أخلاق الرسول في آيات الذكر الحكيم
إنَّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حالة فريدة في الإنسانية، حيث لم شهد التاريخ شخصية كشخصيته، امتلكت الأخلاق الفاضلة والنَّفس الكريمة، والروحية الإنسانية الرفيعة.
فلقد وصل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الذروة في الأخلاق، حتَّى استحق أن يخاطبه الباري عزَّ
وجلَّ بقوله تعالى:)
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [1
كما استطاع أن يكون نموذجاً
حقيقياً، ومثالاً حيَّاً، وأسوةً حسنةً للآخرين، كما قال تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [2،
وهذا ليس بالكثير
على من أعدَّته السماء لحمل لواء الرسالة الخاتمة، التي قُدِّر لها أن تبقى ما بقي الدهر، فهو تربية السماء وربيب عالم الغيب الذي يقول عن نفسه الشريفة:
«أدّبني ربّي فأحسن تأديـبـي.[3
إنَّ شخصية الرسول الأكرم الفذَّة تعتبر أفضل وأعظم شخصية في الإسلام؛ ولهذا أصبحت هذه الشخصية المحور الأساس الذي تتمحور حولها عواطف وعقائد المسلمين كافة، بحيث أصبح التخلّق بأخلاقها يوجب التسامي والرفعة والتكامل المعنوي والنفسي، ولقد كان حقاً ما قاله الرسول: «إنّما بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق».([4
لقد سخَّر الرسول شفقته ورأفته ورحمته، بكل عزيمة وثبات؛ من أجل ترويض أصحاب القلوب المتحجِّرة ممن تسلَّطت على قلوبهم الجاهلية الجهلاء، وطغت عليها طبيعة الصحراء القاسية، إلى الدرجة التي أخذوا فيها يقتلون فلذات قلوبهم من البنات خشية العار والشنار، كما تحدَّث عنهم القرآن الكريم في قوله تعالى:
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ
عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ([5
فقد كانت حياتهم مليئة
بالخرافات والسخافات واختلاف الديانات والاتجاهات الباطلة والمنكرة، فشمَّر الرسول عن ساعديه وسعى بجدّ واجتهاد، من أجل إنقاذ البشرية التي كانت قابعة في دهاليز الظلمات، ليخرجها من الظلمات إلى النور، من خلال تزكية النفوس وتهذيب العقائد الباطلة والأخلاق الفاسدة، وتكميل العقول الناقصة، وتقوية النفوس الضعيفة، كما قال تعالى:
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
إنَّ التعرّف على شمائل الرسول وصفاته، والتمعُّن في أخلاقه وسلوكياته، يمكن له أن يرسم لنا صورة عن ملامح هذه الشخصية الفريدة، ويمكننا من خلال ذلك أيضاً الإتصاف بصفاته والتأسي به، مما يؤدي إلى تحلّي المجتمع الإسلامي بمكارم الأخلاق التي اجتمعت في شخصيته الكريمة، فيبلغ المجتمع بذلك مرحلة الكمال والنضج، وتصل الحياة الإنسانية إلى مدارج الازدهار والرقي .
وهذا ما دعاني الى أن أبحث في بعض الجوانب الأخلاقية التي أشار إليها القرآن الكريم عن هذه الشخصية العظيمة.
أسأل الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم, وأن يكون موضعاً لرضاه، وأن يوفقني الى صالح الأعمال والأقوال؛وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ 6
الخلق العظيم
قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم ([7 .
لقد كان النبي يمتاز بسمو خلق لا يحيط بوصفه البيان، اجتمعت به كل الصفات الجميلة ففاضت القلوب إجلالاً له، وتفانى المنصفون في تعظيمه وإكباره، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فقد كان أحسن النَّاس خلقاً، بحيث يستطيع الإنسان أن يستشعر ذلك من خلال تعامله مع الصغير والكبير ومع المؤمنين وغيرهم.
وكان أمير المؤمنين علي(عليه السلام) إذا وصف النبي قال: .... «إذا كان في النَّاس غمرهم، كأنَّما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من ريح المسك، ليس بالعاجز ولا باللئيم، أكرم النَّاس عشرة، وألينهم عريكة، وأجودهم كفاً، من خالطه بمعرفة أحبَّه، ومن رآه بديهة هابه، عِزَّه بين عينية، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله».([8
لقد جمع الله سبحانه وتعالى لنبيّه جميع صفات الجمال والكمال، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال، وكريم الصفات والأفعال، حتَّى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملَّكت هيبتهُ العدوّ والصديق، قال الشاعر حسان بن ثابت واصفاً الكمال الذي يتصف به الرسول :
وأجمل منك لم ترَ قطُّ عيني
|
|
وأكملُ منك لم تَلد النِّساءُ
|
خُلقْتَ مبرّأً منْ كلّ عيب
|
|
كأنَّك قد خُلقت كما تشاءُ
|
وقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم([9]) يحمل في طياته شهادة وتزكية وتكريماً لخلق
الرسول، ويُعرب عن سيرته وسمته وشمائله وصفاته الكاملة، ويتضمن منهجاً أخلاقياً متكاملاً؛ خاصةً عندما نعلم أنَّ المراد من الخُلق العظيم؛ هو القرآن الكريم، كما جابت عائشة، حين سُئلت عن خُلقه بقولها: «كان خلقه القرآن».([10
قال الطبرسي: «إنَّك لعلى خلق عظيم؛ أي على دين عظيم، وقيل: معناه إنَّك متخلّق بأخلاق الإسلام، وعلى طبعٍ كريمٍ وقيل سُمِّي خُلُقه عظيماً لاجتماع مكارم الأخلاق فيه، ويعضده ما روي عنه: إنَّما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق».([11
وقال ابن الجنيد: «سمُّي خُلُقه عظيماً إذ لم تَكُن له همَّة سوى الله تعالى، عاشر الخلق بخُلُقه، وزايلهم بقلبه فكان ظاهره مع الخلقِ وباطنه مع الحقِّ».([12
إذاً فهذه الآية وحدها تؤصّل المنهج الأخلاقي في القرآن، فكل خُلِق محمود جاء في القرآن، فهو من الخُلقِ العظيم الذي كان عليه النبي.
