You do not have permission to delete messages in this group
Copy link
Report message
Show original message
Either email addresses are anonymous for this group or you need the view member email addresses permission to view the original message
to الصوفية طريق إلى الله
التصوف والكتاب والسنة:
التصوف الإسلامي بمعناه الصحيح يستمد أصوله وقواعده من كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم كأي علم إسلامي ، وذلك هو الذي تظاهرت عليه
أقوال شيوخه وأثمته . قال الجنيد- قدس الله سره ": "علمنا هذا مقيد
بالكتاب والسنة ، فمن لم يسمع الحديث ويجالس الفقهاء ، ويأخذ أدبه عن
المتأدبين أفسد من اتبعه " .
وقال سهل بن عبدالله : "بنيت أصولنا علي ستة أشياء : كغاب الله ، وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكف الأذى ، وأبر الحلال ، واجتناب الآثام ،
والتوبة ، وأداء الحقوق " .
وقال أبو عثمان الحيري -رضي الله عنه - : "من أمر السنة على نفسه نطق
بالحكمة ، ومن أمر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة" . وقال أبو
القاسم النصر أباذي -رضي الله عنه - : "أصل الغصوف ملازمة الكتاب
والسنة ، وترك الأهواء والبدع " .
والأقوال في ذلك كثيرة حتى قال أبو الحسن الشاذلي - رضي الله عنه - :
"إذا استند كشف الولي إلى غير الكتاب والسنة فهو كسف شيطاني لا يؤخذ عنه
ولا يسلم له " . والقاعدة عندهم أن السنة هي الأصل لأن صاحبها صلوات الله
وسلامه عليه
معصوم من الخطأ، وما عداها تابع لأن قائليه غير معصومين فكل كلام غيرها
يعرض عليها فإن وافقها قبل وإلا رفض .
مفاهيم خاطئة عن التصوف :
وقد صار الناس يطلقون كلمة صوفي ، وابن طريقة ، وولي ، ودرويش (وهي كلمة،
فارسية معناها مريد أو ما يقرب من ذلك ) ، على كل من ظهرت عليه علامات
التقشف ورثاثة الثياب ، وعدم العناية بنظافة الجسم ، أوكل من ظهرت عليه
دلائل البله بشؤون الحياة ، أو كل من تكاسل عن أداء الفرائض الدينية
وارتكب المخالفات وادعى لذلك أعذارا مجهولة كأنه يصلي في الكعبة أو أنه
ينظر في اللوح المحفوظ فيرى أن المعصية مقدرة عليه فهو ينفذها لذلك ، أو
أنه وصل إلى درجة رفع عنه فيها التكليف ، أو أن حقائق الأشياء تنقلب له
فيصير الخمر ماء ، إلى غير ذلك من المزاعم ، وقد يستدل بعضهم بما يغب
لجعل الشيوخ من قوله : فلا تلم السكران في حال سكره فقد رفع التكليف في
سكرنا عنا.
وقد علمت مما سبق أن التصوف بريء من هذه المزاعم مشيد بكتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن الصوفي لا يكون صوفيا إلا بالتمسك بهما ،
والولي لا يكون وليا إلا إذا اهتدى بهديهما ، فهما عماد الوصول ومنار
طريق السلوك ، ولن يصل السالك إلى شيء من نور الهداية والمعرفة إلا بصدق
التوجه والعمل بهما .
وقد نقل محمد بن عجيبة المزيدي في شرحه على المباحث الأصلية عن أبي طالب
المكي في لوت القلوب ما يأتي : "وأعرف في زماننا هذا علوما كثيرة من
الأباطيل والغرور والدعاوى قد ظهرت وسميت علوما" .
وقال في موضع آخر نقلا عن محيي الدين بن عربي الحاتمي : "حصلت الفترة في
الطريقة ، لا بل قد اندرست في الحقيقة ، مضت الشيوخ الذين كان لهم
اهتداء ، وبقي الشباب الذين ليس لهم بسيرتهم اقتداء ، زال الورع ، وطوي
بساطه ، وقوي الطمع ، واشتد رباطه ، وارتحلت عن القلوب حرمة الشريعة ،
فعدوا قلة المبالاة أوثق ذريعة رفضوا التمييز بين الحلال والحرام ،
ودانوا بترك الاحترام ، وطرح الاحتشام ، واستخفوا بأداء العبادات ،
واستهانوا بالصوم والصلاة ، وركضوا في ميادين الغفلات ، وركضوا إلى اتباع
الشهوات وقلة المبالاة".
