انها العشر من ذي الحجة

5 views
Skip to first unread message

جنان الورد

unread,
Aug 23, 2017, 7:06:09 AM8/23/17
to

إنها العشر من ذي الحجة (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) سورة التوبة.
وظلم النفس إما بحرمانها من الخير، أو حملها على المعاصي. 
يأتينا هذا الموسم الذي هو العشر الأوائل من ذي الحجة، والتي هي أعظم وأفضل أيام الله، فهل نغفل عنها، ونعاملها وتمر علينا كأي يوم عادي؟!
وما قولنا أن يتعامل الإنسان مع الشيء العظيم الخارق الغير عادي، على أنه أمر عادي؟ 
كمثل تعيين بروفيسور متميز بالعلوم حلاقاً، ليصير الشخص الخارق في مكان عادي؛ ليضيع ويذهب علمه، فلا ينتفع ولا ينفع!!

قال ﷺ: (ما من -نفي وإثبات- أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري.
وبلفظ آخر: (ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وإسناده حسن.
السر والمفتاح كلمة (أَحَب)، وإنما نعبد الله ونتقرب إليه بما هو أحب إليه، وهي هذه الأيام، التي فيها الأجور مضاعفة، حتى أن أقل الأعمال في هذه العشر أعظم وأحب إلى الله من الجهاد في سبيله، والذي فيه بذل النفس، وقد ثبت أن الشهيد يشفع لسبعين من أهله، ولا يذوق سكرة الموت، ولا يُسأل في القبر، ومع ذلك لا يكون أفضل ممن عمل في هذه العشر من ذي الحجة، إلا أن يكون قد خرج بنفسه وماله فمات في سبيل الله وذهب كل ماله، فلم يرجع بشيء، فهذا فقط الأعظم، ومن يكون كذلك؟؟ 

يا لها من غنيمة وفرصة!! 
مهما صغر العمل الذي نعمله في هذه الأيام، هو أعظم عند الله. 
في أيام العشر كان الابتلاء للأنبياء أولي العزم من الرسل؛ لذا أقسم الله بها واختارها أن تكون أفضل الأيام، فإبراهيم بنى الكعبة فيها، وابتلي بذبح ابنه إسماعيل يوم النحر، وتعرض له الشيطان بعصيان أمر الله، فلا يذبح وحيده، ولكن إبراهيم لم يكتف بمخالفة الشيطان بل قام برجمه بالأحجار.
وواعد الله موسى عند الطور ثلاثين ليلة، وموسى صائم تلك الأيام، فاشتاق إلى الله، فسأله أن يريه نفسه (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك)، أي مكني من الرؤية، وهذه كلمة ليست عادية؛ لأنه ليس كل من ينظر يرى، إنما إذا فهمنا الشيء الذي ننظر إليه نكون رأيناه؛ ولكي يُعدَ اللهُ موسى لهذا الموقف زاده عشرة أيام؛ ليزداد قوة وجلداً، ثم قال له: (.. لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) اﻷعراف؛ ليسلمه الألواح بعدها.

في هذه الأيام موسم الحج، فيغفر الله له للحاج، ولمن استغفر له الحاج. 
والذي لم يذهب عنده فرصة، إذ عمله الصالح أعظم من الجهاد في سبيل الله، نعم هو أعظم من الشهيد في سبيل الله. 
فلو ذهب العالم لبيت الله دفعة واحدة، فهل تتوقف العبادات في أرض الله، ولا تقام العبادات ولا يوجد من يذكر الله فيها؟؟ 
لا يحصل هذا، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير المطلق، والذي يبدأ هذه الليلة. 
والتكبير المقيد يبدأ من فجر يوم العيد إلى رابع يوم، بعد صلاة الفريضة. 
لكن لماذا التكبير؟ 
لقد كان قول إبراهيم وهو يضحي بابنه: الله أكبر ولله الحمد (أي الله أكبر من كل شيء وكل ولد أو جاه أو شغل أو حظ للنفس وأكبر من أي شيء). 
والله أكبر هي تكبيرة الإحرام للصلاة، والذبح لله، والتسليم على الحجر الأسود، وكل شيء في حياتنا. 
وهذا الذكر مع سهولته فهو عظيم الأجر، فلا يقتضي شيئاً من طهارة أو قيام أو ركوع أو حالة ومكان معين محدد. 
هي أيام مفتوحة لمن يفقهها ويتعامل معها التعامل الذي تستحقه، فلا تمر عليه كيوم عادي. 
يقول ابن عباس: "الحسنة في العشر بسبعمائة ألف حسنة". فلو تصدقت بدرهم، أو أقمت صلاة بتمام خشوعها، أو قرأت صفحة، كان لك خير زاد، ولا يقدر حتى بالذهب، فالحسبة فيها بالقناطير من الذهب. 
ويقول الأوزاعي: "عبادة يوم في ذي الحجة كأجر غزوة في سبيل الله". 

