رد على مقال الدكتور صفوت فرج حول "الأخطاء المتخيلة في الصورة المصرية لمقياس ستانفورد بينيه للذكاء الطبعة الخامسة: تقنين صفوت فرج"
أ. د. محمود أبوالنيل
د. محمد طه
د. عبد الموجود عبد السميع
1. اعتبارات أولية
نشر الأستاذ الدكتور صفوت فرج على أحد مواقع الانترنت مقالا يقدم فيه ما يراه ردا على بعض أوجه النقد التي وجهت إلى تقنينه لمقياس ستانفورد بينيه: الصورة الخامسة، ويعيد ما نشره مرارا وتكرارا من مقارنة – نراها متحيزة على أقل تقدير- بين تقنينه لهذا المقياس وبين تقنين آخر أصدره كاتبوا هذه السطور ونشرته المؤسسة العربية لإعداد وتقنين الاختبارات النفسية.
ونظرا لأن الأستاذ الدكتور صفوت فرج قد نسب هذا التقنين إلى الدكتور عبد الموجود عبد السميع منفردا، مغفلا ذكر اثنين من أعضاء فريق التقنين الأساسي (وهما الكاتبان الأول والثانى لهذه السطور واللذان يرد ذكرهما بمنتهى الوضوح على كتب وأدوات الاختبار!!!) مما يشكل إهدارا لجهد أساسي قاما به، ونظرا لأن تناول الأستاذ الدكتور صفوت فرج لهذا التقنين لم يتسم بالموضوعية (في أحسن الاحوال) فإننا نكتب هذه المقالة (1) لتوضيح بعض أوجه اللبس التي أثارها حول تقنيننا للمقياس، و(2) للرد على ما يزعم أنه رد على أخطاء يرى أنها "متخيلة" في تقنينه للمقياس.
وقبل المناقشة التفصيلية لـ"ردود" الاستاذ الدكتور صفوت فرج، فإننا نود التأكيد على نقطة أساسية في هذا الصدد:
وهي احترامنا الكامل لكافة الزملاء العاملين في التخصص بصرف النظر عن مستواهم العلمي أو أدائهم المهني، وعلى إيماننا بأن المنافسة العلمية الجادة والشريفة هي أمر مشروع بل ومحمود طالما أنه يتم في إطار من الضوابط الأخلاقية. وقد تغاضينا –مختارين- عن كثير من الادعاءات الكاذبة التي دأب فريق الاستاذ الدكتور صفوت فرج على ترويجها عنا وعن عملنا على الانترنت، وهى ادعاءات لم تتناول الجوانب العلمية أو الفنية في التقنيين (وإلا لرددنا عليها في وقتها)، ولكنها كانت مجرد شتائم غير لائقة، ومعلومات مغلوطة تعمد إلى تضليل المستخدمين بهدف الترويج التجاري. وقد كنا – ومازلنا- نرى أن الأجدر بسيادته وفريقه الترفع عن هذه الأساليب، وكان موقفنا ألا ننزلق إلى هذا الصغار مركزين على جودة عملنا.
2. أخطاء "حقيقية" في نسخة الاستاذ الدكتور صفوت فرج وليست متخيلة.
نناقش فيما فيما يلي بعض الاخطاء الحقيقية والتي يرى الاستاذ الدكتور صفوت فرج على أنها أخطاء "متخيلة" كما نلقي الضوء على بعض ممارسات تقنين الاختبارات النفسية في مصر بوجه عام وعلى تقنين الأستاذ الدكتور صفوت فرج بوجه خاص.
(1) فى نظرية الاستجابة للمفردة
تناول النقد الأول في المسودة غياب تطبيق الاستجابة للمفردات، وهى مجموعة من الفنيات أصبح من الشائع استخدامها في مختلف أنواع الاختبارات والمقاييس، وهى تمثل الأساس الكامن وراء بعض أهم التطبيقات الحديثة في القياس النفسي مثل بنوك الأسئلة والاختبارات المعتمدة على الكمبيوتر وتحقيق التكافؤ بين الاختبارات وحساب التحسن او التدهور الناتج عن التدخلات العلاجية أو التربوية وذلك بصرف النظر عن الموضع النسبي للفرد بالنسبة للعينة، أو خصائص العينة، أو خصائص المفردات. ويمثل استخدام هذه النظرية في معايرة وترتيب الفقرات ملمحا أساسيا في الصورة الخامسة من مقياس ستانفورد بينيه، وتطورا أساسيا في هذه الصورة بالمقارنة بالصور السابقة من المقياس، إذ أنها تتيح توسيع البيانات التي يمكن الحصول عليها من المقياس لتشمل الدرجات الحساسة للتغير، والتي تمثل تقديرا لكم التحسن أو التدهور المطلق وليس النسبي الناتج عن النمو العمري أو التدخل العلاجي او الإصابة المرضية. كما تشمل هذه البيانات كذلك نسبة الذكاء الممتدة وهى توسيع لنطاق نسب الذكاء المقاسة لتتجاوز 4 درجات انحرافية أقل أو أعلى من المتوسط، مما يشكل في منطق وأساس بناء المقياس أساسا لقياس مستويات القدرة العقلية بالغة الانخفاض أو بالغة الارتفاع، مما يتيح لمستخدم الاختبار الفرصة للتعرف على تفاصيل وزوايا مختلفة لفئات ذوى الاحتياجات الخاصة (من منخفضي القدرة أو الموهوبين).
وفى رده على هذا النقد يرى الاستاذ الدكتور صفوت فرج " أن نظرية الاستجابة للمفردة تستخدم فقط عند تصميم مقياس جديد وليس عند تقنينه بعد ذلك في مجتمع آخر"، ويتساءل سيادته عن دواعي استخدام هذه النظرية إذ "هل تتطابق خصائص المجتمع المصري شديد التجانس مع المجتمع الأمريكي من حيث هذا القدر من التنوع والاختلاف مما يتطلب إعادة تطبيق نظرية الاستجابة للمفردة عند تقنين الاختبار؟" (ص 2). وفى هذا الصدد نشير الى النقاط التالية (متدرجين من المهم إلى الأهم):
(أ) أن المجتمع المصري شديد التباين كذلك إلى حد كبير، فالدراسات التقليدية طالما تناولت فروقا بين الذكور والإناث، وبين الحضر والريف، والوجه القبلي والوجه البحري، وبين الفئات العمرية المختلفة. وإذا أضفنا إلى ذلك زيادة التنوع في المجتمع المصري في الآونة الأخيرة نتيجة التفاوت الضخم في مستويات المعيشة الذى يتراوح بين النزول تحت خط الفقر وبين أعلى مستويات الثراء الفاحش، وما يتصل بذلك من اختلاف نظم التعليم (الحكومي والخاص بمختلف درجاتها والجامعات الأجنبية العاملة بمصر)، ومستويات المعيشة، وطرق التنشئة فإننا نجد أننا إزاء مجتمع متباين أشد التباين. ومن ناحية أخرى، فإن المجتمع الأمريكي، رغم كل أشكال التنوع الأساسية فيه، يوجد فيه قدر من الاتساق الناتج عن سيادة اللغة الإنجليزية (حتى خارج الولايات المتحدة)، وعن سيادة ما يسمى نمط الحياة الأمريكي (او الحلم الأمريكي) الذى يسم حياة الطبقة المتوسطة الامريكية. وهكذا فإن المجتمع المصري شديد التباين بالرغم من تجانسه، والمجتمع الأمريكي متجانس بالرغم من تباينه. بل ونستدل على ذلك من كلام الاستاذ الدكتور صفوت فرج في نفس المقال (وفى سياق آخر سنراجعه فيه كذلك) وبعد ثلاث صفحات فقط (!) عندما يعطى درسا بليغا عن عينته التي "ضمت فئات من أول أرياف أسوان المتطرفة وحتى قلب القاهرة من النخبة المرفهة"، وهو يقوم بهذا الجهد الجهيد إدراكا من سيادته بأن "طبيعة المجتمع المصري و النظم التربوية ... شديدة التباين والنظم التعليمية في مدارسه ...تتراوح بين تعليم حكومي يجلس فيه خمسين أو ستين (هكذا في الأصل وصحتها خمسون أو ستون) طفلا على الأرض ... وبين مدارس راقية يتعلم فيها الأطفال أكثر من لغة ويستخدمون الحواسب الالكترونية... هذا بينما النظم التعليمية الامريكية على امتداد البلاد موحدة وتخضع لقواعد الاعتماد الأكاديمي الذى لا يطال المدرسة فقط بل والمعلمين أيضا" (ص ص 5-6). وهكذا تختلف طبيعة المجتمعين المصري والأمريكي – في نظر سيادته- كل ثلاث صفحات متى ما كان ذلك ضروريا!!
(ب) يزداد حجم التباين الذى تواجهه أي صورة مقننة من مقياس ستانفورد- بينيه (او أي مقياس رئيسي آخر)، وبالتالي تزداد الحاجة إلى نظرية الاستجابة للمفردة متى ما تذكرنا أن هذا التقنين المصري للاختبارات النفسية غالبا ما يستخدم في البلاد العربية بعد تعديلات طفيفة لا تزيد عن تغيير اللهجة وبعض الفقرات في أضيق الحدود. بل إن الاستاذ الدكتور صفوت فرج يقوم بإعطاء دورات تدريبية على نسخته المقننة في البلاد العربية المختلفة، فهل يعنى ذلك أن سيادته يرى أن المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج "شديد التجانس" إلى الحد الذى يجعل المقياس لا يحتاج إلى استخدام نظرية الاستجابة للمفردة؟!!
(ﺠ) يترتب على استخدام نظرية الاستجابة للمفردة الحصول على بيانات جديدة كالدرجة الحساسة للتغير ونسبة الذكاء الممتدة، كما ذكرنا من قبل. ومن المعلوم – بطبيعة الحال- أنه عندما يقوم أحد مستخدمي المقاييس النفسية بتخصيص الوقت والجهد والمال للتدريب على صورة أحدث من أحد المقاييس فإنه يفعل ذلك رغبة في الاستفادة من الجوانب الفنية الجديدة في النسخة الأحدث، ومما تتيحه من معلومات ربما لم تكن الصورة السابقة. أما في حالة تقنين الدكتور صفوت فرج فإنه يقرر ببساطة في تقنينه "الحقيقي" ان لا يستخدم نظرية الاستجابة للمفردة (أيا ما تكون اسبابه)، ويحرم المستخدم العربي "شديد التجانس!" من الحصول على هذه البيانات. والسؤال هو هل من حق أي مقنن لأحد المقاييس أن يقوم بإلغاء أحد الجوانب المهمة فيه بدعوى أن النظرية أو الأسلوب المستخدم في الحصول على هذه الجوانب لا يروق له ولاداعي له (او ربما لا يجيد استخدامه)؟ ومن يعطى أي انسان الحق في هذه الوصاية الفكرية على مستخدمي الاختبار؟ وهل يجوز مثلا لمترجم أحد الكتب أن يحذف منه أحد الفصول لأنه "داعى له"؟ ولماذا لا نكتفى باستخدام الصورة الرابعة ونوفر الجهد والوقت والمال اللازمين لتقنين وتعلم الصورة الخامسة اذا كنا نهدر ما تتيحه لنا من إمكانات لأن أحدهم يرى ن "لا داعى لها"؟ بل ويفتخر بذلك أيضا (أنظر النقطة التالية، د)!!
(د) يُنكر الأستاذ الدكتور صفوت فرج بكل فخر أي استخدام للدرجة الحساسة للتغير، و بنص كلماته في مقاله الأخير (ص 3) يقول "نحن لم نضع في الـCD أو نشير لدرجات الحساسية للتغير لا للعينة المصرية ولا للعينة الأمريكية ... فلست أنا من يقدم للمستخدم معلومات مضللة". ومع ذلك، وبالرجوع الى دليل الفاحص لديه (ص ص 169-171)، نجد سيادته لا يكتفى بالإشارة إلى هذه الدرجة ولكنه يشرح للمستخدم كيفية حسابها تفصيلا، موضحا ذلك باستخدام الشكل 8:4، حيث يمكن "باستخدام مجاميع الدرجات الخام وارجع إلى الجداول في الملحق (ج) للحصول على درجة الحساسية للتغير المقابلة، والأخطاء المعيارية والعمر المكافئ" (ص 170 من دليل التصحيح)!!
(ﮬ) يزعم الدكتور صفوت فرج بأنه لا داعي لاستخدام نظرية الاستجابة للمفردة عند إعادة تقنين اختبار إذا ما كانت مستخدمة في الصورة الأصلية للمقياس. والواقع أن هذا الزعم يناقض المنطق الأساسي للنظرية. فهذه النظرية ليست أحد الفنيات التي يمكن استخدامها فيما يسمى النظرية الكلاسيكية للقياس. بل إنها عادة ما توضع في مقابل هذه الأخيرة إذ أنها تعمد إلى استخدام استجابات عينة التقنين المتاحة لتقدير بارامترات معينة (عادة مستوى صعوبة الفقرة، ودرجة تمييزها، و أثر التخمين في الإجابة عليها) في النماذج المختلفة باستخدام أساليب الأرجحية القصوى التي تعتمد على تقدير توزيعات المعاينة الاحتمالية، وذلك لتقدير مدى مشابهة كل نموذج للأداء الفعلي، وهو ما يعنى إمكانية التفسير المباشر للدرجات بمعزل عن افتراضين أساسيين تقوم عليهما نظرية القياس الكلاسيكي ، وهما افتراض التوزيع الاعتدالي للسمات وثبات الخطأ المعياري لجميع أفراد العينة. وهو ما يعنى – مرة أخرى- ضرورة معايرة هذه النماذج في ضوء بيانات التقنين، ويعطى أولوية لتطبيق هذه النظرية عند تقنين المقاييس في بيئة غير بيئتها الأصلية نظرا لأن تطبيق هذه النظرية هو وسيلة مثالية للتأكد من تساوى درجة صعوبة الفقرات المختلفة في التقنينين الأصلي والمحلى لأي مقياس. ومما يدلل على ذلك أن أحد الاستخدامات الرئيسية للنظرية إنما يتمثل في إعداد الصور المتكافئة للاختبارات، ومعايرة الفقرات في بنوك الاسئلة. وهكذا، فإن منطق النظرية يفترض أن خصائص الفقرة لا تختلف باختلاف العينات (sample free) إذا كانت العينات مسحوبة من أصل إحصائي واحد. وبالرغم من صحة هذا الطرح السائد في أدبيات نظرية الاستجابة للمفردة، فإن السؤال هو ماذا عن الأبحاث التي رجع إليها الأستاذ الدكتور صفوت فرج لإثبات وجهة نظره بأنه لا داعى لاستخدام هذه النظرية عند إعادة تقنين المقاييس فى مجتمعات أخرى إذا ما تم استخدامها في بناء الصورة الأصلية للمقياس؟ وهو تساؤل وجيه عندما نرى –في مقال سيادته موضع النقاش- أنه يشير الى ستة أبحاث في صفحة واحدة (ص 2)، بل ويشير بالإضافة اليهم إلى بحث سابع في قائمة المراجع، وهى أبحاث منشورة في دوريات علمية محترمة، وصادرة كلها في العام الحالي (2011) حتى أن بعضها –حسب قائمة المراجع- صادر في شهر أكتوبر، أي في الشهر الماضي من هذا العام. والإجابة على هذا التساؤل بسيطة ومباشرة بقدر ماهي صادمة: لا يوجد في الأبحاث السبعة التي أوردها سيادته كمصادر لتأييد وجهة نظره سطر واحد يدعم ما يذهب إليه!!! ولمزيد من التوضيح فقد كنا نتوقع بعد أن قال سيادته بالحرف إن "نظرية الاستجابة للمفردة تستخدم فقط عند تصميم مقياس جديد وليس عند تقنينه في مجتمع اخر "(ص 2). ثم أضاف بعد ذلك قائمة مراجعه المبهرة، كنا نتوقع أن نجد دراسات إمبيريقية عن تقنين الاختبارات تثبت عدم استخدام نظرية الاستجابة للمفردة عند إعادة تقنين المقاييس على مجتمعات جديدة، أو دراسات نظرية تؤصل الأساس النظري لذلك. ولكننا في واقع الأمر لم نجد أيا من ذلك، بل وجدنا –كما سيرى القارئ- ما يشير إلى عكس ما يذهب إليه سيادته. وحتى نكون مباشرين، فإننا نلخص للقارئ الفكرة الأساسية في كل بحث من بحوثه التي استخدمها في قائمة مراجعه:
1. دراسة Cole et al, 2011
هدفت إلى إعداد نسخة قائمة على نظرية الاستجابة للمفردة من قائمة ملاحظات مقننة ومصممة لقياس أعراض الاكتئاب والفصام تسمى ( Kiddie Schedule of Affective Disorders and (Schizophrenia. K-SADS
وهنا نجد أن البحث يعمد إلى تقنين نسخة حديثة، أكثر كفاءة وتستغرق وقتا أقل، من مقياس مقنن وذي تراث مستقر. ورغم أن عملية التقنين تتم في نفس المجتمع (وليس في مجتمع آخر)، فإن الباحثين يسعون إلى تأسيس هذه النسخة الأحدث على أساس نظرية الاستجابة للمفردة. والسؤال هنا، إذا كان استخدام النظرية ضروريا عند إعادة تقنين المقياس في نفس المجتمع، أليس من الاولى أن يشكل ضرورة أكبر عن إعادة تقنينه في مجتمع اخر ذي ثقافة ولغة مختلفتين؟؟
2. دراسة del Prado & Church 2011
وهدفت إلى تصميم مقياس جديد للتواؤم الثقافي للمهاجرين الفلبينيين للولايات المتحدة، وهو يستخدم نظرية القياس الكلاسيكية في تصميم مقياس جديد، ويشير إلى إعداد نسخة مختصرة من المقياس مكون من 30 فقرة و قائمة على نظرية الاستجابة للمفردة.
3. دراسة2011 Kankaras & Moors
وهو بحث تناول موضوع تكافؤ المقاييس والتحيز نحو الاستجابات المتطرفة في الإجابة على مقاييس الاتجاهات، وذلك باستخدام أسلوب التحليل العاملي للفئات الكامنة latent-class factor analysis (LCFA)، وهو بحث لا علاقة له بنظرية الاستجابة للمفردة من قريب أو بعيد.
4. دراسة Mohatt et al, 2011
وهى دراسة هدفت إلى تصميم مقياس جديد عن "الوعي بعرى التواصل" لدى الأمريكيين الاصليين في ألاسكا، وذلك باستخدام التحليل العاملي التوكيدي ونظرية الاستجابة للمفردة.
5. دراسة Peters et al, 2011
وهى دراسة هدفت إلى إنتاج نسختين مختصرتين من مقياسين من مقاييس التفاعل الاجتماعي، بحيث تكون الصورتان الحديثتان أكثر دقة وفعالية، وذلك – مرة أخرى- باستخدام نظرية الاستجابة للمفردة.
6. دراسة Reise et al, 2011
وهى دراسة قدمت تحليلا سيكومتريا لأداتين من أدوات تشخيص الإعاقات المعرفية المرتبطة بالفصام، وهو تحليل يعتمد على كل من النظرية الكلاسيكية في القياس، والتحليل العاملي الثنائي bifactor analysis، ونظرية الاستجابة للمفردة.
7. دراسة Walters et al, 2011
وهى دراسة قدمت تحليلا سيكومتريا لأحد الاستبيانات وهو "استبيان أساليب التفكير الإجرامي" وذلك باستخدام كل من التحليل العاملي التوكيدي ونظرية الإستجابة للمفردة.
وهكذا نرى أن هذه الدراسات التي أوردها الاستاذ الدكتور صفوت فرج للتدليل على زعمه بأن "نظرية الاستجابة للمفردة تستخدم فقط عند تصميم مقياس جديد وليس عند تقنينه في مجتمع آخر" يمكن أن تنقسم إلى أربع فئات: الفئة الأولى تشمل بحوثا لا علاقة لها بالموضوع (رقم 3، ولا نعرف وجه استخدامه بعد الحديث عن اتساع الولايات المتحدة). وتشمل الفئة الثانية بحوثا تتعلق بتصميم مقاييس جديدة (رقما 2 و 4)، وهى لا تناقش قضية "تقنين الاختبار في مجتمع آخر"، وإن كانت تستخدم نظرية الاستجابة للمفردة في تصميم هذه المقاييس، في حين تشمل الفئة الثالثة بحوثا تتعلق بالتحليل السيكومترى الذى يهدف لاكتشاف خصائص ومميزات مقاييس موجودة بالفعل (رقما 6 و 7)، وذلك باستخدام فنيات مختلفة من ضمنها نظرية الاستجابة للمفردة. أما الفئة الرابعة، فهي تشمل بحوثا تهدف إلى إعادة تقنين مقايس موجودة بالفعل (رقما 1 و 5) لإنتاج صور مختصرة أو قابلة للتطبيق على مجتمعات مختلفة، وهى الفئة الوحيدة ذات الصلة بالنقطة موضع النقاش. وتشير هذه البحوث بوضوح –وعلى عكس ما يذهب إليه الاستاذ الدكتور صفوت فرج- إلى استخدام نظرية الاستجابة للمفردة في إعداد الصور الأحدث من المقاييس.
وهكذا فإن مراجع الأستاذ الدكتور صفوت فرج إما أنها لا تناقش الموضوع أو أنها تثبت عكس مزاعمه، إذ تثبت استخدام نظرية الاستجابة للمفردة في تقنين الصور المختلفة من المقاييس، حتى إذا تم ذلك في نفس المجتمع ونفس الثقافة، وهو ما يزداد أهمية - كما ذكرنا من قبل- إذا كنا نتناول تقنين أحد المقاييس في مجتمع آخر ذي ثقافة ولغة مختلفتين! إننا هنا نتحدى الاستاذ الدكتور صفوت فرج أن يثبت عكس ما نقول أو أن يستخرج من مراجعه -التي قدمها بنفسه وضمنها في مقاله- دليلا واحدا على صدق مزاعمه. وحتى لا تتحول المسألة الى تبادل للتراشق بالاتهامات، وإيمانا منا بحق الجميع في المعرفة، فإننا على استعداد لإرسال هذه الأبحاث بالبريد الإلكتروني أو العادي (داخل مصر أو خارجها) دون مقابل (full text, PDF files) لأى باحث يطلبها منا[1] للتأكد من صدق ما نذهب إليه .
والسؤال الأهم هنا هل يتسق تقديم مجموعة من المراجع باعتبارها مؤيدة لوجهة نظر معينة، في حين أنها تدعم وجهة نظر مختلفة تماما مع اتباع "القواعد الموضوعية العلمية الصارمة"؟ وهل يستوفى هذا السلوك "الحد الأدنى أو يراعى أي من الاعتبارات المنهجية والأصول العلمية منتهكا بذلك كل المعايير الأخلاقية"؟ ونحن هنا نستخدم نص كلماته في مقاله الذى يتباكى فيه على أخلاقيات العلم! للأسف يبدو أن سيادته يعمد الى البهرجة على الناس بالمراجع الأجنبية والتأكيد على حداثتها لاستثارة إعجاب العامة والمبتدئين، ويعلم سيادته كما نعلم أن سلوكا مثل هذا في دول أخرى - حيث يأخذ الناس عملهم على محمل الجد - يفقد الاستاذ سمعته العلمية وجدارته الاكاديمية.
(2) في فئات الإعاقة
وجهت المسودة المنشورة النقد إلى تقنين الاستاذ الدكتور صفوت فرج نظرا لأن نسبة الذكاء الكلية تبدأ فيها من الدرجة 50 وهو ما يختلف عن مدى نسب الذكاء المتعارف عليها في معظم الاختبارات والتي تتراوح بين 40 الى 160 درجة باعتبار أنها تغطى مدى ±4 انحرافات معيارية قيمة كل منها 15. وهو ما يعنى أنه لا يمكن تقييم حالات الاعاقة المتوسطة ولا الشديدة والتي تبدأ من 50 درجة. وفى رده على هذا النقد يقول سيادته "أن نسب الذكاء لفئات الاعاقة المختلفة هي: أقل من 70 الى اقل من 55 إعاقة بسيطة، أقل من 55 الى أقل من 40 إعاقة متوسطة، وأقل من 40 الى أقل من 25 إعاقة شديدة وتامة profound معنى هذا أن المقياس بمعاييره المنشورة يمكنه تقييم أصحاب الاعاقات المتوسطة حتى نسبة ذكاء 50...ولكن ماذا عن مستويات الإعاقة الأدنى من ذلك؟ ... هذه المستويات ياسيدي ...غير قابلة للاختبار" (ص 4). وهنا نود أن نوضح للأستاذ الدكتور صفوت فرج أن فئات الإعاقة العقلية أربع فئات وليس ثلاث كما ذكرسيادته– وذلك حسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الإصدار الرابع (ص 42)، والذى يعتمد عليه هو نفسه من ضمن مراجعه – وهى:
الإعاقة البسيطة |
Mild |
70 الى 50-55 |
الإعاقة المتوسطة |
Moderate |
50-55 الى 35-40 |
الإعاقة الشديدة |
Severe |
35-40 الى 20-25 |
الإعاقة التامة |
Profound |
أقل من 20-25 |
وهكذا فإن بدء نسبة الذكاء من 50 (فضلا عن عدم إتساقها مع ما هو سائد في الاختبارات الرئيسية) لا يمكن مستخدم المقياس من تقييم القطاع الأكبر من الإعاقة من المتوسطة (التي قد تمتد الى الدرجة 35)، وفئتي الإعاقة الشديدة والتامة.
(3) في نسبة الذكاء الممتدة
خلا تقنين الأستاذ الدكتور صفوت فرج من أحد الملامح الحديثة في الصورة الخامسة وهى نسبة الذكاء الممتدة، التي توسع مدى الذكاء المقاس إلى 10 عند حده الأدنى و 225 عند حده الأعلى. ويرجع ذلك إلى عدم تطبيق نظرية الاستجابة للمفردة عند تقنينه للمقياس (كما ناقشنا ذلك في النقطة 1 أعلاه). ويبرر سيادته ذلك بأن هذه النسبة تمثل "إمكانية إحصائية ولكنها لا تمثل شيئا لأنها تعد في الحقيقة معالجة زائفة" (ص 4). وهكذا حل الاستاذ الدكتور صفوت فرج مشكلة هذا النقص بأن اعتبر نسبة الذكاء الممتدة في عبارة واحدة وبلا دليل واحد مجرد أو تبرير نظرى أو إمبيريقى إمكانية زائفة!! وسؤالنا هنا – كما كان عندما ناقشنا الدرجة الحساسة للتغير- هو من أعطى سيادته سلطة الوصاية الفكرية بحيث يحدد للمستخدم العربي للمقياس ما هو أصيل وما هو زائف بجرة قلم؟ ولماذا يحرم مستخدما للمقياس يريد اختبار هذه الامكانات الحديثة في صورة المقياس الأخيرة ليحكم بنفسه على صدقها أو زيفها – أقول لماذا يحرمه من هذه الإمكانية ؟ وإذا كانت هذه الامكانية زائفة – كما يقول الأستاذ الدكتور صفوت فرج- فلم بذل معدوا النسخة الأصلية من المقياس الجهد والمال في سبيل إعدادها؟ وإذا كان يرى أنهم لا يحسنون عملهم ويكبلون مستخدم المقياس بما هو زائف، فلماذا يقوم بتقنين اختبارهم؟ ولا يعد اختباره الأصيل الذى يخلو من الزيف؟ و قديما قالت العرب "إن الغرض مرض"، ولا مزيد!!
(4) في فترات الثقة
يسخر الأستاذ الدكتور صفوت فرج من دهشة كاتب مسودة النقد من تثبيت فترات الثقة لنسبة الذكاء اللفظية وغير اللفظية بمقدار 3 نقاط ، وبمقدار 4 في نسبة الذكاء الكلية. والواقع أن هذا التساؤل جاد وواقعي ولا يستحق السخرية على النحو الذى تناوله به سيادته، إذ أن ثبات هذه الفترات باختلاف العينات وتفاوت الأعمار وتباين نسب الذكاء هو أمر يثير التساؤل (وليس الشك). وفى الأدبيات الغربية فى هذه المسائل يعبر الناس أحيانا باستخدام التعبير الإنجليزي بان النتائج " أفضل من أن تكون حقيقية" too good to be true. ومع ذلك، فسيادته يزجر هذا التساؤل البريء "الذى يثير الضحك من وجهة نظره" لأن صاحب هذا التساؤل لم يطلع على " النتائج المستخلصة من الكمبيوتر وفق الحسابات الصحيحة التي روجعت أكثر من مرة " (ص 4)، وهذا قد يكون صحيحا ولكن، مهلا، هل لنا أن نأمن هذه النتائج إلا كما أمنا مراجعه السبعة (أنظر النقطة 1ﮬ) من قبل؟؟؟
(5) في الارتقاء المعرفي ودقة جداول الدرجات الموزونة
يرفض الاستاذ الدكتور صفوت فرج بإباء وشمم النقد الموجه لتقنيين سيادته على أساس ارتباك المعايير الذى يؤدى إلى تحويل الدرجة الخام 1 الى درجة موزونة 3 عند سن عامين ولكنها (أي نفس هذه الدرجة الخام) تحول فى نفس الاختبار الى الدرجة الموزونة 6 عند عمر 3 سنوات، وذلك على العكس من أي منطق للقياس (وتوجد أمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها في المسودة). ومع هذه المشاكل الفادحة، الا أن الأستاذ الدكتور صفوت فرج يعتبرها نتيجة "طبيعة المجتمع المصري .... شديدة التباين" (ص5). وكما يذكر القارئ، فقد كان هذا المجتمع منذ ثلاث صفحات (في مقاله، ص 2) مجتمعا شديد التجانس (أنظر النقطة 1 أ)، كما أن هذه الظروف من التباينات الشديدة هي التي تجعل من استخدام نظرية الاستجابة للمفردة – كما سبق القول- ضرورة أساسية لتلافى تأثير العينات. وعلى كل حال، فقد كان سيادته من الذكاء بحيث أدرك أن هذه التبريرات غير مقنعة في تفسير الخلط الموجود في الجداول، ففسره في النهاية بأنه "يرجع في الواقع لعمليات التقريب التي يجريها الحاسب عند حسابة (هكذا في الأصل وصحتها حسابه) الدرجة الخام المقابلة للدرجة الموزونة. وهكذا – مرة أخرى- يجب على الباحثين أن يثقوا في بيانات الأستاذ الدكتور صفوت فرج، أما مستخدمو المقياس فلهم الله عندما يكون لديهم درجة خام واحدة يقابلها أكثر من درجة موزونة، إذ لا شيء سوى التوفيق الإلهي سوف يرشدهم إلى اختيار الدرجة الموزونة الصحيحة من بين البدائل المتاحة!!..
(6) في المقارنة بين المقياسين
امتدادا لحرصه على "القواعد الموضوعية العلمية الصارمة" – على حد تعبيره في مقاله- تلك القواعد التي رأينا أمثلة عدة عليها فيما سبق من نقاط (!)- دأب الأستاذ الدكتور صفوت فرج على تقديم جدول للمقارنة بين تقنينه للصورة الخامسة وتقنيننا له، حيث تراوح وصفه لعملنا بين كونه صادرا عن ناشر مجهول وكونه من إصدار الدكتور عبد الموجود فقط(متجاهلا اثنين من فريق التقنين الرئيسي). وبالإضافة الى ذلك دأب سيادته – رغم كل عيوب التقنين لديه والتي أوضحناها في النقاط السابق- على وصف تقنينه للمقياس بالتقنين "الحقيقي" في إشارة الى أن تقنيننا تقنين زائف! وفى هذا الجدول يشير إلى تقنيننا باعتباره "ترجمة غير دقيقة للمقياس، لا توجد به أية تعديلات جوهرية عن الصيغة الأمريكية، ولا توجد معايير للاختبار ولاعينة تقنين محلية، ولم يحسب للاختبار ثبات على المجتمع المصري، ولم يحسب صدق للطبعة المصرية، ولا يوجد دليل فني.. حيث لم تجر أية دراسات إمبيريقية لاستخلاص المعايير او لحساب صدق وثبات الاختبار أو إجراءات الإعداد للنسخة المعربة، ولا يتضمن إمكانية التصحيح الإلكتروني" (أنظر الجدول في مقاله ص ص 7-10). ويبدو أن سيادته يراهن مرة أخرى – كما فعل في مراجعه الملفقة – على أن الناس لا تقرأ ولا تراجع ولا تتحقق مما يقول. وهنا نشير إلى بعض النقاط والتي تلقي الضوء، من ناحية، على تقنيننا للمقياس والجهد المبذول فيه، وعلى "القواعد الموضوعية العلمية الصارمة" (على حد تعبيره!) التي يتبعها الاستاذ الدكتور صفوت فرج:
(أ) إن تقنيننا للمقياس تم في إطار جامعة عين شمس وقسم علم النفس بكلية الآداب فيها، فى وتم الاحتفال بنهاية المرحلة النهائية من التقنيين في احتفالية مشهودة نظمتها جامعة عين شمس برعاية جائزة الأستاذ الدكتور لويس كامل مليكة أستاذ علم النفس الراحل بالقسم ورائد تقنيين الاختبارات النفسية في مصر والعالم العربي، وذلك يوم 15/11/2011. وقد حضرها لفيف من الأكاديميين وأساتذة علم النفس والباحثين وطلاب الدراسات العليا من معظم الجامعات المصرية من المشاركين في جهود تقنين المقياس والمتدربين عليه، يتقدمهم السيد الأستاذ الدكتور عميد كلية الآداب بصفته عميدا للكلية وقائما بأعمال رئيس الجامعة، والسيدة الأستاذة الدكتورة رئيسة قسم علم النفس، والسيدة الأستاذة الدكتورة المشرفة على جائزة ا.د. لويس كامل مليكة، بالإضافة إلى اثنين من فريق البحث الرئيسي في تقنيين المقياس. وقد حضر هذه الاحتفالية كذلك الأستاذ الدكتور صفوت فرج بنفسه (غير مدعو بصفة شخصية، وإن كان موضع ترحيب على أي حال). والسؤال الآن لسيادته: هل تضحي هذه الجهات وهؤلاء المسئولون جميعا بمصداقيتهم ومكانتهم العلمية في سبيل دعم عمل يتصف بكل ما ذكرته سيادتكم من مثالب؟ ولماذا؟ وهل يقدم عديد من أعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم على الاشتراك في تقنين والتدريب بل وتسجيل رسائل الماجستير والدكتوراه (وقد ذكرنا أسماءهم جميعا لمن شاء الرجوع اليها في دليل المقياس الذى تزعم عدم وجوده!) في عمل يتصف بكل ما ذكرته سيادتكم من مثالب؟ ولماذا؟ وهل يشترك كل هؤلاء اللذين رأيتهم بنفسك في الاحتفالية من مدربين ومتدربين مشاركين في التقنيين-هل يتفقون جميعا في التواطؤ على ادعاء تقنيين لم يحدث فى سبيل دعم عمل يتصف بكل ما ذكرته سيادتكم من مثالب؟ ولماذا؟ وسؤالنا الاخير لسيادتكم: لِمَ لم يرد ذكر اي مرجع للويس مليكة رائد تطبيق المقاييس النفسية (وقد قام بتقنيين الإصدارين المصريين الثالث والرابع من المقياس) في عملكم، ولو على سبيل الإشارة التاريخية؟ إننا نظن أننا نعرف – وأنك كذلك تعرف- لمن يجب أن توجه أسئلتك المتعلقة "بالدوافع وأخلاقيات النقد العلمي والغرض في النفس الأمارة بالسوء" على حد تعبيرك في مقالك (ص10)!!
(ب) على عكس ادعاءات الأستاذ الدكتور صفوت فرج ، اعتمدنا في تقنيننا للمقياس على إجراء دراسات شاملة وتفصيلية لعديد من التعديلات التي تجعل المقياس ملائما ثقافيا، ولحساب مؤشرات الثبات، والصدق، واشتقاق المعايير المحلية اعتمادا على فنيات كل من النظرية الكلاسيكية للقياس ونظرية الاستجابة للمفردة (رغم مراجع سيادته السبعة الملفقة!!). كما أن المقياس مزود بقرص صلب CD لأغراض التصحيح الالكتروني والحصول على تقرير أولي عن كل حالة يتكون من 21 صفحة. وأكثر من ذلك، فإن جميع هذه البيانات مذكورة تفصيليا في دليل الاختبار، الذي يتميز بالإضافة إلى ذلك بوجود مقدمة وافية تقدم للباحثين الأساس النظري للاختبار وفكرة عن دراسات تقييمه في المجتمع الأصلي بما يساعد على فهم الباحثين لإمكانات وحدود الأداة التي بين أيديهم. كما أن هذه البيانات تم تقديمها في تقرير البحث الذى ألقاه الاستاذ الدكتور محمود أبو النيل في الاحتفالية المشار إليها في النقطة السابقة والتى حضرها الأستاذ الدكتور صفوت فرج بنفسه(!)، كما سبق القول. ومرة أخرى، وحتى لا تتحول المسألة إلى مهاترات من تبادل الاتهامات فإننا نشير إلى أن هذه البيانات متاحة في الدليل الفني للمقياس (الذى زعم الأستاذ الدكتور صفوت فرج في جدوله أنه غير موجود!)، كما أن تقرير البحث والمكون من 14 صفحة، وكذلك تفاصيل فعاليات الاحتفالية متاحة لأى من الأساتذة أو الباحثين في التخصص، لمراجعته والاطلاع عليه ونحن على استعداد لإرساله له بالبريد الإلكتروني أو العادي (داخل مصر أو خارجها).
(ﺠ) دأب الأستاذ الدكتور صفوت فرج على الترويج لنقطة أشار إليها سيادته رمزا (حتى لا نقول غمزا ولمزا) في مقاله الأخير ونرد عليها باختصار هنا منعا لأي لبس، وهى أن تقنيننا للمقياس اعتمد على طرح المقياس بالمعايير الأمريكية ثم الاعتماد على الحصول على بيانات مستخدمي المقياس للحصول على عينة التقنيين واشتقاق المعايير. والواقع أننا شعرنا بالدهشة لهذه الغلطة (أو المغالطة) الساذجة من جانب سيادته وذلك نظرا لأن طرح المقياس في صورته الأولية (وبعد إجراء عديد من دراسات التقنين عليه) كان يمثل الصورة التجريبية للمقياس أو ما يسمى في أدبيات التقنين، وكما في إجراءات تقنين المقياس الأصلي، بالنسخة التجريبية للمقياس او tryout edition وكنا واضحين في التأكيد على أن معايير المقياس لم تكتمل (نقول لم تكتمل وليس لا توجد)، وأن جميع مستخدمي المقياس سيحصلون على النسخة الاخيرة من المعايير حال إتمامها. وهكذا فإن ما يشير إليه الأستاذ الدكتور صفوت فرج باعتباره طرحا للمقياس دون معايير لم يكن في حقيقة الأمر سوى المرحلة الأخيرة من تقنين المقياس والتي قمنا فيها – بشكل مستقل- بتطبيق المقياس على نطاق واسع من خلال باحثينا المدربين، كما استعنا بجهود من شاء من مستخدمي الشكل الأولي من المقياس أن يمدنا ببياناته، إلا أن ذلك لم يكن – كما يحب أن يوحى سيادته - انتظارا لتعطف من أحد بل كان (1) نتيجة لتعاون علمي من باحثين أرادوا أن يكونوا جزءا من نشاط علمي محترم، وفى سبيل ذلك حضروا دورة تدريبية واحدة على الأقل في تطبيق المقياس حتى نطمئن إلى دقة تطبيقهم وإمكانية الاعتماد على ما يجمعونه من بيانات، و(2) تم تحت الإشراف الكامل لفريق البحث الأساسي الذى استبعد العشرات من استمارات تطبيق المقياس عند وجود أدنى شبهة من عدم الدقة، و(3) تم بمشاركة مجموعة من الباحثين المرموقين ينتمى معظمهم إلى أقسام علم النفس في الجامعات المصرية، كمدرسين ومدرسين مساعدين ومعيدين. أي أن هؤلاء المستخدمين، وقد ذكرنا أسماءهم في دليل المقياس لمن شاء أن يعود اليه، كانوا من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية ومساعديهم، (4) وكذلك قمنا بتسجيل عدد من رسائل الماجستير في قسم علم النفس بجامعة عين شمس كجزء من هذا الجهد الرامي إلى إثبات مصداقية التقنين واشتقاق أفضل المعايير الممكنة له. ونود أن ننهي هذا التوضيح بالإشارة السريعة إلى نقطتين متصلتين بالموضوع : الأولى هي أن هذا الأسلوب الذى ذكرناه هو أسلوب معتمد محليا ودوليا، فقد أشرنا الى تداول النسخة التجريبية للمقياس الأصلي بين الباحثين للحصول على نطاق أوسع من عينات التقنين وللحصول على تغذية راجعة حول فقرات المقياس، الأمر الذي انعكس على جودة الصورة النهائية للمقياس، وهو من ناحية أخرى ما قام به محليا الراحل الأستاذ الدكتور لويس كامل مليكة الذى نشر الصورة الأولية للتقنين المصري للصورة الرابعة لنفس المقياس عام 1994 وأصدر معاييره النهائية عام 1998. وهكذا فإنه اتساقا مع هذه الممارسة الدولية والمحلية (الأكثر أمانه وواقعية وخاصة في ضوء محدودية موارد تمويل البحث العلمي في مصر) فإن الإعلان عن الشكل النهائي للمقياس تم مؤخرا يوم 15 نوفمبر الحالي في الاحتفالية الرسمية التي نظمتها جامعة عين شمس بمشاركة عدد كبير من أساتذة وباحثي علم النفس في مصر من اللذين شاركوا في إعداد المقياس وتدربوا عليه، وأشرنا إليها فيما سبق. أما النقطة الثانية، فهي أن دهشتنا من أغلاط ومغالطات الأستاذ الدكتور صفوت فرج حول تقنيننا للمقياس تزداد إذ نذكر أن كل ما ذكرناه للتو من معلومات معلوم لسيادته لأنه مذكور تفصيلا في دليل المقياس، ولأنه مذكور تفصيلا كذلك في تقرير البحث الذى ألقاه الأستاذ الدكتور محمود أبو النيل في احتفالية جامعة عين شمس كما سبق القول، والتي حضرها الأستاذ الدكتور صفوت فرج، وكنا نود منه ألا يذكر معلومات حول تقنيننا يعلم سيادته – قبل غيره- أنها غير صحيحة.
(د) لتوضيح الصورة حول إعدادنا للمقياس، فإننا نشير هنا باختصار شديد إلى مراحل التقنيين على العينة التي بلغت إجمالا 3770 فردا، وذلك على النحو التالي:
1- تعريب وإعداد مواد المقياس.
2- إخراج الصورة الأولية للمقياس من حيث كتب التطبيق – دليل الفاحص –كراسة تسجيل الإجابة – مواد المقياس.
3- تدريب الباحثين على تطبيق وتصحيح اختبارات المقياس .
4- إجراء الدراسة الاستطلاعية للمقياس على عينة صغيرة من المجتمع للتعرف على مدى وضوح فقرات وتعليمات المقياس .
5- تحليل البيانات المشتقة من العينة الاستطلاعية.
6- إجراء التعديلات اللازمة على المقياس طبقا لما أسفرت عنه العينة الاستطلاعية.
7- تطبيق الاختبار على عينة التقنين الأولى بهدف إيجاد صعوبة كل مفردة، ومعامل التمييز وتباين المفردة.
8- تحليل البيانات باستخدام نظرية الاستجابة للمفردة.
9- تطبيق الاختبار على عينة التقنين الرئيسية، وشملت ثلاث مراحل:
أ- المرحلة الأولى: اختيار عينة التطبيق الرئيسية.
ب- المرحلة الثانية: التحقق من صدق وثبات الاختبار.
ج- المرحلة الثالثة: استخراج المعايير.
10- إخراج المقياس في صورته النهائية وإعداده للنشر والتحضير للمؤتمر.
7- عود على بدء
وبعد فإننا نود في نهاية هذا الرد أن نؤكد على ما سبق أن بدأنا به، وهو أننا نحترم جميع الزملاء في التخصص، وأننا كنا – ومازلنا- نعتقد أن النقاشات العلمية وسيلة للتعلم والنمو المشترك ووسيلة لإثراء البحث العلمي، وأن المنافسة العلمية أمر محمود وليس فقط مشروعا. ومع ذلك، فإن إصرار الأستاذ الدكتور صفوت فرج على المواجهة الإقصائية، حيث عمله "حقيقي" وعمل الآخرين زائف، قد دفعنا الى استقصاء وتوضيح هذه النقاط السابقة. وأكثر من ذلك، فقد زالت دهشتنا من مغالطات سيادته (من قبيل إغفال اسمي عضوين أساسيين في فريق البحث الرئيسي، وتكراره لادعاءات يعرف قبل غيره زيفها) نقول زالت دهشتنا من هذه الأشياء عندما رأينا كل هذا الكم من الخلط والأغلاط وتلفيق المراجع في تقنينه ورده. وإننا نظن الآن أن سيادته يدرك جيدا الآن إلى من يجب أن توجه نصائحه حول ضرورة اتباع "القواعد العلمية الموضوعية الصارمة"، على حد تعبيره ، كما نظن أنه يدرك كذلك أن الأخطاء السابقة لم تكن "متخيلة"، بل مجرد عينة منها ونعده بقائمة أدق وأوفى في المرة القادمة، وإن عدتم عدنا.