وهذا معنى قول أبي مدين : واعلم بأن طريق القوم دراسة وحال من يدعيها
اليوم كيف ترى هذه أقوال المحققين من الصوفية أنقلها إليك وهي قليل من
كثير لتعلم كيف تعلق الناس بالأسماء وتركوا الحقائق ، وأخذوا القشور
ورموا اللباب .
وما أظرف قول القائل :
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص ولا طرب ولا اضطراب كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقرآن والدينا
وأن ترى خاشعا لله مكتئبا على ذنوبك طول الدهر محزونا
وقول الآخر :
ألم يعلموا أن الطريق كناية عن العمل الجاري على وفق شرعنا
وذبح النفوس الضاريات بمدية من الخلف حتى لا تميل إلى الحنا
فما أشد الغفلة ، وما أعظم سلطان الألفاظ ، وما أبعد العرف عن الحقيقة ،
فاعرف ذلك جيدا ، واطلب لباب الأمور لتكون من الصادقين في الطلب ،
الواصلين إلى درجات القرب ، إن شاء الله.
( الشريعة، والطريقة، والحقيقة ) أو علم الظاهر، وعلم الباطن
يكثر إطلاق هذه الألفاظ في علم القوم وحديثهم ، وإذا درست أقوالهم علمت
أنهم يريدون المعاني آلاتية : ا - الشريعة : هي أحكام الدين المأخوذة من
الكتاب والسنة سواء تعلقت بالعقائد أو العبادة أو غيرهما .
2 - والطريقة : هي العمل بهذه الأحكام مع إدراك مراميها والأخذ بعزائهما
وعدم التواني والكسل في ذلك .
3- والحقيقة : هي الأثر الذي يتركه دوام الطاعات في القلب مع صفاء
الروح ، ورقة القلب ، وسرعة الفهم ، وازدياد العمل ، والمعرفة بالله
تبارك وتعالى، وانكشاف حقائق بعض الأمور للعلم بالشريعة العامل بالطريقة
إلى غير ذلك من الفيوضات الإلهية التي لا تنقطع في المقامات التي لا تحد
بوصف كلامي . والثلاثة بهذا المعنى أمور متلازمة لا ينفصل أحدهما عن
الآخر . فمن علم بالسريعة وعمل بالطريقة وصل إلى الحقيقة ، ولا وصول إلى
الحقيقة إلا بالعلم والعمل ، ومن وقف مع العلم فقط فقد حرم الفهم ، وكان
علمه حجة عليه . وهذه المعاني هي المقصودة عند الشيوخ بهذه الألفاظ ، وكل
ما زاد عليها أو خالفها فوهم باطل ، وإليك أقوالهم في ذلك : قال صاحب شرح
تائية السلوك : "الشريعة أمر العبد بالتزام العبودية ، والحقيقة مشاهدة
الربوبية عند التحقق بمقام الإحسان المشار إليه بقوله صلى الله عليه
وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه ".
