Fwd: (مسيرة التركيبة السياسية في اليمن) --- (أحزاب بدون تمذهب) ---- بقلم: زيد بن علي الوزير

4 views
Skip to first unread message

zscham scham

unread,
Feb 16, 2014, 1:40:36 AM2/16/14
to


---------- Forwarded message ----------
From: Alhewar Center <alh...@alhewar.com>
Date: 2014-02-12 4:23 GMT+02:00
Subject: (مسيرة التركيبة السياسية في اليمن) --- (أحزاب بدون تمذهب) ---- بقلم: زيد بن علي الوزير
To: "Onlinelist@Alhewar. Com" <Onlin...@alhewar.com>


 

أحزاب بدون تمذهب

زيد بن علي الوزير*

Zaid.a...@gmail.com

ديسمبر 2011

 

لكي يتوضح لنا الهدف من هذا المقال، ينبغي التفريق ببين المذهب والتمذهب، والمذهبي والمتمذهب، وبدون هذا التفريق سيظل الغبش مخيما؛ المذهب تعبد وجداني يختص بالعلاقة بين الإنسان وربه، وفق رؤية بشرية استمدها علماؤه من فهمهم لآية قرانية، أو حديث شريف، أو نتيجة اجتهاد، في حين أن مذهبا آخر قد فهم الآية وفهم الحديث على نحو مخالف، لكن كلاهما كانا لايحتكران الصواب، وإنما يقولان ماقاله الإمام الشافعي (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، وكان للإمام "الشافعي" قبل أن يرحل إلى "مصر" إجتهاد، ولما سكنها أصبح له إجتهاد آخر. ولما ذهب إلى العراق وقدم إماما لصلاة الفجر لم يقنت، مع أن مذهبه القنوت، فلما سئل عن ذاك أجاب بجواب أصبح قدوة " سبحان الله ما جئت لأفتن على فلان أتباعه". أو كما قال.

يسلمنا هذا المثل إلى أن المذاهب هي إطار لأراء علماء اختلفوا في الفهم، واجبرتهم الأماكن المختلفة على استنباط ما يتناغم مع حاجة تلك البلدان، وحاجة الناس فيها، ولكنهم لم يدخلوا آرائهم في إطار مقدس، لايقبل رأيا آخر، أو يفرضونه على غيرهم فرضاـ ومن ثم لم يحتكروا الصواب، وكان التعامل بينهم يتم وفق القاعدة الشافعية، رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، أو قاعدة ما جئت لأفتن على فلان أتباعه. وأدى هذا الإنفتاح إلى تطعيم الفكر في عملية تبادلية بمواد جديدة ساعدت على إنمائه في الإتجاهين واستفاد كل واحد من الآخر، إلى أن بدأت السلطة الحاكمة تنشئ لنفسها المذاهب السياسية باسم الدين، فأنشأ الأمويون مذهب الجبر ومذهب المرجئة، وأنشأء العباسيون فرعا من الكيسانية يسمى"الجريانية" الخ. وبدأت هذه المذاهب تخترق رويدا رويدا بقية المذاهب، ولكنها لم تتمكن من اكتساحها- بسبب وجود الأئمة الكبار- إلى أن أقفل خليفة معتوه –المتوكل على الله العباسي- باب الإجتهاد، وأتبع تلك الخطوة بخطوة جائرة، فحصر الفقه في أربعة مذاهب فقط. وبهذا التصرف الأرعن أقفل على المذاهب نوافذ التجديد ولواقح الأفكار الأخرى، فانعدم الزاد الرافد، ونضب الماء الوافد، فكانت النتيجة أن جفت الينابيع، ويبس الإبداع، وبقي الأتباع داخل هذا الإطار المقفل يقتاتون من تراث يتأسن وزادٍ لم يتجدد، وبالتالي يعيدون خلق أنفسهم من نفس التغذية ويكررون افكارهم من نفس الإناء، فهزلت المذاهب إلى حد بعيد، وكانت النتيجة أن تجمدت داخل أصدافها، ولما تجمدت تعصبت وأفرطت في التعصب، بل أكثر من هذا فلم تكتف بتجميد نفسها، بل سعت جاهدة إلى ان تجمّد غيرها، وبهذا كثرت النوافذ المغلقة ولم تعد تغذيها لواقح الأفكار.


