التصوف للقلب والبدن

[الفتى المحمدي‎]

التصوف للقلب والبدن


إن التصوف شامل لكيان الإنسان كله لاسيما القلب الذي يخاطب قلب
الإنسان الذي هو موضع نظر الله ويوجه إليه الأوامر
والنواهى : افعل ذلك .. إلخ دون أن يراعى الجوانب الأخرى فقد أتعب
الإنسان وأجهده.
وهنا تأتى حكمة خطاب الدين دين الله الذى أوجد خطاباً للإنسان بكليته
فأقام صفة الاتزان فيه أما من يدعي أن خطاب الدين
سبب لشخص ما إرباكاً أو عدم اتزان فى شيء محدد فذلك يصب فى الشخص نفسه
أو فى الظروف المحيطة به أما الدين
فعظمته أنه شامل كامل يستوعب كل عناصر الإنسان مع مراعاة تغير الظروف
والواقع المحيط به .
وجانب الرُقي فى خطاب الله عز وجل إلى الإنسان أنه يجعله خليفة له فى
الأرض ومفهوم الخلافة ليس محصوراً فى جانبه
الضيق المتمثل فى السلطة والحكم وإنما فى الجانب الراقي المتمثل فى
الآية ( إنى جاعل فى الارض خليفة ) فالحكم والسلطة
هى أحد أجزائه وليست الكل والغاية فإذا فهم الإنسان خطاب ربه بالصورة
الصحيحة صار خليفة فى الارض وامتلك زمام
الأمور فى يده أما إذا أساء فهم هذا الخطاب فإنه سيتحول إلى حب تطحنه رحى
الواقع ورحى الحاجة ؟ فالإنسان اليوم بمختلف
مستوياته يقع فريسة بين حاجته ومايريد وبين الواقع وما يريد ويتحول
شيئاً فشيئاً إلى خادم للحياة بدلاً من أن تخدمه هي وهذا
ما يبينه الله فى (حديث قدسي )( يا دنيا من خدمنا فاخدميه ومن خدمك
فاستخدميه).