نبينا عليه الصلاة والسلام يحدثنا عن يوم واحد وهو يوم عرفة: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم. وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة ماضية، ولكن أن يكفر سنة مقبلة، فهل ندرك معنى أن يغفر لنا سنة قادمة ما وصلناها، وقد نموت قبل أن ندركها؟ 
هي حسنات ورصيد جار، فما بالنا بأجر الذي يصوم الأيام التسع الأول لذي الحجة كلها؟!
فلعل الله أن يغفر بكل يوم سنة ماضية وأخرى تالية. 
إن صيام يوم قدره ١٢ ساعة تقريباً، يكفر ١٢ شهراً ماضية، فإذا كانت الساعة الواحدة تغفر شهرين، فالثانية كم؟
قال ﷺ: (ما تستقلُّ الشمس، فيبقى شيءٌ من خَلْق الله، إلاَّ سبَّح الله، إلاَّ ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدمَ) حسنه الألباني. 
(تستقل): تَرتفع وتتعالَى في السماء.
(إلاَّ سبَّح الله بحمده): يقول: سبحان الله وبحمده.
(إلاَّ ما كان من الشياطين): هؤلاء الشياطين ومَن على شاكِلتهم من بني آدمَ، ممن يَغفلون عن ذِكر الله. 
(أغبياء): جمْع غبي، وهو قليل الفِطنة.
هذه الأيام من الغنائم، فيسن فيها الإكثار من التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح، والجهر بها في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. 
وأعظم وأفضل أنواع الذكر (قراءة القرآن)، ثم: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). فلا يصمت لساننا ولا نغفل عن الذكر، في مقامنا وسفرنا، فتشهد لنا الجبال وما فيها من حصى ورمال وأشجار، والطيور والغيوم، والبحار وما فيها، وكل ما نمر عنده فنذكر الله يشهد لنا يوم القيامة، ولا ننام إلا على ذكر الله تعالى؛ ليكتب لنا أجر الذاكرين مع نومنا. 
وأي ذكر بدأنا به نستمر عليه، ولا يخدعنا الشيطان ويلعب بنا؛ ليَحول بيننا وبين الذكر، ويثنينا عنه، فلنستمر.

حجوا بقلوبكم، وإن لم تصل أجسادكم، وأقبلوا ساعين بقلوب مشمرة، فمن صدَق الله، صدَقه. 
وسعوا الدعاء وعظموا المسألة إلى الله في أيامكم هذه، فله خزائن ومقاليد السموات والأرض، واسألوه المحشر مع النبي ﷺ وأزواجه وأصحابه وآبائنا وأبنائنا وأزواجنا وإخواننا وجميع المسلمين، فلا شيء يعجزه سبحانه وتعالى، ولا شيء يخرج عن قدرته، لا مرض عضال ولا سجن ولا مستحيل، وإياكم أن تتحسروا عن شيء منعه الله، فهو الخير.

اللهم الكون كونك والعبد عبدك وأنا فقير إليك.. 
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
Sent from my iPhone
Reply all
Reply to author
Forward
0 new messages