أعطى التحول الذي طرأ على تديين الخليفة والخلافة الحق لرؤساء الدول أن تهيمن على المذاهب، ومنذ أن صلب "معبد الجهني" وسقط راس الجعد بن درهم لقولهما بحرية الإرادة ، ورفضهما مذهب السلطة الجبر، تدحرجت روؤس مفكرين كثيرين، ومن ثم اصبح الخليفة حامي المذاهب وهو الذي يتصرف بحياة الناس فيقتل من يشاء ويعذب من يشأ، وكان الخليفة المعتصم العباسي هو الذي أمر بتعذيب الإمام احمد بن حنبل وأصبح الفكر في ظل هذه الحماية يكابد الإمتحان العسير بل المصير العسير.


جففت السياسة بتحريم الاجتهاد وحصر المذاهب في أربعة –إذن- جذور الإيناع فلم تعد المذاهب الأربعة بالذات -وهي الأكبر والأوسع انتشارا- تطلع جديدا، ولا تثمر نضيدا، وأصبح الأتباع لايملكون من زاد سوى مايستجرونه في استرخاء لذيذ، ولم يعد لديهم سوى الموجود المتآكل، وحرصا على المتبقي بزغ التعصب من حمأة الإنغلاق، ودخلت المذاهب بحماية السياسة في صراع مع الآخر لفرض مذهبها، مما ادى إلى صراع دام أبيح فيه مالا يباح، ليس بين مايسمى "الشيعة" وما يسمى "السنة"، وإنما بين المذاهب المتجانسة بين "الحنفية" و "الحنابلة" و "الأشاعرة" و"الشافعية" وشهد التاريخ مذابح مروعة، ومصادرات واحرق كتب ونفي مفكرين وقتلهم، كما دخلت الشيعة مع بقية المتشيعين في صراعات دامية أيضا.


وهنا دخلت المذاهب في مأزق. لم تعد هناك مذاهب سمحة تثمر، بل أصبح هناك تمذهبٌ شرس يجفف، ولم يعد ثمة اختلاف يوحد ، بل أصبح هناك خلاف يمزق. كان الإختلاف نعمة مهداه من رب العالمين، و{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين } وفسره رسوله الكريم: (اختلاف امتي رحمة) فأصبح خلافا عدائيا. لقد من الله سبحانه على عباده بالإختلاف من أجل الإبداع والتنوع، والإثراء والإخصاب، فجاء هؤلاء فجففوا الأبداع والتنوع، وفي ظل الخلاف تم رفض الآخر وتقوقع كل مذهب داخل صدف التعصب، ومن ثم العقم.

ونتيجة لهذا كله عقم الفكر فجفّت الحضارة ، وعقم الفقه فانتعش التسلط.


(2)
لاينكر أحد أن الذهنية المذهبية العامة عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قد سكنت في الأعماق واستوطنت الوجدان الجمعي منذ زمن طويل، وعندما داهمها العصر الحديث بأنماط جديدة -وبالذات الحزبية مو
ضوع هذا الحديث- لم تجد مخرجا إلاّ إلى الإنتقال إليها- أخذة معها إليها تراثها المتأسن، وتعصبها المقيت، وتصوراتها المغلقة، وحاولت أن تتقمصها، وتظهر بها، فخرجت على الناس بثياب فضفاضة او ضيقة او ناقصة، ولكنها أبقت عليها-يقينا- ثيابها الداخلية.