والطريقة : هي سلوك طريق الشريعة مع العمل بالأحوط ، وعدم تتبع الرخص
والمراد من الثلاثة إقامة العبودية على الوجه المراد من العبد" . ومن
آراء الصوفية في ذلك رأي الشيخ محيي الدين بن عربي الحاتمي ، وكان من
قوله فيه بعد أن ذكر خطأ الذين يعترضون على الصوفية وعلماء الظاهر :
كثيرا ما يقولون : من أين أتى هؤلاء العلم لاعتقادهم أن أحدا لا ينال
علما إلا على يد معلم ، وصدقوا في ذلك ، فإن القوم لما عملوا بما علموا
أعطاهم الله تعالى علما من لدنه بإعلام رباني أنزله في قلوبهم مطابقا لما
جاءت به الشريعة لا يخرج عنها ذرة، قال تعالى : خلق الإنسان علمه البيان
" (الرحمن : 3، 4) "علم الإنسان ما لم يعلم " (العلق : ه ) . وقال في
عبده الخضر : " وعلماه من لدنا علما " (الكهف : 65)، فصدق المنكرون فيما
قالوا : إن العلم لا يكون إلا بمعلم ، وأخطأوا في اعتقادهم أن الله تعالى
لا يعلم من ليس بنبي ولا رسول قال تعالى: " يؤتي الحكمة من يشاء "،
والحكمة هي العلم ، وجاء بمن وير نكرة، ولكن هؤلاء المنكرين لما تركوا
الزهد في الدنيا وأثروها على الآخرة وعلى ما يقرب إلى الله تعالى وتعودوا
أخذ العلم من الكتب ومن أفواه الرجال حجبهم ذلك عن أن يعلموا أن لله
تعالى عبادا تولى تعليمهم في سرائرهم إذ هو المعلم الحقيقي للوجود كله ،
ثم ختم كلامه بقوله : وأين تكذيب هؤلاء المنكرين لأهل الله تعالى في
دعواهم العلم من قول علي بن أبي طالب "كرم الله وجهه-:
"لو تكلمت لكم في تفسير الفاتحة لحملت لكم منها سبعين وقرأ" فهل كان إلا
من العلم اللدني الذي أتاه الله تعالى له من طريق الإلهام ، إذ الفكر لا
يصل إلى ذلك ؟" انتهى كلامه في الفتوحات وقد أكد المعنى في رسالته إلى
الشيخ فخر الدين الرازي .
رأي الشيخ الشعرانى في حقيقة العلم الباطن . .
وانكاره إطلاق هذا الاسم عليه :
قال الشيخ الشعراني في كتابه "الدرر المنثورة في بيان زبد العلوم
المشهورة" وكرر هذا المعنى مرارا في كتابه "اليواقيت والجواهر" وأما زبده
علم التصوف النقي وضع القوم فجه رسائلهم فهو نتيجة العمل بالكتاب
والسنة ، فمن عمل بما علم تكلم بما تكلموا به وصار جميع ما قالوه بعض ما
عنده لأنه كلما ترقن العبد في باب الأدب مع الله تعالى ومعه كلامه على
الإفهام حتى قال بعضهم لشيخه : إن كلام أخي فلان يدق علي فهمه ، فقال :
لأن لك قمصين وله قميص واحد فهو أعلى مرتبة منك ، وهذا هو الذي دعا
الفقهاء ونحوهم من أهل الحجاب إلى تسمية علم الصوفية بالعلم الباطن ولير
ذلك بباطن ، إذ الباطن إنما هو علم الله تعالى، وأما جميع ما علمه الخلو
على اختلاف طبقاتهم فهو من العلم الظاهر لأنه ظهر للخلق فاعلم ذلك " .
وقال في اليواقيت والجواهر، ونقله عن الشيخ حيي الدين : قال قالت فإن
سلمنا للأولياء ما جاءوا به فما حكمه إذا خالف ما جاءت به الرسل ؟ ،
فالجواب : حكمه الرد، فإن الولي إذا أتى في كشفه بما يخالف ما كتشف للرسل
وجب عه لينا الرجوع إلى كشف الرسل وعلمنا أن ذلك الولي قد طرز عليه في
كثسفه خلل إلى آخر ما قال " ، وله في ذلك مؤلف سماه "حد الحسام في عنق من
أطلق إيجاب العلم بالإلهام " .
وقد نقل في كتابه المسمى ب "الجواهر والدرر" عن الشيخ محيي الدين ما
نصه : "اعلم أنا لا نعني بمدلك الإلهام حيث أطلقناه إلا الدقائق الممتدة
من الأرواح المالكية لا نفس الملائكة ، فإن الملك لا ينزل بوحي على غير
قلب نبي أصيلا ، ولا يأمر بأمر إلهي جملة واحدة ، فإن الشريعة قد
استقرت ، وتعين الفرض والواجب وغيرهما ، فانقطع الأمر الإلهي بانقطاع
النبوة والرسالة ، ليس هناك من تقي يأمره الله تعالى بأمر يكون شرعا
سحستقلا يتعبد به أبدا" ، وقد أفاض في هذا المعنى كثيرا .