فلا يخفي على كل إنسان أن لكل شيء في الوجود غاية ووظيفة في الحياة,
فالطائرة للنقل الجوي,والسفينة للنقل البحري,والملابس لتغطية الجسد
وتزيينه
والساعة لضبط الوقت وهكذا.
والانسان له دور ووظيفة أعلى وأعظم لأنه أهم المخلوقات في هذه
الأرض,وأهميته تنبع من كونه قد أعطي قوى وإمكانيات عظيمة,منها السمع
والبصر وأجهزة الحس الأخرى التي هي بمثابة لواقط يجمع بها الإنسان
المعلومات من حوله,وترسل للعقل-العضو الأهم- والذي يمارس عملية الادراك
والتمييز والاختيار,ومن خلاله يستطيع معرفة غاية وجوده في الحياة,وهذه هي
الخطوة الاولى لبناء هدف الحياة في داخل هذا الكائن المتميز.
وعند التأمل في الحياة ومايتعلق بها ومايدور فيها من متغيرات وأحداث نجد
أنها تشير بوضوح الى الحكمة في مسارها,وغاية في وجودها واحداثها,وان حياة
الانسان بوصفة مخلوقا متميزاً في حياة لاتسير بعشوائية,بل لا بد ان تكون
ذات هدف,ويتحدد هذا الهدف من النقطة الاولى,اومن السؤال الاول:"من الذي
اوجدنا في هذه الحياة؟ولماذا اوجدنا؟"
من المعروف عقلياً ووجدانياً عند الانسان ذي العقل الواعي والقلب
المستيقظ
ان الله تعالى هو الخالق,وانه خلقنا لنكون سعداء بعبادته,ولنودي واجب
الشكر له
ونرتقي الى درجة المحبة له والتعظيم له,من خلال اتباع منهاجه الذي ارسل
به رسله,ومنهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد- صلوات الله وسلامه عليهم-
هذا هو الهدف الجوهري في الحياة,اذا استطاع الانسان ان يحققه فيها فانه
سيخرج من دوائر الاهمال والشتات,ويدخل دائره القصد والوحدة,وبذلك تتمهد
له الاهداف العقلية والشعورية والعملية في هذه الحياة,وتنتظم في سلك واحد
متجانس غير متشاكس.
اما اذا فقد الانسان هذا الهدف الاولي,وهذا المقصد الجوهري من وجوده فان
حياة التناقض والحسرة والتعب سوف تحيط به من كل جانب.
ولذلك يمكن ان يقال لكل عاقل يريد ان يصل الى هذه الصوره الرائعة,ويستمتع
بصوت الظمير الهادىء,ويستشعر طعم السعادة والطمأنينة: هاهو الطريق يبدأ
منك ,استخدم قدراتك بطريقة عظيمة,امتلك الحكمة الكافية للتمييز بين ماهو
صحيح وماهو خطأ,امتلك الارادة الجيدة لتحقيق الرغبة في اداء الاشياء
الصحيحة.
والمبتدأ هو في الاجابة الحقيقية على الاسئلة الكبرى:
"من أين جئت؟ولماذا انا في الحياة؟وماذا بعد هذه الحياة"؟
ومن الحقائق المعروفة انه اذا كان الانسان لايدري اين يريد فان أي طريق
سوف يوصل الى لاشيء,واذاكان هذا المخلوق المكرم يسير بلا هدف لوجوده
وحياته فانه بذلك يسير على خطة الامس الكئيب,وفي الغد سوف يصل الى اليوم
الحزين
اما اذا اغتنم الانسان فرص العقل المدرك,والقلب المستشعر,والروح المتوهجة
والطاقات الهائلة لديه,ووجهها لشكر خالقة بالعبادة فانه بذلك يغتنم نقاط
القوة لديه
ليصل الى الاستقرار والسعادة والسلام الداخلي.