وعلى ضوء ذلك كله ومن أجل بناء أحزاب حقيقية فعلينا أولا أن نتخلص من الأغلال الداخلية، وأول هذه الأغلال الإعتقاد بأن المذاهب دينا ملزما، في حين أن الدين لايتمثل في مذهب واحد، وإلا كانت الكارثة،


والناحية الثانية علينا أن نتعرف على نشأة الأحزاب العربية لمعرفة العائق الذي جعل من معظم هذه الأحزاب مذاهب كسيحة، ولابأس هنا أن أعيد باختصار ما كتبته في عام 1419/ 1998 وعام 1421هـ/ 2000 من مقالات حملت اسم نحو ثقافة جديدة تحدثت فيما تحدثت عنه عن الأحزاب: العوائق وضرورة التغيير، وليس في نيتي إعادة ما كتبت ولكني اشير إلى أهم النقاط التي تناولتها آنذاك وذكرت ان الأحزاب العربية تأسست من البداية على قاعدتين متناقضين، وأضيف الآن قاعدة ثالثة هي التمذهب، وقلت مامعناه: إن التحرك بوسائل معيقة لابد أن يحث عن التفتيش عن السبب، وفي وسعي أن أجزم أن البداية حملت دائها في نفس اللحظة التي تنفست فيها، بل يمكن القول بأن الروح الحزبية قد وئدت ساعة ما ولدت. اقتبس العالم العربي فكرة الحزبية أصلا من الغرب، لكنه سيرها بوقود من الشرق، أعني انه اقتبس لوائحها الداخلية من الحزب الشيوعي بالتحديد، بينما
استمر بوقود عربية استوردها من الغرب، ونتيجة لذلك لم يتلاءم الوقود مع المحرك، فأدى إلى أن تغرز عجلة الأحزاب في الرمال واستمرت تراوح مكانها، وكأنها تجري بها رخاءا في كل اتجاه، بينما هي مستمرة تحفر الرمال وتثير الغبار من حولها فيعميها عن حقيقة واقعها المنغرز تماما فتظن أنها تتحرك منطلقة إلى الأمام في سرعة رائعة، في حين أنها تغرق في الرمال المتحركة بسرعة أكبر. لهذا نفهم لماذا معظم الأحزاب العربية دكتاتورية.


هذا الموقف جاء نتيجة تضاد أساسي بين طبيعتين متنافرتين. ومن ثم تجاذب النظام الحزبي العربي منذ مولده عاملان متضادان، أوقعا الحزبية منذ البداية ضحية تخاصمهما الطبيعي، فكان شأنهما أشبه ما يكون بمن يحاول أن يجمع سيفين في غمد واحد؛ فكانت النتيجة أن تمزق الغمد، وتثلّب السيف.


فنشأة الأحزاب في الغرب يختلف عنها في الشرق؛ ففي الغرب ولدت الحزبية مع مولد الديموقراطية، فهي في الحقيقة توأمها، ومنذ اللحظات الأولى تشابكا أذرعا للعمل من أجل حماية المكتسبات وتطويرهما؛ مشكلين سياجا واقيا ضد الدكتاتورية أو العودة إليها، أو إعاقة الخطى الديمقراطية، مستهدفين تقليم أظافر الدكتاتورية وخلع أنيابها، وقلع أضراسها. وبمولد الحزبية
في الغرب أصبحت الانتخابات الديمقراطية طريق الأمة لدفع من ترضى الأكثرية عن برامجه الحزبية إلى الحكم.


عملية بسيطة لم تضطر إلى السرية لتكيف وسائلها وفقها، إذ لا حاجة لها بها، فظروفها لا تستدعي ذلك. ومن هنا لم تتطلب إنشاء خلايا ولا فروعا سرية، ولا شيء من تلك التكوينات الطويلة العريضة التي تعتمد على شبكة معقدة ودقيقة من العلاقات التنظيمية داخل سرداب طويل. لقد نشأت الأليات الحزبية في الأقباء المظلمة نتيحة ارهاب سياسي ساحق فكانت تلك الأليات مجنا يحميها البطش السياسي وعندما انتصرت تلك الت
نظيمات بخلاياها الواسعة تحولت إلى دولة بفعل جهود المنتمين إليها.


