كنت نائماً ليلة النصف من شعبان ، فأتاني جبرائيل (ع) فقال : يا محمد !.. أتنام في هذه الليلة ؟.. فقلت : يا جبرائيل !.. وما هذه الليلة ؟.. قال : هي ليلة النصف من شعبان .. قم يا محمد !.. فأقامني ثم ذهب بي إلى البقيع ، ثم قال لي :
ارفع رأسك ، فإنّ هذه ليلة تفتح فيها أبواب السماء ، فيفتح فيها أبواب الرحمة ، وباب الرضوان ، وباب المغفرة ، وباب الفضل ، وباب التوبة ، وباب النعمة ، وباب الجود ، وباب الإحسان ، يعتق الله فيها بعدد شعور النعم وأصوافها ، ويثبت الله فيها الآجال ، ويقسم فيها الأرزاق من السنة إلى السنة ، وينزل ما يحدث في السنة كلها .
يا محمد !.. من أحياها بتكبيرٍ وتسبيحٍ وتهليلٍ ودعاءٍ وصلاةٍ وقراءةٍ وتطوعٍ واستغفارٍ ، كانت الجنة له منزلاً ومقيلاً ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر .
يا محمد !.. من صلّى فيها مائة ركعة : يقرأ في كلّ ركعةٍ فاتحة الكتاب مائة مرة ، و{ قل هو الله أحد } عشر مرات ، فإذا فرغ من الصلاة قرأ آية الكرسي عشر مرات ، وفاتحة الكتاب عشراً ، وسبّح الله مائة مرة ، غفر الله له مائة كبيرة وموبقة موجبة للنار ، وأُعطى بكلّ سورةٍ وتسبيحةٍ قصراً في الجنة ، وشفّعه الله في مائة من أهل بيته ، وشركه في ثواب الشهداء ، وأعطاه ما يعطي صائمي هذا الشهر ، وقائمي هذه الليلة ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا . فأحيها يا محمد !.. وأمر أُمتك بإحيائها والتقرّب إلى الله تعالى بالعمل فيها ، فإنها ليلةٌ شريفةٌ . ولقد أتيتك يا محمد !.. وما في السماء ملكٌ إلا وقد صفّ قدميه في هذه الليلة بين يدي الله تعالى ، قال : فهم بين راكعٍ وقائمٍ وساجدٍ وداعٍ ومكبّرٍ ومستغفرٍ ومسبّحٍ .
يا محمد !.. إنّ الله تعالى يطّلع في هذه الليلة فيغفر لكلّ مؤمنٍ قائمٍ يصلي ، وقاعدٍ يسبّح ، وراكعٍ وساجدٍ وذاكرٍ ، وهي ليلةٌ لا يدعو فيها داعٍ إلا استجيب له ، ولا سائل إلا أُعطي ، ولا مستغفر إلا غُفر له ، ولا تائب إلا تيب عليه ، من حُرم خيرها يا محمد فقد حُرم .
وكان رسول الله (ص) يدعو فيها فيقول :
اللهم !.. اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلّغنا به رضوانك ، ومن اليقين ما يهون علينا به مصيبات الدنيا .
اللهم !.. أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلّط علينا من لا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين
...............................................................
إن الصلاة على النبي وآله تبدأ بكلمة (اللهم)!.. وهذا يعني أنه لا بد من استحضار الخطاب مع الله تعالى، وإلا كانت لقلقة مجردة، وقد يعد من سوء الأدب بين يديه.. فهل تستحضر الخطاب الإلهي عندما تصلي على النبي وآله، لتكون صلاتك عليه وآله من مصاديق الدعوة المستجابة الموجبة لرفع درجاتهم؟..
كم من الساعات التي نمضيها مع الأصدقاء في كل ماهب ودب، ولو جمعنا ساعات العمر التي قضيناها معهم، لاحتلت مساحة كبيرة من العمر.. والحال أننا نتبرأ من بعضهم يوم القيامة، إذ الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.. فهل راجعت قائمة أصدقائك لتختار منهم الأكفأ والأفضل؟!..
