ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مع الوعى بتطورات علمية متعددة، وخبرات وتجارب، وإعادة نظر وتفكير، وجد علماء نفس، ومفكرون وعلماء فى مجالات أخرى ، حاجة ماسة إلى النظر بعين النقد والتحليل لما سيطر تحت مظلة الإجرائية ، قدم لنا عملاق علم النفس الاجتماعى( مصطفى سويف:علم النفس، فلسفته وحاضره ومستقبله، 2000: 42) مقترحات مهمة تهدم فكرة " الإجرائية" المتفشية فى بحوثنا، رغم تداعى الأسس العلمية التى قامت عليها:
أ- رفض القضية التى قررها "بريدجمان" بقوله: " أن المفهوم مرادف لمجموعة الإجراءات المتعلقة به ". كذلك لابد من رفض القضية المناظرة التى قالها بعض علماء النفس ، من أن المقصود بالذكاء هو ما تقيسه مقاييس الذكاء . ب- ومع هذا الرفض ينبغى أن يكون واضحا أن مفهوم الذكاء – وكذا مفاهيم سيكلوجية أخرى مماثلة، أوسع أو أشمل من إجراءات قياسه ، وإلا فكيف نفهم الإجراءات الدائبة فى السبيل إلى تحسين المقاييس المتوافرة لدينا. لابد أن يكون فى الذهن " بواقى من المفهوم " ، لم تتوصل مقاييسنا إلى الإمساك بها. ت- هذه البواقى ينبغى الحفاظ على توضيحها أمام ناظرينا، لأنها هى مربط الفرس فيما يتعلق باستمرار تقدم العلم. هذا صحيح ، لا بالنسبة لمفهوم الذكاء فحسب، ولكن بالنسبة لمعظم المفاهيم التى نتعامل بها فى علمنا. ث- رغم الاقتناع المبدئى بما يمكن أن نسميه وحدة الفكر العلمى، فقد يكون من الخطأ أن يستمد علماء النفس نموذج تقدم يحذون حذوه من مسيرة العلوم الطبيعية، وقد لا يكون هذا خطأ مرحليا، ولكنه خطأ استراتيجى. ج- إن الإبقاء على الإشادة ب"الإجرائية" ينطوى على ضرر بالغ بعملية التفكير العلمى نفسها، كما يقوم بها علماء النفس، إذ يمارسون علمهم ،وأبسط ما يقال فى هذا الصدد أن إطلاق الشعار يعطل التوجه النقدى نحوه، ويوهم مردديه ومتلقيه بأن مسألة الشروط الإبستمولوجية اللازمة لضمان كفاءة المفاهيم مسألة محلولة ،وما عليهم إلا أن يمتثلوا لمقتضيات الحل. ما رأيكم، دام فضلكم، أهل الاختصاص؟
رد استاذ دكتور حسام عزب أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس
مع احترامنا لرأى أستاذنا الدكتور مصطفى سويف إلا أننا لانرى العيب فى التعريفات الإجرائية فى حد ذاتها بل فى إساءة استخدامها من قبل بعض الباحثين حين يقتصرون عليها باعتبارها القول الفصل فى تعريف المصطلحات فيضيقون ماوسعهه الله لأن وظيفة التعريفات الإجرائية تقتصر على ماينتهى إليه الباحث بعد استعراض التعريفات السابقة وتحليلها ونقدها بشئ من التوسع ثم يخلص من ذلك إلًى تبنى تعريف المقاييس والأدوات المستخدمة فى دراسته حتى يتحقق الإتساق المنطقى للدراسه؛ فليس من المنطقى تبنى تعريف آخر قد يتناقض مع مااستندت إليه المقاييس وغيرها من الأدوات كالبرامج السيكولوچية والتربوية الأخرى ممايمكن أن يعد خللاً منهجياً فى الدراسه ؛ ومن الجدير بالذكر أن التعريفات الإجرائية لا تأتى من فراغ بل هى خلاصة التحليل والتمحيص الذى بدأ به الباحث فى مراحل إعداد الأدوات السيكومترية أو التربوية للدراسات والأدوات السابقة ثم ينتهى من ذلك لصياغة التعريف المناسب منهجياً لدراسته ومجالها وأبعادها وعواملها دون زيادة أو نقصان بحيث يأتى التعريف الإجرائي " جامعاً مانعاً" كما يقول المناطقة أى "يجمع" "المفردات والمتغيرات المعنية " ويمنع" ماعداها من الدخول فيها ضماناً لعدم تلوث متغيرات الدراسة بأى شوائب دخيلة عليها وهذه هى بالضبط وظيفة التعريفات الإجرائية وبعبارة أخرى :" تفصيل التعريف على مقاس المفهوم المقصود" فإذا وافقنا على هذا التعريف الإجرائي ترتب على ذلك أن نوافق على مايترتب عليه من نتائج كما يحدث فى أشكال القياس المنطقى حيث يلزمنا التسليم بالمقدمات أن نسلم بالنتائج المترتبة عليها ؛ وخلاصة القول أن العيب ليس فى التعريفات الإجرائية ولكن العيب فى إساءة استخدامها من بعض الباحثين وشكراً لكم سعادة الدكتور سعيد إسماعيل على إثارة هذه القضية الهامه.