كانت الأحزاب الغربية والشرقية مختلفتا النشأة والهدف وجاءت الأحزاب العربية فاقتبست بدون استيعاب كامل طبيعتيهما، واحتفظت في الوقت نفسه بتمذهبها، ومن ثم مشت على عكازات ثلاث: مذهبية، وغربية، وشرقية، وكل واحدة لها مقاييسها الخاصة طولا وعرضا، فعرجت خطاها، واضطرب مشيها، ووجدت الأحزاب العربية نفسها تمارس ما يمارسه الحكام. وعليه فالأساس هو إن لم تخلع الأحزاب
(بعد أن ساد نوع من الحرية وانتفت عوامل النزول إلى الأقباء) القداسة الدينية عن التمذهب فإنها-أي الأحزاب- سوف تظل تستجر ماضيها الإحتكاري وتخلد إليه.


إن الحزب وسيلة تهدف إلى تحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة وضمان المواطنة المتساوية، وإذن فهو-كالمذاهب في أصلها النقي من هذه الناحية- وهو
عليه أن يطور نفسه لأنه بكل بساطة لم يستمد شرعيته من الإنتخابات فيطرح وفق ثوابته برنامجه الإنتخابي حسب مقتضيات الحاجة المطروحة كما هو معروف ويعرفه الناس.


إذا سلمنا بأن المذاهب هي في الأصل نتيجة اجتهادات بشرية فليس من الصعوبة ان نتخلص من التقديس ومن ثم يتعامل الناس وفق اجتهادات بنا
ءة. وإذا ادركنا مثلا لأن للمذاهب نظريات مختلفة في السياسة الزراعية -وقد كانت الزراعة هي بترول الأيام الخوالي-، فذهب البعض إلى نظام الشراكة وذهب الآخر إلى نظام "القبال"، أدركنا أن هذا التصور نشأ من اجتهادات مختلفة نتيجة حاجة إنسانية اختلفت المذاهب في الإستفادة منها. وهكذ نجد أنه عندما تنزع المذاهب صبغتها المقدسة تتحول تلقائيا إلى حزب نقي يتعامل وفق رؤى اجتهادية. ومن هنا فإن الأحزاب الحقيقية لا تجد غضاضة أن يكون في اعضائها "زيدي" أو "شافعي" أو "حنفي" أو "إسماعيلي" واليمنيون هم ذلك كله، ولكن أن يكون هناك "حزب زيدي"، و "حزب شافعي" و "حزب حنفي" و "حزب إسماعيلي" فهو التمذهب بذاته، وسيكون الحزب مذهبا ونعود حتما إلى مربع التمذهب. ولدينا من "التمذهب" مايوجع الرأس.


صحيح أن الحرية تتيح للأنسان او للجماعة ان تشكل أحزابها وفق معتقدها المذهبي، لكن المشكلة ليست في المذهب السمح، وإنما في التمذهب الشرس، والتمذهب في حد ذاته عدو الحرية، وليس من الحرية أن تقتل الحرية باسم الحرية. ولو اكتفى المتمذهبون بالحكم اللفظي لهان الأمر، لكنهم يتبعون القول العمل فيشحذون سيوفهم ومخالبهم فكيف يمكن ان تكون هناك حرية في ظل السيف المصلت والخنجر المسموم؟.


أخلص من هذا إلى القول بأن على الأحزاب الجديدة أن لا ترسي أساساتها على الخلاف، أي التعصب، وأنما على الإختلاف أي تنوع الأراء، وترفض التمذهب، وتقبل المذهب، باعتباره تعبدا
ذاتيا واجتهادات تقبل الخطأ وتقبل الصواب.

