبت بخط المؤلف وغيرها.
وأشار سالم إلى أقسام الدار وتجهيزاتها، حيث يتوسط الدار البهو الرئيسي الذي به المعرض الدائم للمخطوطات النادرة بالطابق الأرضي والعلوي ويتوسط المعرض بالطابق الأرضي صورة طبق الأصل للمصحف المنسوب لسيدنا عثمان رضي الله عنه والذي تم تصويره وعمل ( 1000) ألف نسخة منه متطابقة تماماً للأصل في اللون والمقاس للمصحف الأصلي، وتوزيعها على المراكز العلمية والجامعات في جميع دول العالم.
مختبر الترميم
وتطرق إلى أن مختبر المعالجة والترميم مزود بأجهزة تنظيف المخطوطات وجهاز فك الأوراق الملتصقة بالمخطوطات، ومكبس حراري لعمل تغليف وتقوية لأوراق المخطوطات المتكسرة نتيجة الحموضة العالية بالأوراق، وطاولات مضيئة لإجراء عمليات الترميم المختلفة، وأوراق مصنعة خصيصاً للترميم من ألياف طبيعية.
وذكر أن الدار تتضمن أقساما مهمة كلها وهي قاعة حفظ الكتب النادرة المطبوعة ومنها كتب من أوائل الطبعات (الحجرية) وهي مجهزة مثل قاعة حفظ المخطوطات بكل شروطها تماما، وأن قاعة الدوريات تحتوي على دوريات تهتم بالمخطوطات والتراث والأدب.
فهرسة
من ناحيته قال سعيد منير المعداوي، مشرف دار المخطوطات الإسلامية انه يتم الآن استكمال وإعداد فهرسة وصفية مطولة لجميع المخطوطات تمهيداً لعمل فهرس دار المخطوطات الإسلامية بالجامعة القاسمية، وسيكون فهرسا مطبوعا وآخر رقميا وسيتم إتاحته على الموقع الإلكتروني للجامعة لتسهيل اطلاع الباحثين والطلاب والبحث فيه سواء من داخل الإمارات أو من خارجها، وإن الدار تفتح أبوابها للزوار من الساعة 8 صباحاً وحتى الساعة 4 عصراً.
مراكز
يشكل التواصل مع المراكز العلمية والجامعات ودور المخطوطات العربية والعالمية فرصة لتبادل الخبرات الخاصة بأعمال المخطوطات، وأيضاً لتبادل فهارس المخطوطات الرقمية معهم، والهدف من ذلك تزويد الدار بأكبر عدد ممكن من المخطوطات الرقمية لمعظم مكتبات العالم وذلك لخدمة وتسهيل مهمة الباحثين والطلاب والمهتمين بهذا التراث في البحث والحصول على صور المخطوطات.
http://www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/2017-10-07-1.3061170