مكارم الأخلاق
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ([13
الحلم والسماحة والتساهل والصفح عن الآخرين من الأخلاق التي أتصف بها الرسول الأكرم، وفي هذه الآية المباركة جُمع للنَّبي جميع مكارم الأخلاق؛ على وفق ما روي من أنَّه: «نزل على النبي بمكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة وهي ثلاثة: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ».([14
وقال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): «أمر الله عزَّ وجلَّ نبيه بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ».([15
وهذا عين ما أوصى به الرسول أمير المؤمنين علي(عليه السلام) حيث قال: «يا علي: ثلاث من مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة، أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم عمن جهل عليك».([16
كيف لا والرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله يقول: «إنَّ الله خلق عبيداً من خلقه لحوائج النَّاس، يرغبون في المعروف ويعدون الجود مجداً، والله يحب مكارم الأخلاق».([17
وقد روي عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، أنَّه قال: «لو كنَّا لا نرجو جنَّة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنَّها مما تدل على سبيل النجاح، فقال رجل: فداك أبي وأمِّي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله قال: نعم وما هو خير منه، لما أتانا سبايا طي، فإذا فيها جارية حمَّاء، حوَّاء، لعساء، لمياء، عيطاء، صلت الجبين، لطيفة العرنين، مسنونة الخدين،
ملساء الكعبين، خدلجة الساقين، لفاء الفخذين، خميصة الخصرين، ممكورة الكشحين، مصقولة المتنين، فأعجبتني وقلت: لأطلبنَّ إلى رسول الله، يجعلها في فيئي، فلمَّا تكلَّمت نسيت ما راعني من جمالها، لمِا رأيت من فصاحتها وعذوبة كلامها، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلّي عنّي ولا تشمت بي أحياء العرب، فإنّي ابنة سيد قومي، كان أبي يفكُّ العاني، ويحمي الذمار، ويُقري الضيف، ويُشبع، الجائع، ويُكسي المعدوم، ويُفرِّج عن المكروب، أنا ابنة حاتم طي، فقال: خلُّوا عنها فإنَّ أباها كان يُحبُّ مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يُحبُّ
مكارم الأخلاق، فقال: يا أبا بردة لا يدخل الجنَّة أحد إلا بِحُسن الخُلق».([18
وعن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله: «إنَّ الله تعالى يُحبُّ مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها».([19
أما الحُلمُ فهو إغضاءُ الرجلِ؛ حيث يزيدُه الإغضاء رفعةً ومهابةً، وهو من السجايا والأخلاق الحميدة؛ لأنَّه خُلقُ الأنبياء، وأدب النُبلاء، و دأب الفُضلاء، وهو من الصفات الفطرية التي تُولَد مع الإنسان، وهو كذلك يتأتَّى بالتَّحلُّم، والتخلُّق، ومجالسة الحُلماء، كما قال رسول الله: «إنَّما العلم بالتعلّم، وإنَّما الحلم بالتَّحلُّم».([20
ومن حلم الرسول؛ «أنَّه كلَّما آذاه قومه الكفار، وبالغوا فيما يفعلون قال: اللَّهم أغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون»([21])، وقال ابن مسعود: «كأنّي أنظر إلى رسول الله يحكي
نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللَّهم أغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون».([22
كان رسول الله بالإضافة إلى ما يتحلَّى به من الحُلُم، يقوم بمدح من يتصف بهذه الصفة ويشجّعه على ذلك، كما مدح أشبح عبد القيس بقوله: «إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحُلُم والأناة».([23
علماً أنَّ هذا العفو والصفح ليس من التكليف الواجب على المظلوم، بل مطلوب من جهة الإحسان والتفضُّل، كما في قوله تعالى في وصف المتقين: )الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ( ([24])،
وقوله تعالى : )وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ([25
إنَّ الثَّمرات الناتجة عن الحُلُم ثمرات عظيمة؛ فهو يبلغ بصاحبه أرفع المنازل وأسماها؛ فقد روي عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) أنَّه قال: «من حَلَم ساد، ومن تفهّم ازداد»([26])، والحُلُم هو أساس الرفق, كما قال «إنَّ الرفق لم
يوضع على شيءٍ قطّ إلاّ زانه, ولم يرفع عنه قطّ شيءٍ إلاّ شانه»([27])، وهو الباعث على العفو وتخفيف حدَّة الغضب.
أما العفو عند رسول الله، فهو من الوضوح بحيث لا يخفى على من له أدنى معرفة بسيرته، فقد عفى عن أشد المعاندين له وهو أبو سفيان وأمثاله، حينما استولى عليهم، فقال لهم: «ألا بئس جيران النَّبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم وأخرجتم وفللتم ثمَّ ما رضيتم حتَّى جئتموني في بلادي تقاتلوني.. فاذهبوا فأنتم الطلقاء».([28
فهذه كلمات سجَّلها التاريخ لأكرم الخلق، فهو يقول لأولئك الذين آذوه وضربوه وطردوه: إذهبوا فأنتم الطلقاء، ليعطينا درساً عملياً في كيفية السيطرة على غضب النفس، والعفو عند المقدرة، والعاقبة الحسنة لهذا العفو، وقال أيضاً: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله».([29
فما أجمل الحِلْم والعفو الذي يتبلور حينما يأتي أحدهم فيقوم بسبِّ الآخر، ثم يقابله ذلك الآخر ببشاشةِ وَجْهٍ وحُلمٍ، وهدوء نفس، فلو فعل ذلك سوف يرجع ذلك المخطئ بإحدى اثنتين إما إلى رشده فيعترف بخطئه فيعتذر، وإما يموت كمداً، كما قال الشاعر.
إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ
|
|
فخيرٌ من إجابته السكوتُ
|
فإن أجبتَه فرّجْتَ عنـه
|
|
وإن تركتَه كَمَداً يمـوت
|
قال صاحب الكشَّاف في تفسير قوله تعالى: )خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ(؛ «العفو: ضد الجهد كأنَّه هو المشقة، فالعفو هو السُّهولة أي خذ يا محمد ما عفا لك من أفعال النَّاس وأخلاقهم، وما أتى منهم وتسهل من
غير كُلفة».([30
وهذا دليل على أنَّ العامل الرئيسي في الأخلاق هو السجية والطبع، دون اللجوء إلى التكلُّف والمشقة، وهذا لا يمنع من وجوب حثّ النفس ومطالبتها بالتعوُّد على المكارم؛ لأنَّ هذا يعد كذلك من العوامل التي تغرس جذور الأخلاق في النفس الإنسانية، كما روي عن رسول الله أنَّه قال: «إنَّما العلم بالتعلُّم، وإنَّما الحلم بالتحلُّم»([31]).
وقال: «من يتصبر يصبّره الله، ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله».([32])
قال تعالى: )وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ([33
وقال تعالى: )إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا([34
لقد كانت قريش تعرف الرسول قبل أن يتنزَّل عليه الوحي بـالصادق الأمين، حيث كان الصدق والأمانة من الصفات البارزة له في الجاهلية، وهو ما عرف به أيضاً بعد نزول الرسالة وظهور الإسلام، هذا على مستوى الفعل، وهو ما يعرف منه على مستوى القول أيضاً فقد كان يقول: «عليكم بالصدق، فإنَّ الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنَّة».([35]) فهو يحكي قوله تعالى: وقال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ( ([36]) وقوله تعالى: )وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ( ([37
وفي قوله تعالى: )وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ([38]) قال مقاتل: «نزلت في أبي
جهل، وذلك أنَّه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد ابن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي، فقال أبو جهل: والله إنّي لأعلم أنَّه لصادق! فقال له مه! وما دلَّك على ذلك!؟ قال: يا أبا عبد شمس، كنَّا نسمّيه في صباه الصادق الأمين، فلمَّا تمَّ عقله وكمل رشده، نسمِّيه الكذاب الخائن!! والله إنّي لأعلم أنَّه لصادق! قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال: تتحدث عنّي بنات قريش أنّي قد اتبعت يتيم أبي
طالب من أجل كسرة، واللات والعزّى إن اتبعته أبداً. فنزلت: )وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ(».([39
أما سيد البطحاء أبو طالب(رضي الله عنه) فهو يذكر بعض شمائل الرسول ويصفه بالصادق الأمين، فعن عروة الثقفي قال: سمعت أبا طالب رضي الله عنه يقول: حدثني ابن أخي الصادق الأمين وكان والله صدوقاً: إنَّ ربَّه أرسله بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة»([40])، وعن فاطمة الزهراءصلوات الله وسلامه عليها : أنَّها قالت: «أنا ابنة الصادق الأمين» وفي الزيارة عن الأئمة الهداة جاء: «السلام على كافة الأنبياء والمرسلين، السلام على حجج الله على العالمين، السلام على محمد بن عبدالله خاتم النبيين، السلام على الرسول الصادق الأمين».([42
لقد أظهر نبينا الكريم من الصدق والأمانة في العبودية لله والتعامل مع عباده، ما لا يظهره سواه من العباد حتّى لُقب بالصادق الأمين، هكذا هي سيرته منذ ولادته، وبعد أن بزغ نور الحقِّ, وعلمت قريش بما ينوي محمد أن يفعله من نشرٍ لدينه الجديد عملت على عداوته أشدّ عداوة, إلا أنَّ ذلك لم يثنيهم على أن يجعلوا أموالهم وأحمالهم أمانةً عنده, ولا غرابة في ذلك فلا يوجد من هو أمين ٌ مثل محمد صلى الله عليه
وآله وسلم.
ولقد أشار جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى صدق الرسول وأمانته، وأثر ذلك على الدعوة الإسلامية بقوله: «بعث الله إلينا رسولاً منَّا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته وعفافه، حتى لقد لُقّب بـ (الصادق الأمين) فقد كان لذلك أثر كبير في ظهور دعوته، وانتصار وانتشار رسالته، وقد كان تحلّيه بهذه المواصفات ضرورياً، لأنَّ فقدانها موجب لريبهم، كما قال تعالى:
إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ([43])، هذا كلّه، بالإضافة إلى ما قد مدحه الله عليه من خلقه العظيم،
فقال: )وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(»([44
إنَّ أبرز الشواهد على أمانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، نهوضه بتبليغ الرسالة التي ائتمنه الله عليها وكلّفه أن يقوم بها، حيث بلَّغها للنَّاس أعظم ما يكون التبليغ، وقام بأدائها أعظم ما يكون القيام، واحتمل في سبيلها أشقّ ما يحتمله بشر .
لقد كانت قريش بالرغم من معاداتها للرسول، تحتفظ بأماناتها عنده؛ لأنَّها كانت تثق فيه ولم تعهد عليه أيّ شائبة، وهذا ما يمكن أن ندركه من خلال هذه الحادثة: «فلقد توجّه الرسول يوماً إلى نحو الكعبة وأهل مكة حولها، وكان عمروا فيها عمارة، وشالوا الحجر الأسود من مكانه، فلمّا عزموا أن يردّوه إلى مكانه الأول اختلفوا فيمن يرده، فكان كل منهم يقول: أنا أردَّه، يريد الفخر لنفسه، فقال لهم ابن المغيرة:
يا قوم حكّموا في أمركم من يدخل من هذا الباب، وأجمعوا على ذلك، وإذا بالنبي قد أقبل عليهم، فقالوا: هذا محمد، نعم الصادق الأمين، ذو الشرف الأصيل، ثم نادوه فأقبل عليهم، فقالوا: قد حكّمناك في أمرنا، من يحمل الحجر الأسود إلى محله؟ فقال: هذه فتنة، إيتوني بثوب، فأتوه به، فقال: ضعوا الحجر فوقه، وارفعوه من كل طرف قبيلة، فرفعوه إلى مكانه، والنبي هو الذي وضعه في مكانه، فتعجبت القبائل من فعله».([45
وتتجلى أمانة الرسول أيضاً عندما أراد الخروج من مكة فقد روي
أنَّه لما أراد الهجرة كانت عنده ودائع أودعها أم أيمن وأمر أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بردّها على مستحقها.([46
كيف لا يكون الرسول كذلك، وهو الصادق الأمين الذي يصدح بقوله: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُن من خانك».([47
العدل والاستقامة
قال تعالى: )فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ([48
العدالة: «وهي لغة: الاستقامة، وشرعاً: كيفية راسخة في النفس، تبعث على ملازمة التقوى والمروءة، وتتحقق التقوى: بمجانبة الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر»([49])، وهذا مخالف للظلم الذي هو: «وضع الشيء في غير موضعه كذا في مجمع
البيان، أو التعدّي عن حدود الله كما يفهم من قوله تعالى: )ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه( ([50]) وغيره، إذ لا شك أنَّ فعل الصغير خروج عن الاستقامة والطاعة،
وأنَّه نقص ووضع في غير المحل، وتعد عن الحدود، إذ حدود الله هي الأوامر والنواهي».([51
لقد جاءت الدعوة إلى الاستقامة في مواطن عديدة من القرآن الكريم، منها ما هو مباشر للنبي كما في قوله تعالى: )فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ( ([52])، ومنها غير المباشر،
كالذي يخاطب به الله تبارك وتعالى المؤمنين ويعدهم بالأمن والطمأنينة، كما في قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(.([53])
وكذلك أمر القرآن الكريم بالعدل؛ فقال سبحانه وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُو اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ( ([54
وقد حضَّ النبي على العدل والمساواة في أحاديث كثيرة، بعد ضرب المثل والقدوة للنَّاس عملياً فقد قال: «ما منْ عبد استرعاه الله رعيةً فمات وهو غاش لها إلا حرَّم الله عليه الجنَّة».([55
وكان الرسول يعدل ويتحرَّى العدل بين زوجاته ثم يعتذر إلى ربِّه وهو مشفق خائف فيقول: «اللَّهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».([56
وروي عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: قل ربِّي الله ثمَّ استقم، قال: قلت: ربِّي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب»([57])، «وأخرج ابن ماجه في السنن: أنَّ سفيان بن عبدالله الثقفي
قال: قلت: يا رسول الله، حدّثني بأمر أعتصم به؟ قال: قل ربِّي الله ثمَّ استقم».([58
وهذه الاستقامة لا تتحقق إلا بتقوى الله وخشيته، والتعرّف على أحكامه والإحاطة بتعاليمه، والامتثال لأوامره، والتخلّق بأخلاق القرآن، وهو ما اتصف به الرسول الأكرم، فقد كان من عدله واستقامته، بحيث لم يهمل جانباً من دعوته على حساب جانب، ولم تمل به الأهواء ذات اليمين وذات الشمال، بالرغم من الصعوبات التي واجهته والعروض المغرية التي عُرضت عليه، فلقد تحمَّل من أجل ذلك مختلف المتاعب والآلام
كما قال: «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت به»([59])، ولقد بلغ من همَّته العظيمة لتحقيق هدفه السامي أنَّه قال:
لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته.([60
إنَّ استقامة الرسول وسيرته تشهد على أنَّه ينطق عن الوحي، ومؤيد بالغيب، ومؤهل لحمل الرسالة الخالدة، هذه الاستقامة التي يبشر الله بها عباده بقوله تعالى:
)إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ( ([61.
الرحمة
قال تعالى:وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ([62
من الصفات التي يتحلَّى بها الرسول؛ صفة الرحمة، فقد وهبه الله قلباً رحيماً، يرقُّ للضعيف، ويحنُّ على المسكين، ويعطف على الخلق أجمعين، حتى صارت الرحمة سجيّةً له، فاستحق بذلك الثناء من قبل الله في قوله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ(.([63
وفي وصفه ووصف أصحابه يقول الباري تعالى:
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ([64])؛
وقال تعالى
لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
لقد شملت رحمة رسول الله الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والمؤمن والكافر، والخدم والأرقاء، والطير والدواب، فمن شواهد رحمته بالصغار روي: «أنَّ رسول الله كان يقبِّل الحسن والحسين(ع)، فقال الأقرع بن حابس: إنَّ لي عشرة من الولد ما قَبَّلتُ أحداً منهم، فنظر إليه رسول الله، ثم قال: من لا يَرحم لا يُرحم».([66
ومن شواهد رحمته بالخدم، روى أبو ذر رضي الله عنه أنَّ الرسول قال: «هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».([67
وعن أنس رضي الله عنه أنَّه قال: «خدمت رسول الله عشر سنين لا والله ما سبَّني سبَّة قط، ولا قال لي أفّ قطّ، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته».([68
ومن شواهد رحمته بالنّساء، قول رسول الله: «ألا واستوصوا بالنّساء خيراً، فإنَّما هنَّ عوان([69]) عندكم، ليس تملكون منهنَّ شيئاً غير ذلك»([70])؛ وعن أَبي قَتادَةَ الحارِثَ بن رِبْعي قال: قال رسول اللَّه: «إِنِّي لأَقُومُ إلى الصَّلاةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ».([71
ومن شواهد رحمته بالطيور والبهائم، عن عبد الله، عن أبيه قال: «كنَّا مع رسول في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة (طائر يشبه العصفور) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تُعرش([72])، فلما جاء، قال: من فجع هذه بولدها؟
ردُّوا ولدها إليها».([73
وعن سهيل بن الحنظلية قال: «مرّ رسول ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة([74]) فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة».([75
ومن شواهد رحمته بأعدائه موقفه العظيم، يوم فتح مكة عندما مكّنه الله تعالى من قريش، فأطلق الرسول كلمته الخالدة: «اليوم يوم المرحمة»([76])، وكان محقّاً فيما قاله فقد أعلن عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى به
وبالمسلمين، وكان ذلك تفضّلاً منه ورحمةً.
قال تعالى: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ
حَوْلِكَ( ([77
قال شيخنا الطبرسي في تفسيره: «وفي هذه الآية دلالة على تخصيص نبينا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، ومن عجيب أمره أنَّه كان أجمع النَّاس لدواعي الترفع، ثم كان أدناهم إلى التواضع، وذلك أنَّه كان أوسط النَّاس نسباً وأوفرهم حسباً، وأسخاهم وأشجعهم وأزكاهم وأفصحهم .. وهذه كلّها من دواعي الترفّع. ثم كان من تواضعه أنَّه كان يرقّع الثوب، ويخصف النعل، ويركب الحمار، ويعلف الناضح ويجيب دعوة
المملوك، ويجلس في الأرض، ويأكل على الأرض، وكان يدعو إلى الله من غير زأر ولا كهر([78]) ولا زجر. ولقد أحسن من مدحه في قوله:
فما حَملتْ من ناقة فوقَ ظهرها
|
|
أبرّ وأوحى ذمةً منْ محمد79])
|
والتواضع هو: «الرضى بأن تجلس من المجلس بدون شرفك، وأن تسلّم على من لقيت، وأن تترك المراء وإن كنت محقَّاً»([80])، وهو أيضاً لين الجانب للصغير والكبير, وخفض الجناح للمسيء والمقصّر؛ كما قال الله تعالى: )وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ( ([81])
وإنَّ التواضع يكسب صاحبه السلامة، ويُورث الألفة، ويرفع الحقّ. وللتواضع ثمار كثيرة منها المحبة، ومنها أنَّه يزيد شرف الشريف، كما أن التكبّر يزيد في ضعته، فقد روي عن رسول الله أنَّه قال: «من تواضع لله رفعه الله ومن تكبَّر وضعه الله»([82])، ولقد أحسن من قال:
ولا تَمْشِ فوق الأرض إلا تواضعًا
|
|
فكـم تحتها قومٌ همُ منك أرفـعُ
|
فإن كنت فى عِزٍّ وخيـرٍ ومنعـةٍ
|
|
فكم مات مِنْ قومٍ همُ منكَ أمنـعُ([83])
|
إن التواضع عند رسول قد استمد من التوجيه القرآني العظيم، يقول الله سبحانه وتعالى: )وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ([84
ومن تواضعه «أنَّه أمر أصحابه بذبح شاة في سفر فقال رجل من القوم عليَّ ذبحها، وقال الآخر: عليَّ سلخها وقال آخر: عليَّ قطعها وقال آخر: عليَّ طبخها فقال رسول الله: عليَّ أن ألقط لكم الحطب، فقالوا: يا رسول الله لا تتعبنَّ بآبائنا وأمهاتنا أنت، نحن نكفيك، قال: عرفت أنَّكم تكفوني، ولكن الله عزَّ وجلَّ يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم، فقام: يلقط الحطب لهم».([85
وقد كان يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم وقولوا: عبد الله ورسوله»([86])، ويقول: «التواضع لا يزيد العبد إلا رفعةً ، فتواضعوا يرفعكم الله».([87
ولما كان نبينا أشد النَّاس تواضعاً رفعه الله رفعةً لا يدانيه أحد في الرفعة، كما قال تعالى:وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ([88
.
ولهذا كان الرسول يحذر من الكبر أيَّما تحذير، فيقول لأبي ذر رضوان الله عليه: «يا أبا ذر من مات وفي قلبه مثقال ذرةٍ من كبر لم يجد رائحة الجنَّة، إلا أن يتوب قبل ذلك»89])، وهو مصداق لقوله تعالى: )تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ( ([90
قال الله تعالى: )وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
إنَّ من أهم علامات المؤمن الصبر، وهذا ما صرَّح به الرسول حيث قال: «الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد»([92])، وأكَّده أمير المؤمنين علي (ع)، بقوله: «وعليكم بالصبر فإنَّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه،
ولا في إيمان لا صبر معه»([93])، إلا أنَّ الصابرون قليل, مع أنَّ الصبر للمؤمن علامة, وللراضي بقضاء الله وقدره وسام, وهو لمن يتجسّد به بشرى ونور؛ قال تعالى: ).... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ( ([94
وفي الكافي مسند عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله (ع): «يا حفص، إنَّ من صبر صبر قليلاً، وإنَّ من جزع جزع قليلاً. ثمَّ قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ بعث محمداً فأمره بالصبر والرفق فقال: )وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا، وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي
النَّعْمَةِ( ([95]) وقال : )ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ( ([96]) فصبر حتى إذا ما نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره، فأنزل الله عليه: )وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ( ([97])
ثمَّ كذَّبوه ورموه فحزن لذلك، فأنزل الله: )قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ، وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا
كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا(([98]) فألزملنبي نفسه الصبر، فتعدَّوا، فذكر الله تبارك
وتعالى، فكذَّبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي، ولا صبر لي على ذكر
إلهي. فأنزل الله عزَّ وجلَّ: )فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ( ([99]) فصبر في جميع أحواله».([100])
إنَّ الصبر ذو عاقبة حسنة، فمتى ما صبر المؤمن وأحتسب، تكون عاقبته عاقبة خير؛ ولهذا كان رسول الله نموذجاً فريداً في الصبر، فقد روي عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود قال: «كأنَّي أنظر إلى رسول الله يحكي نبيّاً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول اللَّهم اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون».([101
وقد كان رسول الله يقول: «عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن: إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له».([102])
الشجاعة
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاس إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ([103
كان النبي يمتلك من الشجاعة والقوَّة ما لا يمتلكه سواه، فقد كان أشجع النَّاس، حضر المواقف الصعبة، وانهزم بين يديه الأبطال في أكثر من واقعة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وهذا ما يمكن أن ندركه من خلال ما جاء عن أمير المؤمنين علي(ع) حيث قال: «لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله وهو أقربنا إلى العدو، وكان أشدَّ النَّاس يومئذ بأساً»([104])، وعن ابْنِ عَبَّاس رضي اللَّه عنه أيضاً قال:
«حسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوكِيلُ، قَالَهَا إبْراهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ أُلْقِى في النَّارِ، وَقالهَا مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حيِنَ قَالُوا: إِنَّ النَّاس قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ».([105
ويوم حنين لما التقى المسلمون والكفار ولّى بعض المسلمين مدبرين، والرسول محمد لم يفر، بل بقي يقاتل وهو يقول: «اللَّهم إنَّك أذقت أوَّل قريش نكالاً فأذق آخرها نوالاً، وتجالد المسلمون والمشركون، فلمَّا رآهم النبي قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم وقال: الآن حمي الوطيس: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب، فما كان بأسرع من أن ولَّى القوم أدبارهم وجيء بالأسرى إلى رسول الله مكتفين».([106])
وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله أشجع النَّاس، وأحسن النَّاس، وأجود النَّاس، قال: فزع أهل المدينة ليلةً فانطلق النَّاس قِبَل الصوت، قال : فتلقَّاهم رسول الله وقد سبقهم وهو يقول: لن تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة وفي عنقه السيف، قال: فجعل يقول للنَّاس: لم تراعوا وجدناه بحراً، أو أنَّه لبحر».([107
قال تعالى موجهاً خطابه إلى نبيه الكريم: )وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ( ([108
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لمَّا نزلت: وشاورهم في الأمر، قال رسول الله: أما أنَّ الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمةً لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً».([109
ولأهمية التشاور فقد وردت الأحاديث الكثيرة في الحثّ على التشاور، كقول الرسول: «استرشدوا العاقل ترشدوا ، ولا تعصوه فتندموا»([110])، وقوله: «من استشاره أخوه فأشار عليه بغير رشده فقد خانه»([111])، وقول الإمام الحسن(ع): «ما تشاور قوم قط إلاّ هدوا وأرشدَ أمرُهم».([112
وهذا دليل واضح على أهمية التشاور، فالإنسان فقير بنفسه, غنيٌ بإخوانه وأقرانه, فهو لوحده لاشيء, وبتفرده في رأيه متسلّط ومنبوذ, وبانطوائيته وانعزاله إمَّا متعال أو مريض.
وكما أنَّ الرسول يحث أصحابه على التشاور، فهو أكثرهم تشاوراً كما روي عن أبي هريرة من أنَّه قال: «ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله».([113
وقيل: إنَّ النبي قد شاور أصحابه في أكثر من مرَّة ومناسبة، حتَّى نزل في مناسبة حرب أحد قوله تعالى: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ * إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ( ([114
ومن ذلك أيضاً استشارته لأصحابه في غزوة الخندق([115]), وفي مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلث ثمار المدينة.([116
من خلال ما تقدَّم علمنا أنَّ الرسول الأكرم قد جمع مكارم الأخلاق؛ كما وصفه الله تعالى: )وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ( ([117])،
وإنَّنا مهما حاولنا أن نتكلّم عن شخصيّة
الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله فلا يمكن لنا أن نفي حقّها؛ لأنَّ هذه الشخصية قد بلغت درجات ومراتب يعجز على البشر العادي إدراكها، وإن كان هذا لا يمنع من التعرَّف على السلوك الظاهري لها من خلال ما تقوم به من ترجمة لهذا السلوك على أرض الواقع.
هذا السلوك العظيم الذي تمثَّل بالأخلاق الفاضلة والسجايا الكاملة، بل كان ترجمةً عمليةً للقرآن الكريم، أمراً ونهياً وسلوكاً وخلقاً، فما أمر به القرآن قام الرسول بفعله، وما نهى عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم والتواضع والبشر واللين وكل خلق جميل، هذه الأخلاق التي يجب علينا التمسُّك بها، وتطبيقها تطبيقاً عملياً، من أجل
إصلاح دنيانا وآخرتنا، في عصرٍ كثرت فيه المتغيرات، وتسارعت فيه المستجدات، وبدأ فيه الدين يعيش غربته، وكثرة أعدائه.
وبناءً على ذلك يجب على كلّ مسلم أن يكون في خدمة دينه وعقيدته، ويربِّي نفسه ليكون حارساً على أيّ ثغر من ثغور المسلمين، من خلال التحلّي بأخلاق الرسول، وإتباع سنته؛ أي لابد للمجتمع الإسلامي أن يلتمس الطريقةَ المثلى للدعوة إلى الدين وإحياء سنَّة الرسول، إحياءً عملياً حقيقياً، لا صورياً وشكلياً؟! فإنَّ الأمَّة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها إلى
التمسُّك الصحيح بسيرة رسولها وسنته، والاتصاف بأخلاقه وشمائله، والتعايش في محبة وتآلف ووئام، وبذلك يتحقق هدف الإسلام الأسمى، المتمثّل بتأسيس حكومة الله في الأرض، وعبادته كما يستحق العبادة، وترسيخ مبادئ العدل والوحدة والسلام.
فمن أراد أن يمضي على سيرة الرسول ويتخلَّق بأخلاقه، فليحاول أن يجعل حياته كلّها تطبيقاً عملياً لحركته وسيرته؛ فإنَّ حياة الرسول مليئة بالمواقف العملية، التي تعرب عن أسمى معاني السيرة والخُلق والسلوك.
كما أنَّ التأسي بسيرة الرسول والتحلّي بأخلاقه، من الواجبات التي إذا أدَّاها المسلم نفعه الله به، وأسعده بشفاعته، وأكرمه بورود حوضه، وسقاه من ماء كوثره، فمن كان محبّاً للرسول وصادقاً في حركته نحو الله تعالى، عليه أن يتخلَّق بأخلاقه ويستن بسنته.
وبهذه الكلمات أُنهي هذه الوريقات التي ضمَّنتها بعضاً من أخلاق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم التي يجب أن يتحلَّى بها المسلم في كل مكان وزمان، داعياً المولى أن يوفق الجميع لما يحبُّ ويرضى، إنَّه ولي التوفيق.
المصادر:
1ـ أبو طالب حامي الرسول: نجم الدين الشريف العسكري، مطبعة الآداب، النجف، ط4، 1390هـ .
2ـ الأمالي: محمد بن الحسن الطوسي، دار الثقافة، قم المقدسة، ط1، 1414هـ
3ـ الإمام جعفر الصادق(ع): عبدالحليم الجندي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مصر، 1397هـ .
4ـ إعلام الورى بأعلام الهدى: الفضل بن الحسن الطبرسي، مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث، قم المقدسة، ط1، 1417هـ .
5ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد: الشيخ المفيد، مؤسسة آل البيت(ع) لتحقيق التراث.
6ـ بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، ط2، 1403هـ .
7ـ البداية والنهاية: إسماعيل بن كثير الدمشقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1408هـ .
8ـ تفسير الثعالبي: عبدالرحمن بن محمد الثعالبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1418هـ .
9ـ تفسير القرآن العظيم: إسماعيل ابن كثير القرشي، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ .
10ـ تاريخ بغداد: أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1417هـ.
11ـ تحف العقول عن آل الرسول: ابن شعبة الحراني، مؤسسة النشر الإسلامي لجامعة المدرسين، ط2، 1404هـ .
12ـ الجامع لأحكام القرآن: محمد بن أحمد القرطبي، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1405هـ.
13ـ جامع المقاصد: المحقق الكركي، مؤسسة آل البيت(ع)، قم المقدسة، ط1، 1408هـ.
14ـ دعائم الإسلام: نعمان بن محمد المغربي، دار المعرفة، مصر، ط2، 1383هـ .
15ـ الدعوات: قطب الدين الراوندي، مدرسة الإمام المهدي (عج)، قم المقدسة، ط1، 1407هـ.
16ـ الدر المنثور: جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، جدة، ط1، 1365هـ .
17ـ رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين: يحيى بن شرف النووي الدمشقي، دار الفكر، ط2، 1411هـ .
18ـ زبدة البيان في أحكام القرآن: المحقق الأردبيلي، مكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.
19ـ سبل السلام: محمد بن إسماعيل الكحلاني، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط4، 1379هـ .
20ـ سنن النبي: السيد محمد حسين الطباطبائي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة، 1416هـ .
21ـ سنن ابن ماجه: محمد بن يزيد القزويني، دار الفكر، بيروت.
22ـ سنن النسائي: أحمد بن شعيب النسائي، دار الفكر، بيروت، ط1، 1348هـ .
23ـ سنن الترمذي: محمد بن عيسى الترمذي، دار الفكر، بيروت، ط2، 1403هـ .
24ـ سنن أبي داوود: سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1410هـ .
25ـ شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، دار إحياء الكتب العربية، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم المقدسة.
26ـ شرح إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل: السيد المرعشي، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم المقدسة.
25ـ صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل البخاري، دار الفكر، بيروت، 1401هـ .
26ـ صحيح مسلم: مسلم ابن الحجاج النيسابوري، دار الفكر، بيروت.
27ـ الصحيح من سيرة النبي الأعظم: مرتضى العاملي، دار الهادي، بيروت، ط4، 1415هـ .
28ـ طرق حديث من كذَّب علي متعمداً: سليمان بن أحمد الطبراني، المكتب الإسلامي دار عمَّار، الأردن، ط1، 1410هـ .
29ـ الغدير: عبدالحسين الأميني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1387هـ .
30ـ الكافي: الشيخ الكليني، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط4، 1365هـ .
31ـ كنز العمال: المتقي الهندي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1409هـ .
32ـ لوائح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية: عبدالوهاب الشعراني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط2، 1393هـ .
33ـ منية المريد: الشهيد الثاني، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، 1409هـ .
34ـ من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق، جامعة المدرسين، ط2، 1404هـ .
35ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: نور الدين الهيثمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ.
36ـ المعجم الكبير: سليمان بن أحمد الطبراني، دار إحياء التراث العربي، القاهرة، ط2.
37ـ المعجم الأوسط: سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق إبراهيم الحسيني، دار الحرمين.
38ـ ميزان الحكمة: محمد ري شهري، دار الحديث، ط1، 1416هـ .
39ـ مسند أحمد: أحمد بن حنبل، دار صادر، بيروت.
40ـ مجمع البيان في تفسير القرآن: الفضل بن الحسن الطبرسي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط1، 1415هـ .
41ـ مستدرك سفينة البحار: علي النمازي الشاهرودي، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، قم المقدسة، 1419هـ .
42ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل: المحقق النوري الطبرسي، مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث، ط2، 1408هـ .
43ـ من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق، جماعة المدرسين التابعة للحوزة العلمية، قم المقدسة، ط2، 1404هـ .
44ـ معدن الجواهر ورياضة الخواطر: أبو الفتح الكراجكي، مطبعة مهر استوار، قم المقدسة، ط2، 1394هـ .
45ـ المبسوط: شمس الدين السرخسي، دار المعرفة، بيروت، 1406هـ .
46ـ مكاتيب الرسول: علي الأحمدي الميانجي، دار الحديث، ط1، 1419هـ .
47ـ مناقب آل أبي طالب: ابن شهر أشوب، مطبعة الحيدري، النجف الأشرف، 1376هـ.
48ـ مكارم الأخلاق: الشيخ الطبرسي، الشريف الرضي، قم المقدسة، ط6، 1392هـ .
49ـ مكارم الأخلاق: ابن أبي الدنيا، عبدالله بن عبيد بن أبي الدنيا، مكتبة القرآن، القاهرة.
50ـ المهذّب: القاضي ابن البراج، جماعة المدرسين التابعة للحوزة العلمية، قم المقدسة، 1406هـ .
51ـ مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: أبي الفضل علي الطبرسي، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف، ط2، 1385هـ .
52ـ معالم المدرستين: السيد مرتضى العسكري، مؤسسة النعمان، بيروت، 1410هـ .
53ـ المحلي: ابن حزم الاندلسي، دار الفكر، بيروت، تحقيق احمد محمد شاكر.
54ـ المعجم الكبير: سليمان بن أحمد اللخمي، دار إحياء التراث العربي، القاهرة، ط2.
55ـ نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: الشيخ محمد باقر المحمودي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، ط1، 1397هـ .
56ـ نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار: محمد بن علي الشوكاني، دار الجليل، بيروت، 1494هـ .
57ـ النَّهاية في غريب الحديث: ابن الأثير، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة، ط4، 1364هـ .
58ـ وسائل الشيعة: الحر العاملي، مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث، قم المقدسة، ط2، 1414هـ.
الهوامش:
[2] - سورة الأحزاب: الآية 21.
[3] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج16، ص210 ؛ سنن النبي، الطباطبائي: ص11 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج11، ص406.
[4] - تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج10، ص86 ؛ مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي: ص8 ؛ البداية والنهاية، ابن كثير: ج6، ص40. كنز العمال، المتَّقي الهندي: ج3،
ص16.
[5] - سورة النحل: الآيات 58 ـ 59.
[6] - سورة هود: الآية 88 .
[7] - سورة القلم: الآية 4.
[8] - الأمالي، الشيخ الطوسي: ص341.
[9] - سورة القلم: الآية 4.
[10] - تفسير الثعالبي، عبدالرحمن بن محمد: ج5 ، ص464 ؛ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ج6، ص340 ؛ النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: ج2 ، ص70 ؛ مسند أحمد:
أحمد بن حنبل: ج6، ص91.
[11] - تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج10، ص86 .
[12] - تفسير الثعالبي، عبدالرحمن بن محمد: ج5 ، ص464
[13] - سورة الأعراف: الآية 199.
[14] - معدن الجواهر، أبو الفتح الكراجكي: ص33.
[15] - شرح إحقاق الحقّ، السيد المرعشي: ج33، ص810 .
[16] - من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: ج4، ص357 ؛ مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي: ص435 ؛ بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص49.
[17] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص156 ؛ تحف العقول: ابن شعبة الحراني: ص520.
[18] - مستدرك الوسائل، الميرزا النوري: ج11، ص194 ؛ نهج السعادة، الشيخ المحمودي: ج7، ص362.
[19] - مكارم الأخلاق: ابن ابي الدنيا: ص20.
[20] - مجمع الزوائد، الهيثمي: ج1 ، ص128 ؛ المعجم الأوسط، الطبراني: ج3 ، ص118 .
[21] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج95، ص167.
[22] - ميزان الحكمة، الري شهري: ج4، ص3228 ؛ رياض الصالحين، يحيى بن شرف النووي: ص8 .
[23] - مكاتيب الرسول، الأحمدي، الميانجي: ج3، ص199 ؛ صحيح مسلم، مسلم النيسابوري: ج1، ص36 ؛ تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: ج2، ص341 ؛ المعجم الكبير، الطبراني:
ج12، 178.
[24] - سورة آل عمران: الآية 134.
[25] - سورة الشورى: الآية 40.
[26] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص208 ؛ من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: ج4، ص391 ؛ ميزان الحكمة، الري شهري: ج2، ص1380.
[27] - الكافي، الشيخ الكليني: ج2 ، ص648 ؛ وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج12 ، ص78.
[28] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج21، ص 132 ؛ مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب: ج1، ص180 ؛ إعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطبرسي: ج1، ص226.
[29] - منية المريد، الشهيد الثاني: ص193 ؛ سبل السلام، ابن حجر العسقلاني: ج4 ، ص208 ؛ صحيح مسلم، مسلم النيسابوري: ج8 ،
ص21.
[30] - زبده البيان، المحقق الأردبيلي: ص439 .
[31] - مجمع الزوائد، الهيثمي: ج1 ، ص128 ؛ المعجم الأوسط، الطبراني: ج3 ، ص118 .
[32] - ميزان الحكمة، محمد الري شهري: ج2 ، ص1564 ؛ مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج3 ، ص12 .
[33] - سورة الأحزاب: الآية 22.
[34] - سورة النساء: الآية 58.
[35] - ميزان الحكمة، الري شهري: ج2، ص1578 ؛ مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج1، ص384 ؛ صحيح مسلم، مسلم النيسابوري: ج8، ص29.
[36] - سورة التوبة: الآية 119.
[37] - سورة الأحزاب: الآية 35.
[38] - سورة الجاثية: الآية 23.
[39] - تفسير القرطبي، القرطبي: ج16، ص170.
[40] - الغدير، الشيخ الأميني: ج7، ص368 ؛ أبو طالب حامي الرسول، نجم الدين العسكري: ص200.
[41] - مستدرك سفينة البحار، الشيخ النمازي: ج8، ص147.
[42] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج99، ص199.
[43] - سورة العنكبوت: الآية 48.
[44] - الصحيح من السيرة، مرتضى العاملي: ج2، ص212.
[45] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج15، ص382 ـ 383.
[46] - المهذب، القاضي بن برج: ج1، ص422.
[48] - سورة هود: الآية 112.
[49] - جامع المقاصد، المحقق الكركي: ج2 ، ص372 .
[50] - سورة الطلاق: الآية 1.
[51] - زبدة البيان، المحقق الأردبيلي: ص48 .