 

·         مفكر وكاتب من اليمن

 

المصدر أونلايــن

http://almasdaronline.info/index.php?page=news&article-section=10&news_id=26728&utm_source=twitterfeed&utm_medium=

 

 

مسيرة التركيبة السياسية في اليمن

زيد بن علي الوزير

كلمة في ندوة "مركز الحوار العربي" -  الأربعاء 23 شباط/فبراير 2011

 

           

سأحاول بداية عرض مسيرة التركيبة السياسية اليمنية، التي بمعرفتها سنطل على مجرى معاكس لما سارت عليه بقية البلدان العربية، أو قل مغاير لتلك المسيرة التي شهدناها في تونس ومصر، ومتى عرفناها فقد يسهل علينا رؤية المخارج التي ستنفتح أو قل تلمسها بشكل أفضل. من هنا فسأعود قليلا إلى بدء المسيرة الديمقراطية في اليمن.

لقد كانت إطلالة اليمن على النظام الديمقرطي متأخرة عن غيرها من الدول العربية وعلى حين فجأة وعلى غير انتظار قدمت اليمن عام  1948 ثورة دستورية ديمقراطية بالغة البهاء، كانت نقلة نوعية في التاريخ السياسي الإسلامي قيدت لأول مرة صلاحيات الإمام المطلق الصلاحيات واخرجتها من تحت عباءة الدين إلى تحت قبة البرلمان. وعندما ندرك أن نظرية الخروج الزيدية على الظالم، مطعمة بثقافة العصر، كان وراء تلك الثورة المجيدة، ندرك أن حاجز العزلة الحديدي الذي فرضه الحكم المتوكلي على اليمن لم يحل دون حدوث هذه الثورة من الداخل بفعل اتقاد نظرية الخروج على الظالم. على ان هذه الثورة بقيت في إطار النخبة ولم تتوسع داخل الشعب، فكانت بالنسبة له بمثابة صيحة في شعب أصم، فوقف ضدها وكسرها، وانتصر للمألوف المغلق والفردية الموشاة بالتحريف الديني. وبقدر ما هزت هذه الثورة النظام الملكي المتخلف ومهدت لقيام تحركات ضده إلا ان المسار لم يكن في الإتجاه الدستوري الديمقراطي الذي رفعت الثورة لوائه لمدة شهر واحد، بل اتجه اتجهاها معاكسا تماما فتوجه نحو الانقلابات العسكرية عام 1955 وعام 1962 لابفعل وعي مستبصر، ولكن بفعل انبهار هائل بالانقلاب المصري بقيادة اللواء نجيب، ثم بشكل اعمق بقيادة الرئيس عبد الناصر، بما جاء به معه من انجازات، وما تعرض له من غزو خارجي، ومن مشروع قومي بلغ ذروته على يديه  فنسي الناس قضية الديمقراطية أمام الانجازات الهائلة كتأميم القناة وبناء السد العالي ومواجهة العدوان الثلاثي ثم الوحدة السورية - المصرية.

لم يكن اليمن حتى هذه اللحظة قد مر بتجربة ديمقراطية سوى تلك الومضة التي انطفئت، وما كان يتفاعل في وجدانها كان رجع صدى للدوي المصري، عندما قام ضباط من الجيش اليمني بانقلابهم عام 62 ولم يجدوا برنامجا لهم سوى مبادئ الحركة العسكرية المصرية الستة فنقلوها  بالنص وبالحرف.

لابد ان نستحضر تأثير مصر على العالم العربي منذ عهد بعيد. فبالنسبة لليمن كانت الثورة الدستورية قد تأثرت بما كان في مصر من دستور وبرلمان واحزاب وصحف وجامعات، من خلال الشباب اليمنيين الذين كانوا يدرسون فيها او التجأوا إليها. وبحكم تطلعاتهم للمستقبل، فقد كان التلاقي بينهم وبين الحراك السياسي في مصر قائما. وأنا اعتقد أنه لو اتخذت الثورة المصرية التوجه الديمقراطي إلى جانب مشروعها التحرري والعروبي لاستطال جناح الثورة  الدستورية في اليمن ولم تمح بتلك القسوة.