إن تزاحم الخواطر بشكل كثيف حال الصلوات ، يكشف عن تكاتف قوى الشر من الشيطان و النفس الأمارة بالسوء لصرف المصلي عن مواجهة المولى .. فأما الخواطر (غير الإختيارية) فلا يخشى من إفسادها .. و لكن الموجب للإفساد هي متابعة الصور الذهنية الفاسدة (بالإختيار) مما يدع الصلاة ساحة لكل فكر و هم .. إلا محادثة المولى عز و جل !
اذا جلست امام التلفاز ، تذكر قوله تعالى : { إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا} . فلغوه ( يقسي القلب ) وحرامه ( يميت القلب ) .. فلننظر ممن نأخذ صيغة الحياة ؟!
قال الإمام علي (عليه السلام): الجدل في الدين يفسد اليقين ...
------------------------------------------------------------
إن الارتباط بأئمة أهل البيت عليهم السلام ليس مجرد ارتباطٍ عاطفي أو وجداني يندرج في إطار الحب والمودة والتفاعل العاطفي أو النفسي. ولم يرد الله لنا أن تكون علاقتنا بالنبي (ص) أو بأئمة أهل البيت (ع) مجرد علاقة حب ومودة بقدر ما هي علاقة فكرية و عقيديه وعملية تتصل بما جعله الله لهم من موقع مقدس في الإسلام والعقيدة ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) .
على هذا فإنّ الارتباط بالإمام الحجة المهدي (عج) ليس مجرد ارتباط بفكرة عقيديه غيبية بل بإنسان كامل حيٍّ جسداً وروحاً يعيش بيننا يرانا ولا نراه يعرفنا ولا نعرفه يسددنا ويوجهنا إلى حيث مصلحتنا ومصلحة الأمة وهو إمام الأنس والجن بل إمام الكون وقوامه، فلولا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، فهو أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء كما ورد في الأحاديث المأثورة عنهم (ع) وهذا يعني أن الإمام لو سحب ألطافه ولم يتدخل في بعض الشؤون، ولم يعمل على رعاية الأُمة وتسديدها في حركتها ومواقفها فالله وحده يعلم كيف سيصبح حال المجتمع الإسلامي وإلى أي درجة من الانحطاط والضياع يمكن أن يصل..
وقد ورد في بعض الأحاديث أن أعمالنا تُعرض عليه فيحزن لسيئها ويفرح لما حسُن منها. ولذلك علينا أن نطهّر نفوسنا ونراقب أعمالنا لتكون بمستوى رضا الله تعالى ورضا الإمام الحجة (عج)
يقول أحد العلماء الصالحين: علينا أن ننظر في صحيفة أعمالنا قبل أن تصل إلى محضر الله ومحضر صاحب الزمان (عج).
وبعد النظر في صحيفة الأعمال ومن أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الإمام (عج) لا بد من مراعاة جملة من آداب العلاقة معه والارتباط به، هي تلك الآداب التي وردت في الأحاديث عن أئمة أهل البيت (ع) والتي نذكر منها هنا ما يلي:
1ـ مبايعته.
فقد ورد في دعاء العهد: اللهم إني أُجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً.
2ـ إظهار الشوق لرؤيته.
حيث ورد أن أمير المؤمنين (ع) ذكر المهدي (عج) من ولده فأومأ إلى صدره شوقاً إلى رؤيته.
وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال وهو يتشوق لرؤيته :... لو أدركته لخدمته أيام حياتي.
وعلمنا أهل البيت (ع) أن ندعو الله لرؤيته ففي دعاء العهد: اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني إليه.
وفي دعاء الندبة: «... وأره سيّده يا شديد القوى...» وفيه أيضاً:.. هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى.
وورد في دعاء العمري عنده (عج): اللهم إني أسألك أن تريني وليَّ أمرك ظاهراً نافذ الأمر.
وفي بعض الأدعية ورد: اللهم أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون.
3ـ الثبات على ولايته.
عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب أن ينادي بهم الباري جلَّ جلاله فيقول: عبيدي وإمائي آمنتم بسري وصدّقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني، أي عبيدي وإمائي حقاً منكم أتقبّل وعنكم أعفو ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث وادفع عنهم البلاء، لولاكم لأنزلت عليهم عذابي ) .
4ـ الاغتمام والبكاء على فراقه.
ورد في الكافي الشريف عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح
وعنه (ع) أيضاً: والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات أو هلك بأي وادٍ سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين.
وروي في عيون الأخبار في خبر متعلق به (عج) عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: كم من مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين. يعني الحجة (عج).
5ـ الدعاء له: لا سيما دعاء الفرج.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً.
وورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) في دعائه له (عج): اللهم أعذه من شر كل طاغٍ وباغٍ، ومن شر جميع خلقك وأحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه أن يصل إليه بسوء وأحفظ فيه رسولك وآل رسولك وأظهر به العدل وأيّده بالنصر).
وقد ورد التأكيد على الدعاء له بتعجيل الفرج ففي التوقيع الشريف المروي عنه (عج): وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم.
وروي عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قال: والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكه إلا من ثبته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه ).
6ـ زيارته.
لا سيما زيارة آل ياسين الواردة عنه (عج) حيث يعلمنا فيها كيف نشعر بحضوره فنقول: السلام عليك حين تقوم،
السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ وتبين، السلام عليك حين تصلي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد.
7ـ التوسل به إلى الله سبحانه.
ورد في بعض الروايات توسل بالإمام صاحب العصر والزمان (عج) منها: اللهم إني أسألك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان إلا أعنتني به على جميع أُموري وكفيتني به مؤونه كل مؤذ وطاغ وباغ وأعنتني به فقد بلغ مجهودي وكفيتني كل عدوّ وهمّ وغمّ ودين، وولدي وجميع أهلي وإخواني ومن يعنيني أمره وخاصتي، آمين رب العالمين
8ـ القيام عند ذكر اسمه.
لا سيما عند ذكر لفظ «القائم» فقد ورد أنه ذكر اسمه المبارك (عج) في مجلس الإمام الصادق (ع) فقام تعظيماً واحتراماً له.
وفي تنزيه الخاطر: إن الإمام الصادق (ع) سئل عن سبب القيام عند ذكر القائم من ألقاب الحجة (عج) فقال (ع): لأن له غيبة طولانيه.
وروي أيضاً عن الإمام الرضا (ع) أنه قام في مجلسه بخراسان عند ذكر لفظة القائم ووضع يده على رأسه الشريف وقال: «اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه»
وفي كتاب مشكاة الأنوار قال: لما قرأ دعبل قصيدته المعروفة على الرضا (ع) وذكره (عج)، وضع الرضا (ع) يده على رأسه وتواضع قائماً ودعا له بالفرج.
9ـ الصلاة عليه.
ورد استحباب الصلاة عليه في أكثر من مورد كما في دعاء الافتتاح. وكالصلاة الواردة عن الإمام العسكري (ع): «اللهم صل على وليك وابن أوليائك ولي الأمر المنتظر الحجة بن الحسن، اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم..».
وورد في مصباح الزائر ص420: اللهم صل عليه صلاة تظهر بها حجته وتوضح بها بهجته وترفع بها درجته وتؤيد بها سلطانه وتعظم بها برهانه وتشرِّف بها مكانه، وتعلّي بها بنيانه، وتعزُّ بها نصره، وترفع بها قدره، وتسمي بها ذكره، وتظهر بها كلمته، وتكثّر بها نصرته، وتعزُّ بها دعوته، وتزيده بها إكراماً، وتجعله للمتقين بها إماماً، وتبلغه منا تحية وسلاماً.
10ـ التصدق عنه.
ورد في دعاء التصدق حين السفر: اللهم إن هذه لك ومنك وهي صدقة عن مولانا محمد (عج)، وصل عليه بين أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره.
مصطفى احمد