[52] - سورة هود: الآية 112.
[53] - سورة الأحقاف: الآية 13.
[54] - سورة المائدة: الآية 8 .
[55] - المعجم الكبير، الطبراني: ج20، ص201 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج6، ص35.
[56] - المستدرك، الحاكم النيسابوري: ج2، ص187 ؛ سنن أبي داود، ابن الأشعث السجستاني: ج1، ص473 ؛ عوالي اللئالئ، ابن أبي جمهور الاحسائي: ج2، ص134.
[57] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج40، ص175 ؛ مكاتيب الرسول، الأحمدي الميانجي:ج1، ص411 ؛
[58] - ميزان الحكمة، محمد الري شهري: ج1، ص758.
[59] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج39، ص56 ؛ مستدرك سفينة البحار، علي النمازي: ج1، ص102 ؛ ميزان الحكمة، الري شهري: ج4، ص3228.
[60] - أبو طالب حامي الرسول، نجم الدين العسكري: ص26 ؛ الغدير، الشيخ الأميني: ج7، ص359.
[61] - سورة فصلت: الآية 30.
[62] - سورة الأنبياء: 107.
[64] - سورة الفتح: الآية 29.
[65] - سورة التوبة: الآية 128.
[66] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج43، ص295 ؛ وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج21، ص485 ؛ مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل: ج2، ص241.
[67] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج71، ص141 ؛ سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني: ج2، ص1216؛ فقه السنَّة، الشيخ سيد سابق: ج2، ص689 ؛ نيل الأوطار،
الشوكاني: ج7، ص124.
[68] - مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج3، ص197 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج7، ص208 ؛ تفسير ابن كثير، ابن كثير: ج4، ص429.
[70] - كنز العمّال، المتقي الهندي: ج5، ص116 ؛ سنن الترمذي، الترمذي: ج2، ص315 ؛ سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني: ج1، ص594.
[71] - صحيح البخاري، البخاري: ج1، ص173 ؛ سنن النسائي، النسائي: ج2، ص95 ؛ رياض الصالحين، يحيى بن شرف النووي: ص168.
[72] - تُعرش: ترتفع وتظلل بجناحيها على من تحتها.
[73] - رياض الصالحين، يحيى بن شرف النووي: ص635 ؛ العهود المحمدية، الشعراني: ص395.
[74] - المعجمة: التي لا تنطق.
[75] - كنز العمال، المتقي الهندي: ج9، ص62 ؛ رياض الصالحين، يحيى بن شرف النووي: ص436 ؛ سنن أبي داوود، ابن الأشعث السجستاني: ج1، ص574.
[76] - كنز العمال، المتقدي الهندي: ج10، ص513 ؛ تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر: ج23، ص454.
[77] - سورة آل عمران: الآية 159.
[78] - زأر زأراً: صاح وغضب، كهر كهراً: استقبله بوجه عابس.
[79] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج16، ص199 ؛ تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج2، ص429.
[80] - الإمام جعفر الصادق(ع)، عبدالحليم الجندي: ص333.
[81] - سورة الحجر: الآية 88 .
[82] - تحف العقول، ابن شعبة الحراني: ص46 ؛ دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي: ج2، ص116 ؛ وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج15، ص277.
[83] - فتح القدير، الشوكاني: ص228.
[84] - سورة لقمان: الآية 18.
[85] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج73، ص273 ؛ مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي: ص252 ؛ ميزان الحكمة، الري شهري: ج2، ص131.
[86] - تفسير القرطبي، القرطبي: ج5، ص237.
[87] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج93، ص122 ؛ الكافي، الكليني: ج2، ص121 ؛ وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج15، ص275 ؛ الأمالي، الشيخ المفيد: ص239.
[88] - سورة الشرح: الآية 4.
[89] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص90 ؛ ميزان الحكمة، الري شهري: ج3، ص2652 ؛ مستدرك سفينة البحار، علي النمازي: ج9، ص7.
[90] - سورة القصص: الآية 38.
[91] - سورة النحل: الآية 127.
[92] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص61 ؛ الكافي: ج2، ص88 ؛ وسائل الشيعة: ج15، ص262.
[93] - نهج البلاغة: ج4، ص18 ؛ خصائص الأئمة، الشريف الرضي: ص94 ؛ مشكاة الأنوار، علي الطبرسي: ص61.
[94] - سورة البقرة: الآيات 155 ـ 157.
[95] - سورة المزمل: الآيات 10 ـ 11.
[96] - سورة فصلت: الآيات 34 ـ 35.
[97] - سورة الحجر: الآيات 97 ـ 98.
[98] - سورة الأنعام: الآيات 33 ـ 34.
[99] - سورة طه: الآية 130.
[100] - الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص88 ؛ مشكاة الأنوار، علي الطبرسي: ص62 ؛ سنن النبي، الطباطبائي: ص107.
[101] - المحلى، ابن حزم: ج11، ص411 ؛ ميزان الحكمة، الري شهري: ج4، ص3228 ؛ صحيح البخاري، البخاري: ج4، ص151.
[102] - صحيح مسلم، مسلم النيسابوري: ج8، ص227 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج1، ص145 ؛ الدر المنثور، جلال الدين السيوطي: ج1، ص154.
[103] - سورة آل عمران: الآية 173.
[104] - ميزان الحكمة، الري شهري: ج3، ص224 ؛ مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج1، ص86 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج10،
ص397.
[105] - صحيح البخاري، البخاري: ج5، ص172 ؛ الدر المنثور، جلال الدين السيوطي: ج2، ص103.
[106] - الارشاد، الشيخ المفيد: ج1، ص133.
[107] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج16، ص232 ؛ مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي: 19 ؛ مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج3، ص147 ؛
[108] - سورة آل عمران: الآية 159.
[109] - الصحيح من السيرة، مرتضى العاملي: ج6، ص89 .
[110] - وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج12، ص20 ؛ الأمالي، الشيخ الطوسي: ص153 ؛ كنز العمال، المتقي الهندي: ج3، ص409.
[111] - المستدرك، الحاكم النيسابوري: ج1، ص103 ؛ طرق حديث من كذَّب علي، الطبري: ص88 .
[112] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج75، ص105 ؛ تحف العقول، ابن شعبة الحراني: ص233.
[113] - السنن الكبرى، البيهقي: ج9، ص218 ؛ مسند أحمد، أحمد بن حنبل: ج4، 328 ؛ سنن الترمذي، الترمذي: ج3، ص129.
[114] - سورة آل عمران: الآيات 159 ـ 160.
[115] - معالم المدرستين، مرتضى العسكري: ج1، ص174.
[116] - الإرشاد: ج1، ص96.
[117] - سورة القلم: الآية4.