لم يكن العسكريون وحدهم هم من انبهر بالرئيس "ناصر" وانجذب إلى فلكه، بل شاركتهم فيه المعارضة اليمنية بكل اطيافها فاندفعت مبهورة بتأييد الإنقلابات العسكرية بدون أن تفرق بين الحالات وبين المستويات، بين حالة الشعب المصري ومستواه الثقافي والسياسي والاجتماعي وبين مستوى الشعب اليمني المنغلق. ولم يكن لليمنيين سابق تجربة في الحياة الديمقراطية السكيولارزمية كما كان لمصر وكما كان لسوريا في اثناء الحكم الوطني وليس لها كما لهما مشروعا قوميا، ومع ذلك فقد اندفعت المعارضة اليمنية آنذاك معصوبة العينين خلف الانقلابات العسكرية.

ولم تقف المعارضة اليمنية عند هذا الحد بل ذهبت في سبيل دعم موقفها إلى فتح القمقم القبلي ليخرج منه المارد لتستنصر به فالتقمها هي. استنصر الزبيري ونعمان والإرياني والعيني للقضاء على حكم الإمام "احمد" بكبار المشايخ من مثل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وسنان ابو لحوم ونعمان بن راجح وغيرهم، وكان كلما زادت الخلافات الداخلية في صفوف المعارضة كل ما كان التجاؤهم إلى المشايخ يزداد لينقضوا بهم على الإمام وليساعدوه على وضعهم في عرشه. كتب الأستاذ الزبيري للشيخ سنان أبو لحوم ما هذا نصه: ( إن هذه القبائل الأبية التي صمدت وصبرت قد رفعت رؤسنا بعد انخفاضها وانتكاسها وإننا لنخجل أن تجدونا هكذا ممزقين عاجزين عن القيام بالواجب وقد يكون في هذا ربح كبير انكم انتم قد تستطيعون أن تقودونا وترفعوا لواء النصر في سواعدكم  الصلبة القوية ونحن على استعداد لأن نسير وراءكم جنودا مجندين) وكان الحال كما  يقول الشاعر:

أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم             قد ضل من كانت العميان تهديه.

واستغل المشايخ الذين كانوا في قمقم الإمام يحيى هذه الفرصة ولبوا هذا النداء وبدأوا يتخذون من زعماء المعارضة سلما يرتقون عليه، وشرعوا ينضون عنهم خطوة خطوة ظلهم الحبيس ويخرجون منه. اختفوا في البدء وراء زعماء المعارضة وموقفا موقفا كانوا يخرجون من تحت هذا الستار لتنقلب الآية فتختفي المعارضة المدنية تحت ظل القبائل وأخيرا ملأت القبائل الساحة كلها وادخلوا من استنصر به في القمقم، وانطلقوا.

لنرى ماحدث بشيء من التفصيل، عندما قامت حركة الجيش عام 62 حصل خلافات شديدة بين ضباط الجيش المهنيين والذين هم من ابناء المدن وبين مشايخ القبائل، واذا انحاز الرئيس السلال الى الجيش انحاز الزبيري والأرياني ونعمان إلى القبائل، وبالإنقلاب على الرئيس السلال تولى القاضي المدني مجلس الرئاسة لكن كان عليه أن يدفع ثمن تاييد المشايخ له  فتعززت قوة المشايخ في ايامه حتى ضاق بها ذرعا وبالتعاون بين الجيش –الذي اصبح معظم قياداته في يد ابناء القبائل- وبين المشايخ تم اقصاء الرئيس الإرياني وصعود الرئيس الحمدي الذي ما إن تمت له السيطرة حتى دخل في صراع مع القوى المشيخية امكن له في البداية بعض الانتصارات لكنه في النهاية سقط ضحية هذا التوجه إلى جانب اسباب أخرى. وبالقضاء على الحمدي تولى الحكم شيخ همدان العقيد الشيخ " احمد الغشمي" وبقتل الغشمي تولى الرئيس "علي عبد الله صالح" الحكم فزاوج إلى حد ما بين الجيش والقبيلة في البداية. وارتكز في الشمال على الحزب الواحد كما كان الحال عليه في الجنوب.

في عام 1990 شهدت اليمن حدثا كبيرا وهو الوحدة بين الشطرين، والسماح بقيام الأحزاب وحرية التعبير.. الخ على نحو ماهو معروف فانطلقت الأقلام المكبوتة لتتحدث عن الممنوع، وقامت الاحزاب وتعددت الصحف وكأن قبسا لمس المخزون فاهتزت الأرض وانبتت من كل زوج بهيج.

وفي الإمكان القول أن هذه الأربع السنوات (1990-1994) هي ازهى ما مر من عهود اليمن ولكن عمر الورد كما يقولون قصير فما لبث عاصف الحرب أن طواها طيا. وبعد انتصاره على الجنوبيين تم التزواج الكامل بين القبائل والجيش وأصبحت قيادات الجيش من ابناء القبائل واعطي المشايخ وابناؤهم حكم المحافظات والمديريات والعزل، وهكذا تماهى هذا في ذلك، فكان الجيش هو القبيلة، وكانت القبيلة هي الجيش.

وهكذا أصبحت القوة العسكرية والقبلية حاضرة في الميدان بكل ثقلهما، واذا كان للإنقلاب الناصري اثر بليغ في طموح العسكريين للحكم، فقد كان للمعارضة اليمنية الأثر الأكبر في اخراج المشايح من قمقم الإمام يحيى.

ونتيجة المظالم والاهمال والتهميش ظهرت حركة الشمال بقيادة الحوثيين وتمكنت من اثبات وجودها بعد حروب طاحنة مع النظام ومع السعودية وأصبحت الآن تسيطر على محافظة كاملة وعلى جزر في محافظات أخرى، وبعد قليل من قيامها شهد الجنوب حركة انفصال متصاعدة، فكانت النتيجة من الطرفين باختلاف اهدافهما قص الأطراف، لكن حركة الشباب اليمني الثائرة قد نقلت القضية من الأطراف إلى قلب العاصمة، وإلى المدن الأخرى. فاليمن الآن كله شماله وجنوبه وقراه ومدنه في وضع ملتهب. 

هذه هي الصورة للتركيبة السياسية الحاكمة، وفي مقابلها قوة معارضة: "قوة المشترك" مكونة من أحزاب مدنية لاتخلو من قيادات قبلية في حزب الإصلاح، والآن امامنا قوى شبابية صاعدة يتزايد تأثيرها واثرها، لكن بدون إرث ديمقراطي يحنون إليه كما هو في مصر وسوريا، ولا مشروع عروبي يسترجعونه، ولكن كثافة ظلم يريدون الخروج منه. وبانضمام "المشترك" إلى ثورة الشباب وبتأييد الحوثيين لهم، وبتقارب اللقاء بين "الحراك الجنوبي" و"المشترك" على اسقاط النظام، فإن التلاحم بدأ يأخذ طريقه بين الأجنحة المختلفة. وقد يجتمع الجميع مستقبلاً تحت مظلة حكم فيدرالي ديمقراطي.

 

 

Al-Hewar Center

The Center for Arab Culture and Dialogue
Founded in 1994
مركز الحوار العربي

تأسس في العام 1994
MAILING ADDRESS: P.O. Box 2104, Vienna, Virginia 22180 - U.S.A.

E-mail: alh...@alhewar.com

****

لمزيد من المعلومات عن مركز الحوار

For more information:

http://www.alhewar.com

-------------------------------------------------

__________________________________________________________________
Questions and comments may be sent to alh...@alhewar.com

If you wish to be removed from our mailing list, please reply to this e-mail and type "Remove" in the subject box

 


Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages